الأصحاح السادس – سفر القضاة – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر القضاة – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ السَّادِسُ

اختيار جدعون.

(1) المديانيون يذلون بني إسرائيل (ع1 - 6).

(2) نبي يوبخ شعب الله (ع7 - 10).

(3) الملاك وجدعون (ع11 - 16).

(4) قبول تقدمة جدعون (ع17 - 24).

(5) هدم مذبح البعل (ع25 - 32).

(6) جمع الجنود وعلامتي الجزة (ع33 - 40).

(1) المديانيون يذلون بني إسرائيل (ع1 - 6):

1 وَعَمِلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ, فَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ لِيَدِ مِدْيَانَ سَبْعَ سِنِينَ. 2 فَاعْتَّزَتْ يَدُ مِدْيَانَ عَلَى إِسْرَائِيلَ. بِسَبَبِ الْمِدْيَانِيِّينَ عَمِلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لأَنْفُسِهِمِ الْكُهُوفَ الَّتِي فِي الْجِبَالِ وَالْمَغَايِرَ وَالْحُصُونَ. 3 وَإِذَا زَرَعَ إِسْرَائِيلُ كَانَ الْمِدْيَانِيُّونَ وَالْعَمَالِقَةُ وَبَنُو الْمَشْرِقِ يَصْعَدُونَ عَلَيْهِمْ 4 وَيَنْزِلُونَ عَلَيْهِمْ وَيُتْلِفُونَ غَلَّةَ الأَرْضِ إِلَى مَجِيئِكَ إِلَى غَّزَةَ, وَلاَ يَتْرُكُونَ لإِسْرَائِيلَ قُوتَ الْحَيَاةِ, وَلاَ غَنَماً وَلاَ بَقَراً وَلاَ حَمِيراً. 5 لأَنَّهُمْ كَانُوا يَصْعَدُونَ بِمَوَاشِيهِمْ وَخِيَامِهِمْ وَيَجِيئُونَ كَالْجَرَادِ فِي الْكَثْرَةِ وَلَيْسَ لَهُمْ وَلِجِمَالِهِمْ عَدَدٌ, وَدَخَلُوا الأَرْضَ لِيُخْرِبُوهَا. 6 فَذَلَّ إِسْرَائِيلُ جِدّاً مِنْ قِبَلِ الْمِدْيَانِيِّينَ. وَصَرَخَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ.

العدد 1

ع1:

في هذا الأصحاح والأصحاحين التاليين تتكرر قصة ابتعاد شعب الله عنه ثم إذلال المديانيين لهم وصراخهم إلى الله فأرسل لهم جدعون قاضياً ومنقذاً. وهكذا الإنسان، عندما يعطيه الله راحة، من الطبيعي أن يشكره، ولكن إن تكاسل عن حياته مع الله، فإنه يتعرض للسقوط في الخطية التي تذله.

مديان: هم نسل قطورة زوجة ابراهيم، وقد سكنوا شرق خليج العقبة وشماله حتى البحر الميت وشرق نهر الأردن، ومنهم حمو موسى. وقد تعاونوا مع الموآبيين ضد بني إسرائيل أيام بلعام ابن بعور ولكن موسى انتصر عليهم وأهلكهم.

عمل بنو إسرائيل الشر بأن انصرفوا عن شريعة الرب وعن عبادته إلى عبادة الأوثان، فسمح الرب بأن يسلموا ليد مديان للتأديب مدة سبع سنوات.

العدد 2

ع2:

ضايق المديانيون إسرائيل وأحكموا سطوتهم عليهم بقسوة. وبسبب هجمات المديانيين عليهم، حفروا لأنفسهم الكهوف في الجبال يأوون إليها خلال غارات المديانيين عليهم، كما حفروا مغارات في الجبال يخفون فيها محاصيلهم ومواشيهم لئلا يستولى عليها المديانيون وبنوا حصونًا ليحتموا فيها.

الأعداد 3-4

ع3 - 4:

العمالقة: الساكنون في برية سيناء وحاربهم موسى (خر17).

بنو المشرق: الساكنون شرق الأردن وشرق البحر الأحمر ومنهم الموآبيون وبنو عمون.

اشترك العمالقة وبنو المشرق في نهب بني إسرائيل، فكانوا يهجمون عليهم ويصعدون إلى الجبال التي يخفى بنو إسرائيل فيها محاصيلهم الزراعية ويقيمون فيها كهوفهم ومغايرهم ليستولوا على تلك المحاصيل، بل وينزلون إليهم في السهول والوديان يقلعون ويتلفون الزرع مخربين كل ما يكون في طريقهم من نهر الأردن شرقاً إلى غزة في أقصى غرب البلاد وينبهون حتى المواشى والغنم والحمير، فلا يتركون شيئاً صالحاً يقتات منه الشعب المقهور.

العدد 5

ع5:

لم يكونوا يهجمون على أرض إسرائيل بالرجال فقط بل يصحبون معهم مواشيهم لكي ترعى في حقول بنى إسرائيل، ويأتون كذلك بخيامهم ليستقروا في أراضيهم. وكانوا يأتون بأعداد كبيرة جدًا هم وجمالهم التي تلتهم من النباتات كيفما شاءت، فكان الخراب يلحق بالأرض بعدما يستنفذون منها كل خيراتها.

العدد 6

ع6:

بذلك لحقت المهانة والذل بشعب إسرائيل بسبب مضايقة تلك الشعوب الوثنية لهم، وعندما ضاق الأمر بهم جدًا، استغاثوا بالرب، نادمين على تركهم إياه ومعبرين عن شدة احتياجهم لرحمته ومعونته.

† إفحص نفسك لئلا تكون ضيقاتك بسبب ابتعادك عن الله وتخليه عنك فتسلط إبليس عليك وضايقك. وإن اكتشفت ذلك فعد سريعاً بالتوبة إليه فهو أب حنون لن يتركك.

(2) نبي يوبخ شعب الله (ع7 - 10):

7 وَكَانَ لَمَّا صَرَخَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ بِسَبَبِ الْمِدْيَانِيِّينَ 8 أَنَّ الرَّبَّ أَرْسَلَ نَبِيّاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ, فَقَالَ لَهُمْ: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: إِنِّي قَدْ أَصْعَدْتُكُمْ مِنْ مِصْرَ وَأَخْرَجْتُكُمْ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ 9 وَأَنْقَذْتُكُمْ مِنْ يَدِ الْمِصْرِيِّينَ وَمِنْ يَدِ جَمِيعِ مُضَايِقِيكُمْ, وَطَرَدْتُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ وَأَعْطَيْتُكُمْ أَرْضَهُمْ. 10 وَقُلْتُ لَكُمْ: أَنَا الرَّبُّ إِلَهُكُمْ. لاَ تَخَافُوا آلِهَةَ الأَمُورِيِّينَ الَّذِينَ أَنْتُمْ سَاكِنُونَ أَرْضَهُمْ. وَلَمْ تَسْمَعُوا لِصَوْتِي».

الأعداد 7-9

ع7 - 9:

الرب الذي ينتظر دائماً عودة أبنائه إليه بالتوبة وطلب الخلاص، يستجيب لهم ولا يتركهم في حيرتهم، بل أرسل نبيًا يكشف لهم سبب ذلهم، ذاكرًا لهم أعماله الرحيمة معهم والتي قابلوها بالجحود والعصيان لذلك يسلمهم للضيق والتأديب لكي يرجعوا إلى ذواتهم ويعلموا قدر تمردهم وعصيانهم وجرمهم في حق الرب فيقرروا التوبة والرجوع إليه.

يبدأ النبي حديثه بالتأكيد على أن الكلام الذي سيقوله لهم هو رسالة من الله. يذكرهم بأنه هو الرب الذي خلصهم من العبودية في مصر وأخرجهم من هناك، وأنقذهم من المصريين ومن كل مضايقاتهم، وقادهم إلى الأرض الجديدة التي منحها لهم، وما صاحب ذلك من معجزات شق البحر الأحمر على يد موسى وانتصاراتهم التي حققوها بمعونة الرب على سكان الأرض الأصليين وطردهم من أمامهم. وربما كان هذا النبي هو فينحاس بن ألعازار بن هارون الكاهن.

العدد 10

ع10:

ذكرَّهم النبي بأن الله طمأنهم حتى لا يخافوا من الوثنيين وآلهتهم مهما بدوا أقوياء بعدما رأوا انتصارات الله على أيديهم، وللأسف اختلطوا بالوثنيين وعبدوا آلهتهم فأذلوهم.

† تذكر أعمال الله السابقة معك لتطمئن وتثق في الله وتبتعد عن كل شيء. أشكره كل يوم فتزداد ثقتك في نفسك وثباتك فيه.

(3) الملاك وجدعون (ع11 - 16):

11 وَأَتَى مَلاَكُ الرَّبِّ وَجَلَسَ تَحْتَ الْبُطْمَةِ الَّتِي فِي عَفْرَةَ الَّتِي لِيُوآشَ الأَبِيعَزَرِيِّ. وَابْنُهُ جِدْعُونُ كَانَ يَخْبِطُ حِنْطَةً فِي الْمِعْصَرَةِ لِيُهَرِّبَهَا مِنَ الْمِدْيَانِيِّينَ. 12 فَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَالَ لَهُ: «الرَّبُّ مَعَكَ يَا جَبَّارَ الْبَأْسِ! » 13 فَقَالَ لَهُ جِدْعُونُ: «أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي, إِذَا كَانَ الرَّبُّ مَعَنَا فَلِمَاذَا أَصَابَتْنَا كُلُّ هَذِهِ, وَأَيْنَ كُلُّ عَجَائِبِهِ الَّتِي أَخْبَرَنَا بِهَا آبَاؤُنَا قَائِلِينَ: أَلَمْ يُصْعِدْنَا الرَّبُّ مِنْ مِصْرَ؟ وَالآنَ قَدْ رَفَضَنَا الرَّبُّ وَجَعَلَنَا فِي كَفِّ مِدْيَانَ». 14 فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الرَّبُّ وَقَالَ: «اذْهَبْ بِقُّوَتِكَ هَذِهِ وَخَلِّصْ إِسْرَائِيلَ مِنْ كَفِّ مِدْيَانَ. أَمَا أَرْسَلْتُكَ؟ » 15 فَقَالَ لَهُ: «أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي, بِمَاذَا أُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ؟ هَا عَشِيرَتِي هِيَ الذُّلَّى فِي مَنَسَّى, وَأَنَا الأَصْغَرُ فِي بَيْتِ أَبِي». 16 فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «إِنِّي أَكُونُ مَعَكَ, وَسَتَضْرِبُ الْمِدْيَانِيِّينَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ».

العدد 11

ع11:

عفرة: تقع بجوار بيت إيل في نصب سبط منسى الغربي.

كان جدعون جالساً تحت شجرة في بلدته عفرة التي كانت تسكنها عشيرته، وهي عشيرة الأبيعزريين إحدى عشائر سبط منسى. فأرسل الرب ملاكاً إليه ليكلفه بالعمل على تخليص بني إسرائيل من عبودية المديانيين. وجدعون هذا هو ابن يوآش الذي سمى الأبيعزرى لأنه من عشيرة أبيعزر. وكان جدعون يضرب القمح بعصا لإخراج الحبوب من السنابل، وكان يفعل ذلك داخل معصرة العنب حتى لا يلفت نظر المديانيين الذين كانوا يراقبون اليهود لسلب خيراتهم.

العدد 12

ع12:

ظهر الملاك لجدعون وبدأ بالتحية داعيًا له أن يعينه الرب في العمل الكبير الذي سيكلفه به، مادحاً إياه بأنه الرجل القوى صاحب العزيمة، تشجيعاً له للقيام بالمهمة التي ستوكل إليه.

العدد 13

ع13:

يرد جدعون ويسأل الملاك بدالة المحبة، مستفسرًا إن كان الله مع بني إسرائيل فلماذا لا ينعم شعبه بحماية الرب، ولماذا لا يحيطهم الرب بعنايته كما فعل مع الأجيال السابقة وأخرجهم من أرض مصر وأنقذهم من العبودية. أما الآن فقد غضب عليهم الرب وسلمهم لأعدائهم المديانيين الذين تسلطوا عليهم.

العدد 14

ع14:

هنا يظهر من الوحى ومن الكلمة الأصلية التي ترجمت هنا بالرب، وهي في النص العبري "يهوة"، أن ظهور الرب في صورة رجل كان أحد تجليات أقنوم الابن.

وقال له الرب أنه بغيرته المقدسة هذه سيعمل معه ويخلص إسرائيل على يده. فلا يتوانى لأن الله أرسله وبالتالي فهو الذي سيحقق له النصر.

العدد 15

ع15:

يذكر جدعون أنه شخص بسيط ينتمى لعشيرة متواضعة من عشائر منسى وهو الأصغر بين إخوته، فكيف وهو إنسان عادي ليس رئيسًا ولا قائدًا في شعبه، سيتسنى له أن يجمع محاربين من الشعب حوله ويقودهم في حرب تحرير. فرغم أنه يتميز بالشجاعة، لكنه متضع، والاتضاع شرط أساسى ليعمل الله بقوة في الإنسان.

العدد 16

ع16:

يعطيه الرب الإجابة الحاسمة على تساؤله وهو أنه يكفيه أنه يكون معه، فان كان الرب مع إنسان فلن تقدر أية قوة أن تقف أمامه. وأكد له أنه سينتصر على المديانيين ولا يخشى كثرة عددهم، فسيقضى عليهم كما لو كان يقضى على رجل واحد فقط.

† لا تتضايق من ضعفك ولا تقارن نفسك بمن هم أقوى منك في أي إمكانيات، لأن الله معك ومادام الله معك فستستطيع أن تنتصر على حروب الشيطان وتحقق كل نجاح.

←.

(4) قبول تقدمة جدعون (ع17 - 24):

17 فَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَاصْنَعْ لِي عَلاَمَةً أَنَّكَ أَنْتَ تُكَلِّمُنِي. 18 لاَ تَبْرَحْ مِنْ هَهُنَا حَتَّى آتِيَ إِلَيْكَ وَأُخْرِجَ تَقْدِمَتِي وَأَضَعَهَا أَمَامَكَ». فَقَالَ: «إِنِّي أَبْقَى حَتَّى تَرْجِعَ». 19 فَدَخَلَ جِدْعُونُ وَعَمِلَ جَدْيَ مِعْزىً وَإِيفَةَ دَقِيقٍ فَطِيراً. أَمَّا اللَّحْمُ فَوَضَعَهُ فِي سَلٍّ, وَأَمَّا الْمَرَقُ فَوَضَعَهُ فِي قِدْرٍ وَخَرَجَ بِهَا إِلَيْهِ إِلَى تَحْتِ الْبُطْمَةِ وَقَدَّمَهَا. 20 فَقَالَ لَهُ مَلاَكُ اللَّهِ: «خُذِ اللَّحْمَ وَالْفَطِيرَ وَضَعْهُمَا عَلَى تِلْكَ الصَّخْرَةِ وَاسْكُبِ الْمَرَقَ». فَفَعَلَ كَذَلِكَ. 21 فَمَدَّ مَلاَكُ الرَّبِّ طَرَفَ الْعُكَّازِ الَّذِي بِيَدِهِ وَمَسَّ اللَّحْمَ وَالْفَطِيرَ, فَصَعِدَتْ نَارٌ مِنَ الصَّخْرَةِ وَأَكَلَتِ اللَّحْمَ وَالْفَطِيرَ. وَذَهَبَ مَلاَكُ الرَّبِّ عَنْ عَيْنَيْهِ. 22 فَرَأَى جِدْعُونُ أَنَّهُ مَلاَكُ الرَّبِّ, فَقَالَ جِدْعُونُ: «آهِ يَا سَيِّدِي الرَّبَّ! لأَنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَلاَكَ الرَّبِّ وَجْهاً لِوَجْهٍ! » 23 فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «السَّلاَمُ لَكَ. لاَ تَخَفْ. لاَ تَمُوتُ». 24 فَبَنَى جِدْعُونُ هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ وَدَعَاهُ «يَهْوَهَ شَلُومَ». إِلَى هَذَا الْيَوْمِ لَمْ يَزَلْ فِي عَفْرَةِ الأَبِيعَزَرِيِّينَ.

العدد 17

ع17:

كان الموقف محيرًا بالنسبة لجدعون، فهو يدرك تمامًا أنه لا يملك شيئًا من مقومات القوة في الحروب، كالمعدات الحربية وتنظيمات المحاربين وحكمة القادة الحربيين، بينما يحثه الرب على القيام بالعمل. لذلك طلب علامة من الرب تزيل شكوكه وحيرته. وهذا يبين أنه إلى جانب شجاعته واتضاعه له إيمان بقوة الله القادرة أن تعمل فيه ولكنه احتاج إلى علامات تزيد وتثبت إيمانه.

العدد 18

ع18:

طلب جدعون من الرب ألا يبرح من مكانه حتى يأتيه بتقدمة من الطعام. وكان فكر جدعون هو أنه إذا أكل منها عرف أنه إنسان عادى وإن حدثت معجزة إلهية ما فإنه يدرك أنه الرب. وهنا يطيل الله أناته على الضعف البشرى فوعده بأنه يبقى حتى يعود بتقدمته.

وهنا تظهر بساطة جدعون التي أعطته دالة أمام الله فتكلم معه كما يتكلم الرجل مع صاحبه، مثلما كان يتكلم موسى النبي مع الله، واتضاع الله وأبوته جعلته يقبل كلام جدعون وطلبه وينتظره حتى يأتي بتقدمة ليثبت إيمانه برؤية الله.

† الله يحبك ويفرح بصداقتك له، فتكلم معه كابن مع ابيه وكعروس مع عريسها.. عبر عن مشاعرك له، فهو يفرح بأشواقك ويسندك ويمنحك فرحًا لا يعبر عنه.

العدد 19

ع19:

إيفة: 23 لترًا.

دخل جدعون بيته وذبح جدى ماعز وطبخه، كما عمل فطير من دقيق بكمية كبيرة تكفى عشرة أشخاص. وقد أعد هذا المقدار الوفير إكرامًا للضيف. ووضع اللحم في سل والمرق في إناء وخرج ليقدمها للضيف العجيب.

العدد 20

ع20:

طلب منه الرب أن يضع اللحم والفطير على الصخرة وأن يصب المرق عليهما تأكيدًا للمعجزة التي سوف تتم. أطاع جدعون وفعل كما أمره الرب وبهذا تصبح الصخرة كمذبح تقدم عليه هذه التقدمة لله.

العدد 21

ع21:

مد الرب العكاز، الذي يحمله المسافرون عادة، ولمس التقدمة بطرفه فخرجت نار من الصخرة وأكلت التقدمة رغم السوائل التي سكبت من قبل على التقدمة وغمرتها والتي من شأنها أن تعمل على إطفاء النار. ثم اختفى الرب فجأة من أمام عينيه.

العدد 22

ع22:

لما رأى جدعون النار تخرج من الصخرة واختفاء الشخص الذي كلمه، تحقق أنه ملاك الرب أو الله نفسه، فخاف وأخذ يصلى طالبًا الرحمة من الرب لأنه كان يعتقد أن الإنسان يموت إذا رأى الرب، كما أعلن الرب ذلك من قبل لموسى، أن الإنسان لا يراه ويعيش (خر33: 20).

العدد 23

ع23:

كلم الله جدعون مرة ثانية، إما بصوت أو بظهور ملاك له أو بأى طريقة أخرى، وطمأنه معطيًا له السلام الذي يحمل معنى الأمان والراحة، نازعًا عنه كل خوف لأنه هو الذي يؤهله أن يراه دون أن يموت.

العدد 24

ع24:

يهوه: اسم الله ومعناه الله كائن.

شلوم: سلام.

اطمأن جدعون وعبر عن شكره لله، فبنى مذبحًا في نفس المكان الذي حدث فيه الحديث بينه وبين الرب، أي بجوار البطمة، ودعا المذبح "سلام الرب" تذكاراً للسلام الذي منحه الرب إياه. ومازال المذبح قائماً إلى اليوم، أي إلى يوم كتابة هذا السفر، في مدينة الأبيعزريين وهي عفرة.

ويلاحظ أن جدعون ليس من سبط لاوى فليس من حقه تقديم الذبائح بحسب الشريعة، ولم يقدمها في خيمة الاجتماع في شيلوه. ولكن تقديم الذبيحة هنا أمر استثنائى المقصود به إعلان التبعية لله وعبادته وليس للبعل بل تحقير عبادة الأوثان باستخدام خشب السارية في إيقاد النار لتقديم الذبيحة (ع25، 26).

(5) هدم مذبح البعل (ع25 - 32):

25 وَكَانَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَنَّ الرَّبَّ قَالَ لَهُ: «خُذْ ثَوْرَ الْبَقَرِ الَّذِي لأَبِيكَ, وَثَوْراً ثَانِياً ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ, وَاهْدِمْ مَذْبَحَ الْبَعْلِ الَّذِي لأَبِيكَ وَاقْطَعِ السَّارِيَةَ الَّتِي عِنْدَهُ, 26 وَابْنِ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ إِلَهِكَ عَلَى رَأْسِ هَذَا الْحِصْنِ بِتَرْتِيبٍ, وَخُذِ الثَّوْرَ الثَّانِيَ وَأَصْعِدْ مُحْرَقَةً عَلَى حَطَبِ السَّارِيَةِ الَّتِي تَقْطَعُهَا. 27 فَأَخَذَ جِدْعُونُ عَشَرَةَ رِجَالٍ مِنْ عَبِيدِهِ وَعَمِلَ كَمَا كَلَّمَهُ الرَّبُّ. وَإِذْ كَانَ يَخَافُ مِنْ بَيْتِ أَبِيهِ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ يَعْمَلَ ذَلِكَ نَهَاراً فَعَمِلَهُ لَيْلاً. 28 فَبَكَّرَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي الْغَدِ وَإِذَا بِمَذْبَحِ الْبَعْلِ قَدْ هُدِمَ وَالسَّارِيَةُ الَّتِي عِنْدَهُ قَدْ قُطِعَتْ, وَالثَّوْرُ الثَّانِي قَدْ أُصْعِدَ عَلَى الْمَذْبَحِ الَّذِي بُنِيَ. 29 فَقَالُوا الْوَاحِدُ لِصَاحِبِهِ: «مَنْ عَمِلَ هَذَا الأَمْرَ؟ » فَسَأَلُوا وَبَحَثُوا فَقَالُوا: «إِنَّ جِدْعُونَ بْنَ يُوآشَ قَدْ فَعَلَ هَذَا الأَمْرَ». 30 فَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لِيُوآشَ: «أَخْرِجِ ابْنَكَ لِنَقْتُلَهُ, لأَنَّهُ هَدَمَ مَذْبَحَ الْبَعْلِ وَقَطَعَ السَّارِيَةَ الَّتِي عِنْدَهُ». 31 فَقَالَ يُوآشُ لِجَمِيعِ الْقَائِمِينَ عَلَيْهِ: «أَنْتُمْ تُقَاتِلُونَ لِلْبَعْلِ, أَمْ أَنْتُمْ تُخَلِّصُونَهُ؟ مَنْ يُقَاتِلْ لَهُ يُقْتَلْ فِي هَذَا الصَّبَاحِ. إِنْ كَانَ إِلَهاً فَلْيُقَاتِلْ لِنَفْسِهِ لأَنَّ مَذْبَحَهُ قَدْ هُدِمَ». 32 فَدَعَاهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ «يَرُبَّعْلَ» قَائِلاً: «لِيُقَاتِلْهُ الْبَعْلُ لأَنَّهُ قَدْ هَدَمَ مَذْبَحَهُ».

العدد 25

ع25:

البعل: إله وثني مشهور عند الموآبيين.

سارية: عمود خشبى يقام للآلهة الوثنية.

أمر الله جدعون أن يأخذ الثور الذي يمتلكه أبوه وثورًا آخر عمره سبع سنوات ويهدم بهما مذبح البعل وساريته المقامة بجواره، أي يزيل عبادة الأوثان التي سقط فيها أبوه وعشيرته فأغاظوا الله وسمح للمديانيين أن يذلوهم. والثور الثاني عمره سبع سنوات تذكيرًا لهم بأن الله يشعر بمعاناتهم في هذه السنوات السبع التي أذلوهم فيها المديانيون.

العدد 26

ع26:

كذلك طلب منه الرب أن يبنى مذبحًا للرب الإله الحقيقي في مكانٍ عالٍ وظاهر إعلانًا لمجد الرب، وأن يكون البناء بنظام ليليق بكرامة الرب. ثم أمره أن يصعد الثور الثاني محرقة للرب، متخذًا خشب السارية التي سبق وقطعها (ع25) كوقود على مذبح الرب.

العدد 27

ع27:

إذ كان خائفًا من إخوته وأقاربه ومن أهل المدينة، قرّر أن ينفذ ما طلبه منه الرب خفية في الليل حتى لا يعترض طريقه أحد. وأخذ عشرة رجال من عبيده للمساعدة في هدم مذبح البعل وقطع السارية وبناء المذبح الجديد للرب وإصعاد المحرقة.

وإتمام جدعون للعمل ليلاً هو نوع من الحكمة، حتى لا يتعطل العمل ولكنه ليس خوفًا على حياته، لأنهم سيعرفون ذلك في الصباح ويمكنهم حينئذ أن يقتلوه لو سمح الله لهم بذلك.

يظهر من هذا أن جدعون كان يعيش وسط أهله الذين يعبدون الأوثان ولكنه لم يكن متحمسًا لعبادة الأوثان، بدليل طاعته الفورية لله واستنتاج عشيرته عند رؤيتهم المذبح المهدم أنه لابد أن يكون ذلك بيد جدعون لمعرفتهم إهماله لعبادتهم الوثنية (ع29).

ويلاحظ أن تقديم المحرقة هنا لم يكن على المذبح الموجود بخيمة الاجتماع، وذلك الاستثناء كان لظهور الله في هذا المكان كما حدث مع داود في حقل أرونة اليبوسى (2 صم24: 16، 25).

العدد 28

ع28:

لما استيقظ أهل المدينة مبكرًا كعادتهم، فوجئوا بهدم مذبح البعل وقطع السارية التي عنده، كما دُهشِوا من إقامة مذبح جديد مكانه قدم عليه ذبيحة الثور الثاني.

العدد 29

ع29:

أخذ أهل المدينة يتساءلون بدهشة وغضب عمن يكون قد ارتكب هذا الفعل الأثيم في نظرهم، فبحثوا وتقصوا وعرفوا أخيرًا أن جدعون هو الذي قام بهذا.

العدد 30

ع30:

على الفور أصدروا حكمًا سريعًا على جدعون بالموت، وطلبوا من يوآش أبيه أن يسلمهم إياه فورًا لكي ينفذوا فيه حكم الموت، جزاء ما اقترفه من جرم في نظرهم بهدمه مذبح البعل وقطعه السارية، ذلك الذي اعتبروه إهانة لإلههم وتحدى لمعتقداتهم.

العدد 31

ع31:

هب يوآش للدفاع عما فعله ابنه، إذ أدرك عجز تلك الآلهة الكاذبة في الدفاع عن نفسها، فقال لكل المجتمعين حوله: هل أنتم البشر تقاتلون عن البعل الذي تعتبرونه إلهًا أم تخلصونه من يد ابنى الذي هدم مذبحه، فان كان البعل إلهًا حقًا فليدافع عن نفسه. ثم هددهم بأن من سيحاول قتل ابنه دفاعًا عن البعل فانه وأهل بيته سيقاتلونه فورًا.

العدد 32

ع32:

يربعل: أي حارب البعل.

من ذلك اليوم أطلق يوآش على ابنه لقب "محارب البعل" قائلاً إن كان جدعون قد اعتدى على كرامة البعل بأن هدم مذبحه فلينتقم البعل لنفسه. وقد قال ذلك تهكمًا واستخفافًا به لأنه أيقن عجز البعل عن الانتقام لنفسه من ابنه جدعون.

† كن مطيعًا لله مهما بدت وصاياه صعبة وعكس أفكار المحيطين بك، وثق أن الله سيعطيك الشجاعة ويساندك أمام غضب الآخرين عليك.

(6) جمع الجنود وعلامتي الجزة (ع33 - 40):

33 وَاجْتَمَعَ جَمِيعُ الْمِدْيَانِيِّينَ وَالْعَمَالِقَةِ وَبَنِي الْمَشْرِقِ مَعاً وَعَبَرُوا وَنَزَلُوا فِي وَادِي يَزْرَعِيلَ. 34 وَلَبِسَ رُوحُ الرَّبِّ جِدْعُونَ فَضَرَبَ بِالْبُوقِ, فَاجْتَمَعَ أَبِيعَزَرُ وَرَاءَهُ. 35 وَأَرْسَلَ رُسُلاً إِلَى جَمِيعِ مَنَسَّى, فَاجْتَمَعَ هُوَ أَيْضاً وَرَاءَهُ, وَأَرْسَلَ رُسُلاً إِلَى أَشِيرَ وَزَبُولُونَ وَنَفْتَالِي فَصَعِدُوا لِلِقَائِهِمْ. 36 وَقَالَ جِدْعُونُ لِلَّهِ: «إِنْ كُنْتَ تُخَلِّصُ بِيَدِي إِسْرَائِيلَ كَمَا تَكَلَّمْتَ, 37 فَهَا إِنِّي وَاضِعٌ جَّزَةَ الصُّوفِ فِي الْبَيْدَرِ. فَإِنْ كَانَ طَلٌّ عَلَى الْجَّزَةِ وَحْدَهَا, وَجَفَافٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا, عَلِمْتُ أَنَّكَ تُخَلِّصُ بِيَدِي إِسْرَائِيلَ كَمَا تَكَلَّمْتَ». 38 وَكَانَ كَذَلِكَ. فَبَكَّرَ فِي الْغَدِ وَضَغَطَ الْجَّزَةَ وَعَصَرَ طَلاًّ مِنَ الْجَّزَةِ, مِلْءَ قَصْعَةٍ مَاءً. 39 فَقَالَ جِدْعُونُ لِلَّهِ: «لاَ يَحْمَ غَضَبُكَ عَلَيَّ فَأَتَكَلَّمَ هَذِهِ الْمَرَّةَ فَقَطْ. أَمْتَحِنُ هَذِهِ الْمَرَّةَ فَقَطْ بِالْجَّزَةِ. فَلْيَكُنْ جَفَافٌ فِي الْجَّزَةِ وَحْدَهَا وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ لِيَكُنْ طَلٌّ». 40 فَفَعَلَ اللَّهُ كَذَلِكَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ. فَكَانَ جَفَافٌ فِي الْجَّزَةِ وَحْدَهَا وَعَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا كَانَ طَلٌّ.

العدد 33

ع33:

وادى يزرعيل: وادي في منتصف أرض فلسطين يمتد من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط عند جبل الكرمل، ولتوسطه أرض كنعان كانت تحدث فيه معارك كثيرة.

انضم العمالقة وبنو المشرق إلى المديانيين وتجمعوا في وادي يزرعيل لمهاجمة اليهود.

العدد 34

ع34:

لبس روح الرب: حل روح الله عليه.

امتلأ جدعون بالقوة والحماس لمحاربة المديانيين عند حلول روح الله عليه، فضرب بالبوق لجمع الجنود وتجمع أولاً حوله عشيرته التي هى الأبيعزريون.

العدد 35

ع35:

تشجع جدعون من سرعة تحول عشيرته بعد أن كانت تطالب بدمه، فأصبحت أول من لبى دعوته للتجمع للقتال، فأرسل رسلاً لأسباط أخرى هي أشير وزبولون ونفتالى، بالإضافة إلى سبطه وهو سبط منسى. وقد دعا هذه الأسباط لقرب سكنها منه.

ويلاحظ أن سبط أشير قد تخاذل عن المشاركة في الحرب أيام دبورة وباراق (قض 5: 17)، ولكنه الآن يتحمس ويشترك مع جدعون في الحرب. فيمكن أن يتعلم الإنسان من فشله ويصلح أحواله مع الله بالتوبة ويشارك في الجهاد الروحي فيكون له النصرة على الشيطان.

الأعداد 36-37

ع36 - 37:

البيدر: الجرن، وهو المكان الذي تجمع فيه الحبوب بعد حصادها.

طلب جدعون علامة من الرب ليتأكد أنه سيكون معه في حربه ضد المديانيين.

كانت العلامة التي طلبها جدعون هي أنه سيضع قطعة من الصوف في البيدر، فإن تساقط الندى في الصباح على قطعة الصوف وحدها وبللها بينما أرض البيدر كلها جافة، فانه سيتأكد بهذا من أن خلاص إسرائيل سيكون على يديه وهذه علامة ثانية طلبها جدعون لأنه كان قد طلب من الملاك أولاً قبول تقدمته كعلامة (ع17 - 21).

العدد 38

ع38:

القصعة: إناء من الفخار.

في باكر اليوم التالي ذهب إلى البيدر ليرى النتيجة، فإذا به يجد قطعة الصوف مبتلة بالماء، فعصرها وملأ من الماء إناء متوسط الحجم.

العدد 39

ع39:

لم يكتف جدعون بالعلامة الأولى، فطلب من الرب علامة ثانية عكس العلامة الأولى بحيث يجد قطعة الصوف جافة تمامًا بينما الندى يغمر كل الأرض من حولها؛ وتضرع إلى الرب ألا يغضب منه لتكرار مطالبه.

العدد 40

ع40:

استجاب الرب لجدعون وحقق له ما أراد بمعجزة عظيمة، ففى صباح اليوم التالي وجد قطعة الصوف جافة تمامًا بينما الأرض حولها مغمورة بالماء.

هنا يظهر طول أناة الله على أولاده الضعفاء في الإيمان، فقد طلب جدعون علامتين في الجزة بالإضافة إلى قبول الملاك تقدمته، فالله لا يكره الضعفاء بل يشجعهم ويساندهم بل ويعطى علامات وتشجيعات إضافية كما سنرى في الأصحاح التالي.

† لا تتشكك من أجل ضعفك فالله مستعد أن يساندك.. أطلب كل احتياجاتك منه وألحّ عليه لأنه أب حنون. ولكن كن مطيعًا لوصاياه فتجد راحتك.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح السابع - سفر القضاة - مارمرقس مصر الجديدة

الأصحاح الخامس - سفر القضاة - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر القضاة الأصحاح 6
تفاسير سفر القضاة الأصحاح 6