الأصحاح الحادى والعشرون – تفسير رؤيا القديس يوحنا اللاهوتي – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر رؤيا القديس يوحنا اللاهوتي – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الحادى والعشرون

العدد 1

آية (1): -

"1ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ.".

هذا نفس ما قيل فى (إش17: 65) + (إش22: 66) + (مت35: 24) سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا.

  1. السَمَاءً الجَدِيدَةً وَالأَرْضً الجَدِيدَةً هى ما قيل عنها "ما لم تره عين وما لم تسمع به أذن ولم يخطر على بال إنسان..." (1كو9: 2) وعن أن الأرض تزول والسماء تزول "تنحل السموات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب. ولكننا بحسب وعده ننتظر سموات جديدة وأرضا جديدة" (2بط13، 12: 3).
  2. راجع (رو19: 8 - 22) ومنها نفهم أن الأرض والسماء (ما نراه حاليا من سماء الكواكب) هى فى حالة مؤقتة بسبب لعنة الخطية (تك17: 3) ولكن سيعاد تكوين الكون، ولكنه سيكون فى حالة مجد تتناسب مع ما حصل عليه الإنسان من حالة مجد وحرية من الشر. ستكون هناك أَرْضً جَدِيدَةً تنتهى منها صورة اللعنة وهكذا سَمَاءً جَدِيدَةً لا تَغضَب على الأرض، أى تختفى الظواهر الطبيعية المدمرة. ويكون الكل فى حالة جمال فائق فمجد الرب سيشرق عليها.
  3. السَمَاءً الجَدِيدَةً هى لقاء مع الرب على مستوى جديد وشركة جديدة لم نختبر مثلها ونحن فى الجسد الترابى. وَالأَرْضً الجَدِيدَةً هى علاقتنا مع البشر إخوتنا فى محبة كاملة. والسَمَاءً الجَدِيدَةً هى علاقة محبة وأخوة مع السمائيين من الملائكة (رؤ10: 12) والكل متحد مع الرب يسوع فى وحدة أبدية.

وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ = البحر بمياهه المالحة يشير لشهوات العالم الخاطئة، والبحر بإضطراباته وأمواجه يشير للحياة المضطربة على الأرض ويشير للموت، فمن يحيا فى البحر لابد أنه سيموت. وكل هذا قد إنتهى فى السماء، فالسماء هى سلام عجيب دائم وإرتواء دائم وشبع دائم وبلا قلق (إش20: 57). والبحر يشير أيضا للفواصل بين الناس. وهذا لا يوجد فى السماء.

العدد 2

آية (2): -

"2 وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا.".

هناك تشبيه طريف للقمص تادرس يعقوب يفسر هذه الآية فقد قال عن يوحنا أنه كطفل صغير بالكاد يعرف اللغة ولم ير طائرات من قبل ودخل مطارا ورأى فى المطار طائرات كثيرة فعاد ليقول رأيت حماما كبيرا على الأرض. وهنا مع مفردات اللغة البشرية المحدودة (العاجزة عن التعبير عن السماويات) التى يعرفها يوحنا أطلق على المكان الذى سنكون فيه مع الله فى السماء مسكن ومدينة فهى مدينة لأن الله يسكن فيها مع البشر، ولأن الله يسكن فيها أسماها الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ وهى أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ = هى الكنيسة وهى جديدة فى مقابل أورشليم القديمة التى سكن الله فيها مع شعبه فى القديم وهى جديدة فكل علاقة لنا مع الله فى السماء ستكون جديدة، على مستوى جديد لم نختبره من قبل على الأرض وهى جديدة لأن كل ما فى السماء سيظل جديدا بصفة دائمة لا يصيبه القدم، والإحساس بالقدم يسبب زهد وملل الإنسان فى الشىء، أما لو ظل جديدا فى نظر الإنسان فهذا يشير للتعلق بالشىء والإعجاب به، وهذا سيكون شعورنا تجاه السماويات، لن نمل أو نزهد فيها أبدا.

نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ = أى لها مجد الله وهى نازلة أى لتستقبل الغالبين ولترفعهم إليها كما نزل المسيح من السماء ليرفعنا إليه فى السماء، فهنا نسمع أن أورشليم ستنزل من السماء لترفعنا للسماويات، هذه مثل "طأطأ السموات ونزل" (مز18: 9). مِنْ عِنْدِ اللهِ = فهو الذى أعدها لنا. هو أصل وجودها ومنبعها السماوى. ولنلاحظ أن الكنيسة رأسها فى السماء وهو المسيح، وجسد المسيح يمتد عبر الزمان والمكان ليجمع الكل فيه ويصعدهم للسماء. الله فى محبته هيأ لعروسه هذه المدينة السماوية فهى عروس المسيح، والمسيح أعطاها حياته، وهى لبست المسيح فزينها كعروس له = مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ.

مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا = زينها المسيح بالفضائل والكمالات التى أهداها لها.

العدد 3

آية (3):

"3 وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: «هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا لَهُمْ.".

مَسْكَنُ اللهِ = رمزا للإستقرار النهائى فى حضن الله، هناك نرى الله وجها لوجه. مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ = ولم يقل مسكن الناس مع الله، فالله هو المشتاق بالأكثر لأن يسكن مع الناس، إشتياق الأب لعودة أولاده لحضنه. فحينما دعاه إبراهيم ليدخل خيمته ويأكل طعاما دخل الله وهو لا يحتاج للأكل لأنه يريد أن يدخل بيت إبنه إبراهيم ويفرح به وهو الذى طلب أن يصنعوا له خيمة إجتماع ليجتمع بهم ويسكن فى وسطهم.

وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا لَهُمْ = هم كانوا شعبه وهم على الأرض ولكن الآن سينعمون بمفاهيم أكثر عمقا لعلاقتهم مع الله، وسيشعرون بلذة جديدة لهذه العلاقة وهذا ما بشر به السيد المسيح مريم المجدلية "قولى لهم إنى أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهى وإلهكم" (يو17: 20). حقا الله هو إله كل البشرية سواء كانوا أبرار أو أشرار، ولكن المسيح بفدائه صنع صلحا وصرنا لله شعبا خاصا له ينعم علينا بخيراته ومحبته. المسيح أعادنا للأحضان الإلهية، لذلك يوجد فى شرقية الهيكل فى الكنائس جزء مستدير مواجه للمذبح يسمى حضن الآب. فالمسيح بجسده ودمه اللذان على المذبح أعادنا لحضن الآب. المسيح أعادنا فيه لحضن الآب ونحن فى المسيح صرنا أبناء لذلك فلا إنفصال بين الله والإنسان، عدنا لأحضان إلهنا وأبونا السماوى = "أبى وأبيكم"، "إلهى وإلهكم". فى المسيح صرنا كالإبن الضال الذى عاد لأحضان أبيه "فوقع على عنقه وقبله" (لو20: 15).

العدد 4

آية (4): -

"4 وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ».".

سَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ = ففى السماء فرح كامل وعزاء كامل ولكن السؤال، هل سيكون هناك دموع ليمسحها الله؟ قطعا لا دموع فى السماء حيث الفرح الكامل. ولكن المعنى أن الله سيعطينا أن ننسى كل الألام والجروح السابقة. فمن المعلوم أن هناك جروحا نفسية وألام نفسية ناتجة عن أحداث مؤلمة تحدث للإنسان فى الماضى، ولكنه لا ينسى جروحها أبداً مع الزمن، وكل ما يتذكرها يتألم وتهيج فيه جروحه مهما إنقضى من زمان. ولكن فى السماء لن نذكر شيئا موجعا ولا مؤلما، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ = أى لا حزن ولا صراخ ولا مرض ولا ألم.... فلا خطية هناك. وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ = ستكون لنا حياة أبدية ويبتلع الموت (إش8: 25). لاَ يَكُونُ حُزْنٌ = أورشليم السمائية هى مكان الفرح الدائم الحقيقى.

لا يكون حزن = بهذا يكون قد تم قصد الله من خلقة الإنسان. وما هو قصد الله؟

سؤال: - لماذا خلقنا الله؟ الإجابة: - لكى نفرح فى مكان جميل أبدع الله خلقته.

الدليل: - خلق الله آدم ووضعه فى "جنة عَدْنْ" جنة = مكان جميل * عَدْنْ = كلمة عبرية بمعنى فرح. وظل الله يخلق هذه الخليقة مليارات من السنين. فالله أب حنون يريد أن يرى أولاده فرحين فى مجده.

وبالخطية: - فقد الإنسان الفرح. وكان الفداء: - وأرسل الله الروح القدس ومن ثماره "الفرح". ويقول الرب "الآن عندكم حزن. ولكنى سأراكم فتفرح قلوبكم". فالحزن الآن على الأرض هو شئ مؤقت. ومع هذا يعطينا الله عزاء وفرحا، لذلك نفرح جزئيا على الأرض، وهذا الفرح الآن هو عربون ما سنأخذه فى السماء. لذلك يقول بولس الرسول "إفرحوا فى الرب كل حين، وأقول أيضا إفرحوا" ويسمع المخلصون من الرب فى النهاية "ادخلوا إلى فرح سيدكم" (غل5: 22 + يو16: 22 + فى4: 4 + مت25: 21).

أما فى السماء سيكون فرحنا فرح دائم كامل. وهذا قصد الله من خلقة الإنسان.

والفرح سيكون للإنسان وسيكون لله. هذا الفرح هو فرح متبادل بين الله وأبنائه البشر. عَبَّر سفر إشعياء عن هذا الفرح المتبادل "بل افرحوا وابتهجوا الى الابد فيما انا خالق لاني هانذا خالق اورشليم بهجة وشعبها فرحا. فابتهج باورشليم وافرح بشعبي ولا يسمع بعد فيها صوت بكاء ولا صوت صراخ" (إش65: 18، 19).

نرى فى (رؤ21، 22) تحقيق الصورة المثالية التى أرادها الله للخليقة وتم تصويرها فى (تك1، 2) فقصد الله لا بد وأن يتم.

الله خلق الإنسان فى وحدة، فحواء مأخوذة من آدم والأولاد من كليهما. والخطية دمرت هذه الوحدة. وأتى المسيح ليعيد الوحدة فى جسده (يو17: 20 - 23 + أف5: 30). وها نحن نرى تحقيق ذلك هنا فلقد صارت الكنيسة فى وحدة، جسد واحد، عروسة للمسيح عريسها ومهيأة بلا عيوب (آية2)، فعريسها ألبسها ثوب البر (أف5: 26، 27 + إش61: 10، 11).

العدد 5

آية (5): -

"5 وَقَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ: «هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا! ». وَقَالَ لِيَ: «اكْتُبْ: فَإِنَّ هذِهِ الأَقْوَالَ صَادِقَةٌ وَأَمِينَةٌ».".

كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا = المعرفة والفهم وأجسادنا الممجدة كل هذا سيكون جديدا.

ولن تسأم النفس ولن تشعر بالملل من أى شىء، إذ ليس فيها شى يعتق أو يشيخ، بل يشعر المؤمن أن كل شىء كأنه جديد يراه لأول مرة ويفرح به. فرؤية الله لا تشبع النفس. بل يزداد الإنسان شهوة لرؤية الله ومعرفته وإكتشاف محبته ومجده والنظر إليه والسجود له وهذا يمتد إلى ما لا نهاية. اكْتُبْ: فَإِنَّ هذِهِ الأَقْوَالَ صَادِقَةٌ وَأَمِينَةٌ = ربما لا يصدق الإنسان أن الله أعد له كل هذه الأفراح لذلك يؤكد الله لنا صدق هذه الأقوال.

العدد 6

آية (6): -

"6ثُمَّ قَالَ لِي: «قَدْ تَمَّ! أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ. أَنَا أُعْطِي الْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ مَاءِ الْحَيَاةِ مَجَّانًا.".

قَدْ تَمَّ = كل ما وعد به الله قد تم. فالله قد أعد بيت الزيجية، وتم الزمان لتدخل العروس له وتكون فى أفراح وأمجاد ابدية.

أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ = أنظر التفسير فى (رؤ 1) = أنا أصل كل الأشياء وستؤول لى كل الأشياء لمجدى.

أَنَا أُعْطِي الْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ مَاءِ الْحَيَاةِ = ينبوع ماء الحياة هو إشارة للروح القدس. وهذا هو نفس ما قاله السيد المسيح للسامرية (يو10: 4).

وراجع أيضا (يو37: 7 - 39). والله يعطى الروح القدس للعطشان ليرويه أى من يشعر بالإحتياج فيطلب، فالله يعطى الروح القدس للذين يسألونه (لو13: 11).

مَجَّانًا = 1) لأن المسيح دفع الثمن بدمه. 2) يستحيل أن نقدر على الثمن.

قصة: - صنعوا دواء لمرض خطير تكلف 700 مليون جنيه إسترلينى وصنعوا منه ما يكفى لعلاج شخص واحد وأرادوا تجربته، وجاءت لهم إمرأة، إبنها مصاب بهذا المرض ليجربوا فيه الدواء، وشفى الولد وسألت عن الثمن فقالوا لها أنه مجانا لأن السيدة ستعجز عن دفع الثمن لأنه باهظ. فهل نستطيع نحن أن ندفع ما يقابل دم المسيح.

العدد 7

آية (7): -

"7مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَكُونُ لَهُ إِلهًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا.".

مَنْ يَغْلِبْ = حقا لا يوجد ما يساوى دم المسيح، ولكن الروح القدس، وميراث السماء لا يعطى إلا لمن يجاهد ويغلب ولا يتكاسل، وماذا يعطى الغالب؟

يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ = يرث الله يرث مع المسيح (رو17: 8) فإكليل البر لا يوضع سوى لمن جاهد الجهاد الحسن وأكمل السعى (2تى8، 7: 4).

العدد 8

آية (8): -

"8 وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي».".

هؤلاء لا يرثون مع المسيح بل َنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِالنَارٍ وَالكِبْرِيتٍ.

الْخَائِفُونَ = أى الجبناء الذين ينكرون الإيمان خوفا على حياتهم الزمنية ومصالحهم المادية. وهؤلاء أشر الفئات لذلك تصدروا القائمة. ولكن من الذى ينكر؟ لا ينكر إلا الضعيف. وإذا كان الروح القدس هو روح القوة (2تى7: 1). والروح القدس هو الذى يشهد فينا إذا وقفنا أمام الملوك والولاة (مت20، 19: 10) إذاً فالذى ينكر هو الخالى من النعمة، أى غير المملوء من الروح القدس، الذى لم يشعر فى حياته بالإحتياج، ولم يطلب فى حياته الإمتلاء من الروح القدس، هو من إنشغل بالزمنيات تاركا الروحيات، هذا الإنسان حينما تأتى عليه ساعة يطالبونه بإنكار الإيمان سينكره. هذا لم يستفد من عمل المسيح.

السَّحَرَةُ = من يستخدمون قوة الشيطان.

سؤال: - هل الخائفون أشر من غير المؤمنين والسحرة حتى يتصدروا القائمة؟ قطعا. فالخائف هو مؤمن وله كل الإمكانيات حتى يمتلىء ويغلب (يمتلىء بالروح القدس) ولكنه أهمل وتكاسل وتراخى، ولم يعد يثق فى الله.

عَبَدَةُ الأَوْثَانِ = يدخل فيها عبادة الذات والشهوات والمال...

جَمِيعُ الْكَذَبَةِ = هم أتباع الشيطان الكذاب (يو 44: 8) والشيطان هو ابو الكذابين. وهؤلاء يستخدمون الغش والخداع فى معاملاتهم. ويدخل مع هؤلاء أتباع الوحش.

العدد 9

آية (9): -

"9ثُمَّ جَاءَ إِلَيَّ وَاحِدٌ مِنَ السَّبْعَةِ الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُمُ السَّبْعَةُ الْجَامَاتِ الْمَمْلُوَّةِ مِنَ السَّبْعِ الضَّرَبَاتِ الأَخِيرَةِ، وَتَكَلَّمَ مَعِي قَائِلاً: «هَلُمَّ فَأُرِيَكَ الْعَرُوسَ امْرَأَةَ الْخَرُوفِ».".

إذا كان الملاك قد حمل جاما يسكب منه ضربات، فليس معنى هذا أن الملاك يحمل مشاعر كراهية للبشر، بل هو ينفذ أحكام الله العادلة ضد الأشرار. وهنا نرى فرح الملائكة بما أعده الله من مجد للبشر. هنا الملاك يعلن عن قلبه المملوء محبة للكنيسة. ولكن هناك من له مجد عال (جبل عظيم) آية (10) وهناك من له ضربات. والملاك يعلن عدل الله بهذا وذاك. وهذا معنى السيف المتقلب الذى كان مع الكاروبيم شرقى جنة عدن (تك3: 24). فالسيف هو كلمة الله، ومتقلب لأن له حدان.

الحد الأول: - هو وعود الله للأمناء من المؤمنين، وهؤلاء ستكون شجرة الحياة من نصيبهم. فمعنى أن الملاك يمنع البشر من الأكل من شجرة الحياة هو رفض الله أن يحيا الإنسان إلى الأبد مشوها وفاقدا لصورة المجد. والحد الثانى: - الوعيد لعدم الأمناء بالحرمان منها. وإعلانا عن قداسة الله ورفضه للشر.

الكروبيم شهود أمانة الله الذى لم يُرِد أن يحيا الإنسان للأبد فاقدا صورة المجد بعد سقوطه، بل على الإنسان أن ينتظر فترة حتى يتم الفداء. والكاروبيم شهود على رحمة الله أيضا، إذ أمر الله بوضع كاروبين من ذهب فوق تابوت العهد شهودا على دم الكفارة الغافر. ورأيناهم فى (رؤ15: 7) يعطون السبعة الملائكة جامات الغضب الإلهى لينفذوا الضربات وهم بهذا شهود على قداسة الله.

العدد 10

آية (10): -

"10 وَذَهَبَ بِي بِالرُّوحِ إِلَى جَبَل عَظِيمٍ عَال، وَأَرَانِي الْمَدِينَةَ الْعَظِيمَةَ أُورُشَلِيمَ الْمُقَدَّسَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ،".

جَبَل عَظِيمٍ = إشارة لأن أورشليم السماوية ستكون مرتفعة جدا وسماوية، لا يقدر إبليس وهو فى بحيرة النار أن يصل إليها أو يقترب منها. وايضا فى قوله جبل عظيم إشارة لثباتها وعدم إهتزازها.

العدد 11

آية (11): -

"11لَهَا مَجْدُ اللهِ، وَلَمَعَانُهَا شِبْهُ أَكْرَمِ حَجَرٍ كَحَجَرِ يَشْبٍ بَلُّورِيٍّ.".

لَهَا مَجْدُ اللهِ.. كَحَجَرِ يَشْبٍ = سمعنا من قبل أن الله الجالس على العرش فى المنظر شبه حجر اليشب (رؤ3: 4). وهنا نسمع أن الكنيسة ستكون كحجر يشب. وهذا ما شرحه يوحنا فى (1يو2: 3) "لم يظهر بعد ماذا نكون. ولكن نعلم أنه إذا أظهر ذاك نكون مثله، لأننا سنراه كما هو" وشرحه بولس الرسول "الذى سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده" (فى21: 3). ومجد الكنيسة ليس من ذاتها بل من الله، الله يعطى مجده لعروسه "وأنا قد أعطيتهم المجد الذى أعطيتنى" (يو22: 17) نحن سنعكس الأمجاد الإلهية. سيكون لنا جسد ممجد ليس من نفسه ولكن لأن مجد الله ينعكس عليه وسيكون لنا جسدا نورانيا ليس من نفسه ولكن لأن نور الله ينعكس عليه وهذا معنى "لأننا سنراه كما هو" (1يو2: 3).

العدد 12

آية (12): -

"12 وَكَانَ لَهَا سُورٌ عَظِيمٌ وَعَال، وَكَانَ لَهَا اثْنَا عَشَرَ بَابًا، وَعَلَى الأَبْوَابِ اثْنَا عَشَرَ مَلاَكًا، وَأَسْمَاءٌ مَكْتُوبَةٌ هِيَ أَسْمَاءُ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ.".

كَانَ لَهَا سُورٌ عَظِيمٌ وَعَال = الله لها سور من نار (زك 5: 2) إذا فالله هو الذى يحميها وهى آمنة تماما. ولا تعود تُحارِب إبليس أو تُحارَب من إبليس.

إثنا عشر بابا = 12 = 3 المؤمنين بالله مثلث الأقانيم.

قاموا من موت الخطية × 4 (كل العالم).

عمل فيهم الأقنوم الثالث.

إذاً رقم 12 هم شعب الله فى كل زمان وفى كل مكان، الذين هم لله، ويحيون حياة توبة (أف14: 5) ومملوئين من الروح القدس الأقنوم الثالث.

عَلَى الأَبْوَابِ اثْنَا عَشَرَ مَلاَكًا = رأينا رقم 12 باب، حتى يدخل للمدينة السماوية كل شعب الله فى كل زمان ومكان. ووجود ملائكة على الأبواب إشارة لأنهم يمنعون دخول الشياطين وغير المستحقين كما وقف قديما كاروب على باب الجنة.

وَأَسْمَاءٌ مَكْتُوبَةٌ هِيَ أَسْمَاءُ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ = لا تفهم بمعنى حرفى وإلا فلن يدخل إبراهيم وإسحق ويعقوب وأيوب ونوح، فهم ليسوا من نسل الأسباط، ولكن المعنى أن أبرار شعب العهد القديم سيدخلون، فالأبواب مفتوحة لشعب العهد القديم والجديد. هى كنيسة واحدة، هى إسرائيل الله (غل16: 6). ولكن هذه الكنيسة تبدأ من العهد القديم، هى بدأت بآدم ثم نسله ثم الأسباط ثم كنيسة العهد الجديد التى يمثلها ايضا 12 تلميذا بنفس المعنى. ولكن الأبواب نسبت للعهد القديم، فأباء وأبرار العهد القديم كانوا المدخل لكنيسة المسيح. أما الأساسات (آية 14) فنسبت لتلاميذ المسيح الذين علموا وكرزوا بالمسيح ابن الله، وهذا هو الإيمان الذى أسماه السيد المسيح (الصخرة أو الأساس) الذى تبنى عليه الكنيسة (مت16: 18 + أف2: 30). وكان هذا الإيمان الذى هو الصخرة سبب كتابة القديس يوحنا لإنجيله (يو20: 31). ونرى من تعليم رسالة رومية (3: 25) ان المسيح برر بدمه أبرار العهد القديم، كما برر قديسى العهد الجديد (رو3: 26). وهذا أيضا معنى رجوع الظل فى قصة شفاء حزقيا الملك (2مل20).

فكنيسة العهد الجديد هى إمتداد لإسرائيل أما اليهود الذين لم يؤمنوا بالمسيح بعد أن أتى المسيح فهم حكموا على أنفسهم بالخروج من إسرائيل الله (الزيتونة رو11)، هم أغصان قطعت من الزيتونة. ولفظ إسرائيل الله يعنى الكنيسة التى بدأت بشعب العهد القديم وممتدة حتى الآن (هذه الكنيسة هى الزيتونة). وبالتالى فاليهود غير المؤمنين غير مستطيعين الدخول من الأبواب الـ12.

العدد 13

آية (13): -

"13مِنَ الشَّرْقِ ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ، وَمِنَ الشِّمَالِ ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ، وَمِنَ الْجَنُوبِ ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ، وَمِنَ الْغَرْبِ ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ.".

ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ من كل جهة. حتى ان كل من يؤمن بالله مثلث الأقانيم، وعمل فيه الروح القدس، وكان حيا أى تائبا، قام من موت الخطية، وكانت له بذلك القيامة الأولى... هذا يمكنه الدخول. ولأى إنسان من كل جهات العالم الأربعة.

العدد 14

آية (14): -

"14 وَسُورُ الْمَدِينَةِ كَانَ لَهُ اثْنَا عَشَرَ أَسَاسًا، وَعَلَيْهَا أَسْمَاءُ رُسُلِ الْخَرُوفِ الاثْنَيْ عَشَرَ.".

سور المدينة = السور هو لحماية من هم بداخل المدينة، والله بنفسه هو سور من نار لحماية شعبه (زك2: 5)، فمن هم الذين يحميهم السور؟ الحماية هى لمن لهم أساس.

اثْنَا عَشَرَ أَسَاسًا = هى أساسات السور وعليها أسماء رسل المسيح = رُسُلِ الْخَرُوفِ الاثْنَيْ عَشَرَ = حماية الله إذن مبنية على أساس الإيمان بالمسيح، لذلك فاليهود رافضى المسيح لن يدخلونها. وكل أنبياء العهد القديم قد تنبأوا عن مجىء المسيح. لذلك قيل أن شهادة يسوع هى روح النبوة (رؤ10: 19) وهذا ما قاله بولس الرسول "مبنيين على أساس الرسل" (أف20: 2) أى تعاليم وكرازة الرسل بالمسيح.

العدد 15

آية (15): -

"15 وَالَّذِي كَانَ يَتَكَلَّمُ مَعِي كَانَ مَعَهُ قَصَبَةٌ مِنْ ذَهَبٍ لِكَيْ يَقِيسَ الْمَدِينَةَ وَأَبْوَابَهَا وَسُورَهَا.".

قَصَبَةٌ = هى قصبة قياس، لقياس المدينة ومعنى هذا: -.

  1. القياس يتم لتحديد نصيب ميراث كل شخص من تركة معينة. قال المرنم فى المزمور "حبال (المُناظرة للقصبة هنا وبها يتم تقسيم الأرض لتوزيع الميراث) وقعت لى فى النعماء فالميراث حسن عندى" (مز6: 16). والمعنى أننا صرنا ميراث الرب أو نصيب الرب. وهكذا قال بولس الرسول عن شعب الله أنهم ميراث الرب "ما هو غنى مجد ميراثه فى القديسين" (أف18: 1).
  2. القصبة ثابتة وليست مثل الحبل. والمعنى أن القياس لا يوجد فيه أى إحتمال للخطأ. إذاً أبناء الله معروفين بالواحد ومقاسين من قِبَل الله ومحفوظين لديه. هؤلاء هم القطيع الصغير، الـ 100 خروف الذين لو ضل واحد منهم يذهب الراعى يسوع وراءه ليرده، هؤلاء هم الـ 153 سمكة (راجع تفسير يو21).
  3. نحن سيكون لنا ميراث سماوى فى المجد، والأروع أننا سنكون نحن ميراث الرب.
  4. جمال هذه الآية أننا سنصير ميراث الرب. ولاحظ أن البشر يتصارعون للحصول على ميراثهم الأرضى، فالميراث شئ يستحق التمسك به والصراع عليه. وهذا ما تقوله هذه الآية أن قيمتنا عند الله غالية جدا فإستحق البشر ليس أن يتصارع الله ليكونوا ميراثا له بل أن يتجسد ويموت حتى لا يضيع ميراثه. ويقول الرب "الذين أعطيتنى حفظتهم، ولم يهلك منهم أحد إلا إبن الهلاك.." (يو17: 12).

مِنْ ذَهَبٍ = أى أن سكان المدينة قد قيسوا بمقاييس البر، المقاييس السماوية (فالذهب رمز للسماويات) فوُجِدوا مستحقين فهم تبرروا بدم المسيح.

العدد 16

آية (16): -

"16 وَالْمَدِينَةُ كَانَتْ مَوْضُوعَةً مُرَبَّعَةً، طُولُهَا بِقَدْرِ الْعَرْضِ. فَقَاسَ الْمَدِينَةَ بِالْقَصَبَةِ مَسَافَةَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ غَلْوَةٍ. الطُّولُ وَالْعَرْضُ وَالارْتِفَاعُ مُتَسَاوِيَةٌ.".

نجد هنا أن المدينة مكعبة أى أن طولها = عرضها = إرتفاعها وإذا رجعنا لخيمة الإجتماع أو الهيكل لوجدنا أن قدس الأقداس وحده هو الذى له هذه المواصفات أى مكعب. وقدس الأقداس يشير لعرش الله فى السماء، وهو مكعب إشارة لأن صفات الله كلها متساوية، كمالات الله كلها متساوية. هو كامل كمال مطلق، غير ناقص فى شىء. لو تمتع إنسان مثلا بصفة الرحمة تجد رحمته تسود على عدله والعكس صحيح، أما الله فصفاته كلها كاملة فهو الكامل وحده فى كل شىء. والآن نسمع أن أورشليم السماوية ستكون مكعبة أى ستصير كاملة، وذلك راجع لسكنى الله فيها، أو ليست هى مسكن الله مع الناس (آية 3). فالله سيعطيها من كماله لتصير كاملة فى نظر السمائيين وسيفرحوا بها.

فَقَاسَ الْمَدِينَةَ = الملاك صار يدرك الآن ماذا صار للبشر من كمال.

12000 غَلْوَةٍ = هذه حوالى 4500 كم فهى متسعة جدا. ولكن ليس هذا الرقم (الـ 4500 كم) هو ما يهمنا، بل ال (12000 غلوة) أى 12×1000 أى شعب الله الذين يحيون الآن فى السمائيات. فرقم 1000 هو رقم السمائيات.

شعب الله الآن صار سماويا.

العدد 17

آية (17): -

"17 وَقَاسَ سُورَهَا: مِئَةً وَأَرْبَعًا وَأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا، ذِرَاعَ إِنْسَانٍ أَيِ الْمَلاَكُ.".

قَاسَ سُورَهَا 144 ذِرَاعًا. ذِرَاعَ إِنْسَانٍ أَيِ الْمَلاَكُ 144 ذراع أى حوالى 70 مترا. وهذا الطول يعتبر لا شىء بالنسبة لإرتفاع المدينة نفسها والمقدر بحوالى 4500 كم. ولكن ليست الأبعاد هى التى تهمنا بل ما تشير له الأبعاد من معانى ورموز.

فكون أن المدينة لها سور، فهذا يعنى الحماية. وإذا فهمنا أن الله كان يحمى شعبه فى العهد القديم والعهد الجديد، وكان لهم "سور من نار" (زك5: 2) فبالأولى، فإن الله يحمى شعبه وهم فى السماء. فالسور يشير لحماية الله لشعبه فى العهدين وفى السماء وبينما كانوا على الأرض. وكون السور 144 ذراعا فهذا إشارة لأن الله كان يحمى شعبه فى العهد القديم وفى العهد الجديد (144 = 12×12). فنظرا لضعف الإنسان فهو محتاج لحماية الله. فالإنسان ضعيف وليس كالملائكة. فالملائكة بطبيعتهم أقوياء إذ ليس لهم أجساد ضعيفة. وكون الملاك يقيس هذا السور، فهذا يعنى أن الملاك صار يتصور كمية الحماية التى كان الله يحيط بها شعبه. وأن الكل كان ينعم بهذه الحماية عبر التاريخ وكون الملاك كان يقيس بذراع إنسان وليس بذراع ملاك فهذا يعنى أنه صار يتصور لزوم هذه الحماية للإنسان الضعيف بسبب جسده وأنه الآن هنا فى أورشليم السماوية بسبب تلك الحماية. لقد صار الملائكة يعطون عذرا للبشر فى سقطاتهم المتكررة، لقد صاروا يشعرون بضعفهم كبشر وأهمية الحماية التى كان الله يحيطهم بها. ربما فى وقت من الأوقات كان الملائكة يندهشون كيف يقبل الله إنسان صنع هذه الخطايا ربما ما كانوا يفهمون، كيف يكون للبشر نفس مجد الملائكة. ولكن كون أن الملاك يقيس السور بذراع إنسان فهذا يعنى أنه أصبح يعطى عذرا للبشر فيما كانوا يفعلونه. وصار يمجد الله على حمايته للبشر التى بدونها ما كان للإنسان أن يدخل هذا المكان.

ولكن السور أيضا يشير لأن من فى المدينة ما عاد معرضا للخروج منها ثانية، كما خرج الإنسان مرة من الجنة، ما عاد الإنسان قابلا للسقوط. ولن يدخل لهذه المدينة شيطان مرة أخرى ولا حية فالشيطان الآن فى بحيرة النار.

العدد 18

آية (18): -

"18 وَكَانَ بِنَاءُ سُورِهَا مِنْ يَشْبٍ، وَالْمَدِينَةُ ذَهَبٌ نَقِيٌّ شِبْهُ زُجَاجٍ نَقِيٍّ.".

بِنَاءُ سُورِهَا مِنْ يَشْبٍ وَالْمَدِينَةُ ذَهَبٌ نَقِيٌّ شِبْهُ زُجَاجٍ نَقِيٍّ = اليشب شفاف، والذهب معدن غير شفاف. والمعدن قوى والزجاج شفاف وهش ولكن المعنى كله رمزى. فإذا فهمنا أن اليشب يشير لله نفسه (رؤ3: 4) والذهب يشير للسمائيات. والزجاج للشفافية يكون المعنى أن الله نفسه هو سور المدينة السمائية التى تحيا فى شفافية بعد أن تخلص البشر من كثافة الأجساد المادية، سيكون السمائيون من البشر لهم صفة النقاوة والشفافية والحياة السماوية. والله يحرس هذه الصفات، وما عاد إبليس قادر أن يسقطهم ثانية من هذه الحياة السمائية. بعد أن كان يحاربهم فيها وهم على الأرض ويسقطهم أحيانا (أف6: 12).

الأعداد 19-20

الآيات (19 - 20): -

"19 وَأَسَاسَاتُ سُورِ الْمَدِينَةِ مُزَيَّنَةٌ بِكُلِّ حَجَرٍ كَرِيمٍ. الأَسَاسُ الأَوَّلُ يَشْبٌ. الثَّانِي يَاقُوتٌ أَزْرَقُ. الثَّالِثُ عَقِيقٌ أَبْيَضُ. الرَّابِعُ زُمُرُّدٌ ذُبَابِيٌّ 20الْخَامِسُ جَزَعٌ عَقِيقِيٌّ. السَّادِسُ عَقِيقٌ أَحْمَرُ. السَّابِعُ زَبَرْجَدٌ. الثَّامِنُ زُمُرُّدٌ سِلْقِيٌّ. التَّاسِعُ يَاقُوتٌ أَصْفَرُ. الْعَاشِرُ عَقِيقٌ أَخْضَرُ. الْحَادِي عَشَرَ أَسْمَانْجُونِيٌّ. الثَّانِي عَشَرَ جَمَشْتٌ.".

سمعنا أول مرة عن الأحجار الكريمة فى الجنة (تك12: 2). وكان ذلك قبل السقوط. وسمعنا عن الأحجار الكريمة على كتف وعلى صدرة رئيس الكهنة الذى كان رمزا للمسيح. والمعنى أن أولاد الله هم الأحجار الكريمة التى يحملها على كتفه ويضعها فى قلبه، ولأجلهم خلق الجنة ليضعهم فيها، ولما خسروها جاء كرئيس كهنة ليحمهلم فيه مرة أخرى وليعود بهم للسماء. هو بفدائه كان رئيس كهنة أعادنا لأورشليم السماوية ولنكون أحجارا كريمة فى بيت أبينا السماوى. ولأن هذه الأحجار موجودة فى الأساسات نفهم أن أورشليم السماوية مؤسسة على محبة الله لأولاده، فهم فى نظره كأحجار كريمة. ولأجل محبة الله لأولاده أسس لهم هذه المدينة السماوية وجملهم فصاروا كأحجار كريمة. وهناك تفسير آخر مكمل للتفسير الأول أن الوحى إستخدم التشبيه بأحجار كريمة لأن فى هذا تعبير عن جمال وبهاء أورشليم السماوية بأقصى ما تستطيع اللغة البشرية. عموما فإن أولاد الله هم زينة أورشليم السماوية. فكون أن إبن الله الذى يغلب يكون عمودا فى هيكل الله.

راجع (رؤ12: 3) فالعمود يستخدم:

  1. لتدعيم المبنى. 2. للزينة.

وفيما يأتى محاولة لفهم بعض خواص أورشليم السماوية وصفات شعبها أولاد الله فيها.

يَشْبٌ = إذاً لها شفافية الله ومجد الله. ستكون كلها محبة نقية لا مكان فيها لكراهية فاليشب إتخذ رمزا لله نفسه (رؤ3: 4). وقارن مع (1يو3: 2) ومع (فى3: 21).

يَاقُوتٌ أَزْرَقُ = هى سماوية إرتفعت تماما عن مجد وملذات الأرض.

عَقِيقٌ أَبْيَضُ = نقية وطاهرة بلا خطية.

زُمُرُّدٌ ذُبَابِيٌّ = لونه أخضر إشارة لدوام الحيوية.

جَزَعٌ عَقِيقِيٌّ = لونه أحمر إشارة لإنتصارها على أعدائها (رؤ20، 19: 14).

عَقِيقٌ أَحْمَرُ = كل من فيها مفدى بالدم.

زَبَرْجَدٌ = أنقى أنواع الذهب، رمزا للكمال السمائى بلا نقص أرضى فلا أجساد ناقصة لمن هم هناك. الزبرجد ذهب لا يوجد به أى شوائب.

زُمُرُّدٌ سِلْقِيٌّ = لونه كالبحيرة الهادئة، رمزا للصفاء والسلام الذى يسود هناك.

يَاقُوتٌ أَصْفَرُ = النار تزيده لمعانا، وإلهنا ناراً آكلة. فوجودنا هناك أمام الله يزيدنا بهاء ولمعانا.

عَقِيقٌ أَخْضَرُ = تأكيد على دوام الحيوية ودوام النمو.

أَسْمَانْجُونِيٌّ = يمتاز بالصلابة. يكسر أى شىء ولا شىء يكسره فهو رمز للخلود.

جَمَشْتٌ = يمتاز بالجاذبية المغناطيسية. هكذا سنكون منجذبين للمدينة السماوية لا نريد تركها.

هذه مجرد محاولة لفهم ما تعنيه تلك الأحجار الكريمة. والمعنى العام أن حياتنا هناك ستكون بشكل مجيد مختلف عما نحياه هنا. الله سيعطينا فضائل. وكل منا سيتميز عن غيره، "برهم من عندى يقول الرب" (إش11: 54 - 17) نحن بالفضائل التى سيعطيها لنا الله سنكون كحجارة كريمة. وإختلاف أنواع الحجارة الكريمة يشير لأن كل إبن للملكوت يتزين بزينة إلهية مختلفة عن أخيه لكنها ثمينة وجميلة وفى تكامل بينها وبين بعضها البعض.

العدد 21

آية (21): -

"21 وَالاثْنَا عَشَرَ بَابًا اثْنَتَا عَشَرَةَ لُؤْلُؤَةً، كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الأَبْوَابِ كَانَ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ. وَسُوقُ الْمَدِينَةِ ذَهَبٌ نَقِيٌّ كَزُجَاجٍ شَفَّافٍ.".

المسيح هو الباب الذى تدخل فيه الخراف (يو9، 7: 10) والمسيح هو اللؤلؤة الواحدة كثيرة الثمن (مت46: 13). وهناك بالتالى باب واحد من لؤلؤة واحدة كثيرة الثمن. فمن باع أمجاد الأرض التى هى لآلىء كثيرة ليشترى هذه اللؤلؤة الواحدة كثيرة الثمن (المسيح) سيجد نفسه قد دخل من الباب إلى أورشليم السماوية. ولماذا هناك 12 باب لأن الدخول لكل المؤمنين الآتين من كل مكان ومن كل إتجاه (رقم 4) بشرط أن تكون لهم قيامة مع المسيح (القيامة رقمها 3). إذاً المعنى أن كنيسة المسيح، هؤلاء الذين أتوا للمسيح (رقم 12) ليتحدوا به صاروا واحدا فيه، فهو اللؤلؤة الوحيدة كثيرة الثمن. إنما قوله 12 لؤلؤة فهو للتعبير عن شعبه (12) الذين صاروا واحدا فيه. كل واحد يأتى للمسيح اللؤلؤة الواحدة كثيرة الثمن له دخول من الباب الذى هو المسيح، ولكن من يأتى يتحد بالمسيح الواحد فيصير الكل واحدا. وكيف نتحد بالمسيح؟ هذا عمل الروح القدس فى الكنيسة الذى يثبتنا فى المسيح (2كو1: 21، 22).

هذه كما قيل عن الروح القدس الواحد أنه سبعة أرواح الله (رؤ3: 1) تعبيرا عن عمله الكامل مع الكنيسة، وهنا نقول أن هناك 12 باب هم 12 لؤلؤة مع أن المسيح واحد والمعنى أن الدخول لكل العالم. فالروح القدس بعمله الكامل فى الكنيسة (7) يثبت شعب الله الـ (12) فى المسيح الواحد اللؤلؤة الوحيدة كثيرة الثمن، والذى هو الباب الوحيد للدخول. والقيامة معناها أن المؤمن قد إعتمد وقام متحدا مع المسيح (رو3: 6 - 5) ثم ظل متحدا بالمسيح بحياة التوبة. وأن الروح القدس الأقنوم الثالث قد ثبته فى المسيح فلا دخول إلا لمن ظل ثابتا فى المسيح وهذا عمل الروح القدس.

سُوقُ الْمَدِينَةِ = السوق هو مكان التعامل بين الناس وبعضهم البعض.

ومعاملاتنا مع إخوتنا فى السماء ستكون على مستوى سمائى ولن نطلب إلا ما يمجد الله، فلن نكون فى السماء كما كنا على الأرض متعلقين ونفرح بأشياء مادية = ذَهَبٌ نَقِيٌّ. وفى نقاء = كَزُجَاجٍ شَفَّافٍ = فى السماء لن تكون هناك شهوات جسدية ولا "أنا فى التعامل" ولا حسد ولا حقد ولن يوجد فى داخلنا ما نخجل أن يظهر للآخرين... بل سنكون للأبد فى محبة كاملة.

تأمل: -.

كانت هدايا المجوس ذهب ولبان ومر.

رمزا لكون المسيح سيكون ملكا = الذهب. وأنه سيتألم = المر وسيكون رئيسا لكهنتنا ويقدم نفسه ذبيحة شفاعة كفارية = اللبان (أى البخور المصاحب لصلوات الكهنة). فكيف نقدم نحن هذه التقدمات فنفرح قلب المسيح.

الذهب = يشير للحياة السماوية. ولنسأل أنفسنا - كيف سنفرح فى السماء؟ ولاحظ قول الرسول عن الفرح "فرح لا ينطق به ومجيد" (1بط1: 8) ونلاحظ أن أفراحنا على الأرض هى بالأكل والشرب والملذات الجسدية. أما فى السماء فلن نجوع ولن نعطش ولن تكون هناك ملذات جسدية. فكيف سنفرح؟ الفرح سيكون بشخص الله. وما يفرح قلب الله ويكون كهدية له أن نكتشف هذا الفرح منذ الآن (الجوهرة الكثيرة الثمن). وكيف نكتشف هذا؟ - بالتغصب (هنا يأتى دور المر).

المر = مر الطعم جدا ولكن رائحته جميلة جدا. فعلينا أن نغصب أنفسنا ونطيل وقت الخلوة والتسبيح والصلوات. لنقضى أطول وقت مع الله فنكتشف لذة الجلوس مع الله، بل قل لذة شخص الله. وهذا ما قاله المرتل "ذوقوا وأنظروا ما أطيب الرب" (مز34: 8). وهذا التغصب نسميه الجهاد. ولكن سيكون هذا الجهاد له رائحة جميلة يتنسمها الله كرائحة جميلة، كهدية تفرح قلبه. وهذا ما قاله السيد الرب "ملكوت السموات يغصب" (مت11: 12).

اللبان = ومع الوقت يختفى التغصب لأننا سنكتشف حلاوة شخص الرب، وكلما إزددنا معرفة بالرب نتشبه بالكاروبيم المملوئين أعينا (أى مملوئين معرفة بالله فهذا معنى مملوئين أعينا) وهنا لن تعود طلباتنا خاصة بنا، بل سنهتم بالصلاة لأجل كل شخص ولأجل كل الخليقة = وهذا معنى اللبان أى الصلاة من أجل الآخرين. وهذا هو عمل الكاروبيم (راجع رؤ4) بل هنا نتشبه بالله نفسه الذى أخلى ذاته آخذا صورة عبد لأجل البشر.

العدد 22

آية (22): -

"22 وَلَمْ أَرَ فِيهَا هَيْكَلاً، لأَنَّ الرَّبَّ اللهَ الْقَادِرَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، هُوَ وَالْخَرُوفُ هَيْكَلُهَا.".

الهيكل هو مكان لقاء الله مع شعبه، والآن الله ساكن مع شعبه بل هو فيهم وهم فيه، فلا حاجة لوجود هيكل بعد هذا الإتحاد. والهيكل تقدم فيه ذبائح غفرانا للخطايا، والآن لا خطايا يقدم عنها ذبائح. لقد صار لقاءنا مع الله على مستوى الوحدة وفى نقاوة بلا خطية.

العدد 23

آية (23): -

"23 وَالْمَدِينَةُ لاَ تَحْتَاجُ إِلَى الشَّمْسِ وَلاَ إِلَى الْقَمَرِ لِيُضِيئَا فِيهَا، لأَنَّ مَجْدَ اللهِ قَدْ أَنَارَهَا، وَالْخَرُوفُ سِرَاجُهَا.".

الله نور، وهو سينير المدينة. وكنا على الأرض نحتاج للظلمة حتى نستريح. والآن لا تعب. بل راحتنا أن نكون فى الله ونراه دائما.

العدد 24

آية (24): -

"24 وَتَمْشِي شُعُوبُ الْمُخَلَّصِينَ بِنُورِهَا، وَمُلُوكُ الأَرْضِ يَجِيئُونَ بِمَجْدِهِمْ وَكَرَامَتِهِمْ إِلَيْهَا.".

تَمْشِي = تشير لأن المخلصين يمشون وراء المسيح فى خضوع كامل، فلقد إنتهى كل تمرد وعصيان.

وَمُلُوكُ الأَرْضِ يَجِيئُونَ بِمَجْدِهِمْ وَكَرَامَتِهِمْ إِلَيْهَا = هؤلاء من كان لهم كرامة زمنية، حينما رأوا مجد الله إحتقروا كل ما كان لهم من مجد ووضعوه تحت قدمى الله. بل لن يدخل أورشليم السماوية إلا كل من وضع مجده تحت قدمى المسيح بينما هو مازال على الأرض، أى أثناء حياتهم على الأرض إحتقروا كل كرامة زمنية واضعين نصب أعينهم مجد أورشليم السماوية التى يريدون الوصول إليها.

العدد 25

آية (25): -

"25 وَأَبْوَابُهَا لَنْ تُغْلَقَ نَهَارًا، لأَنَّ لَيْلاً لاَ يَكُونُ هُنَاكَ.".

الأَبْوَابُ مفتوحة لأنه لا خشية من أعداء يأتون إليها، فكلهم الآن فى البحيرة المتقدة بالنار. لَنْ تُغْلَقَ نَهَارًا = العادة أن تغلق الأبواب فى الليل لا فى النهار. فما معنى قوله لن تغلق نهارا. الرد فى النصف الثانى من الآية لأَنَّ لَيْلاً لاَ يَكُونُ هُنَاكَ = فإذا كان الله نور المدينة فلن يكون هناك ليل، ولن يكون هناك خوف حتى يغلقوا الأبواب. ولن يكون هناك تعب لننام ونرتاح ليلاً.

والليل هو تعبير عن الشر واللصوص والمؤامرات "خرج يهوذا وكان ليلاً" (يو13: 30). وفى أورشليم السماوية لا يوجد أشرار لكى يغلقوا الأبواب خوفا منهم أو طلبا للحماية.

العدد 26

آية (26): -

"26 وَيَجِيئُونَ بِمَجْدِ الأُمَمِ وَكَرَامَتِهِمْ إِلَيْهَا.".

كل ِمَجْدِ الأُمَمِ وَكَرَامَتِهِمْ ستوضع تحت قدمى المسيح.

العدد 27

آية (27): -

"27 وَلَنْ يَدْخُلَهَا شَيْءٌ دَنِسٌ وَلاَ مَا يَصْنَعُ رَجِسًا وَكَذِبًا، إِّلاَّ الْمَكْتُوبِينَ فِي سِفْرِ حَيَاةِ الْخَرُوفِ.".

هنا نجد حدود من يدخل لأورشليم السماوية.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثانى والعشرون - تفسير رؤيا القديس يوحنا اللاهوتي - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح العشرون - تفسير رؤيا القديس يوحنا اللاهوتي - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير رؤيا يوحنا اللاهوتي الأصحاح 21
تفاسير رؤيا يوحنا اللاهوتي الأصحاح 21