الأصحاح السادس عشر – سفر القضاة – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر القضاة – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ السادس عَشَرَ

موت شمشون.

(1) شمشون يهرب من غزة (ع1 - 3).

(2) سر قوة شمشون (ع4 - 14).

(3) انتقام الفلسطينيين من شمشون (ع15 - 22).

(4) شمشون يهدم المعبد (ع23 - 31).

معجزات شمشون.

أوجه الشبه بين شمشون والرب يسوع المسيح.

أوجه الخلاف بين شمشون والرب يسوع.

(1) شمشون يهرب من غزة (ع1 - 3):

1 ثُمَّ ذَهَبَ شَمْشُونُ إِلَى غَّزَةَ وَرَأَى هُنَاكَ امْرَأَةً زَانِيَةً فَدَخَلَ إِلَيْهَا. 2 فَقِيلَ لِلْغَّزِيِّينَ: «قَدْ أَتَى شَمْشُونُ إِلَى هُنَا». فَأَحَاطُوا بِهِ وَكَمَنُوا لَهُ اللَّيْلَ كُلَّهُ عِنْدَ بَابِ الْمَدِينَةِ. فَهَدَأُوا اللَّيْلَ كُلَّهُ قَائِلِينَ: «عِنْدَ ضُوءِ الصَّبَاحِ نَقْتُلُهُ». 3 فَاضْطَجَعَ شَمْشُونُ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ, ثُمَّ قَامَ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ وَأَخَذَ مِصْرَاعَيْ بَابِ الْمَدِينَةِ وَالْقَائِمَتَيْنِ وَقَلَعَهُمَا مَعَ الْعَارِضَةِ, وَوَضَعَهَا عَلَى كَتِفَيْهِ وَصَعِدَ بِهَا إِلَى رَأْسِ الْجَبَلِ الَّذِي مُقَابِلَ حَبْرُونَ.

العدد 1

ع1:

بعد الانتصار الكبير الذي حققه شمشون على الفلسطينيين، الذين أرادوا القبض عليه، أصبح مهابًا في كل المدن الفلسطينية الخمس الكبرى، فكان يدخل ويخرج منها دون أن يجرؤ أحد على التعرض له. وفى إحدى زياراته لمدينة غزة، أعظم مدن الفلسطينيين، تحركت الشهوة في قلبه عندما رأى إحدى الزانيات أو سمع عنها فدخل إلى بيتها ليخطئ معها. وهذا يظهر أمرين:

أهمية الحرص بعد النصرة على إبليس لأنه يدبر لنا مكائد فيحتاج الأمر إلى تدقيق وتمسك أكثر بوصايا الله.

الكتاب المقدس يُظْهِر فضائل القديسين وخطاياهم لنتشجع أيضًا إذا أخطأنا ونتوب، فالتوبة تحول الزناة والخطاة إلى قديسين.

ركز على هدفك في الحياة وهو ملكوت السموات، لأن شمشون عندما أهمل هدفه وهو خلاص شعبه، انجذب بشهوة النساء فتمكن منه أعداؤه كما سيظهر فيما بعد. ذكِّر نفسك في بداية كل يوم بهدفك حتى إذا انشغلت عنه تعود إليه سريعًا.

العدد 2

ع2:

سمع الفلسطينيون في غزة أن شمشون جاء إلى مدينتهم، فاستيقظت في نفوسهم من جديد رغبة الانتقام منه. فحاصروا المنزل الذي كان متواجدًا به، بينما عسكرت مجموعة أخرى منهم عند باب المدينة حتى لا يخرج منه، وانتظروا في سكون حتى الصباح ليمسكوه.

العدد 3

ع3:

على غير توقع أهل غزة، قام شمشون في منتصف الليل وجاء إلى باب المدينة والجميع نائمون، فخلع الباب بمصراعيه وقائمتيه وعارضته وحمل الكل على كتفه وصعد إلى أحد الجبال مقابل مدينة حبرون، أى اتجه إلى جبل يقع بين مدينتى غزة وحبرون وألقى الباب المخلوع على الجبل ومضى.

فإذا كان الفلسطينيون يفتخرون بقوتهم الجسمانية والتي ظهرت فيما بعد بشكل جليات الجبار (1 صم17)، فالله يرسل لهم شخصًا من شعبه أقوى من كل تخيلاتهم لعلهم يؤمنون بالله ويرفضون أوثانهم.

(2) سر قوة شمشون (ع4 - 14):

4 وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَحَبَّ امْرَأَةً فِي وَادِي سَوْرَقَ اسْمُهَا دَلِيلَةُ. 5 فَصَعِدَ إِلَيْهَا أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَقَالُوا لَهَا: «تَمَلَّقِيهِ وَانْظُرِي بِمَاذَا قُّوَتُهُ الْعَظِيمَةُ, وَبِمَاذَا نَتَمَكَّنُ مِنْهُ لِنُوثِقَهُ لإِذْلاَلِهِ, فَنُعْطِيَكِ كُلُّ وَاحِدٍ أَلْفًا وَمِئَةَ شَاقِلِ فِضَّةٍ». 6 فَقَالَتْ دَلِيلَةُ لِشَمْشُونَ: «أَخْبِرْنِي بِمَاذَا قُّوَتُكَ الْعَظِيمَةُ وَبِمَاذَا تُوثَقُ لإِذْلاَلِكَ؟ » 7 فَقَالَ لَهَا شَمْشُونُ: «إِذَا أَوْثَقُونِي بِسَبْعَةِ أَوْتَارٍ طَرِيَّةٍ لَمْ تَجِفَّ أَضْعُفُ وَأَصِيرُ كَوَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ». 8 فَأَصْعَدَ لَهَا أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ سَبْعَةَ أَوْتَارٍ طَرِيَّةٍ لَمْ تَجِفَّ فَأَوْثَقَتْهُ بِهَا, 9 وَالْكَمِينُ لاَبِثٌ عِنْدَهَا فِي الْحُجْرَةِ. فَقَالَتْ لَهُ: «الْفِلِسْطِينِيُّونَ عَلَيْكَ يَا شَمْشُونُ». فَقَطَعَ الأَوْتَارَ كَمَا يُقْطَعُ فَتِيلُ الْمَشَاقَةِ إِذَا شَمَّ النَّارَ وَلَمْ تُعْلَمْ قُّوَتُهُ. 10 فَقَالَتْ دَلِيلَةُ لِشَمْشُونَ: «هَا قَدْ خَتَلْتَنِي وَكَلَّمْتَنِي بِالْكَذِبِ! فَأَخْبِرْنِيَ الآنَ بِمَاذَا تُوثَقُ». 11 فَقَالَ لَهَا: «إِذَا أَوْثَقُونِي بِحِبَالٍ جَدِيدَةٍ لَمْ تُسْتَعْمَلْ أَضْعُفُ وَأَصِيرُ كَوَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ». 12 فَأَخَذَتْ دَلِيلَةُ حِبَالًا جَدِيدَةً وَأَوْثَقَتْهُ بِهَا, وَقَالَتْ لَهُ: «الْفِلِسْطِينِيُّونَ عَلَيْكَ يَا شَمْشُونُ, وَالْكَمِينُ لاَبِثٌ فِي الْحُجْرَةِ». فَقَطَعَهَا عَنْ ذِرَاعَيْهِ كَخَيْطٍ. 13 فَقَالَتْ دَلِيلَةُ لِشَمْشُونَ: «حَتَّى الآنَ خَتَلْتَنِي وَكَلَّمْتَنِي بِالْكَذِبِ! فَأَخْبِرْنِي بِمَاذَا تُوثَقُ». فَقَالَ لَهَا: «إِذَا ضَفَرْتِ سَبْعَ خُصَلِ رَأْسِي مَعَ السَّدَى, 14 فَمَكَّنَتْهَا بِالْوَتَدِ». وَقَالَتْ لَهُ: «الْفِلِسْطِينِيُّونَ عَلَيْكَ يَا شَمْشُونُ». فَانْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ وَقَلَعَ وَتَدَ النَّسِيجِ وَالسَّدَى.

العدد 4

ع4:

وادي سورق: وادي يبدأ من 21 كم غرب أورشليم ويمتد إلى البحر الأبيض المتوسط (خريطة 10←).

دليلة: اسم معناه مدلّلة.

للمرة الثالثة يقع شمشون في فخ امرأة وثنية، وكان اسمها دليلة، وهي فلسطينية من وادي سورق.

العدد 5

ع5:

شاقل الفضة: يساوى حوالي 15 جم.

أنظرى بماذا قوته العظيمة وبماذا نتمكن منه: إعرفى منه سر قوته غير العادية وكيف يمكننا التمكن منه والتغلب عليه.

كان الفلسطينيون ينتظرون الفرصة للانتقام من شمشون، فلما عرفوا بتعلقه بدليلة، وكانوا يظنون أن شمشون يحمل قوة فائقة نتيجة عمل سحرى إن أُبطِلَ فقد قوته وأصبح إنسانًا عاديًا يمكن السيطرة عليه، ذهب خمسة من رؤسائهم إلى دليلة وأقنعوها أن تتودد إليه وتلاطفه حتى تعرف منه سر قوته فيعطوها كل منهم مقابل خدمتها هذه مكافأة مقدارها ألف شاقل من الفضة.

العدد 6

ع6:

رضخت دليلة لمطلب الفلسطينيين منها وسألت شمشون عن مصدر قوته وبماذا يربط حتى يمكن السيطرة عليه.

العدد 7

ع7:

أوتار: كانت تعمل غالبًا من أمعاء الحيوانات.

قال لها شمشون أن قوته تزول ويصير كأى رجل عادي إذا أوثق بسبعة أوتار حديثة الصنع. وبالطبع كان هذا كذبًا لأنه علم أن دليلة يمكن أن تفشى سره للفلسطينيين لأنه خدع قبلًا من زوجته الأولى الفلسطينية في تمنة عندما أفشت حل اللغز لذا خدع دليلة واستمر معها ليتمتع بشهوته. وهذا خطأ كبير أن يستهين الإنسان بحروب إبليس، فكان لابد له أن يهرب من الشهوات فينجى نفسه مما سيحدث له عندما يقبض عليه الفلسطينيون.

الخطية تجر إلى خطايا أخرى، فلأن شمشون خضع لشهوة الزنا، استباح أيضًا الكذب. فياليتك تدقق وتقطع الخطية من بدايتها بالتوبة والابتعاد عن مصادرها لئلا تجرك إلى خطايا أخرى.

العدد 8

ع8:

نقلت دليلة لرؤساء الفلسطينيين ما قاله لها شمشون فأعدوا لها سبعة حبال ربطته بها ربطًا محكمًا ربما وهو نائم بفعل مخدر.

العدد 9

ع9:

فتيل المشاقة: الخيوط الضعيفة المتبقية بعد غزل الكتان ولا تصلح أن تبرم لتكوين خيوط قوية ولكن يمكن استخدامها في السرج للإنارة.

كان الفلسطينيون مختبئين في منزل شمشون حتى توثقه دليلة بالحبال، فلما انتهت من ربطه نادت عليه قائلة: الفلسطينيون يحيطون بك يا شمشون، فانتبه من نومه وقطع الحبال كما تقطع فتيل المشاقة، فما قاله شمشون عن سر قوته كان خدعة، فلم يتوصلوا بعد إلى السر.

العدد 10

ع10:

ها قد ختلتنى: ها قد خدعتنى.

عاتبته دليلة على خداعه لها وكذبه عليها وكررت عليه نفس السؤال أي بماذا يربط فتزول قوته.

العدد 11

ع11:

إذ ألحت عليه للمرة الثانية، أخبرها أن قوته تزول إذا ربط بحبال جديدة لم تستعمل بعد.

العدد 12

ع12:

صدقته دليلة أيضًا في هذه المرة وربطته بحبال جديدة كما قال، وكان الفلسطينيون مختبئين في المنزل كما حدث في المرة الأولى ومنتظرين الإشارة للخروج من مخبأهم والقبض عليه. فلما صرخت دليلة قائلة كما في المرة السابقة، الفلسطينيون محيطون بك يا شمشون "، قام شمشون وقطع الحبال الجديدة كما لو كانت خيط رفيع.

العدد 13

ع13:

السدى: الخيوط الطولية على النول بخلاف اللحمة وهي الخطوط العرضية.

تكرر المشهد للمرة الثالثة، فقد عادت المرأة من جديد وكررت له عتابها على خداعها، وسألته ألا يعيد ما فعله بل ليكن صادقًا هذه المرة ويقول لها بماذا وكيف يوثق حتى تضعف قوته. فأخبرها أن ذلك يكون إذا ضفرت خصل شعره السبع مع السدى وربطتهم بالوتد (ع14).

وكان شمشون قد ضفر شعره سبع ضفائر. وعدد "7" يرمز للكمال، وفى هذا كان مدققًا في مظاهر النذر ولكنه تهاون فيما هو أهم وهي الشهوات الشريرة.

العدد 14

ع14:

الوتد: قطعة خشبية تثبت في الأرض وتربط بها حبال الخيمة، وقد يكون المقصود بها هنا العارضة الطولية أو الأفقية للنول المصنوعة من الخشب.

فعلت دليلة ما قاله لها، فأصبح شعره ثابتًا ومتداخلًا مع الخيوط كأنه من نفس النسيج، ولم تكتف دليلة بذلك بل زيادة في توكيد الرباط ربطت خصله وخيوط النسيج رباطًا غاية في الإحكام بوتد النول. وإذ فرغت من ذلك نادت "الفلسطينيون محيطون بك يا شمشون"، فانتبه شمشون من نومه وخلع الوتد من النول وقطع خيوط النسيج.

ونتعجب هنا لاستمرار شمشون بين يدى دليلة وهو عالم أنها تريد كشف سره للفلسطينيين، كما فعلت زوجته في تمنة، ولكنه خضع بسبب تسلط الشهوة عليه ومازال يحاورها حتى لا يخسر تمتعه بالزنا. فلعله بكبرياء وثق بقدرته على المحاورة والكذب ولكنه للأسف سقط في النهاية بين يدى الفلسطينيين لأنه لم يهرب لحياته من الخطية بل تهاون وتحاور معها.

←.

(3) انتقام الفلسطينيين من شمشون (ع15 - 22):

15 فَقَالَتْ لَهُ: «كَيْفَ تَقُولُ أُحِبُّكِ, وَقَلْبُكَ لَيْسَ مَعِي؟ هُوَذَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ قَدْ خَتَلْتَنِي وَلَمْ تُخْبِرْنِي بِمَاذَا قُّوَتُكَ الْعَظِيمَةُ». 16 وَلَمَّا كَانَتْ تُضَايِقُهُ بِكَلاَمِهَا كُلَّ يَوْمٍ وَأَلَحَّتْ عَلَيْهِ, ضَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَى الْمَوْتِ, 17 فَكَشَفَ لَهَا كُلَّ قَلْبِهِ, وَقَالَ لَهَا: «لَمْ يَعْلُ مُوسَى رَأْسِي لأَنِّي نَذِيرُ اللَّهِ مِنْ بَطْنِ أُمِّي, فَإِنْ حُلِقْتُ تُفَارِقُنِي قُّوَتِي وَأَضْعُفُ وَأَصِيرُ كَأَحَدِ النَّاسِ». 18 وَلَمَّا رَأَتْ دَلِيلَةُ أَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَهَا بِكُلِّ مَا بِقَلْبِهِ, أَرْسَلَتْ فَدَعَتْ أَقْطَابَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَقَالَتِ: «اصْعَدُوا هَذِهِ الْمَرَّةَ فَإِنَّهُ قَدْ كَشَفَ لِي كُلَّ قَلْبِهِ». فَصَعِدَ إِلَيْهَا أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَأَصْعَدُوا الْفِضَّةَ بِيَدِهِمْ. 19 وَأَنَامَتْهُ عَلَى رُكْبَتَيْهَا وَدَعَتْ رَجُلًا وَحَلَقَتْ سَبْعَ خُصَلِ رَأْسِهِ, وَابْتَدَأَتْ بِإِذْلاَلِهِ, وَفَارَقَتْهُ قُّوَتُهُ. 20 وَقَالَتِ: «الْفِلِسْطِينِيُّونَ عَلَيْكَ يَا شَمْشُونُ». فَانْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ وَقَالَ: «أَخْرُجُ حَسَبَ كُلِّ مَرَّةٍ وَأَنْتَفِضُ». وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ فَارَقَهُ! 21 فَأَخَذَهُ الْفِلِسْطِينِيُّونَ وَقَلَعُوا عَيْنَيْهِ, وَنَزَلُوا بِهِ إِلَى غَّزَةَ وَأَوْثَقُوهُ بِسَلاَسِلِ نُحَاسٍ. وَكَانَ يَطْحَنُ فِي بَيْتِ السِّجْنِ. 22 وَابْتَدَأَ شَعْرُ رَأْسِهِ يَنْبُتُ بَعْدَ أَنْ حُلِقَ.

الأعداد 15-16

ع15 - 16:

غضبت دليلة وقالت له أنه يدعى أنه يحبها ولكنه لا يثبت ذلك عمليًا، فقد خدعها ثلاث مرات ولم يخبرها بسر قوته، فأين تلك المحبة التي يدعيها... ولم تيأس دليلة بل استمرت في إلحاحها عليه وأخذت تضايقه بالقول والتصرف حتى أن نفسه لم تعد تحتمل ضغوطًا أكثر من جانبها إذ بلغ ضيقه مبلغًا كبيرًا حتى قارب الموت.

العدد 17

ع17:

كشف لها كل قلبه: باح لها بسره.

لم يعلُ موسى رأسه: لم يحلق شعر رأسه منذ ولادته.

أخيرًا ضعف شمشون أمام دليلة، فلم يستطع أن يواصل كتمانه السر، فكشف لها سر قوته قائلًا لها أنه نذير للرب (أى مقدس للرب) ومن شروط النذر أنه لا يعل موسى رأسه، فان حلق شعره تفارقه قوته لأنه بهذا يكون قد خرج من نذره ورجع عن عهده مع الله.

علينا أن نحذر في أية علاقة خاصة نقيمها مع الآخرين ألا تكون سببًا في إفساد روحانياتنا والانحراف بنا عن طريق خلاصنا. فلنهرب لحياتنا من كل علاقة تقيدنا بقيود قد لا نستطيع الفكاك منها ونظل أسرى لها، كما حدث مع شمشون الذي سيطرت ميوله الجسدية على سلوكه فأوقعته في مهالك كان من الممكن تفاديها لو استطاع أن يحرر نفسه منها.

العدد 18

ع18:

أقطاب: رؤساء.

أحست دليلة أنها نجحت في استدراجه هذه المرة إلى الإفشاء بسره، وأنه كان صادقًا في كشفه لها، فأرسلت إلى الفلسطينيين مؤكدة لهم أن هذه المرة ليست كسابقتها وأنها حصلت منه فعلًا على سر قوته، فذهبوا إليها ومعهم المكافأة التي وعدوها بها.

العدد 19

ع19:

ربما كان ذلك من تأثير شراب مخدر كالخمر قدم له، إذ نام غائبًا عن الوعي على ركبتى دليلة، فاستدعت رجلًا قص خصل شعره السبع. وعندما عاد إلى وعيه بدت عليه علامات الضعف، فأخذت دليلة تستهزئ به وتسخر منه إذ أدركت أن قوته قد فارقته.

العدد 20

ع20:

انتفض: أقوم من غفلة النوم.

قالت له كما في المرات السابقة أن الفلسطينيين محيطون به، قالت ذلك وهي عالمة تمامًا أن قوته قد زالت، فانتبه شمشون من غفلته وقال في نفسه أقوم وأواجه الفلسطينيين، مثلما فعل في كل مرة، ولم يكن يدرك أن الرب قد تركه فخسر سر قوته. فقام بقوته الشخصية وليس قوة الله لذا قبض عليه الفلسطينيون بسهولة.

العدد 21

ع21:

بسهولة استطاع الفلسطينيون أن يقبضوا عليه لأنه صار ضعيفًا، وفقأوا عينيه واقتادوه إلى مدينتهم غزة وأوثقوه بسلاسل كما يفعل بالأسرى. وإذلالًا له كانوا يستخدمونه في طحن الغلال على الرحى مثل الحيوانات والعبيد. وهكذا أصبح الجبار ذليلًا مقلوع العينين يعاملونه كالحيوان.

العدد 22

ع22:

وبمرور الأيام وهو في سجنه وقد أخذ شعر رأسه ينمو شيئًا فشيئًا مما دفعه لتذكر حالته وهو نذير وابتدأ يدرك ما آل إليه حاله نتيجة أخطائه، فبدأ يرجع إلى الله تائبًا.

(4) شمشون يهدم المعبد (ع23 - 31):

23 وَأَمَّا أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ فَاجْتَمَعُوا لِيَذْبَحُوا ذَبِيْحَةً عَظِيْمَةً لِدَاجُوْنَ إِلَهِهِمْ وَيَفْرَحُوْا وَقَالُوا قَدْ دَفَعَ إِلَهُنَا لِيَدِنَا شَمشُوْنَ عَدُوَّنَا. 24 وَلَمَّا رَآهُ الْشَّعْبُ مَجَّدُوا إِلَهَهُمْ لأَنَّهُمْ قَالُوْا قَدْ دَفَعَ إِلَهُنَا لِيَدِنَا عَدُوَّنَا الَّذِي خَرَّبَ أَرْضَنَا وَكَثَّرَ قَتْلَانَا. 25 وَكَانَ لَمَّا طَابَتْ قُلُوبُهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا ادْعُوا شَمْشُوْنَ لِيَلْعَبَ لَنَا. فَدَعَوْا شَمْشُوْنَ مِنْ بَيْتِ السَّجْنِ فَلَعِبَ أَمَامَهُمْ وَأَوْقَفُوْهُ بَيْنَ الْأَعْمِدَةِ. 26 فَقَالَ شَمْشُوْنُ لِلْغُلَامِ الْمَاسِكِ بِيَدِهِ دَعْنِيْ أَلْمِسِ الْأَعْمِدَةَ الَّتِيْ الْبَيْتُ قَائِمٌ عَلَيْهَا لِأَسْتَنِدَ عَلَيْهَا. 27 وَكَانَ الْبَيْتُ مُمْلُوْءًَا رِجَالًَا وَنِسَاءً وَكَانَ هُنَاكَ جَمِيْعُ أَقْطَاْبِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَعَلى السَّطْحِ نَحْوَ ثَلاثَةِ آلافِ رَجُلٍ وَامْرأَةٍ يَنْظُرُونَ لَعْبَ شَمْشُوْنَ. 28 فدعا شَمْشُوْنُ الرَّبَّ وَقالَ: يَا سَيِّدِي الرَّبَّ اذْكُرْنِي وَشَدِّدْنِي يَا اللَّهُ هَذِهِ الْمَرَّةَ فَقَطْ فَأَنْتَقِمَ نِقْمَةً وَاحِدَةً عَنْ عَيْنَيَّ مِنَ الْفِلِسْطِيْنِيِّيْنَ. 29 وَقَبَضَ شَمْشُوْنُ عَلَى الْعَمُودَيْنِ الْمُتَوَسِّطَيْنِ اللّذَيْنِ كَانَ الْبَيْتُ قَائِمًَا عَلَيْهِمَا وَاسْتَنَدَ عَلَيْهِمَا الْوَاحِدِ بِيَمِيْنِهِ وَالْآخَرِ بِيَسَارِهِ. 30 وَقَالَ شَمْشُوْنُ لِتَمُتْ نَفْسِي مَعَ الْفِلِسْطِينِيّينَ. وَانْحَنى بِقُوّةٍ فَسَقَطَ الْبَيْتُ عَلى الْأقْطَابِ وَعَلى كُلِّ الشَّعْبِ الَّذي فِيْهِ فَكانَ الْمَوْتى الَّذيْنَ أَمَاتَهُمْ فِي مَوْتِهِ أَكْثَرَ مِنَ الَّذينَ أَمَاتَهُمْ فِي حَياتِهِ. 31 فَنَزَلَ إِخْوَتُهُ وَكُلُّ بَيْتِ أَبِيْهِ وَحَمَلُوْهُ وَصَعِدُوا بِهِ وَدَفَنُوهُ بَيْنَ صُرْعَةَ وَأَشْتَأُولَ فِي قَبْرِ مَنُوْحَ أَبِيْهِ. وَهُوَ قَضَى لِإِسْرَائِيْلَ عِشْرِيْنَ سَنَةً.

العدد 23

ع23:

داجون: إله وثني للفلسطينيين له رأس إنسان وجسم سمكة.

قرر الفلسطينيون أن يقيموا احتفالًا لإلههم "داجون" لاعتقادهم بأنه هو الذي ساعدهم في القبض على عدوهم شمشون، فذبحوا ذبيحة شكر له معبرين عن سعادتهم وامتنانهم له.

العدد 24

ع24:

ساقوا شمشون في زفة وسط الشعب المجتمع بالمعبد، وهو أسير مقيد بالسلاسل إمعانًا في إذلاله، مسبحين إلههم قائلين أنه هو الذي نصرهم على عدوهم شمشون الذي أساء إليهم، إذ أحرق حقولهم وقتل الكثيرين منهم، ثم أعادوه إلى السجن الملحق بالمعبد.

العدد 25

ع25:

لما طابت قلوبهم: أكثروا من الأكل والشرب والخلاعة.

كعادة الشعوب الوثنية في أفراحهم، كانوا يقرنونها بشرب الخمر الكثير والخلاعة. فلما تأثرت عقولهم بالخمر، خطرت على بالهم فكرة نفذوها على الفور، وهي استدعاء شمشون في وسطهم ليقوم ببعض الحركات البهلوانية إمعانًا في السخرية به، وأوقفوه بين أعمدة المدخل ليراه كل من كان خارج أبواب المعبد وأيضًا من كان بداخله.

العدد 26

ع26:

طلب شمشون من الصبى المكلف بمسك يده ليقوده، أن يذهب به إلى الأعمدة الرئيسية التي يرتكز عليها الهيكل ليتكئ عليها بعد أن أظهر إعياءًا من كثرة اللعب، فأجابه الصبى إلى طلبه.

العدد 27

ع27:

كان الهيكل مملوءً بالألوف من الرجال والنساء من الفلسطينيين، ونظرًا لامتلاء الهيكل بالمشاهدين، وقف ثلاثة آلاف منهم على سطحه ليتمكنوا من رؤية شمشون وهو يلعب كمهرج. وكان رؤساء الفلسطينيين أيضًا حاضرين هذا الاحتفال.

العدد 28

ع28:

صلى شمشون إلى الله وتضرع راجيًا إياه ألا يتخلى عنه بسبب خطيته، وأن يذكره كابن له وألا يتركه بسبب طيشه وحماقته. وطلب إلى الله أن يعيد إليه قوته ويردها له ولو مرة واحدة ينتقم فيها من الفلسطينيين الذين أذلوه وفقأوا عينيه، فيضربهم ضربة أكثر من أيّة ضربة سابقة لهم.

العدد 29

ع29:

وضع شمشون يديه على عمودى الأساس اللذين يرتكز عليهما بناء الهيكل، وكانا قريبين من بعضهما فكانت يمينه على عمود ويساره على العمود الآخر.

العدد 30

ع30:

كان شمشون يعلم أنه لو عاش بعد واقعة هدم الهيكل هذه سينكل به الفلسطينيون أكثر وأكثر ويعذبوه ثم يقتلوه، لذلك طلب من الله أن يساعده على الانتقام من الفلسطينيين ليخلص شعبه من احتلالهم وإذلالهم لهم حتى ولو كان الثمن موته معهم. ثم اتكأ على العمودين بقوة، كأنه يبعدهما عن بعضهما، وقد استجاب الرب لصلاته وقبل توبته وأعطاه القوة من جديد فتزعزعت أعمدة الهيكل وسقط على من فيه وقتل عدد كبير جدًا من الفلسطينيين أكثر مما قتلهم في معاركه السابقة معهم، وسقط رؤساؤهم أيضًا قتلى في وسطهم.

وهكذا مات شمشون شهيدًا في الإيمان بالله مضحيًا بحياته لإنقاذ شعبه، وقد شهد به بولس الرسول أنه من أبطال الإيمان (عب11: 33). وهو رمز للمسيح الذي أخرج شياطين كثيرة في حياته على الأرض ولكن بموته قيد كل الشياطين.

العدد 31

ع31:

جاء أقاربه وأبناء عشيرته إلى غزة وحملوا جثته وعادوا بها إلى مسقط رأسه في بلدته "صرعة" (قض 13: 2)، ودفنوه في قبر أبيه الواقع بين صرعة وأشتأول (قض 13: 25). وكانت المدة التي قضى فيها لبنى إسرائيل عشرين سنة، كسر خلالها شوكة الفلسطينيين وحجم من تسلطهم على شعبه.

باب التوبة مفتوح لك مهما أذلتك الخطية، لأن الله يحبك ومستعد أن يسامحك مهما كانت خطاياك صعبة بل يعيد لك قوتك ويمنحك سلطانًا على أعدائك الشياطين.

معجزات شمشون.

قتل الأسد في طريقه إلى تمنة (قض 14: 5).

قتل ثلاثين من الفلسطينيين عند أشقلون (قض 14: 19).

إمساك ثلاثمائة ابن آوى وإحراق حقول الفلسطينيين (قض 15: 4).

تقطيع الحبال الجديدة وقتل ألف رجل بلحى حمار (قض 15: 13 - 15).

خلع باب مدينة غزة وقائمتيه ومصراعيه وحمله والصعود به على الجبل (قض 16: 3).

الرب يخرج له الماء من الكفة فيشرب (قض 15: 19).

تقطيع السبعة أوتار، والحبال الجديدة، وخلع النول بوتده في بيت دليلة (قض 16: 9، (10) 12، (11) 14).

إسقاط هيكل داجون وقتله للفلسطينيين (قض 16: 30).

أوجه الشبه بين شمشون والرب يسوع المسيح.

ولادة كل منهما ببشارة سماوية (قض 13: 3، لو1: 31).

ولادة كل منهما بمعجزة، فشمشون ولد من امرأة عاقر، ويسوع من فتاة عذراء (قض 13: 2، لو1: 27).

أعلن الرب أن شمشون يبدأ يخلص شعبه (قض 13: 5)، والرب يسوع اسمه معناه مخلص وقد خلص شعبه بفدائهم على الصليب (لو2: 11).

كان روح الرب يحرك شمشون (قض 13: 25) والرب يسوع كان الروح يقتاده (لو4: 1). ولكن هناك فرق في الحالتين، فتحريك روح الرب لشمشون يعنى إرشاده، أما مع الرب يسوع فتحركه الروح يعنى قيامه بالمخطط الأزلي الذي دبره الله لفداء البشر.

استطاع شمشون أن ينتصر على أعدائه، والرب يسوع انتصر على إبليس والخطية والموت والعالم بالصليب.

سلم شمشون لأعدائه بواسطة جماعة من بنى جنسه ومن سبطه يهوذا (قض 15: 13، 14) والرب يسوع سلمه تلميذه يهوذا إلى اليهود.

كان شمشون يعمل أعمالًا عظيمة وحده دون مساعدة جنود أو أصحاب، والمسيح صنع الخلاص وحده.

عندما وقع شمشون في أيدي الفلسطينيين قلعوا عينيه لكى لا يبصر، واليهود عندما قبضوا على المسيح كانوا يغمون عينيه ويلطمونه.

صلى كل منهما عند موته ولكن كانت صلاة شمشون للانتقام من أعدائه، أما المسيح فصلى ليغفر لصالبيه.

بموت شمشون مات معه أعداؤه، والمسيح دفن الخطية بموته.

أوجه الخلاف بين شمشون والرب يسوع.

حياة شمشون كانت مليئة بالضعف البشرى والأخطاء، أما المسيح فهو الرب القدوس وحده (1 بط2: 22).

كان صراع شمشون جسديًا ضد الفلسطينيين، أما مصارعة المسيح فكانت روحية ضد إبليس وقوى الشر.

أعلن شمشون أنه يسئ إلى الفلسطينيين لأنهم أساءوا إليه (قض 15: 5)، أما المسيح فإنه لم ينتقم من مقاوميه (1 بط2: 23).

عند موت شمشون طلب من الله أن ينتقم من أعدائه (قض 16: 28)، أما المسيح فطلب الغفران لمقاوميه عند موته (لو23: 34).

كان خلاص شمشون لشعبه خلاصًا ماديًا من الفلسطينيين، أما خلاص المسيح فهو نجاة من الهلاك الأبدي وغضب الله.

خلص شمشون شعبه فقط، أما المسيح فأعلن الخلاص للعالم كله.

كان خلاص شمشون لشعبه ناقصًا ومؤقتًا وقام بعده صموئيل وداود بدور في محاربة الفلسطينيين، أما المسيح فقد أكمل الخلاص المجانى إلى التمام وحده.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح السابع عشر - سفر القضاة - مارمرقس مصر الجديدة

الأصحاح الخامس عشر - سفر القضاة - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر القضاة الأصحاح 16
تفاسير سفر القضاة الأصحاح 16