الأصحاح السابع عشر – سفر القضاة – مارمرقس مصر الجديدة

العدد 1

ع1:

يحكى لنا هذا الأصحاح والأصحاح التالى قصة تمثال ميخا التي تكشف مدى العمى الروحي الذي وقع فيه الشعب وكذلك اللاويون والذي تمثل في العبادة الوثنية الممزوجة بشكلية العبادة لله. حدثت هذه القصة خلال عهد القضاة، وهي تحكى لنا عن شخص اسمه ميخا، كان يسكن في الأراضي الجبلية التي من نصيب سبط أفرايم، وقد سرق من والدته مبلغًا ماليًا قدره ألف ومئة شاقل من الفضة (ع2).

العدد 2

ع2:

شاقل الفضة: يساوى حوالي 11 - 15 جم فضة.

أنا لعنت وقلت أيضًا في أذنى: لعنتينى يا أمى وسمعت اللعنة بأذنى.

عندما اكتشفت والدته السرقة ولم تعلم من هو السارق، أخذت تلعن السارق، ولم يطق الابن أن يسمع اللعنة بأذنيه وخاف أن تحل عليه لعنة أمه، فاعترف لها أنه هو الذي سرق الفضة وأنها في حوزته. امتدحت الأم اعتراف ابنها وباركته عوضًا عن اللعنة التي سبق ونطقت بها.

العدد 3

ع3:

رد ميخا الفضة التي كان قد سرقها لأمه، وقد رفضت أن تعيدها إلى خزينتها، بل تعهدت بتخصيصها للرب وذلك بعمل تمثال منحوت، أى مشكل بأدوات النحت، وآخر بصهر المعادن وصبه في قالب بشكل تمثال ويضعهما ميخا في بيته ليؤدى العبادة لهما، وأعطت الفضة لابنها ميخا ليعمل التماثيل.

العدد 4

ع4:

أعاد ميخا الفضة لأمه، فخصصت منها مئتى شاقل لصنع التمثالين وأعطتها للصانع، فصنع التمثالين المطلوبين، أحدهما منحوت والآخر مسبوك، ووضعهما ميخا في بيته. وأعطت الأم باقي المبلغ لابنها للإنفاق على خدمة وعبادة التمثالين.

العدد 5

ع5:

أفود: رداء من الكتان يلبسه الكاهن.

ترافيم: تماثيل صغيرة يحتفظون بها في البيوت للعبادة ولجلب الخير.

ملأ يد واحد من بنيه: كلّف واحد من بنيه وخصصه للخدمة.

كان ميخا قد خصص مكانًا في بيته للعبادة، فوضع فيه التمثالين وعمل أفودًا، وكرس أحد أبنائه ليكون كاهنًا للأسرة يقوم بأعمال الخدمة الكهنوتية.

وما فعله ميخا يفعله كثيرون الآن، إذ يختارون آلهة لأنفسهم مثل المال أو الكرامة ويختارون كهنة حسب هواهم ليسمعوهم ما يناسب أهواءهم وليس صوت الله.

العدد 6

ع6:

تكشف لنا هذه القصة عن مدى الجهل الذي انحطت إليه تلك الأسرة، وهي لم تكن حالة خاصة بل مثالًا للفساد العام الذي ساد بين الشعوب. ومن الأخطاء العديدة التي تكشف عنها هذه القصة والتي وقع فيها ميخا وأمه هي إقامة معبد خاص في بيته، مع أن البيت الواحد الذي كان يجب أن تقدم فيه العبادة للرب هو بيت الله في "شيلوه". كما عمل ميخا لنفسه تمثالين وترافيم وهو ما نهت عنه الشريعة تمامًا؛ وأقام ابنه كاهنًا وهو ليس من نسل هرون.

وتحدّد هذه الآية زمن ما عمله ميخا وهو عصر القضاة قبل إقامة ملوك لبني إسرائيل، وفى هذه الفترة كان شعب الله أحيانًا يتمسك بوصايا الله وشريعته على يد موسى وكما كان يعلمها القضاة، وأحيانًا أخرى يبتعدون عنها فيذلهم الأعداء المحيطون بهم، وهذه صورة من صور الجهل الروحي.

† كل هذه الأخطاء التي ارتكبها ميخا وأمه تعلمنا أن شعب بدون معلم يرشده يتعرض للأخطار الروحية وربما الهلاك الروحي الأبدي أيضًا إذ يقول الكتاب: "قد هلك شعبى من عدم المعرفة" (هو4: 6). لذلك نصلى إلى الله أن يحفظ رعاة كنيستنا "ليفصلوا لنا كلمة الحق باستقامة" ونخضع لتعاليمهم وإرشاداتهم حتى لا تضل.

←.

(2) اللاوي في بيت ميخا (ع7 - 13):

7 وَكَانَ غُلَامٌ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا مِنْ عَشِيرَةِ يَهُوذَا وَهُوَ لَاوِيٌّ مُتَغَرِّبٌ هُنَاكَ. 8 فَذَهَبَ اْلْرَّجُلُ مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا لِكَيْ يَتَغَرَّبَ حَيْثُمَا اتّفَقَ. فَأَتَى إِلَى جَبَلِ أَفْرَايِمَ إلى بَيْتِ مِيخَا وَهُوَ آخِذٌ فِي طَرِيقِهِ. 9 فَقَالَ لَهُ مِيخَا مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ. فَقَالَ لَهُ أَنَا لَاوِيٌّ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا وَأَنَا ذَاهِبٌ لِكَيْ أَتَغَرَّبَ حَيْثُمَا اتَّفَقَ. 10 فَقَالَ لَهُ مِيخَا أَقِمْ عِنْدِي وَكُنْ لِي أَبًا وكّاهِنًا وَأَنَا أُعْطِيكَ عَشَرَةَ شَوَاقِلِ فِضَّةٍ فِي السَّنَةِ وَحُلَّةَ ثِيَابٍ وَقُوتَكَ. فَذَهَبَ مَعْهُ الْلاَّوِيُّ. 11 فَرَضِيَ الْلَّاوِيُّ بِاْلإِقامَةِ مَعَ الْرَّجُلِ وكَانَ الْغُلامُ لَهُ كَأَحَدِ بَنِيهِ. 12 فَمَلأَ مِيخَا يَدَ الْلَّاوِيَّ وَكَانَ الْغُلَامُ لَهُ كَاهِنًا وَكَانَ فِي بَيْتِ مِيخَا. 13 فَقَالَ مِيخَا الْآنَ عَلِمْتُ أَنَّ الْرَّبَّ يُحْسِنُ إِلَيَّ لِأَنَّهُ صَارَ لِيَ الْلاَّويّ كَاهِنًا.

العدد 7

ع7:

بيت لحم يهوذا: تقع جنوب أورشليم بتسعة كيلومترات وهي التي ولد فيها المسيح (خريطة 10←).

كان هناك شابًا حديث السن مقيم في بيت لحم التي في أرض يهوذا، وهو وأن قيل أنه من عشيرة يهوذا، إلا أنه في حقيقة الأمر من سبط اللاويين من عشيرة الجرشوميين كما جاء في (قض 18: 30) ولكنه يقيم وسط عشيرة يهوذا. وقد كان اللاويون لهم مدن يعيشون فيها وسط الأسباط. ويذكر (قض 18: 30) أن اسم هذا اللاوى هو يهوناثان.

العدد 8

ع8:

حيثما اتفق: إلى أي مكان بحثًا عن الرزق.

أخذ في طريقه: سائر في طريقه.

دفع الفقر هذا الشاب إلى ترك بيت لحم إلى مكان آخر بحثًا عن الرزق، فأتى إلى جبل أفرايم وصادف في طريقه بيت ميخا فعرج إليه يسأل عن عمل. وبهذا ترك اللاوى عمله كمعلم للشعب وخادم لبيت الله وبدأ يبحث عن المال والكرامة. وهذا صورة لانحطاط اللاويين في عصر القضاة.

العدد 9

ع9:

سأله ميخا عن موطنه فأجابه بأنه من سبط لاوى وأنه كان مقيمًا في بيت لحم قبل أن يأتي إلى هنا، وأنه قرر أن يترك بلدته ويذهب باحثًا عن الرزق في أي مكان آخر فيقيم فيه.

العدد 10

ع10:

فرح ميخا بالشاب اللاوى وطلب منه أن يبقى عنده ليكون له كاهنًا بدلًا من ابنه، ظنًا منه أنه بهذا يستكمل الصورة المثلى للعبادة، فعنده الأفود والترافيم وها هو كاهن حقيقي من سبط لاوى يقود العبادة في بيته فيكون ذلك أفضل من ابنه. وعرض عليه أجرًا سنويًا بالإضافة إلى كسوته وقوته، ودعاه أبًا، أي يكون مسئولًا عن ميخا وأسرته في الصلاة لأجلهم. وجد اللاوى أن هذا العرض يعتبر عرضًا سخيًا بالنسبة له بالمقارنة بالظروف التي كان يعيشها من قبل، فوافق على عرض ميخا.

العدد 11

ع11:

قبل اللاوى الإقامة مع ميخا، وكانت معاملة ميخا له معاملة حسنة جدًا إذ أحبه وأكرمه، بينما كان اللاوى له بمثابة أب روحي من جهة الكهنوت إلا أن ميخا كان يعامله كأحد أبنائه.

العدد 12

ع12:

كرّس ميخا اللاوى كاهنًا له وأعطاه كل حقوقه ككاهن، فأقام اللاوى في بيته إقامة مستديمة مع أسرة ميخا وخدم في البيت الذي سبق أن خصصه ميخا للعبادة (ع5).

العدد 13

ع13:

كان ميخا فرحًا جدًا باللاوى فقد كان يعلم أن الشريعة تنص على أن هذا السبط هو المخصّص للكهنوت، وبالرغم من ذلك كان محصورًا في نسل هرون، إلا أنه رأى أن اللاوى على آية حال ينتمى لهذا السبط المقدس لخدمة الله وأحق من ابنه في القيام بهذا العمل الروحي، معتقدًا أن الله هو الذي أوقع في طريقه هذا اللاوى، وهو بذلك يريد أن يحسن إليه ويباركه. وهذا يظهر مدى الجهل الروحي السائد في هذا الوقت.

† إكرام الكهنة والخدام الذين يتعبون في خدمة الله بأمانة يفرح قلب الله ولكن مع الحكمة في هذا الإكرام مع مَن تعرفهم لتشجعهم وتساعدهم في الاهتمام بكل النفوس ليكملوا خدمتهم.