الأصحاح التاسع عشر – تفسير إنجيل لوقا – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: انجيل لوقا – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح التاسع عشر

زكا رئيس العشارين.

الأعداد 1-10

الآيات (لو1: 19 - 10): -

"1ثُمَّ دَخَلَ وَاجْتَازَ فِي أَرِيحَا. 2 وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ زَكَّا، وَهُوَ رَئِيسٌ لِلْعَشَّارِينَ وَكَانَ غَنِيًّا، 3 وَطَلَبَ أَنْ يَرَى يَسُوعَ مَنْ هُوَ، وَلَمْ يَقْدِرْ مِنَ الْجَمْعِ، لأَنَّهُ كَانَ قَصِيرَ الْقَامَةِ. 4فَرَكَضَ مُتَقَدِّمًا وَصَعِدَ إِلَى جُمَّيْزَةٍ لِكَيْ يَرَاهُ، لأَنَّهُ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُرَّ مِنْ هُنَاكَ. 5فَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْمَكَانِ، نَظَرَ إِلَى فَوْقُ فَرَآهُ، وَقَالَ لَهُ: «يَا زَكَّا، أَسْرِعْ وَانْزِلْ، لأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَمْكُثَ الْيَوْمَ فِي بَيْتِكَ». 6فَأَسْرَعَ وَنَزَلَ وَقَبِلَهُ فَرِحًا. 7فَلَمَّا رَأَى الْجَمِيعُ ذلِكَ تَذَمَّرُوا قَائِلِينَ: «إِنَّهُ دَخَلَ لِيَبِيتَ عِنْدَ رَجُل خَاطِئٍ». 8فَوَقَفَ زَكَّا وَقَالَ لِلرَّبِّ: «هَا أَنَا يَارَبُّ أُعْطِي نِصْفَ أَمْوَالِي لِلْمَسَاكِينِ، وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَيْتُ بِأَحَدٍ أَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ». 9فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهذَا الْبَيْتِ، إِذْ هُوَ أَيْضًا ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، 10لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ».".

العشارون هم طائفة الجباة وكانوا يستوفون أكثر من الجزية المقررة ويأخذونها لأنفسهم (لو13: 3). ولذلك كرههم اليهود وأسموهم لصوصاً. ولذلك تبرم اليهود إذ قبل السيد دخول بيت زكا. والرب دخل بيت زكا دون أن يسأله فهو عارف بما في القلوب.

في الآيات السابقة ترك الرب الأعمى يصرخ فترة، بعدها إستجاب وشفاه، وهنا نجده يطلب هو بنفسه أن يدخل بيت زكا. فالرب يدخل بيتي، أو يدخل قلبي ويتمم الشفاء حين يرى القلب مستعداً. فهذا الأعمى لم يكن مستعداً بعد للشفاء، والصراخ جعله مستعداً، ولما رآه السيد مستعد تدخل وشفاه. أمّا زكا ففي إنسحاقه وفي إشتياقه لرؤية السيد كان مستعداً. فدخل يسوع بيته. هنا نرى جزاء قبول يسوع في حياتنا، وجزاء إشتياقنا له، بينما نحن شاعرين بعدم الإستحقاق، هنا يدخل يسوع قلوبنا فتصير سماء، ويغفر لنا خطايانا ونفوز بالخلاص، فهل نشتاق لخلاص يسوع مثل زكا. يقول الرب "إن عطش أحد فليقبل إلىَّ ويشرب.. وتجري من بطنه أنهار ماء حي" (يو37: 7 - 39).

ربما كان إيمان زكا ضعيفاً، وربما كان خاطئا، ولكنه بإشتياقه صار مضيفاً للرب، وبتوبته صار مسكنه قصراً سمائياً يدخله الرب، لقد مُنِحَ زكا مجداً عظيماً.

تأمل: كثيرون وُلِدوا بعاهات خَلْقية، مثل زكا الذي كان قصير القامة، وهم يشتكون بسببها، ولكن ألا ترى أن عاهة زكا كانت سبباً في خلاصه. إذاً علينا أن نفهم أن الله لا يخطئ وإذا كان شيئاً ينقصنا، كان هذا سبباً لخلاصنا، وهذا ما حدث للأعمى. فلنسمي هذه العاهات "بركات خلقية" فعمل الله دائماً كامل.

قصة زكا العشار فتحت باب الرجاء والأمل لكل خاطئ، حين يعود بالتوبة مشتاقاً للمسيح، يدخل المسيح إلى قلبه، ويقبله ويغفر خطاياه. صار زكا هنا تطبيقاً حياً لمثل الفريسي والعشار، فهو صار مقبولاً ونال الخلاص مثل ذلك العشار الذي قال عنه السيد المسيح "نزل إلى بيته مبرراً".

ولاحظ أن زكا تكلف الكثير، فهو في مركزه كرئيس للعشارين كان من غير اللائق أن يتسلق جميزة كما يفعل الأطفال (هذا ما نسميه الجهاد، وفي المقابل فلنرى النعمة التي حصل عليها).

دخول الرب بيت زكا الخاطئ يمثل دخول المسيح إلى جسد بشريتنا وحمله لطبيعتنا نحن الخطاة ليقدس طبيعتنا أبدياً.

كانت هناك معوقات كثيرة تحول بين زكا والمسيح:

خطيته: إذ يُحسب العشارين في نفس صفوف الزواني (مت31: 21).

كراهية المجتمع له.

مركزه كرئيس قد يتأثر بما فعله، من تسلقه لجميزة.

قصر قامته، ومثل هذه العاهة تجعل الإنسان يتقوقع حول نفسه، مفضلاً الإبتعاد عن المجتمع.

ولكن إيمان زكا إنتصر على كل ذلك، وإشتياقه، وقلبه التائب أعطوه الخلاص. فبالإيمان الحي العملي نغلب كل ضعف فينا ونرتفع فوق الظروف لنلتقي بربنا يسوع فنخلص.

يا زكا أسرع = زكا تعني النقي المتبرر، فالمسيح سامحه عن خطاياه. عبارة يا زكا أسرع هذه مثل "أنت بطرس وعلى هذه الصخرة". فالمسيح في كليهما إستخدم الأسماء ليشير لمعاني خاصة.

شجرة الجميز ثمارها رخيصة وتشير للأمور الزمنية التافهة، ولا يمكن أن نعاين المسيح ما لم نسمو فوق الأمور الزمنية. وهي تشير أن كل ما جمعه زكا في حياته من أموال ظن أنه متكل عليها، ما هي إلاّ تفاهات.

أسرع وإنزل = كم مرة صعد في غناه وكبريائه، والآن عليه أن يتعلم أن ينزل ويتضع ويتخلى عن أمواله. ولاحظ تجاوب زكا فهو أسرع ونزل، فالتأجيل قد يضيع فرصة الخلاص، فالمسيح لم يذهب لأريحا ثانية التي يعيش فيها زكا (1: 19).

أعطي نصف أموالي = [أمّا دفع أربعة أضعاف فكان هذا إجراء من أقصى العقوبات التي كان يفرضها القانون على لص (خر1: 22 + 2صم6: 12)، وزكا فرض على نفسه هذه العقوبة (راجع أيضاً عد7: 5 + لا1: 6 - 5)] صار له القلب الرحيم غير المستعبد للمادة بمجرد أن دخل يسوع بيته. ولاحظ أنه مستعد لدفع نصف أمواله، مع أن الشريعة الموسوية لا تطلب من المختلس سوى الخمس زيادة على ما إختلسه. اليوم حصل خلاص لهذا البيت = حينما يتقدس أحد أفراد الأسرة يصير سبب بركة لكل البيت. وهذا لا يمنع أنه في حالة إيمان شخص قد يقف في وجهه كل بيته "أعداء الإنسان أهل بيته" لكن أيضا المؤمن قد يكون بركة لأهل بيته إن كان عندهم إستعداد (1كو14: 7). هو أيضاً إبن لإبراهيم = السيد الرب بهذا يعزو خلاص زكا لتشبهه بإبراهيم في إيمانه وقداسته وبره. وكما ترك إبراهيم كل ممتلكاته في أور ترك زكا هنا نصف ممتلكاته. وفيها تذكير للفريسيين الرافضين أنه أخ لهم.

نور المسيح وبره أضاءا بيت زكا وقلبه ولم يحتاج المسيح أن يوجه له كلمة عتاب أو توبيخ.

المسيح لم يمر من هذا الطريق صدفة، ولم ينظر للشجرة صدفة، إنما هو كان يعرف أن في هذا المكان خروف ضال يريد أن يرده فذهب إليه. فزكا بحث عن المسيح والمسيح بحث عن زكا.

ما فعله زكا هنا هو نفس ما قاله بولس الرسول (في8: 3). فما إستمر يجمعه العمر كله من أموال صار كنفاية يريد الإستغناء عنها إذ تمتع بمعرفة الرب يسوع. فحينما وجد زكا اللؤلؤة كثيرة الثمن (المسيح) باع بقية اللآلئ (أمواله) التي ظل عمره يجمعها (مت46: 13). وباع أمواله أو لآلأه يظهر هنا معناها، أن كل ما ظنه له قيمة من قبل، فقد قيمته الآن بعد أن عرف المسيح ودخل المسيح بيته (وقلبه).

مثل الأَمْناء.

الأعداد 11-27

الآيات (لو11: 19 - 27): -

"11 وَإِذْ كَانُوا يَسْمَعُونَ هذَا عَادَ فَقَالَ مَثَلاً، لأَنَّهُ كَانَ قَرِيبًا مِنْ أُورُشَلِيمَ، وَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ عَتِيدٌ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْحَالِ. 12فَقَالَ: «إِنْسَانٌ شَرِيفُ الْجِنْسِ ذَهَبَ إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ لِيَأْخُذَ لِنَفْسِهِ مُلْكًا وَيَرْجعَ. 13فَدَعَا عَشَرَةَ عَبِيدٍ لَهُ وَأَعْطَاهُمْ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ، وَقَالَ لَهُمْ: تَاجِرُوا حَتَّى آتِيَ. 14 وَأَمَّا أَهْلُ مَدِينَتِهِ فَكَانُوا يُبْغِضُونَهُ، فَأَرْسَلُوا وَرَاءَهُ سَفَارَةً قَائِلِينَ: لاَ نُرِيدُ أَنَّ هذَا يَمْلِكُ عَلَيْنَا. 15 وَلَمَّا رَجَعَ بَعْدَمَا أَخَذَ الْمُلْكَ، أَمَرَ أَنْ يُدْعَى إِلَيْهِ أُولئِكَ الْعَبِيدُ الَّذِينَ أَعْطَاهُمُ الْفِضَّةَ، لِيَعْرِفَ بِمَا تَاجَرَ كُلُّ وَاحِدٍ. 16فَجَاءَ الأَوَّلُ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، مَنَاكَ رَبحَ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ. 17فَقَالَ لَهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ! لأَنَّكَ كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ، فَلْيَكُنْ لَكَ سُلْطَانٌ عَلَى عَشْرِ مُدْنٍ. 18ثُمَّ جَاءَ الثَّانِي قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، مَنَاكَ عَمِلَ خَمْسَةَ أَمْنَاءٍ. 19فَقَالَ لِهذَا أَيْضًا: وَكُنْ أَنْتَ عَلَى خَمْسِ مُدْنٍ. 20ثُمَّ جَاءَ آخَرُ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، هُوَذَا مَنَاكَ الَّذِي كَانَ عِنْدِي مَوْضُوعًا فِي مِنْدِيل، 21لأَنِّي كُنْتُ أَخَافُ مِنْكَ، إِذْ أَنْتَ إِنْسَانٌ صَارِمٌ، تَأْخُذُ مَا لَمْ تَضَعْ وَتَحْصُدُ مَا لَمْ تَزْرَعْ. 22فَقَالَ لَهُ: مِنْ فَمِكَ أَدِينُكَ أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ. عَرَفْتَ أَنِّي إِنْسَانٌ صَارِمٌ، آخُذُ مَا لَمْ أَضَعْ، وَأَحْصُدُ مَا لَمْ أَزْرَعْ، 23فَلِمَاذَا لَمْ تَضَعْ فِضَّتِي عَلَى مَائِدَةِ الصَّيَارِفَةِ، فَكُنْتُ مَتَى جِئْتُ أَسْتَوْفِيهَا مَعَ رِبًا؟ 24ثُمَّ قَالَ لِلْحَاضِرِينَ: خُذُوا مِنْهُ الْمَنَا وَأَعْطُوهُ لِلَّذِي عِنْدَهُ الْعَشَرَةُ الأَمْنَاءُ. 25فَقَالُوا لَهُ: يَا سَيِّدُ، عِنْدَهُ عَشَرَةُ أَمْنَاءٍ! 26لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. 27أَمَّا أَعْدَائِي، أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي».".

هنا السيد المسيح قد إقترب من أورشليم وبالتالي بقيت بضعة أيام قبل الصليب وبالتالي قبل أن يغادر الأرض بالجسد ويذهب ليجلس عن يمين الآب. والآيات الآتية مباشرة هي عن دخوله أورشليم يوم أحد الشعانين. وكأن هذه الأقوال هي نبواته الأخيرة وتعاليمه الأخيرة فما معنى المثل:

هم ظنوا أنه متوجه لأورشليم ليبدأ الملكوت حالاً، ولكنه يشير إلى أنه ذاهب إلى كورة بعيدة (السماء). وبعد مدة سيأتي ليحكم ويدين. وبالتالي فالملكوت ليس وشيكاً.

المسيح سيذهب ويترك تلاميذه والمؤمنين به، وهو يترك لكل واحد مِنّا وزنات ومواهب يتاجر بها، لحساب مجد إسمه. وكل مِنّا حصل على نصيبه من المواهب (1بط10: 4). وعلينا أن نستمر في الخدمة حتى يأتي.

اليهود سيرفضونه = لا نريد أن هذا يملك علينا. وبالتالي فلا يجب أن يتصور تلاميذه أن هناك ملكوت أرضي "إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله".

بعد مدة لم يحددها السيد (فلا داعي أن نحاول تحديدها نحن) سيأتي في مجده ليدين [1] الذين رفضوه = إذبحوهم قدامي. [2] ليحاسب كل مِنّا عما فعله بوزناته (أَمْنائه).

هذه التجارة التي نقوم بها الآن في الأَمْناء (المواهب) هي بعينها تأسيس الملكوت على الأرض. وفي هذا تأنيب لتلاميذه إذ هم إنشغلوا بالملك الأرضي والأمجاد، والمسيح ينبههم أنه لا أمجاد هنا بل خدمة.

مثل الأمناء (لو11: 19 - 27) ومثل الوزنات (مت14: 25 - 29).

هناك خلافات بين المثلين فهما ليسا مثلٌ واحد، ولو أنهما متشابهان.

في مثل الوزنات نرى كل واحد قد أخذ نصيباً غير الآخر، أمّا فى مثل الأمناء فكل العبيد قد أخذوا مَناً واحداً.

مثل الأَمْناء قاله السيد وهو متجه لأورشليم، ومثل الوزنات قاله السيد وهو في أورشليم. والتكرار للأهمية.

ولكن الإختلاف له معنى:

ففي مثل الوزنات يشير لأن كل واحد يأخذ مواهب غير الآخر، والله لن يطالبك بأكثر مما أعطاه لك، المهم أن تكون أميناً، فمن أخذ الخمسة ربح خمسة وزنات وهكذا من أخذ الوزنتين حينما أتي بوزنتين سمع نفس المديح عينه "نعما أيها العبد الصالح... أدخل إلى فرح سيدك". لأن كلاهما كان أميناً. والله لن يطالب أحد بما هو فوق طاقته.

أمّا في مثل الأَمناء فيقول أن الكل أخذ مقداراً متساوياً (مناً)، ولكن هناك من ربح أكثر فإستحق أكثر، وهذا لأنه جاهد أكثر، فمن يتعب أكثر يأخذ أكثر.

مثل الوزنات نفهم منه أن كل من كان أمينا فى مواهبه له نصيب فى مجد السماء.

أما مثل الأمناء فنهم منه أن نصيب كل منا فى مجد السماء يختلف بحسب جهاده.

مثل الوزنات نرى فيه أن المواهب (الوزنات) تختلف من شخص لآخر. وما يجب أن نفهمه أنه علينا بألا نحزن لأن مواهبنا أقل، المهم أن نكون أُمناء ونجاهد بقدر طاقتنا، ومن يستخدم مواهبه لمجد الله سيجازيه الله بأن يدخل إلى المجد.

كانوا يظنون أن ملكوت الله سيظهر في الحال = كانوا يظنون أن السيد سيملك ويؤسس ملكوته بعد أن يدخل أورشليم مباشرة.

إنسان شريف الجنس = هو المسيح نفسه فهو من السماء وذاهب للسماء وهو ليس فقط شريف الجنس، بل هو الوحيد الجنس (الإله المتجسد) إبن الله بالطبيعة.

ذهب إلى كورة بعيدة = سيصعد للسماء ولن يؤسس ملكاً أرضياً.

دعا عشرة عبيد = هم كل المؤمنين، فكل له موهبته (1بط10: 4 + 1كو8: 12 - 11) (مثلما كان هناك عشر عذارى).

هذا المثل مستوحى مما كان يحدث أيام المسيح، فكان الأمراء الوطنيون ملزمون بأن يذهبوا إلى روما ليحصلوا على رتب الترقي من قيصر. وحدث هذا مع هيرودس وأرخيلاوس. وفي حالة أرخيلاوس أرسل شعبه سفارة (أي مندوبين وسفراء عن الشعب) إلى قيصر شاكين لقيصر أعماله الوحشية ورافضين ملكه. وحينما رجع أرخيلاوس من روما إنتقم منهم بالذبح (وهذا كان حكم المسيح على صالبيه ورافضي ملكه بخراب أورشليم، هذا هو الحكم المؤقت قبل الدينونة).

ليأخذ لنفسه مُلكاً = هذا إعلان نبوي عن جلوس الرب في السماء إستعداداً لتأسيس ملكوته ولتجثو له كل ركبة (في6: 2 - 11).

المَنا = عملة يونانية تساوي أجر ثلاثة أشهر. وجمعها أَمْناء.

وأما أهل مدينته = هنا يتكلم عن اليهود خاصته الذين أتي منهم بالجسد وهم الذين كان لهم الوعد. إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله (يو11: 1).

لا نريد أن هذا يملك علينا = كلمة هذا كلمة تحقير، وللآن فاليهود يشتمون المسيح، وكأن هذه العبارة هي إحتجاج ورفض لشخص المسيح المتواضع.

أرسلوا وراءه سفارة = تحمل معنى رفضهم المستمر للمسيح حتى بعد ما صعد، ورفضهم وإضطهادهم لتلاميذه ورسله. سفارة = سفراء أي اليهود الذين إضطهدوا المسيحيين.

ولما رجع = حين يأتي في مجده، في مجيئه الثاني. وفيما يلي يظهر محاسبة 3عبيد فقط وهذه أمثلة أو عينات لنفهم أن هناك حساب لكل واحد على ما بين يديه.

مناك ربح = هذا يشير لتواضع هذا الإنسان فلم يقل أنا ربحت، إذ هو يعلم أن النجاح والبركة كانت من عند الله وليست من عنده هو. والمنا هو إشارة للمواهب والوزنات التي أعطاها لنا الله.

ربح عشرة أمناء = هي النفوس التي ربحها لحساب الملكوت، والفضائل التي ظهرت في حياته.

أميناً في القليل = المتاجرة بالموهبة.

ربح خمسة أمناء = هي نفوس أيضاً.

وهذا إشارة لأنه كلما زاد الجهاد زادت الثمار، وزادت المكافأة. ونقول الجهاد هو الذي زاد، فنحن نلاحظ أن النعمة التي حصل عليها كليهما، أي عطية الله كانت متساوية = المنا.

سلطان على عشر مدن.. على خمس مدن = هذا تعبير عن المجد، فهو يتفاوت من شخص لآخر بحسب جهاده. ومن المستحيل فهم ما هو السلطان على مدن، فنحن لا يمكننا أن نتصور ما سنأخذه، ونحصل عليه من مجد في السماء "فهو ما لم تره عين ولم تسمع به أذن وما لم يخطر على بال إنسان" (1كو9: 2). وفي مثل الوزنات سمعنا القول "أدخل إلى فرح سيدك" (مت21: 25 + 23). وفي هذا الكفاية فهو سلطان على فرح ومجد أبدي وكلٌ سيتمجد ويفرح بحسب جهاده على الأرض، "فنجم يمتاز عن نجم في المجد" (1كو41: 15). مناك موضوع في منديل = إشارة لمن عطل موهبته وأخفاها، هو كمن خاف على صحته فإمتنع عن الخدمة وعن الصوم. أو خاف على أمواله فلم يعطها إلى محتاج يربحه للمسيح. وواضح أن هذا العبد الكسلان عديم الإكتراث بشأن مجد الملك وأرباحه وذلك لعدم أمانته، أو عدم محبته، أو عدم تصديقه أن السيد راجع. حقاً هو لم يضيع المنا على نفسه ولكنه ظن أن في حبسه فيه الكفاية إذ لم يضيعه.

وهناك من هو أسوأ من هذا العبد مثل من يضيع مواهبه في الشر. فمثلاً من يضيع صحته في المخدرات أو المسكرات أو السجائر (هؤلاء أحرقوا وزنتين المال وصحتهم) وكذلك من يضيعها فى الخطايا المتعددة هو أسوأ من هذا العبد، أو من أعطاه الله أموالاً فضيعها على شهواته وملذاته فهذا أسوأ من هذا العبد.

أخاف منك لأنك إنسان صارم = الإنسان عندما تميل إرادته الشريرة لشئ شرير سيجد الأفكار التي تبرر له هذا الشئ، فهو فكر أن ما أعطاه له سيده هو فخ لا نعمة، وخاف (أو هو يبرر موقفه بهذا) من قسوة سيده، أو لماذا يتعب هو ويستفيد سيده. هو هنا إتهم سيده بالظلم ستراً لذنبه، بل إتهم سيده بأنه يطمع في أكثر ممّا له = تحصد ما لم تزرع أي تأمرني بالعمل وتأخذ الربح.

مثال: خادم يشعر أنه مقصر في خدمته، فبدلاً من أن يهتم بأن يكون أميناً في خدمته نجده يترك الخدمة، هذا يقول مع هذا العبد "خفت منك لأنك صارم" وذلك بأن يترك المسئولية، ولكن ليذكر هذا الخادم أن الله أعطاه موهبة وطالبه بأن يربح بها، فهروبه يدينه ولن يعفيه من المسئولية. فالرد على مثل هذا الإدعاء.. طالما عرف أن سيده إنسان صارم، فلماذا لم تضع فضتي على مائدة الصيارفة. والمعنى لو كان سيدك ظالماً فعلاً لكنت تخاف منه وتتاجر وتربح له. ومائدة الصيارفة هي أقل الأعمال مجهوداً، ولكنها تربح. والمقصود لماذا لم تقم بأي عمل لأجل مجد إسمي، فمثلاً لماذا لم تصلي من أجل الناس ومن أجل المحتاجين، لماذا لم تضع اموالك التى تضيعها في الكنيسة وهذا أقل شئ، والأهم العشور وهذه اموال الله أصلا. والحقيقة أن الله لا يطلب سوى ما زرعه، فإتهام هذا العبد ظالم (إش2: 5). ونجد أن الله يعطي ما لهذا العبد الشرير للأكثر أمانة فكل من له يُعطى = الذي عنده القدرة على المتاجرة والربح يُعطى المزيد، من كان أميناً وله الرغبة أن يخدم ويعمل يأخذ أكثر. وفي السماء له مجد أعظم. ومن ليس لهُ = الذي كان غير أميناً فتؤخذ منه مواهبه وتضاف للأمين وأمّا أعدائي.. وإذبحوهم = المسيح هنا يصدر الحكم على أورشليم قبل أن يدخلها. ولقد ذبحهم تيطس فعلاً سنة 70م. إن الذين يساقون إلى الذبح هم الذين كتبوا بأيديهم مصيرهم. ولنرى كم الوزنات والأمناء التي أعطاها الله لليهود (أنبياء / كهنوت / هيكل / معجزات / إنتصارات إعجازية على أعدائهم / ناموس / شريعة / أرض مقدسة / وصايا لو نفذوها لعاشوا في سعادة / مملكة آمنة / خيرات مادية أرض تفيض لبناً وعسلاً..) فماذا فعلوا؟ هؤلاء لم يضعوا مناهم في منديل، بل ضيعوا كل ما أخذوه وأخيراً صلبوا المسيح. لقد صاروا في وحشية، وكما ذبحوا المسيح في وحشية صارت في طبعهم، قاموا في حماقتهم، إذ قد فقدوا كل حكمة، بقتل الضباط الرومان إنتظاراً لأن الله يرسل لهم المسيا ينقذهم، إذاً فحماقتهم ووحشيتهم التي تعاملوا بها مع المسيح، تعاملوا بها مع ضباط روما، لكن المسيح طلب لهم الغفران على الصليب، أما روما فذبحتهم بحسب ما يستحقوا. فالغفران يناله من آمن بالمسيح، حتى وإن اشترك فى صلبه.

بهذا المثل ينهي السيد المسيح تعاليمه بخصوص الملكوت الذي أتى ليؤسسه:

هناك أجر ومكافأة لكل من يجتهد في هذا الملكوت الأرضي ويربح نفوساً للمسيح.

الأجر والمكافأة بحسب الجهاد.

من يهمل في تجارته يرفض.

من يعادي المسيح ولا يقبله يهلك (يذبح).

سلطان على عشر مدن.. على خمس مدن = هذا تعبير عن إختلاف درجة المجد بالنسبة لجهاد كل إنسان. وهذا التشبيه مأخوذ مما كان يحدث أيام روما فكان قيصر يعطي الوالي أو الملك الذي يحبه ويثق فيه سلطان على عدد أكبر من المدن فتزداد قيمة هذا الملك.

فمثلاً هيرودس الكبير (الذي وُلِدَ المسيح في أيامه) كان ملكاً على كل اليهودية والجليل والسامرة.. كانت مملكته كبيرة جداً فهو كان محل ثقة عند قيصر.

ولكن حينما مات لم يكن من أولاده من هو أهل لمثل هذه الثقة، فقسم قيصر المملكة إلى أربعة أرباع، ملك عليها ولاة، سمى كل منهم رئيس ربع. وبالطبع كانت سلطة كل منهم أقل ومجده أقل.

من يغلب يجلس معي في عرشي كما غلبت أنا أيضاً وجلست مع أبي في عرشه. تعبير العرش هو تعبير عن حالة المجد. وطبعاً ليس هناك عرشين. واحد منهم للآب وواحد منهم للإبن. لكن جلوسنا مع الإبن في عرشه هو تعبير عن حالة المجد الذي سنكون فيه مع الإبن، كل بحسب درجته، فنجم يمتاز عن نجم في المجد. أما الإبن بجسده فسيكون له نفس مجد الآب. وهذا معنى جلس عن يمين الآب. راجع تفسير الآيات (يو17: 5 + رؤ3: 21).

ملخص سريع للأعياد اليهودية.

(لمزيد من التفاصيل يراجع لا23).

تنقسم الأعياد اليهودية إلى مجموعتين (أنظر الخريطة في الصفحة القادمة).

المجموعة الأولى:

المجموعة الثانية:

وبهذا يكون عدد الأعياد الرئيسية 7 أعياد ورقم 7 هو رقم كامل. فالله يريد أن تكون حياتنا كلها أفراح وأعياد. الحياة مع الله هي فرح وليست ضيق وحزن.

وكان شهر تسرى هو أول شهور السنة. وأول يوم في هذا الشهر هو عيد رأس السنة. وبعد أن أسس الله عيد الفصح وهو يأتي في شهر نيسان. طلب الرب أن يكون شهر نيسان، شهر عيد الفصح هو أول شهور السنة. وبالتالي صار هناك لليهود تقويمين. الأول هو التقويم أو السنة المدنية وأول شهورها تسري / مول.... والثاني هو التقويم أو السنة الدينية وأول شهورها نيسان / زيو / سيوان.... والرب طلب هذا لكي يذكر اليهود دائماً خروجهم من أرض العبودية. وأن حريتهم التي حصلوا عليها هي بداية جديدة لحياتهم مع الله. وتستخدم السنة المدنية في الأمور السياسية والمدنية والزراعية، ولكن كل ما يخص الأمور الدينية كانوا يستخدمون فيه السنة الدينية.

المجموعة الأولى: من الأعياد تمثل عمل المسيح على الأرض حتى تأسيس الكنيسة يوم الخمسين فالفصح يمثل الصلب والباكورة تمثل القيامة، فقيامة المسيح كانت باكورة الراقدين. والخمسين (وتعني باليونانية البنطقستي) تمثل حلول الروح القدس على الكنيسة يوم الخمسين. وتأسيس الكنيسة كان يوم حلول الروح القدس. وكون أن عيد الفطير يستمر 7أيام فهذا إشارة لأن كنيسة المسيح التي أسسها هي كنيسة طاهرة فالخمير يشير للشر ويشير أيضا لأن كل من آمن بالمسيح عليه أن يحيا فى البر. ويشرح هذا تماماً الآيات التالية (1كو6: 5 - 8 + 1كو20: 15 - 23).

المجموعة الثانية: من الأعياد تمثل حياة الكنيسة على الأرض وجهادها وغربتها حتى تنعم بالراحة في السماء. وهي تبدأ بعيد الهتاف وهو إنذار لكل فرد في الكنيسة أن يقدم توبة ويجاهد في حياته ويوم الكفارة هو يوم الصوم والتذلل، اليوم الذي يشير للصليب وهكذا ينبغي أن نحيا في جهاد ونصلب أهوائنا مع شهواتنا (غل20: 2 + 24: 5). أما عيد المظال الذي يقضون فيه 7أيام في مظال فهو يشير لغربتنا في رحلة هذه الحياة على الأرض. ثم في اليوم الثامن أفراح عظيمة إشارة لأبديتنا.

إنجيل لوقا 13
.

عيد الفصح.

كلمة فصح = بيسح بالعبرية أو بسخة وتعني عبور فهو تذكار عبور الملاك المهلك في أرض مصر ونجاة أبكار اليهود ثم عبورهم من أرض العبودية إلى الحرية. وكانوا يأخذون الخروف يوم 10نيسان ويوجد تحت الحفظ حتى 14نيسان ويذبحونه في اليوم الرابع عشر بين العشاءين (بين الساعة 3 والساعة 5 ظهراً.. أو بين الساعة 3 ووقت حلول الظلمة). وكان كثيرون من اليهود يأتون من الشتات وينصبون خيامهم على جبل الزيتون، ومن هنا ندرك إحتفال الناس الهائل عند دخول المسيح إلى أورشليم. وصار شهر نيسان أول شهور السنة لأن آدم الثاني أي المسيح بصليبه قد بدأ كل شئ جديداً (2كو17: 5). (وواضح أن الفصح يشير للصليب). ولقد قدَّر يوسيفوس المؤرخ اليهودى أن عدد المحتفلين بالفصح كان يقدر بحوالى 2 - 3 مليون شخص من كل أنحاء ارض.

عيد الفطير:

المسيح بصليبه أسس كنيسته لتكون طاهرة لا عيب فيها ولا غضن (أف25: 5، 27) وعلينا كمؤمنين مات المسيح عنا، أن نقضي أيام غربتنا وقد إعتزلنا الشر (1كو13: 5 + خر15: 12). وكان رمزاً لهذا يأتي كل رجل يهودي ليلة الفصح ويفتش في منزله ويبحث عن أي قطعة خبز مختمر ليعزلها بعيداً عن منزله. ومعنى هذا أنه بعد أن ذُبِحَ المسيح لأجلي فكيف أرضى وأسمح بوجود خطية في حياتي. وهذا لمدة العمر كله (7أيام رمزاً للكمال، كل الحياة) واليهود كانوا يفهمونها أنهم خرجوا من مصر وحملوا عجينهم الذي لم يختمر (خر34: 12). وهكذا نحن إذا أردنا أن نعبر من العبودية للحرية علينا أن لا نضع أي شر في قلوبنا أو أن نعزله لو وُجِدَ ونتخلى عنه.

عيد الباكورة.

راجع خريطة الأعياد لتجد أن هذا العيد يوافق حصاد الشعير. وقد إرتبط عيد الباكورة مع عيدي الفصح والفطير وعيد الخمسين. فعيد الباكورة يحتفل به خلال أيام عيد الفطير ويأتي عيد الخمسين بعده بخمسين يوماً. ويعتبر أول الأعياد الزراعية. وطقس العيد كان لتقديم الشكر لله واهب الخيرات. وكان ثلاث شيوخ من مجمع السنهدريم يخرجون للحقول المجاورة ليأتوا بأول حزمة من المحصول ويقدمونها للهيكل، وبتقديمها للهيكل يتقدس كل الحصاد. فبتقديم الباكورة يكون الله أولاً. وهذه الحزمة تمثل شخص السيد المسيح الذي قدَّم حياته تقدمة سرور للآب لكي يبارك كل الحصاد أي الكنيسة. كان هو حبة الحنطة التي سقطت في الأرض لتأتي بثمار كثيرة (يو24: 12). ونلاحظ أن الباكورة كانت تقدم من الشعير أكل الفقراء والمساكين فالمسيح جاء ليرفع المسكين.

وكما سنرى فإن المسيح صُلِبَ فعلاً يوم الجمعة وتوافق هذا مع تقديم خروف الفصح بل هم صلبوه وتركوه في حراسة الجنود الرومان، وذهبوا ليأكلوا الفصح (14 نيسان) وفي اليوم الثالث (16 نيسان) بينما كان اليهود يتبادلون التهنئة بعيد الباكورة. كان التلاميذ يتبادلون التهنئة بقيامة المسيح باكورة الراقدين أو باكورة القائمين من الموت. فالمسيح بقيامته أظهر أنه هو الباكورة الحقيقية فهو قام يوم عيد الباكورة. ونلاحظ أن الشعب إحتفل بعيدي الفصح والفطير في البرية ولكن عيد الباكورة إحتفلوا به لأول مرة بعد أن دخلوا الأرض. فعيد الباكورة أي القيامة لابد وأن تكون في الأرض الجديدة والسماء الجديدة.

موت المسيح كان رمزه الفصح فهو فصحنا الذي مات ليخلصنا من إنساننا العتيق أو من خميرة الفساد التي تسللت إلينا ويحولنا إلى فطير، وقام من الأموات ليهبنا نحن أيضاً فيه القيامة (كو15: 1 + 1كو20: 15) ورفعنا لحضن أبيه لنحيا في السماويات (أف6: 2) ونلاحظ أن هذا العيد أيضاً هو الثالث في الأعياد. وهو ثالث يوم الفصح فرقم 3 يشير للقيامة.

عيد الخمسين:

هذه المجموعة من الأعياد هي وحدة واحدة (فصح / فطير / باكورة / خمسين) رمزاً لوحدة أخرى هي (الصلب / القيامة / تقديس الكنيسة / حلول الروح القدس) وقد سمى هذا العيد بعيد الأسابيع لأنه يأتي بعد 7أسابيع من الباكورة (خر22: 34 + تث10: 16). كما دُعِىَ عيد الخمسين وباليونانية البنطقستي (أع1: 2) وقد حلّ الروح القدس على التلاميذ يوم الخمسين فعلاً (راجع أيضاً أع16: 20). وهذا العيد هو أيضاً عيد زراعي كالباكورة ويسمى عيد الحصاد (خر16: 23) إذ يأتي في ختام موسم الحصاد بعد نضج القمح. ونسميه عيد تأسيس الكنيسة ففي هذا اليوم حلّ الروح القدس على الكنيسة ليؤسسها وبعظة بطرس آمن 3000نفس وبدأ الحصاد. لقد ماتت حبة الحنطة وقامت وبدأت تأتي بالثمر الكثير (يو24: 12) وكان بالنسبة لليهود غاية هذا العيد هو تقديم الشكر لله بمناسبة حصاد القمح.

عيد الهتاف:

هو عيد بداية السنة المدنية، وبداية الشهر السابع من السنة الدينية وكانوا يحتفلون به بالهتاف في الأبواق من الصباح للغروب. والبوق يستعمل في الإنذار أو الدعوة للحرب. والكنيسة تستخدم كلمة الله في الإنذار وللدعوة للجهاد ضد الخطية. ومن يسمع ويتوب يبدأ حياة جديدة (رمزها السنة الجديدة) فالتوبة معمودية ثانية.

عيد الكفارة (يوم الكفارة):

رمز ليوم الصليب. وتأتي تفاصيله في (لا16) هو يوم تذلل ودموع.

عيد المظال:

هو عيد مفرح بهيج. فمن يزرع بالدموع (يوم الكفارة) يحصد بالإبتهاج. ومن يتذلل أمام الله ويحيا في غربة في هذا العلم (7 أيام المظال). يحيا في فرح هو عربون أفراح الأبدية (اليوم الثامن ورقم 8 يشير للأبدية).

التوقيت بحسب ما اعتدنا عليه الآن.

فاليوم يبدأ بالصباح وينتهي بالمساء

يوم الفصح

.

التوقيت بالطريقة اليهودية. وفيها اليوم يبدأ من مساء اليوم الذي يسبقه.

(نفس طريقة كنيستنا فاليوم يبدأ من عشية اليوم السابق).

تحديد يوم الفصح في أسبوع آلام السيد المسيح.

(كتاب الأسرار السبعة. حبيب جرجس).

هناك رأيين في تحديد يوم الفصح في أسبوع آلام السيد المسيح: -.

الأول: أنه كان يوم الخميس. وأن يوم الخميس في ذلك الأسبوع كان يوم 14 نيسان في تلك السنة. وأصحاب هذا الرأي هم الكنيسة الكاثوليكية وبحسب هذا الرأي يقولون أن السيد المسيح إحتفل بالفصح مع تلاميذه يوم الخميس مساءً ثم أسس سر الإفخارستيا. ولما كان بحسب الطقس اليهودي أنه يمنع إستخدام الفطير إبتداء من هذه الليلة ولمدة أسبوع، فهم يستخدمون الفطير في سر الإفخارستيا إستناداً على أن المسيح استخدم الفطير. وهم يستندون في ذلك على ما جاء في أناجيل متى ومرقس ولوقا. "وفي أول أيام الفطير" تقدم التلاميذ إلى يسوع قائلين له "أين تريد أن نعد لك لتأكل الفصح" (مت17: 26 - 19 + مر12: 14 + لو7: 22، 8). ويستندون على قول متى ومرقس وفي أول أيام الفطير. وعلى قول لوقا وجاء يوم الفطير.

الثاني: أن يوم الفصح كان يوم الجمعة 14 نيسان أي أن اليهود صلبوا المسيح وذهبوا ليأكلوا الفصح. وبالتالي كان يوم الخميس هو 13 نيسان قبل الفصح، ويكون ما قدّمه المسيح في سر الإفخارستيا هو خبز مختمر وليس فطيراً. وهذا الرأي هو رأي كنيستنا الأرثوذكسية والدليل على ذلك.

(يو1: 13 - 27) أما يسوع قبل عيد الفصح.. ثم يذكر حادثة غسل الأرجل فهنا يصرح يوحنا بأن العشاء الرباني وغسل الأرجل كانا قبل الفصح.

(يو1: 12 - 13) ثم قبل الفصح بستة أيام أتى يسوع.. عشاء بيت عنيا فهذا العشاء كان قبل الفصح بستة أيام. وهذا العشاء كان يوم السبت لأن في آية (12) يقول وفي الغد (أي الأحد) دخل يسوع أورشليم يوم أحد الشعانين. وبالتالي يكون الفصح قد تحدد أنه يوم الجمعة.

(يو28: 18) ثم جاءوا بيسوع من عند قيافا إلى دار الولاية.. ولم يدخلوا هم لئلا يتنجسوا فيأكلون الفصح. إذاً اليهود لم يدخلوا دار الولاية صباح الجمعة لئلا يتنجسوا لأن الذي يأكل الفصح يجب أن يكون طاهراً (عد6: 9 - 11). وهذا يدل أن فصح اليهود لم يكن قد بدأ في يوم الجمعة صباحاً وكانوا سيأكلونه مساءً.

(مت62: 27 - 64) وفي الغد الذي بعد الاستعداد..

(مر42: 15، 43) ولما كان المساء إذ كان الاستعداد.

(لو54: 23) وكان يوم الاستعداد والسبت يلوح.

فما هو هذا الاستعداد؟ هو الاستعداد للفصح كما أوضحه (يو13: 19، 14، 42).

أحداث شراء اليهود ورؤساء الكهنة لحقل الفخاري (مت2: 27 - 7). وشراء يوسف الكتان لتكفين المسيح (مر46: 15 + لو53: 23) وتسخير سمعان القيرواني ليحمل صليب المسيح (مر21: 15 + لو26: 23) لا يمكن أن تتم ويكون الفصح قد دخل ففي الفصح يمتنع البيع والشراء والتسخير. وكذلك نسمع أن سمعان القيرواني كان آتياً من الحقل وهذا لا يجوز في الفصح.

(يو31: 19).. لأن يوم ذلك السبت كان عظيماً.. فالسبت كان عظيماً بسبب وقوع الفصح فيه. وفي هذه الآية أيضاً نرى أن عصر الجمعة حين موت المسيح على الصليب كان استعداد الفصح لا يوم الفصح.

(مت15: 27 - 26 + مر6: 15، 15 + لو17: 23) نرى فيها أن بيلاطس كان يطلق لليهود أسيراً في العيد وأنه أطلق باراباس لهم يوم الجمعة ومن هذا نفهم أن الفصح لم يكن قد حل بعد. فالعادة أن يطلق الأسير قبل أن يحل يوم الفصح.

(يو27: 13 - 29). بعد اللقمة دخله الشيطان.. يسوع قال له اشتر ما نحتاج إليه للعيد. فواضح أن وقت تأسيس سر العشاء الرباني لم يكن الفصح قد حل بعد.

(مت3: 26 - 5 + مر1: 14، 2) نرى هنا أن رؤساء الكهنة اهتموا بأن يتم صلب المسيح قبل العيد لئلا يقع شغب في الشعب المجتمع من كل ناحية.

الكلمة المستخدمة في الأناجيل عن الخبز هي آراطوس وتشير للخبز المختمر (مر22: 14).

إن سر الإفخارستيا لم يتمم منذ الأزمنة الرسولية إلاّ بخبز مختمر.

الرد على الرأي الأول:

من يقول أن الفصح كان يوم الخميس يستند على قول متى ومرقس "وفي أول أيام الفطير. وقول لوقا وجاء يوم الفطير. وقول لوقا يسهل الرد عليه فهو لا يعني سوى ولما إقترب يوم الفطير فالأمور المقرر وقوعها في وقت معين يقال عنها جاءت أو بلغت إذا كان الوقت قريباً جداً. ويكون ما قصده لوقا أن الفصح صار قريباً على الأبواب.

أما قول متى ومرقس وفي أول أيام الفطير. نجد أن كلمة أول باليونانية هي "بروتي" وتعريبها أول ولكنها تعني أيضاً قبل. ويحدث هذا في لغتنا العربية أن كلمة أول تعني قبل (مثال أول من أمس = قبل أمس) وبهذا يصبح قول متى ومرقس بحسب هذا المفهوم "وقبل الفطير.." والفصح الذي أراده مخلصنا هو ليس الفصح اليهودي بل هو الفصح الجديد. الذي قال عنه شهوة إشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم (لو15: 22) والذي قال عنه "هذا هو دمي الذي للعهد الجديد" (مت28: 26). فهل كان السيد يشتهي أن يأكل الفصح اليهودي، وهو قد أكله معهم مرات من قبل؟! بل هو كان يشتهي أن يعطيهم جسده ودمه فصحاً جديداً بعهد جديد ليوحدهم به ويكون لهم حياة، بل يشتهي أن يكمل هذا بوصولهم للسماء [لو14: 25] بالقطع فالمسيح كان لا يشتهي أن يذكر الخروج من مصر أو يأكل لحم خراف، بل هو يريد أن يعطي تلاميذه سر الحياة جسده ودمه مأكل حق ومشرب حق (يو55: 6). هو إشتهى أن يكشف لتلاميذه سر الفصح الكبير الحقيقي.

مما سبق نرى تطابق رائع بين الأعياد اليهودية وما حدث في هذا الأسبوع: -.

فالمسيح دخل أورشليم مع إختيارهم لخروف الفصح وصُلِبَ مع ذبحهم لخروف الفصح وقام يوم الباكورة فهو باكورتنا. والروح القدس حلّ يوم الخمسين يوم عيد الحصاد، يوم تأسست الكنيسة وآمن 3000 بعظة واحدة لبطرس.

ترتيب أحداث أسبوع الآلام.

يوم السبت.

إقامة لعازر (يو1: 11 - 46).

ذهاب يسوع إلى مدينة إفرايم (يو47: 11 - 54).

مريم تدهن يسوع بالطيب في بيت عنيا (مت6: 26 - 13 + مر3: 14 - 9 + يو55: 11 - 11: 12).

ملحوظة: تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بإقامة لعازر في يوم السبت وتسميه سبت لعازر، بينما أن المعتقد أن المسيح أقام لعازر قبل يوم السبت بعدة أيام. وهذا يتضح من (يو47: 11 - 54). ولكن الكنيسة تفضل الاحتفال به قبل أسبوع الآلام ويوم أحد الشعانين مباشرة. فإقامة لعازر كانت السبب المباشر لاستقبال الجماهير الحافل للمسيح يوم الأحد (يو17: 12، 18). وكانت السبب المباشر لهياج رؤساء الكهنة وإصرارهم على الإسراع بقتل المسيح بل وقتل لعازر أيضاً حتى لا يذهب الناس وراءه ويؤمنون به.

يوم الأحد أحد الشعانين.

دخول المسيح أورشليم في موكب عظيم.

(مت1: 21 - 11 + مر1: 11 - 11 + لو29: 19 - 44 + يو12: 12 - 19).

طلب اليونانيين أن يروا يسوع (يو20: 12 - 36).

يوم الاثنين.

شجرة التين غير المثمرة (مت18: 21، 19، [20 - 22] + مر12: 11 - 14، [20 - 26]).

تطهير يسوع للهيكل للمرة الثانية.

(مت12: 21 - 17 + مر11: 11، 15 - 19 + لو45: 19 - 48 + لو37: 21، 38).

كانت المرة الأولى في بداية خدمة المسيح (يو14: 2 - 17).

يوم الثلاثاء.

يوم الأربعاء.

بحسب تقليد كنيستنا فهو يوم المشورة الرديئة لرؤساء اليهود مع يهوذا وهو يوم إعتزال يرجح أن السيد مكث فيه في بيت عنيا.

يوم الخميس خميس العهد.

يوم الجمعة الجمعة العظيمة.

* هذه الأحداث لا يمكن تحديد ميعادها تماماً، هل هو قبل منتصف الليل أو بعده. وبعض الكتب تنسبها ليوم الخميس وبعض الكتب تنسبها ليوم الجمعة. وبحسب كتاب ترتيب قراءات أسبوع الآلام للكنيسة القبطية الأرثوذكسية تقع معظم هذه الأحداث يوم الخميس أي قبل منتصف ليلة الجمعة.

يوم السبت.

الحراس على القبر (مت62: 27 - 66).

يوم الأحد يوم القيامة المجيدة.

يوم الأحد. أحد الشعانين.

دخول السيد المسيح إلى أورشليم هو طريق للقيامة.

كان الهدف من تجسد السيد المسيح وفدائه هو أن تكون لنا حياة أبدية وهذا ما تم بقيامة السيد المسيح من الأموات لنقوم نحن فيه.

والطريق لذلك يتم عبر موت الإنسان العتيق الذي فينا وقيامة إنسان جديد في المسيح وهذا يبدأ بالمعمودية، ونكمل بحياة التوبة التي هي قيامة أولى. وهذه لو تمت تكون لنا قيامة ثانية في مجئ السيد المسيح الثاني.

ولنرى الخط العام للأناجيل الأربعة وكيف شرحت هذا، ولنعلم أن الإنجيليين ليسوا مؤرخين لكنهم يقدمون بشارة الخلاص، والطريق للخلاص، كلٌ بطريقته.

ونرى أن الطريق للقيامة كان الصلب "مع المسيح صلبت لأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ" (غل20: 2).

ونرى أن المسيح أتى ليطهرنا (تطهير الهيكل = تطهير القلب).

والطريق لسكنى حياة المسيح فيَّ هو التشبه بالمسيح في تواضعه. فالله يسكن عند المنسحق والمتواضع القلب (إش15: 57). وهذا معنى نزول زكا عن الشجرة ليدخل المسيح بيته. والتواضع عكس طلب أم إبنى زبدي. وطلب أم إبنى زبدي سبق تفتيح أعين العميان. ومن إنفتحت عيناه لن يطلب عظمة أرضية، بل يقبل ملك المسيح على قلبه بفرح.

دخول المسيح أورشليم كملك هو دخول المسيح كملك لقلبي ليملك عليه، وهذا معنى "من يحبني يحفظ وصاياي" (يو21: 14، 23).

ملحوظة: أناجيل مرقس ولوقا ويوحنا تذكر الجحش الذي دخل المسيح أورشليم راكباً إياه، بينما إنجيل متى يذكر أتان وجحش. وأناجيل مرقس ولوقا ويوحنا تذكر فتح أعين أعمى، ولكن متى يذكر فتح أعين أعميين. والسبب أن مرقس ولوقا ويوحنا يكتبون للأمم (رمزهم جحش لم يركبه أحد من قبل. والأمم لم يملك الله عليهم من قبل). ولكن متى يكتب لليهود (الذين رمزهم الحمار وهذا قد ركبه الناس رمزاً لملك الله عليهم منذ زمن) والمسيح أتى للكل يهوداً وأمم، وكلاهما كان أعمى فتح المسيح بصرهم.

إنجيل يوحنا

.

قراءات الكنيسة لها نفس منهج الإنجيل.

(قطمارس الصوم الكبير).

أحد الرفاع: الصوم والصلاة والصدقة: هذا طريق السماء (فالقيامة هي هدف هذا الأسبوع: فالصوم صلب عن العالم، والصلاة هي صلة مع الله والصدقة هي فعل الخير للمحتاج، فالمحتاج هو أخ للرب، وبها نتقابل مع الرب فنحيا في السماء.

الأحد الأول: الكنز: من يفعل ما سبق لن يخسر بل يصنع له كنزاً في السماء.

الأحد الثاني: التجربة: لابد وأن نتعرض للتجارب، ولكنها طريق للإمتلاء من الروح والنمو (لو14: 4).

الأحد الثالث: الإبن الضال: هو دعوة لكل إنسان مهما كانت حالته ليأتي بالتوبة والله مستعد لقبوله.

الأحد الرابع: السامرية: المسيح أتى ببشارة الخلاص لكل العالم، لليهود والسامريين والأمم. ومن يقبل يجد الماء الحي والشفاء.

الأحد الخامس: المخلع: يسأله الرب هل تريد أن تبرأ؟ فالتوبة هي عمل مشترك بين الله وبيني، الله يدعو وأنا حر إن كنت أستجيب أو لا أستجيب "توبني فأتوب لأنك أنت الرب إلهي" (إر18: 31). ونلاحظ في قراءات الأسبوع أنها تشير لما يحصل عليه التائب من شبع فالمسيح خبز الحياة، وأن يحيا في النور، وهذا لن يحصل عليه رافض التوبة، بل يحيا في جوع وفي ظلمة. ولاحظ قول السيد المسيح للفريسيين في قراءات يوم السبت من هذا الأسبوع "كم مرة أردت ولكنكم لم تريدوا ها بيتكم يترك لكم خراباً" (مت37: 23) ومازال المسيح يسأل أنا أريد فهل تريد أن تبرأ.

الأحد السادس: المولود أعمى: المسيح يفتح عينيه بغسله في الماء إشارة للمعمودية التي تعطي إستنارة، فيعرف المسيح ويؤمن به، وهذا هو "أحد التناصير" ولاحظ أن الأسابيع الماضية كان موضوعها هو التوبة، فمن يقدم توبة تنفتح عيناه ويعرف المسيح. ويقبله ملكاً على قلبه.

الأحد السابع: أحد الشعانين: المسيح يدخل لقلبي كملك يملك عليه، وأطيعه في محبة فيطهر قلبي كما طهر الهيكل. ومن لا يقبل يُدان (شجرة التين).

أحد القيامة: من قبل المسيح ملكاً وتطهر قلبه وصارت له قيامة أولى، ستكون له قيامة ثانية بجسد ممجد.

المركبة الكاروبيمية.

الجالس فوق الشاروبيم اليوم ظهر في أورشليم.

راكبا على جحش بمجد عظيم وحوله طقوس ني أنجيلوس.

لنرى مصادر هذا اللحن الشعانينى.

ركب على كروب وطار (مز18: 10).

هوذا ملكك يأتي إليك هو عادل ومنصور وديع وراكب.

على.. جحش.. (زك9: 9).

ركب على كروب = الجالس فوق الشاروبيم = المسيح يجد راحته فيهم لأنهم يعرفونه.

وهذا معنى أنهم مملوئين أعيناً.. (حز 10: 12) + (رؤ 4: 6). ولذلك يسبحونه قائلين "قدوس قدوس قدوس" (رؤ4: 8).

وطار = نرى في الإصحاح الأول من نبوة حزقيال منظر المركبة الكاروبيمية التي يركبها الله ويطير بها للسماء، وقطعا فالله لا يحتاج لمركبة من الملائكة لتحمله إلى السماء، فهو ساكن في الأعالي بل لا يحده مكان، ولكن هذا التصوير يشير إلى أن من يرتاح الله فيه، فالله هو الذي يحمله إلى أعلى السموات.

واليوم عيد دخول المسيح إلى أورشليم، وأورشليم تشير لقلبي أنا، فكيف يدخل المسيح إلى قلوبنا؟

أن يرتاح المسيح فينا كما يرتاح في الشاروبيم = بأن نعرفه.. كيف؟

هذا عن طريق الأربعة الأناجيل ولذلك فرموزها هي وجوه الكاروبيم (رؤ4: 7).

الإنسان = متى أكثر من تكلم عن المسيح ابن الإنسان.

الأسد = مرقس قدم المسيح كملك قوى.

الثور = لوقا قدم المسيح ذبيحة ليقبل الله الجميع.

النسر = يوحنا قدم المسيح ابن الله السماوي.

لكن بدون عمل المسيح فلا قبول لنا.. ومرة ثانية نتقابل مع وجوه الكاروبيم.

الإنسان = التجسد.

الثور = ذبيحة الصليب.

الأسد = القيامة.

النسر = الصعود.

والآن ما هو دورنا بعد ما تمم المسيح عمله؟... تقديس (تكريس وتخصيص) كل طاقاتنا للمسيح.

الإنسان = الطاقة العقلية.

الأسد = القوة العضلية.

الثور = الطاقة الشهوانية التي كانت طاقة حب لله.

النسر = الطاقة الروحية وهذه تعنى ممارسة التسابيح والصلوات مع الأصوام...

أن نتواضع متخذين المسيح نموذج لنا، فيسكن الله عندنا "فهو يسكن عند المنسحقين.." (اش57: 15).

بل قل أن التواضع لا معنى له بالنسبة للإنسان، هذا ممكن فقط للمسيح السماوي العالي الذي نزل، أما نحن أصلا فمن أسفل. التواضع لنا حقيقة هو أن ندرك حقيقتنا، وإننا لا شيء، قيمتنا هي بالمسيح.

وأيضا أن نعطى قيادة حياتنا للمسيح، كما قاد المسيح هذا الجحش اليوم ودخل به إلى أورشليم أو قل نكون كالفرس الأبيض الذي يركبه الفارس (المسيح) الذي خرج غالباً ولكي يغلب (رؤ6: 2).

والملخص فالمسيح يرتاح ويسكن فينا = 1) بأن نعرفه 2) التواضع والانسحاق.

3) أن نعطى المسيح قيادة حياتنا وهذه تأتى بأن نسلم تماما كل أمور حياتنا له بدون أي تذمر ونطيع كل وصاياه.

ومن يقبل ويفعل:

1) يصير مركبة مثل المركبة الكاروبيمية أي يحمله المسيح الساكن فيه فيحيا في السماويات هنا، ويدخل أورشليم السماوية في الأبدية.

2) الذي يسكن المسيح عنده تصير له إمكانيات لا نهائية عبر عنها بولس الرسول بقوله "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" (فى4: 13) ونعود لوجوه الكاروبيم:

الإنسان = الحكمة.

الأسد = الأقوى جسديا.

الثور = شهوة الحب كلها لله.

النسر = هذا يحلق روحيا في السماويات وله قوة إبصار عجيبة (الإفراز).

3) بل تكون للإنسان شفاعة في الخليقة، ألم يقل الله عن الأنبا بولا "أن نهر النيل يفيض بسببه". وتغير طبع الثعبان من وجوده مع الأنبا برسوم العريان.

وقيل أن هذا كان عمل الكاروبيم:

فمن له وجه الإنسان يشفع في البشر.

والذي له وجه الثور يشفع في حيوانات الحقل.

والذى له وجه الأسد يشفع في حيوانات البرية.

والذى له وجه النسر يشفع في الطيور.

ولا شفاعة في الزواحف فمنها الحية رمز إبليس، ولا شفاعة في الأسماك فهي تحيا في البحر وهو رمز للعالم بشهواته، ومن يحيا فيها فهو ميت.

دخل الرب يسوع أورشليم كملك حسب النبوات أنه يملك كإبن داود. وكانت مملكة داود رمزا لمملكة المسيح. ولكن كانت توقعات اليهود الجسديين أن يدخل المسيح أورشليم كملك أرضى منتصر، لكن المسيح كان يؤسس مملكة من نوع آخر. لذلك دخل "وديعا متواضعا راكبا على جحش إبن أتان" (زك9: 9). وهذه الآية طبقها الربيين بإجماع على المسيا مع نبوة إشعياء "قولوا لإبنة صهيون، ها مخلصك آتٍ. ها أجرته معه وجزاؤه قدامه" (إش62: 17). وكان دخول الرب إلى أورشليم يوم أحد فى ربيع سنة 29م، وكان ذلك ظهرا. ولما وصل موكب الرب إلى بيت فاجى أرسل تلاميذه ليأتوا له بالآتان والجحش من القرية. ولقد وافق صاحب الأتان على ترك الجحش لأنه فهم أن الرب يريد دخول أورشليم بهذا الموكب، بعد أن إنتشرت أخبار عزمه على دخول أورشليم. وهو وافق أن يشارك فى هذه المناسبة، إذ فهم الغرض من وراء هذا الدخول المهيب. وسار الموكب الآتى من بيت عنيا إلى أورشليم.

وإنتشر خبر دخول السيد إلى أورشليم فتجمع حجاج الجليل الذين يعرفونه، ومعهم الذين سمعوا بمعجزة إقامة لعازر وصار الموكب كبيرا. وإنضم عليه الموكب الذى أتى مع الرب يسوع من بيت عنيا. وكان الناس يتساءلون عنه "من هذا"، فيقول البعض هذا يسوع النبى الذى من ناصرة الجليل ". ويجيب شهود معجزة إقامة لعازر بما حدث. وتزداد حماسة الجميع الذين فهموا أنه المسيا إبن داود فرتلوا المزمور 118" أوصنا يا إبن داود = يا رب خلص ". وكانت هذه هى العادة - أن يستقبل الموجودين بأورشليم مواكب الحجاج الآتين من الجليل بترتيل هذا المزمور، ويرد الحجاج بمزمور (103: 17)" أما رحمة الرب فإلى الدهر والأبد على خائفيه، وعدله على بنى البنين ". ولكن حماس الناس فى هذا اليوم كان أكثر كثيرا من إستقبال مواكب الحجاج العادية، فهم تصوروا أن مملكة داود عائدة قريبا. وهذا ماجعل الفريسيين الكارهين للرب يسوع يستشيطون غيظا وحسدا، ويقولون له" يا معلم إنتهر تلاميذك "فقال لهم الرب" إنه أن سكت هؤلاء فالحجارة تصرخ "، وهذه العبارة" الحجارة تصرخ "موجودة فى تعاليم الربيين وكتاباتهم". وفيما هو يقترب إلى المدينة نظر إليها ورأى ما سيحدث لها بعد سنوات قليلة فبكى عليها - وكلمة بكى هنا جاءت بمعنى تنهد بصوت مسموع ودموع غزيرة. أما كلمة بكى أمام قبر لعازر فكانت تعنى إنسابت دموعه.

ونلاحظ أن الفريسيين والكهنة صمموا على قتل الرب يسوع ولكن بعيدا عن حجاج الجليل، أما يهود أورشليم فهم كانوا قد لقنوهم كراهية الرب يسوع. وكانت غالبية الجموع الذين إستقبلوا الرب يسوع عند دخوله لأورشليم من الجليليين. وكان الفريسيين والكهنة خائفين من القبض عليه وسط حجاج الجليل الموجودين فى العيد. أما غالبية الموجودين بأورشليم من اليهود فكانوا من الكارهين له بسبب إشاعات الفريسيين الرديئة عنه، وهؤلاء هم الذين صرخوا أمام بيلاطس "أصلبه أصلبه.. دمه علينا..".

وتوجه السيد إلى الهيكل الذى كان قد طهره فى بدء خدمته (وذُكِرَ هذا فقط فى يو2). وكان هذا مساء، والخدمة قد إنتهت وإنصرف الناس ورأى الأوضاع السيئة التى رجع إليها الهيكل من سرقات وغش وتجارة مرفوضة. ثم توجه ليبيت فى بيت عنيا.

دخول المسيح أورشليم في موكب عظيم.

مت1: 21 - 11 + مر1: 11 - 11 + لو29: 19 - 48 + يو12: 12 - 19.

هذا اليوم كان في خطة الله الأزلية، وهو يوم إعلان ملكه ونوع ملكه. فدخل المسيح أورشليم في موكب ملك كمنتصر غالب في الحرب، لكن بتواضع ومحبة وما حدث من إستقبال الناس له لم يكن بترتيب بشري إنما هو بترتيب إلهي. وكملك دخل بيت أبيه أي الهيكل ليطهره.

إرسال التلميذين ليحضرا الجحش تم من على الطريق المشترك لبيت عنيا وبيت فاجي

.

الآيات (مت1: 21 - 11): -.

"1 وَلَمَّا قَرُبُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ فَاجِي عِنْدَ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، حِينَئِذٍ أَرْسَلَ يَسُوعُ تِلْمِيذَيْنِ 2قَائِلاً لَهُمَا: «اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ أَتَانًا مَرْبُوطَةً وَجَحْشًا مَعَهَا، فَحُّلاَهُمَا وَأْتِيَاني بِهِمَا. 3 وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ شَيْئًا، فَقُولاَ: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا. فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُمَا». 4فَكَانَ هذَا كُلُّهُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: 5«قُولُوا لابْنَةِ صِهْيَوْنَ: هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِيكِ وَدِيعًا، رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَجَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ». 6فَذَهَبَ التِّلْمِيذَانِ وَفَعَلاَ كَمَا أَمَرَهُمَا يَسُوعُ، 7 وَأَتَيَا بِالأَتَانِ وَالْجَحْشِ، وَوَضَعَا عَلَيْهِمَا ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِمَا. 8 وَالْجَمْعُ الأَكْثَرُ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ. 9 وَالْجُمُوعُ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرَخُونَ قَائِلِينَ: «أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي! ». 10 وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: «مَنْ هذَا؟ » 11فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: «هذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».".

بيت عنيا وبيت فاجي هما من ضواحي أورشليم فهما تحسبان أنهما من أورشليم. فهناك طريق واحد منهما إلى أورشليم. وبيت عنيا توجد على السفح الشرقي، شمال جبل الزيتون، وبيت فاجي على السفح الشرقي، جنوب جبل الزيتون،.

أمّا السفح الغربي لجبل الزيتون فيقع عليه بستان جثسيماني. ونلاحظ أن قمة جبل الزيتون تحجب رؤيا أورشليم عمن هو في بيت عنيا. وقد أتى المسيح إلى بيت عنيا لوليمة سمعان الأبرص عشية يوم الأحد.

ودخل المسيح فصحنا إلى أورشليم عشية يوم 10نيسان، وهو اليوم الذي يحفظ فيه خروف الفصح حتى يقدم يوم 14نيسان. فالمسيح دخل أورشليم في نفس اليوم الذي يختارون فيه خروف الفصح. كانت أورشليم تكتظ بالحجاج (أع8: 2 - 11) ويقدرهم يوسيفوس بحوالي 2700000حاج.

ونلاحظ أن الأناجيل الأربعة إهتمت بهذا الأسبوع الأخير من حياة السيد المسيح فمثلاً إنجيل متى إشتمل على الإصحاحات 21 - 28 ليروي فيها ما حدث في هذا الأسبوع، أسبوع آلام السيد والذي قدَّم فيه السيد نفسه ليكون فصحنا ويعبر بنا من الظلمة إلى ملكوته الأبدي.

الآيات (مت1: 21 - 3): -.

"1 وَلَمَّا قَرُبُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ فَاجِي عِنْدَ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، حِينَئِذٍ أَرْسَلَ يَسُوعُ تِلْمِيذَيْنِ 2قَائِلاً لَهُمَا: «اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ أَتَانًا مَرْبُوطَةً وَجَحْشًا مَعَهَا، فَحُّلاَهُمَا وَأْتِيَاني بِهِمَا. 3 وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ شَيْئًا، فَقُولاَ: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا. فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُمَا».".

جاءوا إلى بيت فاجي = ومرقس يقول بيت فاجي وبيت عنيا.. وأنظر الرسم، ومنه نفهم أن حدود بيت عنيا وبيت فاجي مشتركة ولهما طريق واحد مشترك إلى أورشليم. وقلنا سابقاً أن بيت عنيا تعني بيت الألم والعناء. أمّا بيت فاجي فتعني بيت التين (ربما لكثرة أشجار التين فيها). ولكن التينة تشير للكنيسة التي يجتمع أفرادها في محبة، وهي في العالم في عناء (الحدود مشتركة) لكن المسيح في وسطها. يفرح بالحب الذي فيها ويشترك في ألامها ويرفعها عنها ويعزيها وهي على الأرض. أتاناً مربوطة وجحشاً معها = أمّا باقي الإنجيليين (مرقس ولوقا ويوحنا) فقد ذكروا الجحش فقط وقالوا لم يجلس عليه أحد قط. وقال معظم الأباء أن الأتان المربوطة تشير لليهود الذين كانوا مؤدَّبين بالناموس مرتبطين به، خضعوا لله منذ زمان. لكنهم في تمردهم وعصيانهم مثل الحمار الذي إنحط في سلوكه ومعرفته الروحية، يحمل أحمالاً ثقيلة من نتائج خطاياه الثقيلة، والحمار حيوان دنس بحسب الشريعة. وهو من أكثر حيوانات الحمل غباءً، هكذا كان البشر قبل المسيح. أمّا الجحش فيمثل الأمم الشعب الجديد الذي لم يكن قد إستخدم للركوب من قبل، ولم يروَّض لا بالناموس ولا عَرِف الله، عاشوا متمردين أغبياء في وثنيتهم، لم يستخدمه الله قبل ذلك ولذلك فهم بلا مران سابق وبلا خبرات روحية. (مز12: 49). أتان = أنثى الحمار. جحش = حمار صغير.

ومتى وحده لأنه كتب لليهود أشار للأتان والجحش، أمّا باقي الإنجيليين فلأنهم كتبوا للأمم أشاروا فقط للجحش. ربما ركب المسيح على الأتان فترة من الوقت، وعلى الجحش فترة أخرى ليريح الجحش. لكن الإنجيليين الثلاثة يشيروا لبدء دخول الإيمان للأمم.

ونلاحظ في (رؤ2: 6) أن المسيح ظهر راكباً على فرس أبيض يشير لنا نحن المؤمنين. فالمسيح يقودنا في معركة ضد إبليس وخرج غالباً ولكي يغلب فينا. حينئذ أرسل يسوع تلميذين = رمز لمن أرسلهم المسيح من تلاميذه إلى اليهود والأمم. قولا الرب محتاج إليهما = هذه تشير لأن الله يريد أن الجميع يخلصون (يهوداً وأمم). ولاحظ أنه لم يقل ربك محتاج أو ربنا محتاج بل الرب محتاج فهو رب البشرية كلها، وأتى من أجل كل البشرية. وهو هنا يتطلع إلى البشرية ليس في تعالٍ بل كمن هو محتاج إلى الجميع، يطلب قلوبنا مسكناً له وحياتنا مركبة سماوية تحمله. فحلاّهما = هذه هي فائدة الكرازة التي قام بها التلاميذ في العالم، أن يؤمن العالم فَيُحَّلُ من رباطات خطيته (يو22: 20، 23) التي كان يحملها كما يحمل الحمار الأثقال على ظهره. الكنيسة تحل أولادها من رباطات الخطية ليملك عليها المسيح ويقودها لكن كفرس في معركة ضد الشيطان.

ونلاحظ أن المسيح لم يدخل أورشليم ولا مرّة، ولا أي مدينة أخرى في موكب مهيب بهذه الصورة سوى هذه المرة لإعلان سروره بالصليب، وهو قبل هذا الموكب فهو حسبه موكبه كملك يملك بالصليب. ويوحنا وحده الذي أشار لهتاف الجماهير بقولهم ملك إسرائيل. ونلاحظ أن المسيح لم يدخل كالقادة العسكريين على حصان، فمملكته ليست من هذا العالم، ويرفض مظاهر العظمة العالمية والتفاخر العالمي. ويطلب فقط مكاناً في القلوب، يحمل عنها خطاياها التي تئن من ثقلها (كالحمار) فترد لهُ جميله بأن تسكنه في قلبها (مز22: 73، 32) فيحولها لمركبة سماوية (مز10: 18) إن قال لكما أحد شيئاً = غالباً كان صاحب الحمار من تلاميذ المسيح الذين آمنوا به سراً.

الآيات (مت4: 21 - 5): -.

"4فَكَانَ هذَا كُلُّهُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: 5«قُولُوا لابْنَةِ صِهْيَوْنَ: هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِيكِ وَدِيعًا، رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَجَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ».".

إبنة صهيون = أي سكان أورشليم (أش11: 62 + زك9: 9) والإقتباس تماماً من السبعينية. يأتيك وديعاً = حتى لا يهابوه بل يحبوه لذلك دخل راكباً أتان ولم يركب حصان في موكب مهيب كقائد عسكري. ولكنه الآن يركب حصان، فرس أبيض الذي هو أنا وأنت ليحارب إبليس ويغلب. ومن الذي يغلب إلاّ الذي دخل المسيح قلبه وملك عليه، فدخول المسيح أورشليم يشير لدخوله قلوبنا.

الآيات (مت6: 21 - 8): -.

"6فَذَهَبَ التِّلْمِيذَانِ وَفَعَلاَ كَمَا أَمَرَهُمَا يَسُوعُ، 7 وَأَتَيَا بِالأَتَانِ وَالْجَحْشِ، وَوَضَعَا عَلَيْهِمَا ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِمَا. 8 وَالْجَمْعُ الأَكْثَرُ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ.".

فرش الثياب هي عادة شرقية دليل إحترام الملوك عند دخولهم للمدن علامة الخضوع وتسليم القلب. ونحن فلنطرح أغلى مالدينا تحت قدميه. فما حدث يعني أنهم يقبلونه ملكاً عليهم، أو يملكونه عليهم. وإستخدامهم لأغصان الأشجار (غالباً شجر الزيتون) مع سعف النخيل يشير للنصرة (نصرة على الخطية) مع السلام. فالنخل يشير بسعفه للنصرة والغلبة (رؤ9: 7). والأغصان تشير للسلام (حمامة نوح عادت بغصن زيتون) وهذا ما كان اليهود يفعلونه وهم يحتفلون بعيد المظال، عيد الأفراح الحقيقية وهذا يدل على فرح الشعب بالمسيح الذي يدخل أورشليم. وكل من يملك المسيح على قلبه يغلب ويفرح. وفرش الأرض بالخضرة هو رمز للخير الذي يتوقعونه حين يملك المسيح.

آية (مت9: 21): -.

"9 وَالْجُمُوعُ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرَخُونَ قَائِلِينَ: «أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي! ».".

إستعمل البشيرون عبارات مختلفة ولكن هذا يعني أن البعض كان يقول هذا والبعض الآخر كان يقول تلك. وكل إنجيلي إنتقى مما قيل ما يتناسب مع إنجيله. أمّا تسابيحهم فتركزت في كلمة أوصنا نطق أرامي معناه خلصنا فهي مأخوذة من هوشعنا بمعنى الخلاص أي يا رب خلص (هو من يهوه)، فالفرح كان بالمسيح المخلص وغالباً هم فهموا الخلاص أن المسيح سيملك عليهم أرضياً ويخلصهم من الرومان. وهذه التسبحة (أوصنا....) مأخوذة من مزمور (118).

الجموع الذين تقدموا والذين تبعوا = طبعاً هذه تشير لأن بعض الجموع تقدموا الموكب وبعض الجموع ساروا وراء الموكب. ولكنها تشير لمن آمن بالله وعاشوا قبل مجيء المسيح من القديسين، ولمن آمن بالمسيح بعد مجيئه. فالكل إستفاد بالخلاص الذي قدَّمه المسيح. الكل في موكب النصرة. لذلك فالمسيح نزل إلى الجحيم من قِبَلْ الصليب ليفتحه ويخرج القديسين الذين كانوا فيه ويأخذهم إلى الفردوس. فالمسيح هو مخلص كل العالم. أوصنا لإبن داود = إشارة لناسوت المسيح وتجسده. أوصنا في الأعالي = فهو الذي أتى من السماء وسيذهب للسماء.. (يو13: 3). ولاحظ أن متى الذي يتكلم عن المسيح إبن داود يشير لهذا بقوله أوصنا لإبن داود فهو تجسد ليرفعنا فيه للأعالي = أوصنا في الأعالي.

الآيات (مت10: 21 - 11): -.

"10 وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: «مَنْ هذَا؟ » 11فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: «هذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».".

سكان المدينة لم يعرفوه. ولكن من سمع عنه وعمل معه معجزات قد عرفوه. وهؤلاء كان أغلبيتهم من الجليليين الذين هم في وسط الجموع. وكل من دخل المسيح قلبه يرتج قلبه فيطرد من داخله كل خطايا تمنعه من الفرح بالمسيح المخلص ويبدأ في التعرف عليه. لقد خطط المسيح دخوله أورشليم في هذا الموكب المهيب ليعلن أنه ملك ولكن على القلوب وكجزء من تدبير صلبه يوم الفصح (الجمعة). فهو بهذا أثار اليهود ضده فهو دخل كملك ظافر، المسيا الآتي لخلاص شعبه (فهو ملك بصليبه).

الآيات (مر1: 11 - 11): -.

"1 وَلَمَّا قَرُبُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى بَيْتِ فَاجِي وَبَيْتِ عَنْيَا، عِنْدَ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، أَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، 2 وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، فَلِلْوَقْتِ وَأَنْتُمَا دَاخِلاَنِ إِلَيْهَا تَجِدَانِ جَحْشًا مَرْبُوطًا لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ. فَحُلاَّهُ وَأْتِيَا بِهِ. 3 وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ: لِمَاذَا تَفْعَلاَنِ هذَا؟ فَقُولاَ: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ. فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُ إِلَى هُنَا». 4فَمَضَيَا وَوَجَدَا الْجَحْشَ مَرْبُوطًا عِنْدَ الْبَابِ خَارِجًا عَلَى الطَّرِيقِ، فَحَلاَّهُ. 5فَقَالَ لَهُمَا قَوْمٌ مِنَ الْقِيَامِ هُنَاكَ: «مَاذَا تَفْعَلاَنِ، تَحُلاَّنِ الْجَحْشَ؟ » 6فَقَالاَ لَهُمْ كَمَا أَوْصَى يَسُوعُ. فَتَرَكُوهُمَا. 7فَأَتَيَا بِالْجَحْشِ إِلَى يَسُوعَ، وَأَلْقَيَا عَلَيْهِ ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِ. 8 وَكَثِيرُونَ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ. 9 وَالَّذِينَ تَقَدَّمُوا، وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ: «أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! 10مُبَارَكَةٌ مَمْلَكَةُ أَبِينَا دَاوُدَ الآتِيَةُ بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي! ». 11فَدَخَلَ يَسُوعُ أُورُشَلِيمَ وَالْهَيْكَلَ، وَلَمَّا نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ إِذْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ أَمْسَى، خَرَجَ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ.".

إنجيل مرقس كله 16 إصحاح، إستغرق 10إصحاحات منهم 3 سنة من حياة المسيح على الأرض و6 إصحاحات لأسبوع الآلام (11 - 16). ممّا يشير لأن مركز الثقل في خدمة المسيح كانت آلامه وفداؤه للبشرية أكثر مماّ هي تعاليمه لذلك تصلي الكنيسة "بموتك يا رب نبشر" وكانت كرازة التلاميذ محورها صلب المسيح وموته وقيامته. ونلاحظ أن زيارة المسيح لأورشليم هي إفتقاده الأخير لهذه المدينة حتى تكون بلا عذر.

1

2

.

آية (مر4: 11): -.

"4فَمَضَيَا وَوَجَدَا الْجَحْشَ مَرْبُوطًا عِنْدَ الْبَابِ خَارِجًا عَلَى الطَّرِيقِ، فَحَلاَّهُ.".

وجدا الجحش مربوطاً عند الباب خارجاً على الطريق = هذا أحسن وصف لحال الأمم. فهم مشبهون بالجحشن لم يتمرن ولم يخضع لناموس الله وشريعته من قبل، يعيشون في وثنيتهم وخطاياهم في غباوة كالجحش، خطيتهم أفقدتهم حكمتهم. مربوطين برباطات خطاياهم وشهواتهم. خارجاً عن رعوية الله كالإبن الضال الذي ترك بيت أبيه فصار على الطريق بلا حماية من أبيه ليس من يضمه ولا من يهتم به. ولكن المسيح إهتم بهذا الإبن الضال وأتى ليحله من رباطاته وأرسل تلاميذه ليحلوه.

الآيات (مر7: 11 - 8): -.

"7فَأَتَيَا بِالْجَحْشِ إِلَى يَسُوعَ، وَأَلْقَيَا عَلَيْهِ ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِ. 8 وَكَثِيرُونَ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ.".

إلقاء الثياب رمز للخضوع، فهل نخضع أجسادنا للمسيح عوضاً عن الشهوات الدنسة. ونلاحظ أن الشهداء فرشوا أجسادهم خلال قبولهم سفك دمائهم من أجل الإيمان كطريق يسلك عليه الرب ليدخل قلوب الوثنيين. والنساك فرشوا أجسادهم بنسكهم فصارت حياتهم طريقاً يسير عليه الرب لقلوب الناس. وهكذا كل خادم يخدم الله ويتألم ويتعب. وعلى كل منّا أن يطرح عند قدمي المسيح إنسانه العتيق فيدخل المسيح لقلوبنا منتصراً. ويعطي لنا الرب مسكناً في السماء، مسكن أبدي (2كو1: 5 + مز24: 118 - 26).

آية (مر10: 11): -.

10مُبَارَكَةٌ مَمْلَكَةُ أَبِينَا دَاوُدَ الآتِيَةُ بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي! ». ".

أوصنا في الأعالي = هنا نرى موكب المسيا الموعود، كلنا فيه وهو رأس هذا الجسد المنطلق للسماء. ومرقس الذي يكتب للرومان أصحاب أكبر مملكة في العالم، يقول لهم أن المسيح أتى ليؤسس مملكة بإسم الرب فهي ليست من إرادة إنسان كمملكة الرومان.

الأعداد 28-44

الآيات (لو28: 19 - 48): -

"28 وَلَمَّا قَالَ هذَا تَقَدَّمَ صَاعِدًا إِلَى أُورُشَلِيمَ. 29 وَإِذْ قَرُبَ مِنْ بَيْتِ فَاجِي وَبَيْتِ عَنْيَا، عِنْدَ الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ، أَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ 30قَائِلاً: «اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، وَحِينَ تَدْخُلاَنِهَا تَجِدَانِ جَحْشًا مَرْبُوطًا لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قَطُّ. فَحُّلاَهُ وَأْتِيَا بِهِ. 31 وَإِنْ سَأَلَكُمَا أَحَدٌ: لِمَاذَا تَحُّلاَنِهِ؟ فَقُولاَ لَهُ هكَذَا: إِنَّ الرَّبَّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ». 32فَمَضَى الْمُرْسَلاَنِ وَوَجَدَا كَمَا قَالَ لَهُمَا. 33 وَفِيمَا هُمَا يَحُّلاَنِ الْجَحْشَ قَالَ لَهُمَا أَصْحَابُهُ: «لِمَاذَا تَحُّلاَنِ الْجَحْشَ؟ » 34فَقَالاَ: «الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ». 35 وَأَتَيَا بِهِ إِلَى يَسُوعَ، وَطَرَحَا ثِيَابَهُمَا عَلَى الْجَحْشِ، وَأَرْكَبَا يَسُوعَ. 36 وَفِيمَا هُوَ سَائِرٌ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. 37 وَلَمَّا قَرُبَ عِنْدَ مُنْحَدَرِ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، ابْتَدَأَ كُلُّ جُمْهُورِ التَّلاَمِيذِ يَفْرَحُونَ وَيُسَبِّحُونَ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقُوَّاتِ الَّتِي نَظَرُوا، 38قَائِلِينَ: «مُبَارَكٌ الْمَلِكُ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! سَلاَمٌ فِي السَّمَاءِ وَمَجْدٌ فِي الأَعَالِي! ». 39 وَأَمَّا بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ مِنَ الْجَمْعِ فَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، انْتَهِرْ تَلاَمِيذَكَ! ». 40فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ! ».

41 وَفِيمَا هُوَ يَقْتَرِبُ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَكَى عَلَيْهَا 42قَائِلاً: «إِنَّكِ لَوْ عَلِمْتِ أَنْتِ أَيْضًا، حَتَّى فِي يَوْمِكِ هذَا، مَا هُوَ لِسَلاَمِكِ! وَلكِنِ الآنَ قَدْ أُخْفِيَ عَنْ عَيْنَيْكِ. 43فَإِنَّهُ سَتَأْتِي أَيَّامٌ وَيُحِيطُ بِكِ أَعْدَاؤُكِ بِمِتْرَسَةٍ، وَيُحْدِقُونَ بِكِ وَيُحَاصِرُونَكِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، 44 وَيَهْدِمُونَكِ وَبَنِيكِ فِيكِ، وَلاَ يَتْرُكُونَ فِيكِ حَجَرًا عَلَى حَجَرٍ، لأَنَّكِ لَمْ تَعْرِفِي زَمَانَ افْتِقَادِكِ». 45 وَلَمَّا دَخَلَ الْهَيْكَلَ ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِيهِ 46قَائِلاً لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ: إِنَّ بَيْتِي بَيْتُ الصَّلاَةِ. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ! ». 47 وَكَانَ يُعَلِّمُ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ، وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ مَعَ وُجُوهِ الشَّعْبِ يَطْلُبُونَ أَنْ يُهْلِكُوهُ، 48 وَلَمْ يَجِدُوا مَا يَفْعَلُونَ، لأَنَّ الشَّعْبَ كُلَّهُ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِهِ يَسْمَعُ مِنْهُ. ".

آية (لو30: 19): -.

"30قَائِلاً: «اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، وَحِينَ تَدْخُلاَنِهَا تَجِدَانِ جَحْشًا مَرْبُوطًا لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قَطُّ. فَحُّلاَهُ وَأْتِيَا بِهِ.".

المسيح أتى ليقوم هو بكل العمل الفدائي ولكنه في محبته أراد أن يكون لكل واحد دور وخدمة. فالتلميذين يذهبان ويحضران الجحش، وصاحب الجحش يعطيه للسيد. ونلاحظ أن من يرسله المسيح لخدمة فهو يهيئ له النجاح فيها. ونلاحظ هنا عدم إعتراض صاحب الجحش.

الآيات (لو37: 19 - 39): -.

"37 وَلَمَّا قَرُبَ عِنْدَ مُنْحَدَرِ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، ابْتَدَأَ كُلُّ جُمْهُورِ التَّلاَمِيذِ يَفْرَحُونَ وَيُسَبِّحُونَ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقُوَّاتِ الَّتِي نَظَرُوا، 38قَائِلِينَ: «مُبَارَكٌ الْمَلِكُ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! سَلاَمٌ فِي السَّمَاءِ وَمَجْدٌ فِي الأَعَالِي! ». 39 وَأَمَّا بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ مِنَ الْجَمْعِ فَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، انْتَهِرْ تَلاَمِيذَكَ! ».".

سلام في السماء ومجدٌ في الأعالي = قارن هذه التسبحة بتسبحة الملائكة يوم ميلاد المسيح "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام" فهما مشتركتان في المجد في الأعالي ومفترقتان في السلام على الأرض هذا ما يقوله الملائكة. بينما يقول البشر سلام في السماء. فالملائكة فرحت بالسلام الذي صنعه المسيح على الأرض، أمّا البشر فيفرحون بالسلام الذي على الأرض ويتطلعون بفرح للسلام الذي سيحصلون عليه في الأعالي، فرحين بهذا السلام المعد لهم في السماء. وهكذا نتبادل شركتنا مع السمائيين. بينما نلاحظ أن أعداء ملكوت الله لا يفرحهم التسبيح ولهذا طلب الفريسيين من المسيح أن يسكتهم. ولنلاحظ أن المسيح إذ يقترب من قلوبنا (أورشليمنا الداخلية) فيتحول كل كياننا الداخلي إلى قيثارة يعزف عليها الروح القدس تسابيح فرحة. هذه التسابيح الفرحة هي بمناسبة نزع العداء بين السماء والأرض الذي أتى المسيح ليصنعه بصليبه، فصار سلام في السماء مع الأرض إذ لم يعد الله عدواً لنا، ولا السمائيين أيضاً. أمّا المجد الذي في الأعالي فيعني إنفتاح السماء بأمجادها على الإنسان ليتمجد في الأعالي. حقاً كان الروح القدس ينطق على أفواه هؤلاء بهذه النبوات والتسابيح. القوات التي نظروا = المعجزات التي صنعها السيد المسيح خصوصاً إقامة لعازر.

ولوقا الذي يتكلم عن المسيح شفيعنا الذي صالحنا مع الله إختار القول سلام في السماء ومجد في الأعالي فالمسيح بشفاعته حملنا للسماء ليكون لنا سلام مع السماء، ومجد في الأعالي.

آية (لو40: 19): -.

"40فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ! ».".

من عبد الأوثان من الأمم صارت قلوبهم حجرية كأوثانهم، حتى هؤلاء آمنوا بالمسيح وسبحوه. بل يوم الصليب تحركت الحجارة وتزلزلت الأرض فعلاً.

الآيات (يو12: 12 - 19): -.

"12 وَفِي الْغَدِ سَمِعَ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ الَّذِي جَاءَ إِلَى الْعِيدِ أَنَّ يَسُوعَ آتٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ، 13فَأَخَذُوا سُعُوفَ النَّخْلِ وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، وَكَانُوا يَصْرُخُونَ: «أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! مَلِكُ إِسْرَائِيلَ! » 14 وَوَجَدَ يَسُوعُ جَحْشًا فَجَلَسَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: 15«لاَ تَخَافِي يَا ابْنَةَ صَِهْيَوْنَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي جَالِسًا عَلَى جَحْشٍ أَتَانٍ». 16 وَهذِهِ الأُمُورُ لَمْ يَفْهَمْهَا تَلاَمِيذُهُ أَوَّلاً، وَلكِنْ لَمَّا تَمَجَّدَ يَسُوعُ، حِينَئِذٍ تَذَكَّرُوا أَنَّ هذِهِ كَانَتْ مَكْتُوبَةً عَنْهُ، وَأَنَّهُمْ صَنَعُوا هذِهِ لَهُ. 17 وَكَانَ الْجَمْعُ الَّذِي مَعَهُ يَشْهَدُ أَنَّهُ دَعَا لِعَازَرَ مِنَ الْقَبْرِ وَأَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. 18لِهذَا أَيْضًا لاَقَاهُ الْجَمْعُ، لأَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَنَعَ هذِهِ الآيَةَ. 19فَقَالَ الْفَرِّيسِيُّونَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «انْظُرُوا! إِنَّكُمْ لاَ تَنْفَعُونَ شَيْئًا! هُوَذَا الْعَالَمُ قَدْ ذَهَبَ وَرَاءَهُ! ».".

الآيات (يو12: 12 - 13): -.

"12 وَفِي الْغَدِ سَمِعَ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ الَّذِي جَاءَ إِلَى الْعِيدِ أَنَّ يَسُوعَ آتٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ، 13فَأَخَذُوا سُعُوفَ النَّخْلِ وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، وَكَانُوا يَصْرُخُونَ: «أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! مَلِكُ إِسْرَائِيلَ! ».".

وفي الغد = أي يوم الأحد. إذاً الوليمة كانت يوم السبت. الذين حضروا حفل العشاء أذاعوا النبأ السار أن يسوع الذي يريدونه كملك سيأتي إلى أورشليم. والجمع الذي إحتشد كان أغلبهم من الجليليين ومن الذين سمعوا بمعجزة إقامة لعازر فتحمسوا للقائه. وأمام هذا الإستقبال الحافل تأكدت مخاوف الفريسيين ورؤساء الكهنة ووقفوا ينظرون خائفين وحاقدين. وسعف النخيل هو رمز للنصرة والبهجة (لا40: 23 + رؤ9: 7). وهم رأوا أن يسوع هو المسيح المسيا الذي تنبأ عنه الأنبياء وأنه سيأتي من نسل داود ليعيد لهم الملك (صف15: 3 - 17 + لو32: 1 - 33) فهم كانوا يحلمون بإستعادة كرسي داود بل وأن يحكموا العالم كله. ونرى من (1مك51: 13 + 2مك4: 14) أنهم كانوا يستقبلون الملوك بسعف النخيل. ووجدت عملات مسكوكة من أيام سمعان المكابي عليها سعف النخيل. والنخيل شجرة محبوبة لأنها ترتفع شامخة نحو السماء فارشة أغصانها مثل التاج كأذرع تتوسل دائماً. خضراء على الدوام تزهر وتثمر لمئات السنين (مز12: 92 - 13 + نش6: 7 - 8) وفيه نرى النفس المحبوبة للمسيح تشبه بنخلة.

ويوحنا إختار قول الناس أوصنا مبارك الآتي بإسم الرب = فالمسيح أتى بقوة إلهية لخلاص الإنسان وتجديده، هو إبن الله الذي أتى ليخلقنا خلقة جديدة.

الآيات (يو12: 14 - 15): -.

"14 وَوَجَدَ يَسُوعُ جَحْشًا فَجَلَسَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: 15«لاَ تَخَافِي يَا ابْنَةَ صَهْيَوْنَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي جَالِسًا عَلَى جَحْشٍ أَتَانٍ».".

لا تخافي = فدخول المسيح لأورشليم كان للسلام ولم يأتي ليحارب الرومان وتسيل الدماء في أورشليم لكن ليملأ القلوب سلاماً. بل ليصنع سلاماً بين السماء والأرض. وكان دخوله وديعاً هادئاً وليس كالملوك الأرضيين يصنعون حرباً ويطلبون جزية. والجحش يستعمله الفقراء وفي هذا درس لليهود المتكبرين الذين يحلمون بملك أرضي. وفي تواضع المسيح هذا إشارة لأن أحلام اليهود في مملكة عالمية هي أوهام خاطئة. ودرس لكل من يحلم بمجد أرضي أنه يجري وراء باطل.

آية (يو12: 16): -.

"16 وَهذِهِ الأُمُورُ لَمْ يَفْهَمْهَا تَلاَمِيذُهُ أَوَّلاً، وَلكِنْ لَمَّا تَمَجَّدَ يَسُوعُ، حِينَئِذٍ تَذَكَّرُوا أَنَّ هذِهِ كَانَتْ مَكْتُوبَةً عَنْهُ، وَأَنَّهُمْ صَنَعُوا هذِهِ لَهُ.".

لم يفهمها تلاميذه أولاً = كثيراً ما لا نفهم أعمال المسيح أولاً ولكننا من المؤكد سنفهم فيما بعد (يو13: 7). وأنهم صنعوا هذه له = أي أنهم إشتركوا في تكريم المسيح كملك، وإشتركوا في تنفيذ النبوات، فهذه عائدة على النبوات. لم يكن التلاميذ فاهمين ولا الشعب ولا الفريسيين وكم من أمور تجري في حياتنا ونحن لا نفهمها. علينا أن لا نطالب بالفهم فسيأتي يوم ونفهم. لكن علينا بالإيمان.

آية (يو12: 19): -.

"19فَقَالَ الْفَرِّيسِيُّونَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «انْظُرُوا! إِنَّكُمْ لاَ تَنْفَعُونَ شَيْئًا! هُوَذَا الْعَالَمُ قَدْ ذَهَبَ وَرَاءَهُ! ».".

هذه نبوة من فم الأعداء بإيمان العالم وذهابه وراءه، ونرى غيظهم من ضياع سلطانهم. لا تنفعون شيئاً = هذه مثل "راحت عليكم". فالناس تركتهم وهذا هو ما أغاظهم.

يسوع يبكى على أورشليم.

الآيات (لو41: 19 - 44): -.

"41 وَفِيمَا هُوَ يَقْتَرِبُ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَكَى عَلَيْهَا 42قَائِلاً: «إِنَّكِ لَوْ عَلِمْتِ أَنْتِ أَيْضًا، حَتَّى فِي يَوْمِكِ هذَا، مَا هُوَ لِسَلاَمِكِ! وَلكِنِ الآنَ قَدْ أُخْفِيَ عَنْ عَيْنَيْكِ. 43فَإِنَّهُ سَتَأْتِي أَيَّامٌ وَيُحِيطُ بِكِ أَعْدَاؤُكِ بِمِتْرَسَةٍ، وَيُحْدِقُونَ بِكِ وَيُحَاصِرُونَكِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، 44 وَيَهْدِمُونَكِ وَبَنِيكِ فِيكِ، وَلاَ يَتْرُكُونَ فِيكِ حَجَرًا عَلَى حَجَرٍ، لأَنَّكِ لَمْ تَعْرِفِي زَمَانَ افْتِقَادِكِ».".

لقد خربت أورشليم سنة 70م فعلاً بسبب شرورها. ونحن سنهلك كهؤلاء أيضاً مثلها إن لم نستجب لصوت الروح القدس ونتوب فنفرح ونسبح كهؤلاء وكان بكاء المسيح كما بكى على قبر لعازر إعلاناً لحزنه عمّا حدث للبشر من موت وفساد "في كل ضيقهم تضايق" (إش63: 9) والمسيح هنا يشير إلى ما تم بواسطة الرومان بقيادة تيطس وتدميره لأورشليم. ويهدمونك وبنيك فيك = قيل أن المجتمعين في أورشليم يوم أهلكها تيطس حوالي 2مليون بسبب عيد الفصح في تلك السنة. أحرق منهم تيطس حوالي 120000على صلبان وقتل 2,1مليون وباع آلاف كعبيد والباقون ماتوا في مجاعة رهيبة حتى أن الأمهات أكلن أبناءهن. فمن يرفض المسيح يخرب ومن يقبله يفرح ويسبح. راجع (مت37: 23، 38 + أش7: 1) هذه أجرة العصيان.

حتى في يومك هذا = لو كنت يا أورشليم قد قبلتيني كمخلص ما كان سيحدث لك ما سيحدث. ما هو لسلامك = الإيمان بالمسيح طريق سلام لها. أخفى عن عينيك = عدم الإيمان هو عمي بسبب خطاياها. "ليتك اصغيت لوصاياي فكان كنهر سلامك وبرك كلجج البحر" (إش48: 18).

لأَنَّكِ لَمْ تَعْرِفِي زَمَانَ افْتِقَادِكِ = لماذا هى لم تعرف، ولماذا لم يعرفوا المسيح؟ يجيب المسيح على هذا ويقول لأنهم لم يعرفوا الآب، فلو كانوا قد عرفوا الآب لعرفوا إبنه فهو على صورته "لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم ابي ايضا" (يو14: 7). ولماذا هم لم يعرفوا الآب؟ لأنهم فى كبريائهم طلبوا مجد ذواتهم ولم يطلبوا مجد الله "كيف تقدرون ان تؤمنوا وانتم تقبلون مجدا بعضكم من بعض. والمجد الذي من الاله الواحد لستم تطلبونه" (يو5: 44). أما التلاميذ البسطاء فعرفوه وأحبوه فهم بلا كبرياء. أما الكبرياء فهى تصيب بالعمى.

تطهير الهيكل.

(مت12: 21 - 17) + (مر11: 11، 15 - 19) + (لو45: 19 - 48 + 37: 21، 38).

في بداية خدمة السيد المسيح طهَّرَ الهيكل (يو14: 2 - 17). وهنا نسمع أنه يكرر تطهير الهيكل. ولكن نلاحظ فرقاً واضحاً بين متى ومرقس في ترتيب الأحداث فالإنجيلي متى يورد القصة كأنها حدثت بعد دخول المسيح إلى أورشليم مباشرة. أما مرقس فيذكر التفاصيل بصورة دقيقة. ففي يوم الأحد، يوم الشعانين عقب دخول السيد المسيح إلى أورشليم مساء الأحد، إتجه مباشرة للهيكل (مر11: 11). ولم يفعل شيئاً سوى أنه نظر حوله إلى كل شئ. ثم نجد أن المسيح يذهب للهيكل صباحاً وفي طريقه إلى الهيكل لعن شجرة التين ثم ذهب للهيكل لتطهيره (مر15: 11 - 19). ولا يوجد تناقض في هذا فمتى يكتب لليهود ويقدم لهم المسيح على أنه إبن داود الملك الذي دخل أورشليم كملك وإتجه مباشرة إلى هيكله الذى هو بيت أبيه ليطهره، هنا متى لا يهتم بالترتيب الزمني بل بالمعنى أو الهدف من دخول أورشليم، أن يذهب المسيح كملك إلى قصره. فكل ملك يدخل إلى قصره ولكن لأن المسيح ملك سماوي، بل هو الله فقصره هو الهيكل بيت الله أبيه. أمّا مرقس فأورد القصة في مكانها الزمني ولكن بطريقة تسترعى الإنتباه فهو دخل للهيكل عقب دخوله أورشليم مباشرة كما قال متى، ولكنه لم يفعل شيئاً سوى أنه نظر كأنه يعاتب، ألم أطهر هذا المكان من قبل، وذكرت قصة تطهير الهيكل الأولى فى (يو2: 13 - 22)... ما الذي حدث إذن؟ وترك الهيكل ومضى. ولكنه في الغد أتى وطهَّره بطريقة شديدة. وهكذا مع كل منّا قبل أن يطهر المسيح حياتنا بعنف يعاتب ويحذر ثم يتدخل بعنف.

الآيات (مت12: 21 - 17): -.

"12 وَدَخَلَ يَسُوعُ إِلَى هَيْكَلِ اللهِ وَأَخْرَجَ جَمِيعَ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ 13 وَقَالَ لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ: بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ! » 14 وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ عُمْيٌ وَعُرْجٌ فِي الْهَيْكَلِ فَشَفَاهُمْ. 15فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ الْعَجَائِبَ الَّتِي صَنَعَ، وَالأَوْلاَدَ يَصْرَخُونَ فِي الْهَيْكَلِ وَيَقُولُونَ: «أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ! »، غَضِبُوا 16 وَقَالُوا لَهُ: «أَتَسْمَعُ مَا يَقُولُ هؤُلاَءِ؟ » فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «نَعَمْ! أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ: مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ هَيَّأْتَ تَسْبِيحًا؟ ». 17ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَخَرَجَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا وَبَاتَ هُنَاكَ.".

متى يورد القصة مباشرة بعد دخول المسيح أورشليم، فمتى يريد أن يشير لملك المسيح الروحي على قلوبنا، فحين يدخل قلوبنا يطهرها ويملك عليها فهو الملك الإلهي. فإذ يدخل الرب أورشليمنا الداخلية إنما يدخل إلى مقدسه، يقوم بنفسه بتطهيره. والسوط الذي يستخدمه قد يكون صوت الروح القدس الذي يبكت على خطية وقد يكون بعض التجارب والآلام. (ونلاحظ أن الوحيد الذي أشار لموضوع السوط هو يوحنا إصحاح 2).

آية (مت12: 21): -.

"12 وَدَخَلَ يَسُوعُ إِلَى هَيْكَلِ اللهِ وَأَخْرَجَ جَمِيعَ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ.".

يبيعون ويشترون = كانت هناك أماكن مخصصة لتغيير العملة ليدفع منها العابدين الجزية (ضريبة نصف الشاقل المقررة على كل يهودي. والشاقل هو العملة اليهودية وهي بدون صُوَرْ)، ولما كان أناس يهود يأتون من كل العالم ومعهم عملاتهم كان لابد من تغييرها بالعملة المحلية. وكانوا يبيعون الطيور لتقديمها كذبائح. ولكن الموضوع تطور ليصير تجارة تدر عائداً ضخماً على حنان وقيافا بل أن المكان الذي كان مخصصاً لصلاة الأتقياء من الأمم خصصوه للتجارة. ويرى البعض أنهم كانوا يقدمون قروض في مقابل هدايا عينية إذ أن الربا ممنوع. بل صاروا يتاجرون في كل شئ في الهيكل. والأسوأ من كل هذا الغش والسرقات التى صنع منها رؤساء الكهنة ثروات ضخمة.

آية (مت13: 21): -.

"13 وَقَالَ لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ: بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ! ».".

(إش7: 56 + إر11: 7 + 1مل29: 8 + نح17: 11).

آية (مت14: 21): -.

"14 وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ عُمْيٌ وَعُرْجٌ فِي الْهَيْكَلِ فَشَفَاهُمْ.".

هذا هو المسيح الذي أتى ليشفي ويطهر ليُعِدَّنا للملكوت السماوي.

آية (مت15: 21): -.

"15فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ الْعَجَائِبَ الَّتِي صَنَعَ، وَالأَوْلاَدَ يَصْرَخُونَ فِي الْهَيْكَلِ وَيَقُولُونَ: «أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ! »، غَضِبُوا.".

عجيب أن يصنع السيد المسيح ما فعله في الهيكل وهو شخص وحيد منبوذ بلا إعتبار، مكروه من رؤساء الكهنة والكهنة، بل هو في قلبه لموائد باعة الحمام والصيارفة يهاجم مصالح رؤساء الكهنة المادية وشاهدوا دمار مكاسبهم. ولكن يبدو أن جلالاً إلهياً كان يبدو على ملامحه ونظراته أرعبتهم فسكتوا، ولم يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً سوى أنهم غضبوا. وفي المقابل اكتشف الأطفال في براءتهم حلاوة وجهه ففرحوا به وسبحوا، أمّا من أعمتهم شهوات قلوبهم فرأوا فيه إنساناً مُضِّلاً للشعب. والأطفال لم يفهموا ما يقولونه لكنهم كانوا يرددون ما سمعوه من الكبار بالأمس = أوصنا لإبن داود. الأطفال الذين بلا معرفة إنفتح قلبهم وسبحوا أمّا دارسي النبوات فإنغلق قلبهم وعيونهم فلم يروا. والذي يريد أن يعرف كيف يسبح عليه أن يرجع ويصير مثل الأطفال في بساطتهم وبراءتهم وتصديقهم لما يسمعونه.

آية (مت16: 21): -.

"16 وَقَالُوا لَهُ: «أَتَسْمَعُ مَا يَقُولُ هؤُلاَءِ؟ » فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «نَعَمْ! أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ: مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ هَيَّأْتَ تَسْبِيحًا؟ ».".

(مز2: 8) أما الحكماء في أعين أنفسهم كالفريسيين فستكون لهم النبوات مجرد معلومات غير مفرحة ولا معزية.

الآيات (مر11: 11، 15 - 19).

آية (مر11: 11): -.

"11فَدَخَلَ يَسُوعُ أُورُشَلِيمَ وَالْهَيْكَلَ، وَلَمَّا نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ إِذْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ أَمْسَى، خَرَجَ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ.".

نظر كل شئ = هو الإله الغيور الذي لا يطيق في بيته فساداً أو شراً، بل عيناه تجولان وتفحصان كل شئ لتفرز المقدسات عن النجاسات وتطرد الأخيرة. والمسيح ينظر ويحذر ويعاتب وينذر قبل أن يمسك السوط ليؤدب ويطهر. ونلاحظ أن المسيح الوديع نراه حازماً كل الحزم مع من يفسد هيكله (1كو17: 3). ونلاحظ أننا هياكل الله والروح القدس يسكن فينا (1كو16: 3). (الوحيد الذي ذكر موضوع السوط هو يوحنا).

الآيات (مر11: 15 - 19): -.

"15 وَجَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ الْهَيْكَلَ ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَّبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ. 16 وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَجْتَازُ الْهَيْكَلَ بِمَتَاعٍ. 17 وَكَانَ يُعَلِّمُ قَائِلاً لَهُمْ: «أَلَيْسَ مَكْتُوبًا: بَيْتِي بَيْتَ صَلاَةٍ يُدْعَى لِجَمِيعِ الأُمَمِ؟ وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ». 18 وَسَمِعَ الْكَتَبَةُ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ فَطَلَبُوا كَيْفَ يُهْلِكُونَهُ، لأَنَّهُمْ خَافُوهُ، إِذْ بُهِتَ الْجَمْعُ كُلُّهُ مِنْ تَعْلِيمِهِ. 19 وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ، خَرَجَ إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ.".

آية (مر15: 11): -.

"15 وَجَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ الْهَيْكَلَ ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَّبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ".

نلاحظ أن المسيح بعد ذلك بأيام إستسلم لصالبيه بلا مقاومة، بينما نراه هنا يستخدم سلطانه في غضب ضد الذين أفقدوا الهيكل قدسيته. إذاً هو له القدرة أن يفعل هذا مع صالبيه ولكنه بإرادته لم يفعل.

آية (مر16: 11): -.

"16 وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَجْتَازُ الْهَيْكَلَ بِمَتَاعٍ.".

تحول رواق الأمم إلى سوق. وصار كل من يريد أن يعبر من المدينة إلى جبل الزيتون، عوضاً عن الدوران حول الهيكل، كان يعبر من داخل دار الأمم أو رواق الأمم، فحُرِم الأمم الأتقياء من وجود مكان لهم للصلاة في الهيكل. والمسيح منع الناس من إستخدام الهيكل كممر أو معبر.

تعليق على الآية (مر17: 11).

حين دشن سليمان بيت الله صلى أن يستجيب الله كل صلاة توجه من هذا المكان والرب قال له قد سمعت صلاتك (1مل30: 8، 35، 38، 41، 42 + 1مل3: 9) أما الكهنة ورؤساء الكهنة فكانوا يتاجرون ويسلبون ما استطاعوا سلبه من عطايا الناس.

آية (مر18: 11): -.

"18 وَسَمِعَ الْكَتَبَةُ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ فَطَلَبُوا كَيْفَ يُهْلِكُونَهُ، لأَنَّهُمْ خَافُوهُ، إِذْ بُهِتَ الْجَمْعُ كُلُّهُ مِنْ تَعْلِيمِهِ.".

لاحظ أن قوة غربية كانت تخرج منه فخافوه ويقول البعض أن وجهه أنار. مرقس هنا هو الوحيد الذي قدم تفسيراً لماذا لم يهاجم الكهنة والجنود المسيح إذ أفسد تجارتهم وقلب موائدهم = خافوه. وطبعاً هو مرقس الذي يشير لهذا فهو يقدم المسيح القوي للرومان محبي القوة.

الأعداد 45-48

الآيات (لو45: 19 - 48): -

"45 وَلَمَّا دَخَلَ الْهَيْكَلَ ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِيهِ 46قَائِلاً لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ: إِنَّ بَيْتِي بَيْتُ الصَّلاَةِ. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ! ». 47 وَكَانَ يُعَلِّمُ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ، وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ مَعَ وُجُوهِ الشَّعْبِ يَطْلُبُونَ أَنْ يُهْلِكُوهُ، 48 وَلَمْ يَجِدُوا مَا يَفْعَلُونَ، لأَنَّ الشَّعْبَ كُلَّهُ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِهِ يَسْمَعُ مِنْهُ.".

لاحظ أن عمل التطهير يشمل عملين [1] عمل سلبي فيه طرد الرب الباعة وطهر الهيكل [2] عمل إيجابي قام فيه الرب بالتعليم.

مغارة لصوص = تاجر الكهنة ورؤساء الكهنة داخل الهيكل بالغش فاغتنوا جدا. فكان الكهنة يفحصون الخراف التى يقدم منها ذبائح فى الهيكل ويختموا ما يجدونه بلا عيب (يو6: 27) ويرسلونه للرعاة المتبدين (لو2: 8).

الذين يرعون هذه الخراف المختومة. ومن يريد ان يقدم ذبيحة يذهب ليشترى منهم ويأخذه للهيكل. فيفحصه الكهنة ثانية ويَدَّعون أن به عيب، ويدفعون للرجل ثمن بخس ويشترونه منه. ويعود الرجل ليشترى خروفا آخر. وهكذا وبمثل هذه اللصوصية اغتنوا جدا.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح العشرون - تفسير إنجيل لوقا - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الثامن عشر - تفسير إنجيل لوقا - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير إنجيل لوقا الأصحاح 19
تفاسير إنجيل لوقا الأصحاح 19