الأصحاح الرابع والعشرون – (تابع) نبوات بلعام – سفر العدد – مارمرقس مصر الجديدة

العدد 1

ع1:

البرية: برية موآب المجاورة للبحر الميت والتي أقام فيها بنو إسرائيل خيامهم، أي أن بلعام نظر نحو شعب بنى إسرائيل.

كان بلعام في المرتين السابقتين يترك المذابح ويذهب بعيدًا في خلوة ليستقبل الوحى الإلهي، ولكن في هذه المرة إذ تأكد أن الرب يريد أن يبارك الشعب ولا يلعنه، استحسن أن يبقى مكانه ناظرًا إلى البرية نحو الشعب ومنتظرًا لوحى الله عليه.

ليوافى فألًا: أي يستقبل وحيًا أو رسالة إلهية.

الأعداد 2-3

ع2 - 3:

نظر بلعام إلى الشعب الحال في المحلة حول خيمة الاجتماع بكل أسباطه الاثنى عشر وحل عليه روح الله، فتنبأ ونطق أمام بالاق، أن ما ينطق به ليس كلامه بل وحيًا من الله وهو وحى لرجل مفتوح العينين، أي أنه أُعطِىَ من الله أن يرى ويسمع ما يريد الله إبلاغه لبالاق.

العدد 4

ع4:

يعلن ويؤكد مرة أخرى أنه يتكلم بما يسمع من الله، وأنه يرى رؤيا سمائية مهيبة ومرهوبة تجعله مطروحًا على الأرض خوفًا وتعظيمًا لها. وتعبير "وهو مكشوف العينين" يعنى أنها رؤيا حقيقية وليست حلمًا قد يختلف عليه الناس.

الأعداد 5-6

ع5 - 6:

نطق بلعام بكلام حلو عن شعب إسرائيل، فيصف جمال خيامه حول خيمة الاجتماع بنظامها ورايات أسباطها، ويصفها أيضًا بوفرة العدد الممتد كبساتين وحدائق وكشجر العود الزكى الرائحة والتي باركها وغرسها وتعهدها الله، وتشبه خيامه أيضًا شجر الأرز العالى والمشهور بارتفاع ثمن أخشابه وخضرته الدائمة طوال العام... وكل هذه التشبيهات تشير إلى مكانة هذا الشعب في قلب الله.

العدد 7

ع7:

دلائه: جمع دلو أي وعاء يملأون الماء به.

أجاج: لقب كان يطلق على ملوك شعب عماليق كما كان يطلق لقب فرعون على ملوك مصر.

استمر بلعام في وصف الشعب ومدحه، فيستخدم الشعر والرمز ويقول أن هذا الشعب في نسله وتكاثره سيكون كالمياه الفائضة من الدلو المملوء عند حمله، ويعيد المعنى ثانية في صورة جديدة مستخدمًا تعبير "مياه غزيرة"، أما مملكته فستكون مملكة عظيمة ومرتفعة ويسمو ملوكه على ملوك العمالقة والملقبين بلقب أجاج.

العدد 8

ع8:

يقضم عظامهم: يكسر ويطحن العظام بأسنانه.

سهامه: أي سهام أجاج أقوى الملوك في المنطقة.

شمله الله بحبه ورعايته فأخرجه بذراع قوية من مصر، وصار الشعب كالظبى في سرعته (عد 23: 22)، وأعطاه الله قوة أن ينتصر على كل الأمم التي تضايقه ويبيدها، ويحطم سهام "أجاج" أي يسلب أعداءه قوتهم وعزتهم.

العدد 9

ع9:

جثم: جلس.

ربض: جلس واستقر على الأرض.

جلس هذا الشعب في مكانه في حالة تيقظ واستعداد للوثب واقتناص أعدائه كالأسد واللبؤة التي لا يستطيع أحد تحريكها، وكل من يبارك هذا الشعب ويحسن إليه يباركه الله وكل من يلعن هذا الشعب أو يقف أمامه يلعنه الله.

وترمز هذه الآية أيضًا للمسيح الذي استقر على الصليب وبموته قيد الشيطان وكل جنوده، فهو الأسد الخارج من سبط يهوذا ليخلِّص المؤمنين به.

العدد 10

ع10:

أنهى بلعام حديثه ومثله الثالث وكانت النتيجة ورد فعل بالاق هو الغيظ والغضب من بلعام، فصفّق بيديه متعجبًا ومعلنًا عن ضيقه قائلًا أتيت بك وأكرمت ضيافتك لتلعن وتشتم أعدائى أي شعب إسرائيل وها أنت بدلًا من ذلك باركتهم ثلاث مرات.

العدد 11

ع11:

بغضب أيضًا أمر بالاق بلعام بالخروج الفورى من أرضه "إهرب"، وأضاف أنه كان يريد إكرامه إذا لعن هذا الشعب ولكنه بأقواله هذه لن يكون له أي إكرام فالرب إله بلعام منع عنه هذا الإكرام.

الأعداد 12-13

ع12 - 13:

يدافع بلعام عن نفسه بقوله أنه لم يخدع أحدًا، بل وضّح موقفه السابق بأنه لم يعد بشئ ويذكر بالاق بما قاله لرسله منذ أول الأمر أنه لن ينطق بشئ بخلاف ما يعلنه له الله حتى لو كان الإغراء كل أموال بالاق. (عد 23: 18).

العدد 14

ع14:

يعلن بلعام عن نهاية رحلته ومهمته وعودته إلى شعبه ولكنه يضيف مخاطبًا بالاق بأنه قبل ذهابه سوف يعلن نبوة أخيرة عن ما سوف يفعله شعب بني إسرائيل بشعبه، وبالطبع لم يعلن بلعام شيئًا من عنده بل ما أعلنه له الرب أيضًا وكانت هذه النبوة هي حديث بلعام الرابع كما سنرى.

† إن كان الله معك يباركك ولا يستطيع العالم كله أن يقف أمامك. فلا تهتز مهما ازداد من يسيئون إليك، فالله يحميك من غيظهم وتهديداتهم ويثبت سلامك.

←.

(2) حديث ومثل بلعام الرابع (ع15 - 25):

15 ثُمَّ نَطَقَ بِمَثَلِهِ وَقَال: « وَحْيُ بَلعَامَ بْنِ بَعُورَ. وَحْيُ الرَّجُلِ المَفْتُوحِ العَيْنَيْنِ. 16 وَحْيُ الذِي يَسْمَعُ أَقْوَال اللهِ وَيَعْرِفُ مَعْرِفَةَ العَلِيِّ. الذِي يَرَى رُؤْيَا القَدِيرِ سَاقِطًا وَهُوَ مَكْشُوفُ العَيْنَيْنِ. 17 أَرَاهُ وَلكِنْ ليْسَ الآنَ. أُبْصِرُهُ وَلكِنْ ليْسَ قَرِيبًا. يَبْرُزُ كَوْكَبٌ مِنْ يَعْقُوبَ وَيَقُومُ قَضِيبٌ مِنْ إِسْرَائِيل فَيُحَطِّمُ طَرَفَيْ مُوآبَ وَيُهْلِكُ كُل بَنِي الوَغَى. 18 وَيَكُونُ أَدُومُ مِيرَاثًا وَيَكُونُ سَعِيرُ أَعْدَاؤُهُ مِيرَاثًا. وَيَصْنَعُ إِسْرَائِيلُ بِبَأْسٍ. 19 وَيَتَسَلطُ الذِي مِنْ يَعْقُوبَ وَيَهْلِكُ الشَّارِدُ مِنْ مَدِينَةٍ». 20 ثُمَّ رَأَى عَمَالِيقَ فَنَطَقَ بِمَثَلِهِ وَقَال: «عَمَالِيقُ أَوَّلُ الشُّعُوبِ وَأَمَّا آخِرَتُهُ فَإِلى الهَلاكِ». 21 ثُمَّ رَأَى القِينِيَّ فَنَطَقَ بِمَثَلِهِ وَقَال: «لِيَكُنْ مَسْكَنُكَ مَتِينًا وَعُشُّكَ مَوْضُوعًا فِي صَخْرَةٍ. 22 لكِنْ يَكُونُ قَايِنُ لِلدَّمَارِ. حَتَّى مَتَى يَسْتَأْسِرُكَ أَشُّورُ؟ » 23 ثُمَّ نَطَقَ بِمَثَلِهِ وَقَال: «آهْ! مَنْ يَعِيشُ حِينَ يَفْعَلُ ذَلِكَ. 24 وَتَأْتِي سُفُنٌ مِنْ نَاحِيَةِ كِتِّيمَ وَتُخْضِعُ أَشُّورَ وَتُخْضِعُ عَابِرَ فَهُوَ أَيْضًا إِلى الهَلاكِ». 25 ثُمَّ قَامَ بَلعَامُ وَانْطَلقَ وَرَجَعَ إِلى مَكَانِهِ. وَبَالاقُ أَيْضًا ذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ.

الأعداد 15-16

ع15 - 16:

بدأ بلعام حديثه الرابع بما سبق وقاله عند بداية حديثه الثالث في (ع3، 4).

العدد 17

ع17:

طرفى موآب: أي قوته لأن الشعب يحصن حدوده بقوته العسكرية والمقصود تحطيم قوته.

الوَغَى: الحرب والمقصود إهلاك كل من يحاربه.

بدأ بلعام حديثه الرابع بحديث قد يبدو مبهمًا إذ يتكلم عن شخص ما وليس شعب إسرائيل ويصف هذا الشخص بالآتي:

إنه إنسان ولكن زمن مجيئه ليس في الزمن الحالي ولكنه سوف يأتي في المستقبل البعيد.

يكون كوكبًا في ضيائه ولمعانه في إشارة واضحة لنقائه وبره.

يحمل قضيبًا في يديه إذ هو ملك وصاحب سلطان وسيادة مطلقة.

يحطم طرفى موآب، أي بمجيئه يعلن نهاية العبادات الوثنية والتي ترمز إليها موآب.

يهلك بني الوغى: أي يتسلط ويبيد الأشرار بسلطان ملكه الدائم.

من الواضح أن الكلام كله هنا لا علاقة له ببالاق وشعب إسرائيل، بل أن الوحى الإلهي استخدم بلعام لينطق بنبوة لا تنطبق على أحد من البشر سوى السيد المسيح، الإله المتجسد صاحب السلطان والملك والعزة وحده. والمسيح هو الذي سيأتى من شعب بني إسرائيل ويحطم قوة الأشرار التي يرمز إليها موآب.

العدد 18

ع18:

أدوم: هم نسل عيسو.

سعير: جبال سعير هي المناطق التي كان يسكنها الأدوميون.

ومن صفات المسيح أيضًا أنه يملك على الشعوب المجاورة ويخضعها له، فتؤمن به الأمم ويملك على قلوبهم الذين يرمز إليهم بشعب أدوم، أي تنتشر المسيحية بين الأمم.

العدد 19

ع19:

ويكون سلطان المسيح على كل مدينة أي العالم كله، أما الذين لم يقبلوه ملكًا عليهم أي الشاردين فمصيرهم الهلاك.

العدد 20

ع20:

عماليق: هم نسل أليفاز بكر عيسو (تك36: 13، 14) وكانت أرضهم جنوب كنعان.

رأى بلعام منظرًا آخر في رؤياه وأعلنه عن شعب عماليق، الذي كان يمثل دائمًا الشعوب الشريرة والمقاومة لشعب الله (خر17: 8)، فيقول أن عماليق كان أول الشعوب التي حاربت شعب الله وقاومته وهو أيضًا أقوى الشعوب في هذا الوقت، ولكن أنظروا إلى نهايته فقد أهلكه الله، فالله قد يسمح للأشرار بالوجود حينًا أو بعض الوقت ولكن نهايتهم دائمًا الهلاك.

الأعداد 21-22

ع21 - 22:

القينى: هم نسل رجل يسمى "قاين" سكنوا في المناطق التي سكنها الأدوميون.

مسكنك... وعشك: مكان إقامتك.

هذان العددان يشيران إلى بعض القبائل التي كانت تعيش في الجبال والمغائر من نسل قايين وكانت تعتقد أنها في حصانة من الشر والدمار، ولكن سوف يأتي زمن الدولة الأشورية وتستأثر أي تسبى هذه القبائل.

العدد 23

ع23:

يكمل بلعام كلامه ويقول ولكن من يعيش ويحيا حتى تحدث كل هذه الأحداث المستقبلية، لا أحد من الجيل الحالى، والمقصود أن هذه النبوة تتعلق بالمستقبل البعيد نسبيًا.

العدد 24

ع24:

كتيم: اسم أطلق على جزيرة قبرص وأطلق أيضًا على الممالك الأوربية والتي تشمل المملكتين اليونانية والرومانية.

تأتى سفن من وراء البحر سواء كانت تحمل اليونانيين بقيادة الإسكندر الأكبر أولًا ثم يتلوها الرومانيون ثانية، وهذه الأمم الجديدة سوف تخضع الممالك السابقة لها مثل بابل وأشور وكذلك عابر أي المملكة اليهودية وهم العبرانيون نسل عابر وكل منطقة الشرق وحوض البحر الأبيض.

فهو أيضًا إلى الهلاك: المقصود هنا هو الغازى الجديد أي اليونانيين والرومان، فحتى الممالك القوية الجديدة لن تقف بكل فلسفتها أو قوتها أمام الكوكب العظيم الخارج من يعقوب أي المسيح (ع17).

بهذه النبوات المسيانية المتعلقة بالمسيح أنهى بلعام حديثه الرابع والأخير.

العدد 25

ع25:

وكانت نهاية اللقاء بالافتراق، فذهب كل من بلعام وبالاق إلى طريق عودته ومكانه الذي أتى منه.

† إن ممالك العالم تتقلب وكل قواه تتغير، فلا تنزعج منها أو تتعلق بها بل اثبت في إيمانك بالمسيح الذي يحميك في هذا العالم ويمتعك بالنعيم إلى الأبد.