الأصحاح الثالث – سفر التكوين – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر التكوين – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأصحاح الثالث

مقدمة من كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة.

خطية آدم وحواء هي خطية مركبة: -.

  1. هي خطية عصيان ومخالفة: - فالله أنذرهم وخالفوا فهي ليست خطية بجهل.
  2. هي خطية معاشرات رديئة: - حوار مع الحية، وتستمر حواء في الحوار بينما الحية تشكك في كلام الله.
  3. هي خطية شك وعدم محبة: - الشك في صدق كلام الله. والشك أيضا في المحبة (يو 14: 21).
  4. هي خطية إنقياد: - إنقياد للشر ضد كلام الله، فيها حواء إنقادت للحية وآدم لحواء.
  5. هي خطية ضعف إيمان: - حواء قبلت كلام الحية أكثر من كلام الله فالحية قالت "لن تموتا".
  6. هي خطية إستهانة وعدم خوف الله: - لأنهما قد مدا أياديهما وأكلا.
  7. هي خطية شهوة: - فالشجرة كانت شهية للنظر. أصبحت النظرة للشجرة مُشَبَّعة بشهوة.
  8. هي خطية كبرياء: - أرادا أن يصيرا مثل الله "هي نفس سقطة الشيطان" إش 14: 14.
  9. هي خطية معرفة مخربة: - هي معرفة الشر وإختباره "الذي يزداد علماً يزداد غماً".
  10. هي خطية طلب المعرفة من غير الله: - كان يجب أن يكون الله هو المعلم والمرشد الوحيد.
  11. هم حفظوا الوصية عقلاً وليس عملاً.
  12. عدم القناعة: - فكان أمامهم كل شجر الجنة ولم يكتفوا به.

وخطايا بعد السقوط هى:

  1. إعثار الآخرين: - فحواء أعطت رجلها أيضاً.
  2. عدم الإعتراف والشعور بالخطأ: - فكل يبرر موقفه بلا إقرار بالذنب وبلا إدانة للنفس.
  3. محاولة تبرير النفس وإلقاء التبعة علي الأخرين.
  4. إلقاء التبعة علي الأخرين فيه عدم محبة لهم. فآدم يرجع السبب في خطيته لله ولحواء.
  5. عدم اللياقة في الحديث: - المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني ".
  6. فقدان البساطة: فدخل الخجل لحياتهما وعرفا أنهما عريانين. وصار هناك الحلال والحرام. الخير والشر، ما ينبغي وما لا ينبغي. لقد تشوه فكر الإنسان بمعرفة الشر.
  7. صارت هناك شهوة للمعرفة من طريق آخر غير الله بعد أن كان الله هو المعلم الوحيد.
  8. تغطية الخطية بأوراق التين: - القلب صار فيه فساد ولكن هي محاولة للتستر من الخارج ولا فائدة للتغطية سوي بدم المسيح.
  9. الهروب من الله: - إختباء آدم وحواء من الله (مثل من يهرب من الصلاة حين يخطئ).
  10. الجهل بالله وقدرته: - ظنا في جهلهما أنهما حين يختبئان لا يراهما الله.

هذا الإصحاح نجد فيه خبر سقوط الإنسان وموته نتيجة ذلك فبإنسان واحد دخلت الخطية إلي العالم وبالخطية الموت… رو12: 5.

وسبب السقوط أن عدو الخير حسد الإنسان فأراد أن يهبط به إلي الموت فكان أن إستخدم الحية في خداع الإنسان. وقد يكون إبليس إتخذ له شكل حية فهو يمكنه أن يتخذ.

شكل ملاك نور 2كو14: 11. أو أن إبليس إستخدم الحية. فواضح من نفس الآية 2كو14: 11 أن خدام إبليس يغيرون أشكالهم حتي يخدعوا البسطاء. وهذا يحدث في حياتنا حين يأتينا صديق ردئ ليدعونا لإرتكاب خطية معينة. إذن الحية هي إبليس وراجع رؤ 9: 12. وإبليس إذن قد يستخدم خليقة الله الصالح كوسيلة لتحطيم الإنسان.

العدد 1

أية (1 "- : (

1 وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي عَمِلَهَا الرَّبُّ الإِلهُ، فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ: «أَحَقًّا قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟ » ".

وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ:

الحية تدور وتلتف وتخادع وهكذا إبليس.. وماذا قالت الحية "أحقا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة".

قولها َأَحَقًّا: هي تريد ان تقول ان الله ظالم إذ أمر بهذا وعليكم أن لا تطيعوه.

وقولها مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ: هذا كذب، هي دست الكذب وسط أقوال صادقة. فالله تكلم فعلاً مع آدم وحواء وأعطاهما وصية والوصية كانت أن يأكلا من كل شجر الجنة ولكن شجرة واحدة ممنوعة عنهما. ولكن الكذب هنا أنها إدعت أن الله منعهما من الأكل من كل شجر الجنة حتي تثير المرأة ضد الله. وكما قال المسيح عن الشيطان هو كذاب وأبو الكذاب وهدفه من الكذب والخداع هو هلاك البشر فهو كان قتالاً للناس منذ البدء (يو 44: 8) ولاحظ طريقة إبليس فهو يدخل كذبة صغيرة في وسط كلام صادق.

جزء صدق + جزء خداع = خداع أكثر.

وإذا قبل الإنسان هذا الطعم ودخل في حوار مع إبليس يبدأ إبليس في زيادة الكذب فحواء كان يجب أن تصمت وألا تبادل الحية الحديث "المباحثات الغبية والسخيفة فإجتنبها 2تي 23: 2" طالما هي إكتشفت أن هناك جزء من الكلام به كذب، كان عليها أن تكف ولا تسلم نفسها في أيدي من يتآمر عليها. لكنها طرحت دررها أمام الخنازير مت 6: 7 فداستها الخنازير والتفتت فمزقتها. إبليس لا يقتحم حياتنا بالعنف ولكن نحن الذين نقبل أضاليله فنسمح له بالتسلل إلي أعماقنا. ونحن الذين نسلم له قيادة إرادتنا فيسيطر علي القلب والفكر والحواس وبذلك نسقط تحت عبوديته المرَة.

العدد 2

أية (2 "- : (

2فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لِلْحَيَّةِ: «مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأْكُلُ، ".

العدد 3

آية (3: ( -

"3 وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ لِئَلاَّ تَمُوتَا»".

قولها َلاَ تَمَسَّاهُ: هو زيادة في الكلام تظهر الله بمظهر المتشدد (مبالغة في الكلام).

لِئَلاَّ تَمُوتَا: هو تشكيك في قرار الله الذي قال "موتاً تموتا" بالتأكيد. إذن المرأة سايرت الحية في الإستخفاف بكلام الله والإستهانة به: هذه ثمرة معاشرة الأشرار… إذاً في مجلس المستهزئين لا نجلس. إذاً بدأت المرأة هنا تستجيب للخداع بأن أظهرت الله في موقف المتشدد وشككت في قراراته. لذلك فهي أعطت الفرصة للحية بأن يكون هناك المزيد من التشكيك.

طريقة الشيطان المستمرة مع الإنسان: -.

  1. تشكيك في محبة الله مدعياً أن الوصية ثقيلة: فإذا وافق الإنسان وتبرم وتذمر.
  2. يقدم إقناعات ويسهل طريق الخطية لعقل الشخص 2 كو11: 3.
  3. مخاطبة الشهوة وإثارة الحاجة إليها: ثم دفع الإنسان المستسلم للسقوط.
  4. ترك الإنسان للموت واليأس.

الأعداد 4-5

الآيات (4 - 5: ( -

"4فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا! 5بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ».".

«لَنْ تَمُوتَا!.... تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ».

الشيطان لا يملك سوي أن يقدم وعوداً كاذبة. "لن تموتا… تنفتح أعينكما… تكونان كالله" لكن الله لا يقدم وعود بل هو الذي خلق كل شئ لأجلي وإبليس لم يعطني شئ سوي الكذب. وحتي المعرفة التي يدعي إبليس أن الإنسان سيحصل عليها هي معرفة وإختبار شريرين لا يجد الإنسان من ورائهما إلا الغم "من إزداد علماً إزداد غماً".

ولاحظ كبرياء الإنسان الذي يريد أن يكون كالله. ورداءة فكر الإنسان أن ينظر للشيطان كمحل ثقة أكثر من الله، مع أن الله أظهر إرادته الحسنة بأعماله. مع أنه كان يليق بالإنسان أن يدرك العدو من كلامه المناقض لأقوال الله. حقا قال أغسطينوس القائد (الله) يقدم وصيته للحياة والمهلك (إبليس) يقترح خدعة ليهلك، وذلك بتصوير أن وصية الله فيها حرمان من الملذات، بينما ان هذه الملذات هي طريق الفرح وهذا حق لنا.

العدد 6

أية (6

- : ( "6فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ، وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ، وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ، وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضًا مَعَهَا فَأَكَلَ.".

حوربت حواء بالشهوة وراجع 1يو2: 15 - 17 وراجع يع 14: 1 - 16.

شهوة الجسد أو البطن: كانت الشجرة جيدة للأكل في نظرها = فرأت.

شهوة العين: كانت الشجرة = بهجة للعيون، شهية للنظر.

تعظم معيشة وطمع: = تكونان كالله.

ونفس الخطايا حورب بها المسيح.

شهوة البطن: قل أن تصير هذه الحجارة خبزاً "مت 3: 4".

شهوة العين: أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي مت 9: 4.

تعظم المعيشة: إن كنت إبن الله فإطرح نفسك لأسفل.

وما نجح فيه المسيح فشل فيه آدم وحواء "إذ أن المسيح رد علي الشيطان بأقوال الله دون أن يحرفها، أما حواء فقد حرفت في كلام الله فسقطت".

فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا: الشيطان لا يمكن له ولا سلطان له إلا أن يغوي فقط. لكن ليس له سلطان أن يضع الثمرة في فم المرأة. بل هي فعلت "أنا أختطفت لي قضية الموت".

وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا: فقدت حواء رسالتها الأصلية كمعينة وصارت فخاً لرجلها ومحطمة لحياته.

العدد 7

أية (7 - : ( "

7فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ. ".

خَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ:

فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَان هذا يعني أن الإنسان بالخطية يدرك أنه دخل إلي حالة من الفساد تظهر خلال أحاسيس الجسد وشهواته التي لا تضبط. بهذا يدخل الإنسان في معرفة جديدة، هي خبرة الشر الذي إمتزج بحياته وأفسد جسده تماماً، هو تعرف علي جسده الذي صار عنيفاً في الشر بلا ضابط. هما صارا عريانين إذ فقدا النعمة التي حفظتهما من خزي عري الجسد. وحاولا أن يستترا فلم يجدا سوي أوراق التين. وخياطة أوراق التين تشير لمجهود الإنسان الذي لا يستر فهو ليس كافياً بدون نعمة المسيح. فهما فقدا رداء الفضيلة والبراءة والمجد والفرح وصارا في عوز للكرامة بل للحكم المنطقي فهما حاولا الإختباء من الله الذي يري كل شئ بعد أن كان آدم مثال للحكمة والسلطان.

أوراق التين أصبحت تشير للبر الذاتي، وكل مجهود لتبرير أخطائي هو ورق تين.

عندما خلق الله آدم كان يحب الله لأنه مخلوق على صورة الله والله محبة. ولأن هناك محبة متبادلة بين آدم والله كان آدم يحيا فى جنة الفرح (عدن = فرح). ولما خُلقت حواء استمرا كلاهما فى النظر نحو الله وكانا يحبان الله فاستمرا فى حالة الفرح أى إستمرا فى الجنة.

وعندما سقطا صارا ينظران لبعضهما فانشغلا بجسديهما ونسيا النظر لله، بل هم إختبآ من الله فما عادا يرياه، فقلَّ الحب، فضاع منهما الفرح وهذا معنى أنهما طردا من الجنة. فدخل الحزن إلى العالم. وحينما فقدا الفرح، إذ بدات محبة الله تبرد في قلوبهم اذ صاروا لا يرونه. فحولوا طاقة الحب التي كانت داخلهم إلي الإهتمام بأجسادهم. فإستبدلوا الفرح باللذة الحسية. وللآن فهذا هو خداع ابليس أن الفرح هو اللذة. ولكن شتان الفارق بين عطية الله وعطية الجسد. فاللذة ثوان عابرة يعقبها حزن، بينما الفرح دائم، بل ينتصر علي أي ألم خارجي "لا ينزع أحد فرحكم منكم" (يو 16: 22). وهل تستطيع الملذات الحسية ان تعطي فرحا لإنسان مهدد بالموت. لذلك فبولس الرسول الذي يقول أن الزواج مكرم (عب 13: 4) + (1 كو 7: 2 - 4) يعود ويطلب في الآية التالية مباشرة، الامتناع لفترة يقضيها الزوجان في الصوم والصلاة (1كو7: 5) وواضح انه يطلب هذا من كل المؤمنين ليتفرغوا لله محولين طاقة الحب داخلهم إلي الله، فيتذوقوا الفرح الحقيقي بدلا من اللذة الحسية.

وبعد الفداء صحح الله الوضع فجاء الروح القدس ليسكب محبة الله فى قلوبنا (رو5: 5) وبذلك صارت ثمار الروح القدس محبة فرح... وبهذا كان من ثمار الفداء إستعادة الحالة الفردوسية. ولهذا طلب الرسول منا أن نمتلئ من الروح لنفرح بدلا من الخمر أي الملذات العالمية. وطريقة الإمتلاء شرحها الرسول في الآيات الآتية (أف 5: 18 – 21).

العدد 8

أية (8 - : ( "

8 وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلهِ مَاشِيًا فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ، فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ. ".

قابل الإنسان حب الله بالعصيان. وقابل الله عصيان الإنسان بالحب حتي يرجع له الإنسان.

صَوْتَ الرَّبِّ: الصوت لا يمشي، لكننا نسمع هنا أن صوت الله كان ماشياً. إذاً هو كلمة الله، الإبن الوحيد الجنس الذي جاء مبادراً بالحب ليقتنص الإنسان الساقط ويقيمه (عب 16: 2).

مَاشِيًا: الكلمة العبرية تفيد أنه يمشي للمسرة، فهذا هو فرح الله أن يخلص الإنسان بإبنه.

عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ: كلمة ريح وكلمة روح بالعبرية هي كلمة واحدة. والمعني أن الروح القدس هو الذي يعطينا معرفة المسيح الكلمة نور العالم: ريح النهار فبنورك يارب نعاين النور ولاحظ أن الله لم ينتظر الإنسان ليأتي إليه معتذراً عن خطاياه، بل تقدم هو له بالحب يجتذبه ليعرف خطاياه ويعترف بها.

هنا نرى أول عمل للثالوث القدوس فى عمل الخلاص للانسان. فالآب يرسل صوته (كلمته) وروحه لآدم. وهذا ما رأيناه يوم عماد المسيح فى الاردن. ولذلك نسمع هنا عن الفرح فى كلمة ماشيا = هذا هو ابنى الحبيب الذى به سررت.

العدد 9

أية (9 "

- : (9فَنَادَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيْنَ أَنْتَ؟ ». ".

أَيْنَ أَنْتَ؟

هذه لا تعني أن الله يسأل عن مكانه بل عن حاله، فهو صار ضائعاً مفقوداً من الشركة مع الله. والله يسأل آدم ليستدرجه للإعتراف كما عمل مع السامرية، لذلك هو لم يسأل الحية فلا رحمة للشيطان لأنه لن يتوب. هنا صوت الله يبحث عن خروفه الضال. هذا سؤال الله لكل خاطئ ومعناه "لماذا صرت بعيداً عني" فآدم كان يسعي قبل ذلك للقاء الله والآن يختبئ! لو عرف كل خاطئ أين هو من الله بعد أن ترك حضنه، وأنه بإنصرافه عن الله صار في مزبلة لرجع فوراً. ومع هذا فمن محبة الله أنه يريد أن يدخل في حوار مع الإنسان، ويكشف له أن خطيته جعلته غير مستحقاً أن يكون موضع معرفة الله وأنه بالخطية صار مختفياً عن النور الإلهي "الله صار لا يعرفه معرفة الصداقة والشركة معه".

العدد 10

أية (10

"- : (10فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ».".

يتضح أن آدم فهم سؤال الله أنه ليس سؤال عن المكان بل عن حاله "لماذا هو مختبئ" وواضح أن الخوف والخشية دخلا نتيجة الخطية، فالظلمة لاتطيق معاينة النور (1يو 17: 4، 18).

وإختباء آدم من وجه الله يساوي هروب يونان من الله وكلاهما جهل فالخطية تعمي نظر العقل. والإنسان إذ طلب المعرفة خلال خبرة الشر إظلمت عيناه فإختبأ من وجه الرب وإبتعد عن معرفة الله النقية (إر 27: 2). الإنسان لم يعد يستطيع أن يعاين الرب لا لأن الرب مرعب ومخيف، وإنما لأن الإنسان في شره فقد صورة الله الداخلية التي تجتذبه بالحب نحو خالقه محب البشر، فصار الله بالنسبة له مرعباً ودياناً للخطاة. فالعيب في الإنسان الذي فقد نقاوة طبيعته وهذا هو سر خوفنا من الموت الآن. بل إن الله من محبته تواري عن الإنسان فآدم لم يعد يحتمل نور الله، وحتي لا يموت الإنسان.

العدد 11

أية (11 "- : (

11فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟ » ".

الأعداد 12-13

الأيات (12 - 13): -

"12فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ». 13فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟ » فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ».".

كان قصد الله أن يعترف الإنسان بخطيته ولكن هذا لم يحدث، بل برر الإنسان نفسه وألقي اللوم علي الغير. وربما يكون جواب حواء أفضل من جواب آدم إذ هي تقر بأنها خدعت وعيب أن آدم وهو رأس المرأة يختبئ وراء إمرأة كان المفروض أنها هي تمتثل به وتتعلم منه. ونلاحظ أن الله لم يدخل في حوار مع الحية (إبليس) فهو لا أمل له في الخلاص.

الأعداد 14-15

الأيات (14 - 15: ( -

"14فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. 15 وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ».".

لعنة الحية:

  1. هذه اللعنة موجهة لإبليس في الحقيقة فهو الذي صار مكروها من كل الناس.
  2. واللعنة موجهة للحية كأداة أعثر بها الشيطان الآخرين. والله بهذا يشرح لنا أن عقوبة من يعثر الآخرين كبيرة. والله هنا يستخدم الحية كوسيلة شرح كما لعن المسيح التينة.
  3. الله يعاقب الحية لأنها كانت الأداة في الخطية، هكذا الجسد لأنه أداة الخطية لابد وان يعاقب مع النفس يوم الدينونة. وهذه الفكرة نجدها أيضاً في عقوبة الثور الذي ينطح إنساناً فيقتله، فكان لابد من قتل الثور (خر29، 28: 21).
  4. هناك إحتمال بأن الحية كان لها قبل اللعنة أرجل تمشي عليها وترفع نفسها عن الأرض، ولكن المهم أن الآن الحية تسعي علي بطنها وتلحس التراب أو هي تحصل علي طعامها ملوثاً به. هكذا كل إنسان يقبل أن يكون أداة للعدو الشرير يصير كالحية، يسعي علي بطنه محباً للأرضيات، ليس له أقدام ترفعه عن التراب، ولا أجنحة تنطلق به فوق الزمنيات والأرضيات الفانية. يصير محباً لأن يملأ بطنه بالتراب. وإذ يملأ نفسه بالتراب يصير هو نفسه تراباً أي مأكلاً للحية. ياليت لنا أجنحة الروح القدس نرتفع بها عن الأرضيات للسماء.
  5. والشيطان بعد أن كان جميلاً قبل سقوطه صار كريهاً. وأكل التراب رمز للدناءة.
  6. صارت العداوة دائمة بين الشيطان (الحية) وبين الإنسان فالحية دائما تعض الإنسان في قدمه والإنسان يقتل الحية بضرب رأسها. ولاحظ ان الإنسان والحية كانا قد إتفقا في الشر والنتيجة كانت كراهية وقطيعة بينهما فالكراهية والقطيعة مصاحبان للخطية.

البركة داخل اللعنة: "حولت لي العقوبة خلاصاً.. القداس الغريغوري".

نجد داخل الكلمات التي لعن بها الله الحية بركات كثيرة للإنسان.

  1. نسل المرأة: هو المسيح... إذن هي نبوءة بتجسد المسيح. ولم يقل نسل الرجل فهو ولد من العذراء بدون زرع بشر. لذلك رجع لوقا بنسب المسيح إلي آدم ليظهر أن نسله سحق رأس الحية. وكان كل القدماء من الأباء ينتظرون مسيا حتي السامرية توارثت هذا الرأي (يو4). ووجدوا في مصر صورة للإله "هاو" يسحق رأس حية.
  2. تسحق عقبه: هذه تشير لألام المسيح ومعاناته التي لحقت بطبيعته البشرية. فالشيطان أقنع اليهود بإضطهاد المسيح وصلبه وأقنع بطرس بإنكاره. وكل هذا ليعطل الخلاص.
  3. يسحق رأسك: راجع رؤ 20: 16 + لو17: 10 - 20 المسيح بصليبه سحق إبليس كو15، 14: 2.

+ إذن نجد في نفس الكلمات لعنة للشيطان وبركات للإنسان. وهذه تشبه نار ناحية الشعب تضئ لهم ليلاً وسحابة تجاه المصريين تظللهم (خر 20: 14).

+ ولاحظ أن سحق رأس الشيطان يشير لحيله وأفكاره وخبثه.

+ نجد في هذه الآيات أول وعد بالخلاص.

+ مازالت الحية تسحق عقب كل من يقبل أن ينزل من الحياة السماوية.

العدد 16

أية (16: ( - "

16 وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ». ".

تأديب المرأة:

  1. يلاحظ أن أتعاب المرأة في ولادتها أكثر من أي خليقة أخري.
  2. الله وضع الزواج ليكون الرجل رأس المرأة يفيض عليها من حبه وهي تخضع له بالمحبة ولكن يبدو في هذا الكلام أنه نوع من الرياسة والخضوع حتي يقود المرأة للتواضع والتوبة.
  3. إلي رجلك يكون إشتياقك: لشعورها بالضعف المستمر وإحتياجها للحماية. ونلاحظ أن إشتياق المرأة للرجل دفعها للتغلب علي المخاوف من الولادة وأتعابها وحتي لا ترفض الزواج. وأيضا كون الرجل يسود عليها أعطي أن يكون للبيت رأس واحد.

البركة داخل العقوبة:

  1. رأينا سابقا ان العقوبة أثمرت عن وجود رأس واحد للأسرة. وإستمرارية الحياة بالنسل..
  2. إلي رجلك يكون إشتياقك: الرجل هنا يشير للمسيح والمرأة تشير للكنيسة وهي تشتاق له.

3. يسود عليك: بالحب وبصليبه. وهي تشتاق لمجيئه عبر العصور.

4. أتعاب حبلك: غل 19: 4. فنري هنا الكنيسة وخدامها يتألمون لكي يولد أي مؤمن، ويفرحون بعد أن يتوب هذا المؤمن، ألامهم هي جهادهم معه وصلواتهم لأجل توبته.

الأعداد 17-19

الأيات (17 - 19: ( -

"17 وَقَالَ لآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. 18 وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. 19بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ».".

تأديب الرجل:

  1. لعنة الأرض: تعني أنها لم تعد سخية في عطائها بل صارت قاسية لا تعطي إلا بالتعب.
  2. أكل الخبر بعرق الوجه يشير لأن العمل لم يعد لذة بل صار تعباً.
  3. الأرض تنبت شوكاً وحسكاً: أي عقوبتها الحريق عب 8: 6. والشوك يشير لأن آدم كان يجد في عمله آلاماً توخزه. والأمراض والأحزان هي شوك وحسك.
  4. أكل عشب الحقل: كان العشب طعام الحيوانات فصار طعاماً للإنسان. وهذا ما حدث مع نبوخذ نصر فرفع عينيه للسماء. فهذه العقوبة تشير لأن الله يريد أن نرفع أعيننا للسماء ونعرف أن هذه الأرض ليست مكاننا ولا فيها راحتنا، بل كلها تعب وأشواك وحسك وهي ملعونة فلا نشتاق أن نحيا فيها للأبد.
  5. إلي التراب تعود: هي عقوبة الموت. أما من إشتاق للسماء وعاش في السماويات. فيسمع الصوت أنت عشت في السماويات فللسماء تعود، هذا عمل نعمة.

بركات داخل العقوبة:

هذه اللعنة للأرض والألام والأتعاب التي يعاني منها الإنسان صارت تدفعه للإشتياق للخلاص من أتعاب هذا العالم حتي يذهب للراحة. بل الموت نفسه صار طريقاً للخلاص من هذا الجسد ومن شهواته (رو24: 7) وصارت السماء شهوة (في23: 1) بل العمر القصير صار بركة حتي لا يعتمد الإنسان علي طول عمره فيحيا في الخطية، بل يكون مستعداً دائماً.

ماذا حمل المسيح عنا:

قبل المسيح عنا كل آثار الخطية، وحمل كل ما كان يجب علي آدم أن يحتمله.

(رو 12: 5 - 20).

  1. اللعنة: المسيح قبل اللعنة "ملعون كل من علق علي خشبة" وصار لعنة لأجلنا.

(غل 13: 3).

  1. التعب: المسيح صار رجل أوجاع ومختبر الحزن (أش 3: 53 + عب5: 7).
  2. الشوك: هذا حمله علي رأسه.
  3. الموت: وقد تذوقه المسيح لأجلنا عب 9: 2.
  4. العري: فقد علق المسيح عارياً علي الصليب.
  5. تعب الولادة: هو يتعب ليأتي بالمؤمنين "من تعب نفسه يري ويشبع أش 11: 53.
  6. الخضوع: أطاع المسيح حتي الموت، موت الصليب بل خضع للناموس.

غل 4: 4 + في 8: 2.

  1. العرق: هو عرق دماً في بستان جثسيماني لو 44: 22.
  2. الحزن: صار رجل أحزان أش 3: 53.

العدد 20

أية (20: ( -

"20 وَدَعَا آدَمُ اسْمَ امْرَأَتِهِ «حَوَّاءَ» لأَنَّهَا أُمُّ كُلِّ حَيٍّ.".

أُمُّ كُلِّ حَيٍّ:

كما رأينا فالله حَمَّلَ أيات العقوبات ببركات الخلاص وقد فهم آدم الوعود المتضمنه في هذه الكلمات. وتسمية آدم لإمرأته حواء (من كلمة حياة) هي ختم تصديق علي وعود الله. كما غير الله إسم إبرام إلي إبراهيم كختم تصديق علي الوعد. هو سبق له أن سماها إمرأة والآن يسميها حواء علي الرجاء في وعد الله بمخلص يأتي له بالحياة. ومن نسلها سيأتي المخلص الذي يسحق رأس الحية. فآدم فهم وإستوعب أقوال الله بأن حواء ستصير أماً للمسيح الحي الذي يعطي حياة للكل. وفي آدم نري أباً لكل البشرية وفي حواء نري أماً لكل البشرية. ولذلك من خلالهما سقطنا معهما تحت ذات التأديب حتي جاء آدم الثاني يهب الحياة للمؤمنين وصارت حواء الثانية هي الكنيسة والدة كل المسيحيين.

العدد 21

أية (21: ( - "

21 وَصَنَعَ الرَّبُّ الإِلهُ لآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا ".

الأقمصة الجلدية جاءت من ذبائح.

وفي الذبائح رأي آدم حيوان برئ يموت، ليلبس هو وفهم أهمية الذبيحة أن هناك برئ يموت ليستتر هو. إذاً الأقمصة الجلدية فيها يشرح الله طريقة الحياة، كيف تكون حواء أم كل حي وليست أماً لكل ميت. وبالذبيحة يشرح الله كيف يتحول الموت لحياة.

ونري هنا كيف أن الله يهتم بملبسهم. وإذا وجدنا من يفتخر بملابسه نفكر في أنه يفتخر بعريه وخطيته فبدون الخطية ما كان في حاجة لملبس ولا حماية الملابس.

ونلاحظ أن الله وآدم تقاسما الذبيحة فالله حصل علي اللحم كذبيحة محرقة وآدم حصل علي الجلد يلبسه. والمسيح قدم نفسه ذبيحة محرقة للآب وكسانا برداء بره وسترنا وستر خطايانا كذبيحة خطية.

العدد 22

أية (22: ( -

"22 وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: «هُوَذَا الإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا عَارِفًا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ. وَالآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ أَيْضًا وَيَأْكُلُ وَيَحْيَا إِلَى الأَبَدِ».".

قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا: هذه قد تعتبر أسلوبا تهكمياً فهل صارت معرفة الإنسان كمعرفة الله وهذا ما كان الإنسان يأمله. فالله لقداسته يعرف الشر ويكرهه. أما الإنسان لضعفه فصار يعرف الشر ويشتهيه وهذا هو ما أورثه آدم للبشرية. وكون الإنسان صار كواحد من الثالوث فهذه تعتبر نبوة عن تجسد المسيح الأقنوم الثاني فهو الذي تجسد وصار كواحد منا.

الإنسان لا يستطيع ان يحيا من ذاته للأبد لذلك وضع الله طريقة يحيا بها وهي شجرة الحياة. والآن بعد أن وقعت علي الإنسان عقوبة الموت كان لابد ان يحرم من شجرة الحياة ولكن داخل كل عقوبة هناك بركة. فكان يجب أن يموت آدم حتي يتخلص من جسد الخطية. وصار الموت علاجاً لأنه يضع حداً للشرور. فالله لا يريد للإنسان أن يحيا بجسد شوهته الخطية.

العدد 23

أية (23: ( -

"23فَأَخْرَجَهُ الرَّبُّ الإِلهُ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ الَّتِي أُخِذَ مِنْهَا.".

طرد الإنسان من الجنة.

  1. الله بذلك يعلن عدم رضائه عن تصرف آدم.
  2. هناك مراحم محفوظة للإنسان بعد موته.
  3. خارج الجنة سيقارن بين حاله فيها وحاله خارجها فيتوب ويشتاق لله كما حدث مع الإبن الضال.
  4. إذا قدم توبه يسمع الصوت "تكون معي في الفردوس".

العدد 24

أية (24: ( -

"24فَطَرَدَ الإِنْسَانَ، وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ الْكَرُوبِيمَ، وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ.".

الكاروبيم يمنع الإنسان:

لأنه صارت حالة عدم سلام بين السمائيين والأرضيين لأن الإنسان في حالة تمرد علي الله. وبنفس المفهوم كان هناك كاروبيم علي حجاب قدس الأقداس وصار الكاروبيم شاهداً علي تنفيذ العقوبة حتي جاء المسيح الراكب علي الكروب وشق حجاب الهيكل وصار الصلح بين الأرضيين والسمائيين. بل صار فرح في السماء برجوع خاطئ واحد وتوبته.

بل أن الكاروبيم هذا صار شاهداً علي محبة الله الذي لايريد للإنسان أن يحيا في جسد شوهته الخطية، بل عليه أن يموت أولاً بهذا الجسد ليحصل علي الجسد الممجد بعد ذلك ويحيا للأبد في مجد. فالكاروبيم هو شاهد علي مراحم الله الذي بدمه سوف يستعيد الإنسان مجده وحياته الأبدية فالكاروبيم كانوا فوق تابوت العهد ينظران دم ذبيحة الكفارة علي غطاء تابوت العهد. والدم يعلن غفران الله للشعب حتي لا يهلك الشعب. لذلك دعي الغطاء كرسي الرحمة فى الترجمة السبعينية.

وكما ان الكاروبيم كان شاهداً علي محبة الله وان الله لا يريد ان نحيا في هذا الجسد الذي سكنت فيه الخطية فشوهته، وان الله ينتظر حتي يتمم لنا الفداء ونلبس الاجساد الممجدة. هكذا فالكاروبيم شاهد علي كلمة الله ووعده بأن يأتى المسيح نسل المرأة ليسحق رأس الحية. والسيف في يد الملاك هو كلمة الله النارية أى وعود الله = لهيب سيف. (عب 4: 12).

وهو متقلب = which turned every way.

أي يظهر كلمة الله ووعده لكل الخليقة وكل لسان بأن المخلص آتٍ. أليس هو الملاك الكاروبيم ذو الأربع وجوه (حز 1: 5 – 7 + رؤ 4: 8 – 10). ونحن نري هذه الوعود وتحقيقها في الأربع أناجيل، ورموز الأناجيل كما تعلمنا الكنيسة هي نفسها وجوه الكاروبيم.

لحراسة طريق شجرة الحياة = مما سبق نفهم معنى هذه العبارة، أن هذا الكاروبيم يقف أمام العالم كله شاهدا على مراحم الله وصدق كلمته ووعوده بعودة الإنسان المطرود. وبنفس المعنى نجد أن يوحنا الحبيب رأى حول العرش فى السماء قوس قزح شبه الزمرد، قوس قزح = الله لا يريد إهلاك البشر. الزمرد بلونه الأخضر = هو إشارة للحياة. إذاً المعنى أن الله يُعلن ويُظهر وعوده لكل العالم بأنه يريد الحياة للبشر، وسيفعل والكاروب شاهد على هذه الوعود.

طرد الانسان من الجنة.

جغرافيا فان الجنة هي في أرض العراق كما رأينا من قبل. فما معني طرد آدم من الجنة؟

الجنة كان اسمها جنة عدْن أي الفرح. وبالتالي نفهم ان آدم استمر في ارض العراق ولكنه ما عاد يستمتع بالفرح. فبسبب الخطية ما عاد قادرا أن يعاين الله او يراه فكان أن إختبأ من الله. وبدأ الحب يفتر والفرح يقل. فبحث عن اللذة الحسية عوضا عن الفرح.

وهذا معني انهما علما انهما عريانين ولكن شتان الفرق بين اللذة والفرح. هذا الذي أعاده لنا المسيح بفدائه "أراكم فتفرح قلوبكم" (يو 16: 22) والمسيح أرسل لنا "الروح القدس الذي سكب محبة الله في قلوبنا" (رو5: 5) وأصبح من ثمار الروح المحبة والتي نتيجتها الطبيعية الفرح (غل 5: 22) وبهذا إستعدنا الحالة الفردوسية الاولي.

رأينا فى هذا الإصحاح خطية آدم وهذه الخطية هى الخطية التى توارثها البشر بإسم الخطية الجدية وهى التمرد والعصيان، لقد كان أمام آدم كل شجر الجنة لكنه إختار الشجرة الوحيدة الممنوعة. ودخل للقاموس الإنسانى القول (كل ممنوع مرغوب). وصارت شهوة الإنسان أن يحصل على ما ليس له وهذا ما قاله سليمان الحكيم "المياه المسروقة حلوة وخبز الخفية لذيذ" (أم9: 17). والخطية تعريفها ببساطة أن الإنسان يبحث عما يريده هو وليس ما يريده الله، ولغويا فكلمة خطية تعنى من يخطئ إصابة الهدف فيفقد المكافأة، وروحيا فمن يصر على خطيته بلا توبة يفقد المكافأة التى هى الخلاص ويحرم من معاينة مجد الله (رو3: 23). وبالنسبة لآدم فهو حينما أخطأ فقد الجنة بكل أفراحها وجمالها وما عاد يرى الله ففقد بالتالى ما كان له من مجد وبهاء خلقته الأولى.... إلخ.

إذا فمعنى طرد الإنسان = ما عاد يرى الله ففقد صورة المجد فالمجد هو إنعكاس مجد الله عليه / فقد الحياة الأبدية ومات / فقد حالة الفرح..... إلخ. وراجع فى مقدمة سفر التكوين موضوع نتائج الخطية.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الإصحاح الرابع - سفر التكوين - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الثاني - سفر التكوين - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر التكوين الأصحاح 3
تفاسير سفر التكوين الأصحاح 3