الأصحاح الثاني عشر – تفسير إنجيل لوقا – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: انجيل لوقا – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الثانى عشر

الأعداد 1-9

الآيات (لو1: 12 - 9): -

1 وَفِي أَثْنَاءِ ذلِكَ، إِذِ اجْتَمَعَ رَبَوَاتُ الشَّعْبِ، حَتَّى كَانَ بَعْضُهُمْ يَدُوسُ بَعْضًا، ابْتَدَأَ يَقُولُ لِتَلاَمِيذِهِ: «أَوَّلاً تَحَرَّزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ الَّذِي هُوَ الرِّيَاءُ، 2فَلَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ. 3لِذلِكَ كُلُّ مَا قُلْتُمُوهُ فِي الظُّلْمَةِ يُسْمَعُ فِي النُّورِ، وَمَا كَلَّمْتُمْ بِهِ الأُذْنَ فِي الْمَخَادِعِ يُنَادَى بِهِ عَلَى السُّطُوحِ. 4 وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ يَا أَحِبَّائِي: لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ، وَبَعْدَ ذلِكَ لَيْسَ لَهُمْ مَا يَفْعَلُونَ أَكْثَرَ. 5بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ: خَافُوا مِنَ الَّذِي بَعْدَمَا يَقْتُلُ، لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ. نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ: مِنْ هذَا خَافُوا! 6أَلَيْسَتْ خَمْسَةُ عَصَافِيرَ تُبَاعُ بِفَلْسَيْنِ، وَوَاحِدٌ مِنْهَا لَيْسَ مَنْسِيًّا أَمَامَ اللهِ؟ 7بَلْ شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ أَيْضًا جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ. فَلاَ تَخَافُوا! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ! 8 وَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنِ اعْتَرَفَ بِي قُدَّامَ النَّاسِ، يَعْتَرِفُ بِهِ ابْنُ الإِنْسَانِ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ. 9 وَمَنْ أَنْكَرَنِي قُدَّامَ النَّاسِ، يُنْكَرُ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ. 10 وَكُلُّ مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلاَ يُغْفَرُ لَهُ. 11 وَمَتَى قَدَّمُوكُمْ إِلَى الْمَجَامِعِ وَالرُّؤَسَاءِ وَالسَّلاَطِينِ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَحْتَجُّونَ أَوْ بِمَا تَقُولُونَ، 12لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ يُعَلِّمُكُمْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا يَجِبُ أَنْ تَقُولُوهُ». ".

الآيات (مت 16: 10 - 42): -.

"16«هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسْطِ ذِئَابٍ، فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ. 17 وَلكِنِ احْذَرُوا مِنَ النَّاسِ، لأَنَّهُمْ سَيُسْلِمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ، وَفِي مَجَامِعِهِمْ يَجْلِدُونَكُمْ. 18 وَتُسَاقُونَ أَمَامَ وُلاَةٍ وَمُلُوكٍ مِنْ أَجْلِي شَهَادَةً لَهُمْ وَلِلأُمَمِ. 19فَمَتَى أَسْلَمُوكُمْ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ، لأَنَّكُمْ تُعْطَوْنَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا تَتَكَلَّمُونَ بِهِ، 20لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ. 21 وَسَيُسْلِمُ الأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ، وَالأَبُ وَلَدَهُ، وَيَقُومُ الأَوْلاَدُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ، 22 وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ. 23 وَمَتَى طَرَدُوكُمْ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ فَاهْرُبُوا إِلَى الأُخْرَى. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُكَمِّلُونَ مُدُنَ إِسْرَائِيلَ حَتَّى يَأْتِيَ ابْنُ الإِنْسَانِ. 24«لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنَ الْمُعَلِّمِ، وَلاَ الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ سَيِّدِهِ. 25يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ، وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدْ لَقَّبُوا رَبَّ الْبَيْتِ بَعْلَزَبُولَ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَهْلَ بَيْتِهِ! 26فَلاَ تَخَافُوهُمْ. لأَنْ لَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ. 27اَلَّذِي أَقُولُهُ لَكُمْ فِي الظُّلْمَةِ قُولُوهُ فِي النُّورِ، وَالَّذِي تَسْمَعُونَهُ فِي الأُذُنِ نَادُوا بِهِ عَلَى السُّطُوحِ، 28 وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ. 29أَلَيْسَ عُصْفُورَانِ يُبَاعَانِ بِفَلْسٍ؟ وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا لاَ يَسْقُطُ عَلَى الأَرْضِ بِدُونِ أَبِيكُمْ. 30 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحَتَّى شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ. 31فَلاَ تَخَافُوا! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ! 32فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، 33 وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا. 35فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ، وَالابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. 36 وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ. 37مَنْ أَحَبَّ أَبًا أَوْ أُمًّا أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ أَحَبَّ ابْنًا أَوِ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، 38 وَمَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُني فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي. 39مَنْ وَجَدَ حَيَاتَهُ يُضِيعُهَا، وَمَنْ أَضَاعَ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا. 40مَنْ يَقْبَلُكُمْ يَقْبَلُنِي، وَمَنْ يَقْبَلُني يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 41مَنْ يَقْبَلُ نَبِيًّا بِاسْمِ نَبِيٍّ فَأَجْرَ نَبِيٍّ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَقْبَلُ بَارًّا بِاسْمِ بَارّ فَأَجْرَ بَارّ يَأْخُذُ، 42 وَمَنْ سَقَى أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ كَأْسَ مَاءٍ بَارِدٍ فَقَطْ بِاسْمِ تِلْمِيذٍ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لاَ يُضِيعُ أَجْرَهُ».".

السيد أرسل تلاميذه، وها هو يخبرهم مقدماً بالآلام التى ستواجههم فرسالة التلاميذ هى نشر السلام، ولكن العالم الشرير سيواجههم بشره. والسيد يسبق ويخبرهم حتى إذا ما رأوا تحقيق ذلك لا يفزعوا ولا يفاجئوا، بل يطمئنوا ويزداد إيمانهم، فمن يعرف المستقبل هو قادر أن يحميهم (يو 29: 14 + يو 1: 16 - 4).

كغنم فى وسط ذئاب = والعجيب أن هؤلاء الغنم حولوا الذئاب إلى غنم، ألم يتحول شاول الطرسوسى إلى غنم (رو36: 8) بعد أن كان ذئباً (فى6: 3). وربما يتسائل البعض لماذا لم يجعلنا الله أسوداً وسط الذئاب؟

حتى نعتمد عليه وحده كأسد خارج من سبط يهوذا (رؤ5: 5). الله يعمل مع الغنم الوديع المتشبه به، فهو حمل الله. أماّ من يعتمد على قوة ذراعه، فهذا لا يُسَّر به الله (مز 1: 147). ويتركه ولا يدافع عنه. وكل من ينتقم لنفسه لا يرضى الله، وبهذا يصير الغنم ومعهم المسيح أقوى من الذئاب.

تصوَّر أن الرُسُلْ كانوا أسوداً فماذا كان يحدث؛ سيهرب منهم الناس ولا يسمعون لهم، ولكن الناس إذ رأوا ضعفهم ورأوا قوة الله تعمل فيهم وتحميهم آمنوا بالله، فالغنم فقط هى القادرة أن تكرز. "لأنى حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوى" (2كو9: 12 - 10). وكيف نكرز بحَمَلْ هو المسيح ولنا صورة وحوش (هل سيصدقنا أحد).

الله لا يعمل بنا إلاّ لو كنا ضعفاء حتى لا نفسد خطته، لذلك لم يرسلنا كأسود وسط العالم، فالقوة لن تكون سبباً فى نمو الكرازة، إنما الوداعة، وعمل المسيح بنعمته فينا. مثال: - ريشة الفنان عليها أن لا تختار الألوان، بل تترك هذا للفنان، أما لو تدخلت الريشة لتختار الألوان لخرجت لوحة فاسدة. والقوى إذا رأى ذئباً سيقتله غير عارف أن الله بحكمته وصبره سيحوله إلى غنم بعد قليل، فالله حوَّل الإمبراطورية الرومانية كلها للمسيحية بعد أن كانت إمبراطورية متوحشة. حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام = الحمام لا يحمل حقداً نحو أحد حتى لو ذبحوا أفراخها أمام عينها، ولا تلقى فخاخاً لأحد. والحمام يحيا فى جماعة محتفظين بالمحبة (الكنيسة يجب أن تكون هكذا) يبتهجون معاً فى وحدة. وحمامة نوح عادت لفلك نوح بينما أن الغراب عاش على الجيف. وهكذا المؤمن لا يرتاح سوى فى الكنيسة تاركاً نجاسة العالم. الحمامة بغصن الزيتون فى فمها صارت رمزاً للسلام والبساطة والمحبة ولكن ليس معنى البساطة أن لا نكون حكماء. فيلتزم الإنسان المسيحى بحكمته حتى لا يصنع له أحدا فخاً، لا يعطى لأحد مجالاً أن يلقى له الفخاخ أو يخدعه. ولاحظ أن كلمة بسيط قد تترجم فى الكتاب المقدس Single hearted وقد تترجم Simple والمقصود أن يكون للقلب إتجاه واحد هو البحث عن مجد الله وهكذا الحمام تجده دائماً له إتجاه واحد هو بيته يعود إليه، ولذلك إستخدموا الحمام الزاجل فى حمل الرسائل وهكذا عادت حمامة نوح إلى الفلك.

ولكن لماذا تشبيه الحكيم بالثعبان؟

الحية تختبئ فى الصخر والمؤمن يحتمى فى المسيح.

الحية مطاردة من الجميع وهكذا المؤمنين (راجع بقية الإصحاح).

الثعبان يدخل من ثقب صغير لينسلخ عنه جلده العتيق فيخرج إلى حياة جديدة، والمؤمن يدخل من الباب الضيق ليخلع الإنسان العتيق ويلبس الجديد (كو9: 3 - 10). قارن مع من يدخل من الباب الضيق ويتغير عن شكله بتجديد ذهنه (مت13: 7 + رو2: 12). الثقب الصغير هو التغصب فى الإمتناع عن الخطية والتغصب على الصلاة والصوم... إلى آخره. وهذا ما يسمى الجهاد فى المسيحية. والنتيجة أن النعمة تغير شكل الإنسان إلى الخليقة الجديدة (2كو17: 5).

الحية معروف عنها الحذر الشديد من الخطر. هكذا المؤمن فليحذر ولتكن عينه مفتوحة حتى لا يقع فى عثرة.

عندما يُقْتَلْ، يترك كل جسمه للضرب ولكنه يحفظ رأسه ويخبئها، ففيها حياته. وكيف نحتفظ برؤوسنا.

(أ) الرأس هو الإيمان بالمسيح، فلنتمسك بالايمان ولو خسرنا كل شئ. فالمسيح هو رأس الكنيسة (أف 23: 5). إذاً هو رأسنا.

(ب) الرأس هو مكان الأفكار، والأفكار هى أداة إبليس لتحريك شهوات الجسم، فمن الرأس تأتى أفكار الشهوة والحسد والتذمر وتعظم المعيشة والحقد والإنتقام. وعلى المؤمن إذا هاجمته هذه الأفكار أن يصرخ للرب يسوع لينزع عنه هذه الأفكار فيحمى حياته. ولكن أيضا نجد أن الروح القدس يضع أفكارا مقدسة فى رؤوسنا، إذاً فلنحفظ عقولنا بأفكار مقدسة كل اليوم وهذا يكون بصلاة يسوع أو تأمل فى مزمور أو ترديد آيات، وهذا معنى "صلوا بلا إنقطاع" (1تس5: 17)، وراجع معنى شروط الحيوان الطاهر (لا 11).

إذاً فلنحافظ على أنفسنا بحكمة الحيات ولكن بوداعة الحمام وكسب ود الآخرين ومحبتهم ليستمعوا لتعاليم الملكوت وتفقد الذئاب وحشيتها.

(آية مت10: 16): -.

كان الرب يسوع يستخدم صور وتشبيهات مألوفة لليهود ليفهمها تلاميذه والسامعين بسهولة ولكن بعد أن يضعها فى إطارها الصحيح وليس كما يفهمها اليهود. فمثلا كان الربيين يستعملون تعبير الغنم وسط الذئاب عن أنفسهم وسط الأمم. وغير معناها ليصير تلاميذه هم الغنم وسط ذئاب اليهود والسنهدريم. وكان الربيين يستعملون أيضا تعبير "ليس التلميذ أفضل من معلمه".

آية (مت17: 10): -.

"17 وَلكِنِ احْذَرُوا مِنَ النَّاسِ، لأَنَّهُمْ سَيُسْلِمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ، وَفِي مَجَامِعِهِمْ يَجْلِدُونَكُمْ.".

ولكن إحذروا من الناس = حاولوا أن تحافظوا على أنفسكم بحكمة الحيات ووداعة الحمام، ولكن لتعلموا أن هذه هى طبيعة العالم الذى أرسلكم وسطه. فلا تستغربوا من إضطهاده لكم. فستكونون مكروهين من العالم لإنتمائكم لي، فالعالم يكرهني أنا حقيقة.

إحذروا = لا تسقطوا أنفسكم في مشاكل فكونوا حذرين في كلامكم وتصرفاتكم، فلا تعطوهم فرصة تصيد خطأ عليكم.

آية (مت18: 10): -.

"18 وَتُسَاقُونَ أَمَامَ وُلاَةٍ وَمُلُوكٍ مِنْ أَجْلِي شَهَادَةً لَهُمْ وَلِلأُمَمِ.".

شهادة لهم وللأمم = قبولكم للألم وإحتمالكم سيكون شهادة لى أمام هؤلاء الملوك وأمام الأمم. فكل من يحتمل الالم حتى الموت فهو واثق مما يقوله، وهذا ما سيجعل هؤلاء الملوك يفكرون في هذه الدعوة. بل السلام والفرح الذي قابل الشهداء به الألام والموت كان سببا فى ايمان كثيرين وفى إنتشار الكرازة.

تحذير: على كل من يتألم أن لا يقول للمسيح "لماذا تجعلني أنا أتألم" فبهذا نجعل من المسيح خصم بينما هو يحيا فيَّ فلا تتصور أنه منفصل عنك بينما هو متحد بك وقد أعطاك حياته.

الآيات (مت 19: 10 - 20): -.

"19فَمَتَى أَسْلَمُوكُمْ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ، لأَنَّكُمْ تُعْطَوْنَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا تَتَكَلَّمُونَ بِهِ، 20لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ.".

آيات فيها تشجيع فالله سيعطيهم بالروح القدس الذى فيهم أن تفيض منهم الحكمة وقوة الحجة لإذاعة بشرى الخلاص (إر 4: 1 - 9). فى تلك الساعة = لا تستغرب يا أخى إن كنت تخاف الآن أن يأتى عصر إضطهاد، لأنك لا تشعر فى داخلك أنك قوى بما فيه الكفاية حتى تحتمل. ولا تستغرب إن لم تشعر بقوة حجتك الآن. لأن الله يَعِد أن يعطى القوة والحكمة بل يسكب الفرح داخلك فى الساعة التى تحتاج فيها ذلك وليس الآن.

الآيات (مت 21: 10 - 22): -.

"21 وَسَيُسْلِمُ الأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ، وَالأَبُ وَلَدَهُ، وَيَقُومُ الأَوْلاَدُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ، 22 وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ.".

المقاومة لا تقف عند حدود، بل سيقف ضد المؤمن حتى أهل بيته وأقاربه. ولكن السيد إذ يخبرنا بما سيحدث يطلب منا الصبر بروح الثقة فى إلهنا ومسيحنا وبروح الرجاء فى الأبدية. والصبر المطلوب من المؤمن ليس هو الصبر فى مواجهة الإضطهاد فقط بل الصبر فى إحتمال أى ألم يسمح به الرب، والصبر على تنفيذ وصايا المسيح حتى آخر يوم فى حياتنا "بصبركم إقتنوا أنفسكم" (لو21: 19).

آية (مت23: 10): -.

"23 وَمَتَى طَرَدُوكُمْ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ فَاهْرُبُوا إِلَى الأُخْرَى. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُكَمِّلُونَ مُدُنَ إِسْرَائِيلَ حَتَّى يَأْتِيَ ابْنُ الإِنْسَانِ.".

متى طردوكم فإهربوا = هنا السيد يضع مبدأ هاماً، فإذا ثارت العاصفة وكان هناك فرصة أن نهدئ منها، بأن نبتعد فلنبتعد، ولا نعطى فرصة للمضايقين أن يزدادوا غضباً وثورة، لا داعى أن يلقى أحد نفسه وسط المخاطر التى قد لا يحتملها جسده الضعيف، ولكن إن وقعنا فى أيديهم وطلبوا منا أن ننكر إيماننا، هنا لزم الإستشهاد. وهرب الكارزين من مدينة إلى مدينة سيكون فيه فرصة لإنتشار الإيمان وهذا ما حدث فى بداية المسيحية، إذ حينما أثار اليهود الإضطهاد ضد الكنيسة هرب المسيحيون إلى كل مكان فإنتشرت الكرازة.

لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتى إبن الإنسان = فهم عليهم حين يثوروا ضدهم أن يهربوا إلى مدينة أخرى يكرزون فيها، ثم يقابلهم إضطهاد آخر فيهربوا إلى مدينة أخرى ليكرزوا فيها. وحينما يكملون كل مدن إسرائيل يأتى إبن الإنسان، فما معنى هذا؟ هناك معنيين: -.

1 - حين ينتهى إيمان المختارين من اليهود يأتى إبن الإنسان ليدين الأمة اليهودية على كل ما إقترفته حتى الصليب، وستخرب أورشليم والهيكل بعد أن يخرج منها الذين آمنوا، وهذا ما حدث سنة 70م فلقد أحرق تيطس أورشليم وقتل أكثر من مليون وصلب 120000 وأحرقهم وهدم الهيكل تماماً. وكان هذا بعد أن تشتت المسيحيين فى كل مكان. بل فى خلال حصار أورشليم هرب منها كل المسيحيين ولم يبق منهم ولا واحد، فلم يُؤذى مسيحى واحد خلال هذا الحصار.

2 - حتى الآن هناك يهود سيؤمنون ونحن نعلم أن دخول البقية للإيمان هو علامة على نهاية الأيام ومجئ المسيح فى مجيئه الثانى. فقول السيد لا تكملون مدن إسرائيل = قد يشير لكمال دخول البقية من اليهود للمسيحية فى نهاية الأيام. (رو 25: 11 - 32، 15).

3 - تعبير إبن الإنسان مأخوذ من (دا7: 13 + 22) وفيه تصوير لإبن الإنسان الديان. فاليهود يفهمون التعبير على أنه للدينونة. وهذا ما حدث فعلا سنة 70م. على يد تيطس الرومانى. ويعتبر هذا مجئ غير مرئى لإبن الإنسان ليدين فيه أورشليم. لكن مجيئه الثانى العلنى سيكون للدينونة العامة ولخلاص أبدى لمن ينتظرونه. وبهذا يمكننا فهم حجم الغضب عند قيافا عندما سمع قول الرب يسوع أثناء محاكمته "من الآن تبصرون إبن الإنسان جالسا عن يمين القوة.." (مت26: 64) فمن قول الرب "من الآن" فهم قيافا أن المسيح يقصد - أن دينونة إسرائيل تبدأ من الآن.

الآيات (مت 24: 10 - 25): -.

"24«لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنَ الْمُعَلِّمِ، وَلاَ الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ سَيِّدِهِ. 25يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ، وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدْ لَقَّبُوا رَبَّ الْبَيْتِ بَعْلَزَبُولَ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَهْلَ بَيْتِهِ!".

هنا المسيح يقدم نفسه كقدوة فى إحتمال الألم. وبهذا تصير أسلحة المؤمن التى يقدمها له الله لإحتمال الألم.

1 - الروح القدس الذى يتكلم فيه ويمنحه القوة.

2 - الصبر والرجاء إلى المنتهى وهذا يعطيه لنا الروح فالله لم يعطنا روح الفشل.

3 - المسيح كقدوة فى إحتماله الألم (راجع 1بط1: 4).

4 - المسالمة بقدر إمكاننا مع من يضطهدوننا حتى لا نثيرهم.

ولاحظ أن السيد المسيح لم يَعِدْ أن يمنع الألم عمن يتبعه، ولكن وَعْدْ المسيح كان بأن يملأ القلب سلاماً من الداخل، فالألم الخارجى ينتصر عليه السلام الداخلى والعزاء الداخلى والفرح الداخلى. وهذه هى النصرة على الألم فى المسيحية. والمسيح هنا يضع نفسه كمثال، فإن كان قد تألَّم وهو رب المجد أفلا نقبل الألم، بل قيل عنه أنه تَكَمَّلَ بالألم (عب 10: 2). أفلا نقبل الألم لنكون كاملين. فما يسمح به الله هو لأجل أن نتكمل. هو تكمل بالألم ليشابهنا فى كل شئ، ونحن نتكمل بالألم لنَكمُل ونشبهه.

بعلزبول = بعلزبوب هو إله العقرونيين (فهو إله الذباب طارد للذباب) (والعقرونيين فى فلسطين) واليهود أسموه بعلزبول تحقيراً له فمعناه (إله الأقذار).

الآيات (مت 26: 10 - 27): -.

"26فَلاَ تَخَافُوهُمْ. لأَنْ لَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ. 27اَلَّذِي أَقُولُهُ لَكُمْ فِي الظُّلْمَةِ قُولُوهُ فِي النُّورِ، وَالَّذِي تَسْمَعُونَهُ فِي الأُذُنِ نَادُوا بِهِ عَلَى السُّطُوحِ،".

ليس مكتوم لن يُستعلن = هو قول مشهور يستعمله الرب هنا لبيان إنتشار الكرازة، والتى هى حتى الآن غامضة لكنها ستتوضح. فحتى وقت ما كان السيد يقول هذا الكلام، كانت فكرة الفداء والصليب غير معلومة لكنها كانت مكتومة. وأيضاً الأمجاد المعدة للكنيسة كانت مكتومة فى هذا الوقت، بل مازالت حتى الآن كلغز. الذى أقوله لكم فى الظلمة قولوه فى النور = ما يعلمه الآن لهم سراً عليهم أن يذيعوه، أما معلمى اليهود فكانوا يهمسون فى أذان تلاميذهم، ما كانوا يرفضون أن يعلنوه للجميع. والمسيح لم يكن له تعاليم سرية تخص بعضاً من الناس وتكون سراً على العامة. ولكن المسيح كان يعلم التلاميذ ويرفع من مستواهم، ويعلن لهم بعضاً من أسراره التى كانت أعلى من مستوى العامة، فالمسيح يعطى تعاليمه بالتدريج حتى يقبلها السامع. وهو هنا يقول لتلاميذه، كل ما قلته إعلنوه وإجعلوه فى النور. الأذن = ما قاله المسيح لتلاميذه فقط فى جلسات خاصة. السطوح = ليسمع الجميع.

آية (مت28: 10): -.

"28 وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ.".

لا تخافوا فحياتكم ليست فى يدهم بل فى يد الله الذى فى يده سلطان ليس فقط على أجسادهم بل على نفوسهم. فمن ينكر المسيح لأنه خائف من العذاب سينقذ جسده لأيام ولكن سيكون قد خسر نفسه أبدياً. وما أجمل أن نشعر أننا فى يد الله الرحيم، وأنه لا سلطان لأحد علينا ما لم يكن الله قد أعطاه هذا السلطان (يو 11: 19).

الآيات (مت 29: 10 - 33): -.

"29أَلَيْسَ عُصْفُورَانِ يُبَاعَانِ بِفَلْسٍ؟ وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا لاَ يَسْقُطُ عَلَى الأَرْضِ بِدُونِ أَبِيكُمْ. 30 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحَتَّى شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ. 31فَلاَ تَخَافُوا! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ! 32فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، 33 وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.".

إضطر السيد الرب أن يلجأ لهذه المقارنة ليثبت إهتمامه بنا فلا نخاف من أى إضطهاد. فالله إستمر يخلق الأرض ألاف الملايين من السنين ليجعلها جنة حتى يخلق الإنسان ويمتعه بها، ولم يكن هذا لأجل العصافير. لكن السيد إضطر لهذا لأن الإنسان دائم الشك فى محبة الله، بل أن هذه هى لعبة إبليس دائماً أن يشكك الإنسان فى محبة الله مع كل تجربة. بل أن إهتمام الله بالإنسان يصل إلى درجة معرفته بعدد شعور رؤوسنا، ولكن الخائفين غير المؤمنين الذين ينكرون المسيح مع كل هذه المحبة فلا نصيب لهم فى أمجاد السماء. هذا معنى أن المسيح ينكرهم = ما عادوا أعضاء فى جسده، وما عاد المسيح يشملهم برحمته ويكفر عنهم بدمه، فالخلاص لمن هو ثابت فى المسيح. هذه مثل "أنا مزمع أن أتقيأك من فمى" (رؤ3: 16).

فى (لو15: 11) نجد الفريسيين يتهمون المسيح أنه ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين (قارن مع مت 22: 12 - 24). وفى (لو53: 11 - 54) نجد الفريسيين يراقبونه طالبين أن يصطادوا شيئاً من فمه ليشتكوا عليه وذلك لحنقهم عليه، فهم يريدون أن يحجبوا الناس عنه فلا تنهار شعبيتهم ويفقدون كرامتهم وسلطانهم. لكن واضح أن تصرفهم جاء بنتيجة عكسية، فلقد جاءت ربوات (عشرات ألوف) الشعب ليسمعوا السيد الرب. وبهذا يكون رياء الفريسيين قد فشل ومشورتهم فى الظلام قد انفضحت وظهر ريائهم فى النور.

فليس مكتوم لن يستعلن = الآن بحسب ترتيب إنجيل لوقا صار لهذه الآية مفهوم آخر. فلقد سبق وفهمنا أنها تشير لإنتشار الكرازة، وهذا قد حدث الآن ورأينا عشرات الألوف مجتمعين حول المسيح. لكنها أيضاً صارت تشير لإفتضاح الظلمة. فكل شر الشيطان فضحه الرب (كو 15: 2). وكل مؤامرات الفريسيين فى الظلمة صارت فى النور مكشوفة وبهذا لم يهتم الشعب بكلام الفريسيين، لكنهم إجتمعوا حول المسيح. ولنعلم أن ثوب الرياء لا يستر صاحبه طويلاً، بل سيتمزق وينكشف ما تحته من نجاسة وضلال.

كل ما قلتموه فى الظلمة يُسمع فى النور وما كلمتم به الأذن فى المخادع = هذه تختلف عمّا سبق فى متى، ففى متى سمعنا "الذى تسمعونه فى الأذن نادوا به على السطوح.. الذى أقوله فى الظلمة قولوه فى النور". وكان كلام السيد فى متى يشير لضرورة أن يكرز التلاميذ بكل ما سمعوه من السيد أمّا هنا فالسيد يقصد أن يقول لتلاميذه.. تحاشوا الرياء.. لتكن حياتكم طاهرة نقية وبلا شر. لتكن حياتكم متفقة مع تعاليمكم وإلاّ ما تخفونه من شر سيظهر أمام الناس. ما ترتكبونه من شر فى الظلمة سيظهر فى النور. وتعنى الآية أيضاً.. لا يكن لكم تعاليم سرية تخفونها عن الناس، وتعاليم خفية تخشون إستعلانها للناس، فهذا ضعف وجبن من الخادم. والسيد نفسه كان يعلم فى الهيكل كل يوم علناً (يو 20: 18 - 21) وبالنظر لمفهوم القديسين متى ولوقا معاً نفهم واجب الخادم والكارز أنه يعلم بكل ما سمعه من المسيح وأن تكون حياته نقية متفقة مع ما يعلم به، وأن لا تكون له تعاليم سرية فهذه ليست من المسيح بل من عنده فهو غير قادر أن يعلنها. ولا يكونوا كالفريسيين الذين يضمرون شيئاً ويتكلمون بشئ آخر.

تحرزوا من خمير الفريسيين = طبعاً المقصود هو رياء الفريسيين، أو كمن يخفى علاقته بالمسيح خوفاً من الناس. والخمير فى بدايته يكون كمية صغيرة بالنسبة للعجين، كما أن الشر فى بدايته يكون صغيراً إذا ما قورن بالحق. ولكن من شأن كلاهما (الخمير والشر) سرعة الإنتشار. وكما تخمر الخميرة العجين، هكذا يفسد الشر عقيدة الإنسان، وكلاهما يعمل فى الخفاء. ورياء الفريسيين هو زيادة إهتمامهم بالناموس وطقوسه فى الخارج، لكن أعمالهم رديئة فى الخفية وهذه التصرفات تفسد الكنيسة.

الآيات (لو 4: 12 - 5): -.

لا تخافوا: - وخوفكم هذا يدفعكم للرياء. قيل أن الجسد ما هو إلاّ صدفة تخفى لؤلؤة، واللؤلؤة هى النفس. فلماذا الإهتمام بالجسد. يا أحبائى = هذا شعور المسيح نحو خاصته.

آية (لو 6: 12): -.

اليست خمسة عصافير تباع بفَلسين = وقيل فى (مت 29: 10) أليس عصفوران يباعان بفَلس. ويبدو أن أربعة عصافير كانت تباع بفَلسين ويعطى لمن يشترى أربعة، عصفوراً زيادة مجاناً، فحتى هذا العصفور الذى بلا ثمن لاينساه الله. الفَلس هو أصغر عملة متداولة فى ذلك الوقت.

آية (لو 7: 12): -.

حتى شعرة واحدة من رؤوسنا لا تهلك إلاّ بسماح منه (لو 18: 21). شعرة واحدة أي أصغر شئ فينا فشعرة تنقص لن نشعر بها، لكن المسيح مهتم بها.

الأعداد 10-12

الآيات (لو10: 8 - 12): -

"8 وَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنِ اعْتَرَفَ بِي قُدَّامَ النَّاسِ، يَعْتَرِفُ بِهِ ابْنُ الإِنْسَانِ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ. 9 وَمَنْ أَنْكَرَنِي قُدَّامَ النَّاسِ، يُنْكَرُ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ. 10 وَكُلُّ مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلاَ يُغْفَرُ لَهُ. 11 وَمَتَى قَدَّمُوكُمْ إِلَى الْمَجَامِعِ وَالرُّؤَسَاءِ وَالسَّلاَطِينِ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَحْتَجُّونَ أَوْ بِمَا تَقُولُونَ، 12لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ يُعَلِّمُكُمْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا يَجِبُ أَنْ تَقُولُوهُ».".

هى تحريض على إعلان الإيمان بالمسيح رباً علناً. والإنكار هو إنكار المسيح أو إهمال وصاياه. وفى متى نسمع السيد يقول "أعترف أنا أيضاً به قدام أبى الذى فى السموات". وهنا نسمع قدام ملائكة الله. وكلا الإثنين واحداً. فالملائكة دائماً قدام الله. ولكن كون أن المسيح هنا يذكر ملائكة الله فهذا يعطينا شعور بإهتمام الملائكة بنا فالمسيح وحد السمائيين والأرضين وجمع كلاهما فيه (أف 10: 1). لذلك نجد أن السماء تفرح بخاطىء واحد يتوب (لو 10: 15) ونجد السمائيين يفرحون بالخلاص الذى صنعه الرب للبشر ويتكلمون بإسمنا (رؤ 9: 5 - 10) وكأن المسيح حين يعترف بى أمام الملائكة، كأنه يقدم لهم من صار لهم شريكاً فى حياتهم السمائية وحياة التسبيح. فحين يقول: -.

أمام أبي فالمعنى أيها الآب هؤلاء صاروا جزء من جسدي، إذاً هم صاروا أبناءً لك.

أمام الملائكة = صرنا شركاء لهم فى السماء، هي دعوة لننضم لهم في حياتهم.

آية (لو 10: 12): -.

"10 وَكُلُّ مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلاَ يُغْفَرُ لَهُ.".

يستغل إبليس هذه الآيات ليحطم بعض النفوس، فيشككها أنه قد مر على فكرها تجديفاً على الروح القدس وبالتالى تبعاً لهذه الآيات فلا غفران وبالتالى إغلاق باب الرجاء أمامها.

ولكن علينا أن نفهم أن أى خطية يقدم عنها توبة يغفرها الله، وهذا وعده (1يو 7: 1 - 9) لاحظ قوله يطهرنا من كل خطية ولكن المقصود بالتجديف على الروح القدس هو الإصرار على مقاومة صوت الروح القدس الذى يبكت على الخطية داعياً للتوبة، أى أن يصر الإنسان على عدم التوبة حتى آخر نسمة من نسمات حياته. من قال كلمة على إبن الإنسان يُغفر له = فالإنسان غير المؤمن قد يتعثر فى المسيح إذ يراه إنساناً عادياً فيتكلم عليه كلاماً غير لائق، لكنه حين يؤمن ويعترف بهذه الخطية تغفر لهُ.

أما من قال على الروح القدس فلن يغفر لهُ = السيد يقول هذا للفريسيين الذين قالوا أنه يخرج الشيطان بواسطة بعلزبول، فهم بهذا يقولون عن الروح القدس الذى به يخرج السيد الشياطين أنه بعلزبول، وهذا فيه تجديف على الروح القدس. وحتى من هؤلاء من سيقدم توبة بعد إيمانه ستغفر لهُ، أما لو إستمر مقاوماً للحق فلن تغفر خطيته. ولنلاحظ أن الروح القدس هو الذى يبكت على الخطايا (يو8: 16). ولكن أمام إصرار الإنسان على المقاومة لصوت الروح القدس ينطفىء صوته. لذلك يحذر الرسول بولس "لا تطفئوا الروح" و "لا تحزنوا الروح" وإذا إنطفأ الروح داخل إنسان لعناده (مثل هؤلاء الفريسيين) سيصبح غير قادراً على التوبة (لأنه لا يسمع صوت الروح القدس) وإذ لا يقدم توبة لا تغفر خطيته، وهذا هو التجديف على الروح الذى لا يُغفر. ولكن لا يُفهم الكلام حرفياً فغير المؤمنين طالما جدفوا على الروح القدس فهل حينما يؤمنون لن يغفر لهم ما قالوه؟!! ويفهم التجديف على الروح القدس لإنسان مسيحي تذوق الموهبة السمائية وإختار طريق التجديف (عب4: 6 - 6).

ملحوظة: الله في محبته يظل يحاول مع أولاده حتى لو أطفاؤا الروح القدس وقد يكون ذلك بالضربات مثل يونان والإبن الضال بل في بعض الأحيان بعطايا جيدة ربما ليخجل هذا الخاطئ، أما نزع الروح القدس فهي حالة نادرة لم تذكر سوى مرة واحدة مع شاول الملك.

الآيات (مر28: 3 - 30): -.

"28اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ جَمِيعَ الْخَطَايَا تُغْفَرُ لِبَنِي الْبَشَرِ، وَالتَّجَادِيفَ الَّتِي يُجَدِّفُونَهَا. 29 وَلكِنْ مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَيْسَ لَهُ مَغْفِرَةٌ إِلَى الأَبَدِ، بَلْ هُوَ مُسْتَوْجِبٌ دَيْنُونَةً أَبَدِيَّةً». 30لأَنَّهُمْ قَالُوا: «إِنَّ مَعَهُ رُوحًا نَجِسًا».".

لاحظنا هنا أن خطاب السيد المسيح جاء بعد أن قال أقرباء المسيح عنه أنه مختل فهذا يعتبَر تجديفاً على إبن الإنسان، إذ هم تعثروا فيه ولم يعرفوا حقيقته. وجاء الخطاب بعد تجديف الفريسيين وقولهم على الروح القدس أنه بعلزبول وبمثل هذا التجديف على الروح لو إستمروا فى عنادهم فلن يغفر لهم أبداً.

الآيات (11 - 12): -.

أنا أعطيكم فماً وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها أو يناقضوها (لو15: 21).

راجع تفاصيل أكثر فى (لو11: 14 - 23).

مثل الغنى الغبى.

الأعداد 13-21

الآيات (لو13: 12 - 21): -

"13 وَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ، قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الْمِيرَاثَ». 14فَقَالَ لَهُ: «يَاإِنْسَانُ، مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِيًا أَوْ مُقَسِّمًا؟ » 15 وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ». 16 وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلاً قَائِلاً: «إِنْسَانٌ غَنِيٌّ أَخْصَبَتْ كُورَتُهُ، 17فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ قَائِلاً: مَاذَا أَعْمَلُ، لأَنْ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ أَجْمَعُ فِيهِ أَثْمَارِي؟ 18 وَقَالَ: أَعْمَلُ هذَا: أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَعْظَمَ، وَأَجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غَّلاَتِي وَخَيْرَاتِي، 19 وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي! 20فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَاغَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟ 21هكَذَا الَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا ِللهِ».".

الغنى الغبى: - من الألاف الموجودين حول الرب كان هناك شخص له مشكلة ميراث مع أخيه، وأراد أن يكون المسيح قاضيا بينهما. ولكن المسيح جاء يدعونا للسماويات ولم يُرِدْ أن يتدخل فى الأرضيات فهذه لها قضاة، بينما المسيح بالجسد لم يكن له حق الحكم بين الناس كقاض. وقوانين الميراث واضحة فى الشريعة (البكر له ضعف نصيب إخوته وكل الإخوة متساوين). ونلاحظ أن المشكلة هى مشكلة طمع، فإما الأخ الأكبر طماع وأخذ كل الميراث، أو أن يكون الشاكى وهو الأصغر وأنه غير راضى عن أن يكون نصيبه نصف أخيه البكر ويريد أن يقتسمه مع الأكبر.

في الآيات السابقة كان المسيح يكلمهم عن الكرازة بلا خوف والضيقات التي ستأتي. فإرتفع صوت شخص يشتكي أخيه الذي ظلمه في الميراث. ويظهر هنا التناقض، فلو فهم هذا الشخص كلام المسيح الذي يعني أنه في هذا العالم سيكون ضيق مستمر، ولكن الروح القدس يساندنا وفي النهاية من يثبت يعترف به المسيح، لإحتقر هذا الشخص الماديات كلها فماذا ستنفعه أمواله وقت الإضطهاد والاستشهاد، وماذا سيخسر هذا حينما يقف مُعْتَرَفَاً به أمام الله. المسيح واضح هنا أنه يريد رفع مستوى تفكيرنا إلى السماويات، وإيماننا بأننا غرباء في هذه الأرض. لذلك ينبه أن الطمع هو أخطر عدو يقابل المسيحي، لذلك أسماه بولس الرسول عبادة أوثان (كو5: 3). لأن الطماع ينسى إنتمائه للسماء ويظن أنه سيعيش للأبد على الأرض (هذا هو معنى المثل الذي قاله هنا السيد المسيح). لنثق أن المال لا يعطي سلاماً، الله هو الذي يعطيه. والسيد المسيح رفض أن يأخذ دور السلطة الزمنية، فتقسيم الميراث هو عمل القضاة، وصمم على أن يكون دوره روحياً. هو تحاشى أن يضع قوانين أرضية للميراث وخلافه بل هو السماوي، أتى من السماء ليرفعنا للسماويات، المسيح يريدنا أن نشعر بأننا غرباء على الأرض. هو يريد أن يحل المشاكل بإصلاح الداخل، ومنع الطمع المفسد للحياة السماوية. ولاحظ فإن المسيح لا يدين الغِني بل الطمع. والطمع هو الشعور الدائم بعدم الإكتفاء والنهم للأرضيات والماديات، والإنشغال بالماديات عن الروحيات، وعدم الإهتمام بأن يكون للشخص كنز سماوي.

من أقامني قاضياً = المسيحية لم تضع أي قانون للميراث. فالمسيح أتى لنرث السماء.

يا معلم قل لأخي = كان وظيفة معلمي اليهود أن يتدخلوا لحل هذه المشاكل.

مثل الغني الغبي: هل خطأ أن يفكر إنسان أن يقيم مخازن؟ قطعاً هذا ليس خطأ، فما هو إذاً خطأ هذا الغني الذي جعله غبياً؟

هو كان يفكر في الحاضر فقط والمستقبل على أنه سيعيش دائماً وربما للأبد. ولم يفكر أنه في هذه الليلة ستؤخذ نفسه. فعلينا أن نعمل بجد ولكن لا ننسى أننا هنا غرباء، قد نترك العالم في أي لحظة.

إذا فهمنا أنه يمكن لنا أن نترك العالم في أي لحظة، فما الذي أعددناه للسماء. هذا الغني كل ما فكر فيه كان يخص حياته على الأرض، فأين هي كنوزه التي في السماء (أي أين صلاته وأصوامه وصدقاته..).

عطايا الله له حسبها تخصه وحده = أثماري غلاتي خيراتي فهو نسب الخير لنفسه ولم يذكر أن الله أعطاه الكثير فيشكر الله وليعطي هو من ليس لهم، فنحن وكلاء على ما عندنا.

أنظر ما يفكر فيه يا نفسي كلي واشربي وإفرحي = فكل ما يفكر فيه هو ما يشبع الحيوانات أيضاً، ولكن أين نصيب الروح. هدف السيد من المثل أننا مخلوقات تنتمي للسماء وغرباء على الأرض فلنهتم بالسمائيات.

لكِ خيرات يا نفسي = هو إعتبر أن الخيرات هي الماديات فقط وتناسي أن الخيرات الحقيقية هي الفضائل فهذه توصلنا للسماء أما الأموال فهذه يمكن توجيهها لتكون خيراً ويمكن توجيهها لتكون شراً.

هو إفترض أن غناه سيكون سبباً في راحته، مع أنه أصبح هماً ثقيلاً عليه وشاغلاً يشغل باله ويملأه قلقاً. لقد ظن أنه يملك المال لكن المال هو الذي إمتلكه. أمّا الراحة الحقيقية هي في المسيح. غنياً لله = أي يكون غناه هذا لمجد الله وليس لراحته هو شخصياً.

يقول يا نفسي لكِ خيرات كثيرة، موضوعة لسنين كثيرة = ولم يخطر على باله أي اعتبار لأن كل شئ هو ملك لله، وأننا وكلاء على ما بين أيدينا. وأن الله سيحاسب كلٌ منا حسب ما سوف يتصرف في أمواله. ولاحظ قوله سنين كثيرة، هو لا يفكر أنه يمكن أن ينتقل في أي لحظة. هذا الإنسان ربط نفسه بالأرضيات وبالتالي فهو لا يصلح للسماويات. فمن يصلح للسماويات هو من عاش في الأرض سماوياً غريباً عن الأرض.

حينما زادت خيراته فكر في زيادة مخازنه بدلاً من أن يفكر في إحتياج الفقراء لهذه الزيادات.

ملحوظة: ما يحكم نظرتنا للمال هو أنه مال الله وأنا أمين عليه + لو ضاع المال لا أهتم فالله قادر أن يعوض + لا تعارض بين عدم الطمع والطموح. فالطموح مطلوب لكن على ألا يتعارض مع واجباتي نحو الله + لا يكون بظلم الآخرين + شعوري بأن ضمان المستقبل ليس في أموالي بل أن لي إله غني قدير يحبني.

الله يعتنى بنا.

الأعداد 22-31

الآيات (لو22: 12 - 31): -

"22 وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «مِنْ أَجْلِ هذَا أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ، وَلاَ لِلْجَسَدِ بِمَا تَلْبَسُونَ. 23اَلْحَيَاةُ أَفْضَلُ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلُ مِنَ اللِّبَاسِ. 24تَأَمَّلُوا الْغِرْبَانَ: أَنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ، وَلَيْسَ لَهَا مَخْدَعٌ وَلاَ مَخْزَنٌ، وَاللهُ يُقِيتُهَا. كَمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلُ مِنَ الطُّيُورِ! 25 وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟ 26فَإِنْ كُنْتُمْ لاَ تَقْدِرُونَ وَلاَ عَلَى الأَصْغَرِ، فَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِالْبَوَاقِي؟ 27تَأَمَّلُوا الزَّنَابِقَ كَيْفَ تَنْمُو: لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ، وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا. 28فَإِنْ كَانَ الْعُشْبُ الَّذِي يُوجَدُ الْيَوْمَ فِي الْحَقْلِ وَيُطْرَحُ غَدًا فِي التَّنُّورِ يُلْبِسُهُ اللهُ هكَذَا، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟ 29فَلاَ تَطْلُبُوا أَنْتُمْ مَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَشْرَبُونَ وَلاَ تَقْلَقُوا، 30فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا أُمَمُ الْعَالَمِ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَبُوكُمْ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ. 31بَلِ اطْلُبُوا مَلَكُوتَ اللهِ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ.".

الآيات (مت25: 6 - 34): -.

"25«لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ، وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ؟ 26اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟ 27 وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟ 28 وَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِاللِّبَاسِ؟ تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو! لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ. 29 وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا. 30فَإِنْ كَانَ عُشْبُ الْحَقْلِ الَّذِي يُوجَدُ الْيَوْمَ وَيُطْرَحُ غَدًا فِي التَّنُّورِ، يُلْبِسُهُ اللهُ هكَذَا، أَفَلَيْسَ بِالْحَرِيِّ جِدًّا يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟ 31فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ؟ أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ؟ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟ 32فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا. 33لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. 34فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ.".

حين يقول السيد لا تهتموا بالمال سيثور سؤال هام.... وكيف نؤمن مستقبلنا من مأكل وملبس؟ وهنا السيد يقول أن الله هو المسئول عن حياتنا ومستقبلنا ومعيشتنا. وهل نثق فى مال يأكله السوس ويسرقه اللصوص ولا نثق فى الله كأب سماوى يعولنا. المسيح هنا يريد أن ينزع منا كل قلق وهم لنعيش فى طمأنينة تحت تدبير الله الذى يرعى حتى الطيور. فلنعمل ونكد ونبحث عن القوت ولكن بلا قلق ولا هم فالله هو الرازق "إلق على الرب همك فهو يعولك" (مز 22: 55 + 1بط 7: 5) أليست الحياة أفضل من الطعام = الحياة هى هبة من الله والجسد هو هيكل لله أما الطعام واللباس فهما وسيلة فقط. والذى وهب الحياة وخلق الجسد ألا يستطيع أن يمنح القوت والكسوة. أى إذا كان يمنح العطايا الكبيرة ألا يمنح العطايا الصغيرة.

آية (مت25: 6): -.

"25«لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ، وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ؟".

ذراعاً واحدة = فى ترجمات أخرى يزيد على قامته أقل وحدة قياسية.

آية (مت26: 6): -.

"26اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟".

آية (مت27: 6): -.

"27 وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟".

يزيد على قامته = اللفظة اليونانية قد تعنى عُمر بدلاً من قامة. أى يكون المعنى أنه لا.

يمكن إضافة شىء إلى مسافة رحلة العمر. وإذا أخذناها كما هى يكون المعنى أنك لا يمكنك أن تزيد إلى طول قامتك شىء.

آية (مت29: 6): -.

29 وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا.

لا تقلقوا = الكلمة الأصلية تفيد تعلق الفكر بشىء يتأمل فيه بغير استقرار.

تأمل = أهم من لباس الجسد أن الله قادر أن يعطينا بهاءً بأن نلبس ثوب البر = نلبس.

المسيح (رو 14: 13).

آية (مت30: 6): -.

"30فَإِنْ كَانَ عُشْبُ الْحَقْلِ الَّذِي يُوجَدُ الْيَوْمَ وَيُطْرَحُ غَدًا فِي التَّنُّورِ، يُلْبِسُهُ اللهُ هكَذَا، أَفَلَيْسَ بِالْحَرِيِّ جِدًّا يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟".

التنور = الفرن. ولندرة الخشب كانوا يستخدمون الحشائش الجافة والأشواك وفروع الأشجار الصغيرة كوقود.

آية (مت32: 6): -.

"32فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا.".

تطلبها الأمم = الذين هم ليسوا قادرين على النظرة الإيمانية الهادئة والواثقة فى الله، فأفكارهم عن الله وعنايته أفكار قاصرة، ويطلبون ما يظنونه لسعادتهم أى الأكل والشرب والملبس.

أطلبوا أولاً ملكوت الله وبره = راجع تفسير ليأت ملكوتك. أى أطلبوا أن يملك الله بالكامل على قلوبكم ولا يكون للشيطان مكاناً فيه. واطلبوا نمو ملكوت الله بين غير المؤمنين. وأن يملأ الله قلوبنا ببره. ونطلب الإمتلاء من الروح القدس ونطلب توبة الخطاة. ولنطلب ثانياً أو ثالثاً الأمور الزمنية، بل أن الله سيعطيها لنا حتى لو لم نطلبها.

آية (مت34: 6): -.

"34فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ.".

لاتهتموا بالغد = لم يقل لا تهتموا باليوم، فعلينا أن نعمل بجدية من أجل قوتنا، ولكن لا نحمل هم الغد أى المستقبل (1تس 9: 2).

يكفى اليوم شره = لا يعنى بالشر الخطية لكن التعب والمشاكل التى نقابلها.

نجد هنا نفس الكلام يكرره القديس لوقا. ولكن إستبدل كلمة الطيور بالغربان. لأن الغراب إذا ما أفرخ يترك أولاده بلا طعام لأن الفراخ يكون لونها أبيضاً فينفر منها، والله أعطى لهذه الفراخ أن تفرز رائحة من فمها تجذب إليها البعوض، ويدخل لداخل فمها فتتغذى عليه، حتى يظهر ريشها الأسود فيأتى لها أبواها لتغذيتها. فإن كان الله يدبر هذا للغربان أفسيترك أولاده ويهملهم (مز 9: 147).

ونلاحظ أن السيد وجه هذا الحديث فى إنجيل لوقا بعد حديثه عن الأغنياء، وهو يوجه هذا الحديث لتلاميذه الفقراء، فإبليس يجرب الفقراء بأنه يوهمهم أنهم سيكونون أكثر سعادة وإطمئناناً لو إمتلكوا المال الكثير. وقوله لا تهتموا = حتى لا تمتص الزمنيات كل تفكيرنا فننشغل عن السماويات فنحرم من أن يملك الله على قلوبنا. ولاحظ أن هذه هى مشكلة البشر، أن التفكير فى المشاكل والماديات والزمنيات يستغرقهم، بل يقودهم ذلك للكآبة. والسيد المسيح يدعونا أن نثق فيه أنه هو يدبر كل شئ وهذا يجعلنا نحيا فى فرح، وهذا ما يريده لنا.

الأصغر = وهو زيادة القامة. البواقى = الأمور الأكبر شأناً فى الحياة، المعنى أن الله خلقنا لنحيا وهو مسئول أن يحفظ حياتنا ويعولنا. زيادة القامة شئ لا أهمية له ونحن غير قادرين حتى على هذا الشئ، فما بالكم بالحفاظ على الحياة نفسها. عموما الرب يريد أن يقول أننا غير قادرين على شئ بدونه (يو15: 5).

القطيع الصغير والوكيل الأمين.

الأعداد 32-48

الآيات (لو32: 12 - 48): -

"32«لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ. 33بِيعُوا مَا لَكُمْ وَأَعْطُوا صَدَقَةً. اِعْمَلُوا لَكُمْ أَكْيَاسًا لاَ تَفْنَى وَكَنْزًا لاَ يَنْفَدُ فِي السَّمَاوَاتِ، حَيْثُ لاَ يَقْرَبُ سَارِقٌ وَلاَ يُبْلِي سُوسٌ، 34لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكُمْ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكُمْ أَيْضًا. 35«لِتَكُنْ أَحْقَاؤُكُمْ مُمَنْطَقَةً وَسُرُجُكُمْ مُوقَدَةً، 36 وَأَنْتُمْ مِثْلُ أُنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ سَيِّدَهُمْ مَتَى يَرْجعُ مِنَ الْعُرْسِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ وَقَرَعَ يَفْتَحُونَ لَهُ لِلْوَقْتِ. 37طُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ الَّذِينَ إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُمْ يَجِدُهُمْ سَاهِرِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَتَمَنْطَقُ وَيُتْكِئُهُمْ وَيَتَقَدَّمُ وَيَخْدُمُهُمْ. 38 وَإِنْ أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّانِي أَوْ أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّالِثِ وَوَجَدَهُمْ هكَذَا، فَطُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ. 39 وَإِنَّمَا اعْلَمُوا هذَا: أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ الْبَيْتِ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي السَّارِقُ لَسَهِرَ، وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ. 40فَكُونُوا أَنْتُمْ إِذًا مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ». 41فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «يَارَبُّ، أَلَنَا تَقُولُ هذَا الْمَثَلَ أَمْ لِلْجَمِيعِ أَيْضًا؟ » 42فَقَالَ الرَّبُّ: «فَمَنْ هُوَ الْوَكِيلُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ الَّذِي يُقِيمُهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الْعُلُوفَةَ فِي حِينِهَا؟ 43طُوبَى لِذلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ يَجِدُهُ يَفْعَلُ هكَذَا! 44بِالْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ. 45 وَلكِنْ إِنْ قَالَ ذلِكَ الْعَبْدُ فِي قَلْبِهِ: سَيِّدِي يُبْطِئُ قُدُومَهُ، فَيَبْتَدِئُ يَضْرِبُ الْغِلْمَانَ وَالْجَوَارِيَ، وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَسْكَرُ. 46يَأْتِي سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ فِي يَوْمٍ لاَ يَنْتَظِرُهُ وَفِي سَاعَةٍ لاَ يَعْرِفُهَا، فَيَقْطَعُهُ وَيَجْعَلُ نَصِيبَهُ مَعَ الْخَائِنِينَ. 47 وَأَمَّا ذلِكَ الْعَبْدُ الَّذِي يَعْلَمُ إِرَادَةَ سَيِّدِهِ وَلاَ يَسْتَعِدُّ وَلاَ يَفْعَلُ بحَسَبِ إِرَادَتِهِ، فَيُضْرَبُ كَثِيرًا. 48 وَلكِنَّ الَّذِي لاَ يَعْلَمُ، وَيَفْعَلُ مَا يَسْتَحِقُّ ضَرَبَاتٍ، يُضْرَبُ قَلِيلاً. فَكُلُّ مَنْ أُعْطِيَ كَثِيرًا يُطْلَبُ مِنْهُ كَثِيرٌ، وَمَنْ يُودِعُونَهُ كَثِيرًا يُطَالِبُونَهُ بِأَكْثَرَ.".

في الآيات السابقة دعوة السيد لأولاده ألا يقلقوا فالله يعول أولاده ويهتم بهم.

لا تخف = من الغد أو من قلة الغذاء والكساء أو من إنسان عدو أو من شيطان، فإن كان الله قد سُرَّ أن يعطيكم الملكوت فهل يبخل عليكم بالجسديات.

القطيع الصغير = فالمدعوون كثيرون والمنتخبون قليلون، الذين يخلصون هم قليلون. وفي أول لقاء مع تلاميذه أعطاهم الرب صيداً وفيراً بلا عدد (لو5) وفي آخر لقاء أعطاهم 153سمكة هم القطيع الصغير. وفي مثل عرس إبن الملك كان المدعوون كثيرين، ولكن عاد وأخرج من ليس عليهم ثياب العرس. وهم قطيع صغير لقلة عددهم وسط عالم كبير وأعداء كثيرين أشداء. وهم قطيع صغير لقلة إمكانياتهم البشرية.

لأن أباكم = ربما هم بلا حول ولا قوة في العالم، لكن أنظر لأبيهم الذي سر بهم ومدى محبته لهم، وماذا أعد لهم؟ الملكوت. ولاحظ أن عدد المؤمنين في القطيع الصغير معروف عدده لا يهلك منه أحد / بل هو معدود واحداً فواحداً (رمزياً هم 153 = 100 + 50 + 3 = فهم [100] خروف لو ضل أحدهم يذهب الراعي ليفتش عليه حتى يجده، وقد حررهم الروح القدس [50] وقاموا من موت الخطية [3]). فهو راعي وهو أب.

بيعوا ما لكم = من آمن وصدَّق أن الله أعد له الملكوت سيبيع بسهولة الأرضيات، ويعطي صدقة فيكنز له كنزاً سماوياً حيث يثق أنه ذاهب، هو ينقل بهذا أمواله إلى بنك السماء حيث هو ذاهب. ومن هذه الآية نفهم إستحالة الجمع بين كنزين إذ لا يمكن أن يتوزع القلب بين إثنين الله والمال. بهذا يتوقف المسيح عن الكلام في الماديات وينتقل للروحيات. وقوله بيعوا لا تعني أن نبيع كل شئ ونفتقر بل أن نتوقف عن التعلق بها أو الإعتماد عليها أو فى أنها تحمينا. أن نفهم بقلوبنا تفاهتها، فلنا أب سماوي هو يعولنا. أكياساً لا تفني = الإتكال على الله هو كمن له كيس لا يفنى ما فيه من نقود مثل كوز زيت الأرملة في قصة إيليا. فالله مصدر لا نهائي لكل ما يحتاجه أولاده. ولكن هذا لمن إهتم أن يكون له كنز في السموات = أي تكون حياته سماوية وتكون أمواله لخدمة المحتاجين.

لتكن أحقاءكم ممنطقة = ثياب الشرقيين طويلة، وإذا لم يتمنطقوا تعوقهم ثيابهم عن العمل والرحيل لأنها تشتبك بأقدامهم. إذاً المعنى الروحي أن لا يرتبك المؤمن بالمعوقات العالمية التي تعوقه عن الخدمة وعن إنتظار الرب بفرح، ويكون هذا بضبط النفس عن الإسترسال في الشهوات والإنغماس في ملذات الدنيا، والإهتمام بحياة الفضيلة والأعمال الصالحة. إذاً الأحقاء الممنطقة هي إعتبار الجسد ميت عن ملذات العالم والخطية (كو5: 3) (جهاد سلبي) وعمل أعمال بر وخدمة (جهاد إيجابي). فمن باع العالم أي لم يعد يهتم به يسهل عليه تركه.

قصة: حينما أتت ساعة الموت من شخص مريض طريح الفراش، كان ينام على وسادة، وجدوه يحتضن وسادته بعنف، وحاولوا أخذ الوسادة منه ليجعلوه ينام عليها ويستريح، فكان يرفض بشدة محتضناً وسادته حتى مات، ولما مات فتحوا الوسادة، فوجدوه قد أخفى ثروته فيها. هذا كان رافضاً للموت متعلقاً بثروته. فكل من تعلق بالعالم لا يريد أن يتركه. = حيث يكون كنزكم هناك يكون قلبكم أيضاً.

أحقاؤكم = مفردها حُق وهو حُق الفخذ الذي يُرْبَطْ حزام الوسط فوقه فيشد قامة الإنسان ويرفع ملابسه فوق الأرض ويجعله بهذا مستعداً للمشي والرحيل.

سرجكم موقدة = يحتاج الإنسان في الليل لسراج موقد يسير به في الظلام. لئلا يصيب الإنسان ما أصاب العذارى الجاهلات. وهذا إشارة لضرورة الإمتلاء من الروح القدس وسط ليل هذا العالم. وهذا يكون بطلب الروح القدس بلجاجة في الصلاة. فيمتلئ الإنسان ويحل المسيح (النور) في قلبه. فينير هو أيضاً.

ينتظرون سيدهم متى يرجع = إشارة للمجيء الثاني، أو ساعة الإنتقال.

ساهرين = ساهر على أن يكون مصباحه مملوءاً بالزيت كالعذارى الحكيمات وساهر على أولاده وبيته، والخادم ساهر على كنيسته حتى لا يخطف عدو الخير أحد أولاده، ساهراً أن يؤدي خدمته بأمانة. وكل إنسان يكون ساهراً على أن تكون عبادته بأمانة، والساهر يأخذه رب المجد للمجد. وقد يكون العبيد إشارة لطاقات الإنسان (الجسدية والروحية) التي ينبغي أن تكون في خدمة السيد المسيح.

يتمنطق.. ويخدمهم = لا ولائم في السماء ولكن المعنى أن الله لن يحرمنا فى السماء من شئ من الفرح والبركات والمجد الذى أعده لنا. هو يتمنطق ليخدم الذين سبقوا وتمنطقوا في العالم. وهو يمنطق حقويه إستعداداً للدينونة وفيها يكرم الساهرين، ويحكم على الأشرار. وعربون هذا هو الفرح والسلام اللذان يحيا فيهما أولاد الله الآن على الأرض.

ولكن قوله يتمنطق ويخدمهم هو إعلان عن محبة المسيح وإشتياقه الشديد أن يرى أولاده معه في السماء وفي المجد، فمن أكرمه على الأرض سيكرمه المسيح في السماء "أنا أكرم الذين يكرمونني" (1صم30: 2).

الهزيع الثاني أو.. = اليهود يقسمون الليل إلى أربعة هُزع. ويقسمون عْمر الإنسان لأربعة أقسام (الطفولة / الشباب / الرجولة / الشيخوخة) وأشار هنا إلى الليل الذي يشير لفترة وجودنا على الأرض. ولكنه أشار لثلاثة هُزُعْ فقط. وقد يكون الهزيع الرابع هو:

الطفولة = فالطفل غير مسئول عن تصرفاته ولا يعاقب على خطاياه فيها.

الشيخوخة = حتى لا نؤخر توبتنا لسن الشيخوخة "أذكر خالقك أيام شبابك" (جا1: 12). وهذا هو الرأى الأرجح فالأنسان يميل لأن يؤجل توبته ليستمتع بشبابه ظانا أن العمر ما زال طويلاً، وأنه يمكنه الكف عن الخطية حينما يكبر سنا.

والمعنى هو الاهتمام بالسهر وسط ليل هذا العالم. وهو يُشَبِّه الموت بلص يأتي فجأة دون إنتظار. لذلك على الإنسان أن يسهر أي يكون مستعداً في كل وقت بتوبة مستمرة.

وكان رد السيد على سؤال بطرس ألنا تقول هذا.. أم للجميع. أن ما قيل كان يخص كل خادم وكل راعٍ يقيمه السيد ليخدم شعبه. بل أن هذا المثل يمتد لكل من أعطاه السيد وزنة يخدمه بها. فالغني الغبي أعطاه الله وزنة هي المال الوفير، وكان هناك حوله جوعي، فهو كوكيل على هذه الأموال لم يكن أميناً على هذه الوكالة وهكذا. والسيد يطوب كل من كان أميناً في وزنته (آية43).

الوكيل = كل انسان هو وكيل على شئ فى هذه الأرض التى هى ملك لله "للرب الأرض وملؤها" (مز24: 1). فإرمياء النبى وكَّله الله على الشعوب ليقلع ويهدم.. ويبنى ويغرس.. (إر1: 10، 17) أى بكلمة يضعها الله فى فمه يحدث هذا، والإكليروس وكلاء سرائر الله (1كو4: 1)، وكل انسان أخذ موهبة من الله (1بط4: 10)، والله سيحاسب كل انسان على أمانته وكم تاجر بما أعطاه له الله وكم ربح.

العلوفة = هي كمية الأكل المخصصة لكل واحد والمعنى الغذاء الروحي اللازم والمناسب لكل واحد. وسؤال بطرس غالباً لأنه فهم من أقوال المسيح الكرامة التي ستنال الخادم الساهر، فسأل ليتأكد بالأكثر. وبمقارنة النص هنا بما ورد في نظيره في إنجيل (مت42: 24 - 45) نجد فرقين:

فيقول لليهود أقامه فلطالما أرسل الله لليهود أنبياء، أما للأمم فهو مزمع أن يقيم لهم رعاة. ولليهود أرسل الله لهم طعاماً فهم أبناء وقد أرسل لهم ناموس ونبوات. أمّا للأمم فيشير لطعامهم بقوله علوفة، فهم كانوا بلا إله غارقين في شهواتهم كالبهائم.

يضرب الغلمان ويأكل ويشرب = هو إهتم بملذاته، وأعثر أولاد الله ومنعهم أو صدهم عن الشبع بكلمة الله، في قسوته عليهم لم يكن صورة للمسيح فصدهم عن معرفة المسيح والشبع به.

يقيمه على جميع أمواله = يوحده فيه كعروس مع عريسها ويعطيه مجداً، لا مجداً أرضياً بل سماوياً. أي يعطيه الملك الأبدي.

تطبيق عام على كلمات الرب = على كل واحد منّا أن يكون أميناً في وزناته أميناً على جسده وصحته وأعضاءه وعواطفه وغرائزه وعمله وخدمته التي أستأمنه الله عليها، ليكن كل ما سلمنا الله إياه هو أمانة بين أيدينا، نشبع حياتنا بطعام الروح حتى لا تهلك.

ونرى في كلام السيد أن مسئولية كل إنسان ستكون بحسب معرفته، ولكن هذا ليس مبرراً أن نهمل المعرفة، فقلة المعرفة قد تسبب الهلاك بل هي من المؤكد ستسبب الهلاك "هلك شعبي من عدم المعرفة" (هو6: 4).

وهنا نرى أن من لا يعلم يعاقب أيضاً، فهو أهمل في أن يعرف. فمن يعرف ويهمل يضرب كثيراً، ومن لا يعرف لأنه لم يطلب المعرفة يضرب قليلاً. كلاهما يضرب أي يهلك.

سيدي يبطئ قدومه = من يتصور أن ساعة موته بعيدة فيجري وراء شهوات العالم. يقطعه = ينهي حياته.

المسيح لا يعد بسلام على الأرض بل التلمذة هى حمل الصليب.

الأعداد 49-53

الآيات (لو49: 12 - 53): -

"49«جِئْتُ لأُلْقِيَ نَارًا عَلَى الأَرْضِ، فَمَاذَا أُرِيدُ لَوِ اضْطَرَمَتْ؟ 50 وَلِي صِبْغَةٌ أَصْطَبِغُهَا، وَكَيْفَ أَنْحَصِرُ حَتَّى تُكْمَلَ؟ 51أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ؟ كَّلاَّ، أَقُولُ لَكُمْ: بَلِ انْقِسَامًا. 52لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ، وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ. 53يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الابْنِ، وَالابْنُ عَلَى الأَبِ، وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ، وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ، وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا، وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا».".

الآيات (لو 25: 14 - 27): -.

"25 وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ، فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. 27 وَمَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.".

الآيات (مر 34: 8 - 38): -.

"34 وَدَعَا الْجَمْعَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي. 35فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي وَمِنْ أَجْلِ الإِنْجِيلِ فَهُوَ يُخَلِّصُهَا. 36لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ 37أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟ 38لأَنَّ مَنِ اسْتَحَى بِي وَبِكَلاَمِي فِي هذَا الْجِيلِ الْفَاسِقِ الْخَاطِئِ، فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَسْتَحِي بِهِ مَتَى جَاءَ بِمَجْدِ أَبِيهِ مَعَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ».".

قبل أن يتكلم الرب عن النار التى يلقيها على الأرض تكلم عن أننا وكلاء (لو12: 41 – 48)، وعلينا أن نحيا كوكلاء أمناء وحكماء مستعدين لذلك اليوم الذى سيأتى هو فيه فجأة. ولكن أيضا من يحيا كوكيل أمين سيحتمل نار الإضطهاد هذه بصبر وتعزية.

جئت لألقى ناراً على الأرض = سبق وفهمنا من إنجيل متى أن النار هى نار الإضطهاد والألام. وهنا معنى جديد أن السيد سيرسل روحه النارى ليعزى المتألمين ويعطى حكمة لأولاد الله الذين هم وكلاء. فماذا أريد لو إضطرمت = فى ترجمة أخرى "كم وددت لو إضطرمت". عموماً فالتفسيرين متكاملين فكلما تضطرم نار الروح القدس فى المؤمنين تثور ضدهم نار الإضطهاد. والعكس كلما تثور نار الإضطهاد يُسرِعْ السيد المسيح ويملأ المؤمنين به من نار الروح القدس، لتعطيهم حكمة يجيبوا بها السلاطين، وبها يمتلئوا تعزية وصبر. لذلك كم يود المسيح أن نمتلىء من نار الروح القدس المطهرة والمعزية والتى تعطى حكمة. وهذه الطبيعة النارية التى تحرق الخطية، طبيعة الروح القدس، قد ظهرت حين حل على التلاميذ على هيئة ألسنة نار. والمعمودية هى بالروح القدس ونار (مت 11: 3)، فهى لها فعل الإحراق والتطهير. عموماً نار الله التى يلقيها، هى للشرير حريق. وللبار تطهير وتزكية وإشعال لنار الحب فى قلبه والغيرة على كنيسته ومجده وإنتشار مجده كنار. ولى صبغة أصطبغها = الصِبغة تأتى بغمر الشىء فى الصَبغة. وهذه الكلمة تشير للمعمودية. لأن المعمد يبقى تحت الماء فترة وجيزة من الزمن مغموراً تماماً إشارة لموته مع المسيح، وكما أن المسيح بقى فى القبر مماتاً فى الجسد لفترة قليلة، هكذا يبقى المعمد فترة قليلة تحت الماء. ولكن السيد المسيح لم يصطبغ بغمره فى الماء، بل بموته على الصليب مغطى بدمائه، فهو إصطبغ بدمه. وأسس سر المعمودية، حتى أن كل من يدفن فى ماء المعمودية يكون قد مات مع المسيح، ويكون الخروج من ماء المعمودية كأنه قيامة مع المسيح.

وهذه الآية تأتى بعد حديثه عن النار التى سيلقيها على الأرض: -.

فهذه النار هى نار الألام التى ستجوزها الكنيسة، ونار ألامه التى جازها هو على الصليب.

وهذه النار تشير أيضاً للروح القدس الذى حلَّ على الكنيسة بعد الصليب، بعد أن إصطبغ المسيح بدم صليبه.

كيف أنحصر حتى تكمل = بمعنى كيف أهدأ حتى أتمم ما جئت لأجله.

أتظنون إنى جئت لألقى سلاماً = كان اليهود يتصورون أن المسيح سيأتى ليعطيهم سلاماً زمنياً ونصرة على الرومان (تلميذى عمواس). لكن السلام الذى يعطيه السيد المسيح هو سلام داخلى ينتصر على الألام والضيقات الخارجية، هو سلام يفوق كل عقل.

الصبغة = بالنسبة لنا هى حياة نقبل فيها الألم والصليب بفرح.

وكما إنحصر المسيح، (إنحصر هنا تأتى بمعنى إحتماله الحزن والألم أى هو يعلن إستعداده للألم والحزن حتى يتمم عمله) علينا كمؤمنين أن نعلن إستعدادنا لحمل الصليب ولأى حزن أو ألم لنعلن كمال حبنا لهُ. فى هذه الحالة سننعم بالسلام الحقيقى الذى ليس من هذا العالم. كيف أنحصر حتى تكمل =.

How Distressed I am Till It Is Accomplished = كم أنا محزون ومُوجَع حتى أنهى العمل.

ينقسم الأب على الإبن… هذه نبوة ميخا النبى (مى 6: 7).

يبغض = في العبرية الكلمة تترجم يبغض وتترجم أيضاً يحب أقل (تك30: 29 - 31). وهكذا قيلت فى (مت10: 37). فالمسيح واضع وصية أكرم أباك وأمك لن يطلب منا أن نبغضهم، بل أن لا نحب أحدا أكثر منه، فنتصادم معه لو لحقه ضرر.

تمييز الأزمنة.

الأعداد 54-59

الآيات (لو54: 12 - 59): -

"54ثُمَّ قَالَ أَيْضًا لِلْجُمُوعِ: «إِذَا رَأَيْتُمُ السَّحَابَ تَطْلُعُ مِنَ الْمَغَارِبِ فَلِلْوَقْتِ تَقُولُونَ: إِنَّهُ يَأْتِي مَطَرٌ، فَيَكُونُ هكَذَا. 55 وَإِذَا رَأَيْتُمْ رِيحَ الْجَنُوبِ تَهُبُّ تَقُولُونَ: إِنَّهُ سَيَكُونُ حَرٌّ، فَيَكُونُ. 56يَامُرَاؤُونَ! تَعْرِفُونَ أَنْ تُمَيِّزُوا وَجْهَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَأَمَّا هذَا الزَّمَانُ فَكَيْفَ لاَ تُمَيِّزُونَهُ؟ 57 وَلِمَاذَا لاَ تَحْكُمُونَ بِالْحَقِّ مِنْ قِبَلِ نُفُوسِكُمْ؟ 58حِينَمَا تَذْهَبُ مَعَ خَصْمِكَ إِلَى الْحَاكِمِ، ابْذُلِ الْجَهْدَ وَأَنْتَ فِي الطَّرِيقِ لِتَتَخَلَّصَ مِنْهُ، لِئَلاَّ يَجُرَّكَ إِلَى الْقَاضِي، وَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِي إِلَى الْحَاكِمِ، فَيُلْقِيَكَ الْحَاكِمُ فِي السِّجْنِ. 59أَقُولُ لَكَ: لاَ تَخْرُجُ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى تُوفِيَ الْفَلْسَ الأَخِيرَ».".

الآيات (مت 1: 16 - 12): -.

"1 وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالصَّدُّوقِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ. 2فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «إِذَا كَانَ الْمَسَاءُ قُلْتُمْ: صَحْوٌ لأَنَّ السَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ. 3 وَفِي الصَّبَاحِ: الْيَوْمَ شِتَاءٌ لأَنَّ السَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ بِعُبُوسَةٍ. يَا مُرَاؤُونَ! تَعْرِفُونَ أَنْ تُمَيِّزُوا وَجْهَ السَّمَاءِ، وَأَمَّا عَلاَمَاتُ الأَزْمِنَةِ فَلاَ تَسْتَطِيعُونَ!

الأيات (مت5: 25، 26): - 25كُنْ مُرَاضِيًا لِخَصْمِكَ سَرِيعًا مَا دُمْتَ مَعَهُ فِي الطَّرِيقِ، لِئَلاَّ يُسَلِّمَكَ الْخَصْمُ إِلَى الْقَاضِي، وَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِي إِلَى الشُّرَطِيِّ، فَتُلْقَى فِي السِّجْنِ. 26اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لاَ تَخْرُجُ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى تُوفِيَ الْفَلْسَ الأَخِيرَ! 27«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ.

هنا يؤنب السيد من له حكمة زمنية بها يعرف علامات الجو، ومتى ستمطر السماء، ومتى يكون الجو صحواً. وفي نفس الوقت لا يميز الوقت المقبول للتوبة والإيمان والتصالح مع الله. وبنفس المفهوم يؤنب السيد الذين يسعون لمعرفة زمان مجيئه الثاني الذي سيكون للدينونة ويتركون معرفة قيمة الزمان الحاضر، وهو زمان المصالحة وإمكانية التوبة والخلاص. والرب واقف على الباب يقرع، هو زمان ترحيب الله بكل تائب. أما في مجيئه الثاني سيغلق باب التوبة والمراحم.

والأمطار = ترمز للنعم السمائية. وريح الجنوب حارة ترمز للحرارة الروحية التي يعطيها الروح القدس للتائب. وهذا ما تم بالمسيح وفدائه. وكم من إنسان أتت عليه نعم الله وأدرك أنها من الله فسبح الله.

أما هذا الزمان فكيف لا تميزونه = هذا القول للفريسيين هو عتاب أنهم لم يميزوا أن الذي أمامهم هو المسيح بعد كل ما سمعوه من أقواله ورأوه من أعماله ومقارنة هذا بالنبوات، وهذا راجع لكبريائهم وريائهم. وهذا القول لنا لننتهز الفرصة، فرصة هذه الحياة للتوبة والتصالح مع الله، وخطورة إهمال ذلك.

ولاحظ أن هذا الكلام يأتي بعد نبوة المسيح عن الإضطهاد القادم حتماً فهو جاء ليلقي ناراً وإنقساماً (آيات49 - 53). وهذه الإضطهادات لن يحتملها سوى التائبين والمتصالحين مع الله، فهؤلاء سيتمتعون بالتعزية التي بها يحتملون الآلام. أمّا الفاترين، أو المنغمسين في الخطية ورافضي التوبة، حينما تأتي الآلام سيتركون المسيح لأنهم لم ولن يستطيعوا أن يميزوه = لماذا لا تحكمون بالحق من قبل نفوسكم = إمتداداً لعدم التمييز لا يُحاسب الإنسان نفسه فيقدم توبة، ويرفض الخضوع للحق الإلهي ويتمادى في الخطية مبرراً نفسه. أما من يحيا حياة التوبة سيقتني المسيح داخله فيميز الحق، وهؤلاء الفريسيين مملوئين رياء وحسد لذلك لا يستطيعون أن يميزوا الحق، والمنغمسين في خطاياهم أيضاً لن يستطيعوا تمييز المسيح، لذلك سيتركونه إذا جاءت آلام وإضطهادات. وبالنسبة لنا حتى يمكننا أن نحكم بالحق علينا أن نقتني الحق في داخلنا أي المسيح وهذا لا يكون سوى بتقديم توبة حقيقية.

وبعد أن وبخ المخلص السامعين على عدم تمييزهم للأزمنة وعدم إنتهازهم فرصة عهد النعمة لإتمام التوبة، أخذ يبين لهم الخطر العظيم الذي ينجم عن ذلك، فشبه الخاطئ برجل أخذه خصمه للقاضي ليحاكمه. هذا الخصم هو ناموس الله ووصاياه العادلة وقد يكون الخصم هو صوت تبكيت الروح القدس، وهو يطلب إستيفاء حقوقه كاملة والقاضي هو الديان العادل الذي يجلس للقضاء يوم الدين، والطريق هو فرصة هذا العمر. والحاكم هو من يلقي في السجن أي الملائكة التي تضع النفس في مكان العذاب الأبدي. والتخلص من الخصم هو التصالح معه قبل الوصول إلى كرسي القضاء. أي نطلب العفو والمغفرة ونقدم توبة لله قبل إنتقالنا للعالم الآخر. وإلا سنوضع في السجن حتى نوفي آخر فَلْس (أصغر عملة إشارة لأصغر خطية). وكيف نوفي ما علينا ونحن في العذاب الأبدي، فإن لم يبررنا دم المسيح فسنظل هناك للأبد، فلا شئ يفوق دم المسيح قادر أن يبرر.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثالث عشر - تفسير إنجيل لوقا - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الحادي عشر - تفسير إنجيل لوقا - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير إنجيل لوقا الأصحاح 12
تفاسير إنجيل لوقا الأصحاح 12