الأصحاح الثامن عشر – تفسير إنجيل لوقا – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: انجيل لوقا – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الثامن عشر

مثل الأرملة وقاضي الظلم.

الأعداد 1-8

الآيات (لو1: 18 - 8): -

"1 وَقَالَ لَهُمْ أَيْضًا مَثَلاً فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ، 2قِائِلاً: «كَانَ فِي مَدِينَةٍ قَاضٍ لاَ يَخَافُ اللهَ وَلاَ يَهَابُ إِنْسَانًا. 3 وَكَانَ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ أَرْمَلَةٌ. وَكَانَتْ تَأْتِي إِلَيْهِ قَائِلَةً: أَنْصِفْنِي مِنْ خَصْمِي!. 4 وَكَانَ لاَ يَشَاءُ إِلَى زَمَانٍ. وَلكِنْ بَعْدَ ذلِكَ قَالَ فِي نَفْسِهِ: وَإِنْ كُنْتُ لاَ أَخَافُ اللهَ وَلاَ أَهَابُ إِنْسَانًا، 5فَإِنِّي لأَجْلِ أَنَّ هذِهِ الأَرْمَلَةَ تُزْعِجُنِي، أُنْصِفُهَا، لِئَلاَّ تَأْتِيَ دَائِمًا فَتَقْمَعَنِي! ». 6 وَقَالَ الرَّبُّ: «اسْمَعُوا مَا يَقُولُ قَاضِي الظُّلْمِ. 7أَفَلاَ يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ، الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ نَهَارًا وَلَيْلاً، وَهُوَ مُتَمَهِّلٌ عَلَيْهِمْ؟ 8أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُنْصِفُهُمْ سَرِيعًا! وَلكِنْ مَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ، أَلَعَلَّهُ يَجِدُ الإِيمَانَ عَلَى الأَرْضِ؟ ».".

بعد أن أعطى السيد علامات مجيئه الثاني، وأن هناك ضيق شديد سيصاحب هذه الأيام. نجده هنا يشرح الطريق الذي ينبغي أن نسلكه حتى نحيا السمائيات على الأرض. وهذا الطريق هو الصلاة بلا ملل ليكون لنا صلة بالله = ينبغي أن يُصلَّى في كل حين ولا يُمَلَّ = هذا هو السهر المطلوب. ما معنى الصلاة كل حين؟ وما معنى صلوا بلا إنقطاع (1تس17: 5)؟ لاحظ فهناك 7صلوات أجبية، وعند الشروع في عمل يجب أن نصلي، في أوقات الفرح أو في أوقات الحزن يجب أن نصلي، في الضيق أو التجارب، في الشكوك أو الإضطهادات يجب أن نلجأ لله. هناك من يردد صلاة يسوع بقلبه بعد أن بدأ بلسانه، وهناك من يردد مزاميره متأملاً فيها. هذه الصلة وهذا الإتصال بالله يحمينا من كل محاولات إبليس ضدنا. إبليس إن وَجَدَ إنساناً في حالة صلاة لا يستطيع معه شئ. والصلاة هي التي تعطينا تعزية وقت الضيق، وتعطينا ثباتاً وقت الفرح، حتى لا ننجرف وراء أهوائنا وننسى الله.

أرملة = أي في حالة ضعف فقد فقدت سندها وأضحت عرضة للجور والمعنى أن نصلي ونحن شاعرين بضعف حالنا وأنه لا قوة لنا ولا سند سوى الله. وإن كان القاضي الظالم قد إستجاب لها فكم بالأولى الله القاضي العادل أبي الأنوار، ولكن لنتعلم من هذه الأرملة إصرارها في الطلب ولجاجتها.

إنصفني من خصمي = خصمها هو إبليس وشهوات جسدنا والعالم (رو23: 7). والله سينصفنا ويجعلنا ندوسه لو كنا في حالة صلة مع الله مستمرة بالصلاة. فتقمعني = هي نفس كلمة "أقمع جسدي وأستعبده" (1كو27: 9). والقمع هو الضرب بقبضة اليد تحت العين. والصورة إستعارية تشبيهية بطبيعة الحال، وكأنما القاضي يقول لئلاَّ تأتي علىًّ بتوسلاتها مرة بعد مرة، وهذا بالنسبة له كأنه قمع.

وهو متمهل عليهم.. ينصفهم سريعاً = متمهل عكس سريعاً. ولكن هذا بالمفهوم البشري الزمني. فالإنسان إذ يريد حل مشكلته الآن، يريد حلها الآن وليس بعد ساعة. والله يتمنى أن يستجيب فورا ليفرح أولاده بإستجابته، لكن هناك وقت مناسب لكل شئ، لذلك فالله يستجيب في الوقت الذى يراه أنه الوقت المناسب. لذلك يتصور الإنسان أن الله متمهل إذ يطيل أناته، ولكن الله إستجاب الصلاة منذ بدايتها. الله لا زمني، وهو أصدر أحكامه أزلياً وحكمه ثابت. فلنصلي والإستجابة ستأتي ولكنها ستأتي في الوقت المناسب، وحتى تأتي الإستجابة يملأنا الله عزاء وسلاماً وراحة حتى وإن لم تحل المشكلة زمنياً. الله يستجيب في الوقت الذي يراه مناسباً (2بط9: 3 + 2بط15: 3). وقد يتركنا فترة نتنقى فيها كالذهب في البوتقة وحوله النيران، وهو يستجيب حين نتنقي وليس قبل ذلك. والمسيح هنا يكشف عن أهمية الإلحاح في الصلاة، ليس لأن الله قاضي ظالم لا يسمع من أول مرة، ولكن [1] حتى نتعزى فنصبر [2] لكي نتنقى من حب الخطية الذي كان مغروساً فينا [3] الله يستجيب في الوقت المناسب، ونحن محتاجين للصلاة لنشعر بوجود الله جانبنا [4] مسرة الله أن يسمع إلحاح شعبه وهذا يعلن عن إيمانهم. فهم يصلون بثقة ودليل ذلك إلحاحهم وهذا دليل على إيمانهم. ولكن الإيمان معرض لأن ينطفئ. وكثرة الصلاة تقوي الإيمان. فلكي لا يضعف الإيمان وقت التجربة علينا أن نصلي بلا ملل "إسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة" (لو46: 22) والتجربة هنا هي ترك الإيمان + (لو31: 22 - 32) [5] في الوقت المناسب يعطينا الله أكثر مما طلبنا وأكثر ممّا نظن أو نفتكر أو نطلب (أف20: 3). ولكن ضعف المحبة لله تجعلنا نتشكك في إستجابة الله لنا. [6] الله يطيل أناته علينا، لأنه كلما نطيل صلواتنا، فنحن نقف أمام الله وقتاً أطول فيه يتم إصلاح الداخل والشفاء الداخلي ونشعر بضعفنا وإحتياجنا لله، وأن الله إله قدير يعطيني ما هو خير لنفسي فيمتلئ القلب سلاماً حتى في وسط التجربة. وتتحول الصلاة من الشكوى إلى التسبيح ومن الصلاة بإحساس بالألم إلى صلاة فيها دالة.

لاحظ أن السيد قال هذا بعد أن أعلن عن علامات مجيئه، وأن الخطايا ستزداد على الأرض "لكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين" (مت12: 24).

وهنا يقول متى جاء إبن الإنسان ألعله يجد الإيمان على الأرض لذلك يوصي السيد بأن نصلي دائماً بلا ملل فالأعداء كثيرين فهناك أعداء خارجيين وشياطين، وأضداد للمسيح كثيرين، وهناك في داخلنا شهواتنا وخطايانا. والسيد يعلن أن من يسقط هم كثيرين وهؤلاء ستبرد محبتهم، حتى يكاد الإيمان أن يختفي.. إذاً فلنصلي ولنذكر أن الله يستجيب دائماً لصلوات أولاده ولكن هناك ثلاث طرق للإستجابة: [1] يستجيب فوراً [2] يستجيب بعد وقت وفي الوقت المناسب [3] لا يستجيب لطلبتنا فهي ليست في صالحنا (كما رفض طلبة بولس حينما طلب الشفاء).

حينما تواجهنا مشكلة إماّ أن [1] نصلي فتنفتح الأعين ونعرف الله فيزداد الإيمان. [2] نلجأ للملذات العالمية الحسية حتى ننسى المشكلة (وهذه هي اللغة الحالية) ولأن إجتماعات الصلاة إختفت ولجأ الإنسان للملذات الحسية ينسي بها مشاكله قال السيد المسيح أنه لن يجد الإيمان على الأرض.

ما بين مثلى صديق نصف الليل (لو11: 5) وقاضى الظلم هنا قرابة، فكلاهما يتكلم عن الإلحاح فى الصلاة والطلب. ولكن هناك فارق مهم بينهما. فمثل صديق نصف الليل يحدثنا عن إنسان يُلِّح فى طلبه لأن له إحتياج. أما مثل قاضى الظلم فيشير لإستعدادنا الدائم وإستعداد الكنيسة كلها وسط ضيقات هذا العالم بالصلاة، حتى المجئ الثانى للمسيح. مثل قاضى الظلم يحدثنا عن الصلاة واللجاجة وعدم إستجابة الله الفورية والإستجابة فى النهاية. ولاحظ المناسبة التى قيل فيها المثل، فالمثل جاء بعد أن أجاب الرب على سؤال الفريسيين "متى يأتى ملكوت الله" (لو17: 20) ثم تعليمه لتلاميذه بأن يصلوا كل حين بلا ملل (لو18: 1). وختم الرب المثل بكلامه عن نهاية الزمان ومجيئه الثانى وقال "متى جاء إبن الإنسان، ألعله يجد الإيمان على الأرض" (لو18: 8).

الله لا يستجيب للكنيسة وسط ضيقات العالم وإضطهاده لها بسبب لجاجتها فى الصلاة، وكأن الله يستجيب للأرملة فقط بسبب لجاجتها. أو كأن الله لا يسمع لنا إن لم نلح فى الطلب وهذا خطأ. والصحيح أن الله يستجيب للمرأة بسبب أن قضيتها عادلة (المرأة هنا تمثل الكنيسة ونفهم هذا بما قاله الرب وأنهى به مثل قاضى الظلم متى جاء إبن الإنسان، ألعله يجد الإيمان على الأرض). لجاجة الكنيسة ليست السبب فى الإستجابة، ولكن ثقتها فى عدالة طلبها يجعلها تستمر فى الصلاة، حتى بالرغم من أن كل الظروف المحيطة تدعو لليأس، بل أن الله يتأخر فى الإستجابة. ويجب أن نثق أنه إن كان قاضى الظلم إستجاب فكم بالحرى الله الذى يحفظنا فى قلبه نحن خاصته، وهو القاضى العادل الذى من المؤكد أنه يستجيب حتى لو تأخرت الإستجابة. والقاضى العادل لن يغير قراره مخلوق أيا كان. إذاً الصلاة والإستمرار فيها بلا فتور هى لنا وليست لتغيير قرار الله. الصلاة هى إعداد لنا لملكوت الله. لذلك بدأ الرب كلامه مع تلاميذه فى (18: 1) أنه ينبغى أن يُصَلَّى كل حين، وهنا نرى الفرق بين مثلى قاضى الظلم حيث يطلب الرب منا أن نصلى كل حين، وصديق نصف الليل الذى يطلب الرب فيه أن نصلى بلجاجة عندما يكون لنا حاجة. الله يريد من الكنيسة أن لا تكف عن الصلاة حتى لو تأخر فى إستجابته، ومهما تأخر مجيئه الثانى ليأخذنا إلى المجد. والرب يتأخر فى مجيئه ليكمل عدد الكنيسة. الرب يريدنا أن نتشبه بهذه المرأة التى كانت تأتى بإستمرار وربما كل يوم مرات ومرات. إذاً الصلاة ليست ليستجيب الله بل لنكون نحن كاملين ومستعدين. وإذا حدث ولم تستمع الكنيسة لهذه النصيحة من رب المجد وتستمر فى الصلاة فالنتيجة التى رآها رب المجد مقدماً بجد محزنة "ألعله يجد الإيمان على الأرض" فالمقاومين وأعداء الكنيسة كثيرين وأشداء ولا يكفوا عن الهجوم على الكنيسة. وإن إمتنعنا عن الصلاة بروح اليأس نضعف وتفتر محبتنا والنتيجة المحزنة أن ينتهى الإيمان من الأرض بعد كل ما عمله المسيح. أما الصلاة فهى دعامتنا وسط هذه الحروب وبها نثبت، بل تكون هذه الحروب وثباتنا فيها سببا لإنتشار الإيمان كما حدث فى الكنيسة الأولى.

وهناك سؤال يبدو أنه منطقى - لماذا يضرب الرب مثلا لقاضى ظالم ليشير لإستجابته لنا؟ أو كيف يكون مثل قاضى الظلم صالح لتوضيح حقيقة عدل الله؟ فى الحقيقة يجب أن نفهم أن هذا أسلوب عبرانى فى الكلام - ولاحظ أسلوب المثل "فإنى لأجل أن هذه المرأة تزعجنى، أنصفها -" أفلا ينصف الله مختاريه ". وهذا أسلوب عبرانى شائع تجده على كل صفحة من كتابات الربيين اليهود، ويسمونه الخفيف والثقيل، أو من الأصغر إلى الأكبر. مثال" إذا كان الخاطئ أخذ كذا أفلا يحصل البار على أكثر ". وإستخدم هذا فى الناموس 10 مرات (مثلا تك42: 8 | خر6: 9، 12 + عد12: 14..). فيكون معنى المثل إن كان القاضى الظالم قد أنصف الأرملة، أفلا ينصف المسيح القاضى العادل كنيسته التى أحبها. وهنا يشبه الكنيسة بأرملة، إذ هكذا تبدو لمن يضطهدونها ويظلمونها فى هذ العالم. [وعلى الكنيسة أن تلجأ لله بالصلاة المستمرة وفى إلتصاقها بالله تجد القوة فتتشدد وتثبت.].

القاضى الظالم: - هناك نوعين من القضاة عند اليهود. القضاة الرسميين اليهود، وقضاة محليين للتحكيم فى المنازعات يعينهم هيرودس أو الرومان لحل المنازعات البسيطة. وهؤلاء كانوا لمنع الجرائم. وهؤلاء هاجمهم التلمود ووصفهم بالجهل والطمع وأنهم يحرفون حكمهم بسبب وليمة لحم. وبينما كان القضاة الرسميين لهم أيام ومواعيد للحكم فى القضايا ولا يتقاضون مرتبات بل يعملون كمتبرعين، كان عمل هؤلاء القضاة المحليين مستمر طول الوقت ولا يعملون عملا آخر وبالتالى كانوا يتقاضون أجورا عالية من خزانة الهيكل. ولذلك كرههم اليهود وتلاعبوا بالألفاظ فأطلقوا عليهم "قضاة السرقة" بدلا من "قضاة المنع أو قضاة العقوبة" والتلاعب فى حرف واحد. ومثل الرب يسوع عن قاضى الظلم كان يقصد به واحد من هؤلاء.

هذه الأرملة تزعجنى = هذا نفهمه من أن المرأة تذهب إليه وتقرع بابه لينصفها ليلا ونهارا، وهذا يفسره أنه ليس من القضاة الرسميين الذين لهم مواعيد محددة، بل هو من القضاة المحليين، وهؤلاء يمكن أن تذهب لهم أى وقت طوال اليوم. وهذا ما يريده منا الرب يسوع، أن لا نكف عن الصلاة فلا ننهار أمام ضيقات وإضطهاد هذا العالم.

الفريسي والعشار.

الأعداد 9-14

الآيات (لو9: 18 - 14): -

"9 وَقَالَ لِقَوْمٍ وَاثِقِينَ بِأَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ، وَيَحْتَقِرُونَ الآخَرِينَ هذَا الْمَثَلَ: 10«إِنْسَانَانِ صَعِدَا إِلَى الْهَيْكَلِ لِيُصَلِّيَا، وَاحِدٌ فَرِّيسِيٌّ وَالآخَرُ عَشَّارٌ. 11أَمَّا الْفَرِّيسِيُّ فَوَقَفَ يُصَلِّي فِي نَفْسِهِ هكَذَا: اَللّهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ الْخَاطِفِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاةِ، وَلاَ مِثْلَ هذَا الْعَشَّارِ. 12أَصُومُ مَرَّتَيْنِ فِي الأُسْبُوعِ، وَأُعَشِّرُ كُلَّ مَا أَقْتَنِيهِ. 13 وَأَمَّا الْعَشَّارُ فَوَقَفَ مِنْ بَعِيدٍ، لاَ يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قَائِلاً: اللّهُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ. 14أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّرًا دُونَ ذَاكَ، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ، وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ».".

فيما سبق رأينا الصلاة بلا إنقطاع لنحيا في السماء، وهنا نرى كيف نتحول إلى السماء. وذلك بأن يسكن الله في داخلي كيف؟ وذلك بالإنسحاق فالله يسكن عند المنسحق (إش15: 57).

في الآيات السابقة رأينا أهمية الصلاة بلا ملل وبلجاجة، وهنا نرى شرطاً آخر لتكون صلواتنا مقبولة، وهو أن نصلي ونحن شاعرين أننا لا نستحق شيئاً، نشعر بخطايانا أنها السبب في أننا لا نستحق شيئاً. الشعور بأننا خطاة لا نستحق شيئاً، ونقف لا نطلب شئ سوى مراحم الله "اللهم إرحمني أنا الخاطئ" هو الطريق المقبول للحصول على مراحم الله. وهذا هو نفس الدرس الذي أخذناه من قصة المرأة الخاطئة التي بللت قدمي السيد بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها فهي قد حصلت على الخلاص وعلى غفران خطاياها بينما لم يحصل الفريسي الذي إستضاف الرب في بيته عليهما، فمن يقترب من المسيح شاعراً بإحتياجه للمسيح ليغفر ويرحم، شاعراً بخطاياه التي تجعله غير مستحق لشئ، صارخاً طالباً الرحمة، فهذا يخلص (لو36: 7 - 50) ومن صلاة هذا العشار تعلمت الكنيسة صلاة يسوع التي نرددها "يا ربي يسوع المسيح إرحمني أنا الخاطئ" وأيضاً في كل صلوات الكنيسة نردد صلاة "يا رب إرحم". نرى في هذا المثل أن كل من يتكل على بره يسقط ومن يتكل على بر المسيح شاعراً بخطاياه يتبرر = إِنَّ هذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّرًا دُونَ ذَاكَ. ولاحظ أن كل من يتكل على بره يرى في نفسه كل الحسنات ولا يرى في غيره سوى السيئات (رؤ17: 3 - 19).

علينا أن نحمل روح الإتضاع فينا، أي [1] نشعر بأننا لا شئ بسبب خطايانا [2] نشعر بأننا بالمسيح فقط تغفر خطايانا فنشكره ونسبحه العمر كله. ولاحظ قبول العشار مع أنه خاطئ ولكنه متضع شاعر بخطيته، وعدم قبول الفريسي مع أنه يدفع عشوره ويصوم مرتين (كان الفريسيون يصومون يومي الإثنين والخميس). لقد إنتزعت من العشار شروره، إذ إنتزعت عنه أم كل الشرور، أي المجد الباطل والكبرياء. فالمتكبر يسهل وقوعه في إدانة الآخرين بل في أي خطية. ونلاحظ أن صلاة الفريسي كانت تدور حول محور واحد وهو الذات. فكانت صلاته عن نفسه وعنها وإليها فكلمة أنا هي محور صلاته، حتى شكره لله كان تهنئة لنفسه على بره وأنه أفضل من الآخرين. فلننظر لأنفسنا أننا آخر الكل ولو كنا قد بلغنا قمة الفضيلة. فالكبرياء قادر أن يسقط حتى السمائيين، بينما أن الإتضاع يرفع من هاوية الخطايا. ولاحظ أنه ربما كان الفريسي حين صلَّى كان محقاً فيما قاله وأنه لم يكذب، ولكن الله لا يريد أن نذكره بفضائلنا فهو يعرفها بل لنذكر له خطايانا لكي يرحمنا. لاحظ قول الرب لملاك كنيسة أفسس "أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك.." (رؤ2: 2 - 3) أي لا داعي أن تذكرني بأعمالك فأنا أعرفها. لا داعي أن نقف أمام الله ونضع الأكاليل على رؤوسنا، بل ننتظر الحكم من الله، بل نردد مع داود "خطيتي أمامي في كل حين" ومن يذكر خطاياه ويتضع ينساها له الله.

عموماً ما يجعل الإنسان ينساق وراء فكر الكبرياء، هو أن تكون له مواهب كثيرة ولكن فلنفكر هكذا [1] كل عطية صالحة هي من عند الله (يع17: 1) إذاً فلنشكر على ما عندنا فهو ليس من عندياتنا [2] كل المواهب التي لي هي وزنات، وبقدر ما عندي من مواهب ووزنات كثيرة، فأنا مطالب بأكثر من غيرى من أصحاب المواهب القليلة. فلنطلب الرحمة إذا إكتشفنا أن لنا مواهب كثيرة.

الفريسى والعشار: - بينما نجد فى المثل السابق قاضٍ ظالم غير بار، نجد هنا نوع آخر من المرفوضين من الله هو هذا الفريسى الذى يشعر بالبر الذاتى فى كبرياء، يشعر أنه فى عزلة عن الناس الأشرار مثل هؤلاء العشارين، بل هو يحتقرهم (فريسى تعنى معزول مفروز عن الناس). الفريسى والعشار الذين دخلوا من باب واحد إلى الهيكل يمثلون النقيضين من المجتمع اليهودى من الناحية الدينية. الفريسيين الشاعرين بنقاوتهم فهم لا يأكلون إلا مما دفعوا عشوره، ولا يأكلون مع هؤلاء الرعاع الخطاة إذ أنهم لم يهتموا بدفع عشورهم. ويشكرون الله أنه جعلهم لا يأكلون مع هؤلاء الذين لا يدفعون عشورهم بل عزلوا أنفسهم عنهم. والنقيض الآخر هم الذين يشعرون بخطاياهم ويقفون أيضا بمعزل إذ أنهم يشعرون بأنهم غير مستحقين للوقوف مع باقى المصلين الأبرار. وبينما يصلى الفريسى صلاة شكر لأنه ليس من الخطاة مثل العشار لا يطلب العشار سوى رحمة الله إذ أنه غير مستحق لطلب أى شئ آخر. لاحظ أن الفريسى لا يشكر الله على ما أعطاه له، لكن يشكر الله على أنه ليس خاطئا مثل العشار الذى يصلى بجانبه. وأن هذا العشار يخطئ فى كذا وكذا. ويشكر الله على أنه عزله عن أمثال هؤلاء الخطاة. وهذه ليست صلاة شكر بل هى كبرياء وإنتفاخ باطل وإحتقار لباقى الناس. والمثل الذى قاله الرب هنا عن الفريسيين ليس بعيدا عما كان يحدث فعلا. فمن أمثلة صلوات الفريسيين المسجلة: - * من الصلوات الصباحية "أشكرك يا رب ملك العالم لأنك لم تجعلنى أممى (وثنى) ولا عبد ولا إمرأة". * أشكرك يا رب يا إلهى أنك جعلتنى أجلس مع هؤلاء الجالسين فى الأكاديمية (أى المتعلمين الناموس، فغير المتعلمين هم رعاع لا يمكن أن يكونوا أتقياء) ولست مثل هؤلاء الجالسين فى زوايا الشوارع يجمعون الأموال ويتاجرون. فأنا أستيقظ مبكرا وهم يستيقظون مبكرا، ولكن أنا أستيقظ وأذهب لدراسة كلمة الله، أما هم فيذهبون إلى أشياء باطلة. أنا أعمل وهم يعملون، لكن أنا أعمل لأجل المكافأة أما هم فلا مكافأة لهم. أنا أجرى وهم يجرون، لكن أنا أجرى لأحصل على الحياة الأبدية لكن هم يجرون إلى حفرة الهلاك. * أشكرك أيها الرب إلهى لأنك لم تخلقنى فى المدن الكبيرة مثل روما التى يعيش سكانها على السرقة والنجاسة والباطل والحلف بالكذب.

أما العشار فوقف ناظرا للأرض شاعرا بعدم الإستحقاق أن يقف مع شعب الله، لا يطلب سوى الرحمة، شاعرا أنه وحده الخاطئ أما بقية الناس حوله هم أبرار [هكذا شعر بولس الرسول فقال "الخطاة الذين أولهم أنا" أما قبل المسيحية يقول بولس الرسول "من جهة الناموس فريسى... من جهة البر الذى فى الناموس بلا لوم"]. وأخذ العشار ما طلبه أى مراحم الله. أما الفريسى لم يحصل عليها فهو لم يطلبها إذ يشعر أنه غير محتاج إليها لأنه بار. [لاحظ صلوات كنيستنا القبطية والتركيز على صلاة يا رب إرحم - كيريى لايسون].

المسيح يبارك الأولاد.

الأعداد 15-17

الآيات (لو 15: 18 - 17): -

"15فَقَدَّمُوا إِلَيْهِ الأَطْفَالَ أَيْضًا لِيَلْمِسَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمُ التَّلاَمِيذُ انْتَهَرُوهُمْ. 16أَمَّا يَسُوعُ فَدَعَاهُمْ وَقَالَ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ، لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللهِ. 17اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ»".

الآيات (مت 13: 19 - 15): -.

"13حِينَئِذٍ قُدِّمَ إِلَيْهِ أَوْلاَدٌ لِكَيْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَيُصَلِّيَ، فَانْتَهَرَهُمُ التَّلاَمِيذُ. 14أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ». 15فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ، وَمَضَى مِنْ هُنَاكَ.".

الآيات (مر 13: 10 - 16): -.

"13 وَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَوْلاَدًا لِكَيْ يَلْمِسَهُمْ. وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ فَانْتَهَرُوا الَّذِينَ قَدَّمُوهُمْ. 14فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ ذلِكَ اغْتَاظَ وَقَالَ لَهُمْ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ، لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللهِ. 15اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ». 16فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ.".

راجع تفسير (مت 1: 18 - 6) بعض الأباء قدموا أطفالهم للسيد ليباركهم، أما التلاميذ فإنتهروا الأطفال بحسب المفهوم اليهودى الذى يحتقر الأطفال (فلا يصح أن يوجدوا فى حضرة المسيح). ولكننا نجد هنا السيد يحنو على الأطفال كما يحنو على كل ضعيف. ومن يقبل للرب فى بساطة الأطفال يحتضنه الرب كما إحتضن هؤلاء الأطفال (مر16: 10) ويباركه. وباركهم = الكلمة اليونانية تعنى باركهم بشدة مرة ومرات.

ومتى ذكر هذه القصة عن بركة المسيح للأطفال، فالطفل لا يشتهي وبهذا فمن يحيا مثل من ذكرهم السيد "خصوا أنفسهم" فهو كالأطفال. وبهذا يباركه المسيح، فهذه القصة تطبيق على ما سبق، وهي أيضاً تطبيق على ما سيأتي عن الشاب الذي يبيع أمواله فالطفل لا يتعلق بأموال.

الشاب الغنى.

الأعداد 18-27

الآيات (لو18: 18 - 27): -

"18 وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ قِائِلاً: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟ » 19فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. 20أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ». 21فَقَالَ: «هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي». 22فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ ذلِكَ قَالَ لَهُ: «يُعْوِزُكَ أَيْضًا شَيْءٌ: بعْ كُلَّ مَا لَكَ وَوَزِّعْ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». 23فَلَمَّا سَمِعَ ذلِكَ حَزِنَ، لأَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا جِدًّا. 24فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ قَدْ حَزِنَ، قَالَ: «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ! 25لأَنَّ دُخُولَ جَمَل مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ! ». 26فَقَالَ الَّذِينَ سَمِعُوا: «فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟ » 27فَقَالَ: «غَيْرُ الْمُسْتَطَاعِ عِنْدَ النَّاسِ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ».".

الآيات (مت 16: 19 - 26): -.

"16 وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟ » 17فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا تَدْعُوني صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. وَلكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا». 18قَالَ لَهُ: «أَيَّةَ الْوَصَايَا؟ » فَقَالَ يَسُوعُ: «لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. 19أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». 20قَالَ لَهُ الشَّابُّ: «هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي. فَمَاذَا يُعْوِزُني بَعْدُ؟ » 21قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». 22فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ الْكَلِمَةَ مَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَال كَثِيرَةٍ. 23فَقَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَعْسُرُ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ! 24 وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضًا: إِنَّ مُرُورَ جَمَل مِنْ ثَقْب إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ! ». 25فَلَمَّا سَمِعَ تَلاَمِيذُهُ بُهِتُوا جِدًّا قَائِلِينَ: «إِذًا مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟ » 26فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «هذَا عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ عِنْدَ اللهِ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ».".

الآيات (مر17: 10 - 27): -.

"17 وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ إِلَى الطَّرِيقِ، رَكَضَ وَاحِدٌ وَجَثَا لَهُ وَسَأَلَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟ » 18فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. 19أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. لاَ تَسْلُبْ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ». 20فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي». 21فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ، وَقَالَ لَهُ: «يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ: اِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ». 22فَاغْتَمَّ عَلَى الْقَوْلِ وَمَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَال كَثِيرَةٍ. 23فَنَظَرَ يَسُوعُ حَوْلَهُ وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ! » 24فَتَحَيَّرَ التَّلاَمِيذُ مِنْ كَلاَمِهِ. فَأَجَابَ يَسُوعُ أَيْضًا وَقَالَ لَهُمْ: «يَا بَنِيَّ، مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ! 25مُرُورُ جَمَل مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ» 26فَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟ » 27فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللهِ، لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ».".

هذه القصة مرتبطة بما سبق، فما سبق أن الرجوع لبساطة الطفولة هو شرط لدخول الملكوت، وتحدثنا هذه القصة عن الشرط الثانى وهو عدم الإعتماد على أي شىء أو أي أحد سوى الله.

ومن لوقا نفهم أن هذا الشاب كان رئيس أى رئيس مجمع لليهود أو عضو فى السنهدريم لكنه كان صادقاً فى سؤاله للمسيح لذلك أحبه يسوع (مر10: 21). وقيل عنه ركض وجثا إذاً هو مهتم ويحترم المسيح. وهو متواضع وليس كالفريسيين المنتفخين ببرهم الذاتى. وليس كباقى الفريسيين المتكبرين الذين يريدون إظهار معلوماتهم فيدخلوا فى مناقشات وحوارات الربيين العقيمة مثل "من هو قريبى". لكننا نجد أن هذا الشاب لم يتلوث بنجاسات العالم وله إشتهاء فعلى للنمو الروحى ومعرفة الحق والأفضل. والرب بدأ معه أولا بالخطوة الأولى أى الإلتزام بالوصايا، وهذه يسهل كسرها. ويصعد به للدرجة الأعلى وهى أنه يوقظ الضمير تجاه الخطية. ونجده يقول للمسيح حفظت الوصايا من صغرى "فماذا يعوزنى بعد" (متى). ووُجِد هذا السؤال يتكرر للربيين من تلاميذهم وتكون إجابتهم ملاحظة الناموس "لا يوجد شئ أفضل من الناموس". أما المسيح هنا فنجده يجذب لشئ آخر وهو سحب القلب تجاهه والتلمذة له.

ولكن هذا الشاب كان غنيا. وفى حالة شاب صغير يكون هذا المال سببا فى إنجذاب القلب بعيدا عن التقوى الحقيقية. وهو سمع عن المسيح ولأنه باحث عن الحق والعمق ذهب للمسيح فى خشوع ساجدا وليس كالفريسيين المتكبرين ولذلك نظر إليه الرب وأحبه وعرف نقطة ضعفه. فهو ليرتفع روحيا عليه أن يترك كل شئ ويتبع المسيح ويتتلمذ عليه ويكتشف مع بطرس معنى "إلى من نذهب؟ كلام الحياة الأبدية عندك" (يو6: 68). إذاً عليه أن يترك كل شئ يمنعه عن الإلتصاق بالمسيح، وماذا يمنع هذا الشاب الغنى سوى أمواله؟ إذاً عليه أن يعطيها للفقراء ويضيع ثروته الأرضية فيكون له كنزا سماويا. ولكل منا شئ قلبه معلق به فى هذه الأرض ليس بالضرورة أن يكون المال، وعلينا أن نتخلى.

عنه لنلتصق بالمسيح فتكون لنا الحياة السماوية. أما تعليم الربيين فهم إكتفوا بالصدقة للفقراء وكانت ممتزجة بالنفخة والكبرياء.

المسيح لا يطلب منا أن نبيع كل شئ بتطبيق حرفى ولكن أن لا يكون هناك ما نحبه ونتعلق به فى هذا العالم أكثر منه، "من أحب أبا أو أما... أكثر منى لا يستحقنى" (مت10: 37). فما نحبه أكثر من المسيح يعطلنا عن الكمال. وهذا ما إكتشفه القديس بولس الذى وجد كل شئ فى العالم نفاية حينما عرف الرب يسوع (راجع تفسير فى7). لكن طالما كانت هناك فى نظرنا أشياء نتعلق بها ونحبها أكثر من المسيح فنحن ما زلنا بعد لم نكتشف من هو المسيح.

أيها المعلم الصالح.. لماذا تدعونى صالحاً.. ليس صالح إلاّ واحد وهو الله المسيح لم يقل له لا تدعونى صالحاً، والمسيح قال عن نفسه، أنا هو الراعى الصالح (يو11: 10). ولكن المسيح أراد ألاّ يكلمه الشاب بلا فهم كما إعتادوا أن يكلموا معلمى اليهود، إذ يطلقون عليهم ألقاب لا تطلق إلاّ على الله وحده والمسيح لا ينخدع بالألقاب التى تقال باللسان، بل هو يطلب إيمان هذا الشاب القلبى بأنه هو الله، وانه هو الصالح وحده "من منكم يبكتنى على خطية (يو 46: 8). والمسيح كان يقود الشاب خطوة خطوة. وكانت الخطوة الأولى أن يقوده للإيمان به، أنه هو الله، فبدون الإيمان لا يمكن فعلاً حفظ وصايا الناموس وبالتالى لا يمكن له أن يرث الحياة الأبدية. وإذا آمن هذا الشاب لأمكنه حفظ الوصايا. فكيف يصير كاملاً؟ الخطوة التالية هى التخلى عن الثقة فيما نملكه وأن نضع كل ثقتنا فى المسيح هذا هو المعنى المطلوب لقول السيد أذهب بع أملاكك... والسيد بنفسه فى (مر 24: 10) فسر ما يعنيه بالقول السابق حين قال = ما أعسر دخول المتكلين على الأموال إلى ملكوت الله = فالبيع معناه أن أفقد إهتمامى بالشىء ولا أعود أعتمد عليه أو أضع فيه ثقتى = إتبعنى وبهذا المفهوم يستطيع الغنى أن يعطى للفقراء وللمحتاجين من ثروته دون خوف من المستقبل، فالله يدبر المستقبل، ولا يخاف مثلاً أن تضيع ثروته، فالله هو ضمان المستقبل، وليس الثروة. والسيد فى إجابته لم يقل أن الأغنياء لن يدخلوا إلى ملكوت السموات بل سيدخلوا إن هم قبلوا الدخول من الباب الضيق = مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غنى إلى ملكوت الله = ثقب الإبرة هو باب صغير داخل باب سور أورشليم الكبير. فهم تعودوا على إغلاق أبواب أورشليم قبل الغروب، وحينما تأتى قافلة متأخرة لا يفتحون الباب الرئيسى، بل باب صغير فى الباب الرئيسى. والجمل لا يستطيع أن يدخل من هذا الباب الصغير (ويسمى ثقب الإبرة) إلاّ بعد أن يناخ على ركبتيه (يركع على ركبتيه) وتُنْزَلْ كل حمولته ويُجَّرْ ويُدْفَعْ للداخل. وهكذا الغنى لا يدخل ملكوت السموات إلاّ لو تواضع وشعر أن كل أمواله هى بلا قيمة. وتدفعه النعمة دفعا، هذا معنى أنه عند الله كل شىء مستطاع = فالنعمة تفرغ قلب الغنى من حب أمواله وتلهب قلبه بحب الكنز السماوى. راجع (1تى 17: 6 - 19). ومعنى الكلام أن الأغنياء يمكنهم ان يدخلوا الملكوت لو قبلوا الدخول من الباب الضيق والنعمة تعين من يريد. والمسيح بإجابته ليس أحد صالح يوجه الكل إلى عدم الرغبة فى محبة أى كرامة أو ألقاب مبالغ فيها، وأن ننسب كل كرامة لله لا لأنفسنا. وبقوله إذهب وبع كل أملاكك = هو قد لمس نقطة ضعف هذا الشاب أولا وهى محبته للأموال.

الله ليس ضد الأغنياء فهو جعل سليمان الملك غنياً جداً وإبراهيم وإسحق ويعقوب وأيوب كانوا من الأغنياء. لكن المهم عند الرب هو أن لا يعتمد أحد أو يضع ثقته فى أمواله.

مضى الشاب حزيناً = فالطبيعة البشرية بحكم التصاقها الشديد بمغريات هذا العالم، من العسير عليها جداً أن تترك العالم بإختيارها الطبيعي وتلتحق بالله والروحيات، ولكن بمساعدة نعمة الله تستطيع. هذا الشاب اراد أن يجمع بين حبه لله وحبه للمال ولكن محبة المال هى عداوة لله وأصل لكل الشرور (1تى 9: 6 - 10). والعبادة يجب ان تكون لله وحده. وطالما هذا الشاب معلق بحب المال بهذه الصورة، فيستحيل عليه أن يحفظ الوصايا تماماً.

والعجيب أن الله يفيض من البركات الزمنية مع البركات الروحية لمن ترك محبة العالم بإرادته (مت 29: 19). وهذا ما حدث مع بطرس وباقى التلاميذ، فقد تركوا شباكاً ومهنة صيد وحصلوا على محبة الناس فى كل مكان وزمان وعلى أمجاد أبدية.

ولاحظ فى (مر19: 10) أن السيد يضع من ضمن الوصايا لا تسلب فالرب غير مقيد بحرفية الوصية، بل هو يشرح روح الوصية، والوصية العاشرة تتكلم عن لا تشته بيت قريبك ولا إمرأته ولا عبده.. والأغنياء والحكام والرؤساء ومنهم هذا الشاب معرضون بحكم قوتهم ومركزهم أنهم إذا إشتهوا ما لقريبهم أو جارهم يأخذوه منه عنوة أى يسلبوه، وهم أيضاً ينهبون أجر الفعلة (يع 4: 5) (راجع قصة أخاب ونابوت اليزرعيلى).

كثيرون من الأغنياء تبعوا يسوع مثل نيقوديموس ويوسف الرامى ولم يطلب منهم أن يبيعوا ما لهم ولكنه طلب هذا من الشاب لأنه كان متعلقاً بأمواله وأحبها أكثر من الله. فكانت أمواله هى التى تمتلكه وليس هو الذى يمتلكها. لذلك تصلى الكنيسة "صلاحاً للأغنياء". الله خلق العالم والمادة والأموال لنستعملها لا لتستعبدنا، وبهذا بدلاً من أن تسند الأموال الناس ربطت البعض فى شباك التراب، والسيد شرح أن العيب ليس فى المال بل القلب المتكل على المال (كما شرح هذا إنجيل مرقس إذ قال ما أعسر دخول المتكلين على الأموال…). ولما سمع التلاميذ هذا التعليم بهتوا إلى الغاية.. قائلين.. فمن يستطيع أن يخلص = لقد أدرك التلاميذ صعوبة الطريق بسبب إغراءات المال، وهم يعلمون أن الناس منكبين على المال لا يستطيعون أن يتخلوا عنه. واليهود كانوا يعتقدون أن لا شىء يفضل على الماديات.

واضح أن هذا الشاب كان يبحث عن طريق الكمال، لقد حفظ وصايا الناموس فماذا بعد؟ ماذا يعوزنى بعد (مت 20: 19) إذاً هو يطلب الكمال الذى فوق الناموس، ولا كمال فوق الناموس سوى المسيح الذى قال جئت لأكمل. لذلك حين قال الشاب للسيد "أيها المعلم الصالح" كان رد المسيح يعنى "أنت لاتؤمن إنى الله، وإرتدائى للجسد قد ضللك فلماذا تنعتنى بما يليق بالطبيعة العلوية وحدها مع أنك لا تزال تحسبنى إنساناً مثلك" وبهذا كان المسيح يجتذبه للإيمان به كإبن لله فهذا هو طريق الكمال، وإذا آمن به وجد فيه كل كفايته، وَجَدَ فيه اللؤلؤة الكثيرة الثمن، حينئذ يسهل عليه بيع اللالىء الكثيرة التى لديه أى يبيع أمواله، ويضع كل إعتماده وإتكاله عليه فقط.

فى الثلاثة أناجيل تأتى قصة ذلك الشاب الغنى وقول المسيح أن من العسير دخول الأغنياء إلى الملكوت، مباشرة بعد قصة مباركته للأطفال وقوله أن لمثل هؤلاء ملكوت السموات، فالأطفال فى بساطتهم وعدم تعلقهم بالعالم يسهل دخولهم للملكوت، أماّ من تثقل بمحبة العالم فمثل هذا يصعب دخوله للملكوت. وبهذا فالإنجيل يعرض صورتين متناقضتين إحداهما للحياة والأخرى للموت ليختار كل إنسان بينهما (تث 10: 30). الصورتين إحداهما تصور البساطة مع غنى الله والملكوت والأخرى تصور غنى العالم ومجده وهو زائل وفانى وسوف نتركه.

ليس معنى هذه القصة أن الفقراء سيدخلون الملكوت بلا نقاش، فهناك فقراء بلا قناعة، متذمرين، يلعنون الزمان الذى جعلهم فقراء هكذا، يشتهون المال ضماناً لمستقبلهم، غير شاكرين الله على ما أعطاهم، فهؤلاء والأغنياء هم وجهان لعملة واحدة. العُملة هى عدم الإتكال على الله.

الرب يبارك من يترك شئ لأجله.

الأعداد 28-30

الآيات (لو 28: 18 - 30): -

"28فَقَالَ بُطْرُسُ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ». 29فَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتًا أَوْ وَالِدَيْنِ أَوْ إِخْوَةً أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا مِنْ أَجْلِ مَلَكُوتِ اللهِ، 30إِلاَّ وَيَأْخُذُ فِي هذَا الزَّمَانِ أَضْعَافًا كَثِيرَةً، وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ».".

الآيات (مت 27: 19 - 30): -.

"27فَأَجَابَ بُطْرُسُ حِينَئِذٍ وَقَالَ لَهُ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ. فَمَاذَا يَكُونُ لَنَا؟ » 28فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي، فِي التَّجْدِيدِ، مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ. 29 وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولاً مِنْ أَجْلِ اسْمِي، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. 30 وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ، وَآخِرُونَ أَوَّلِينَ.".

الآيات (مر 28: 10 - 31): -.

"28 وَابْتَدَأَ بُطْرُسُ يَقُولُ لَهُ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ». 29فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولاً، لأَجْلِي وَلأَجْلِ الإِنْجِيلِ، 30إِلاَّ وَيَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ الآنَ فِي هذَا الزَّمَانِ، بُيُوتًا وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ وَأُمَّهَاتٍ وَأَوْلاَدًا وَحُقُولاً، مَعَ اضْطِهَادَاتٍ، وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. 31 وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ، وَالآخِرُونَ أَوَّلِينَ».".

بطرس هنا يقارن بينه وبين الشاب الغنى الذى رفض بيع أمواله وربما كان بطرس يريد أن يطمئن على نفسه. ولكن لنسأل بطرس ماذا تركت وماذا أخذت؟ بطرس ترك شباكاً بالية وربما تركها لأنه ظن أنه يحصل من المسيح على مجد زمنى حين يملك المسيح. والمهم أن ندرك أن كل ما نتركه لن يزيد عن كونه أشياء بالية، بجانب ما سنحصل عليه من أمجاد فى السماء وتعزيات على الأرض = مئة ضعف = ربما ينظر الإنسان بفخر أن ما تركه لأجل المسيح كان شيئاً ذو قيمة، لكن حقيقة فإنه لا يوجد فى العالم شىء له قيمة. والله يعطى الكثير لمن يترك فهناك حقيقة مهمة.. "أن الله لا يحب أن يكون مديوناً" ولكن لاحظ الآية فى (مر 30: 10) يأخذ مئة ضعف الآن فى هذا الزمان … مع اضطهادات حقاً سيعوض الله من يترك العالم بخيرات زمنية مع تعزيات، ولكن لا ننسى أننا طالما نحن فى العالم، فالإضطهادات والضيقات هى ضريبة يفرضها العالم ورئيسه على من يحتقر العالم ويختار الحياة الأبدية، والله يسمح بهذه الضيقات 1) حتى لا يتعلقوا بالماديات ويفقدوا شهوتهم للسماء 2) بهذه الضيقات نَكْمُلْ ونزداد نقاوة 3) خلال الضيقات تزداد تعزيات الله 4) من يشترك مع المسيح فى الصليب سيكون شريكه فى المجد. تجلسون على إثنى عشر كرسياً تدينون أسباط إسرائيل = سيكون التلاميذ فى يوم الرب العظيم كديانين للأسباط الإثنى عشر، لأن ما كان ينبغى لهؤلاء أن يفعلوه، أى أن يؤمنوا بالمسيح ويكرزوا به ويكونوا نوراً للأمم قد تخلوا عنهُ ولم يقوموا به، ولكن التلاميذ وهم من شعب اليهود أى لهم نفس ظروف اليهود قد قبلوا المسيح وآمنوا به وكرزوا به وصاروا نوراً للعالم، بل هم تركوا كل شىء لأجله. فماذا سيكون عذر اليهودى الذى رفض المسيح وهو يرى أمامه التلاميذ الذين هم مثله فى كل الظروف فى مجد عظيم بسبب إيمانهم بالمسيح. مئة ضعف = الذى يقبل أن يترك من أجل المسيح سيعوضه المسيح هنا فى هذه الأرض بكل الخيرات المادية التى يحتاجها والأهم التعزيات السماوية. فالراهب أو البتولى الذى يرفض الزواج يُحرم من وجود زوجة وأبناء له، ولكنه يتقبل من الله سلاماً فائقاً ولذة روحية خلال إتحاده مع عريس نفسه يسوع، هذه اللذة تفوق كل راحة يقتنيها زوج خلال علاقته الأسرية. وكل هذا ما هو إلاّ عربون ما سوف يناله من مجد أبدى.

لاحظ قوله إخوة وأخوات وأولاداً.. وإمرأة = هذه شريعة الزوجة الواحدة، فلم يقل من يترك نساء بل إمرأة. والترك يعنى محبة المسيح أكثر وهناك شرط أن يكون الترك لأجل المسيح وليس لأى غرض آخر = لأجلى ولأجل الإنجيل = لأجل خدمة كلمة الإنجيل.

أولون يكونون آخِرين = هؤلاء هم من آمنوا أولاً ثم إرتَدُّوا. والمقصود بهم اليهود والفريسيين فهؤلاء كانوا شعب الله لكنهم إذ رفضوا المسيح رُفِضُوا ويقصد بهم الأغنياء والملوك، فهم هنا أولون وفى الآخِرة آخِرون والآخِرون أولين = هؤلاء مثل الأمم كانوا فى وثنيتهم آخِرون وآمنوا بعد ذلك فصاروا أولون. وتشير للرسل والتلاميذ، فهؤلاء كانوا فقراء معدمين محتقرين فى الدنيا فجعلهم المسيح أولون. وكان من ترك حقه فى هذا العالم ليصير آخِراً (أى يضع نفسه فى آخر الصفوف) يجعله المسيح أولاً. وفى مرقس ولوقا يأتى بعد هذا مباشرة نبوة المسيح عن ألامه وصلبه وكأنه بهذا يضع نفسه كأعظم نموذج للترك، إذ ترك مجده أخذاً صورة عبد متألم يصلب فى نهاية الأمر... ولكن بعد هذا يقوم ويصعد ويجلس عن يمين الآب... فهل نقبل أن نترك شىء لنحصل على هذا المجد المعد لنا.

يسوع ينبئ بموته.

الأعداد 31-34

الآيات (لو31: 18 - 34): -

"31 وَأَخَذَ الاثْنَيْ عَشَرَ وَقَالَ لَهُمْ: «هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَسَيَتِمُّ كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ بِالأَنْبِيَاءِ عَنِ ابْنِ الإِنْسَانِ، 32لأَنَّهُ يُسَلَّمُ إِلَى الأُمَمِ، وَيُسْتَهْزَأُ بِهِ، وَيُشْتَمُ وَيُتْفَلُ عَلَيْهِ، 33 وَيَجْلِدُونَهُ، وَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ». 34 وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مِنْ ذلِكَ شَيْئًا، وَكَانَ هذَا الأَمْرُ مُخْفىً عَنْهُمْ، وَلَمْ يَعْلَمُوا مَا قِيلَ.".

الآيات (مت 17: 20 - 19): -.

"17 وَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ صَاعِدًا إِلَى أُورُشَلِيمَ أَخَذَ الاثْنَيْ عَشَرَ تِلْمِيذًا عَلَى انْفِرَادٍ فِي الطَّرِيقِ وَقَالَ لَهُمْ: 18«هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ، 19 وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ لِكَيْ يَهْزَأُوا بِهِ وَيَجْلِدُوهُ وَيَصْلِبُوهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ».".

الآيات (مر 32: 10 - 34): -.

"32 وَكَانُوا فِي الطَّرِيقِ صَاعِدِينَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَقَدَّمُهُمْ يَسُوعُ، وَكَانُوا يَتَحَيَّرُونَ. وَفِيمَا هُمْ يَتْبَعُونَ كَانُوا يَخَافُونَ. فَأَخَذَ الاثْنَيْ عَشَرَ أَيْضًا وَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ عَمَّا سَيَحْدُثُ لَهُ: 33«هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ، وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ، 34فَيَهْزَأُونَ بِهِ وَيَجْلِدُونَهُ وَيَتْفُلُونَ عَلَيْهِ وَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ».".

لقد إقترب ميعاد الصليب، والمسيح متجه الآن إلى أورشليم للمرة الأخيرة التى سيصلب فيها. ونسمع فى (مر32: 10) أن التلاميذ كانوا يتحيرون ويخافون فهم يعرفون عداوة الفريسيين والسنهدريم لمعلمهم، وطالما تنبأ لهم المعلم بأنه سوف يتألم منهم، وها هم ذاهبون إلى أورشليم وكانوا شاعرين بان أموراً خطيرة ستحدث ولكنهم كانوا متحيرون ماذا سيحدث بالضبط. وها هو السيد يتكلم بوضوح عما سيتم حتى إذا كان يؤمنون (يو29: 14) وإذا ما حدث ما قاله فحينئذ سيعرفون أن ما حدث كان بإرادته وسيؤمنون بالأكثر. ومع أن كلام المسيح كان واضحاً إلاّ أن التلاميذ لم يفهموا، فهم لم يتصوروا أن هذا المعلم العجيب الذى يقيم الموتى يستسلم بهدوء للكهنة = ولم يعلموا ما قيل وربما تصوروا أن ما قاله المعلم سيكون مجرد مناوشات يتسلم بعدها مُلك إسرائيل. لذلك يأتى بعد هذا مباشرة طلب إبنا زبدى أن يجلسا عن يمينه ويساره فى ملكه. فهم ما تصوروا أبداً موت المخلص الذى أتى ليخلص إسرائيل، فكيف يخلصها إن هو مات.

شفاء أعميين.

الأعداد 35-43

الآيات (لو35: 18 - 43): -

"35 وَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنْ أَرِيحَا كَانَ أَعْمَى جَالِسًا علَى الطَّرِيقِ يَسْتَعْطِي. 36فَلَمَّا سَمِعَ الْجَمْعَ مُجْتَازًا سَأَلَ: «مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا؟ » 37فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ مُجْتَازٌ. 38فَصَرَخَ قِائِلاً: «يَايَسُوعُ ابْنَ دَاوُدَ، ارْحَمْنِي! ». 39فَانْتَهَرَهُ الْمُتَقَدِّمُونَ لِيَسْكُتَ، أَمَّا هُوَ فَصَرَخَ أَكْثَرَ كَثِيرًا: «يَا ابْنَ دَاوُدَ، ارْحَمْنِي! ». 40فَوَقَفَ يَسُوعُ وَأَمَرَ أَنْ يُقَدَّمَ إِلَيْهِ. وَلَمَّا اقْتَرَبَ سَأَلَهُ 41قِائِلاً: «مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ؟ » فَقَالَ: «يَاسَيِّدُ، أَنْ أُبْصِرَ! ». 42فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَبْصِرْ. إِيمَانُكَ قَدْ شَفَاكَ». 43 وَفِي الْحَالِ أَبْصَرَ، وَتَبِعَهُ وَهُوَ يُمَجِّدُ اللهَ. وَجَمِيعُ الشَّعْبِ إِذْ رَأَوْا سَبَّحُوا اللهَ.".

الآيات (مت 29: 20 - 34): -.

"29 وَفِيمَا هُمْ خَارِجُونَ مِنْ أَرِيحَا تَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ، 30 وَإِذَا أَعْمَيَانِ جَالِسَانِ عَلَى الطَّرِيقِ. فَلَمَّا سَمِعَا أَنَّ يَسُوعَ مُجْتَازٌ صَرَخَا قَائِلَيْنِ: «ارْحَمْنَا يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! » 31فَانْتَهَرَهُمَا الْجَمْعُ لِيَسْكُتَا، فَكَانَا يَصْرَخَانِ أَكْثَرَ قَائِلَيْنِ: «ارْحَمْنَا يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! » 32فَوَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَاهُمَا وَقَالَ: «مَاذَا تُرِيدَانِ أَنْ أَفْعَلَ بِكُمَا؟ » 33قَالاَ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، أَنْ تَنْفَتِحَ أَعْيُنُنَا! » 34فَتَحَنَّنَ يَسُوعُ وَلَمَسَ أَعْيُنَهُمَا، فَلِلْوَقْتِ أَبْصَرَتْ أَعْيُنُهُمَا فَتَبِعَاهُ.".

الآيات (مر46: 10 - 52): -.

"46 وَجَاءُوا إِلَى أَرِيحَا. وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ مِنْ أَرِيحَا مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَجَمْعٍ غَفِيرٍ، كَانَ بَارْتِيمَاوُسُ الأَعْمَى ابْنُ تِيمَاوُسَ جَالِسًا عَلَى الطَّرِيقِ يَسْتَعْطِي. 47فَلَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ، ابْتَدَأَ يَصْرُخُ وَيَقُولُ: «يَا يَسُوعُ ابْنَ دَاوُدَ، ارْحَمْنِي! » 48فَانْتَهَرَهُ كَثِيرُونَ لِيَسْكُتَ، فَصَرَخَ أَكْثَرَ كَثِيرًا: «يَا ابْنَ دَاوُدَ، ارْحَمْنِي! ». 49فَوَقَفَ يَسُوعُ وَأَمَرَ أَنْ يُنَادَى. فَنَادَوُا الأَعْمَى قَائِلِينَ لَهُ: «ثِقْ! قُمْ! هُوَذَا يُنَادِيكَ». 50فَطَرَحَ رِدَاءَهُ وَقَامَ وَجَاءَ إِلَى يَسُوعَ. 51فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ؟ » فَقَالَ لَهُ الأَعْمَى: «يَا سَيِّدِي، أَنْ أُبْصِرَ! ». 52فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ. إِيمَانُكَ قَدْ شَفَاكَ». فَلِلْوَقْتِ أَبْصَرَ، وَتَبِعَ يَسُوعَ فِي الطَّرِيقِ.".

متى يذكر أنهما أعميان ومرقس ولوقا يذكران أنه أعمى واحد بل أن مرقس يحدد إسمه، ويبدو أنهما كانا إثنين فعلاً ولكن أشهرهما هو بارتيماوس هذا، فذكر مرقس ولوقا أنه واحد وهو المشهور ولكن لعل هذا يحمل معنى رمزى، فالمسيح أتى ليجعل الإثنين واحداً اليهود والأمم، ويعطى كليهما إستنارة ومعرفة لله، فكلاهما كانا أعميان. ومتى يكتب لليهود فيذكر الاثنين ومرقس ولوقا يكتبان للامم فيقولان واحد.

كان هذا جالساً يستعطى (مر 46: 10) وفى هذا يشبه الخاطى الذى هو أعمى روحياً ويسلك فى الظلمة ولا يرى طريق الملكوت، بل يجلس ليستعطى كسرة عفنة من شهوات زائلة. ومن ضمن الشهوات الزائلة ما طلبه إبني زبدي من مجد عالمي لذلك ذكرت هذه القصة هنا أما من إنفتحت عينيه فيستقبل المسيح كملك في قلبه كما نرى في الآيات الآتية عن دخول المسيح كملك إلى أورشليم.

إنتهره كثيرون ليسكت، وهذا يحدث فى صراع التوبة إذ تنتهرنا العادات القديمة والشهوات المحبوبة والأصدقاء الأشرار والمجتمع الفاسد فلا نجد لنا طريق إلاّ الصراخ أكثر كثيراً مثل الأعمى طالبين الرحمة، وكما إستجاب يسوع لهذا الأعمى الذى يصرخ سيستجيب حتماً لكل من يناديه.

يا يسوع إبن داود إرحمنى = هذا الأعمى يهودى وهو سمع عن المسيا وأنه سيكون إبن داود حسب النبوات، لذلك فقوله إبن داود يحمل معنى إيمانه بأنه المسيا المنتظر (مز11: 132 + أش1: 11).

الأعمى طرح رداءه وقام وجاء إلى المسيح، وهذا يشير إلى أن كل خاطى يريد أن تستنير عينيه، عليه أن يطرح أعماله القديمة تابعاً المسيح. الرداء قد يشير للحياة القديمة أو التكاسل القديم أو الحياة العتيقة. والرداء يشير لشكل حياتنا القديمة "تغيروا عن شكلكم بتغيير أذهانكم" (رو12: 2).

سؤال السيد ماذا تريد أن أفعل بك، يعنى أن السيد يريد أن يعلن إيمان هذا الرجل أمام الجميع. وأنه يعطى من يسألونه.

لاحظ أنه حين تمتع بالبصيرة تبع يسوع.

فصرخ أكثر كثيراُ = هذه تعلمنا اللجاجة فى الصلاة بإيمان.

متى ومرقس يقولان وفيما هو خارج من أريحا ولوقا يقول ولما إقترب من أريحا. ويقول متى أنهما إثنان ومرقس ولوقا يقولان واحد: - وهناك حلاّن لهذا: -.

بينما كان يسوع يقترب من أريحا سمع عنه هذا الأعمى فصرخ ولكن يسوع تركه ليشتد إيمانه. وفى الصباح أثناء خروجه من أريحا إزداد هذا الأعمى صراخاً، فى حين كان أعمى آخر قد إنضم إليه فشفاهما.

يقول يوسيفوس أنه كانت هناك مدينتين بإسم أريحا، أريحا الجديدة وأريحا القديمة. وهما متجاورتان، على بعد ميل واحد من بعضهما. ويكون يسوع فى هذه الحالة خارجاً من واحدة مقترباً من الأخرى والأعميان فى وسط الطريق.

كانا إثنين ولكن كان واحد هو المتقدم فى الكلام.

هذه المعجزة آخر معجزة للسيد المسيح قبل دخوله لأورشليم ليصلب وبها نرى أن الأعميان يرمزان للبشرية (يهود وأمم) التى عجزت عن رؤية الله ومعرفته. وجاء المسيح ليقدم لها الفداء وتنفتح أعين البشرية وتعرف الله وتدرك محبته. وكلما صرخنا مثل هذا الأعمى تدركنا مراحم الله وتنفتح أعيننا بالأكثر لندرك الله فنحبه لأنه أحبنا أولاً. أما الجموع التى كانت تنتهر الأعميان فهى تشير لكل المعطلات التى تمنعننا عن الصراخ لإستدرار مراحم الله. ونأتى لسؤال السيد للأعمى... ماذا تريد... وهو سؤال لكل منا الآن.

ماذا نريد؟

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح التاسع عشر - تفسير إنجيل لوقا - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح السابع عشر - تفسير إنجيل لوقا - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير إنجيل لوقا الأصحاح 18
تفاسير إنجيل لوقا الأصحاح 18