لماذا تُخلط الأباركة بماء فى الكأس؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

لماذا تُخلط الأباركة بماء فى الكأس؟

لأنه عندما طُعن السيد فى جنبه خرج دم وماء. هذا ويرى القديس أغسطينوس أن مزج الدم الإفخارستى بالماء يشير إلى أن الماء يرمز للبشر الذين يدخلون فى شركة مع آلام المسيح.

لماذا نؤمن بالذبيحة الواحدة التى تقدم على مذابح متعددة؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

لماذا نؤمن بالذبيحة الواحدة التى تقدم على مذابح متعددة؟

إنها ليست ذبيحة أخرى كما كان رئيس الكهنة يفعل، إنما نقدم على الدوام ذات الذبيحة، أو بالأحرى نتمم تذكار (أنامنسيس) الذبيحة. نؤمن بالمذبح الواحد، بالرغم من تعدده لأن جميعها هى القبر المقدس الواحد لجسد المسيح الواحد. يقول القديس يوحنا الذهبى الفم [ألا تقدم الذبيحة يومياً؟ نعم نقدمها... لكن هذا "أنامنسيس" (ذكرى) لموته، وهى ذبيحة وحيدة غير متكررة... الأنامنسيس هو علامة موته، فإن ما نقدمه هو ذات الذبيحة، فلا تُقدم اليوم ذبيحة وغداً أخرى مغايرة. واحد هو المسيح فى كل مكان، كامل فى كل موضع، جسد واحد، فالذبيحة واحدة فى كل موضع. هذه هى الذبيحة التى لا نزال إلى اليوم نقربها. هذا ما نعنيه ب "أنامنسيس" للذبيحة ([597])].


[597] [] Jean Danielu: The Bible You the Liturgy, P P 137 (see also Hom. On Heb. 3: 17).

هل يجوز للشخص أن يتناول جسد الرب ودمه كل يوم؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

هل يجوز للشخص أن يتناول جسد الرب ودمه كل يوم؟

يتحدث القديس باسيليوس عن إقامة القداس الإلهى يومياً، قائلاً: [إنه لأمر صالح ونافع أن يتناول الإنسان كل يوم، ويشترك فى جسد المسيح ودمه المقدسين، لأن المسيح نفسه قال بوضوح: "من يأكل جسدى ويشرب دمى فله حياة أبدية" (يو6: 54)... أما عن نفسى، فإنى بالحقيقة أتناول أربع مرات فى الأسبوع فى يوم الرب والأربعاء والجمعة والسبت، وفى الأيام الأخرى إن كنا نحتفل فيها بعيد أى قديس ([594]).

كما يقول: [إن التناول حتى اليومى لجسد المسيح ودمه، هو أمر جميل ونافع، لأن السيد يُعلن بوضوح: "إن لم تأكلوا جسد ابن البشر وتشربوا دمه، فلا حياة لكم فى أنفسكم ([595])"].

ويقول القديس أغسطينوس: بخلال هذه الأيام يقوتكم المعلمون، يقوتكم المسيح يومياً، ومائدته مُعدة أمامكم على الدوام. لماذا أيها السامعون ترون المائدة ولا تقتربون إلى الوليمة؟ ([596])].


[594] [] Epistle 7: 93 - 10 to the Patrician Caesarea, concerning Communion.

[595] [] De baptism 6: 10, 54.

[596] [] Sermons on New Testament Lessons, 1: 82.

هل يمكن التناول كل أسبوع؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

هل يمكن التناول كل أسبوع؟

يعتذر البعض عن التناول أسبوعاً لسببين: الأول شعور الشخص أنه غير مستعد للتناول. فى الواقع أن الاستعداد للتناول هو الشعور بعدم الاستحقاق مع الطلب الجاد لعمل نعمة الله خلال التوبة والصلاة. أما السبب الثانى فهو أن يخشى الإنسان أن يتحول التناول إلى عادة يمارسه فى حرفية. ويُرد على ذلك أن التناول دواء الحياة، فمن يشعر بحاجته للدواء لا يتوقف عن التناول مع الصلاة ودراسة الكتاب المقدس والجهاد فى ممارسة الوصايا الإلهية. هذا ينزع عنا الحرفية ويلهب قلوبنا بالحب الإلهى ومحبة الإخوة.

لماذا يُعتبر سر الإفخارستيا عصب العبادة المسيحية؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

لماذا يُعتبر سر الإفخارستيا عصب العبادة المسيحية؟

فى سرّ الإفخارستيا ينطلق المؤمن مع أصدقائه السمائيين إلى الجلجثة، فيرى عريس نفسه السماوى يقدم له دمه مهراً. فيذكر المؤمن موت عريسه المحيىّ وقيامته، لا بالفكر والكلمات فحسب، وإنما بتناول جسده ودمه المبذولين من أجله، سر حياته ونموه الدائم.

فى سر الإفخارستيا يقدم لنا الروح القدس جسد الرب المصلوب القائم من الأموات ودمه الكريم، لكى نثبت فيه وهو فينا. به يصير لنا حق الدخول إلى العرش الإلهى، حاملين بر المسيح، كأعضاء فى جسده. يقول السيد المسيح: "لأن جسدى مأكل حق ودمى مشرب حق، من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فىَّ وأنا فيه... فمن يأكلنى فهو يحيا بى" (يو6: 55 - 57).

فى الذبيحة المقدسة تختفى الكنيسة، فتظهر حاملة قداسة المسيح وبره. تصير عروساً بلا عيب (نش4: 7) للعريس القدوس. يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [بهذه العطية تتزين نفوسنا وتتجمل ([590])].

ويقول [به تتطهر النفس وتتجمل وتلتهب ([591])].

كما يقول: هذه المائدة هى عضد نفوسنا، ورباط ذهننا، وأساس رجائنا، وخلاصناً ونورنا وحياتنا... عندما ترى المائدة مُعدة قدامك، قل لنفسك: من أجل جسده لا أعود أكون تراباً ورماداً، ولا أكون سجيناً بل حراً. من أجل هذا الجسد أترجى السماء وأتقبل الخيرات السماوية والحياة الخالدة ويكون لى نصيب الملائكة واناجى المسيح ([592])].

[هذا الينبوع هو نور يبعث أشعة الحق، تقف بجواره القوات السمائية فى الأعالى، تتطلع إلى جمال مجاريه... من يشترك فى هذا الدم يقف مع الملائكة ورؤساء الملائكة والقوات العلوية، ملتحفاً بثوب المسيح الملوكى، له أسلحة الروح، لا بل يلتحف بالملك نفسه ([593])].


[590] [] In Mat, hom 3: 50.

[591] [] In Joan, hom 6: 46.

[592] [] In 1 Cor, hom 24.

[593] [] In Joan, hom 3: 46.

هل الإفخارستيا عمل ذبيحى؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

هل الإفخارستيا عمل ذبيحى؟

أولاً: عرفت الكنيسة العمل الذبيحى منذ العصر الرسولى، إذ يقول الرسول: "لنا مذبح لا سلطان للذين يخدمون الخيمة أن يأكلوا منه" (عب13: 10)، كما تحدث الرسول فى سفر العبرانيين (أصحاح10) عن ذبائح العهد القديم كرموز تحققت فى الكفارة والإفخارستيا. وأشار أيضاً إلى الإفخارستيا كذبيحة عندما قارن مائدة الرب بمائدة الشياطين (1كو10: 20 - 21).

ثانياً: يشير كاتب الديداكية ([579]) حوالى سنة 100م إلى الإفخارستيا كذبيحة طاهرة. هذا ما أكده آباء الكنيسة ([580]) مثل القديسين أغناطيوس ويوستين وايرينيؤس وكيرلس الأورشليمى وكبريانوس وأغسطينوس.

ثالثاً: استخدمت الكنيسة الأولى الكلمتين اليونانيتين: "زوسيا أى ذبيحة". "بروسفورا أى تقدمة"، فى الحديث عن الإفخارستيا. ودعا القديس أغناطيوس اجتماع الكنيسة الإفخارستى "سوزستيرون" أى موضع الذبيحة ([581]). وأعلن القديس إكليمنضس الرومانى أن عمل الأسقف هو تقديم "بروسفيتيريا" أى القرابين ([582]).

رابعاً: عرف الآباء ([583]) كلمة ترابيزة Τράπεζα أى مائدة أنها مذبح. هذا لا ينزع عن الإفخارستيا العمل الذبيحى، وإنما يصبغ عليه فهماً جديداً. ففى العهد القديم كانت الذبائح حيوانية يقودها الناس إلى المذبح لكى تُذبح بغير إرادتها وبغير مشاعر! أما على مذبحنا فالذبيح عليه بإرادته المملوءة حباً، يهبنا الحياة. فهو ليس بالذبيحة فحسب إنما هو أيضاً الكاهن الخفى واهب الحياة، الوسيط بين أبيه السماوى والناس خلال عمله الذبيحى. يقول القديس أغسطينوس: [إنها الذبيحة الجامعة، يقدمها الكاهن الأعظم لله. هذا الذى قدم نفسه للآلام من أجلنا لكى يجعل منا جسداً لرأس عظيم كهذا. هذه هى ذبيحة المسيحيين. حيث يصير الكل فى المسيح يسوع جسداً واحداً فريداً! هذا ما تقدمه الكنيسة خلال سر المذبح! فانها وهى ترفع القرابين لله تقدم نفسه قرباناً له! ([584])] كما يقول: [أليس المذبح أيضاً سماوياً؟! كيف؟ ليس عليه شئ جسدانى، بل الكل روحى يصير ذبيحة. والذبيحة لا تتحول إلى رماد ودخان... بل ما عليه هو بهى وسامِ... الكنيسة سماوية، بل ما هو إلا سماء!].

يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [مهوبة حقاً هى أسرار الكنيسة! مهوب حقاً هو المذبح! لقد خرج من الفردوس ينبوع يبعث أنهار مادية، أما هذه المائدة فأخرجت ينبوعاً يبعث أنهاراً روحية، لا يُزرع على جوانبها شجر الصفصاف غير المثمر، بل تُزرع أشجار تصل إلى السماء، وتحمل ثمراً دائماً لا يفسد. إن كان أحد لفحه الحر، فليقترب من الينبوع، فتبرد حروقه، وينطفئ ظمأه، ويحمل راحة عوض الحروق التى سببتها السهام النارية لا الشمس. فإن بدايته فى الأعالى ومصدره هناك، ومن السماء تفيض مياهه. كثيرة هى مجارى هذا الينبوع الذى يرسله المعزى. الابن هو الشفيع، لا يمسك فأساً ليمهد لنا الطريق، إنما يفتح أذهاننا. هذا الينبوع هو نور يبعث أشعة الحق، تقف بجواره القوات السمائية فى الأعالى تتطلع إلى جمال مجاريه، إذ هم قادرون بالأكثر على إدراك قوة الأمور الموضوعة عليه والبهاء الذى لا يُقترب منه. من يشترك فى هذا الدم يقف مع الملائكة ورؤساء الملائكة والقوات العلوية، ملتحفاً بثوب المسيح الملوكى، له أسلحة الروح، لا بل يلتحف بالملك نفسه "([585])]. ويقول [كثيرون يقولون الآن: إنى أرغب فى رؤية هيئته وملابسه ونعاله. آه! ها أنت تراه وتلمسه وتتناوله! حقاً أنت تريد ملابسه، وها هو يُعطى لك ذاته، لا لكى تراه فحسب، بل تلمسه وتتناوله وتقبله فى داخلك ([586])].

[عندما ترى المائدة معدة قدامك قل لنفسك: من أجل جسده لا أعود أكون تراباً ورماداً، ولا أكون سجيناً بل حراً! من أجل هذا (الجسد) أترجى السماء، وأتقبل الخيرات السماوية، والحياة الخالدة، ونصيب الملائكة، والمناجاة مع المسيح! سُمر هذا الجسد بالمسامير وجُلد، ولا يعود يقدر عليه الموت! إنه الجسد الذى لُطخ بالدماء وطعن، ومنه خرج الينبوعان المخلصان للعالم: ينبوع الدم وينبوع الماء! ([587])].

[عندما ترى الرب ذبيحاً، وموضوعاً على المذبح، والكاهن يقف مصلياً على الذبيحة، وكل المصلين قد اصطبغوا بالدم الثمين، هل تستطيع أن تقول إنك لا تزال بين الناس، وأنك واقف على الأرض؟!... ألست على العكس قد عبرت مباشرة إلى السماء؟! ([588])].

[مادمنا قد صرنا سمائيين، وحصلنا على ذبيحة كهذه، فلنخف! يليق بنا ألا نستمر فى زحفنا على الأرض، فإن من يريد منا ألا يكون بعد على الأرض يستطيع من الان ذلك... إذ نقترب من الله، نصير فى السماء، بل ماذا أريد من السماء إن كنت أرى باب السماء وصرت أنا نفسى سماءً؟!] [إنه يدعونا إلى السماء، يدعونا إلى مائدة الملك العظيم والعجيب، فهل نتردد بدلاً من أن نسرع إليها ونجرى نحوها؟! أى عذر لنا؟ فإننا لا نقدر أن نلوم ضعفنا ونشتكى طبيعتنا، بل بالأحرى إهمالنا وحده هو سرّ عدم استحقاقنا ([589])].


[579] [] Didache: ch. 14.

[580] [] القمص باخوم المحرقى (نيافة الأنبا غريغوريوس) القيم الروحية... فى سر القربان جراسيموس مسرة: الأنوار فى الأسرار. بيروت 1788، ص145. St. Ignatius: Ep. To Phil. 4. St. Justin: Ep. To. Trypho 117. St. Irenaeus: Ad Heraes: 17: 4: 5; 18: 4: 6. Cyril of Jerusalem 8: 5. Augustine: Ep. 9: 68.

[581] [] St. Ignatius: Ep. To Eph. 2: 5, to Trall. 2: 7, to Phil 4.

[582] [] I Clem. 44.

[583] [] Pseudo – Athansius: Dispt. Cont, Arian. 17. & Tert: De Exhort. Constit. , ch 10.

[584] [] St. Augustine: City of God 6: 10,23. Sermon 829 to the Newly baptized.

[585] [] In Ioan. Hom 4: 46.

[586] [] In Matt. Hom. , 4: 82.

[587] [] On 1 Cor. Hom. 24.

[588] [] In Eph. Hom. 3.

[589] [] In Eph. Hom. 3.

ما هو سرّ الشركة فى الإفخارستيا؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هو سرّ الشركة فى الإفخارستيا؟

هو سر اتحادنا نحن المؤمنين مع المخلّص بتناولنا جسده ودمه المبذولين، فيتقدس كل كياننا حتى جسدنا لينعم بالمجد الأبدى.

هل من مثال لصلاة من أجل التوبة؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

هل من مثال لصلاة من أجل التوبة؟

يقدم لنا القديس باسيليوس الكبير صلاته من أجل التوبة، تكشف لنا عن الآتى:

1. يُركز عينيه على فيض حُب الله وحنوه، وليس على خطاياه وحدها.

2. يطلب من الله أن يهبه التوبة حتى لا ينحرف فى توبته.

3. يمزج دموع التوبة بالفرح والشكر لغافر الخطايا.

4. يُعلن عن اعتزازه بالله بكونه محبوب له حتى النهاية.

5. يطلب منه قوة ليتخلص من عدو الخير ووحل العالم.

6. لا يعد أنه يصنع الصلاح، بل يطلب من الله أن يهبه الصلاح.

† أيها السيد، إله الجميع، والأب الصالح بلا حدود! أيها الدائم الوجود والباقى (إلى الأبد).

أيها السابق للوجود قبل كل الدهور، أكثر مما بلا بداية.

أنت موجود دائماً بلا تغير، لم يكن لك قط بداية، ولن تتوقف.

غير المُدرك فى الجوهر، وبلا حدود فى العظمة، مُطلق فى الصلاح، ومُتدفق بالطبيعة.

لا يُعبر عن عمق قوتك وحكمتك. إنى أباركك، إذ تتطلع بحنو ورأفة على بؤسى،.

لأنك تخلصنى من وحل العالم الحقود الباطل، المصنوع من القرميد ([577]).

تخلصنى من شباك رئيس ظلمة هذاالدهر المتنوعة الكثيرة.

† أباركك يارب، لأنك تُقدم لى أنا الخاطئ مراحم عجيبة،.

وصرت المحبوب لى إلى النهاية فى كل شئ.

أنت هو المربى والمُدبر، الحارس والمُعين، الملجأ والمخلص، الحصن لكل من النفس والجسد!

† أباركك يارب إذ تُظهر لى أنا غير المستحق حُبك الوفير غير المحدود.

فمع أننى أسلّم نفسى للشيطان بكسلى يومياً، إلا أنك تحرسنى وتُخلصنى، وتنتزعنى من فخاخى.

† أباركك يا رب إذ تمنحنى قوة التوبة عن خطاياى، وتُظهر لى ربوات الفرص لأرجع عن خبثى.

† أباركك يارب، فمع كونى بلا قوة، إلا انك تقوى ضعفى،.

ولا تسمح لى بالسقوط تماماً، إنما تبسط فى الحال يدك المُعينة من الأعالى، وتُردنى إليك.

† ماذا أرد لك يا سيد، يا كلى الصلاح،.

من أجل كل الصالحات التى تفعلها معى، ولا تزال مستمراً فى العمل.

من أجلى أنا الخاطئ؟

† أية تشكرات أقدمها لك؟ لهذا أصرخ إليك من الفجر حتى المساء مثل السنونة، ومثل العندليب أتغنى بفرح.

ولن أكف عن أن أباركك كل أيام حياتى، يا خالقى، المُحسن إلىّ، وحارسى.

† إنى لست أهلاً أن أتحدث معك يارب، فإننى خاطئ للغاية.

غير أننى أشكرك يارب، إذ أنت طويل الأناة على معاصى، ولم تُعاقبنى حتى هذه اللحظة.

† أشكرك يارب، فإنك لا تشاء موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا (حز18: 23).

إننى مستحق أن أتعذب كثيراً، وأطرد من حضرتك. لكن حُبك الذى يحتملنى أطال أناتك علىّ.

† أشكرك يارب وإن كنت عاجزاً عن أن أشكرك كما يليق باحتمالك لى.

ارحمنى يارب، ولتجعل حياتى مستقيمة حسب إرادتك.

قدنى، إذ حنوك يعرف ما هو أفضل لى. ككثرة رأفاتك اجعلنى كاملاً فى كل عمل صالح يسرك، ولتُحررنى من جسدى البائس. فمن عملك الرحمة وخلاصنا يا الله،.

لك نُرسل المجد والشكر والسجود، مع ابنك الوحيد، وروحك الكلى القداسة والصلاح واهب الحياة، الآن والى الأبد وإلى دهر الدهور، آمين ([578]).


[577] [] ما يُطلى به كالجصّ ونحوه (يونانية).

[578] [] Cf. Nikolaos S. Hatsimikolaou: An Anthology of Patristic Prayers, Holy Cross Orthodox Press, Massachusetts, 1988, p. 53 - 55.

ما حاجتى إلى التلمذة على يد أب اعتراف وأنا عرفت الينبوع الذى يستقى منه أب الاعتراف وإرشاداته وتعاليمه؟! لقد حفظت الكتاب المقدس بل ودرسته أفضل من كثيرين من الآباء الكهنة!

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما حاجتى إلى التلمذة على يد أب اعتراف وأنا عرفت الينبوع الذى يستقى منه أب الاعتراف وإرشاداته وتعاليمه؟! لقد حفظت الكتاب المقدس بل ودرسته أفضل من كثيرين من الآباء الكهنة!

مثل هذا الاعتراض يكشف لنا فى هذا العصر العقلانى البحت ما اتسم به كثيرون من المسيحين بالجفاف الروحى، فحفظ كثيرون من الشباب عن ظهر قلب الكثير من نصوص الكتاب المقدس، مكتفين بهذا الدراسات العقلانية مع أن الكتاب المقدس لا يحفظ عقلانياً، إنما نحيا به ونعيش فيه، نتذوقه ونختبره. إننا فى جيل يتسابق الكل فيه أن يكونوا معلّمين لا تلاميذ، مبكتين الآخرين على خطاياهم، بينما يخفون أخطاءهم الشخصية عن الأعين البشرية، متجاهلين كيف أن الكتاب المقدس ذاته، وإن كان قد علمنا بأن الإرشاد يكون بالروح القدس، لكنه يؤكد ضرورة التلمذة على يدىّ أب اعتراف لنحيا معه فى الرب.

ويشهد الكتاب عن شاول الطرسوسى أنه لما التقى بربنا يسوع رأساً سأله: ماذا تريد أن أفعل؟ لم يجبه الرب بشئ سوى توجيهه إلى أب روحى هو حنانيا (أع9: 12). وصموئيل العظيم بين الأنبياء، الأكثر حساسية لسماع صوت الله من عالى الكاهن، تعلّم وتدرب على يدى عالى (1صم3: 10). وكرنيليوس الذى أعلن الرب له بواسطة ملاك قبول صدقاته وصلواته، لم يقبل الملاك أن يرشده، بل طلب منه ان يستدعى بطرس الرسول ليرشده (أع10: 5).

يقول الأنبا موسى: [الله لم يثقف صموئيل النبى، لا بالحديث المباشر، ولا بالمحاورة الإلهية، بل سمح له بالذهاب إلى عالى الكاهن. لقد فضل الله أن يتدرب صموئيل – الذى استحق سماع صوت الله – على يدى عالى الكاهن حتى يختبر التواضع. وعندما نادى يسوع بولس ودعاه، فبالرغم من أنه فتح له طريق الكمال، لكنه استحق أن يوجهه إلى حنانيا، طالباً منه أن يتعلم عنه طريق الحق، قائلاً له: "قم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغى أن تفعل" (أع9: 6). لقد أرسله إلى رجل شيخ، معتبراً أن ذلك أفضل من أن يتسلم تعاليمه منه مباشرة، لئلا يصير بولس مثلاً سيئاً فى الاعتماد على ذاته فى التعليم... وقد علمنا الرسول بولس الهروب من الاكتفاء الذاتى فى التعليم قدر المستطاع، لا بالكلام بل بالعمل، فيقول أنه ذهب بمفرده إلى أورشليم لهذا الهدف، أى ذهب إلى مجمع غير رسمى يعرض فيه على زملائه الرسل والسابقين عن الإنجيل الذى يبشر به بين الأمم، ونعمة الروح القدس المصاحبة له بعلامات قوية وعجائب. إنه يقول: "وعرضت عليهم الإنجيل الذى أكرز به بين الأمم، ولكن بالانفراد على المعتبرين، لئلا أسعى أو أكون سعيت باطلاً" (غل2: 2). فمن هو هذا المكتفى بذاته. الأعمى الذى يتجاسر فيثق فى أحكامه الخاصة وتمييزه الشخصى، بينما الإناء المختار يعترف باحتياجه للاجتماع والتشاور مع الرسل؟! رأينا إذا أن الله لم يكشف لأحد طريق الكمال، طالما كانت له فرص التعليم من الآباء واختباراتهم، غير مكترث (الإنسان) بذلك القول الذى ينبغى علينا أن نهتم به جداً، "اسأل أباك فيخبرك، وشيوخك فيقولوا لك" (تث32: 7) ([576])].


[576] [] Cassian: Conferences, 14: 2 - 15.

هل من ضرورة للتلمذة؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

هل من ضرورة للتلمذة؟

المسيحية توجد حيثما تكون التلمذة، وتضعف وتخور وتصير جافة وثقيلة وخيالية حيثما تفقد "التلمذة". لهذا عندما أمر السيد تلاميذه بالتبشير أوصاهم قائلاً: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدسن وعلّموهم جميع ما أوصيتكم به" (مت28: 19 - 20). فالسيد فى وصيته هذه طالبهم بتلمذة جيل جديد يحيا كما يحيون هم، مؤكداً لهم أن التلمذة هى الطريق الأول للتعليم وحفظ الوصايا. بالتلمذة يشبع التلاميذ بروح الرب، وبالتلمذة انتقلت المسيحية جيلاً بعد جيل. لذلك كان المسيحيون يدعون "تلاميذ" حتى دُعوا مسيحيين أولاً فى أنطاكية (أع11: 26)، ولعل ذلك كان سخرية من الوثنيين بنسبتهم إلى المسيح المصلوب.

فنحن وإن كنا "مسيحيين"، فلندرك أيضاً إننا "تلاميذ". لست بذلك أقول إننا "رسل أو رعاة" لكن يلزم لكل مسيحى أن يتصف "بالتلمذة" لربنا يسوع على يدىّ راعيه. ويقوم سراً العماد والتوبة بهذا الدور. فالإشبين وأب الاعتراف مسئولان أمام الرب عن المؤمن.

الاعتراف بهذا المفهوم هو تلمذة جيل جديد يحيا بروح آبائه القديسين، لربنا يسوع، أو هو شركة بين المعترف وأب الاعتراف فى الرب، ليس لمدة ساعة أو أكثر فى الأسبوع. إنما شركة دائمة، الأب يحتضن أولاده، ويفرح بلقائه معهم على الدوام بقدر الإمكان، ليس فقط جسدياً بل وروحياً: فى صلواته الخاصة وعلى المذبح. والابن يحب أباه ويصلى لأجله ويقتدى به، ويستشيره فى كل صغيرة وكبيرة، ومتعلماً منه خبرات حربه الروحية ضد الشر، مقتدياً به فى إيمانه وجهاده وسهره.