الأصحاح الرابع عشر – شهوة الرجوع إلى العبودية – سفر العدد – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر العدد – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الرابع عشر

شهوة الرجوع إلى العبودية.

الأعداد 1-10

الأيات (1 - 10): -

"1فَرَفَعَتْ كُلُّ الْجَمَاعَةِ صَوْتَهَا وَصَرَخَتْ، وَبَكَى الشَّعْبُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. 2 وَتَذَمَّرَ عَلَى مُوسَى وَعَلَى هَارُونَ جَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَالَ لَهُمَا كُلُّ الْجَمَاعَةِ: «لَيْتَنَا مُتْنَا فِي أَرْضِ مِصْرَ، أَوْ لَيْتَنَا مُتْنَا فِي هذَا الْقَفْرِ! 3 وَلِمَاذَا أَتَى بِنَا الرَّبُّ إِلَى هذِهِ الأَرْضِ لِنَسْقُطَ بِالسَّيْفِ؟ تَصِيرُ نِسَاؤُنَا وَأَطْفَالُنَا غَنِيمَةً. أَلَيْسَ خَيْرًا لَنَا أَنْ نَرْجعَ إِلَى مِصْرَ؟ » 4فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «نُقِيمُ رَئِيسًا وَنَرْجعُ إِلَى مِصْرَ».

5فَسَقَطَ مُوسَى وَهَارُونُ عَلَى وَجْهَيْهِمَا أَمَامَ كُلِّ مَعْشَرِ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 6 وَيَشُوعُ بْنُ نُونَ وَكَالِبُ بْنُ يَفُنَّةَ، مِنَ الَّذِينَ تَجَسَّسُوا الأَرْضَ، مَزَّقَا ثِيَابَهُمَا 7 وَكَلَّمَا كُلَّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلَيْنِ: «الأَرْضُ الَّتِي مَرَرْنَا فِيهَا لِنَتَجَسَّسَهَا جَيِّدَةٌ جِدًّا جِدًّا. 8إِنْ سُرَّ بِنَا الرَّبُّ يُدْخِلْنَا إِلَى هذِهِ الأَرْضِ وَيُعْطِينَا إِيَّاهَا، أَرْضًا تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلاً. 9إِنَّمَا لاَ تَتَمَرَّدُوا عَلَى الرَّبِّ، وَلاَ تَخَافُوا مِنْ شَعْبِ الأَرْضِ لأَنَّهُمْ خُبْزُنَا. قَدْ زَالَ عَنْهُمْ ظِلُّهُمْ، وَالرَّبُّ مَعَنَا. لاَ تَخَافُوهُمْ».

10 وَلكِنْ قَالَ كُلُّ الْجَمَاعَةِ أَنْ يُرْجَمَا بِالْحِجَارَةِ. ثُمَّ ظَهَرَ مَجْدُ الرَّبِّ فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لِكُلِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ. ".

بعد أن قدم الرجال تقريرهم وإنقسموا. المجموعة المؤمنة صدقت مواعيد الله وهم يشوع وكالب فقط ومجموعة غير مؤمنة، صدق الشعب المجموعة الثانية لأن قلبهم هم أيضاً كان غير مؤمن. فحدث تذمر وبكاء = رفعت كل الجماعة صوتها. بل إشتهوا لو كانوا فى مصر تحت العبودية = ليتنا متنا فى أرض مصر. وشككوا فى محبة الله لهم، لماذا أتى بنا الرب؟. بل صمموا على إختيار قيادة جديدة غير موسى ليعود بهم إلى أرض مصر. نقيم رئيساً ونرجع إلى مصر. بل قرروا رجم موسى وهرون ويشوع وكالب = ولكن قال كل الجماعة أن يُرجما بالحجارة. هنا نجد نقطة تحول، ظهر فيها عدم إستعداد الشعب لدخول أرض الميعاد "حقاً كم مرة أردت ولم تريدوا". وحاول رجال الله إرشاد هذه الجماعة المتمردة، فقد سقط موسى وهرون أمامهما ومزق يشوع وكالب ثيابهما أمامهم. وكانت محاولات خدام الرب هذه هى محاولات من الله بواسطة خدامه لعقد صلح معهم وأخذوا يشرحون لهم أن الله لن يتخلى عنهم وأن هؤلاء الأعداء لا يقدروا أن يؤذوهم طالما أن الله معهم ويظهر من (نح 17: 9) أنهم إختاروا فعلاً رئيساً آخر غير موسى.

أية (1): -

"1فَرَفَعَتْ كُلُّ الْجَمَاعَةِ صَوْتَهَا وَصَرَخَتْ، وَبَكَى الشَّعْبُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ.".

بكى الشعب = حزن العالم ينشىء موتاً. ما أصاب هذه الجماعة لا يرجع لعدو من الخارج بل من عدم إيمانهم فلا يستطيع أحد أن يؤذى الإنسان ما لم يؤذ هو نفسه ولاحظ أن سر مرارتهم يرجع لمرض القلب الداخلى وليس للظروف المحيطة.

أية (2): -

"2 وَتَذَمَّرَ عَلَى مُوسَى وَعَلَى هَارُونَ جَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَالَ لَهُمَا كُلُّ الْجَمَاعَةِ: «لَيْتَنَا مُتْنَا فِي أَرْضِ مِصْرَ، أَوْ لَيْتَنَا مُتْنَا فِي هذَا الْقَفْرِ!".

عوض الشكر لله عن كل ما عملهُ معهم ها هم يتذمرون عليه وتقسوا قلوبهم ضده.

أية (5): -

"5فَسَقَطَ مُوسَى وَهَارُونُ عَلَى وَجْهَيْهِمَا أَمَامَ كُلِّ مَعْشَرِ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ.".

سقوط موسى وهرون كان لتهدئة الجماعة ولصرف روح الغضب عن الله حتى لا يفنيهم.

الأيات (6 - 9): -

"6 وَيَشُوعُ بْنُ نُونَ وَكَالِبُ بْنُ يَفُنَّةَ، مِنَ الَّذِينَ تَجَسَّسُوا الأَرْضَ، مَزَّقَا ثِيَابَهُمَا 7 وَكَلَّمَا كُلَّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلَيْنِ: «الأَرْضُ الَّتِي مَرَرْنَا فِيهَا لِنَتَجَسَّسَهَا جَيِّدَةٌ جِدًّا جِدًّا. 8إِنْ سُرَّ بِنَا الرَّبُّ يُدْخِلْنَا إِلَى هذِهِ الأَرْضِ وَيُعْطِينَا إِيَّاهَا، أَرْضًا تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلاً. 9إِنَّمَا لاَ تَتَمَرَّدُوا عَلَى الرَّبِّ، وَلاَ تَخَافُوا مِنْ شَعْبِ الأَرْضِ لأَنَّهُمْ خُبْزُنَا. قَدْ زَالَ عَنْهُمْ ظِلُّهُمْ، وَالرَّبُّ مَعَنَا. لاَ تَخَافُوهُمْ».".

عظمة يشوع وكالب أنهم لم يصنعا مثل باقى الجواسيس ولم يخافا من الرجم بل شهدا للحق. زال عنهم ظلهم = هو تعبير شرقى يعبر عن الحماية. أى أنهم الآن بلا حماية فالله تخلى عنهم بسبب خطاياهم، وهم نضجوا للخراب. والعكس حين كان الله سحابة تظلل على شعبه فهو كان يحميهم. راجع (مز 1: 91 + 5: 121 + تك 16: 15 + لا 25: 18 + لا 23: 20).

أية (10): -

"10 وَلكِنْ قَالَ كُلُّ الْجَمَاعَةِ أَنْ يُرْجَمَا بِالْحِجَارَةِ. ثُمَّ ظَهَرَ مَجْدُ الرَّبِّ فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لِكُلِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ.".

رجم كالب ويشوع هنا مساوى لقتل شاهدى سفر الرؤيا (رؤ 11). ورفض الشعب لكلامهم هو رفض الناس لكلام الله على لسان خدامه. وقد يكون رفض دعوة التوبة هى آخر فرصة للإنسان قبل أن يُعلن الله غضبه. فهؤلاء برفضهم كلام خدام الله تاهوا فى البرية 40 سنة بعد أن كانوا على مسيرة أيام من أرض الميعاد.

ثم ظهر مجد الرب = حين أهانوا الله سكت الله، لكن حين حاولوا قتل ورجم رجال الله كانوا كمن مس حدقة عينه، فأحاط بخدامه الأمناء ليحميهم. هنا مساندة إلهية حتى لو رفضهم كل الناس.

الأعداد 11-19

الأيات (11 - 19): -

"11 وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «حَتَّى مَتَى يُهِينُنِي هذَا الشَّعْبُ؟ وَحَتَّى مَتَى لاَ يُصَدِّقُونَنِي بِجَمِيعِ الآيَاتِ الَّتِي عَمِلْتُ فِي وَسَطِهِمْ؟ 12إِنِّي أَضْرِبُهُمْ بِالْوَبَإِ وَأُبِيدُهُمْ، وَأُصَيِّرُكَ شَعْبًا أَكْبَرَ وَأَعْظَمَ مِنْهُمْ». 13فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: «فَيَسْمَعُ الْمِصْرِيُّونَ الَّذِينَ أَصْعَدْتَ بِقُوَّتِكَ هذَا الشَّعْبَ مِنْ وَسَطِهِمْ، 14 وَيَقُولُونَ لِسُكَّانِ هذِهِ الأَرْضِ الَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا أَنَّكَ يَا رَبُّ فِي وَسَطِ هذَا الشَّعْبِ، الَّذِينَ أَنْتَ يَا رَبُّ قَدْ ظَهَرْتَ لَهُمْ عَيْنًا لِعَيْنٍ، وَسَحَابَتُكَ وَاقِفَةٌ عَلَيْهِمْ، وَأَنْتَ سَائِرٌ أَمَامَهُمْ بِعَمُودِ سَحَابٍ نَهَارًا وَبِعَمُودِ نَارٍ لَيْلاً. 15فَإِنْ قَتَلْتَ هذَا الشَّعْبَ كَرَجُل وَاحِدٍ، يَتَكَلَّمُ الشُّعُوبُ الَّذِينَ سَمِعُوا بِخَبَرِكَ قَائِلِينَ: 16لأَنَّ الرَّبَّ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُدْخِلَ هذَا الشَّعْبَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي حَلَفَ لَهُمْ، قَتَلَهُمْ فِي الْقَفْرِ. 17فَالآنَ لِتَعْظُمْ قُدْرَةُ سَيِّدِي كَمَا تَكَلَّمْتَ قَائِلاً: 18الرَّبُّ طَوِيلُ الرُّوحِ كَثِيرُ الإِحْسَانِ، يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَالسَّيِّئَةَ، لكِنَّهُ لاَ يُبْرِئُ. بَلْ يَجْعَلُ ذَنْبَ الآبَاءِ عَلَى الأَبْنَاءِ إِلَى الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابعِ. 19اِصْفَحْ عَنْ ذَنْبِ هذَا الشَّعْبِ كَعَظَمَةِ نِعْمَتِكَ، وَكَمَا غَفَرْتَ لِهذَا الشَّعْبِ مِنْ مِصْرَ إِلَى ههُنَا».".

مرة أخرى نرى عظمة موسى أنه يرفض مجده الشخصى ويشفع فى شعبه، فهنا هو يمثل المسيح من جهتين فالمسيح ترك مجده ليصير شفيعاً عن البشر، ومن ناحية أخرى فقول الله أنى أضربهم وأبيدهم وأصيِّرك شعباً أكبر = هذا تم فعلاً مع المسيح فنحن نموت مع المسيح فى المعمودية ونقوم لنصبح شعباً أكبر بل نصبح جسد المسيح. بل كان موسى فى شفاعته، عينه على مجد الله.

أية (16): -

"16لأَنَّ الرَّبَّ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُدْخِلَ هذَا الشَّعْبَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي حَلَفَ لَهُمْ، قَتَلَهُمْ فِي الْقَفْرِ.".

تقول الشعوب لأن الرب لم يقدر أن يدخل هذا الشعب إلى الأرض. موسى لا يحتمل أن يلحق لإسم الرب أى إهانة من الشعوب الوثنية. ولاحظ أن فرح الوثنيين بهلاك شعب الله هو نفسه فرح الشيطان بموت الإنسان وهلاكه. وكان موت الإنسان تحدى لعقل الله، وفرح الشياطين وشماتتهم أن الله لم يقدر أن يدخلنا لنصيبنا السماوى ولهذا إنبرى عقل الله، اللوجوس، كلمة الله المسيح ليعيد لنا بشفاعته نصيبنا السماوى فكانت شفاعة موسى هنا رمزاً لشفاعة المسيح. ولاحظ هنا فى آية (12، 11): - أن الله لمحبته لموسى يخبره بعزمه على تأديب الشعب كما فعل مع إبراهيم فى موضوع سدوم. هنا الله يعطى موسى فرصة للشفاعة. ولاحظ أن الشعب الأكبر والأعظم هو شعب المسيح.

أية (18): -

"18الرَّبُّ طَوِيلُ الرُّوحِ كَثِيرُ الإِحْسَانِ، يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَالسَّيِّئَةَ، لكِنَّهُ لاَ يُبْرِئُ. بَلْ يَجْعَلُ ذَنْبَ الآبَاءِ عَلَى الأَبْنَاءِ إِلَى الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابعِ.".

هنا نرى تفسير: كيف يحتمل الأبناء ذنب الأباء؟ فهم تاهوا فى البرية مع أبائهم المذنبين لمدة 40 سنة. مثل الأب الذى يخطىء وتضيع نقوده فلا يجد أبناءه طعامهم. ولكن هذه الأية لا تنطبق من الناحية الروحية إلا لو إقتدى الإبن بأبيه (راجع حز 18). وهنا مثلاً دخل الأبناء لأرض كنعان ولم يدخل الأباء.

الأعداد 20-28

الأيات (20 - 35): -

"20فَقَالَ الرَّبُّ: «قَدْ صَفَحْتُ حَسَبَ قَوْلِكَ. 21 وَلكِنْ حَيٌّ أَنَا فَتُمْلأُ كُلُّ الأَرْضِ مِنْ مَجْدِ الرَّبِّ، 22إِنَّ جَمِيعَ الرِّجَالِ الَّذِينَ رَأَوْا مَجْدِي وَآيَاتِي الَّتِي عَمِلْتُهَا فِي مِصْرَ وَفِي الْبَرِّيَّةِ، وَجَرَّبُونِي الآنَ عَشَرَ مَرَّاتٍ، وَلَمْ يَسْمَعُوا لِقَوْلِي، 23لَنْ يَرَوْا الأَرْضَ الَّتِي حَلَفْتُ لآبَائِهِمْ. وَجَمِيعُ الَّذِينَ أَهَانُونِي لاَ يَرَوْنَهَا. 24 وَأَمَّا عَبْدِي كَالِبُ فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَتْ مَعَهُ رُوحٌ أُخْرَى، وَقَدِ اتَّبَعَنِي تَمَامًا، أُدْخِلُهُ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي ذَهَبَ إِلَيْهَا، وَزَرْعُهُ يَرِثُهَا. 25 وَإِذِ الْعَمَالِقَةُ وَالْكَنْعَانِيُّونَ سَاكِنُونَ فِي الْوَادِي، فَانْصَرِفُوا غَدًا وَارْتَحِلُوا إِلَى الْقَفْرِ فِي طَرِيقِ بَحْرِ سُوفَ».

26 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ قَائِلاً: 27«حَتَّى مَتَى أَغْفِرُ لِهذِهِ الْجَمَاعَةِ الشِّرِّيرَةِ الْمُتَذَمِّرَةِ عَلَيَّ؟ قَدْ سَمِعْتُ تَذَمُّرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِي يَتَذَمَّرُونَهُ عَلَيَّ. 28قُلْ لَهُمْ: حَيٌّ أَنَا يَقُولُ الرَّبُّ، لأَفْعَلَنَّ بِكُمْ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ فِي أُذُنَيَّ. 29فِي هذَا الْقَفْرِ تَسْقُطُ جُثَثُكُمْ، جَمِيعُ الْمَعْدُودِينَ مِنْكُمْ حَسَبَ عَدَدِكُمْ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا الَّذِينَ تَذَمَّرُوا عَلَيَّ. 30لَنْ تَدْخُلُوا الأَرْضَ الَّتِي رَفَعْتُ يَدِي لأُسْكِنَنَّكُمْ فِيهَا، مَا عَدَا كَالِبَ بْنَ يَفُنَّةَ وَيَشُوعَ بْنَ نُونٍ. 31 وَأَمَّا أَطْفَالُكُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ يَكُونُونَ غَنِيمَةً فَإِنِّي سَأُدْخِلُهُمْ، فَيَعْرِفُونَ الأَرْضَ الَّتِي احْتَقَرْتُمُوهَا. 32فَجُثَثُكُمْ أَنْتُمْ تَسْقُطُ فِي هذَا الْقَفْرِ، 33 وَبَنُوكُمْ يَكُونُونَ رُعَاةً فِي الْقَفْرِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَيَحْمِلُونَ فُجُورَكُمْ حَتَّى تَفْنَى جُثَثُكُمْ فِي الْقَفْرِ. 34كَعَدَدِ الأَيَّامِ الَّتِي تَجَسَّسْتُمْ فِيهَا الأَرْضَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، لِلسَّنَةِ يَوْمٌ. تَحْمِلُونَ ذُنُوبَكُمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَتَعْرِفُونَ ابْتِعَادِي. 35أَنَا الرَّبُّ قَدْ تَكَلَّمْتُ. لأَفْعَلَنَّ هذَا بِكُلِّ هذِهِ الْجَمَاعَةِ الشِّرِّيرَةِ الْمُتَّفِقَةِ عَلَيَّ. فِي هذَا الْقَفْرِ يَفْنَوْنَ، وَفِيهِ يَمُوتُونَ». ".

نرى هنا طريقة الله. الله صفح لكن هناك تأديب ينبغى أن يتم لهذا الشعب. وجميلة هى معاملات الله، فالله يؤدبهم بحرمانهم من أرض الميعاد وبموتهم فى البرية لكنه لم يتركهم وظل يقودهم. ولماذا يشتكى يشوع وكالب من توهانهم وهم أمناء إذا كان الله معهم فى البرية. فالله يؤدب أبناءه لكنه لا يتخلى عنهم ويفارقهم. ولاحظ أن فى رد الله على موسى تشديد، وهو لن يغير قراره، وإلا لما أتى التأديب بثماره. ولكن شفاعة موسى أفلحت فى عدم هلاكهم فى التو واللحظة، وفى أن الله صفح لكن على أن يكمل تأديب الشعب. وحين يستعلن الله قوته وصفحه وقداسته تملأ الأرض كلها من مجده. فكما أن مجد الله يظهر فى الصفح فهو يُظهر مجده أيضاً فى عدم قبوله للخطية وعقوبته للأشرار (مز 8: 99) = فتملأ كل الأرض من مجد الرب.

أية (22): -

"22إِنَّ جَمِيعَ الرِّجَالِ الَّذِينَ رَأَوْا مَجْدِي وَآيَاتِي الَّتِي عَمِلْتُهَا فِي مِصْرَ وَفِي الْبَرِّيَّةِ، وَجَرَّبُونِي الآنَ عَشَرَ مَرَّاتٍ، وَلَمْ يَسْمَعُوا لِقَوْلِي،".

جربونى عشر مرات = غالباً عشر مرات أى عدد كامل بمعنى أنهم جربونى كثيراً ورقم 10 هو رقم الوصايا أى هم كسروا كل الوصايا. وراجع (خر 12، 11: 14 + 23: 15 + 2: 16 + 1: 17 + خر 32 + عد 4، 1: 11) وكونهم حجزوا للمن لصباح الغد (خر 20: 16) وذهبوا فى السبت لجمع المن.

أية (24): -

"24 وَأَمَّا عَبْدِي كَالِبُ فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَتْ مَعَهُ رُوحٌ أُخْرَى، وَقَدِ اتَّبَعَنِي تَمَامًا، أُدْخِلُهُ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي ذَهَبَ إِلَيْهَا، وَزَرْعُهُ يَرِثُهَا.".

عبدى كالب... يرثها = قطعاً فكالب دخل مع يشوع. ولكن هذه الآية لها رنين خاص فكالب من سبط يهوذا. وهو رمز للمسيح الذى جعلهُ وارثاً لكل شىء (عب 2: 1). ونرى هنا شرط دخول كنعان السماوية ألا وهو الإيمان، كإيمان كالب.

أية (25): -

"25 وَإِذِ الْعَمَالِقَةُ وَالْكَنْعَانِيُّونَ سَاكِنُونَ فِي الْوَادِي، فَانْصَرِفُوا غَدًا وَارْتَحِلُوا إِلَى الْقَفْرِ فِي طَرِيقِ بَحْرِ سُوفَ».".

العمالقة ساكنون فى الوادى = هنا تظهر رحمة الله وأبوته فهو يؤدب، ولكنه ها هو يتجسس لهم اماكن أعدائهم ليحميهم، حتى لا يقعوا فى أيديهم. وكلمة ساكنون هنا تعنى إقامة وقتية. فغالباً هم سمعوا بوجودهم فخرجوا ليضربوهم وكمنوا لهم فى الوادى والله يطلب منهم أن يسيروا فى طريق آخر فى طريق بحر سوف حتى لا يقعوا فى الشرك. فالعمالقة والكنعانيين كما يظهر من آية 43 ساكنين فى الجبل ولكنهم هنا فى الوادى فى كمين للشعب.

الأعداد 29-36

الأيات (29 - 31): -

"29فِي هذَا الْقَفْرِ تَسْقُطُ جُثَثُكُمْ، جَمِيعُ الْمَعْدُودِينَ مِنْكُمْ حَسَبَ عَدَدِكُمْ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا الَّذِينَ تَذَمَّرُوا عَلَيَّ. 30لَنْ تَدْخُلُوا الأَرْضَ الَّتِي رَفَعْتُ يَدِي لأُسْكِنَنَّكُمْ فِيهَا، مَا عَدَا كَالِبَ بْنَ يَفُنَّةَ وَيَشُوعَ بْنَ نُونٍ. 31 وَأَمَّا أَطْفَالُكُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ يَكُونُونَ غَنِيمَةً فَإِنِّي سَأُدْخِلُهُمْ، فَيَعْرِفُونَ الأَرْضَ الَّتِي احْتَقَرْتُمُوهَا.".

كانت عقوبة الشعب هى خطيتهم نفسها، فهم قالوا لا ندخل أرض الميعاد وهى نفس العقوبة التى وقعت عليهم. وأولادهم الذين خافوا عليهم هم دخلوا. وكان فنائهم فى القفر حتى ينتهى ذلك الجيل الذى تعود العبودية فى مصر "من ينقذنى من جسد هذا الموت". ومن هنا نرى الشرط الثانى لدخول أرض الميعاد، وهو الحرية والتخلص من العبودية للخطية. والشرط الأول كان الإيمان (آية 24).

آية (34): - "34كَعَدَدِ الأَيَّامِ الَّتِي تَجَسَّسْتُمْ فِيهَا الأَرْضَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، لِلسَّنَةِ يَوْمٌ. تَحْمِلُونَ ذُنُوبَكُمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَتَعْرِفُونَ ابْتِعَادِي.".

سؤال لنا!! كم من السنين فى العقوبة تقابل الأيام التى نعيشها فى الخطية.

أية (35 - 36): - "35أَنَا الرَّبُّ قَدْ تَكَلَّمْتُ. لأَفْعَلَنَّ هذَا بِكُلِّ هذِهِ الْجَمَاعَةِ الشِّرِّيرَةِ الْمُتَّفِقَةِ عَلَيَّ. فِي هذَا الْقَفْرِ يَفْنَوْنَ، وَفِيهِ يَمُوتُونَ. 36أمَّا الرِّجَالُ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ مُوسَى لِيَتَجَسَّسُوا الأَرْضَ، وَرَجَعُوا وَسَجَّسُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْجَمَاعَةِ بِإِشَاعَةِ الْمَذَمَّةِ عَلَى الأَرْضِ،".

العدد 37

أية (37): -

"37فَمَاتَ الرِّجَالُ الَّذِينَ أَشَاعُوا الْمَذَمَّةَ الرَّدِيئَةَ عَلَى الأَرْضِ بِالْوَبَإِ أَمَامَ الرَّبِّ.".

ضربة واضحة لمن كانوا السبب حتى يفهم الباقين الدرس. الوبأ = ضربة مفاجئة.

الأعداد 38-39

الأيات (38 - 39): -

"38 وَأَمَّا يَشُوعُ بْنُ نُونَ وَكَالِبُ بْنُ يَفُنَّةَ، مِنْ أُولئِكَ الرِّجَالِ الَّذِينَ ذَهَبُوا لِيَتَجَسَّسُوا الأَرْضَ، فَعَاشَا. 39 وَلَمَّا تَكَلَّمَ مُوسَى بِهذَا الْكَلاَمِ إِلَى جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَكَى الشَّعْبُ جِدًّا.".

العدد 40

أية (40): -

"40ثُمَّ بَكَّرُوا صَبَاحًا وَصَعِدُوا إِلَى رَأْسِ الْجَبَلِ قَائِلِينَ: «هُوَذَا نَحْنُ! نَصْعَدُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ الرَّبُّ عَنْهُ، فَإِنَّنَا قَدْ أَخْطَأْنَا».

هى طبيعة العصيان التى فينا حين يقول الرب إصعدوا لا يصعدوا، وحين يقول لا تصعدوا يصعدوا. عجيب أن يتصور إنسان أنه له فهم أفضل من الله.

ملحوظة: - كالب يدعى القنزى وكلمة قنز تشبه قنص فى العربية بمعنى صياد. فالقنزيين = صيادين.

الأعداد 41-45

الأيات (41 - 45): -

"41فَقَالَ مُوسَى: «لِمَاذَا تَتَجَاوَزُونَ قَوْلَ الرَّبِّ؟ فَهذَا لاَ يَنْجَحُ. 42لاَ تَصْعَدُوا، لأَنَّ الرَّبَّ لَيْسَ فِي وَسَطِكُمْ لِئَلاَّ تَنْهَزِمُوا أَمَامَ أَعْدَائِكُمْ. 43لأَنَّ الْعَمَالِقَةَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ هُنَاكَ قُدَّامَكُمْ تَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ. إِنَّكُمْ قَدِ ارْتَدَدْتُمْ عَنِ الرَّبِّ، فَالرَّبُّ لاَ يَكُونُ مَعَكُمْ». 44لكِنَّهُمْ تَجَبَّرُوا وَصَعِدُوا إِلَى رَأْسِ الْجَبَلِ. وَأَمَّا تَابُوتُ عَهْدِ الرَّبِّ وَمُوسَى فَلَمْ يَبْرَحَا مِنْ وَسَطِ الْمَحَلَّةِ. 45فَنَزَلَ الْعَمَالِقَةُ وَالْكَنْعَانِيُّونَ السَّاكِنُونَ فِي ذلِكَ الْجَبَلِ وَضَرَبُوهُمْ وَكَسَّرُوهُمْ إِلَى حُرْمَةَ.".

سؤال للتأمل... أما كان الله قادر أن يُهلك أهل كنعان ويدخل الشعب دون حرب أومقاومة؟ وأما كان الله قادر أن يهلك الشيطان ويخفيه بعد الصليب؟

ولكن هذا ليس أسلوب الله... فعلينا بالجهاد والله يعطى نعمة ومعونة. وهذا ما إختبره أبناؤهم بعد ذلك فى دخولهم إلى كنعان. والآن الله قيَّد الشيطان ويقودنا فى جهادنا ضده، وهذا هو قانون الحرية "فأنا بحريتى أختار الله أو أقبل عروض الشيطان أى ملذات هذا العالم".

وجهادنا يتلخص فى رفض عروض الشيطان والتمسك بشدة بالمسيح "الذى خرج غالبا (فى الصليب) ولكى يغلب (فينا)" حينئذ أجد النعمة تساندنى (بهذا يغلب المسيح فينا)، وهذا النوع من الإيمان أى أن أرفض الخطية معتمدا على أننى سأجد معونة هو ما يسميه القديس يعقوب فى رسالته الإيمان الحى.

ولاحظ أن اليهود هنا كان إيمانهم من النوع الذى قال عنه القديس يعقوب أنه إيمان ميت. فلم يصدقوا = لم يؤمنوا أن الله سيساعدهم ضد الكنعانيين. فهلكوا لأن إيمانهم ميت، وأما أبنائهم فدخلوا لأن إيمانهم كان إيمان حى.

ورأينا هنا هزيمتهم أمام الكنعانيين وهذه تشير لأن عدم الإيمان أو نقص الإيمان يجعلنا بلا قوة أمام حروب الشياطين. ونتعلم من (أف6: 16) أن ترس الإيمان هو سلاح من أسلحة حروب الشياطين.

.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الخامس عشر – وصايا للتقديس - سفر العدد - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الثالث عشر – التجسس على كنعان - سفر العدد - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر العدد الأصحاح 14
تفاسير سفر العدد الأصحاح 14