الأصحاح الأول – سفر التكوين – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر التكوين – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المقدمة

أولا: اسمه.

ثانيا: كاتبه.

ثالثا: زمن كتابته.

رابعًا: مكان كتابته.

خامسًا: أغراضه.

سادسًا: سماته.

سابعًا: نبواته.

ثامنًا: رموزه.

تاسعًا: أقسامه.

أولا: اسمه:

سمي في اليونانية (الترجمة السبعينية) بالتكوين، لأن فيه ذكر بدء تكوين العالم والإنسان والسقوط فهو سفر البدايات. أما في العبرية فيسمى بأول كلماته وهي في البدء.

ثانيا: كاتبه:

موسى النبي كما أثبتنا في مقدمة الأسفار الخمسة.

ثالثا: زمن كتابته:

كتبه حوالي عام 1450 ق. م. قبل قيادة شعب الله وإخراجهم من مصر أو بعد ذلك بقليل أي بعد استلامه لوحى الشريعة.

رابعًا: مكان كتابته:

أرض مديان حيث كان يرعى غنم يثرون حميه بعد هروبه من مصر. وتقع أرض مديان غالبًا عند طرف خليج العقبة. وهناك رأى آخر أنه كتبها في برية سيناء بعد استلام لوحى الشريعة.

خامسًا: أغراضه:

عناية الله: الذي خلق العالم للإنسان ثم خلقه بتدبير عظيم، واهتمامه به بعد السقوط، وإنقاذ نوح من الهلاك وعنايته بالآباء "إبراهيم وإسحق ويعقوب" في البرية و "يوسف" في مصر.

علاقة الله بالإنسان.

فقد خلقه ليحيا في صداقة معه بالجنة وأعطاه وصية لتظهر حريته ومحبته لله، ثم سعى لإرجاعه بعد السقوط وتكوين صداقات قوية مع الآباء البطاركة إبراهيم وإسحق ويعقوب.

تدبير الخلاص.

عند سقوط الإنسان أعطاه وعدًا للخلاص من خلال نسل المرأة الذي يسحق رأس الحية، أي المسيح الذي ينتصر على الشيطان، وعلَّمه تقديم الذبائح التي ترمز لدم المسيح الفادى وأعلن الإيمان به والسلوك الروحي من خلال أولاده القديسين نوح وإبراهيم وأولاده...

ظهور الخطية.

نشأت الخطية في الجنة بإيعاز من الشيطان، ولكن الله أعطى الوعد بالخلاص وحذَّر منها عندما كلم قايين وأطال أناته على العالم الشرير أيام نوح، وعلى شعب سدوم وعمورة أيام إبراهيم... معطيًا رجاء في الخلاص بالدم المسفوك، وبفلك نوح، وقوس قزح.

الفضائل:

يقدم الحياة الروحية بشكل عملى قوى في حياة هابيل ونوح وإبراهيم وإسحق ويعقوب ويوسف بإيمانهم القوى وطاعتهم لكلام الله حين قدموا الذبائح ورفعوا الصلوات والشكر وبغربتهم عن العالم وسكناهم في خيام.

سادسًا: سماته:

نثرًا: كتبه موسى النبي نثرًا وليس شعرًا.

بسيط: يعلن سفر التكوين حقائق هامة جدًا في حياة البشرية بكلمات بسيطة واضحة سهلة الفهم للبسطاء ومملوءة أعماقًا للمتأملين.

الحقائق: دحض هذا السفر الأساطير السائدة عند الأمم عن بداية العالم وتاريخ البشرية الأول معلنًا الحقائق الأساسية في بساطة.

←.

سابعًا: نبواته:

الأسرة: في إتحاد الرجل والمرأة في جسد واحد وهو سر الزيجة كما أعلن لآدم (تك2: 24).

المسيح المخلص: كما أعلن الله بنفسه لحواء أن نسلها يسحق رأس الحية أي المسيح يسحق الشيطان على الصليب ويقيده (تك3: 15).

المسيح من نسل إبراهيم: كما يظهر في وعد الله له (تك22: 18).

المسيح من نسل يهوذا: كما يظهر في بركة يعقوب لابنه يهوذا (تك49: 10).

ثامنًا: رموزه:

المسيح هو هدف الكتاب المقدس كله وأيضًا سفر التكوين وتوجد رموز كثيرة له داخل هذا السفر وأهمها:

شجرة الحياة: (تك 3: 22) فهي تعلن المسيح المخلص مصدر الحياة داخل القلب وداخل الفردوس وفى العالم كله، وهي تشير أيضًا للصليب مصدر الحياة والخلاص لكل من يؤمن به.

الذبيحة: التى عملها الله لآدم ثم ألبسه جلدها وقدمها هابيل وكل نسل آدم وهي إشارة لذبيحة المسيح، فبدون سفك دم لا تحصل مغفرة (تك 4: 4) ولا ستر وتغطية للخطية.

فلك نوح: هو رمز للكنيسة والصليب والمسيح الفادى الذي ينجينا من شر العالم والموت، فنحيا على الأرض الجديدة التي ترمز للحياة الأبدية (تك 6: 14).

ملكى صادق: ملك ساليم الذي قابل إبراهيم عند رجوعه بعدما هزم كدرلعومر ومن معه. وقدم ملكى صادق ذبيحة غريبة وهي خبز وخمر فتشير بوضوح لذبيحة العهد الجديد أي الخبز والخمر المتحول لجسد الرب ودمه (تك 14: 18 - 20).

ذبح إسحق: كما حمل إسحق الحطب وأطاع أباه إبراهيم الذي ربطه على المذبح، هكذا المسيح حمل الصليب وأطاع حتى الموت موت الصليب (تك 22).

إختيار الزوجة: رفقة (تك 24: 15) وكذا راحيل (تك 29: 9) عند مياه الآبار كما اختار المسيح عروسه أي النفوس المؤمنة لتصير له بمياه المعمودية.

سلم يعقوب: الذي رآه في الحلم (تك 28: 12) وهو يرمز للمسيح المصلوب والذي من خلاله ترفع الملائكة صلواتنا إلى السماء ثم تنزل باستجابة الله لها.

يوسف: يشير للمسيح في أمور كثيرة، فهو الابن المحبوب من أبيه كما أن المسيح هو الابن الوحيد.

وأحلام يوسف تعلن خضوع إخوته له مثل المسيح الذي يخضع له العالم كله لأنه رب المجد ويملك على قلوب المؤمنين به. وافتقد يوسف إخوته كما تجسد المسيح، أما هم فألقوه في البئر وباعوه بالفعل كما باع يهوذا المسيح. وكما نزل يوسف إلى مصر نزل المسيح إلى القبر، وارتفع يوسف إلى عرش مصر وخلص إخوته من الموت، والمسيح قام وصعد إلى السماء، وخلص إخوته البشر المؤمنين به (تك 37 - 50).

تاسعًا: أقسامه:

1. بداية التاريخ وتشمل:

أ - الخلقة والسقوط (تك 1 - 3).

ب - قتل هابيل (تك 4).

ج - نوح والطوفان (تك 5 - 10).

ء - برج بابل (تك 11).

2. الآباء البطاركة: وتتداخل حياتهم في الأصحاحات من (12: 50).

1 - إبراهيم (تك 12 - 25).

2 - إسحق (تك 21 - 27).

3 - يعقوب (تك 25 - 36).

4 - يوسف (تك 37 - 50).

الأَصْحَاحُ الأَوَّلُ

خلقة العالم.

(1) اليوم الأول (خلقة النور) (ع 1 - 5).

(2) اليوم الثاني: خلقة السماء (ع 6 - 8).

(3) اليوم الثالث: خلقة الأرض والنباتات (ع 9 - 13).

(4) اليوم الرابع: خلقة الشمس والقمر والنجوم (ع 14 - 19).

(5) اليوم الخامس: خلقة الحيوانات البحرية والطيور (ع 20 - 23).

(6) اليوم السادس: خلقة الحيوانات والإنسان (ع 24 - 31).

(1) اليوم الأول (خلقة النور) (ع 1 - 5):

1 فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. 2 وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ. 3 وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ» فَكَانَ نُورٌ. 4 وَرَأَى اللهُ النُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ. وَفَصَلَ اللهُ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. 5 وَدَعَا اللهُ النُّورَ نَهَارًا وَالظُّلْمَةُ دَعَاهَا لَيْلًا. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا وَاحِدًا.

العدد 1

ع1:

البدء: أي بدء خلقة العالم وليس الأزل كما يُقصَد في (يو1: 1). وهو ليس زمنًا محددًا لأنه لم يكن حينئذ زمن ولكنه يعلن بداية العالم ولا يعرفه إلا الله الذي كان موجودًا وقتذاك وحده ولم يعلنه الله للإنسان، وقبله الأزل ولم توجد خلائق قبل ذلك سواء سماوية أو أرضية.

خلق: تعنى أن الله هو خالق العالم من العدم وهذا ضد نظرية أزلية العالم التي ينادى بها بعض الفلاسفة.

الله: أتت في اللغة العبرية "ألوهيم" أي بالجمع وتعنى الله المثلث الأقانيم مع أن كلمة خلق أتت في العبرية بالمفرد، ومعنى ذلك الله الواحد المثلث الأقانيم هو الذي خلق العالم.

سموات: تعنى كل ما يعلو على الإنسان أي عالم الأرواح بكل رتب الملائكة وكل السموات بدرجاتها المختلفة.

الأرض: تعنى العالم المنظور وتشمل اليابسة والبحار وكل الكائنات المحسوسة.

تعلن هذه الآية أن الله وحده هو خالق العالم بكل ما فيه.

العدد 2

ع2:

خربة وخالية: بالعبرية قفر وتشويش وباليونانية في الترجمة السبعينية غير منظورة وغير كاملة، فهي تعنى أن الغموض وعدم التكامل يحيط بالأرض وهي غير منظورة لأن الإنسان لم يخلق بعد. وليس معناها أن كائنًا أحدث تشويشًا فيها ولكن عدم التكامل ولا الحياة فيها لأن الله لم يخلق العالم بعد بشكله المعروف والذي خلقه من أجل حياة الإنسان.

الغمر: أي مياه تغطى كل شيء فلا ترى منها أرضًا أو أي كواكب أو شمسًا.

ظلمة: تعنى ضباب كثيف جدًا يمنع الرؤيا فيجعل كل شيء مبهمًا وغامضًا.

روح الله: الروح القدس فهو إعلان واضح للأقنوم الثالث.

يرف: أى يتحرك وتعنى الكلمة السريانية يحتضن، أي أن الأمل معلق بروح الله القادر أن يعطى حياة من هذا الخراب والخواء.

يعلن لنا أن الله خلق من العدم، كما نفهم من (ع1)، مبادئ السموات والأرض وهي هذا الماء والضباب الكثيف الذي يغطى الأرض وكل الكواكب، وكان روح الله يحتضن هذه الخليقة التي سيعطى فيها حياة في هذا الماء والأرض المختفية فيه.

العدد 3

ع3:

كيف سبق النور خلقة الشمس التي أتت في اليوم الرابع؟!

النور المقصود هنا هو خلقة المجرات الكونية والتي تحمل كل مجرة منها ملايين النجوم ومئات الملايين من الكواكب وكل كوكب وكل نجم وكل مجرة في حالة دوران حول نفسها بسرعة عالية جدًا وهذا الكيان الكونى كله (المجرات) وما يتخللها أطلق عليه النور وهو كيان ضوئى سبق ظهور الشمس التي نعرفها... وأكبر دليل على وجود النور خارج الشمس هو تمكن العلماء حاليًا من رؤية المجرات وتحديدها وهي أمور لا يمكن رؤيتها إن كانت مظلمة. أما الشمس التي نعرفها فهي إما كانت موجودة في اليوم الأول ولكن في حالة غازية ضبابية كونية واستكمل نضوجها وظهورها في اليوم الرابع، أو أنها أخذت من المجموعة الضوئية في اليوم الرابع ويتمشى هذا مع العلم ولا يتعارض معه وهو الرأى الذي أيَّده قداسة البابا شنودة الثالث في كتابه "سنوات مع أسئلة الناس" الجزء الأول ونيافة الأنبا بولا أسقف الغربية في كتابه "الكتاب المقدس والعلم".

العدد 4

ع4:

يعلن الله رضاه عن النور الذي خلقه بوصفه أنه حسن أي حقق مشيئة الله وهي خطوة هامة وأولى قبل خلقة باقي الأمور من أجل الإنسان.

فصل بين النور والظلمة: أي أنه صارت هناك منطقة منيرة وهي منطقة السديم والمجرات الكونية، ومنطقة أخرى هي الظلمة التي خرج منه النور المخلوق. وفى تأمل روحي يرى القديس أغسطينوس أن هذه الظلمة تعنى سقوط الملائكة الذين صاروا شياطين ففصل الله بين النور والظلمة أي الملائكة والشياطين.

العدد 5

ع5:

أعطى الله للنور اسم النهار أما الظلمة فدعاها ليلًا، وهذا النهار غير النهار الناتج من الشمس والذي يعنى ساعات محددة كما سيبدأ في اليوم الرابع، ولكن اليوم عند الله مدة زمنية غير معلومة قد تشمل ملايين السنين بالحساب المعروف الآن.

أعلن نهاية اليوم بوجود مساء ثم صباح يليه لأن الظلمة كانت موجودة أولًا ثم خلق الله النور، وإن كنا نعتاد أن يبدأ اليوم بالصباح ثم المساء ولكن بعض الشعوب مثل اليهود يبدأون اليوم بالمساء ثم الصباح.

والمساء مقصود به العتمة أي النور الضعيف وليس الليل الذي يحدث بعد غروب الشمس لأن الشمس لم تكن قد خلقت بعد، فالله يعمل في الصباح والنهار.

وذِكرْ المساء ثم الصباح يعطى رجاءً حسنًا بأن كل ظلمة يعقبها نور.

روح الله الساكن فيك، مهما كنت مشوشًا أو خربًا أو بعيدًا عن الله بسبب مشاغلك وخطاياك، قادر أن يعمل فيك ويخلق حياة نورانية داخلك. فاخضع له عندما يرشدك إلى كل عمل روحي فتتغير حياتك وتجد خلاص نفسك.

(2) اليوم الثاني: خلقة السماء (ع 6 - 8):

6 وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ جَلَدٌ فِي وَسَطِ الْمِيَاهِ. وَلْيَكُنْ فَاصِلًا بَيْنَ مِيَاهٍ وَمِيَاهٍ». 7 فَعَمِلَ اللهُ الْجَلَدَ وَفَصَلَ بَيْنَ الْمِيَاهِ الَّتِي تَحْتَ الْجَلَدِ وَالْمِيَاهِ الَّتِي فَوْقَ الْجَلَدِ. وَكَانَ كَذَلِكَ. 8 وَدَعَا اللهُ الْجَلَدَ سَمَاءً. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا ثَانِيًا.

الأعداد 6-7

ع6 - 7:

الجلد: كانت الأرض في حالة غليان كما يقول العلماء ثم هدأت وقلت حرارتها في قشرتها الخارجية فصارت الأبخرة المحيطة بها باردة، وهذا الغلاف الهوائى المحيط بالأرض هو الذي يسمى بالجلد وتطير فيه الطيور.

خلق الله في اليوم الثاني الهواء المحيط بالكرة الأرضية، وهو يفصل بين مياه أسفله وهي مياه البحار والأنهار ومياه أخرى فوقه وهي السحب التي تتحرك ثم تتكثف وتنزل على الأرض كمطر ثم تتبخر المياه من الأرض لتتحول إلى سحب.

العدد 8

ع8:

دعا الله هذا الهواء سماءً وهي السماء الأولى أي سماء الطيور وليس سماء الكواكب. ثم يعلن نهاية اليوم وهو حقبة زمنية غير معروف مدتها كما ذكرنا وأتى المساء أي العتمة وتلاه صباح بداية يوم جديد.

لم يذكر أن الله رأى ما عمله حسنًا في اليوم الثاني مثل باقي الأيام لأنه مرتبط ويستكمل بما عمله في اليوم الثالث حين أظهر اليابسة وسط البحار ثم بعد خلقه النباتات في اليوم الثالث أيضًا قال أن ما عمله حسن للمرة الثانية.

† تعلن خلقة السماء وجود ما يسمو ويعلو عن الأرض لتجذب نظرك من الأمور الأرضية الزائلة إلى الأمور السمائية الباقية، فهذه السماء بداية لسموات أخرى آخرها وأسماها هي الملكوت أي الوجود الدائم مع الله. فليكن هدفك هو الوصول إلى السماء وكلما رفعت عينيك إلى السماء ينجذب قلبك للتأمل في الله والسعى لإرضائه ليكون لك تمتع دائم معه في الأبدية.

←.

(3) اليوم الثالث: خلقة الأرض والنباتات (ع 9 - 13):

9 وَقَالَ اللهُ: «لِتَجْتَمِعِ الْمِيَاهُ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ وَلْتَظْهَرِ الْيَابِسَةُ». وَكَانَ كَذَلِكَ. 10 وَدَعَا اللهُ الْيَابِسَةَ أَرْضًا وَمُجْتَمَعَ الْمِيَاهِ دَعَاهُ بِحَارًا. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 11 وَقَالَ اللهُ: «لِتُنْبِتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلًا يُبْزِرُ بِزْرًا وَشَجَرًا ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَرًا كَجِنْسِهِ بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى الأَرْضِ». وَكَانَ كَذَلِكَ. 12 فَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلًا يُبْزِرُ بِزْرًا كَجِنْسِهِ وَشَجَرًا يَعْمَلُ ثَمَرًا بِزْرُهُ فِيهِ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 13 وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا ثَالِثًا.

الأعداد 9-10

ع9 - 10:

كانت المياه تغطى كل الأرض ثم حدثت تشققات في القشرة الأرضية وتكونت مجارى للبحار متصلة بعضها ببعض وظهرت الأرض اليابسة مرتفعة عن البحار بل وتحمل أيضًا جبالًا عالية، وهكذا ظهر مكان يمكن أن يحيا عليه الإنسان وهو اليابسة أما البحار فيستخدمها للتنقل من مكان إلى مكان باليابسة. ودعا اليابسة أرضًا ومجتمع المياه بحارًا وهذا استكمال لما عمله في اليوم الثاني فرأى أنه حسن أي رضى عنه.

الأعداد 11-12

ع11 - 12:

عشبًا: المقصود به النباتات البحرية البسيطة وهي الطحالب التي ظهرت على جوانب البحر.

بقلًا: وهي نباتات المحاصيل المختلفة مثل القمح والفول... التي تعطى غذاء للإنسان والحيوان.

يبزر بزرًا: يختلف عن الأعشاب السابقة وهي الطحالب بأنه يكون بذور تسقط في الأرض وتعطى نباتات جديدة من نفس نوع النبات الذي أنتج هذه البذور.

شجرًا: وهي جميع أنواع الأشجار الصغيرة والكبيرة التي تعطى ثمارًا لطعام الإنسان والحيوان وتنتج بذورًا مثل البقل يمكن زراعتها لتعطى نفس نوع الأشجار التي أنتجتها. وهكذا لا تفنى هذه النباتات عندما يأكلها الإنسان أو الحيوان بل يتجدد وجودها عن طريق البذور.

بعد ظهور الأرض خلق الله عليها النباتات المختلفة لتكون طعامًا للإنسان والحيوان الذي يخدمه وأعطاها القدرة على التكاثر والاستمرار عن طريق البذور التي تنتجها، ورأى الله ذلك أنه حسن. وتكرار كلمة حسن مرتين في اليوم الثالث يبين أن الأولى مرتبطة بما عمله في اليوم الثاني كما ذكرنا.

العدد 13

ع13:

ينتهى عمل الله في اليوم الثالث بمجئ المساء الذي يليه صباح اليوم الرابع.

† محبة الله كونت لك مكانًا تستقر عليه ووضع حدودًا للبحر حتى لا يغمرك ويهلكك ثم أعطاك نباتات بأنواع كثيرة لتأكل منها كيفما أردت. إنها محبة وعناية تفوق إدراك الإنسان والله ينتظر منك أن تستقر فيه وتشبع بحبه، فكل هذه العطايا المقصود بها أن تجذب قلبك إليه وتراه فيها، وعندما تمشى على الأرض تشعر به يحملك وعندما تأكل النباتات تشعر بيده تطعمك فتفرح بحبه وتلهج بشكره ليلًا ونهارًا.

(4) اليوم الرابع: خلقة الشمس والقمر والنجوم (ع 14 - 19):

14 وَقَالَ اللهُ: «لِتَكُنْ أَنْوَارٌ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتَفْصِلَ بَيْنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ وَتَكُونَ لآيَاتٍ وَأَوْقَاتٍ وَأَيَّامٍ وَسِنِينٍ. 15 وَتَكُونَ أَنْوَارًا فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأَرْضِ». وَكَانَ كَذَلِكَ. 16 فَعَمِلَ اللهُ النُّورَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ: النُّورَ الأَكْبَرَ لِحُكْمِ النَّهَارِ وَالنُّورَ الأَصْغَرَ لِحُكْمِ اللَّيْلِ وَالنُّجُومَ. 17 وَجَعَلَهَا اللهُ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأَرْضِ 18 وَلِتَحْكُمَ عَلَى النَّهَارِ وَاللَّيْلِ وَلِتَفْصِلَ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 19 وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا رَابِعًا.

العدد 14

ع14:

أنوار: وهي النجوم وأهمها الشمس.

في جلد السماء: ويقصد به سماء الكواكب وليس سماء الطيور السابق خلقتها في اليوم الثاني.

النهار والليل: نتيجة دوران الأرض حول الشمس تكون اليوم بقسميه، النهار والليل، وبذلك بدأ في اليوم الرابع التوقيت المعروف الآن وهو اليوم الذي يشمل 24 ساعة.

آيات: إعجازات إلهية في دوران الأرض والشمس والكواكب والنجوم المختلفة في مسارات محددة.

أوقات: بدأ التوقيت المعروف الآن.

أيام: جمع يوم الذي يشمل النهار والليل.

سنين: السنة التي تشمل الفصول الأربعة: الربيع والصيف والخريف والشتاء.

في اليوم الرابع خلق الله ونظَّم الشمس والقمر والنجوم مع الأرض وباقى الكواكب وبهذا كوّن الزمن بفتراته المختلفة سواء على مدار السنة بفصولها الأربعة أو على مدى اليوم بقسميه الليل والنهار.

العدد 15

ع15:

المقصود بالشمس والقمر والنجوم أن تنير على الأرض، فهي لخدمتها أو خدمة الإنسان.

العدد 16

ع16:

النور الأكبر: الشمس.

حكم النهار: تنظيم وخدمة النهار بأن تضئ على الأرض وتعلن ساعات النهار وتوفر الرؤية والحرارة اللازمة لعمل الإنسان.

النور الأصغر: القمر.

حكم الليل: تنظيم الليل وساعاته والإضاءة فيه مع باقي النجوم.

خلق الله الشمس والقمر والنجوم لتنظيم النهار والليل على الأرض، فيكون النهار مناسبًا لعمل الإنسان والليل لراحته حتى يستعيد نشاطه للعمل في اليوم التالي. والشمس ترمز للمسيح شمس البر والقمر للكنيسة لأنها تأخذ نورها مثل القمر عن طريق إنعكاس ضوء الشمس أي المسيح عليها. أما النجوم فترمز للقديسين لأنهم في سمو عن الأرضيات ويضيئون للبشر بعدهم حتى يكملوا جهادهم ويصلوا إلى السماء.

الأعداد 17-19

ع17 - 19:

كل هذه الأجرام السمائية خلقها الله في سماء الكواكب لتنظيم النهار والليل. ورضى الله عما عمله وشهد أنه حسن، وبهذا انتهى عمل الخلقة في اليوم الرابع وأتى المساء الذي يليه صباح اليوم الخامس.

† ليتك تستغل النظام الإلهي بوجود النهار والليل فتعمل بنشاط في النهار مستغلًا الوقت بأمانة لعمل الخير وإظهار أمانتك لله وحبك لمن حولك، أما الليل فتهدأ فيه مع نفسك لتصلى إلى الله وتتمتع بعشرته.

(5) اليوم الخامس: خلقة الحيوانات البحرية والطيور (ع 20 - 23):

20 وَقَالَ اللهُ: «لِتَفِضِ الْمِيَاهُ زَحَّافَاتٍ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ وَلْيَطِرْ طَيْرٌ فَوْقَ الأَرْضِ عَلَى وَجْهِ جَلَدِ السَّمَاءِ». 21 فَخَلَقَ اللهُ التَّنَانِينَ الْعِظَامَ وَكُلَّ نَفْسٍ حَيَّةٍ تَدِبُّ الَّتِي فَاضَتْ بِهَا الْمِيَاهُ كَأَجْنَاسِهَا وَكُلَّ طَائِرٍ ذِي جَنَاحٍ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 22 وَبَارَكَهَا اللهُ قَائِلًا: «أَثْمِرِي وَاكْثُرِي وَامْلإِي الْمِيَاهَ فِي الْبِحَارِ. وَلْيَكْثُرِ الطَّيْرُ عَلَى الأَرْضِ». 23 وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا خَامِسًا.

العدد 20

ع20:

زحافات: تشمل جميع أنواع الأسماك والحيوانات البحرية التي تحيا داخل البحر مثل الحوت، أو تزحف لتخرج على الأرض أحيانًا مثل التمساح وكلب البحر.

نفس حية: تعطيها الحركة والحيوية والغرائز ولكن ليست هي الروح الإنسانية.

وجه جلد السماء: أي في الهواء المحيط بالأرض.

خلق الله في اليوم الخامس جميع أنواع الحيوانات البحرية، فامتلأ البحر بها وكذلك ملأ الهواء بالطيور التي تستطيع أن تمشى على الأرض وتطير في الهواء سواء الطيور الكبيرة أو الصغيرة وبعضها يميل للحياة على الأرض مثل الدواجن وبعضها يستقر على الأشجار والجبال والأماكن العالية.

العدد 21

ع21:

التنانين: المقصود بها الحيوانات البحرية الكبيرة مثل الحوت، ومعظم هذه الحيوانات البحرية الضخمة قد انقرض.

خلق الله أجناسًا مختلفة من الحيوانات البحرية وكذلك الطيور.

العدد 22

ع22:

أعطى الله الحيوانات البحرية والطيور القدرة على التكاثر والتناسل لحفظ أنواعها وللتزايد حتى تملأ البحر والهواء والأرض.

العدد 23

ع23:

إنتهت خلقة اليوم الخامس وحلَّ المساء الذي يليه صباح اليوم السادس.

† يشبَّه الإنسان المسيحى بالسمكة التي تستطيع السباحة ضد التيار أي لا تخضع لأفكار العالم الشريرة، ويشبَّه أيضًا بالطير الذي يميل للإرتفاع نحو السماء. فليتك تتشبه بهذه الكائنات في النظر إلى الله والتمسك بوصاياه حتى لو رفضها من حولك وتميل إلى الصلاة ومحبة التأمل في الله.

(6) اليوم السادس: خلقة الحيوانات والإنسان (ع 24 - 31):

24 وَقَالَ اللهُ: «لِتُخْرِجِ الأَرْضُ ذَوَاتِ أَنْفُسٍ حَيَّةٍ كَجِنْسِهَا: بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَوُحُوشَ أَرْضٍ كَأَجْنَاسِهَا». وَكَانَ كَذَلِكَ. 25 فَعَمِلَ اللهُ وُحُوشَ الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا وَالْبَهَائِمَ كَأَجْنَاسِهَا وَجَمِيعَ دَبَّابَاتِ الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 26 وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». 27 فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. 28 وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ وَأَخْضِعُوهَا وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». 29 وَقَالَ اللهُ: «إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ بَقْلٍ يُبْزِرُ بِزْرًا عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ وَكُلَّ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرُ شَجَرٍ يُبْزِرُ بِزْرًا لَكُمْ يَكُونُ طَعَامًا. 30 وَلِكُلِّ حَيَوَانِ الأَرْضِ وَكُلِّ طَيْرِ السَّمَاءِ وَكُلِّ دَبَّابَةٍ عَلَى الأَرْضِ فِيهَا نَفْسٌ حَيَّةٌ أَعْطَيْتُ كُلَّ عُشْبٍ أَخْضَرَ طَعَامًا». وَكَانَ كَذَلِكَ.

31 وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا سَادِسًا.

العدد 24

ع24:

ذوات أنفس حية: الحيوانات العليا التي تعيش على الأرض وهي غير الحيوانات البحرية والطيور.

كأجناسها: أي كل نوع من الحيوانات مختلف عن الآخر خلق الله منه ذكرًا وأنثى لينتجا حيوانات من نفس نوعها وجنسها.

بهائم: الحيوانات الأليفة مثل الماشية المستخدمة في الزراعة.

دبابات: كل الحيوانات ذوات أربعة أرجل التي تدب على الأرض.

وحوش أرض: الحيوانات التي أصبحت مفترسة بعد السقوط.

خلق الله في اليوم السادس جميع أنواع الحيوانات التي تعيش على الأرض.

العدد 25

ع25:

بعدما خلق الله الحيوانات رضى عما عمله وأعلن أنه حسن.

العدد 26

ع26:

نعمل: يتحدث هنا بالجمع ليعلن ثالوثه القدوس الذي قام بخلقة العالم كله، وذكر ذلك هنا لأن هذا هو أهم عمل وهو خلقة الإنسان.

صورتنا: صورة الله ليس في الجسد ولكن في الروح التي يتميز بها الإنسان عن باقي الخلائق والتي تشمل العقل والعاطفة.

كشبهنا: أي الميل للتشبه والتمثل بالله.

يتسلطون: يقصد الإنسان الذي سيتكاثر فيقود ويدبر ويرعى جميع الحيوانات.

بعد خلقة الحيوانات في اليوم السادس، خلق الله أعظم كائن وهو الإنسان وهذا معناه أنه أوجده من العدم وليس هو متطورًا تلقائيًا من حيوانات أدنى منه. وخلقه متميزًا عن باقي الخلائق بوجود روح فيه فيصير على صورة الله ومثاله، وأعطاه أيضًا أن يكون قائدًا ومتسلطًا على جميع أنواع الحيوانات.

العدد 27

ع27:

يعلن هنا أنه خلق الإنسان ذكرًا وأنثى وهذا ما سيشرحه بالتفصيل في (تك 2).

العدد 28

ع28:

أعطى الله الإنسان البركة ليتكاثر ويملأ الأرض ويتسلط على جميع الحيوانات وهذه هي خطة الله وليس لها علاقة بسقوط الإنسان، فيمكن أن يتكاثر دون أن يسقط وبالتالي فالعلاقة الجنسية ليس لها صلة بالخطية بل هي علاقة مباركة من الله للإثمار وملأ الأرض. وقد قال باركهم لأنه يقصد في آدم وحواء الجنس البشرى كله.

العدد 29

ع29:

أعطى الله النباتات لتكون طعامًا للإنسان وبعد ذلك أعطاه أن يأكل العشب مثل الحيوانات (تك 3: 18) بعد السقوط، أما الحيوانات فسمح له بأكلها بعد الطوفان (تك 9: 3). ويلاحظ أنه أعطاه النباتات الراقية وهي البقل وثمار الأشجار أي محاصيل الحقل المعروفة وثمار الفاكهة.

العدد 30

ع30:

بالنسبة للحيوانات فقد أعطاها الله النباتات أيضًا لتأكلها وتحيا بها ولكن النباتات الأدنى وهي الأعشاب التي تشمل الطحالب والحشائش المختلفة وبعض النباتات المزروعة في الحقل.

العدد 31

ع31:

يشهد الله بعد خلقة الإنسان أن ما عمله حسن جدًا تمييزًا له عن باقي خلائق العالم لأن هدف الخلقة هو الإنسان ليكون العالم كله في خدمته، وبهذا ينتهى اليوم السادس.

ويلاحظ أنه إن كان الإنسان قد خُلِقَ في اليوم السادس، فقد تم تجديده أيضًا وفداءه في اليوم السادس أي يوم الجمعة العظيمة وفى الساعة السادسة بصلب المسيح.

† إن هدف خلقتك أن تتمثل بالله وتنمو نحوه وكل العالم تحت قدميك تستخدمه لتصل إلى الله، فلا تنشغل به عن هدفك بل إبحث عن الله في كل ما تراه من خلائق واشكره على كل عطاياه فتشعر بعشرته على الأرض إلى أن تصل لمكانك الدائم معه في الملكوت.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثاني - سفر التكوين - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر التكوين الأصحاح 1
تفاسير سفر التكوين الأصحاح 1