الأصحاح الأول – سفر التثنية – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر التثنية – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

تفسير سفر التثنية - المقدمة

أولا: تسميته.

ثانيا: كاتبه.

ثالثا: زمان كتابته.

رابعًا: مكان كتابته.

خامسًا: سماته.

سادسًا: أغراضه.

سابعًا: نبواته.

ثامنًا: رموزه.

أولا: تسميته:

يسمى التثنية لأن به إعادة للمرة الثانية لنصوص الشريعة والأحكام التي ذكرت في أسفار التوراة السابقة، وإن كانت هذه الإعادة لا تقتصر فقط على تكرار السرد وانما اشتملت أيضًا على شرح وتفسير من موسى وتأكيد على وجوب اتباعها وعدم الانحراف عنها. وهذا الشرح مبنى أيضًا على ضوء أحداث برية سيناء.

بالإضافة إلى أن الجيل القديم الذي تذمر على الله قد مات كله في برية سيناء والذين سيدخلون إلى أرض الميعاد هم الجيل الجديد مع اثنين فقط من الجيل القديم هما يشوع بن نون وكالب بن يفنة، لذا يشرح لهم موسى رعاية الله لهم ولآبائهم في سيناء وتفاصيل الشريعة التي سيحيون بها طوال حياتهم في أرض الميعاد.

ودعى هذا السفر بخمسة أسماء هي:

الشريعة الثانية فى الترجمة السبعينية.

هذا هو الكلام وهى الكلمات الثلاث الأولى التي يبدأ بها السفر.

السفر الخامس والمقصود الخامس من أسفار التوراة.

سفر التوبيخ أو النصائح.

النسخة والمقصود نسخة من الشريعة التي كان كل ملك يحتفظ بها عند تملكه ليقرأ فيها ويقود الشعب بتعليمها.

والأربعة تسميات الأخيرة هي تسميات في اللغة العبرية.

ثانيا: كاتبه:

هو موسى النبي وهو كاتب الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم - والتي تعرف بالتوراة - وسفر التثنية هو خامس تلك الأسفار.

والأدلة على أن موسى هو كاتبه هي:

هو استكمال لما ورد في نهاية سفر العدد حين قال "هذه هي الوصايا والأحكام..." (عد36: 13) ويبدأ سفر التثنية بما يلي "هذا هو الكلام الذي كلم به موسى جميع إسرائيل..." (تث 1: 1).

يذكر عبارات كثيرة تؤكد أنه شاهد عيان مثل (تث 1: 6؛ 8: 1؛ 27: 9؛ 6: 1).

تنبيه موسى لكل ملك أن يكتب نسخة من السفر ليحفظها ويقود شعبه به ويكتب الشعب نسخة على نصب تذكارى، كذلك سلمها موسى لللاويين حتى يعلموها للشعب (تث 17: 18، 27: 2، 3، 31: 9 - 13).

في العهد الجديد شواهد كثيرة تؤكد أن موسى هو كاتب هذا السفر عدا الأصحاح الأخير منه - الأصحاح 34 - الذي يحكى عن موت موسى فقد كتبه يشوع ابن نون الذي خلف موسى في قيادة الشعب والدخول بهم إلى أرض الموعد.

ثالثا: زمان كتابته:

في آخر شهرين من عمر موسى النبي، وكان ذلك في السنة الأربعين من الخروج (حوالي عام 1405 ق. م) وبالتحديد في أول الشهر الحادي عشر من تلك السنة (تث 1: 2) وكان عمر موسى وقتذاك 120 عام قبل أن يعبر الشعب نهر الأردن ليتملك الأرض التي وعد بها الله شعبه.

رابعًا: مكان كتابته:

على الضفة الشرقية للأردن في سهل موآب شمال البحر الميت في المنطقة المواجهة لمدينة أريحا (تث 1: 1).

خامسًا: سماته:

هو عبارة عن ثلاث عظات لموسى النبى ثم جزء ختامى وهو يعتبر الخطاب الوداعى لموسى قبل أن يموت فوضع فيه خلاصة مشاعره وإرشاداته لشعبه.

كُتِبَ باللغة العبرية.

إن كان يتكلم عن الشريعة، ولكنه يشمل أخبارًا تاريخية لم تذكر في مكان آخر مثل تسليم يشوع القيادة وموت موسى (تث 34).

يشبه سفر اللاويين فى التحدث عن الشريعة، ولكن سفر اللاويين يكلم الكهنة ومساعديهم اللاويين، أما سفر التثنية فيتحدث عن مسئوليات شعب الله كلهم نحوه ونحو بعضهم البعض.

اهتم اليهود وقادتهم بالتنفيذ الحرفي للشريعة ولكن في العهد الجديد عندما نضج شعب الله أي المسيحيين فيعيشون بالروح لا بالحرف وينفذون أعماق الوصية وليس مظهرها (مت5).

يدعو هذا السفر شعب الله للتدقيق فى تنفيذ كلامه حتى ينالوا الخلاص.

تظهر أبوة موسى فى اهتمامه بتوصية شعبه للسلوك الروحي وتنفيذ وصايا الله.

التثنية بين أسفار موسى: إن كان الله قد كوَّن شعبًا خاصًا له في سفر التكوين، ففى سفر الخروج، أخرجهم وأبعدهم عن الشعوب الوثنية وسكن في وسطهم. أما سفر اللاويين فأعطاهم فيه شرائعه، وفى سفر العدد قادهم في البرية، وفى سفر التثنية يؤكد أهمية طاعة شرائعه لتحفظهم في أرض الميعاد.

من أهم أسفار العهد القديم التي اقتبست من سفر التثنية هو سفر أرميا.

التثنية والعهد الجديد: اقتبس العهد الجديد منه 83 مرة، وإن كانت أسفار العهد الجديد سبعة وعشرين، فسبعة عشر منها اقتبست من سفر التثنية، والمسيح نفسه اقتبس منه في تجربته على الجبل (مت4: 4، تث8: 3) وفى عظته على الجبل (مت5: 31، تث24: 1).

سادسًا: أغراضه:

رعاية الله: يظهر محبة الله في اهتماماته بشعبه بإخراجه من أرض مصر وعبورهم البحر الأحمر ورعايتهم في البرية 40 سنة.

الطاعة: يذكرهم بالعهد الذي قطعوه مع الله ليكون لهم إلهًا يقودهم ويرعاهم، ومن ناحية أخرى يكونوا له شعبًا بطاعة وصاياه وشرائعه.

شرح الشريعة: يشرح معانى تفصيلية لتنفيذ الوصايا والشرائع المختلفة.

شرائع المعاملات: ينظم تفاصيل المعاملات بين اليهود وبعضهم البعض وكذلك معاملاتهم مع غير اليهود.

جزاء الطاعة: يوضح بركات طاعة الوصايا ومن ناحية أخرى اللعنات التي تأتى على من يعصى هذه الوصايا ويهملها.

يؤكد بعض المفاهيم الهامة مثل:

أ - الفداء من العبودية كما فداهم الله من عبودية مصر (تث 5: 6، 5: 15، 7: 8) وترمز لفداء المسيح من عبودية الخطية.

ب - النصيب الصالح، إذ أعطاهم أرض الميعاد وهي ترمز لملكوت السموات (تث 1: 8، 4: 21).

ج - محبة الله من كل القلب (تث 5: 10، 4: 29).

د - شعب الله الذين يتحدون في طاعة وصاياه (تث 1: 1، 5: 1) وهو يرمز للكنيسة جسد المسيح.

هـ - المذبح: حيث يقدمون عبادتهم وعطاياهم فهو أهم مكان في العالم (تث 12: 5، 7، 11) وهو يرمز للمذبح في الكنيسة.

و - الخطية: يظهر مدى شناعتها والحاجة للتطهير منها وخاصة خطية عبادة الأوثان (تث 15: 9، 7: 25).

حقوق الإنسان.

اهتم سفر التثنية بحقوق الإنسان فأظهر:

أ - الاهتمام بكل شخص: كما يهتم الله بالجماعة، يهتم أيضًا بكل شخص.

ب - المرأة: كما يهتم بالرجل يهتم بالمرأة أيضًا مثله.

ج - العبد: يهتم بحقوق العبد تمهيدًا لإلغاء العبودية من فكر الإنسان.

د - العدل: يحفظ الإنسان من الشهود الزور ولا يقبل أي اتهام لإنسان بدون محاكمة فيحيا في أمان.

هـ - الملكية: يحفظ للإنسان ميراثه في أرض الميعاد وكل ما يمتلكه.

و - الأجرة: يحفظ حقوق العمال والأجراء.

ز - الجسد: أعطى شريعة السبت لراحة الجسد والعبيد وأيضًا الحيوانات.

ح - الزواج: يهتم بالمحافظة على العلاقات الزيجية والأسرية.

ط - القانون: يخضع جميع الشعب، مهما كان مركزهم، للوصايا والشرائع.

ى - الحيوانات: حتى الحيوان أيضًا، أعطاه راحته وطعامه فيثبت فكرة حقوق الحيوان والرفق به.

يضع شروطًا ومفاهيم وقوانين للحرب فيراعى فيها:

أ - الاستعداد للحرب (تث 20: 1 - 9).

ب - التعامل مع المدن التي تسقط في أيديهم (تث 20: 10 - 18).

ج - التعامل مع المسبيات (تث 21: 10 - 14).

د - قداسة المحاربين (تث 23: 9 - 14).

هـ - المتزوجين حديثًا (تث 24: 5).

أقسامه ينقسم السفر إلى ثلاث عظات لموسى النبى ثم جزء ختامي:

1 - العظة الاولى (تث 1 - 4: 43) تتحدث عن رعاية الله لشعبه في برية سيناء.

2 - العظة الثانية (تث 4: 44؛ 11) [حتى نهاية تث 11]: تتكلم عن حفظ الوصية والابتعاد عن معطلاتها.

3 - العظة الثالثة (تث 12 - 27: 10): وهي صلب السفر وتتحدث عن الشرائع والقوانين التي يحيا بها الشعب في أرض الميعاد.

4 - الختام (تث 27: 11 - 34) وتشمل أحداثًا تاريخية فيتكلم عند الجبال على البركات واللعنات ونشيد موسى وتسليمه الشريعة لللاويين والقيادة ليشوع ثم موته.

←.

سابعًا: نبواته:

المسيا المنتظر: يتحدث عن ظهور المسيح من نسل اليهود ويأمرهم بطاعته (تث 18: 15، 2 - 18).

تمرد الشعب: يتنبأ بعصيان شعب الله له وابتعادهم عنه، فيعاقبهم، وعندما يتوبوا يتحنن عليهم ويباركهم (تث 32: 15 - 27).

إيمان الأمم: يتنبأ بدخول الأمم في الإيمان وتسبيحهم لله (تث 32: 43).

ثامنًا: رموزه:

الكهنوت وخيمة الاجتماع والذبائح، ترمز لذبيحة العهد الجديد بكهنوتها وذبيحة المسيح أي جسده ودمه الأقدسين.

موسى النبي كرمز للمسيح.

الأَصْحَاحُ الأَوَّلُ

تجسّس أرض الميعاد وعقاب الله بمنعهم من دخولها.

(1) أماكن أخذ الوصايا (ع1 - 2).

(2) تذكر هزيمة سيحون وعوج (ع3 - 5).

(3) دعوة الله لدخول أرض كنعان (ع6 - 8).

(4) تعيين الشيوخ المساعدين لموسى (ع9 - 18).

(5) إرسال جواسيس لاستطلاع الأرض (ع19 - 25).

(6) رفضهم دخول أرض الميعاد (ع26 - 33).

(7) عقاب الله لهم لرفضهم دخول أرض الميعاد (ع34 - 40).

(8) انكسار إسرائيل أمام شعوب الأرض (ع41 - 46).

(1) أماكن أخذ الوصايا (ع1 - 2):

1 هَذَا هُوَ الكَلامُ الذِي كَلمَ بِهِ مُوسَى جَمِيعَ إِسْرَائِيل فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ فِي البَرِّيَّةِ فِي العَرَبَةِ قُبَالةَ سُوفَ بَيْنَ فَارَانَ وَتُوفَل وَلابَانَ وَحَضَيْرُوتَ وَذِي ذَهَبٍ. 2 أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ حُورِيبَ عَلى طَرِيقِ جَبَلِ سَعِيرَ إِلى قَادِشَ بَرْنِيعَ.

العدد 1

ع1:

عبر الأردن: الضفة الشرقية لنهر الأردن.

البرية: الصحراء القاحلة.

العربة: الوادى (السهل) الممتد من طرف البحر الميت السفلى إلى خليج العقبة.

سوف: المقصود به هنا خليج العقبة، ويطلق اسم بحر سوف على البحر الأحمر كله أو الخليج باعتباره جزء من البحر.

فاران: اسم الصحراء الممتدة في المنطقة الشرقية من شبه جزيرة سيناء بالتوازى مع الخط الممتد من العريش إلى إيلات (عصيون جابر قديمًا).

توفل: مكان يبعد حوالي 20 كم عن جنوب شرقى البحر الميت وقد تكون هي قرية طفيلة الحالية وتضم 600 نسمة.

لابان: أو لبنة وهي تقع بضعة كيلو مترات شمال شرقى حضيروت.

حضيروت: حوالي 40 كم شمال شرقى جبل حوريب وهي التي صارت فيها مريم أخت موسى برصاء (عد12) (خريطة 1 [في سفر العدد]، خريطة 12←).

ذى ذهب: في خط السير من سيناء إلى قادش برنيع بين الجبال بين برية فاران غربًا وخليج العقبة شرقًا. ومعناها التي فيها ذهب كثير.

هذه هي وصايا موسى لشعبه قبل انتقاله من العالم، وهي لشعب الله في كل جيل.

وقد حدّد موسى المكان الذي اجتمع فيه مع الشعب وحدثهم فيها بثلاث عظات (وللتبسيط على القارئ نقول أن هذا المكان هو شرق نهر الأردن)، ويبدأ هنا العظة الأولى منها وهي المذكورة في (تث 1 - 5). وقد تكلم غالبًا مع شيوخ إسرائيل وليس مع الشعب كله الذين يزيد عددهم عن 2 مليون شخص، وأوصل السبعون شيخًا كلامه إلى كل الشعب.

سنلاحظ في هذه العظة، رغم أنها الخطاب الوداعى لموسى الذي بلغ من العمر 120 عام واقتربت نهاية حياته، أنه لم يتكلم عن إنجازاته وتعبه مع شعبه بل تحدث عن محبة الله ورعايته لهم حتى يتذكر الشعب ذلك ولا ينشغلوا عن الله بخيرات أرض الميعاد التي سيدخلون إليها.

ولم يتحدث موسى أيضًا عن المعارك الحربية التي سيدخلونها لامتلاك أرض الميعاد بل تحدث عن رعاية الله لهم، فالمهم هو علاقتهم بالله وبقوته يسهل عليهم الانتصار في جميع الحروب.

العدد 2

ع2:

أحد عشر يومًا: يسير المسافر مشيًا على القدمين مدة حوالي 8 ساعات يوميًا يقطع خلالها 20 ميلًا وإن كانوا قافلة فيكون 15 ميلًا. والمسافة بين حوريب وقادش برنيع 165 ميلًا فتستغرق 11 يومًا.

حوريب: المنطقة حول جبل سيناء الذي تلقى عليه موسى الوصايا العشر.

جبل سعير: جنوب البحر الميت.

قادش برنيع: في منتصف الخط الممتد من العريش إلى رأس خليج العقبة.

تستغرق الرحلة بين حوريب وقادش برنيع 11 يومًا ولكن رحلة بني إسرائيل في سيناء استغرقت 40 سنة، وكان ذلك من أجل قساوة قلوبهم ورفضهم طاعة الله بدخول أرض الميعاد واستئصال الأشرار، إذ أتاههم الله في البرية حتى مات الجيل المعاند ودخل أبناؤهم أرض الميعاد.

ويلاحظ أن سفر التثنية هو تعاليم من موسى للشعب الجديد بعد موت الآباء جميعهم، ما عدا يشوع بن نون وكالب بن يفنة، وهو بهذا يختلف عن أسفار الخروج واللاويين والعدد التي نسمع فيها عن أحاديث الله مع موسى. وهو هنا يثبت الشعب في الإيمان بالله والتمسك بوصاياه وشرائعه حتى لا ينزعجوا من قوة الأعداء في أرض كنعان ولا ينسوا شرائعه وسط العبادات الوثنية المنتشرة في كنعان.

† كن مطيعًا لوصايا الله مهما بدت صعبة فهي أقصر الطرق لدخول الملكوت، وثق أن الله يسندك ويخلصك من كل شر إن أطعت وصاياه.

(2) تذكر هزيمة سيحون وعوج (ع3 - 5):

3 فَفِي السَّنَةِ الأَرْبَعِينَ فِي الشَّهْرِ الحَادِي عَشَرَ فِي الأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ كَلمَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيل حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَاهُ الرَّبُّ إِليْهِمْ. 4 بَعْدَ مَا ضَرَبَ سِيحُونَ مَلِكَ الأَمُورِيِّينَ السَّاكِنَ فِي حَشْبُونَ وَعُوجَ مَلِكَ بَاشَانَ السَّاكِنَ فِي عَشْتَارُوثَ فِي إِذْرَعِي. 5 فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ ابْتَدَأَ مُوسَى يَشْرَحُ هَذِهِ الشَّرِيعَةَ قَائِلًا:

العدد 3

ع3:

في أواخر السنة الأربعين لخروج بني إسرائيل من مصر كانت أحاديث موسى لشعبه، إذ كرّر لهم أحكام الشريعة الإلهية التي نقلها إليهم، وقد أتبعها بنصيحته بألا يحيدوا عنها وتحذيره لهم بما سوف يحل بهم إذا خالفوها. وكان توقيت هذه الأحاديث قبل نياحته بمدة قصيرة وتسليم القيادة ليشوع.

وقد بدأ موسى حديثه في اليوم الأول من الشهر الحادى عشر من السنة الأربعين، وعبر الشعب نهر الأردن ودخلوا أرض الميعاد في اليوم العاشر من الشهر الأول من السنة الحادية والأربعين (يش4: 19)، فتكون المدة كلها تسعة وستين يومًا، قضى موسى نحو ثلاثين يومًا في أحاديثه التي ذكرها في سفر التثنية وعملوا مناحة عليه مدة ثلاثين يومًا (تث 34: 8) والأيام القليلة الباقية تم فيها كتابة الشريعة وتسليمها لللاويين.

العدد 4

ع4:

الأموريون: شعب سامى من أصل كنعانى، كانوا في زمن موسى يسكنون جنوب فلسطين وتملكوا أيضًا في حقبة ما من تاريخهم منطقة شرق الأردن من نهر أرنون في الجنوب إلى جبل حرمون في الشمال.

حشبون: هي مدينة سيحون ملك الأموريين في زمن موسى، يوجد مكانها حاليًا مدينة خربة تعرف باسم "حسبان" بين نهر أرنون ونهر اليبوق.

باشان: مقاطعة في أرض كنعان واقعة شرق الأردن بين جبلى حرمون وجلعاد يحدها شمالًا دمشق وشرقًا الصحراء السورية وجنوبًا أرض جلعاد وغربًا نهر الأردن ويخترقها في الشرق جبل الدروز (خريطة 5).

عشتاروت: بلدة في باشان كانت قاعدة لعوج ملك باشان ويظن أنها حاليًا تل عشترة على بعد 35 كم. شرق بحيرة طبرية.

أذرعى: عاصمة باشان واسمها الحالي "درعة" وتقع على مسافة حوالي 47 كم. شرقي الطرف الجنوبي لبحيرة طبرية، على الحدود بين الأردن وسوريا.

عبر الأردن: الضفة الشرقية للأردن (خريطة 4 [في سفر العدد]، خريطة 13).

وصل الشعب بقيادة موسى إلى هذه البقعة من الأرض، التي تقع في الضفة الشرقية للأردن في أرض موآب، وكان ذلك بعد حربين انتصر فيهما إسرائيل على كل من سيحون ملك الأموريين وعوج ملك باشان. وكان سيحون يسيطر على الجزء الجنوبى شرق نهر الأردن بينما عوج كان يحكم الجزء الشمالى منه. وأخبار هذا الانتصار جاءت في سفر العدد (تث 21) (خريطة 5).

العدد 5

ع5:

أرض موآب: القسم الشرقى من البحر الميت وهي جزء من مملكة الأردن حاليًا.

لم يكتفٍ موسى بتكرار الشريعة، بل شرحها وفسرها أيضًا للجيل الجديد الذي كان على وشك الدخول إلى أرض كنعان بعدما هلك الجيل السابق بأكمله في البرية.

† جيد أن تتذكر أعمال الله السابقة معك حتى تطمئن وتشكره وتتشجع في جهادك مستندًا على قوته.

(3) دعوة الله لدخول أرض كنعان (ع6 - 8):

6«اَلرَّبُّ إِلهُنَا كَلمَنَا فِي حُورِيبَ قَائِلًا: كَفَاكُمْ قُعُودٌ فِي هَذَا الجَبَلِ! 7 تَحَوَّلُوا وَارْتَحِلُوا وَادْخُلُوا جَبَل الأَمُورِيِّينَ وَكُل مَا يَلِيهِ مِنَ العَرَبَةِ وَالجَبَلِ وَالسَّهْلِ وَالجَنُوبِ وَسَاحِلِ البَحْرِ أَرْضَ الكَنْعَانِيِّ وَلُبْنَانَ إِلى النَّهْرِ الكَبِيرِ نَهْرِ الفُرَاتِ. 8 اُنْظُرْ قَدْ جَعَلتُ أَمَامَكُمُ الأَرْضَ. ادْخُلُوا وَتَمَلكُوا الأَرْضَ التِي أَقْسَمَ الرَّبُّ لآِبَائِكُمْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أَنْ يُعْطِيَهَا لهُمْ وَلِنَسْلِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ.

العدد 6

ع6:

وصل بنو إسرائيل إلى جبل حوريب في اليوم الأول من الشهر الثالث في السنة الأولى لخروجهم من مصر، وظلوا فيها مدة عام تقريبًا استلموا خلالها الوصايا والشريعة وعملوا خيمة الاجتماع كما أمرهم الله، ولكنهم رفضوا دخول أرض الميعاد بعد ذلك، فأتاههم في برية سيناء 40 سنة.

الأعداد 7-8

ع7 - 8:

جبل الأموريين: وهو جنوب فلسطين وكان للأموريين فيه خمسة ملوك (يش10: 5).

العربة: المنحدر الكبير الذي يجرى فيه نهر الأردن.

الجبل والسهل والجنوب: السهل هو الأراضي المنخفضة المجاورة للبحر المتوسط والممتدة من شمال فلسطين إلى جنوبها، والجبل هو المرتفعات الوسطى والجنوب هو منطقة النَقَب الممتدة من جنوب فلسطين إلى حدود مصر.

ساحل البحر: المناطق الساحلية على البحر المتوسط.

أرض كنعان: يقصد بها كل بلاد فلسطين وما حولها والتي تسكنها الشعوب الكنعانية.

لبنان إلى النهر الكبير نهر الفرات: يقصد لبنان الحالية والتي تمتد على ساحل البحر المتوسط ثم الأراضي الممتدة شرقها حتى نهر الفرات.

طلب منهم الرب أن يرتحلوا ويدخلوا إلى جبل الأموريين جنوب فلسطين ويتجهوا شمالًا إلى النهر الكبير أي نهر الفرات؛ وهي الأرض الموعود بها للآباء إبراهيم وإسحق ويعقوب، فقد كان الرب مشتاقًا أن يسرع للوفاء بوعده بتمليكهم الأرض.

† عدم الإيمان بوعود الله يجعلنا نبعد عن وصاياه فنتوه في هذا العالم ونتعرض للضياع في الخطايا والتشتت في أفكار دنيوية تبعدنا عن طريق الحياة الذي رسمه لنا الله كما قال "أنا هو الطريق والحق والحياة"، وبهذا نسلك في متاهات تبعدنا عن الملكوت الذي وعد به الرب لمن يطيعون وصاياه.

←.

(4) تعيين الشيوخ المساعدين لموسى (ع9 - 18):

9 وَكَلمْتُكُمْ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ قَائِلًا: لا أَقْدِرُ وَحْدِي أَنْ أَحْمِلكُمْ. 10 اَلرَّبُّ إِلهُكُمْ قَدْ كَثَّرَكُمْ. وَهُوَذَا أَنْتُمُ اليَوْمَ كَنُجُومِ السَّمَاءِ فِي الكَثْرَةِ. 11 الرَّبُّ إِلهُ آبَائِكُمْ يَزِيدُ عَليْكُمْ مِثْلكُمْ أَلفَ مَرَّةٍ وَيُبَارِكُكُمْ كَمَا كَلمَكُمْ. 12 كَيْفَ أَحْمِلُ وَحْدِي ثِقْلكُمْ وَحِمْلكُمْ وَخُصُومَتَكُمْ؟ 13 هَاتُوا مِنْ أَسْبَاطِكُمْ رِجَالًا حُكَمَاءَ وَعُقَلاءَ وَمَعْرُوفِينَ فَأَجْعَلُهُمْ رُؤُوسَكُمْ. 14 فَأَجَبْتُمُونِي: حَسَنٌ الأَمْرُ الذِي تَكَلمْتَ بِهِ أَنْ يُعْمَل. 15 فَأَخَذْتُ رُؤُوسَ أَسْبَاطِكُمْ رِجَالًا حُكَمَاءَ وَمَعْرُوفِينَ وَجَعَلتُهُمْ رُؤُوسًا عَليْكُمْ رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ وَرُؤَسَاءَ خَمَاسِينَ وَرُؤَسَاءَ عَشَرَاتٍ وَعُرَفَاءَ لأَسْبَاطِكُمْ. 16 وَأَمَرْتُ قُضَاتَكُمْ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ قَائِلًا: اسْمَعُوا بَيْنَ إِخْوَتِكُمْ وَاقْضُوا بِالحَقِّ بَيْنَ الإِنْسَانِ وَأَخِيهِ وَنَزِيلِهِ. 17 لا تَنْظُرُوا إِلى الوُجُوهِ فِي القَضَاءِ. لِلصَّغِيرِ كَالكَبِيرِ تَسْمَعُونَ. لا تَهَابُوا وَجْهَ إِنْسَانٍ لأَنَّ القَضَاءَ لِلهِ. وَالأَمْرُ الذِي يَعْسُرُ عَليْكُمْ تُقَدِّمُونَهُ إِليَّ لأَسْمَعَهُ. 18 وَأَمَرْتُكُمْ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ بِكُلِّ الأُمُورِ التِي تَعْمَلُونَهَا.

العدد 9

ع9:

قبل متابعة أحداث القصة الرئيسية المذكور بدايتها في (ع6 - 8) والتي تحكى ما حدث عندما طلب منهم الرب دخول أرض الموعد وتملكها، ينتقل موسى إلى حدث آخر تم أيضًا في حوريب وهو تعيين عدد من القضاة ليفصلوا في قضايا الشعب (خر18: 13 - 27)، فقد كان من الصعب جدًا على موسى وحده أن يقضى ويحل مشاكل 2 مليون نفس.

الأعداد 10-11

ع10 - 11:

وكما كلمكم: وعد آباءكم.

ازداد عدد أفراد الشعب كثيرًا - كما سبق ووعد الله إبراهيم بذلك - وازدادت بالتالى المشاكل التي لابد أن تقوم بين أفراد وجماعات بهذه الكثرة، وهذا أمر طبيعي مع زيادة الأعداد؛ ويباركهم موسى ويطلب من الله أن يزيد أعدادهم أكثر وأكثر.

الأعداد 12-14

ع12 - 14:

قرَّر موسى الأخذ بمشورة حميه "يثرون" (القصة المذكورة في خر18: 13 - 27)، فأقام عدد من الرجال الحكماء ليساعدوه في الفصل في المنازعات، وقد رحَّب الشعب بذلك.

الأعداد 15-16

ع15 - 16:

عرفاء: أشخاص عارفين كلام الله ليقضوا به بين إخوتهم، وغالبًا كانوا كمستشارين يقضون لكل الأسباط أي عموميين وليسوا لمجموعة محددة وهم متميزون في الفهم والمعرفة، وقد يكون الكثير منهم من العرفاء الذين كانوا يقودون شعب إسرائيل في مصر لجمع الطوب وبناء المدن التي سخرهم في بنائها المصريون (خر5: 6).

اسمعوا: اهتموا بسماع شكاوى الشعب ومشاكله لتقضوا فيها وتحلوها لهم.

قسم موسى الشعب إلى مجاميع صغيرة أي عشرات وأقام لكل منها قاضيًا، ثم كل بضعة مجاميع أقام لها قاضيًا أكبر، وهكذا حتى أقام قاضيًا يحكم للآلاف منهم. وأقام أيضًا مستشارين عموميين سماهم عرفاء وزودهم بنصائح كثيرة لعملهم هذا وأمرهم أن يتمسكوا بالحق في أحكامهم بدون أي غرض سواء بين اليهود وبعضهم أو بينهم وبين الأجانب الساكنين في وسطهم.

ويلاحظ أن الله لم يختَرهم من الأغنياء أو ذوى المراكز، بل اختارهم لأجل حكمتهم وتمييزهم وفهمهم واهتمامهم بكلامه ليعلموا به الشعب.

الأعداد 17-18

ع17 - 18:

لأن القضاء لله: أنتم قضاة من قبل الله لتحكموا بكلامه فينبغى أن تكونوا عادلين مثله.

كانت تلك التوصيات هي عدم المحاباة في الحكم وألا يخشوا في حكمهم إنسانًا مهما كانت مكانته، على أن يحيلوا إليه كل ما يصعب عليهم الحكم فيه.

† ليتنا لا نحتقر النصائح المقدمة لنا من آخرين حتى لو كانوا أقل مكانة منا، كما قبل موسى القائد مشورة حميه الوثني، ولا نزدرى بها ونقبل الصالح منها بروح الاتضاع فنستفيد من مشورة الآخرين.

(5) إرسال جواسيس لاستطلاع الأرض (ع19 - 25):

19«ثُمَّ ارْتَحَلنَا مِنْ حُورِيبَ وَسَلكْنَا كُل ذَلِكَ القَفْرِ العَظِيمِ المَخُوفِ الذِي رَأَيْتُمْ فِي طَرِيقِ جَبَلِ الأَمُورِيِّينَ كَمَا أَمَرَنَا الرَّبُّ إِلهُنَا. وَجِئْنَا إِلى قَادِشَ بَرْنِيعَ. 20 فَقُلتُ لكُمْ: قَدْ جِئْتُمْ إِلى جَبَلِ الأَمُورِيِّينَ الذِي أَعْطَانَا الرَّبُّ إِلهُنَا. 21 اُنْظُرْ. قَدْ جَعَل الرَّبُّ إِلهُكَ الأَرْضَ أَمَامَكَ. اصْعَدْ تَمَلكْ كَمَا كَلمَكَ الرَّبُّ إِلهُ آبَائِكَ! لا تَخَفْ وَلا تَرْتَعِبْ! 22 فَتَقَدَّمْتُمْ إِليَّ جَمِيعُكُمْ وَقُلتُمْ: دَعْنَا نُرْسِل رِجَالًا قُدَّامَنَا لِيَتَجَسَّسُوا لنَا الأَرْضَ وَيَرُدُّوا إِليْنَا خَبَرًا عَنِ الطَّرِيقِ التِي نَصْعَدُ فِيهَا وَالمُدُنِ التِي نَأْتِي إِليْهَا. 23 فَحَسُنَ الكَلامُ لدَيَّ فَأَخَذْتُ مِنْكُمُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا. رَجُلًا وَاحِدًا مِنْ كُلِّ سِبْطٍ. 24 فَانْصَرَفُوا وَصَعِدُوا إِلى الجَبَلِ وَأَتُوا إِلى وَادِي أَشْكُول وَتَجَسَّسُوهُ 25 وَأَخَذُوا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ أَثْمَارِ الأَرْضِ وَنَزَلُوا بِهِ إِليْنَا وَرَدُّوا لنَا خَبَرًا وَقَالُوا: جَيِّدَةٌ هِيَ الأَرْضُ التِي أَعْطَانَا الرَّبُّ إِلهُنَا.

العدد 19

ع19:

القفر العظيم: المناطق الشمالية من برية سيناء، وهي وعرة ومتسعة والمرور فيها خطر بسبب كونها قاحلة وبها وحوش، بالإضافة للشعوب الشريرة الساكنة والمحيطة به، ولكن الله برعايته حفظهم فيه.

جبل الأموريين: من أهم معالم الطريق في هذا القفر وقد أشرنا إليه في (ع7) (خريطة 1).

يستأنف موسى القصة الرئيسية في هذا الأصحاح، فيمكن قراءة الأعداد الحالية مباشرة بعد (ع6 - 8) لنفهم تواصل القصة.

ارتحل الشعب من حوريب كما أمر الرب وجاءوا إلى قادش برنيع (خريطة 1، خريطة 12).

العدد 20

ع20:

هنا أفهمهم موسى أنهم بذلك يكونون قد وصلوا إلى جبل الأموريين الذي وعدهم الرب أن يكون أول الطريق نحو تملكهم الأرض وبالتالي فهو البوابة المؤدية إلى بقية الأرض الموعود بها.

العدد 21

ع21:

يطمئنهم موسى أنه لا داعٍ للخوف أو الرعب من مواجهة سكان الأرض لأن الرب هو الذي أمرهم بالصعود وتملك الأرض.

العدد 22

ع22:

لم ينفذ الشعب أمر الله مباشرة بالصعود وتملك الأرض، ولكنهم رأوا أن يبعثوا بفرقة استطلاع ليتجسَّسوا الأرض قبل أن يدخلوها محاربين. وربما كان ذلك فكرًا عسكريًا صائبًا يتم حتى في عالمنا الحاضر، ولكن الدافع من إرسال الجواسيس كان خوفهم من المجهول في الأرض الجديدة وذلك لضعف إيمانهم بالله وعدم طاعتهم له، ولما طلبوا من موسى إرسال جواسيس، كلم الله، فوافق الله ليس لأن هذا هو التصرف الحسن ولكن لطول أناته على الشعب (عد13: 1، 2). وللأسف عندما عاد الجواسيس أعلن عشرة منهم قوة الأعداء واستحالة التغلب عليهم، فخاف الشعب وانساق وراءهم ورفضوا تشجيع يشوع بن نون وكالب بن يفنة الجاسوسين اللذين أظهرا بركة الله وخيراته في الأرض وقوته القادرة أن تساند الشعب. ولما تذمر الشعب على الله، غضب عليهم ولم يدخلهم أرض الميعاد وأتاههم في البرية حتى مات كل المتذمرين ودخل أبناؤهم فقط أرض الميعاد.

العدد 23

ع23:

لذلك وافقهم موسى في ذلك وقام بإرسال الفريق باختيار رجل واحد من كل سبط.

العدد 24

ع24:

وادى اشكول: وادي بالقرب من حبرون إلى الشمال وهو مازال إلى اليوم مشهور بكرومه وهو وادي حبرون أو وادي ممرا (خريطة 2).

صعدوا إلى جبل الأموريين ووصلوا إلى وادي أشكول وقد ذكر سفر العدد تفاصيل الأماكن التي مرّ بها الجواسيس واستغرقت رحلتهم أربعين يومًا (عد13: 21 - 25).

العدد 25

ع25:

أخذوا عينات من ثمر الأرض وخيراتها الوفيرة ثم رجعوا إلى أسباطهم قائلين أن الأرض جيدة ومثمرة.

† إذا انزعجت من أي شيء، لا تثير من حولك ولا تخضع لأفكار التشكك والتوتر بل التجئ إلى الله في صلاة واطلب إرشاد أب اعترافك حتى تهدأ ويرشدك الله إلى الحل السليم وترشد من حولك فتكون سبب بركة للآخرين وليس انزعاجًا.

(6) رفضهم دخول أرض الميعاد (ع26 - 33):

26«لكِنَّكُمْ لمْ تَشَاءُوا أَنْ تَصْعَدُوا وَعَصَيْتُمْ قَوْل الرَّبِّ إِلهِكُمْ 27 وَتَمَرْمَرْتُمْ فِي خِيَامِكُمْ وَقُلتُمُ: الرَّبُّ بِسَبَبِ بُغْضَتِهِ لنَا قَدْ أَخْرَجَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لِيَدْفَعَنَا إِلى أَيْدِي الأَمُورِيِّينَ لِيُهْلِكَنَا. 28 إِلى أَيْنَ نَحْنُ صَاعِدُونَ؟ قَدْ أَذَابَ إِخْوَتُنَا قُلُوبَنَا قَائِلِينَ: شَعْبٌ أَعْظَمُ وَأَطْوَلُ مِنَّا. مُدُنٌ عَظِيمَةٌ مُحَصَّنَةٌ إِلى السَّمَاءِ وَأَيْضًا قَدْ رَأَيْنَا بَنِي عَنَاقَ هُنَاكَ. 29 فَقُلتُ لكُمْ: لا تَرْهَبُوا وَلا تَخَافُوا مِنْهُمُ! 30 الرَّبُّ إِلهُكُمُ السَّائِرُ أَمَامَكُمْ هُوَ يُحَارِبُ عَنْكُمْ حَسَبَ كُلِّ مَا فَعَل مَعَكُمْ فِي مِصْرَ أَمَامَ أَعْيُنِكُمْ 31 وَفِي البَرِّيَّةِ حَيْثُ رَأَيْتَ كَيْفَ حَمَلكَ الرَّبُّ إِلهُكَ كَمَا يَحْمِلُ الإِنْسَانُ ابْنَهُ فِي كُلِّ الطَّرِيقِ التِي سَلكْتُمُوهَا حَتَّى جِئْتُمْ إِلى هَذَا المَكَانِ. 32 وَلكِنْ فِي هَذَا الأَمْرِ لسْتُمْ وَاثِقِينَ بِالرَّبِّ إِلهِكُمُ 33 السَّائِرِ أَمَامَكُمْ فِي الطَّرِيقِ لِيَلتَمِسَ لكُمْ مَكَانًا لِنُزُولِكُمْ فِي نَارٍ ليْلًا لِيُرِيَكُمُ الطَّرِيقَ التِي تَسِيرُونَ فِيهَا وَفِي سَحَابٍ نَهَارًا.

العدد 26

ع26:

رغم ما أتى به الجواسيس من تأكيد لصحة وعود الرب من أن الأرض جيدة "تفيض لبنا وعسلًا"، إلا أن ضعف إيمان الشعب جعلهم لا يثقون في دعوة الرب لهم بدخول الأرض بل على العكس فكروا في إقامة رئيس لهم خلاف موسى للعودة إلى مصر (عد14: 1 - 4).

الأعداد 27-28

ع27 - 28:

بنى عناق: ذرية عناق وهو رجل كنعانى، وكانوا يوصفون بالجبابرة لطول قامتهم وشدة بأسهم في الحروب، ويضرب بهم المثل في الكثرة والضخامة. وسكنوا في جنوب فلسطين بين القدس والخليل.

عندما سمعوا قول الجواسيس أن شعب الأرض قوى جدًا والمدن محصنة تمامًا ضد أي غزو خارجي وأن بنى عناق يسكنون هناك، خافوا جدًا.

العدد 29

ع29:

طمأنهم موسى، إذ هو واثق بالرب، وقد نبههم من قبل ألا يخافوا أو يرهبوا من سكان الأرض.

العدد 30

ع30:

ذكَّرهم موسى بكل الأعمال التي عملها الرب معهم وكانوا شهود عيان لها منذ كانوا في مصر، وأنه هو الذي قادهم في البرية بعمود السحاب وعمود النار وهو الذي سيدخلهم أرض كنعان بقوته العظيمة.

العدد 31

ع31:

ذكَّرهم موسى أيضًا برعاية الله لهم في برية سيناء، وكيف أطعمهم بالمن وسقاهم من الصخرة وحفظ ثيابهم ونعالهم ومرّوا بسلام في الطريق حتى أوصلهم إلى مشارف أرض الميعاد. وشبَّه رعاية الله لهم برجل يحمل طفله بين يديه ويعتنى بكل احتياجاته فلا يعوزه شيء.

الأعداد 32-33

ع32 - 33:

عاتبهم موسى على عدم إيمانهم بقوة الله التي قادتهم في برية سيناء بعمود السحاب نهارًا وعمود النار ليلًا، وكيف أنه اختار لهم محطات الاستقرار المناسبة، والآن أعدَّ لهم أرض كنعان المملوءة بالخيرات، وبقوته يستطيع أن يدخلهم فيها، فلماذا يخافون؟!

† قد يتراءى لنا خلال مسيرتنا في الحياة أن طريق الملكوت طريق صعب، فهو طريق حرب مستمرة ضد عدو الخير مما يتطلب منا جهادًا روحيًا ويقظة دائمة، فنخاف ونخشى السلوك في هذا الطريق الصعب وننسى أن الله هو المدافع عنا وأن الحروب هي حروب الرب. فليكن لنا الثقة الكاملة في غلبة الله للعالم كما أكد لنا السيد المسيح قائلًا "ثقوا أنا قد غلبت العالم".

(7) عقاب الله لهم لرفضهم دخول أرض الميعاد (ع34 - 40):

34 وَسَمِعَ الرَّبُّ صَوْتَ كَلامِكُمْ فَسَخِطَ وَأَقْسَمَ قَائِلًا: 35 لنْ يَرَى إِنْسَانٌ مِنْ هَؤُلاءِ النَّاسِ مِنْ هَذَا الجِيلِ الشِّرِّيرِ الأَرْضَ الجَيِّدَةَ التِي أَقْسَمْتُ أَنْ أُعْطِيَهَا لآِبَائِكُمْ 36 مَا عَدَا كَالِبَ بْنَ يَفُنَّةَ. هُوَ يَرَاهَا وَلهُ أُعْطِي الأَرْضَ التِي وَطِئَهَا وَلِبَنِيهِ لأَنَّهُ قَدِ اتَّبَعَ الرَّبَّ تَمَامًا. 37 وَعَليَّ أَيْضًا غَضِبَ الرَّبُّ بِسَبَبِكُمْ قَائِلًا: وَأَنْتَ أَيْضًا لا تَدْخُلُ إِلى هُنَاكَ. 38 يَشُوعُ بْنُ نُونَ الوَاقِفُ أَمَامَكَ هُوَ يَدْخُلُ إِلى هُنَاكَ. شَدِّدْهُ لأَنَّهُ هُوَ يَقْسِمُهَا لِإِسْرَائِيل. 39 وَأَمَّا أَطْفَالُكُمُ الذِينَ قُلتُمْ يَكُونُونَ غَنِيمَةً وَبَنُوكُمُ الذِينَ لمْ يَعْرِفُوا اليَوْمَ الخَيْرَ وَالشَّرَّ فَهُمْ يَدْخُلُونَ إِلى هُنَاكَ وَلهُمْ أُعْطِيهَا وَهُمْ يَمْلِكُونَهَا. 40 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَحَوَّلُوا وَارْتَحِلُوا إِلى البَرِّيَّةِ عَلى طَرِيقِ بَحْرِ سُوفٍ.

العدد 34

ع34:

سلوك الشعب في هذا الموقف جلب عليهم غضب الرب فأنزل العقاب اللائق لهذا العصيان.

الأعداد 35-36

ع35 - 36:

عندما رأى الله تذمر الشعب ومحاولتهم الرجوع إلى مصر، أعلن حرمانهم جميعًا من دخول أرض الميعاد، عدا الاثنين اللذين آمنا به وشجعا الشعب. ويذكر أحدهما هنا وهو كالب بن يفنة، وأنه سيمتلك الأرض التي داسها بأقدامه، أي يأخذ نصيبه من أرض كنعان. ولم يذكر في هذه الآية "يشوع" زميله بل سيذكره في (ع38) لأنه لن يدخل فقط أرض الميعاد بل سيقود الشعب كله خلفًا لموسى.

العدد 37

ع37:

بسببكم: بسبب كثرة تذمركم اندفعت وضربت الصخرة مرتين وأخطأت إلى الله.

باتضاع، يظهر موسى ضعفه في ضرب الصخرة مرتين في مريبة (عد20: 10 - 12) مخالفًا لأمر الله، إذ أنه توتر بسبب تذمرات بني إسرائيل المتكررة فضرب الصخرة مرتين بدلًا من مرة، ولذلك حرمه الله من دخول أرض الميعاد بسبب ضعف إيمانه، ولكن هذا لم يقلّل من عظمة موسى الذي تعتبره الكنيسة رئيس الأنبياء وهو أعظم شخصية في نظر اليهود. وكل هذا يؤكد خطورة التذمر الذي سقط فيه بنو إسرائيل وعدم طاعتهم لله.

العدد 38

ع38:

الواقف أمامك: تلميذك الذي يعاونك.

شدِّده: وضع موسى يديه على يشوع وشجعه وأعطاه نصائح، وصنع كل هذا أمام الشعب إعلانًا منه أنه خليفته ليهابوه ويخضعوا له (عد27: 20، 22، 23، تث31: 7، 8).

أمر الله موسى أن يعضد يشوع ويعلن أمام الشعب أنه خليفته ليقود بني إسرائيل بعده ويدخلهم أرض الميعاد.

العدد 39

ع39:

سوف يتمم الله وعده في الجيل التالي، الذين كانوا أطفالًا في ذلك الوقت أي عمرهم أقل من عشرين عامًا، وكان الآباء يخشون عليهم من الوقوع في الأسر أو أن يقتلوا في المعارك مع بنى عناق. فيعد الرب بأن يرث هؤلاء الأبناء أرض الموعد لأنهم أبرياء من عصيان آبائهم، فصغر سنهم في ذلك الحين لا يسمح لهم بمعرفة الخير والشر.

العدد 40

ع40:

إذ غضب الله على الشعب، أبعدهم عن أرض الميعاد وحوَّلهم إلى برية سيناء في اتجاه البحر الأحمر ليتوهوا في هذه البرية نحو 40 عامًا، يموت أثناءها كل الكبار الذين تذمروا، ثم يعود بأبنائهم إلى مشارف أرض الميعاد حيث يكلمهم موسى الآن قبل موته وقبل دخولهم أرض الميعاد مباشرة.

† لا تستهن بطول أناة الله فتتذمر على حياتك وترفض تنفيذ وصاياه لأنه عادل وقادر أن يحرمك من بركات كثيرة تتمتع بها الآن. فإن سقطت في التذمر، إرجع سريعًا إليه بالتوبة واشكره على عطاياه لأنه أب حنون يريد أن يسامحك على كل خطاياك.

(8) انكسار إسرائيل أمام شعوب الأرض (ع41 - 46):

41«فَأَجَبْتُمْ: قَدْ أَخْطَأْنَا إِلى الرَّبِّ. نَحْنُ نَصْعَدُ وَنُحَارِبُ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَنَا الرَّبُّ إِلهُنَا. وَتَنَطَّقْتُمْ كُلُّ وَاحِدٍ بِعُدَّةِ حَرْبِهِ وَاسْتَخْفَفْتُمُ الصُّعُودَ إِلى الجَبَلِ. 42 فَقَال الرَّبُّ لِي: قُل لهُمْ لا تَصْعَدُوا وَلا تُحَارِبُوا لأَنِّي لسْتُ فِي وَسَطِكُمْ لِئَلا تَنْكَسِرُوا أَمَامَ أَعْدَائِكُمْ. 43 فَكَلمْتُكُمْ وَلمْ تَسْمَعُوا بَل عَصَيْتُمْ قَوْل الرَّبِّ وَطَغَيْتُمْ وَصَعِدْتُمْ إِلى الجَبَلِ. 44 فَخَرَجَ الأَمُورِيُّونَ السَّاكِنُونَ فِي ذَلِكَ الجَبَلِ لِلِقَائِكُمْ وَطَرَدُوكُمْ كَمَا يَفْعَلُ النَّحْلُ وَكَسَرُوكُمْ فِي سَعِيرَ إِلى حُرْمَةَ. 45 فَرَجَعْتُمْ وَبَكَيْتُمْ أَمَامَ الرَّبِّ وَلمْ يَسْمَعِ الرَّبُّ لِصَوْتِكُمْ وَلا أَصْغَى إِليْكُمْ. 46 وَقَعَدْتُمْ فِي قَادِشَ أَيَّامًا كَثِيرَةً كَالأَيَّامِ التِي قَعَدْتُمْ فِيهَا».

العدد 41

ع41:

أدرك بنو إسرائيل خطأهم نحو الله عندما أعلن غضبه عليهم بحرمانهم من دخول أرض الميعاد، ولكنهم لم يتوبوا بل اندفعوا ليدخلوا أرض الميعاد دون أن يصلوا ويطلبوا معونة الله، بل شعروا بقوتهم بعدما تسلحوا بلبس أحزمة وأسلحة الحرب واستهانوا بصعود الجبل والهجوم على الأعداء واثقين من قوتهم الشخصية وليس الله.

العدد 42

ع42:

عندما رأى الله اندفاعهم لمحاربة الأعداء اعتمادًا على قوتهم، أشفق عليهم بأبوته فحذرهم من دخول أرض الميعاد فهذا ليس طاعة لأوامره بل اندفاعًا وكبرياءً منهم. ونبههم إلى أنه لن يكون معهم وبالتالي سينهزموا أمام الأعداء.

العدد 43

ع43:

طغيتم: تكبرتم وتوقحتم.

ذكَّرهم الله أنهم لم يطيعوه، بل بكبرياء وثقوا في قوتهم واندفعوا نحو الجبال التي في جنوب فلسطين ليصعدوها ويحاربوا الأعداء ويمتلكوا أرضهم.

الأعداد 44-45

ع44 - 45:

حرمة: على حدود أدوم قرب صقلغ.

أرض سعير: أرض كان يسكنها الحوريون (تك14: 6) ثم استولى عليها عيسو ونسله (تك32: 3) وكانت تسمى أيضًا جبل سعير، وتقع أرض سعير جنوب البحر الميت (خريطة 13←).

ذكَّرهم الله بأنهم عندما عصوه وهجموا على الأموريين قاموا عليهم وطردوهم من بلادهم، كما يطرد النحل كل من يهجم على بيوته، وأخذوا يطاردونهم حتى حرمة وهي بلد تقع على حدود بلاد أدوم جنوب فلسطين. ولما رجع بنو إسرائيل بحزن شديد بعد قتل الكثيرين منهم، لم يسمع الله لصراخهم لأنهم لم يتوبوا.

العدد 46

ع46:

ظل بنو إسرائيل في قادش وقلوبهم مملوءة بالحزن على انكسارهم أمام الأعداء وذلك لمدة أيام كثيرة يظن البعض أنها أربعون يومًا، كالمدة التي قضوها في قادش انتظارًا لرجوع الجواسيس من مهمتهم في تجسس أرض الميعاد. وبعد ذلك ارتحلوا في البرية مدة حوالي 38 سنة في تيه حتى مات كل الشعب المتذمر ثم عادوا ثانية إلى قادش ليدخل الأبناء أرض الميعاد.

† كثيرًا ما يهيئ لنا عدو الخير أن حكمتنا الأرضية أفضل من المشورة الإلهية، فنتخذ قرارات ونسلك في طرق لا تتفق مع ما رسمه الله لنا، وبعد الدخول في التجربة يتبين لنا خطأ اختياراتنا وما سببته لنا من متاعب. فلنضع مشيئة الله دائمًا أمام أعيننا ونترك له القيادة ليسيّر حياتنا وفق إرادته الخيّرة.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثاني - سفر التثنية - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر التثنية الأصحاح 1
تفاسير سفر التثنية الأصحاح 1