ما هو الحزن الذى يجب أن نتحمله لكى نستحق التطويب (مت4:5)؟!

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هو الحزن الذى يجب أن نتحمله لكى نستحق التطويب (مت5: 4)؟!

يجيب القديس باسيليوس الكبير: [لقد أجبنا على هذا السؤال من قبل عندما تحدَّثنا عن "الحزن بحسب مشيئة الله" (2كو7: 11)، وهو عندما نحزن على خطايانا سواء كانت بسبب اهانة الله، وذلك لأن التعدى على الناموس يهين الله (رو2: 23)، أو حين نبكى على هؤلاء الغارقين فى خطر الخطية، لأن "النفس التى تخطئ هى تموت" (حز18: 4)، فنقتدى بالقائل: "أنوح على كثيرين من الذين أخطأوا من قبل ولم يتوبوا" (2كو12: 21) ([575]).


[575] [] Regulae brevius tractatae. 194.

ما الفرق بين “الحزن بحسب مشيئة الله” و “وحزن العالم”؟ (2كو10:7)؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما الفرق بين "الحزن بحسب مشيئة الله" و "وحزن العالم"؟ (2كو7: 10)؟

يجيب القديس باسيليوس الكبير: [الحزن بحسب مشيئة الله هو أن يحزن الإنسان على إهماله أو احتقاره وصية الله، كما يقول المزمور: "الحمية أخذتنى بسبب الأشرار تاركى شريعتك (مز119: 45). أما الحزن بمشيئة العالم فيحدث إذا كان ما يُسببه شئ بشرى أو خاص بالعالم ([574]).


[574] [] Regulae brevius tractatae. 192.

هل يتعارض سكب دموع التوبة مع الشخصية المتسمة بالبشاشة؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

هل يتعارض سكب دموع التوبة مع الشخصية المتسمة بالبشاشة؟

مع ما اتسمت به شخصية القديس باسيليوس المتألم من ابتسامة تحمل انعكاساً للسلام الداخلى والفرح، غير انه يدعو دموع التوبة دموع الحب. فالدموع عند القديس باسيليوس هى ذبيحة حب لله خلال التوبة والرغبة الكاملة أن يصير المؤمن أيقونة محبوبة للرب. ومن جانب آخر تُقدم ذبيحة حب أخوي إذ لا يكف قلب المؤمن عن التنهد ودموعه عن البكاء من أجل إخوته فى البشرية، طالباً خلاص كل أحد إن أمكن. إنه يشارك مُخلصه الذى يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى الحق يقبلون (1تى2: 4).

أجاب القديس باسيليوس الكبير على السؤال: هل يجوز للإنسان أن يضحك؟ بأنه لا يقدر أن يفهم كيف يمكن لمسيحى صالح أن يضحك [خاصة عندما يرى كثيرين يُهينون الله بكسرهم الناموس، واقترابهم للموت بالخطية، إذ يليق به أن يحزن ويبكى على هؤلاء ([571])].

كما يقول فى عظته عن الشهيدة يوليطة: [عندما ترى أخاك ينوح فى توبة عن خطاياه ابك معه. هكذا خلال أخطاء الغير تربح نفسك من الخطأ. من يسكب الدموع الساخنة على أخطاء قريبة يبرأ هو بحزنه على أخيه. هذا هو حال القائل: "الكآبة امتلكتنى من أجل الخطاة الذين حادوا عن ناموسك" (مز118: 53) ([572])].

أيضاً يقول: [ "من أجلى حولت نوحى إلى فرح لى، مزقت مسحى، ومنطقتنى بالفرح" (مز30: 12). فرح الله لا يستقر فى كل النفوس، بل فى تلك النفوس التى بكت خطاياها بدموع مستمرة، كمن مات لها عزيز لديها. مثل تلك النفس يُحول الله نوحها إلى فرح، والحزن نافع هنا... يبكى الأنبياء علينا، ويدعوننا لنبكى حتى نكتشف أخطاءنا فى ضوء كلماتهم النبوية، عندئذ نبكى على هلاكنا، ونقمع جسدنا بالجهاد والتأديب. الإنسان الذى يسلك مثل هذا الطريق، تُمزق مسوحه، ويلبس لباس العرس المزينة حتى لا يخرج خارج العُرس (مت22: 11 - 13) ([573])].


[571] [] Short Rules 31.

[572] [] PG 257: 31 D.

[573] [] تفسير المزمور 30 (29).

ما هو السلوك اللائق بالمؤمن التائب؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هو السلوك اللائق بالمؤمن التائب؟

قدم لنا الرسول بولس خمسة مبادئ للسلوك اللائق بأولاد الله التائبين:

أولاً - السلوك فى المسيح: "فكما قبلتم المسيح يسوع الرب اسلكوا فيه" (كو2: 6). من يقبل السيد المسيح يسلك فيه بكونه الطريق الإلهى، فيستطيع أن يجتاز العالم بقلبه وفكره، ويعبر كما إلى حضن الآب، لتستقر أعماقه هناك على رجاء قيامة الجسد والوجود الدائم فى المجد الأبدى. يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [ "اسلكوا فيه"، لأنه الطريق الذى يقودنا إلى الآب، وليس فى الملائكة، فإنهم لا يقتدرون أن يبلغوا بنا إليه ([566])].

ثانياً - السلوك بالورح القدس: "أقول اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد" (غل5: 16).

يقول القديس أنبا أنطونيوس الكبير: [(الروح القدس) يحث (المؤمن) على الدوام أن يجاهد الجسد والروح، لكى ما يتقدسا على ذات المستوى، ويستحقا أن يرثا الحياة الأبدية بالتساوى].

ويقول: [بهذه الطريقة يعتاد الجسد كله على كل صلاح، خاضعاً لقوة الروح القدس، فيتغير تدريجياً، حتى أنه فى النهاية يشترك، إلى حد ما، فى سمات الجسد الروحى الذى نتقبله فى قيامة الأبرار ([567])].

ثالثا - السلوك فى المحبة: "اسلكوا فى المحبة كما أحبنا المسيح أيضاً، وأسلم نفسه لأجلنا قرباناً وذبيحة لله رائحة طيبة. (أف5: 2) يشارك المسيحى السيد المسيح كهنوته (الكهنوت العام) بتقديم حياته ذبيحة حب عن الآخرين كسيده. هذه هى سمة" الإنسان الجديد "الذى لنا عوض" الإنسان العتيق "الفاسد.

يقول القديس أغسطينوس: [من يقطن فى الحب يقطن فى الله، لأن الله محبة (1يو4: 16) ([568])]. [لقد دُعيت ابناً، فإن رفضت الامتثال به لماذا تطلب ميراثه؟ ([569])].

رابعاً - السلوك كأولاد نور: "لأنكم كنتم قبلاً ظلمة وأما الآن فنور فى الرب اسلكوا كأولاد نور" (أف5: 8) إذ بالحب العملى نتمثل بالله النور نحمل شركة طبيعته، فنُحسب "أولاد نور"، لا مكان لظلمة الموت فينا، بل ننعم بنور القيامة، خلال هذا المفهوم يوصينا الرسول أن نسلك عملياً كأولاد للنور متمتعين بقوة القيامة وبهجتها فى داخلنا، معلنة فى حياتنا اليومية وسلوكنا الخفى والظاهر، تاركين أعمال الظلمة غير اللائقة بنا.

يقول القديس أغسطينوس: [إذ كنتم فى الظلمة لم تكونوا فى الرب، لكن إذ استنرتم فإنكم تضيئون بالرب وليس من ذواتكم ([570])].

خامسا - السلوك بحكمة مع مراعاة افتداء الوقت: "اسلكوا بحكمة من جهة الذين هم من خارج مفتدين الوقت" (كو4: 5) يطالبنا الرسول بولس نحن أيضاً أن نسلك مع الغير بحكمة وبتدقيق لكى نقتنيهم لحساب ملكوت الله. فبالسلوك اللائق يمكننا ان نشهد لمسيحنا، ونسحب القلوب إلى الصليب ليتمتع كثيرون بقوة الله للخلاص، وينفتح أمامهم باب الرجاء. كل لحظة من لحظات عمرنا لها تقديرها، يمكن أن تكون سر بركة أو مرارة وهلاك، لهذا يقول: "مفتدين الوقت".


[566] [] Homilies on Colossians, homily, 6.

[567] [] Epistle 1, philokalia 16,17,20.

[568] [] Ep. 5: 148.

[569] [] Ser. On N,T. 3: 64.

[570] [] Ser. On N,T. 5: 17.

ماذا يلزم أن يفعل من يتوب عن خطية، ويعود فى نفس الخطية؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ماذا يلزم أن يفعل من يتوب عن خطية، ويعود فى نفس الخطية؟

يجيب القديس باسيليوس الكبير: [من تاب مرة وارتكب نفس الخطية مرة أخرى، فليقتنع أولاً أمام نفسه أنه لم ينزع السبب الرئيسى للخطية، كما من جذر فاسد، لهذا بالضرورة ينبت نفس الشرور مرة أخرى. فيكون كمن يرغب فى قطع أغصان شجرة، تاركاً الجذر كما هو، وإذ يبقى الجذر فى الأرض مخزوناً ينبت ذات (الخطية) بدرجة أقل. لذلك حيث توجد بعض الخطايا أصلها ليس فيها، إنما تصدر من خطايا أخرى، يلزم لمن يريد ان يٌثنى نفسه تماماً من الخطية أن يقطع الأسباب الأولى ذاتها لهذه الخطايا. كمثال لذلك، فإن النزاع والحسد (رو13: 13) لاينبعان من نفسيهما وإنما من جذر العجرفة ومحبة المجد (الباطل)، فمن يطلب مجداً من البشر يتبارى مع من له شهرة عظيمة تفوق شهرته، ويحسده عليها. لهذا من يسقط فى يدىّ رذيلة الحسد أو النزاع، ويعود فيسقط فيها مرة أخرى، فليُدرك أن السبب البدائى هو محبة المجد التى تكلمنا عنها قبلاً. بهذا ليهتم بهذا المرض، إذ يحتاج إلى الشفاء منه، وذلك بما يناقضه، أى بالتواضع، حيث يقوم بخدمات بسيطة ممارساً التواضع. بهذا إذ يتأسس فى نزعة التواضع لا يعود يسقط فى نتاج العجرفة ومحبة المجد ([565])].


[565] [] Regulae brevius tractatae. 289.

ماذا إن قال (الشخص): “إن ضميرى لا يديننى”؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ماذا إن قال (الشخص): "إن ضميرى لا يديننى"؟

يجيب القديس باسيليوس الكبير: [يحدث نفس الأمر أيضاً بالنسبة للأمراض الجسدية. إذ توجد أمراض كثيرة لا يُدركها من يُصاب بها. ومع ذلك يثقون فى تشخيص الطبيب أكثر من عدم شعورهم الشخصى بالمرض. هكذا أيضاً بالنسبة لأمراض النفس، أى الخطايا. إن كان أحد غير مُدرك لخطيته، فلا يدين نفسه، إلا أنه يجب أن يثق فى هؤلاء الذين يستطيعون أن يروا حالته بأكثر وضوح. هذا يُوضحه الرسل القديسون الذين مع اقتناعهم بنزعتهم الصادقة نحو الرب، غير أنهم إذ سمعوا: "إن واحداً منكم يسلمنى" (مت26: 21). فضلوا أن يثقوا فى كلمة الرب وأذعنوا لقوله، قائلين: "هل أنا هو يارب؟" (مت26: 22). أما القديس بطرس فيُعلمنا بأكثر وضوح، فمع أنه فى غيرة تواضعه رفض خدمة سيده وإلهه ومُعلمه (أن يغسل قدميه)، إذ سمع كلمات الرب: "إن كنت لا أغسلك، فليس لك معى نصيب" (يو13: 8)، اقتنع بالحق كما ورد فى الكلمات، وقال: "ليس رجلىّ فقط، بل أيضاً يدىّ ورأسى" (يو13: 9) ([564])].


[564] [] Regulae brevius tractatae. 301.

ما هو موقفنا ممن يخفى خطاياه؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هو موقفنا ممن يخفى خطاياه؟

يجيب القديس باسيليوس الكبير: [ماذا نفعل مع من يَّدعى أن ضميره لا يدينه على خطايا يرتكبها. بهذا يكون هذا السؤال خاص بمن يُحدث إنساناً عن التوبة، وقد أخفى المًستمع خطاياه، أو يحاول إخفاءها. يليق بروح التوصية لا العنف أن نذكره بكلمات الرب: "ليس مكتوم لن يستعلن" (مت10: 26). "من فضلة القلب يتكلم الفم" (مت12: 34)].

لماذا يوجد أحياناً نوع من كآبة القلب والندامة فى مخافة الرب تحلّ على النفس دون مجهود كبير، ويتم تلقائياً، وفى مرات أخرى يوجد فى النفس نوع من البلادة، حتى إن غصب الإنسان نفسه، لا يستطيع أن يشعر بأية ندامة للقلب؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

لماذا يوجد أحياناً نوع من كآبة القلب والندامة فى مخافة الرب تحلّ على النفس دون مجهود كبير، ويتم تلقائياً، وفى مرات أخرى يوجد فى النفس نوع من البلادة، حتى إن غصب الإنسان نفسه، لا يستطيع أن يشعر بأية ندامة للقلب؟

يجيب القديس باسيليوس الكبير: [مثل هذه الندامة هى عطية من الله حيث تثير الرغبة، فتتذوق النفس عذوبة مثل هذه الندامة التى تُثار فتتبناها (تتبنى النعمة الموهوبة لها). او لُتبرهن أن النفس قادرة خلال الغيرة الشديدة أن تكون فى ندامة دائمة. بهذا فإن من يفقد هذه النعمة خلال تراخيه ليس له عذر. لكننا أحياناً نغصب أنفسنا (على الندامة)، ومع هذا نعجز عن اقتنائها، كدليل على إهمالنا السابق فى دفعات أخرى. فإنه يستحيل أن ينجح الإنسان فى عمل بمجدر أن يأتى إليه دون أن يعطيه عناية شديدة مع تدريب باجتهاد مع آخرين، ويظهر أن نفسه تشمئز من الرذائل والأهواء التى تعوق ممارسة ما هو لائق. وبحسب التعليم الذى نطق به الرسول القائل: "أما أنا فجسدى مبيع تحت الخطية، لأنى لست أعرف ما أفعله. إذ لست أفعل ما أريده، بل ما أبغضه فإياه أفعل" (رو7: 14 - 15). مرة أخرى يقول: "لست بعد أفعل ذلك أنا، بل الخطية الساكنة فىّ" (رو7: 17). يسمح الله أن يحدث هذا عينه معنا بهدف صالح، حتى أننا بواسطة الأمور التى تعانى منها النفس لا إرادياً، تدرك الأمور التى تسطو عليها، وإذ تتعرف على الطرق التى بها صارت مُستعبدة للخطية بغير إرادتها (رو6: 20) تصحوا من جديد، وتتحفظ من شباك إبليس (1تى3: 7؛ 6: 9)، كما تكتشف أن رحمة الله تحث على مساندة أولئك الذين بحق يتوبون ([563])].


[563] [] Regulae brevius tractatae. 16.

ما هى الثمار التى تُختبر للتوبة الحقيقية؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هى الثمار التى تُختبر للتوبة الحقيقية؟

يجيب القديس باسيليوس الكبير: [أسلوب أولئك الذين يتوبون، والنزعات التى لهؤلاء الذين ينسحبون من الخطية وصراعهم من أجل الثمر اللائق بالتوبة (لو3: 8) الذى قيل عنه فى المواضع الخاصة بها ([561]) (وهى الرجوع إلى الله ([562])].


[561] [] Regulae brevius tractatae. 5, 10.

[562] [] Regulae brevius tractatae. 14.

ما هو موقف من يسقط فى خطايا بعد عماده؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هو موقف من يسقط فى خطايا بعد عماده؟

قدم هذا السؤال للقديس باسيليوس بسبب انتشار رأى أن من يمارس خطايا خطيرة بعد العماد لا رجاء له. وقد أكد القديس أننا لا نفقد الرجاء مُطلقاً مادامت توبتنا جادة ولها ثمرها اللائق بها ألا وهو الرجوع إلى الله الذى ينتظر الكل. يقول القديس أغسطينوس أنه مادام يوجد نفس واحد فى الإنسان، فهذا معناه أن الله يترجى توبته، وإلا فلماذا لم يأخذ نفسه؟!

هل يسقط فى اليأس من خلاصه من أصطيد فى كثرة من الشرور، فأخطأ بعد عماده؟ أو ما هو المقياس الذى فيه لا يزال يستمر الإنسان فى رجائه فى محبة الله للبشر خلال التوبة؟

يجيب القديس باسيليوس الكبير: [إذ نقارن بين حنو الله الفائق أو ثقل عظمة رحمة الله وبين عدد الخطايا وثقلها فلا نجد موضعاً لليأس. أما إذا كان من المعقول أن الأخيرة تخضع للقياس والعدد، بينما استحالة قياس رحمة الله أو إحصاء حنوه، فلن يكون لليأس موضع قط. وإنما بمعرفة الرحمة وإدانة الخطايا، توجد مغفرة فى دم المسيح كما هو مكتوب فى (مت26: 28). غير أنه توجد أماكن وطرق كثيرة خلالها نتعلم أنه يلزمنا ألا نيأس. تأملوا على وجه الخصوص مثل ربنا يسوع المسيح بخصوص الابن الذى أخذ ثروة أبيه وبددها فى الخطايا. فمن كلمات الرب نفسه نتعلم ما هو نوع الوليمة وعظمتها التى تليق بالتوبة (لو15: 22 - 24). أضف إلى ذلك يقول الله بإشعياء: "إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج، وإن كانت حمراء كالدودى تصير كالصوف" (إش1: 18). لكن يجب أن نعرف أن هذا يتحقق فقط متى كانت توبتنا تستحق ذلك، إن صدرت عن كراهيتنا للخطية، كما هو مكتوب فى العهدين القديم والجديد، وكانت تحمل ثماراً لائقة بها ([560])].


[560] [] Regulae brevius tractatae. 13.