الأصحاح الأول – تفسير إنجيل لوقا – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: انجيل لوقا – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الأول

ميلاد السيد المسيح.

ولادة المسيح بالجسد.

مقدمة عن معاني الأرقام في الكتاب المقدس.

دراسة في سلسلة أنساب السيد المسيح.

هناك سلسلتان لنسب المسيح إحداهما في (مت1: 1 - 17) والأخرى في (لو23: 3 - 38).

ونلاحظ فيهما الآتي:

أنكرت بعض الهرطقات حقيقة التأنس، مدعية أن المسيح قد ظهر كخيال أو وهم إذ يكرهون الجسد ويعادونه كعنصر ظلمة. فذكر الأنساب إنما هو تأكيد لحقيقة التجسد الإلهي. وقد أظهرت سلسلتا الأنساب في متى ولوقا أن المسيح اشترك في طبيعتنا حتى لا يقول أحد أنه ظهر كخيال أو وهم.

متى كان يكتب لليهود فأراد أن يثبت لهم أن يسوع المسيح هو المسيا الذي ينتظرونه، المسيا الملك المنتظر، لهذا يفتتح سلسلته بقوله المسيح ابن داود ابن إبراهيم. فمتى ترك كل الأسماء ليذكر داود وإبراهيم لأن الله وعدهما صراحة بالمسيح. إذ قال لإبراهيم "ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض" (تك18: 22). ولداود "من ثمرة بطنك أجعل على كرسيك" (مز11: 132 + 2صم12: 7 + إش1: 11 + أر5: 23).

أهمية ذكر إبراهيم أنه بإبراهيم بدأت قصة الخلاص. فالله اختار إبراهيم ليأتي منه المسيح. وأهمية ذكر داود الملك أنه سيأتي منه المسيح ملك الملوك.

تأمل: المسيح سمح لنفسه أن يُدعى ابن داود وهو عبد للمسيح لنصير نحن العبيد أبناء لله. أما لوقا فكتب للأمم لذلك وصل في أنسابه لآدم ابن الله الذي منه تفرع العالم كله يهوداً وأمم، فالمسيح ضم البشرية كلها للبنوة لله.

سلسلة نازلة وسلسلة صاعدة: يلاحظ أن متى إنحدر بالأنساب إلى يوسف مبتدئاً بإبراهيم. أما لوقا فصعد بها من يوسف إلى آدم. ويشرح أغسطينوس هذا بقوله: إن متى الذي ينحدر بالأنساب يشير إلى الرب يسوع المسيح الذي نزل ليحمل خطايانا، لذلك يقول أن فلان ولد فلاناً ليشير إلى تسلسل الخطية إلينا خلال الولادات البشرية. وقد جاء السيد المسيح الذي بلا خطية ليحمل خطايا الأجيال كلها. أما لوقا فقد صعد بالأنساب من المسيح إلى آدم، إذ تأتي الأنساب بعد المعمودية ليعلن عطية الرب خلال المعمودية، فهو يرفعنا ويردنا إلى حالتنا الأولى "آدم ابن الله" (لو37: 3). متى يتحدث في سلسلة نسبه قبل أحداث العماد ليعلن أن كلمة الله المتجسد هذا وإن كان بلا خطية وحده لكنه جاء من نسل خاطئ ليحمل عنا الخطايا التي ورثناها أباً عن جد لهذا جاء الترتيب تنازلياً فهو يعلن المسيا حامل خطايانا، ولوقا الذي التزم بالترتيب التصاعدي يعلن تمتعنا بالبنوة لله في المسيح. لذلك لاحظنا أن لوقا لم يذكر سلسلة أنسابه في أول إنجيله بل بعد ذكر عماد الرب من يوحنا، لأن الرب أخذ خطايانا وحملها ليرفعها عنا ويكفر عنا بتقديس المعمودية ويوحدنا به وبذلك يرفعنا إلى البنوة لله.

نلاحظ اختلاف النسب في القائمتين ومرجعه أن متى وهو يعلن عن السيد المسيح كحامل لخطايانا يذكر النسب الطبيعي، حسب اللحم والدم، أي يذكر الأب الطبيعي حسب التناسل الجسدي الذي به ورثنا الخطية "بالإثم حبل بي وبالخطايا ولدتني أمي.." (مز51). أما لوقا إذ يعلن عن بنوتنا لله في المسيح يسوع يذكر النسب الشرعي، حيث يمكن لإنسان أن ينتسب لأب لم يولد منه جسدياً. وهذا يحدث بحسب الشريعة حين يموت إنسان بلا وَلَدْ فتتزوج إمرأته من الولى الشرعى لها، ويكون الولد الأول منسوباً للميت حسب الشريعة (راجع قصة راعوث). ولوقا يهتم بالتبني أو النسب الشرعي لأن الآب تبنانا بالمعمودية في ابنه فصرنا إخوة للمسيح وشركاء له في الميراث. وأيضاً من أمثلة التبني التي سنجدها في سلسلة نسب لوقا أن يتبنى الجد أحفاده كما في حالة يعقوب الذي نسب أولاد يوسف الاثنين له، افرايم ومنسى.

متى: - المسيح حامل خطايانا / النسب الطبيعى / بالتناسل الجسدى ورثنا الخطية.

لوقا: - بنوتنا لله فى المسيح / النسب الشرعى / الآب تبنانا بالمعمودية فى ابنه.

جاء النسب خاصاً بالقديس يوسف لا القديسة مريم، مع أن المسيح ليس من زرعه، ذلك أن الشريعة الموسوية تنسب الشخص للأب وليس للأم كسائر المجتمعات الأبوية التي تفعل نفس الشئ.

لم يذكر النسب أسماء نساء عظيمات يفتخر بهن اليهود كسارة ورفقة وراحيل إنما ذكر ثامار التي إرتدت ثياب زانية (تك38) وراحاب الكنعانية الزانية (يش1: 2) وبثشبع التي يلقبها "التي لأوريا" لخطيتها مع داود ليكشف أن طبيعتنا التي أخطأت وسقطت هي التي جاء المسيح لعلاجها، إنسانيتنا هذه التي مرضت جاء ليشفيها، وهذه التي سقطت جاء ليقيمها. هو جاء من خاطئات ووُلِد منهن لأنه جاء لأجل الخطاة ليمحو خطايا الجميع.

ذكر معلمنا متى في النسب بعض النساء الأمميات مثل راعوث الموآبية وراحاب الكنعانية، ليعلن أنه جاء من أجل البشرية كلها ليخلص الأمم كما اليهود. وصارت راعوث رمزاً لكنيسة الأمم التي تركت بيت أبيها ووثنيته وعاداته الشريرة والتصقت بكنيسة الله وقبلت العضوية فيها، وقد نفذت قول المزمور "إنسي شعبك وبيت أبيك لأن الملك اشتهى حسنك" (مز11: 45 - 12).

من بين أسلاف المسيح أشخاص لهم إخوة، ويلاحظ أن السيد جاء بصفة عامة منحدراً لا من الأبناء البكر بل ممن هم ليسوا أبكاراً حسب الجسد مثل إبراهيم واسحق ويعقوب ويهوذا وداود.. لقد جاء السيد المسيح ليعلن أن البكورية لا تقوم على الولادة الجسدية وإنما على استحقاق الروح. لقد فقد آدم بكوريته بسبب الخطية، وجاء السيد المسيح آدم الأخير ليصير بكر البشرية كلها وفيه يصير المؤمنون أبكاراً (عب23: 12).

ذكر معلمنا متى في نسب السيد المسيح فارص دون زارح. ولقد أخرج زارح يده أولاً بكونه الابن البكر لكنه لم يولد أولاً بل تقدمه فارص فإحتل مركزه. ونعم بالبكورية. هكذا ظهر اليهود أولاً كبكر للبشرية لكنهم حرموا من البكورية وتمتع بها الأمم عوضاً عنهم. ففارص صار يمثل كنيسة الأمم التي صارت بكراً باتحادها بالمسيح البكر، وزارح صار يمثل اليهود الذين فقدوا البكورية برفضهم الاتحاد مع البكر، أو كما قيل بهوشع النبى "إثم أفرايم مصرور، خطيته مكنوزة. مخاض الوالدة يأتى عليه، هو ابن غير حكيم، إذ لم يقف فى الوقت فى مولد البنين" (هو13: 12، 13) وهذا يعنى أنهم رفضوا الإنضمام للكنيسة التى ولدت يوم الخمسين برفضهم للمسيح فإستمرت خطيتهم ملتصقة بهم.

ذكر متى سبي بابل ولم يذكر عبوديتهم في مصر فنزولهم لمصر لم يكن لهم ذنب فيه ولكن سبيهم إلى بابل كان سببه خطاياهم وكان عقوبة لهم.

متى يكرر كلمة ولد ليشير لتسلسل الخطايا إلى المولود. ولوقا يكرر كلمة ابن إشارة للبنوة، بنوتنا لله التي اكتسبناها بالتجسد.

فيما يلي خريطة لسلسلة متى وسلسلة لوقا نرى فيها الأسماء المشتركة والتي بينها خلاف.

هالي ويعقوب ويوسف.

يوسف خطيب العذراء مريم هو ابن يعقوب بالجسد. وهالي هو أبو العذراء مريم أو جدها (حسب ما يذكر التلمود اليهودي وكتب اليهود). وحينما تزوج يوسف من العذراء نُسِبَ لهالي. وهالي إذا كان والد العذراء مريم وليس جدها فهو اسم ثانٍ لاسم يواقيم. ووالد العذراء مريم أنجب بنتاً ثانية هي سالومة زوجة زبدي وأم يوحنا الحبيب ويعقوب. ووالد العذراء مريم لم يكن له ابن لذلك دُعِىَ يوسف خطيب مريم ابناً له. وقد حدث هذا (راجع نح63: 7) فهقوص تسمى باسم حميه برزلاي الجلعادي. وراعوث أصبحت بنتاً لنعمى. فيمكن أن ينسب الرجل لحميه. والبنت لحماتها أو حميها.

وهناك رأي آخر يقول أن اليهود كانوا إذا تعذر عليهم معرفة الأب ينسبون الطفل لجده أبو أمه. ولذلك قال لوقا أنه على ما كان يظن ابن يوسف ابن هالي. ويوسف كان قريباً للعذراء مريم وكلاهما من سبط يهوذا ومن نسل داود الملك. وكانت عادة عند اليهود أن يزوجوا ويتزوجوا من الأقارب.

وبهذا نرى أن سلسلة أنساب لوقا هي سلسلة أسلاف العذراء أم المسيح.

وسلسلة أنساب متى تضمنت نسب يوسف أبو المسيح بالتبني.

وهذه وتلك لم تشر للعذراء فاليهود ما كانوا يدخلون النساء في جداول نسبهم. وكانوا إذا انتهت العائلة بامرأة أدخلوا قرينها في النسب واعتبروه ابن والد قرينته.

ولاحظ أغسطينوس أن لوقا يقول يوسف ابن هالي ولم يقل هالي ولد يوسف كما قال متى يعقوب ولد يوسف. ورأي في هذا أن يوسف منسوب لهالي دون أن يكون بالضرورة أباه الحقيقي. فمتي يهتم بالبنوة الطبيعية ولوقا يهتم بالبنوة الشرعية أو التبني. ولاحظ أن متى الذي يهتم بأن يثبت أن المسيح ملك اليهود يسير وراء خط يعقوب الذي يصل للنسل الملكي عن طريق سليمان.

سليمان وناثان.

ناثان هو الأخ الأكبر لسليمان (1أي5: 3) وكلاهما أولاد بثشبع. ولكن لأن متى مهتم بالخط الطبيعي، نجده يتتبع خط الولادة الجسدية لشألتئيل من يكنيا (أنظر نقطة 15) ويكنيا من نسل سليمان جسدياً، أما لوقا فيتتبع النسل الشرعي لشألتئيل.

شألتئيل وزربابل.

شألتئيل هو الابن الحقيقي ليكنيا. "يكنيا ولد شألتئيل" (مت12: 1). وفي (لو27: 3) نجد شألتئيل بن نيري. وهذه المشكلة لها نفس حل مشكلة يوسف ويعقوب وهالي. فشألتئيل غالباً تزوج من ابنة نيري فنسب له، ونيري هذا من ذرية ناثان.

وزربابل هو والي اليهودية بعد العودة من سبي بابل. وزربابل هو الابن الحقيقي لشألتئيل حسب قول متى "وشألتئيل ولد زربابل" (12: 1). ولكن في (1أي19: 3) نجد زربابل ابناً لفدايا وهذه المشكلة لها حل من اثنين:

حسب شريعة اليهود إذا مات رجل دون أن يكون له ولد تتزوج أرملته ولي المرأة أي أقرب رجل للمتوفي سواء أخيه أو أقرب شخص. والمولود الأول ينسب للمتوفي، وفي بعض الأحيان ينسب للولي لشهرته (كما حدث في قصة راعوث وبوعز). وهنا نفهم أن فدايا وشألتئيل أحدهما والد زربابل بحسب الجسد والآخر بحسب الشريعة.

هناك حل آخر أن شألتئيل والد فدايا وفدايا والد زربابل وينسب زربابل أحياناً لفدايا وفي أحيان أخرى لشألتئيل.

الأسماء الأربعة المحذوفة من سلسلة متى.

1 - أخزيا (2مل29: 8) 2) يوآش (2مل2: 11 - 20: 12).

3 - أمصيا (2مل8: 14 - 20) 4) يهوياقيم (2مل36: 23 - 6: 24).

والثلاثة الأول جاءوا بعد يهورام، بينه وبين عزيا، وهؤلاء ربما حذفوا من سلاسل النسب لأنهم من نسل إيزابل الشريرة وأخاب، وإيزابل هي بنت أثبعل ملك الصيدونيين (1مل31: 16). وقد أبدى الله السخط الزائد على هذه الأسرة، لذلك أسقطتهم سلاسل النسب اليهودية، ومتى نقل عن السلاسل كما وجدها، فهو التزم بسلاسل النسب التي بين أيدي اليهود.

أما يهوياقيم فهو ملك شرير مزق كتاب أرمياء ولا يذكر اسمه في سلاسل النسب اليهودية إلا نادراً (2أي8: 36) والتلمود اليهودي يقر حذف أسماء الأشرار.

ثلاثة مجموعات في سلسلة نسب متى.

قسم متى سلسلة نسب المسيح إلى ثلاث مجموعات كل منها 14 جيل وهي كالآتي:

هم ثلاثة مجموعات ورقم (3) يشير للكمال الإلهي:

المجموعة الأولي: تبدأ بإبراهيم الذي له الوعد بالأرض (تك15) وتنتهي نهاية سعيدة بتنفيذ هذا الوعد وقيام مملكة داود. وداود له وعد هو أيضاً بالعرش له ولأبنائه. هنا نرى قصد الله. فالله دعا إبراهيم ليرث الأرض ويملكها وهذا تحقق في داود تماماً. كما خلق الله آدم ليرث ويملك ويسود بسلطان.

المجموعة الثانية: تبدأ بسليمان الذي أسس الهيكل ولكنه أدخل العبادة الوثنية، ومن ثم تسللت هذه العبادة لإسرائيل ولذلك انتهت هذه المجموعة بالسبي وخراب أورشليم والهيكل وسبى يكنيا. وهذه المجموعة تظهر فشل الإنسان ممثلاً في سليمان، الذي أعطاه الله كل شئ. فسليمان أعطاه الله حكمة ومجد وغني وسلام (سفر الجامعة + 1مل) وما حصل عليه سليمان لم يحصل عليه أحد قط. وهكذا آدم خلقه الله في جنة.. وماذا كانت النتيجة، فشل آدم... وهكذا فشل سليمان وخربت المملكة وسقطت بيد بابل (الذي يرمز للشيطان الذي استعبد الإنسان) (رو20: 8) "الخليقة أسلمت للباطل.. من أجل الذي أخضعها على الرجاء" ولذلك نجد في نهاية المجموعة الثانية ملكاً في السبي. وهذا هو حال البشرية قبل المسيح.

المجموعة الثالثة: تبدأ بعد السبي بيكنيا أيضاً الذي انتهت به المجموعة الثانية وتنتهي هذه المجموعة بميلاد المخلص. فيكنيا الملك نرى فيه الرجاء مجسداً، الذي أشار إليه بولس الرسول في (رو20: 8). فبعد أن ذهب يكنيا إلى السبي نجد أن أويل مرودخ ملك بابل رفع رأس يهوياكين ملك يهوذا من السجن وكلمه بخير وجعل كرسيه فوق كراسي الملوك الذين معه في بابل. وغيَّر ثياب سجنه، وكان يأكل الخبز أمامه كل أيام حياته (2مل28: 25 - 29). هذا هو الرجاء الذي تبدأ به المجموعة الثالثة، الرجاء للبشرية الخاضعة للعبودية. ولكن كيف يتحقق هذا الرجاء، هذا ما انتهت به المجموعة الثالثة أي ميلاد المخلص.

لذلك فالمجموعات الثلاث يشيروا لقصة معاملات الله مع الإنسان. في المجموعة الأولى نرى قصد الله وتحقيقه، وفي الثانية نرى فشل الإنسان وأنه سُلِّم للباطل على رجاء. وفي الثالثة نرى الرجاء يصبح حقيقة ويولد مخلص العالم.

كل مجموعة 14 جيل.

قصد معلمنا متى واضح أنه يريد أن تكون كل مجموعة 14 جيل ولذلك.

أسقط 4 ملوك من المجموعة الثانية.

وضع يكنيا في آخر المجموعة الثانية وبداية المجموعة الثالثة.

ورقم 14 = 7×2 فإذا فهمنا أن 7 تشير للإنسان الكامل ورقم 2 يشير للتجسد ففي رقم 14 إشارة للمسيح الإنسان الكامل المتجسد. وبهذا التجسد ستعتق البشرية من عبودية الفساد إلى حرية مجد أولاد الله (رو21: 8). بعد أن كانت في خلاف مع الله وفي إنقسام (رقم2) فالمسيح جعل الاثنين واحداً.

بدون تكرار يكنيا يصبح ترتيب المسيح في مجموعته رقم 13 وهو رقم يشير للخطية والعصيان، ولكنه صار يشير للكفارة. وكما يقول بولس الرسول "لأنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه" (2كو21: 5).

تكرار اسم يكنيا.

انتهت المجموعة الأولى بسبي يكنيا، وبدأت الثالثة برفع يكنيا، والفارق بين المجموعتين هو سبي بابل رمز لسقوط الإنسان تحت عبودية إبليس بسبب الخطية. ولكننا نرى يكنيا حين رُفِعَ، تم رفعه في بابل الوثنية وهذا يعني أن الخلاص سيتم هنا ونحن على الأرض. وكان تكرار اسم يكنيا فيه إشارة لسقوط الإنسان وسقوط دولة اليهود ثم قيام الكنيسة التي تضم الأمم واليهود ثانياً. وتكرار اسم يكنيا مرتين لأنه يرمز إلى المسيح الذي انتقل من اليهود إلى الأمم. والمسيح هو حجر الزاوية (مز22: 118) الذي يربط الحائطين معاً. وحجر الزاوية الذي رفضه البناءون هو إشارة للمسيح الذي رفضه اليهود. وحجر الزاوية لابد وأن يحصى مرتين مرة مع هذا الحائط. ومرة أخرى مع الحائط المربوط معه بحجر الزاوية.

أرقام سلسلة نسب لوقا.

سلسلة أسماء لوقا تشمل 77 اسماً وأحد طرفيها الله والآخر هو المسيح. فهو الأول والآخِرْ.

77 = 7×11.

رقم 7 يشير للإنسان الكامل من ناحيتين.

7 = 3 + 4: 3 تشير للروح المخلوقة على صورة الله.

: 4 يشير للجسد المأخوذ من تراب الأرض.

ويشير للمسيح الإنسان الكامل: الله (3 مثلث الأقانيم) أخذ جسداً من الأرض (4).

7 = 6 + 1: 6 تشير للإنسان الناقص.

: 1 تشير لله فالإنسان لا يكمل إلا باتحاده مع الله.

وبهذا أيضاً يشير للمسيح بلاهوته المتحد بناسوته.

ورقم 11 يشير للخطية والتعدي على وصايا الله.

وضرب الرقمين يمثل خطايا الخليقة كلها والتي حملها المسيح وغفرت بموته وشفاعته الكفارية وبالمعمودية والتوبة اللتان لهما قوتهما من دم المسيح الإنسان الكامل (7). ولذلك فمجموعة لوقا تصاعدية، متصاعدة إلى الله، وبالمعمودية يصطلح الله مع شعبه عندما تغسل خطاياهم "الذى صالحنا لنفسه بيسوع المسيح" (2كو5: 18). لذلك فمجموعة لوقا أتت بعد قصة معمودية المسيح. ولاحظ أن رقم (7) موجود مع المجموعة التصاعدية. فعمل المسيح الفدائي يكمل الإنسان ليحمله لحضن الآب، لهذا فطرفي مجموعة لوقا هما المسيح رأس الكنيسة والآب الذي يحمل الابن كنيسته إلى حضنه.

سلسلة نسب القديس متى.

متى ذكر 41 اسم مبتدئاً من إبراهيم حتى المسيح. وبإضافة 21 إسم ذكرهم لوقا ولم يذكرهم متى وهم ما قبل إبراهيم. وبإضافة الأربعة الأسماء الناقصة يصير عدد أسماء قائمة متى (41 + 21 + 4) = 66 اسماً.

66 = 6×11...... 6 (رقم الإنسان غير الكامل)، 11 (رقم الخطية).

ومجموعة متى تنازلية، فنرى أن هذا الرقم هو سبب تنازل المسيح وتجسده ألا وهو نقص طبيعتنا وتمردنا وفشلنا. هذا ما جعل المسيح يصير خطية لأجلنا. ولقد لاحق رقم 6 المسيح فهو صلب في اليوم السادس والساعة السادسة، بل البشارة به كانت في الشهر السادس لأليصابات (لو26: 1). ونلاحظ أن رقم 6 هو مع المجموعة التنازلية. ونلاحظ أن أسماء متى وحدها كانت 41 شاملة اسم المسيح، وبدون المسيح يصير عدد الأسماء 40 ورقم 40 يشير لفترة أو مهلة تعطى لنا إما يعقبها غفران وبركة أو يعقبها رفض ولعنة. الغفران والبركة لمن يقدم توبة واللعنة لمن لا يجاهد ويتوب. ولذلك رأينا المهلة المعطاة لنينوى 40 يوم ولكنهم تابوا فغفر لهم الله، وبنى إسرائيل تاهوا 40سنة في البرية ثم دخلوا أرض الميعاد إذاً في هذا إشارة لفترة غربتنا على الأرض التي يعقبها إما خلاص أو هلاك. والمسيح وموسى وإيليا صاموا 40 يوماً. ولكن نلاحظ أن الرقم هو 41 وليس40. فنحن مهما جاهدنا بدون المسيح فلا فائدة.

نبوة دانيال إصحاح 9 تلخص المجموعة الثالثة لمتى فكان دانيال مصلياً ومنتظراً إتمام فترة السبي (الـ70 سنة) التي تنبأ عنها إرمياء. وإذ به يسمع من الله أن هناك ما هو أهم بعد 70 أسبوع سنين أي 490سنة، وذلك أن المسيح سيولد حتى يخلص العالم من سبيه لإبليس، وهذا أهم من نهاية سبي بابل.

ملاحظات على سلاسل الأنساب.

كان اليهود يحفظون جداول الأنساب ويهتمون بها جداً وبغاية الاعتناء والتدقيق، فهم أولاً ينتظرون المسيح الذي قد يأتي من أي منهم، ولكنهم كانوا يعلمون أنه من نسل داود. وثانياً فهم يستوطنون في أراضي إسرائيل بحسب أسباطهم. وقد حفظت التوراة نفسها هذه السلاسل حتى الأسر البابلي ومنها نستدل على نسب المسيح. أما اليهود فاستمروا بعد السبي مهتمين بهذه الأنساب، وهذا ما يسجله يوسيفوس المؤرخ اليهودي الذي يقول [حافظ اليهود على سلاسل الأنساب الخاصة بهم وبعائلاتهم حتى بعد أن تشتتوا]. وهذه السلاسل لها استخدام أيضاً في المواريث. ولكن هذه الأنساب فقدت بعد خراب أورشليم سنة 70م.

بالرغم من وجود خلافات ظاهرية بين سلسلتي نسب متى ولوقا فإن اليهود أنفسهم لم يشككوا فيهم، في القرن الأول، ولو كان هناك أي شبهة شك لهاجمها اليهود. ولكنهم لم يفعلوا فهم يعلمون صحتها.

يثير البعض مشكلة حول قول متى "ويوشيا ولد يكنيا وإخوته عند سبي بابل" ويقولون أن يوشيا كان قبل سبي بابل، وأنه مات قبل سبي بابل الرابع وخراب أورشليم بحوالي 20سنة. والرد على هذا بسيط فيوشيا بموته بدأت مملكة يهوذا في الإنهيار السريع دينياً وسياسياً. فحرب يوشيا ضد نخو ملك مصر ثم موت يوشيا أتى بالنفوذ المصري على يهوذا، وانتهى هذا بالسبي الأول لبابل بعد موت يوشيا بثلاث سنوات. وكانت هذه الفترة فترة سوداء في تاريخ المملكة. ومتى يقصد أن نهاية مملكة يهوذا قد بدأت بموت يوشيا.

يثير البعض أيضاً مشكلة حول أبيهود ابن زربابل ففي (1أي19: 3) نجد أن لزربابل خمسة أبناء ليس بينهم اسم أبيهود. وحل هذا الإشكال سهل فمن المعروف أن اليهود كانوا يستعملون إسمين مثل عيسو / أدوم = يعقوب / إسرائيل - بطرس / سمعان - برثولماوس / نثنائيل - بولس / شاول. ورواية متى منقولة من السجلات ولم يعترض اليهود عليها.

سلسة متى وسلسلة لوقا مختلفتين لكن كلاهما أشار لأن المسيح هو ابن إبراهيم وابن داود وهذا هو المطلوب.

عائلة هيرودس الكبير.

هيرودس الكبير (بعد وفاته قسمت المملكة كالتالي على أبنائه)

رفض قيصر تسميته ملكاً وسُمِّىَ رئيس ربع

رفض قيصر تسميته ملكاً وسُمِّىَ رئيس ربع

.

أولاد هيرودس: انتيباس أرخيلاوس فيلبس.

الجليل أدوم / اليهودية / السامرة قيصرية.

بالرجوع إلى مثل الأمناء (لو12: 19 - 27). نجد أن الإنسان الشريف الجنس يذهب ليأخذ لنفسه ملكاً ثم يكافئ عبده الأول بأن أعطاه سلطاناً على عشر مدن وعبده الثاني سلطان على خمس مدن.

وموضوع عائلة هيرودس يفسر موضوع مثل الأمناء. فالملك هيرودس الكبير حيث أنه كان صديق لقيصر (الإنسان الشريف الجنس) أعطاه سلطان على مملكة كبيرة. ولما مات قسم قيصر المملكة على أربعة وبهذا صار كل رئيس ربع يملك على عدد مدن أقل. وهناك من ملك على 10مدن وهناك من ملك على 4 مدن وهكذا بحسب قربه من قيصر.

وواضح أنه كلما زادت عدد المدن زاد مجد وغنى وثروة الملك. والمعنى أنه كلما كنا أمناء في وزناتنا كان لنا مجد أعظم في السماء "فنجم يمتاز عن نجم في المجد" (1كو41: 15).

وحينما يقول الرب يسوع "من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي كما غلبت أنا أيضاً وجلست مع أبي في عرشه" (رؤ21: 3):

هذا لا يفهم منه أن الآب له عرش مستقل عن الإبن، والإبن سوف يجلس معنا في عرشه فترة ثم يذهب ليجلس مع الآب في عرشه، لأن الآب والإبن ببساطة هم واحد.

العرش تعبير عن المجد. وكون المسيح يجلس مع الآب في عرشه، فالمعنى أن الإبن بجسده صار له نفس مجد الآب، وهو نفس مجد الإبن الأزلى بلاهوته (يو17: 5) وهذا معنى جلس عن يمين الآب.

جلوسنا في عرش المسيح يعني أننا نشترك في مجده، كلٌ بحسب أمانته "فنجماً يمتاز عن نجم في المجد" أحدنا يكون له سلطان على عشرة مدن والآخر له سلطان على خمس مدن. وهذا ما كان يعنيه المسيح حين قال "وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني" (يو22: 17) فالمسيح تجسد ليموت ويقوم ويصعد ليتمجد بجسده ونتمجد نحن فيه.

هذا لا يعني أنه سيكون لنا نفس مجد المسيح، لكن كل منا بحسب أمانته سيكون له جزء من هذا المجد. والأدق أنه سينعكس عليه مجد المسيح، فيعكس منه علي قدر نقائه.

ملك هيرودس الكبير على كل اليهودية سنة 37ق. م. ودخل القدس بمعونة الرومان. وكانت أمه وأبيه أدوميين. وكان الأدوميون قد رضخوا بالقوة للمذهب اليهودي سنة 125ق. م. فلم يكن هيرودس يهودي الأصل. وقد تزوج هيرودس عشر نساء وكان له أبناء كثيرين. واشتد التنافس فيما بينهم على وراثة العرش. وكان القصر مسرح عشرات المؤامرات والفتن. واشتركت زوجات الملك وأقاربهن في تلك المؤامرات. هذا عدا المؤامرات التي كان يحيكها هيرودس ضد أعدائه من اليهود والرومان فقد كان هيرودس الكبير قاسي القلب، عديم الشفقة يسعى وراء مصلحته مهما كانت الخسائر واشتهـر بكثـرة الحيل ولم ينتبه إلى صراخ المظلومين. وقتل عدة زوجات وأبناء وأقارب خوفاً من مؤامراتهم. ولكنه بني أماكن كثيرة أشهرها مدينة قيصرية وسماها هكذا تكريماً لأوغسطس قيصر، ورمم مدينة السامرة بعد أن تهدمت وأسماها سباسطيا (سيباستوس هو الاسم اليوناني لاسم أغسطس اللاتيني) أي مدينة أغسطس. وبدأ في ترميم الهيكل في القدس. ومن وحشيته أنه قتل ابنيه الإسكندر وأرسطوبولس، وقبل موته بخمسة أيام قتل ابنه انتيباتر. وفيما هو يسلم أنفاسه الأخيرة أمر بقتل جميع عظماء أورشليم حتى يعم الحزن المدينة ولا يجد الملك الجديد مجالاً للبهجة، لكنه مات قبل أن تتحقق أمنيته الأخيرة. وهو الذي أمر بقتل أطفال بيت لحم حتى لا ينافسه مولود بيت لحم المُلْك. فقد ولد المسيح في أواخر أيام هذا الطاغية. ولقد مات هيرودس الكبير بعد قتل أطفال بيت لحم بثلاثة شهور بعد أن اشتدت شراهته في الفترة الأخيرة لأكل اللحم وأصيب بداء النقرس والاستسقاء، وتصاعدت منه رائحة كريهة جداً حتى لم يقدر أحد أن يقترب إليه. وبعد موته اقتسم أبناءه مملكته حسب ما سبق.

إنجيل لوقا 12
.

الآيات (لو1): -.

"1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ، 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيق، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ. 5كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ مَلِكِ الْيَهُودِيَّةِ كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا، وَامْرَأَتُهُ مِنْ بَنَاتِ هارُونَ وَاسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ. 6 وَكَانَا كِلاَهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ اللهِ، سَالِكَيْنِ فِي جَمِيعِ وَصَايَا الرَّبِّ وَأَحْكَامِهِ بِلاَ لَوْمٍ. 7 وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَدٌ، إِذْ كَانَتْ أَلِيصَابَاتُ عَاقِرًا. وَكَانَا كِلاَهُمَا مُتَقَدِّمَيْنِ فِي أَيَّامِهِمَا. 8فَبَيْنَمَا هُوَ يَكْهَنُ فِي نَوْبَةِ فِرْقَتِهِ أَمَامَ اللهِ، 9حَسَبَ عَادَةِ الْكَهَنُوتِ، أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ أَنْ يَدْخُلَ إِلَى هَيْكَلِ الرَّبِّ وَيُبَخِّرَ. 10 وَكَانَ كُلُّ جُمْهُورِ الشَّعْبِ يُصَلُّونَ خَارِجًا وَقْتَ الْبَخُورِ. 11فَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ وَاقِفًا عَنْ يَمِينِ مَذْبَحِ الْبَخُورِ. 12فَلَمَّا رَآهُ زَكَرِيَّا اضْطَرَبَ وَوَقَعَ عَلَيْهِ خَوْفٌ. 13فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا، لأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا. 14 وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ، وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلاَدَتِهِ، 15لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبِّ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ يَشْرَبُ، وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 16 وَيَرُدُّ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ إِلهِهِمْ. 17 وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ، وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ، لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُسْتَعِدًّا». 18فَقَالَ زَكَرِيَّا لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ أَعْلَمُ هذَا، لأَنِّي أَنَا شَيْخٌ وَامْرَأَتِي مُتَقَدِّمَةٌ فِي أَيَّامِهَا؟ » 19فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَهُ: «أَنَا جِبْرَائِيلُ الْوَاقِفُ قُدَّامَ اللهِ، وَأُرْسِلْتُ لأُكَلِّمَكَ وَأُبَشِّرَكَ بِهذَا. 20 وَهَا أَنْتَ تَكُونُ صَامِتًا وَلاَ تَقْدِرُ أَنْ تَتَكَلَّمَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ هذَا، لأَنَّكَ لَمْ تُصَدِّقْ كَلاَمِي الَّذِي سَيَتِمُّ فِي وَقْتِهِ». 21 وَكَانَ الشَّعْبُ مُنْتَظِرِينَ زَكَرِيَّا وَمُتَعّجِّبِينَ مِنْ إِبْطَائِهِ فِي الْهَيْكَلِ. 22فَلَمَّا خَرَجَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ، فَفَهِمُوا أَنَّهُ قَدْ رَأَى رُؤْيَا فِي الْهَيْكَلِ. فَكَانَ يُومِئُ إِلَيْهِمْ وَبَقِيَ صَامِتًا. 23 وَلَمَّا كَمِلَتْ أَيَّامُ خِدْمَتِهِ مَضَى إِلَى بَيْتِهِ. 24 وَبَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ حَبِلَتْ أَلِيصَابَاتُ امْرَأَتُهُ، وَأَخْفَتْ نَفْسَهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ قَائِلَةً: 25«هكَذَا قَدْ فَعَلَ بِيَ الرَّبُّ فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا نَظَرَ إِلَيَّ، لِيَنْزِعَ عَارِي بَيْنَ النَّاسِ». 26 وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ، 27إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. 28فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ». 29فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، وَفَكَّرَتْ: «مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ! » 30فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. 31 وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. 32هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، 33 وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ». 34فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟ »35فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. 36 وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضًا حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، وَهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِرًا، 37لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ». 38فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ. 39فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا، 40 وَدَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ. 41فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، 42 وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! 43فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ 44فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. 45فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ». 46فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، 47 وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، 48لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، 49لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، 50 وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. 51صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. 52أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. 53أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. 54عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، 55كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ». 56فَمَكَثَتْ مَرْيَمُ عِنْدَهَا نَحْوَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا. 57 وَأَمَّا أَلِيصَابَاتُ فَتَمَّ زَمَانُهَا لِتَلِدَ، فَوَلَدَتِ ابْنًا. 58 وَسَمِعَ جِيرَانُهَا وَأَقْرِبَاؤُهَا أَنَّ الرَّبَّ عَظَّمَ رَحْمَتَهُ لَهَا، فَفَرِحُوا مَعَهَا. 59 وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ جَاءُوا لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ، وَسَمَّوْهُ بِاسْمِ أَبِيهِ زَكَرِيَّا. 60فَأَجَابَتْ أمُّهُ وَقَالَتْ: «لاَ! بَلْ يُسَمَّى يُوحَنَّا». 61فَقَالُوا لَهَا: «لَيْسَ أَحَدٌ فِي عَشِيرَتِكِ تَسَمَّى بِهذَا الاسْمِ». 62ثُمَّ أَوْمَأُوا إِلَى أَبِيهِ، مَاذَا يُرِيدُ أَنْ يُسَمَّى. 63فَطَلَبَ لَوْحًا وَكَتَبَ قِائِلاً: «اسْمُهُ يُوحَنَّا». فَتَعَجَّبَ الْجَمِيعُ. 64 وَفِي الْحَالِ انْفَتَحَ فَمُهُ وَلِسَانُهُ وَتَكَلَّمَ وَبَارَكَ اللهَ. 65فَوَقَعَ خَوْفٌ عَلَى كُلِّ جِيرَانِهِمْ. وَتُحُدِّثَ بِهذِهِ الأُمُورِ جَمِيعِهَا فِي كُلِّ جِبَالِ الْيَهُودِيَّةِ، 66فَأَوْدَعَهَا جَمِيعُ السَّامِعِينَ فِي قُلُوبِهِمْ قَائِلِينَ: «أَتَرَى مَاذَا يَكُونُ هذَا الصَّبِيُّ؟ » وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ مَعَهُ. 67 وَامْتَلأَ زَكَرِيَّا أَبُوهُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَتَنَبَّأَ قَائِلاً: 68«مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ، 69 وَأَقَامَ لَنَا قَرْنَ خَلاَصٍ فِي بَيْتِ دَاوُدَ فَتَاهُ. 70كَمَا تَكَلَّمَ بِفَمِ أَنْبِيَائِهِ الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ هُمْ مُنْذُ الدَّهْرِ، 71خَلاَصٍ مِنْ أَعْدَائِنَا وَمِنْ أَيْدِي جَمِيعِ مُبْغِضِينَا. 72لِيَصْنَعَ رَحْمَةً مَعَ آبَائِنَا وَيَذْكُرَ عَهْدَهُ الْمُقَدَّسَ، 73الْقَسَمَ الَّذِي حَلَفَ لإِبْرَاهِيمَ أَبِينَا: 74أَنْ يُعْطِيَنَا إِنَّنَا بِلاَ خَوْفٍ، مُنْقَذِينَ مِنْ أَيْدِي أَعْدَائِنَا، نَعْبُدُهُ 75بِقَدَاسَةٍ وَبِرّ قُدَّامَهُ جَمِيعَ أَيَّامِ حَيَاتِنَا. 76 وَأَنْتَ أَيُّهَا الصَّبِيُّ نَبِيَّ الْعَلِيِّ تُدْعَى، لأَنَّكَ تَتَقَدَّمُ أَمَامَ وَجْهِ الرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ. 77لِتُعْطِيَ شَعْبَهُ مَعْرِفَةَ الْخَلاَصِ بِمَغْفِرَةِ خَطَايَاهُمْ، 78بِأَحْشَاءِ رَحْمَةِ إِلهِنَا الَّتِي بِهَا افْتَقَدَنَا الْمُشْرَقُ مِنَ الْعَلاَءِ. 79لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِي طَرِيقِ السَّلاَمِ». 80أَمَّا الصَّبِيُّ فَكَانَ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ، وَكَانَ فِي الْبَرَارِي إِلَى يَوْمِ ظُهُورِهِ لإِسْرَائِيلَ.".

العدد 1

آية (لو1: 1): -

"1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا،".

كثيرون قد أخذوا بتأليف = قوله أنهم ألفوا كتب أى هم بدون وحي وإرشاد الروح القدس (وهذه كانت قد انتشرت خلال القرن الأول الميلادي ويسمونها كتب الأبوكريفا) ولم تقبل الكنيسة أعمالهم كأسفار قانونية. وكلمة أخذوا فيها إتهام لهم أن محاولاتهم كانت شخصية وليست من إرشاد الروح القدس. الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا = لقد عرف القصة بكل يقين الإيمان والعقل فلم يتردد في تصديقها. ونلاحظ أن لوقا تسلم قصة إنجيله خلال التسليم الشفوي والكتابي وهذا ما تسميه الكنيسة التقليد.

العدد 2

آية (لو2: 1): -

"2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ،".

مُعَايِنِينَ = لا يعني مجرد الرؤيا الجسدية، إذ كان كثيرون قد رأوا المسيح حسب الجسد ولم يدركوا شخصه ولا تمتعوا بعمله الخلاصي.. وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ = فالإكتفاء بالمعرفة دون تطبيقها هو علم بلا نفع. ومن عرف المسيح ورآه رؤية إيمانية لا يستطيع إلا أن يخدمه ويشهد له. ونلاحظ أن هناك رؤية جسدية وهذه لا تفيد كما حدث مع اليهود. وبصيرة روحية بها ندرك المسيح ونؤمن به حتى وإن لم نراه جسدياً.

العدد 3

آية (لو3: 1): -

"3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيق، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ،".

العزيز ثاوفيلس = هو نفس الشخص الذي وجَّه له لوقا سفر أعمال الرسل. والعزيز هو لقب يطلق على أصحاب المراكز الكبرى في الدولة الرومانية. لُقِّبَ به فيلكس (أع26: 23 + 3: 24) وفستوس (أع25: 26). وثاوفيلس كان شخص له مركزه في مدينة الإسكندرية. ويبدو أنه فقد مركزه حينما كتب له بولس سفر الأعمال (1: 1).

العدد 4

آية (لو4: 1): -

"4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.".

الأعداد 5-9

الآيات (لو5: 1 - 9): -

"5كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ مَلِكِ الْيَهُودِيَّةِ كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا، وَامْرَأَتُهُ مِنْ بَنَاتِ هارُونَ وَاسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ. 6 وَكَانَا كِلاَهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ اللهِ، سَالِكَيْنِ فِي جَمِيعِ وَصَايَا الرَّبِّ وَأَحْكَامِهِ بِلاَ لَوْمٍ. 7 وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَدٌ، إِذْ كَانَتْ أَلِيصَابَاتُ عَاقِرًا. وَكَانَا كِلاَهُمَا مُتَقَدِّمَيْنِ فِي أَيَّامِهِمَا. 8فَبَيْنَمَا هُوَ يَكْهَنُ فِي نَوْبَةِ فِرْقَتِهِ أَمَامَ اللهِ، 9حَسَبَ عَادَةِ الْكَهَنُوتِ، أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ أَنْ يَدْخُلَ إِلَى هَيْكَلِ الرَّبِّ وَيُبَخِّرَ.".

وسط هذا الجو القاتم سياسياً (هيرودس بفساده وطغيانه. وهيرودس هو هيرودس الكبير) ودينياً (رؤساء كهنة فاسدين) وتوقف النبوة حوالي 400سنة من أيام ملاخي النبي. ظهر إنسانان باران أمام الله هما زكريا ومعنى اسمه الله يذكر وزوجته اليصابات ومعنى اسمها اليشبع أي الله يقسم. اللذان أنجبا يوحنا المعمدان ومعنى اسمه الله حنان، أو الله ينعم. ومعنى اقتران اسم زكريا واليصابات هو "الله يذكر قسمه" ومعنى اقتران اسميهما مع اسم يوحنا "أن الله يذكر قسمه أن يتحنن على البشر الذين هم في فساد" وهذا المعنى هو ما قاله زكريا في (آيات 72 - 73).

وميلاد يوحنا هو أول مظاهر رحمة الله.

ليصنع رحمة مع آبائنا ويذكر عهده المقدس القسم الذي حلف لإبراهيم.

(يوحنا) (زكريا) (اليصابات).

وَكَانَا كِلاَهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ اللهِ = فالأبرار أمام الناس ليسوا بالضرورة أبرار أمام الله. (رو29: 2). ونلاحظ أن رجال العهد القديم حسبوا أبراراً أيضاً في المسيح. فبر زكريا قائم على عمل السيد المسيح الذبيحي خلال ممارسته الكهنوتية وتقديمه الذبائح الحيوانية كرمز لذبيحة المسيح. ولكن لنلاحظ أن قول الكتاب عن إنسان أنه بار فليس معنى هذا أنه لم يصنع خطية، بل وإن فعل خطية يبكت نفسه ويندم ويقدم ذبيحة.

أَبِيَّا = فرقة أبيا هي الفرقة الثامنة من الأربعة والعشرين فرقة التي قسمت إليها طائفة الكهنة من أيام داود. كل فرقة تقوم بالعمل أسبوعاً كل ستة أشهر حسب قرعتها. وكانوا يلقون قرعة أيضاً ليعرفوا من يقع عليه اختيار الله للقيام بخدمة البخور من وسط الفرقة. وكان البخور عادة يقدم صباحاً ومساءً فقط. وبنفس التقليد تصلي الكنيسة صلوات رفع بخور عشية ورفع بخور باكر.

ونلاحظ أنهما مع كونهما بارين أنهما كانا محرومين من الأطفال، فليس معنى أن أكون باراً أمام الله أن على الله أن يستجيب كل طلباتي. فهو وحده يعرف أين الصالح. ومتى وكيف وأين يستجيب لطلباتي، وهذا ما قصده بولس الرسول بقوله "ملء الزمان".

العدد 10

آية (لو10: 1): -

"10 وَكَانَ كُلُّ جُمْهُورِ الشَّعْبِ يُصَلُّونَ خَارِجًا وَقْتَ الْبَخُورِ.".

كان الشعب يقفون خارجاً وينتظرون الكاهن الذي يقدم البخور ليخرج ويباركهم.

العدد 11

آية (لو11: 1): -

"11فَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ وَاقِفًا عَنْ يَمِينِ مَذْبَحِ الْبَخُورِ.".

المخلوقات الروحية كالملائكة لا يمكننا أن نراها إلا إذا أخذت شكلاً محسوساً نراه بها، وذلك حين يريد الله ويسمح بذلك، فجسدنا الكثيف لا يعاين الروحيات ولا حتى أن يشعر بها. وهذا ما حدث حينما ظهرت السيدة العذراء مريم فوق كنيستها بالزيتون.

لماذا ظهر الملاك عند مذبح البخور؟

الكاهن اليهودي كان يقدم محرقة على المذبح النحاس خارجاً صباحاً ومساءً. وبعد أن يقدمها يدخل ليقدم البخور. وهكذا فإن المسيح بعد أن قدم نفسه ذبيحة دخل إلى السموات كشفيع لنا (وهذا معنى مذبح البخور). وكان ظهور الملاك في هذا المكان عند مذبح البخور ليخبر زكريا بميلاد إبنه يوحنا السابق للمسيح.

المسيح له كهنوت لا يزول، وكان كهنوت زكريا رمزاً لكهنوت المسيح (عب24: 7) والمسيح هناك حي يشفع فينا (عب25: 7).

المسيح دخل إلى السماء ليصير رئيس كهنة إلى الأبد.

الكاهن اليهودي الذي هو زكريا هنا يقدم المحرقة ثم يدخل ليقدم البخور ليصلي عن الشعب. وهذا ما قيل عن المسيح "بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبدياً" (عب12: 9).

وهذا ما رأيناه في السماء "وسط العرش خروف قائم كأنه مذبوح" (رؤ6: 5) إشارة للمسيح الذي ذبح على الصليب ثم دخل للسماء يشفع فينا.

فالكهنوت هو عمل شفاعة. وكأن الملاك يقول لزكريا.. هل تفهم ما تفعله؟ ما معنى المحرقة التي قدمتها؟ ما معنى كهنوتك؟ لماذا تقدم البخور هنا؟ كل هذا كان رمزاً للمسيح الذي سيكون إبنك سابقاً له يعد له الطريق.. وها أنا أبشرك بأنه حان الميعاد ليتحقق هذا وسيولد إبنك.

الأعداد 12-13

الآيات (لو12: 1 - 13): -

"12فَلَمَّا رَآهُ زَكَرِيَّا اضْطَرَبَ وَوَقَعَ عَلَيْهِ خَوْفٌ. 13فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا، لأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا.".

من الطبيعي أن يضطرب زكريا فهو لم يعتاد على الرؤى، ولكن من طبيعة الرؤي السماوية أنها حتى لو بدأت باضطراب يعقبها سلام وفرح، أما الرؤي الشيطانية (2كو14: 11) فهي تبعث في النفس فقدان السلام. الرؤي السماوية تلهب القلب بالاشتياق للسماويات، أما الرؤى الشيطانية تربك العقل بالزمنيات. ولعل زكريا قد نسى طلبته ولكن الله يذكر لنا طلباتنا ويعطيها لنا في الوقت المناسب. بل أن الله حين يتأخر في الاستجابة تكون إستجابته أعظم. فها هو يوحنا يكون أعظم مواليد النساء.

العدد 14

آية (لو14: 1): -

"14 وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ، وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلاَدَتِهِ،".

يوحنا سينادي بالتوبة، وطريق التوبة هو طريق الفرح، السمائيون يفرحون بالتائبين، والتائبين يفرحون بالله، والله يفرح بهم. (لو7: 15).

تأمل: حتى وإن عشنا زماناً هذا مقداره بنفس عاقرة وجسد بلا ثمر روحي، فلنقبل وعود الله السمائية، ونحمل حنان الله ونعمته (يوحنا) في داخلنا فنفرح، وتفرح معنا السماء.

العدد 15

آية (لو15: 1): -

"15لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبِّ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ يَشْرَبُ، وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.".

عَظِيمًا = العظمة ليست في الأعمال العظيمة وقوة الجسد، بل بالحياة الداخلية القوية. ويوحنا كنذير للرب لا يكون لملذات العالم أو بهجته موضع في قلبه أو في جسده، بل هو يكون مملوءاً بالروح القدس، ومملوءاً بالخمر السماوي أي الفرح السماوي، ومن امتلأ بالفرح الحقيقي لا يكون لديه فراغ لأفراح العالم المغشوشة. وهو عظيماً فهو يعمد المسيح.

العدد 16

آية (لو16: 1): -

"16 وَيَرُدُّ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ إِلهِهِمْ.".

هذه رسالة يوحنا، تمهيد الطريق للمسيح، بدعوة الناس للتوبة ليقبلوا المسيح.

العدد 17

آية (لو17: 1): -

"17 وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ، وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ، لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُسْتَعِدًّا».".

الروح الذي سكن في إيليا سكن في يوحنا، والقوة التي في إيليا كانت في يوحنا. والتشابه بين إيليا ويوحنا يظهر في أن كلاهما عاش في البرية زاهداً بتولاً، وكلاهما لم يسعى لإرضاء الملوك (آخاب / هيرودس) على حساب الحق. واحد شق الأردن بردائه والثاني جعل من الأردن مغسلاً للخطاة ليطهروا. واحد يسبق المجيء الأول للمسيح (يوحنا) والثاني يسبق المجيء الثاني للمسيح. والكتاب يقصد بروح إيليا "الروح القدس الذي تقبله إيليا.

الأعداد 18-22

الآيات (لو18: 1 - 22): -

"18فَقَالَ زَكَرِيَّا لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ أَعْلَمُ هذَا، لأَنِّي أَنَا شَيْخٌ وَامْرَأَتِي مُتَقَدِّمَةٌ فِي أَيَّامِهَا؟ » 19فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَهُ: «أَنَا جِبْرَائِيلُ الْوَاقِفُ قُدَّامَ اللهِ، وَأُرْسِلْتُ لأُكَلِّمَكَ وَأُبَشِّرَكَ بِهذَا. 20 وَهَا أَنْتَ تَكُونُ صَامِتًا وَلاَ تَقْدِرُ أَنْ تَتَكَلَّمَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ هذَا، لأَنَّكَ لَمْ تُصَدِّقْ كَلاَمِي الَّذِي سَيَتِمُّ فِي وَقْتِهِ». 21 وَكَانَ الشَّعْبُ مُنْتَظِرِينَ زَكَرِيَّا وَمُتَعّجِّبِينَ مِنْ إِبْطَائِهِ فِي الْهَيْكَلِ. 22فَلَمَّا خَرَجَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ، فَفَهِمُوا أَنَّهُ قَدْ رَأَى رُؤْيَا فِي الْهَيْكَلِ. فَكَانَ يُومِئُ إِلَيْهِمْ وَبَقِيَ صَامِتًا.".

كَيْفَ أَعْلَمُ = أي يطلب علامة. فزكريا لم يصدق كلام الملاك بالرغم من هذه الرؤيا الواضحة. وما كان يجب على شخص كزكريا الكاهن الدارس للكتاب المقدس أن يشك فهو يعلم أن الرب لا يستحيل عليه شئ، ويعلم أن ما يقوله سبق وحدث مع آخرين وربما حالتهم أصعب من حالته كإبراهيم وسارة. أَنَا جِبْرَائِيلُ = يعني جبروت الله وسر جبروته أنه واقف أمام الله. وهو جاء يحمل الوعد الإلهي ويبشر بالفرح لزكريا، ولكنه جاء أيضاً بحكم بالتأديب على زكريا لأنه لم يصدق، فالله في أبوته يمنح تعزيات وفي أبوته يؤدب أيضاً. والكلمة صَامِتًا = تشير للصمم أيضاً (62) فكانوا يكلمونه بالإشارة ليفهم. وصار زكريا بهذا رمزاً لليهود الذين لم يقبلوا المسيح فسقطوا تحت تأديب الصمت حتى يقبلوا الإيمان في أواخر الدهور (هم بلا هيكل أو نبي).

لماذا عاقب الله زكريا بالصمت؟

زكريا كإنسان يحيا في العهد القديم له مشكلتان.

مشكلة عامة: يعاني منها كل شعبه، بل كل البشر، وهي مشكلة خلاص نفسه، كيف يهزم الخطية وهي لها سلطان عليه، وأين سيذهب بعد الموت.

مشكلة خاصة: وهي عدم وجود نسل له. وهذا يعتبر عاراً في إسرائيل.

ولكننا نجد زكريا قد انحصر في مشكلته الخاصة ونسى وهو الكاهن الذي يعرف النبوات - المشكلة العامة لكل شعب إسرائيل بل وكل الأمم، نسى أن هناك مخلصاً سيأتي ليخلص الجميع من الموت ومن الشيطان ومن الخطية. وكان عليه ككاهن أن يتمسك بهذه النبوات ويصلي ليتمم الله وعده ويرسل هذا المخلص. بل وأن الملاك يقول له نبوات واضحة عن السابق للمسيح (آيات 16 - 17) يرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم. ويتقدم أمامه بروح إيليا وقوته ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء.. لكي يهيئ للرب شعباً مستعداً.. وقارن مع (ملا1: 3، 5: 4 - 6) وكان لابد لهذا الكاهن البار أن يدرك أن الملاك ينبهه أن ابنه المنتظر هو هذا الشخص وبهذا فإن مجيء المخلص هو على الأبواب، إلا أن انحصاره في مشكلته الخاصة جعله لا يدرك ما يقال عوضاً عن أن يفرح ويسبح. بل هو شك وقال "كيف وأنا قد صرت شيخاً، أي كأنه يعاتب الملاك ويقول" لماذا لم تأت لي في شبابي؟ إن ما تقوله أيها الملاك لهو صعب الحدوث!! وللآن فكثيرون منا يريدون أن يحددوا لله توقيت استجابته لطلباتهم والطريقة التي يستجيب بها. وما هو الممكن وما هو غير الممكن.

لقد وصل زكريا إلى حالة من اليأس والانحصار في ذاته فلم يفرح بالبشارة ولا سبح ولا أدرك أن هناك مخلصاً على الأبواب. فكان عقاب الله له هو الصمت. هذا إعلان عن حال زكريا العاجز عن التسبيح والعاجز عن أن يفرح بالله. الله تركه يتأمل في كلام الملاك ويقارن مع النبوات ويكتشف أن ابنه سيكون السابق للمسيح. وبدأ يسأل نفسه أيهما الأهم [1] حل مشكلتي الخاصة وأن يكون لي ابناً. أم [2] مجيء المخلص.

وأدرك زكريا بالروح القدس أن الأهم هو مجيء المخلص. لذلك نجد أن تسبحة زكريا حين فتح الله فمه قد انصبت على مجيء المخلص "أقام لنا قرن خلاص من بيت داود فتاه" وهذه عن المسيح الذي هو من بيت داود، وليست عن يوحنا الذي هو من بيت هرون فهو من بيت كاهن. هنا أتت العقوبة بالنتيجة المرجوة إذ إنشغل زكريا بالعاطي ولم ينشغل بالعطية، أي إنشغل بالمسيح وسبح على ميلاده ولم يفرح بالعطية التي هي إبنه. أما ما قاله عن ابنه، أن يكون ابنه خادماً لهذا المخلص. وهذا درس لنا أن أي عطية يعطيها لنا الله علينا أن نكرسها لمجد اسمه.

الأعداد 23-25

الآيات (لو23: 1 - 25): -

"23 وَلَمَّا كَمِلَتْ أَيَّامُ خِدْمَتِهِ مَضَى إِلَى بَيْتِهِ. 24 وَبَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ حَبِلَتْ أَلِيصَابَاتُ امْرَأَتُهُ، وَأَخْفَتْ نَفْسَهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ قَائِلَةً: 25«هكَذَا قَدْ فَعَلَ بِيَ الرَّبُّ فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا نَظَرَ إِلَيَّ، لِيَنْزِعَ عَارِي بَيْنَ النَّاسِ».".

تم تنفيذ وعد الله. واليصابات أخفت نفسها في خجل ولكنها في فرح تنتظر المولود.

الأعداد 26-27

الآيات (لو26: 1 - 27): -

"26 وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ، 27إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ.".

(وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ = في اليوم السادس سقط الإنسان وفي الشهر السادس البشري بميلاده وهو يوافق شهر نيسان أول شهور العام، فالمسيح بدء خليقة جديدة. وفيه يعمل الفصح والمسيح فصحنا).

البشارة الأولى تمت في الهيكل أثناء العبادة الجماعية وكانت بشارة عن أعظم مواليد النساء. أما البشارة بالمسيح الله المتجسد الذي أخلى ذاته فكانت في بيت فقير مجهول، في قرية فقيرة مجهولة، بطريقة سرية، لم يشعر بها حتى يوسف النجار صاحب البيت نفسه، مع فتاة فقيرة بسيطة عذراء. ولاحظ تكرار لقب العذراء كتأكيد لعذراويتها (خر1: 44 - 3). ومدينة النَاصِرَةُ = مدينة في الجليل شمال فلسطين تبعد 88ميلاً شمال أورشليم، 15 ميلاً جنوب غربي طبرية. عاش فيها يوسف النجار والعذراء مريم، وقضى فيها المسيح عمره حتى وصل للثلاثين من عمره بعد عودته من مصر لذلك سمى بالناصري (مر9: 1 + 24: 1). وحين بدأ رسالته رفضه أهلها (لو28: 4 - 31). والمدينة مبنية على جبل (لو29: 4) وكانت مدينة عديمة الأهمية لم تذكر في العهد القديم ولا وثائق الدول العظمى.

العدد 28

آية (لو28: 1): -

"28فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ».".

سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا = الترجمة الصحيحة أيتها الممتلئة نعمة. فالرب اختارها لأنها كانت مملوءة نعمة، وأطهر وأشرف إنسانة في الوجود، ثم ملأها بالأكثر، وأعطاها نعمة فوق نعمة. وهيأها لتصير أماً له. وكلمة سَلاَمٌ = تشير للفرح. والله ملأها من كل نعمة وما أعظم هذه النعمة أن يتحد في بطنها لاهوت المسيح مع ناسوته، إتحاد الإنسان بالله، والجسد بالكلمة. اَلرَّبُّ مَعَكِ = ذاقت معية الرب على مستوى فريد، إذ حملت كلمة الله في أحشائها، وقدمت له من جسدها ودمها.

الأعداد 29-31

الآيات (لو29: 1 - 31): -.

"29فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، وَفَكَّرَتْ: «مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ! » 30فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. 31 وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ.".

لقد اضطربت ولم تستطع أن تجاوبه فهي لم يسبق لها الكلام مع ملائكة ولكنها صارت الآن تتحدث مع ملاك. يَسُوعَ = أي مخلص.

العدد 32

آية (لو32: 1): -

"32هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ،".

إن كان ابن الله قد صار إبناً لداود، فهذا كان لنصير نحن أبناء الله فيه فهو ابن العلى.

العدد 33

آية (لو33: 1): -

"33 وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ».".

الملك هو ملك روحي وليس ملك أرضي كما يفهمه اليهود لذلك هو أبدي.

الأعداد 34-35

الآيات (لو34: 1 - 35): -

"34فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟ ».

35فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. ".

سؤال العذراء لا يدل على شك، بل هي لا تدري كيف يتم هذا الأمر وهي عذراء ولقد نذرت نفسها لتخدم الهيكل دون زواج. وكانت هذه هي المرة الأولى والأخيرة في التاريخ أن تحبل عذراء بدون زرع بشر. أما في حالة زكريا فلم يكن له العذر وهو الكاهن وحالته سبقت وحدثت. وكانت إجابة الملاك على سؤالها كيف يتم هذا الأمر؟ بقوله أن الروح القدس يحل عليها لتقديسها، روحاً وجسداً، فتتهيأ لعمل الآب الذي يرسل ابنه في أحشائها يتجسد منها. حقاً هذا سر إلهي فائق فيه يعلن الله حبه العجيب للإنسان وتكريمه له.

الأعداد 36-37

الآيات (لو36: 1 - 37): -

"36 وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضًا حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، وَهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِرًا، 37لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ».".

الملاك يقدم للعذراء دليلين على صدق كلامه [1] أن اليصابات حبلى [2] أنه لا يستحيل على الرب شئ.

العدد 38

آية (لو38: 1): -

"38فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ.".

أمام هذا الإعلان أحنت العذراء رأسها بالطاعة، وبينما شك زكريا آمنت العذراء. وبينما صمت زكريا انطلقت العذراء تسبح أمام اليصابات. إن طاعة العذراء مريم قد حلت محل عصيان حواء أمها. ونلاحظ أن العذراء كانت إجابتها كلها اتضاع، فهي قد علمت أن من في بطنها هو الله لكنها ها هي تقول هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. ويرى علماء اللاهوت أنه في اللحظة التي قبلت فيها العذراء كلام الملاك وقدمت الطاعة لله، قبلت التجسد، فالله يقدس الحرية الإنسانية، وكان غير ممكناً أن يتجسد المسيح منها وهي لا تقبل هذا.

العدد 39

آية (لو39: 1): -

"39فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا،".

إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا = غالباً هي حبرون فهي من نصيب بيت هرون. واليصابات من سبط لاوي وزوجها كاهن. إِلَى الْجِبَالِ = من يحل فيه المسيح ينطلق للسماويات. فالجبال بعلوها ترمز للسماويات. وإذ حل الكلمة في داخلها تشبهت به فلم تستطع إلا أن تذهب وتخدم، تنطلق بروح الخدمة تخدم المحتاج، وهكذا جاء المسيح ليَخْدِم لا ليُخدَم. تخرج من الأنا الضيقة تخدم الجميع في إتساع.

الأعداد 40-41

الآيات (لو40: 1 - 41): -

"40 وَدَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ. 41فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ،".

زيارة مريم لأليصابات تعطي نموذجاً لما يجب أن تكون عليه زياراتنا، فنحن نرى هنا مريم وأليصابات في فرح يسبحان الله على عطاياه، (عوضاً عن جلسات الشكوى والتذمر) وهنا مريم تحمل في داخلها المسيح القدوس وتذهب لتقدم خدمة لأليصابات، وياليتنا نحمل مسيحنا داخلنا ونذهب لنقدمه لكل إنسان، وهذا ما سيفرحنا ويفرح من نزورهم. وبركات الزيارة ظهرت في الحال إذ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بطن اليصابات = كما رقص داود أمام تابوت العهد (كلمة ارتكض هي نفسها كلمة رقص بالعبرية). ومن بركات الزيارة المباركة إمتلاء اليصابات بالروح القدس. وإحساس الجنين يوحنا بمجيء المسيح. وابتهاج يوحنا في بطن أمه يشير للثمر الروحي الداخلي في النفس، فالجسد يشترك مع النفس في هذا الثمر. وابتهاج الجنين في بطن أمه اليصابات كان لإمتلائه من الروح القدس.

الأعداد 42-45

الآيات (لو42: 1 - 45): -

"42 وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! 43فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ 44فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. 45فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ».".

تسبحة اليصابات:

بينما كان العالم كله يجهل كل شئ عن البشارة للقديسة مريم، إذ باليصابات تعلن أمومة مريم لربها، بالرغم من عدم وجود أية ظاهرة لهذا الحدث الإلهي. والأمر المدهش أن شهادة اليصابات بأمومة العذراء لربها تمت بمجرد إصغاء اليصابات لسلام مريم. وكان هذا بسبب الساكن في أحشاء مريم والذي أعطاها نعمة في كلامها. مِنْ أَيْنَ لِي = أنها فرصة عظيمة لي لا أستحقها، أن تأتي أم ربي إلىَّ. هي تنطق بالروح، وإلا فكيف عرفت أن حركة الجنين في بطنها علامة ابتهاجه، وكيف عرفت بحمل العذراء ومن هو الذى فى بطنها.

الأعداد 46-55

الآيات (لو46: 1 - 55): -

"46فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، 47 وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، 48لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، 49لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، 50 وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. 51صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. 52أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. 53أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. 54عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، 55كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ».".

تسبحة العذراء:

انطلقت اليصابات تسبح، وانطلقت العذراء تسبح الله هي أيضاً. لقد تحولت الزيارة إلى مستوى تسبيح ملائكي، يمجد الله ويعلن أسراره الفائقة. ونلاحظ أن الكتاب لم يقل عن العذراء مريم أنها امتلأت من الروح القدس كما قيل عن أليصابات، لأن العذراء كانت قد امتلأت وظلت مملوءة، بل الله نفسه في أحشائها متجسداً. أما اليصابات فحلول الروح القدس عليها كان وقتياً، وحينما حل عليها تنبأت. ونلاحظ أنه كما كان العصيان والسقوط بامرأة، كان الخلاص بامرأة.

تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ = هل يزداد الله ويتعظم بتسبيح بشر؟! حاشا. ولكن إذ نتقدس تزداد صورة الرب بهاءً فينا، وإذ نخطئ تصغر الصورة وتبهت. مريم هنا ترد تعظيم اليصابات لها إلى الله. تَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي = فالعذراء تحتاج الخلاص كسائر البشر. نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ = لقد أدركت العذراء سر تمتعها بالنعمة الإلهية ألا وهو الاتضاع. بينما أن عدو الخير قد خسر مركزه خلال الكبرياء. جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي = العذراء أدركت عظم العطية التي نالتها وبسببها تطوبها الأجيال. وها الكنيسة مملوءة تسابيحاً للعذراء مريم وفقاً لنبوءتها. فهي عذراء تجلى في حياتها عمل الله الخلاصي. نرى فيها نعمة الله الفائقة التي وهبت للبشرية.

صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ = الذراع هو إشارة للمسيح يسوع. وكان عمله وفداءه قوياً. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ = المستكبرين هم إبليس وجنوده، واليونان بفلاسفتهم، واليهود غير المؤمنين والرومان بقوتهم الغاشمة. فإبليس هبط للذل والمسكنة، واليهود تشتتوا في العالم كله. أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. = الأعزاء من ملائكة أشرار وبشر أنزلهم الله من كبريائهم، والفريسيون نزلوا من على كراسيهم. ورفع الله المؤمنين وأعطاهم سلطاناً أن يدوسوا الحيات والعقارب (لو19: 10). أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ = لقد استمتع اليهود قبل المسيح بشبع روحي من ناموس الله وشريعته والهيكل وسطهم، وبسبب كبريائهم وحسدهم صاروا فارغين إذ رفضوا المسيح. بينما الأمم الذين كانوا قبلاً فارغين وجياع أشبعهم المسيح إذ آمنوا. عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ = بإرسال المسيا من نسل اليهود، وإسرائيل هنا ليست إسرائيل المتشامخة الرافضة للمسيح، بل إسرائيل الروحي الذين هم نسل إبراهيم بالإيمان. وهناك قلة من اليهود قبلوا المسيح. وهناك قلة ستؤمن في الأيام الأخيرة. (عب16: 2). لِيَذْكُرَ رَحْمَةً = الله يذكر رحمته ويذكر مواعيده لإبراهيم. وذكر الرحمة هو أساس الفداء. ونلاحظ في آية (49) أن العذراء تصف الله بالقدير والقدوس، وفي آية (50) تصفه بالرحمة. فالقدير من مراحمه تجسد ليفدينا ويشتت الشياطين ويكسرهم.

العدد 56

آية (لو56: 1): -

"56فَمَكَثَتْ مَرْيَمُ عِنْدَهَا نَحْوَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا.".

الأعداد 57-67

الآيات (لو57: 1 - 67): -

"57 وَأَمَّا أَلِيصَابَاتُ فَتَمَّ زَمَانُهَا لِتَلِدَ، فَوَلَدَتِ ابْنًا. 58 وَسَمِعَ جِيرَانُهَا وَأَقْرِبَاؤُهَا أَنَّ الرَّبَّ عَظَّمَ رَحْمَتَهُ لَهَا، فَفَرِحُوا مَعَهَا. 59 وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ جَاءُوا لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ، وَسَمَّوْهُ بِاسْمِ أَبِيهِ زَكَرِيَّا. 60فَأَجَابَتْ أمُّهُ وَقَالَتْ: «لاَ! بَلْ يُسَمَّى يُوحَنَّا». 61فَقَالُوا لَهَا: «لَيْسَ أَحَدٌ فِي عَشِيرَتِكِ تَسَمَّى بِهذَا الاسْمِ». 62ثُمَّ أَوْمَأُوا إِلَى أَبِيهِ، مَاذَا يُرِيدُ أَنْ يُسَمَّى. 63فَطَلَبَ لَوْحًا وَكَتَبَ قِائِلاً: «اسْمُهُ يُوحَنَّا». فَتَعَجَّبَ الْجَمِيعُ. 64 وَفِي الْحَالِ انْفَتَحَ فَمُهُ وَلِسَانُهُ وَتَكَلَّمَ وَبَارَكَ اللهَ. 65فَوَقَعَ خَوْفٌ عَلَى كُلِّ جِيرَانِهِمْ. وَتُحُدِّثَ بِهذِهِ الأُمُورِ جَمِيعِهَا فِي كُلِّ جِبَالِ الْيَهُودِيَّةِ، 66فَأَوْدَعَهَا جَمِيعُ السَّامِعِينَ فِي قُلُوبِهِمْ قَائِلِينَ: «أَتَرَى مَاذَا يَكُونُ هذَا الصَّبِيُّ؟ » وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ مَعَهُ.".

67 وَامْتَلأَ زَكَرِيَّا أَبُوهُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَتَنَبَّأَ قَائِلاً:

دون اتفاق سابق، اتفق زكريا وأليصابات على اسم يوحنا لوليدهما وكان هذا من الروح القدس الذي قاد كلاهما، ولأن زكريا كان يقوده الروح القدس إنفتح فمه وتكلم لسانه، بل وتنبأ عن المسيح وعن ابنه يوحنا. ولاحظ أنه بقيادة الروح القدس صار لزكريا ولزوجته فكراً واحداً، فأي إنقسام في الكنيسة مصدره أن الروح القدس لا يقود الجميع. ونلاحظ أنه حين نمتلئ من الروح القدس يكون لنا جميعاً الفكر الواحد، ويمتلئ فمنا تسبيحاً وفرحاً، فعلامة الامتلاء من الروح القدس هى التسبيح (اليصابات وزكريا والعذراء المملوءة أصلا) فَتَعَجَّبَ الْجَمِيعُ = بسبب اتفاق الزوجين. ولأن كل أسرة يهودية تستعمل بعض أسماء معينة مأخوذة من أباء هذه الأسرة يطلقونها على أطفالهم لينشأ الطفل متمثلاً بهذه القدوة. واسم يوحنا ليس من الأسماء التي تستعملها عائلة زكريا.

وكانوا عند ختان الطفل وقبل الختان يتلون كلمات البركة على كأس من النبيذ "يا رب إله أبائنا أقم هذا الطفل لأبويه وإجعل إسمه فى إسرائيل زكريا بن زكريا وليفرح به أبواه كما فى (أم23: 25 + حز16: 6 وكلمات أخرى من البركة مأخوذة من الكتاب) ولينمو الطفل ملتزما بالتوراة ومطيعا لوصايا الله".

وعند ختان الطفل فوجئ الحاضرين أن أليصابات قاطعت من يتلو البركة وقالت بل يدعى الطفل يوحنا. وهنا إنفكت عقدة لسان زكريا وأمَّن على كلام زوجته أليصابات بأن يكون إسم الطفل يوحنا.

الأعداد 68-79

الآيات (لو68: 1 - 79): -

"68«مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ، 69 وَأَقَامَ لَنَا قَرْنَ خَلاَصٍ فِي بَيْتِ دَاوُدَ فَتَاهُ. 70كَمَا تَكَلَّمَ بِفَمِ أَنْبِيَائِهِ الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ هُمْ مُنْذُ الدَّهْرِ، 71خَلاَصٍ مِنْ أَعْدَائِنَا وَمِنْ أَيْدِي جَمِيعِ مُبْغِضِينَا. 72لِيَصْنَعَ رَحْمَةً مَعَ آبَائِنَا وَيَذْكُرَ عَهْدَهُ الْمُقَدَّسَ، 73الْقَسَمَ الَّذِي حَلَفَ لإِبْرَاهِيمَ أَبِينَا: 74أَنْ يُعْطِيَنَا إِنَّنَا بِلاَ خَوْفٍ، مُنْقَذِينَ مِنْ أَيْدِي أَعْدَائِنَا، نَعْبُدُهُ 75بِقَدَاسَةٍ وَبِرّ قُدَّامَهُ جَمِيعَ أَيَّامِ حَيَاتِنَا. 76 وَأَنْتَ أَيُّهَا الصَّبِيُّ نَبِيَّ الْعَلِيِّ تُدْعَى، لأَنَّكَ تَتَقَدَّمُ أَمَامَ وَجْهِ الرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ. 77لِتُعْطِيَ شَعْبَهُ مَعْرِفَةَ الْخَلاَصِ بِمَغْفِرَةِ خَطَايَاهُمْ، 78بِأَحْشَاءِ رَحْمَةِ إِلهِنَا الَّتِي بِهَا افْتَقَدَنَا الْمُشْرَقُ مِنَ الْعَلاَءِ. 79لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِي طَرِيقِ السَّلاَمِ».".

نبوة زكريا: زكريا يفتتح العهد الجديد.

وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ = بالروح القدس رأي زكريا خطة الله الخلاصية لشعبه. نعمة الله حولت زكريا المتشكك من صامت لا يتكلم إلى نبي يتنبأ بما يحدث وخطة الله نحو شعبه (فتأديب الله لا بد أن يكون له ثمر إيجابى). قَرْنَ خَلاَصٍ فِي بَيْتِ دَاوُدَ فَتَاهُ = القرن يشير للقوة وللمملكة والسلطان. وهذا إشارة للمسيح الذي سيأتي من بيت داود يصنع خلاصاً بقوة. ويملك على كل مؤمنيه. ويكون هو ملك الملوك. لاحظ أن زكريا لا يتكلم ولا يفرح بابنه المنتظر بل بالمسيح، فهو يتكلم بالروح وهو يفهم أن ابنه مجرد نبي يعد الطريق لهذا المسيا. وهكذا من يعرف المسيح لايفرح بعطاياه بل به هو شخصيا، أما العطية التي حصل عليها فيستخدمها لخدمة المسيح ولمجد اسمه. الْقَسَمَ = (تك16: 22 - 18 + 3: 26 - 4). خَلاَصٍ مِنْ أَعْدَائِنَا... مُبْغِضِينَا = أعدائنا الروحيين (الشيطان / الجسد / العالم) وأعدائنا السياسيين (الرومان..). لِيَصْنَعَ رَحْمَةً مَعَ آبَائِنَا = فالمسيح نزل من قبل الصليب إلى الجحيم لينقذ أبائنا من أسرهم. فهو يذكر عهده المقدس لهم. ونفذه في ملء الزمان. نَعْبُدُهُ بِقَدَاسَةٍ وَبِر = أي نحمل طبيعة جديدة نعيشها كل أيام حياتنا. لِتُعْطِيَ شَعْبَهُ مَعْرِفَةَ الْخَلاَصِ = الخلاص في مفهوم اليهود هو الخلاص من حكم الرومان أما يوحنا فقدم لهم المفهوم الصحيح. وهو أن يتوبوا ويؤمنوا بالمسيح فالخلاص هو الخلاص من سلطان الخطية. بِأَحْشَاءِ رَحْمَةِ إِلهِنَا = ما حصلنا عليه هو من أعمال محبته من نحونا نحن البشر. الْمُشْرَقُ مِنَ الْعَلاَءِ = إشارة إلى (ملا2: 4) شمس البر لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ = المشرق من العلاء هو المسيح شمس البر وهو سيأتي ليضئ لنا. وكان يوحنا سراجاً ينير قبل أن تشرق الشمس (يو35: 5).

العدد 80

آية (لو80: 1): -

"80أَمَّا الصَّبِيُّ فَكَانَ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ، وَكَانَ فِي الْبَرَارِي إِلَى يَوْمِ ظُهُورِهِ لإِسْرَائِيلَ.".

كان زكريا بالروح يعلم أنه لن يرى ابنه حين يكبر. لذلك وجه كلامه إليه ليسجل، ومن شعر بالمسيح في بطن أمِّه غالباً شعر بكلام أبيه الذي يقوله بالروح القدس. ويوحنا ذهب للبرية هرباً من هيرودس حينما شرع في قتل الأطفال.

هذا الإصحاح تقسمه الكنيسة على أربعة آحاد كيهك كإستعداد للميلاد.

الأحد الأول: البشارة بيوحنا.

الأحد الثاني: البشارة بالمسيح.

الأحد الثالث: زيارة العذراء لإليصابات.

الأحد الرابع: تسبحة زكريا للمسيح الذي سيولد.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثاني - تفسير إنجيل لوقا - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير إنجيل لوقا الأصحاح 1
تفاسير إنجيل لوقا الأصحاح 1