17- لماذا لم ينزع الله الشيطان عن العالم؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

17 - لماذا لم ينزع الله الشيطان عن العالم؟

يتساءل البعض قائلين: إن كان الشيطان لا يتغلَّب علينا جبراً بل بالمكر والخداع، أما كان من الأفضل أن يهلك ويُستقصى بعيداً عن العالم؟ فإن كان أيوب قد هزم قوة إبليس إلا أن آدم خُدِع وطُرِد خارجاً. فلو أن إبليس قد طُرِح خارجاً، لما سقط آدم وطُرد؟!

يجيب القديس يوحنا الذهبى الفم قائلاً:

أولاً: نقول إن الذين غلبوا إبليس لهم كرامة أفضل بكثير من المغلوبين، حتى ولو كان المغلوبون كثيرين والأولون قليلين، إذ يقول: "(ولد) واحد يتقي الرب خير من ألف منافقين" (سى 16: 3).

ثانياً: لو استبعد الشيطان من العالم، تُجرح كرامة المنتصرين. لكن لو تُرِك الشيطان، فإن الكسالى وذوي البطر لا يتأذون على حساب المتيقظين، إنما بسبب بطرهم وكسلهم. فنجاح إبليس فى محاولته مع آدم، وتصديق آدم لتضليله ينبغى ألا يُفهَم أن انتصار إبليس وقوته يعودان إلى طبيعته، بل إلى كسل الإنسان وإهماله.

ثالثاً: هل نلوم الخليقة الجميلة، لأن البعض يتعثر فيها وهى علامة حب الله وحكمته وقوته. وهل نستبعد أعضاءنا أيضاً إذ نجدها سبباً فى هلاكنا، إذ لم نأخذ حذرنا. وهذا ليس عن طبيعة الأعضاء، بل بسبب تراخينا أيضاً. لقد وهبنا عيوناً نعاين بها الخليقة، فنمجد السيد الرب. ولكن متى أسأنا استخدامها، تصير خادمة للزنا. وأعطينا اللسان لنُعَلِّم حسناً، ونُسَبِّح الخالق، فإذا لم نحترز لأنفسنا، يصير علة تجديف. وأخذنا الأيدى لنرفعها فى الصلوات، ولكننا إذا لم ننتبه، نجدهما تعمل فى الطمع والجشع. ووهبنا الأقدام لتسير فى الصلاح، وبإهمالنا تتسبب فى أعمال شريرة.

رابعاً: حتى الصليب عند الهالكين جهالة. بالتأكيد لا يوجد شيء يؤدِّى بنا إلى الخلاص أكثر من الصليب. لكن هذا الصليب صار جهالة للهالكين: "لأن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، أما عندنا نحن المُخَلَّصين فهى قوة الله" (1كو 1: 18). ويقول أيضاً: "ولكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوباً لليهود عثرة ولليونانيين جهالة" (1 كو 1: 23).

خامساً: وفى المسيح عثر كثيرون. مجيء المبارك نفسه صار علة دينونة لكثيرين. "فقال يسوع: لدينونة أتيت أنا إلى هذا العالم، حتى يبصر الذين لا يبصرون، ويعمى الذين يبصرون" (يو 9: 39). إننا نرى الضعيف (المُصِرّ على شره) يؤذيه كل شيءٍ، أما القوى فينتفع من كل أمرٍ.

سادساً: أعطى الرب حدوداً لإبليس لا يتعدَّاها، حتى لا يبتلع الإنسان بغير حياء. لذلك لا نخاف الشيطان بالرغم من كونه روحاً بغير جسد. فليس شيء أضعف من ذاك الذى جاء بهذه الكيفية أنه غير جسدي، ولا شيء أقوى من الشجاع ولو كان يحمل جسداً قابلاً للموت!

سابعاً: لا أُبَرّئ الشيطان من الذنب. لكن لكى أحَذِّركم من الكسل. فإن رغبة الشيطان أن نلقى باللوم عليه فى أخطائنا. وبهذا نغرق فى كل صنوف الشر، ونزيد على أنفسنا العقوبة ولا ننال العفو، إذ ننسب العلة إليه (بغير توبة منا).

16- ماذا قَدَّم لنا مسيحنا عوض الخسارة التى حلَّت بنا؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

16 - ماذا قَدَّم لنا مسيحنا عوض الخسارة التى حلَّت بنا؟

كثيراً ما وجَّه آباؤنا أنظارنا إلى عظم البركات التى تمتَّعنا بها خلال معركتنا مع إبليس وملائكته.

أولاً: التمتع بالسماء المفتوحة لنا. يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [لقد فقدتم الفردوس، لكن الله وهبكم السماء، حتى يؤكد حنوه، وأنه يلدغ إبليس، مظهراً أنه حتى إن سبك عشرات الألوف من الخطط ضد الجنس البشرى، فإنها لن تفيده، حيث يقودنا الله دائماً إلى كرامة أعظم. أنتم فقدتم الفردوس (جنة عدن)، والله فتح السماء لكم. لقد سقطتم تحت الدينونة بالتعب إلى حين، وقد كرمتم بالحياة أبدياً. أمر الله الأرض أن تنبت شوكاً وحسكاً، أما تربة الروح فتنبت لكم ثمراً. ألا ترون أن الرب أعظم من الخسارة؟ [85]].

ثانياً: فضح غباوة إبليس فى محاولاته ضدنا. يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [خطط إبليس لا أن يسحبنا من البركات التى لدينا، إنما يحاول أن يسحبنا إلى جرف صخرى أكثر اندفاعاً. لكن الله فى محبته لم يفشل فى الاهتمام بالبشرية. لقد آظهر لإبليس كيف أنه غبي فى محاولاته. لقد أظهر للإنسان عظم العناية التى يظهرها الله له، فإنه بالموت وهب الإنسان الحياة الأبدية. لقد سحب إبليس الإنسان من الفردوس، وقاده الله إلى السماء. فإن النفع أكثر بكثير من الخسارة[86].].

ثالثاً: كشف لنا الله عن أعماق محبته لنا. وكما يقول القديس غريغوريوس الثيؤلوغوس: [حوَّلتَ لى العقوبة خلاصاً. كراعٍ صالحٍ سعيت فى طلب الضال. كأبٍ حقيقي تعبت معى أنا الذى سقط. ربطتنى بكل الأدوية المؤدية إلى الحياة.] لقد مات يسوع وقام ليقيمنا معه، ويجعل موت الجسد شهوة للانطلاق إلى الفردوس.

رابعاً: جعل الربح أعظم من الخسارة. فى معركتنا مع إبليس أحضر مسيحنا المصلوب طبيعتنا إلى العرش الإلهى. لذلك يصرخ القديس بولس الرسول قائلاً: "أقامنا معه، وأجلسنا معه فى السماويات فى المسيح يسوع. ليظهر فى آخر الدهور الآتية غنى نعمته الفائق باللطف علينا" (أف 2: 6 - 7).


[85] Sermon in Gen. 7, PG 614: 5 C - D.

[86] Baptismal Instructions, 7: 2.

15- كيف حطَّم السيد المسيح الشيطان؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

15 - كيف حطَّم السيد المسيح الشيطان؟

أ. بالتجسد حطم عرش إبليس. يقول القديس أمبروسيوس: [تنبأ أيوب القديس عن مجيء الرب، الذى قال عنه بالحق أنه يهزم لوياثان العظيم (أي 41: 8)، وقد حدث! فقد ضرب لوياثان المُرعِب، الشيطان، وطرحه إلى أسفل وأذله فى آخر الأزمنة بآلام جسده المكرّمة[73].].

ب. بالتجسد حطَّم رؤوس التنين. يقول القديس كيرلس الأورشليمى: [لما كان من الضرورى تحطيم رؤوس التنين نزل السيد فى المياه وربط القوى (مت 12: 29)، لكى يولينا سلطاناً ندوس به على الحيات والعقارب (لو 10: 19). إنه ليس وحشاً صغيراً، فمنظره كاف لإثارة الرعب، ولا يستطيع أى قارب صيد أن يقاوم ضربة واحدة من ذيله، وأمامه يعدو الهول، وهو يسحق كل الذين يقتربون منه (أي 41: 13). لقد أقبلت الحياة لتكمم الموت، حتى نستطيع نحن المخلصين جميعاً أن نقول "أين شوكتك يا موت؟ وأين ظفرك يا جحيم؟" (1كو 15: 15)، فبالعماد سحق شوكة الموت[74].].

ج. بالتجسد حررنا من العبودية لإبليس. يقول القديس دوروثيؤس من غزة: [عندما تجسد الرب يسوع المسيح من أجلنا، حَرَّر الإنسان من استبداد عدو الخير له، ونزع كل قوة العدو وكسر قوته، ونزعنا من يديه وحررنا من العبودية له. لم يعد للشيطان سلطان علينا ما لم نخضع له بإرادتنا ونطيعه بفعل الخطيئة، لأن الرب يسوع المسيح أعطانا السلطان والقوة أن ندوس الحياة والعقارب وكل قوة العدو. "ها انا أعطيكم سلطاناً لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو، ولا يضركم شيء" (لو 10 "19) [75].].

د. بالتجسد غلب السيد المسيح الشيطان وأدان الخطية فى الجسد. طمع إبليس فيه إذ رآه إنساناً، لكنه عوض أن يصطاده بشباك الخطية، وجده حاملاً بحُبِّه خطايا كل البشرية، ففزع وارتعب! يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [قديماً بعذراء أهلك الشيطان آدم، أما فيما بعد فبعذراء غلب السيد المسيح الشيطان.].

ﮪ. المسيح واهب النصرة. يرى القديس جيروم فى رؤيا زكريا النبى السيد المسيح وقد ارتدى ثياباً قذرة، ووقف عن يمينه الشيطان، هكذا فى محبته، احتل موقع آدم وبنيه، حتى إذ رُفِعَت الخطايا، وارتدى عمامة طاهرة على رأسه (زك 3: 4 - 5)، يعلن عن حالنا الجديد فى المسيح يسوع مخلصنا[76].

مركز السلاح أو جوهره هو تجلَّى السيد المسيح نفسه فى داخلنا، هو الذى غلب عدو الخير، ويبقى غالباً له خلالنا. السيد المسيح نفسه هو سلاحنا وغلبتنا ونصرتنا على إبليس وجنوده. تحدث العلامة أوريجينوس عن ذلك، وشبَّه مار أفرآم السريانى الشيطان بالذئب الذى انقض على يسوع الحمل ليفترسه، وإذ ابتلعه الموت لم تحتمل معدته ذلك ففجَّرها، وأخرج الذين سبق فأسرهم الموت فى داخله. وشبَّه القديس غريغوريوس النيسي الشيطان بسمكة شرهة انقضت على الطُعم، فأمسكت الصنارة بها[77]، ويشبهه غريغوريوس (الكبير) بالطائر الذى اجتذبته الحنطة، فسقط فى الشبكة[78].

و. بالرب تستقبلنا الملائكة أيضاً كمنتصرين. فى الحديث عن التجربة قيل: "ثم تركه إبليس، وإذا ملائكة قد جاءت فصارت تخدمه" (مت 4: 11). يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [بعد انتصاراتك النابعة من انتصاراته، تستقبلك الملائكة أيضاً وتُمَجِّدك وتخدمك كحراس لك فى كل شيءٍ[79].].

ز. بالرب تحوَّلت الصور من عبادة الشيطان إلى تكريم المتجسد. كانت الصور تلعب دوراً خطيراً فى العبادة الوثنية، حيث سحبت قلوب الكثيرين إلى عبادة الشيطان والمخلوقات. والآن صار الكلمة جسداً، وحلّ وسطنا، وقدَّس الكثيرين كأعضاء فى جسده، فصارت الأيقونات تذكاراً له، ولعمل نعمته فى حياة قديسيه المجاهدين بروح الحب الحقيقى.

ح. احتراق الشياطين بنار الروح. بعد صعود السيد المسيح وُهِب للكنيسة روح الله القدوس الذى حلّ فى يوم الخمسين على شكل ألسنة نارية. قَدَّم الروح النارى للكنيسة ما للمسيح لكى تتمتَّع بالنصرة على إبليس، ويهب العاملين فيها أن يكونوا خداماً، لهم الروح النارى القادر أن يسحب البشر فى مملكة المغتصب إبليس إلى مملكة الله القدوس. يقول القدّيس جيروم: [إن كان الله ناراً، فهو نار لكى يسحبنا من برود الشيطان... ليت الله يهبنا ألا يزحف البرد إلى قلوبنا، فإننا لا نرتكب الخطيّة إلا بعد أن تصير المحبّة باردة[80].] ويقول القديس مقاريوس الكبير: [كما أن القضبان التى تُلقَى فى النار لا تستطيع أن تقاوم قوة النار، بل تحترق سريعاً، هكذا فإن الشياطين التى تسعى أن تحارب إنساناً نال قوة الروح تحترق وتتلاشى بقوة النار الإلهية، إن كان الإنسان ملتصقاً بالرب كل حين، واضعاً ثقته ورجاءه فيه. حتى إن كانت الشياطين أشداء كالجبال الراسخة، فإنها تحترق بالصلاة كما يذوب الشمع فى النار[81].] ويقول القديس أنطونيوس الكبير: [إنى أرى أن نعمة الروح القدس على أتم استعداد أن تملأ أولئك الذين يعزمون منذ البداية أن يكونوا ثابتين فى محاربتهم ضد العدو (الشيطان)، غير مستسلمين فى أى أمر من الأمور، حتى يغلبوه[82].].

ط. الغلبة على الشيطان بالإيمان. [يدخل المؤمن فى معركة خفية مع عدو خفي لا يهدأ. بإيماننا بالساكن فى السماء، محب البشر، مُخَلِّص العالم بدمه الثمين، نواجه العدو بمخافة الرب الواهب القوة الإلهية مع فرح مجيدٍ. فى تحدٍ للشيطان بروح القوة يقول الرسول يوحنا: "لأن كل من وُلِد من الله يغلب العالم. وهذه هى الغلبة التى تغلب العالم: إيماننا" (1يو 5: 4). قد يسأل أحد: من يقدر أن يغلب محبة العالم الذى يبذل الشيطان كل الجهد ليُقيم منه مملكة وجيشاً ضد الكنيسة، مستخدماً كل مغرياته وضيقاته؟ خلال إيماننا بربنا يسوع الذى غلب الشيطان والذى لا يزال يغلب بعمله فينا وسيغلب. فإذ نختفى فيه يصير الطريق سهلاً، والحمل الثقيل هيناً، وإغراء العالم كلا شيء، وضيقات العالم موضوع سرورونا. يقول أنبا بيمين: [يستحيل على مَنْ يؤمن بحق ويجاهد بمخافة الرب أن يسقط فى نجاسة الأوجاع وفى الأخطاء التى من الشياطين.].

ى. الغلبة على الشيطان بالصلاة والتسبيح. ليس من أمورٍ تسندنا فى مقاومتنا للشيطان وملائكته مثل الصلاة والتسبيح والشكر لله بكونه واهب النصرة فى الحرب الروحية. يليق بنا ألا نكف عن الصلاة من أجل نصرتنا، ومن أجل نصرة إخوتنا، فبالصلاة والحب يقدم الله لهم معونته ونعمته. قيل إنه لما كان القديس تادرس البرامي (الشيهيتى) فى الإسقيط أراد شيطان أن يقتحم قلايته، فإذا به يصلى فصار الشيطان مربوطاً فى الخارج، وجاء آخر فحصل له مثل الأول، وإذ جاء ثالث ووجد رفيقيه مربوطين بالخارج سألهم عن سبب ذلك. أجاباه: "بداخل القلاية من هو واقف ليمنعنا من الدخول". غضب الشيطان الثالث وأراد اقتحام القلاية بالعنف، لكن القديس ربطه بصلاته. أخيراً صاروا يطلبون أن يطلق سراحهم، فقال لهم: "امضوا واخزوا" [83]. يقول مار اسحق السريانى: [خدمة المزامير، والصلاة الربانية لأبينا السماوى، وصلاة التلاوة التى يرتجلها الإنسان ويطلب بها الرحمة والعون والخلاص، هذه الثلاثة مثل ثلاثة سهام بها تطعن الشياطين وتقتلهم[84].].

يقول القديس أنبا أرسانيوس: [لا تكفّ عن الصلاة حتى لا تجد الشياطين موضعاً تزرع فيه الزوان فى حقلك (مت 13: 25). لا تشفق على جسدك وتجعله ينام، بل بالحري انهض لتُسَبِّح.

إن كنت لا تعرف ان تُسَبِّح، فاشكر الله وقُل: "المجد لك يارب"، وقُل هذه الكلمة مرات عديدة، وإذا استطعت فقُل ألف مرة: "المجد لك يا الله"، وسيرسل لك الرب ملاكه ليعينك على طرد الشياطين. ولا تَخَفْ منهم (إش 8: 12)، لأنه قد أُعطي لك ملاك حارس كما قال الكتاب: "ملاك الرب حالُّ حول خائفيه وينجِّيهم" (مز 34: 7)، وقال أيضاً فى موضعٍ آخر: "يوصي ملائكته بك لكى يحفظوك فى كل طرقك" (مز 91: 11). ولا تجعل رجاءك فى الملائكة وحدهم، وتقول: "إنهم يحرسوننى"، بل لا تكفّ عن الصلاة، لأنهم مُكَلَّفون بك حتى يُسَجِّلوا برّك ويُقَدِّموه إلى الله. احفظ نفسك من الكسل، لأنه يثقِّل الجسد حتى لا يدعه يصلِّي. ليكن جهادك فى الصلاة والصوم، لأنه لا شيء يجعل الشياطين تهرب مثل الصلاة (مر 9: 29). فإذا كانوا يعوِّقونك عن النوم فى الليل ويعذبونك ويقلقونك، فانهض وصلِّ لكى تطردهم مثل الهباء (مز 37: 20)، وأنت تجد راحة. لا تقُل إن ساعة الصلاة لم تأتِ بعد، بل لا تكفّ عنها فى كل وقتٍ، لأن الصلاة سهم يطرد الشياطين. وإذا ظهر لك الشيطان مثل كوكب الصبح أمام عينيك، فاعلم أن الذى ظهر لك هو الشيطان وليس هو الرب، وذلك لكى يُلقى نفسك فى العُجب.] [إذا صلَّيتَ فلا تُسرع، تأمل أمام مَنْ أنت قائم. أسلك بهدوءٍ وصلِّ أكثر، لأنَ الصلاة تصير سهماً يطرد الشياطين الذين يولُّون هاربين. وإن كنتَ تريد أن تذهب إلى أحدٍ، فصلِّ لله وقُل: "لأجل هذه الغاية يارب أنا أخرج من القلاية".].


[73] Of the Christian Faith, 2: 5: 30.

[74] Myst. 11: 3.

[75] - نبذ العالم (تعريب القمص إشعياء ميخائيل).

[76] Cf. Homilies on Psalms. 36.

[77] J. Tixeront: History of Dogmas, vol. 2, P. 155.

[78] Moral 31: 33.

[79] In Matt, hom 5: 13.

[80] On Ps. hom 57.

[81] - عظة 43: 3.

[82] Letter. 1.

[83] - المؤلف: قاموس آباء الكنيسة وقديسيها مع بعض الشخصيات الكنسية.

[84] - جزء 1، ميمر 5.

14- ماذا يعنى القول: “أَتَلْعَبُ مَعَهُ كَالْعُصْفُورِ،أَوْ تَرْبِطُهُ لأَجْلِ فَتَيَانِكَ؟” (أي 5:41)

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

14 - ماذا يعنى القول: "أَتَلْعَبُ مَعَهُ كَالْعُصْفُورِ، أَوْ تَرْبِطُهُ لأَجْلِ فَتَيَانِكَ؟" (أي 41: 5)

تارة يصف الكتاب المقدس الشيطان كتنينٍ رهيبٍ أو أسدٍ يزمجر أو تمساحٍ يفترس الخ، وأخرى كثعلب صغير لا قوة له. فإن واجه الإنسان عدو الخير بقدراته الذاتية يرتعب أمام هذا العدو العنيف، وإن اختفى فى نعمة الله يراه حقيراً، عاجزاً عن الإضرار به. الطير الذى يُرَوَّض يمكن اللعب به لأجل التسلية والترفيه، لكن الأمر ليس هكذا بالنسبة للوياثان. لأجل التسلية تُصطَاد الطيور، وتوضع فى أقفاص، لتقف حولها الفتيات الصغيرات يتمتعن برؤيتها. فى بعض البلاد غير المتقدمة يقوم الآباء بربط الطيور بخيط لكى ما يلهو به أطفالهم كنوعٍ من التسلية. يقول القدّيس غريغوريوس النيسى: [يقول سفر أيوب عن (الشيطان) إنه مخيف ومرعب (أي 40: 18؛ 41: 7). جنباه نحاس، وظهره حديد مسبوك، أحشاؤه من حجارة... هذا وأكثر منه يقول عنه الكتاب المقدس. هذا هو قائد الفرق الشيطانية العظيم القدير. ولكن ماذا يدعوه صاحب القوة، الحق والفريد؟ إنه "ثعلب صغير" (نش 2: 15). كل الذين مع الشيطان، قواتهم بكاملها هى موضع سخرية. يدعوهم الله بذات الاسم: "الثعالب الصغيرة" ويحث الصيادين ضدهم[72].].


[72] Commentary on Song of Songs, homily 5.

13- أيهما أقوى المؤمن أم الشيطان؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

13 - أيهما أقوى المؤمن أم الشيطان؟

عانى القديس مقاريوس من حربه مع الشيطان وقواته فى مواجهة معارك معه، فإن يُقَدِّم لنا خبرته العملية. لقد أدرك ان النفس المسنودة بعريسها السماوى، والمُقادَة بروحه القدوس، إنما تستيطع بقوة أن تُحَطِّم إبليس وتهدم حصونه، وتفسد كل خططه. يُقَدِّم لنا فى عظاته عبارات تكشف عن ذلك، مؤكداً أنه لو كان الشيطان أقوى من النفس البشرية، فكيف يديننا الله العادل إن انهزمنا! يقول القديس مقاريوس الكبير: [إن قلت إن القوة المضادة قوية جداً، وإن للشرّ سيادة كاملة على الإنسان، فإنك بهذا تنسب لله الظلم حينما يدين البشر بسبب خضوعهم للشيطان... بهذا تجعل الشيطان أعظم وأقوى من النفس، ثم تقول لى لا تخضع للشيطان. هذا مثل معركة بين شاب وطفل صغير، فإذ ينهزم الطفل يُدَان على هزيمته. هذا ظلم عظيم! [71].].


[71] - عظة 3: 6.

12- ماذا يعنى القول: “هكذا أضارب كأنى لا أضرب الهواء” (1كو 26:9)؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

12 - ماذا يعنى القول: "هكذا أضارب كأنى لا أضرب الهواء" (1كو 9: 26)؟

من عادة الملاكمين أن يدخلوا الحلبة وقبل بدء الصراع يمارسون الملاكمة فى الهواء لتمرين أياديهم أو كنوعٍ من الاستعراض أمام الجماهير. كان هذا يدعى "skiamachia" أو "Sciamachia" أى معركة زائفة أو معركة فى الهواء. أما وقد دخل السيد المسيح فى معركة ضد عدو حقيقى، فإنه لم يضرب فى الهواء، بل حقَّق الهدف تماماً باسمنا ولحسابنا. وقَدَّم لنا روحه القدوس كى نحارب فى يقين، ونضرب بكل قوة العدو الذى تَحَطَّم بضربات المُخَلِّص القاضية. يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [ "هكذا أضارب كأنى لا أضرب الهواء" (1كو 9: 26). يقول هذا مرة أخرى مشيراً أنه كان يعمل ليس اعتباطاً ولا باطلاً. فإنه يوجد من أضربه وهو الشيطان. وأما أنتم فلا تضربونه بل ببساطة تبددون قوتكم باطلاً[70].].


[70] In 1 Cor. Hom. 2: 23.

11- من هو قائد معركتنا ضد إبليس؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

11 - من هو قائد معركتنا ضد إبليس؟

يوصى الرسول بولس تلميذه تيموثاوس كابن روحى له أن يتقوَّى فى الجهاد لا بالغيرة البشريّة والحماس الذاتى، وإنما بالنعمة التى تُوهَب له فى المسيح يسوع ربنا. كتب له: "اشترك أنت فى احتمال المشقات كجندى صالح ليسوع المسيح" (2تى 2: 3). فالمسيحى فى جهاده الروحى يحارب ضد إبليس والخطية، تحت قيادة رب المجد نفسه الذى جنده، بكونه "رئيس (أو قائد) خلاصنا" (عب 2: 10). إنه القائد الذى غلب إبليس على الصليب، ولا يزال يغلبه خلالنا (رؤ 8: 37). يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [يصوب الشيطان سهاماً ضدى، لكن أنا معى سيف. هو معه قوس، أما أنا فجندى أحمل سلاحاً ثقيلاً... إنه لا يجسر أن يقترب إلىّ، إذ يلقى بسهامه من بعيد[69].].


[69] Baptismal Instructions, 11: 3.

10- كيف نفلت من فخ إبليس؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

10 - كيف نفلت من فخ إبليس؟

وقف المرتل فى دهشةٍ أمام عمل الله العجيب، وسط المعركة التى بين الله وإبليس. رأى نفسه كأنه عصفور لا حول له ولا قوة. لا يقدر أن يفلت من فخ الصيادين، أى إبليس وملائكته، لكن القدير أعانه، فكسر له الفخ، وأطلقه حراً. ترنم المرتل، قائلاً: "انفلتت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيَّادين، الفخ انكسر ونحن انفلتنا، عوننا باسم الرب الصانع السماوات والأرض" (مز 124: 7 - 8). يقول القدِّيس جيروم: [ما هو الفخ الذى انكسر؟ يقول الرسول: "(الرب) سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعاً" (رو 16: 20)، "فتستفيقوا من فخ إبليس" (2تى 2: 26). ها أنتم ترون الشيطان هو الصيَّاد، يشتاق أن يصطاد نفوسنا للهلاك. الشيطان هو سيِّد فخاخ كثيرة، وخداعات من كل نوعٍ... متى كنَّا فى حالة النعمة تكون نفوسنا فى أمان. لكن ما أن نلهو بالخطيَّة، حتى تضطرب نفوسنا وتصير كسفينة تلطمها الأمواج[68].].


[68] On Ps. hom. 20.

9- هل أشار السيد المسيح إلى الشيطان وملائكته؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

9 - هل أشار السيد المسيح إلى الشيطان وملائكته؟

حوَّل السيد المسيح أنظارنا إلى السماء والسمائيين، حتى يلتهب قلبنا بالحب نحو الانطلاق إلى الأمجاد الأبدية. وفى مواقف قليلة للغاية أشار إلى الشيطان وملائكته، محذراً إيانا من خططهم وخداعهم. فى عنادٍ وتشامخٍ يدخل الشيطان فى معركة مع النور الإلهى!

8- لماذا دُعِي الملائكة الأشرار شياطين، أى مفترون أو مخادعون؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

8 - لماذا دُعِي الملائكة الأشرار شياطين، أى مفترون أو مخادعون؟

لأنهم دائماً يضعون شِباكً للبشر كى يخدعوهم، ويثيرون فيهم رغبات وشهوات شريرة، وكما قال السيد المسيح لليهود غير المؤمنين: "انتم من أب هو إبليس، وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا. ذاك كان قتَّالاً للناس من البدء، ولم يثبت فى الحق، لأنه ليس فيه حق. متى تكلم بالكذب، فإنما يتكلم مما له، لأنه كذّاب وأبو الكذاب" (يو 8: 44).