الإصحاح الحادي والأربعون – سفر حكمة يشوع بن سيراخ – القس أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر حكمة يشوع بن سيراخ – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الحادي والأربعون

الأعداد 1-7

الآيات (1 - 7): -

"1 أيها الموت ما اشد مرارة ذكرك على الإنسان المتقلب في السلام فيما بين أمواله. 2 على الرجل الذي لا تتجاذبه الهموم الموفق في كل أمر القادر على التلذذ بالطعام. 3 أيها الموت حسن قضاؤك للإنسان المعوز الضعيف القوة. 4 الهرم الذي يتجاذبه كل هم القنط الفاقد الصبر. 5 لا تخش قضاء الموت اذكر أوائلك وأواخرك هذا هو قضاء الرب على كل ذي جسد. 6 وماذا ترفض مما هو مرضاة العلي عشر سنين كانت مرضاته أم مئة أم ألفا. 7انه ليس في الجحيم حساب على العمر.".

هذه عن الموت بنظرة العهد القديم. فكانوا يعرفون أن هناك أبدية لكن كانوا يعرفون أنها الجحيم. والآن صرنا نعرف أن بعد الموت راحة ونياح [1] راحة للجسد: فما عاد هناك ألم للجسد [2] راحة للنفس: فما عاد هناك ألام نفسية كالهم والقلق والخوف [3] راحة روحية: فالروح لا ترتاح سوى بجانب خالقها، والآن بعد الموت ما عاد هناك خطية تفصلها عن الله. هناك يجتمع الأحباء ويعرفون بعضهم يعيشون في فرح وفي إنتظار يوم المجد الأبدي، يوم نلبس الأجساد الممجدة. وما إختبره القديسون كبولس الرسول جعلهم يشتهون الموت "لي إشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جداً" (في23: 1). ولكن لننظر لهذه الآيات وهي بمفهوم العهد القديم. أيها الموت ما أشد مرارة ذكرك على الإنسان المتقلب في السلام فيما بين أولاده = أي الذي يعيش في سلام وغني. وهذا صحيح حتى الآن، فبولس الرسول يسميه عدو (1كو15: 26). ولكنه يقول "أين شوكتك يا موت..." (1كو15: 55). والشوكة هنا هى حمة العقرب المملوءة سما مميتا. ولكن المسيح بفدائه نزع منها السم، وبذلك ما عاد الموت الجسدى يفصلنا عن الحياة الأبدية، لكنه قطعا هو مؤلم. وحتى لا يتعلق أحد بهذه الدنيا يسمح الله ببعض الألام والتجارب التى تجعل الإنسان يشعر بتفاهتها ويلتفت للسماء. وبعد أن كان فرحاً بالأرض تجده يفرح بالسماء بعد أن بدأ يتذوق تعزيات السماء أثناء تجاربه. وهكذا الرجل الذي بلا هم الموفق في عمله والمتلذذ بالطعام (2). أما المعوز الضعيف فيشتهي الموت، لذلك يسمح الله لأولاده الأقوياء والأغنياء ببعض الألام فيشتهوا الموت. والهرم والمهموم وفاقد الصبر (4) يشتهون الموت. ثم يقول الحكيم لا تخشى الموت أذكر أوائلك أي الذين سبقوك وأواخرك = من يأتون بعدك. هذا هو قضاء الرب على كل ذي جسد = والذي يخشى الموت لا يعرف الحقيقة، ففي لحظة الموت عندما تغادر الروح الجسد يرى الملائكة الذين يأتون ليحملوا النفس إلى الفردوس (مَثَلْ أو قصة الغني ولعازر) ونحن نصلي للعذراء مريم الأم ونقول "وعند مفارقة نفسي من جسدي إحضري عندي" صلاة الغروب. فهي لحظة لقاء مع السمائيين ومع أحبائنا الذين سبقونا، وأين يكون اللقاء؟ في الفردوس مكان الراحة. وماذا ترفض مما هو مرضاة العلي = هل ترفض ما يرضى الله. وقطعاً فالله لا يحكم حكماً ظالماً عشر سنين.. أم مئة أم ألفاً = سواء عشت عشر سنين أو مئة أو ألف أكثر، هل تظن أن هذا فيه سعادة لك. أبداً فالنهاية موت، فآدم عاش قرابة الألف سنة ولكنه مات أخيراً. ولنتساءل وما هو المفرح في هذه الحياة؟ أهو المرض المنتشر أم الحزن أم الإضطهاد أم الحسد أم الظلم.. ولكن ما هو الأجمل؟ الإجابة هى طبعا أن نعيش في هذا الفرح السمائى. ولكن لماذا نخاف الموت؟ لأنه المجهول فنتشبث بما نعرفه. ولكن بولس الرسول يقول لنا أن هناك ما لم تره عين.. ولكن كل ما هناك يعلنه لنا الروح القدس (1كو9: 2) إذاً فلنصلي لنمتلئ بالروح، والروح يعلن لنا. وما يعلنه لنا سيكون كافياً جداً لأن نقول مع بولس "لي إشتهاء أن أنطلق.." إنه ليس في الجحيم حسابٌ على العمر = فهناك حياة أبدية بلا موت بلا نهاية حيث لا جوع ولا عطش ولا حر ولا برد ولا ألم ولا حزن.. (رؤ4: 21 + 7: 16، 17).

الأعداد 8-16

الآيات (8 - 16): -

"8 بنو الخطاة بنو رجس وكذلك الذين يترددون إلى بيوت المنافقين. 9 بنو الخطاة يهلك ميراثهم ويلازم ذريتهم العار. 10 الأب المنافق يتشكى منه بنوه لأنهم بسببه يلحقهم العار. 11 ويل لكم أيها الرجال المنافقون النابذون لشريعة الإله العلي. 12 فإنكم إذ ولدتم إنما ولدتم للعنة ومتى متم فاللعنة هي نصيبكم. 13 كل ما هو من الأرض يذهب إلى الأرض كذلك المنافقون يذهبون من اللعنة إلى الهلاك. 14 الناس ينوحون على أجسادهم لكن اسم الخطاة يمحى. 15 ليكن اهتمامك بالاسم فانه أدوم لك من ألف كنز عظيم من الذهب. 16 الحياة الصالحة أيام معدودات أما الاسم الصالح فيدوم إلى الأبد.".

هذه عن مصير الأشرار بنو الخطاة بنو رجس = في ترجمة أخرى "ممقوتون" فشر الإنسان يصيب أهل بيته ويلحقهم بسبب ذلك الضرر والعار. بل سيرث الأبناء من أبائهم الأشرار حب الخطية ويعلمونها فيكونوا بنو رجس أي صانعو رجس كأبائهم. وبنو الخطاة يهلك ميراثهم = لا يكون لهم بركة ويضيع ميراثهم. وفي (11) نرى السبب الحقيقي للفساد ألا وهو أنهم نبذوا شريعة الله. ولدتم للعنة = ليس أن الله خلقهم ليلعنوا، ولكن هم بحريتهم إختاروا الإنفصال عن الله، ومن إنفصل عن الله تلحقه اللعنة. ويقول الحكيم أنه كما أن الأجساد المأخوذة من التراب تعود للتراب، فهؤلاء تذهب أرواحهم للهلاك = من اللعنة التي كانوا فيها في الأرض إلى الهلاك. وقد ينوح الناس عليهم لكن سريعاً ما ينساهم الناس لشرورهم، والعكس فالقديسين يذكرهم الناس لأجيال لذلك ليكن إهتمامك بالإسم = إهتم بأن تكون سيرتك صالحة فيذكر الناس إسمك بالخير هذا أفضل من كنوز الذهب التي لن تأخذها معك ولن تنفعك سوى أيام قليلة معدودة على الأرض.

الأعداد 17-28

الآيات (17 - 28): -

"17 احفظوا التأديب في السلام أيها البنون أما الحكمة المكتومة والكنز المدفون فآية منفعة فيهما. 18 الإنسان الذي يكتم حماقته خير من الإنسان الذي يكتم حكمته. 19استحيوا مما أقول لكم. 20 فانه ليس بحسن الخجل من كل شيء ولا كل أمر مما يصنع برشد يعجب كل إنسان. 21 اخجلوا أمام الأب والأم من الزنى وأمام الرئيس والمقتدر من الكذب. 22 وأمام القاضي والأمير من الزلة وأمام المجمع والشعب من الإثم. 23 وأمام الشريك والصديق من الظلم وأمام بلد سكناك من السرقة. 24 ومن مخالفة حق الله وعهده ومن اتكاء المرفق على الخبز ومن الخيانة في الأخذ والعطاء. 25 ومن السكوت أمام الذين يسلمون عليك ومن النظر إلى المرأة البغي. 26 ومن أعراض وجهك عن نسيبك ومن سلب النصيب والعطاء. 27 ومن التفرس في امرأة ذات بعل ومن مراودة جاريتها وعلى سريرها لا تقف. 28 ومن كلام التعيير أمام الأصدقاء ومن الامتنان بعد العطاء ومن نقل الكلام المسموع وإفشاء ما قيل في السر.".

يورد هنا بعض الخطايا المخجلة (21 - 28) وقبل ذلك يطلب الإيجابيات. إحفظوا التأديب في السلام = هذه دعوة لمن أعطاه الله حكمة أن يستخدمها ليؤدب الناس، على أن يكون هذا بتواضع ووداعة، حتى يتقبل الناس كلامه فيحيا الكل فى سلام. وخلاصة قوله للحكماء... لاتكتم حكمتك وعلمك، فأي منفعة للناس لو كتمت حكمتك وعلمك، بل أي منفعة لك فى أن تكتم حكمتك. بعض الناس يظن أنه حينما يكتم معلومة يظل هو وحده المتميز، هذا لا يعرف أن الله أعطاه المعلومة ليعطيها للناس، وإذا فعل فسيعطيه أكثر "فالمُروِي هو أيضاً يُروى" (أم25: 11) إن الأحرى بالإخفاء هو الحماقة (18) فإعلان الحماقة فيه متاعب للجميع. وقبل أن يورد قائمة الخطايا المخجلة يقول إستحيوا مما أقول = فليكن لكم حياء من فعل هذه الخطايا. وفي (20) يقول لا تخجلوا من كل شئ، فالإنسان الخجول بلا داعٍ ومن كل تصرف لا معنى له. ولا تتصور أن كل تصرف تعمله، حتى لو كان برشد أي بحكمة سيعجب كل الناس. وفي (21) إذا علم الأب والأم بأنك تزنى يحزنوا عليك وتفقد بركتهم. والكذب أمام الرئيس يجعله يحتقرك ولا يعود يثق فيك وإحترس من أن تخطئ أمام قاضي أو أمير فسيحكم عليك. والخطأ أمام المجمع والشعب سيكون مدعاة لتسليمنا للقضاة فيحكم علينا، إذ هناك شهود. والشريك والصديق هؤلاء يثقون فيك فهل تخون هذه الثقة، وهل تسرق بلدك الذي تعيش من خيراته. وإخش من مخالفة حق الله وعهده. ومن إتكاء المرفق على الخبز = كانوا يأكلون وهم متكئون على الموائد. وكلمة خبز جاءت مائدة في ترجمات أخرى. والمعنى فلتخجل من أن تخون من أكلت معه خبزاً، كما فعل يهوذا "أيضاً رجل سلامتي الذي وثقت به آكل خبزي رفع عليَّ عقبه" (مز9: 41) ويكمل التحذير من الخيانة في الأخذ والعطاء (24). ومن المخجل أن نسكت ولا نرد على من يسلم علينا حتى لو كان هناك خصام وبنفس المفهوم من إعراض وجهك عن نسيبك. وعلينا أن نهرب من المرأة البغي فإطالة النظر فيها ستقود للسقوط. وكذلك التفرس في امرأة ذات بعل = فبهذا يسلب الواحد حق الآخر. وتجنب التعيير أمام الأصدقاء = لا تجرح أحداً أمام الناس. ومن الإمتنان بعد العطاء = لا تفرح بل إهرب من كلمات الإمتنان إذا أعطيت شيئاً لأحد أو قدمت له خدمة. وحاذر من إفشاء الأسرار ونقل الكلام الذي تسمعه فهذا يسبب لك خجلاً شديداً إذا عُرِف ما عملته. ويسبب متاعب كثيرة للآخرين.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الإصحاح الثاني والأربعون - سفر حكمة يشوع بن سيراخ - القس أنطونيوس فكري

الإصحاح الأربعون - سفر حكمة يشوع بن سيراخ - القس أنطونيوس فكري

تفاسير حكمة يشوع بن سيراخ الأصحاح 41
تفاسير حكمة يشوع بن سيراخ الأصحاح 41