الأصحاح الثاني والعشرون – قصة بلعام – سفر العدد – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر العدد – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ الثَّانِي وَالعِشْرُونَ

قصة بلعام.

مقدمة:

تتحدث الثلاثة أصحاحات القادمة (22 - 23 - 24) عن قصة بلعام وملاقاته لبالاق ملك الموآبيين ونطقه بالبركة على الشعب بدلًا من اللعنة.

(1) رفض بلعام لعن الشعب كطلب بالاق (ع1 - 14).

(2) الوفد الثاني من بالاق لبلعام (ع15 - 21).

(3) بلعام وملاقاة ملاك الرب في الطريق (ع22 - 35).

(4) بالاق وبلعام (ع36 - 41).

(1) رفض بلعام لعن الشعب كطلب بالاق (ع1 - 14):

1 وَارْتَحَل بَنُو إِسْرَائِيل وَنَزَلُوا فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ مِنْ عَبْرِ أُرْدُنِّ أَرِيحَا. 2 وَلمَّا رَأَى بَالاقُ بْنُ صِفُّورَ جَمِيعَ مَا فَعَل إِسْرَائِيلُ بِالأَمُورِيِّينَ 3 فَزَعَ مُوآبُ مِنَ الشَّعْبِ جِدًّا لأَنَّهُ كَثِيرٌ وَضَجِرَ مُوآبُ مِنْ قِبَل بَنِي إِسْرَائِيل. 4 فَقَال مُوآبُ لِشُيُوخِ مِدْيَانَ: «الآنَ يَلحَسُ الجُمْهُورُ كُل مَا حَوْلنَا كَمَا يَلحَسُ الثَّوْرُ خُضْرَةَ الحَقْلِ». وَكَانَ بَالاقُ بْنُ صِفُّورَ مَلِكًا لِمُوآبَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ. 5 فَأَرْسَل رُسُلًا إِلى بَلعَامَ بْنِ بَعُورَ إِلى فَتُورَ التِي عَلى النَّهْرِ فِي أَرْضِ بَنِي شَعْبِهِ لِيَدْعُوَهُ قَائِلًا: «هُوَذَا شَعْبٌ قَدْ خَرَجَ مِنْ مِصْرَ. هُوَذَا قَدْ غَشَّى وَجْهَ الأَرْضِ وَهُوَ مُقِيمٌ مُقَابِلِي. 6 فَالآنَ تَعَال وَالعَنْ لِي هَذَا الشَّعْبَ لأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنِّي. لعَلهُ يُمْكِنُنَا أَنْ نَكْسِرَهُ فَأَطْرُدَهُ مِنَ الأَرْضِ. لأَنِّي عَرَفْتُ أَنَّ الذِي تُبَارِكُهُ مُبَارَكٌ وَالذِي تَلعَنُهُ مَلعُونٌ». 7 فَانْطَلقَ شُيُوخُ مُوآبَ وَشُيُوخُ مِدْيَانَ وَحُلوَانُ العِرَافَةِ فِي أَيْدِيهِمْ وَأَتُوا إِلى بَلعَامَ وَكَلمُوهُ بِكَلامِ بَالاقَ. 8 فَقَال لهُمْ: «بِيتُوا هُنَا الليْلةَ فَأَرُدَّ عَليْكُمْ جَوَابًا كَمَا يُكَلِّمُنِي الرَّبُّ». فَمَكَثَ رُؤَسَاءُ مُوآبَ عِنْدَ بَلعَامَ. 9 فَأَتَى اللهُ إِلى بَلعَامَ وَقَال: «مَنْ هُمْ هَؤُلاءِ الرِّجَالُ الذِينَ عِنْدَكَ؟ » 10 فَقَال بَلعَامُ لِلهِ: «بَالاقُ بْنُ صِفُّورَ مَلِكُ مُوآبَ قَدْ أَرْسَل إِليَّ يَقُولُ: 11 هُوَذَا الشَّعْبُ الخَارِجُ مِنْ مِصْرَ قَدْ غَشَّى وَجْهَ الأَرْضِ. تَعَال الآنَ العَنْ لِي إِيَّاهُ لعَلِّي أَقْدِرُ أَنْ أُحَارِبَهُ وَأَطْرُدَهُ». 12 فَقَال اللهُ لِبَلعَامَ: «لا تَذْهَبْ مَعَهُمْ وَلا تَلعَنِ الشَّعْبَ لأَنَّهُ مُبَارَكٌ». 13 فَقَامَ بَلعَامُ صَبَاحًا وَقَال لِرُؤَسَاءِ بَالاقَ: «انْطَلِقُوا إِلى أَرْضِكُمْ لأَنَّ الرَّبَّ أَبَى أَنْ يَسْمَحَ لِي بِالذَّهَابِ مَعَكُمْ». 14 فَقَامَ رُؤَسَاءُ مُوآبَ وَأَتُوا إِلى بَالاقَ وَقَالُوا: «أَبَى بَلعَامُ أَنْ يَأْتِيَ مَعَنَا».

الأعداد 1-3

ع1 - 3:

عربات موآب: كلمة عربة تعني قفر أو مكان تغلب عليه الطبيعة الصحراوية وكلمة عربات تعنى منطقة ممتدة وقفراء، وقد أطلقت على كل المنطقة من خليج العقبة جنوبًا إلى البحر الميت في وسطها ثم نهر الأردن شمالًا، وتعبير عربات موآب أي المنطقة التي يسكن فيها قبائل الموآبيين (خريطة 4).

عبر أردن أريحا: كلمة عبر معناها "ضفة أو شاطئ النهر"، وعبر أردن أريحا معناها ضفة الأردن الشرقية المقابلة لمدينة أريحا.

بعد انتصارات بني إسرائيل على الأموريين ارتحلوا شمالًا بمحازاة الضفة الشرقية، وعندما كانوا في مقابلة أريحا التي تقع على الضفة الغربية لنهر الأردن؛ رآهم "بالاق" ملك موآب، والذي تمتد أراضيه بمحازاة البحر الميت جنوبًا ونهر الأردن شمالًا من الناحية الشرقية، فضاق وفزع جدًا من منظر الشعب وكثافته العددية من ناحية، ومما فعله الشعب "بسيحون" و "عوج" من ناحية أخرى.

العدد 4

ع4:

تعبيرًا عن خوفه ورعبه، جمع "بالاق" رؤساء شعبه وحكماءه من الموآبيين وبعض شيوخ المديانيين الذين كانوا يرعون مواشيهم بأراضي الموآبيين؛ وقال لهم أن هذا الشعب كثير العدد جدًا وأن كل خيرات أراضينا ومزارعنا لا تكفيه طعامًا. واستخدام تعبير "يلحس" يعنى أنه سوف يأتي على كل شيء ولن يتبقى لنا خضرة أو محاصيل نأكلها من بعده لأنه سيترك لنا الأرض جرداء.

العدد 5

ع5:

بلعام بن بعور: هو نفسه بلعام بن بصور (2 بط2: 15) وقد اختلفت الآراء على شخصه، فمنهم من اعتبره عرَّافًا يتبع الشيطان لقول يشوع بن نون "بلعام بن بعور العراف" (يش13: 22)، أما أكثر المفسرين فاعتبروه نبيًا للرب استخدمه الله في تبليغ بعض الرسائل لشعوب المنطقة ويؤكد ذلك الأحداث التالية في هذا الأصحاح... ولكنه وإن كان نبيًا إلا أن الكتاب المقدس يصفه بعد ذلك بالخيانة والتحالف مع أعداء الشعب من أجل المال بالرغم أنه بارك الشعب بفمه كما أمره الله أولًا (عد 23).

فتور: اسم القرية التي كان بلعام يسكنها وهي تقع على الشاطئ الغربي لنهر الفرات. فبلعام نبى ولكن ليس من بني إسرائيل بل يعيش بين الأمم.

أرض بنى شعبه: أي العراق الحالية.

شعب قد خرج اليوم: أي شعب إسرائيل.

أرسل بالاق رسلًا إلى بلعام في مكان إقامته وابلغوه مخاوفه من شعب بني إسرائيل الكثيف العدد الذي خرج من مصر والآن هو واقف بكمال عدده أمام حدود الموآبيين.

العدد 6

ع6:

كان مضمون رسالة بالاق هو دعوة بلعام أن يأتى ليلعن هذا الشعب الكثيف، فليس لبالاق والأموريين قدرة على قتاله، ولكن إذا لعنه بلعام، يتمكن بالاق من الانتصار على بني إسرائيل وطردهم من المنطقة كلها، ويضيف بالاق في رسالته كنوع من المدح لبلعام أنه من المعروف عنه أنه إذا بارك إنسانًا تبارك وإذا لعنه فقد لُعِنَ من قِبَل الإله.

الأعداد 7-8

ع7 - 8:

حلوان العرافة: أي هدية ومكافأة نظير عرافته أو لعنته للشعب، ومعناها الدارج والذي لازال يستخدمه بعض الناس "الحلاوة" مقابل الخبر المفرح. أما كلمة العرافة فمعناها وحدها معرفة الغيب.

جاء مندوبو ورسل بالاق من شيوخ الموآبيين والمديانيين ومعهم هدية ذات قيمة إلى بلعام وأخبروه بكل ما سبق من كلام بالاق... أما رد بلعام عليهم فلم يكن متسرعًا بل طلب منهم المبيت حتى يتسنى له الصلاة إلى الله ومعرفة رأيه... ومن هذا يظهر أن بلعام كان يتأرجح بين طاعة الله ومحبة المال التي ستظهر بعد ذلك.

† ليتك لا تتسرع أو تعطى إجابة عن رأى أو مشورة قبل أن ترفع قلبك إلى الله بصلاة سريعة.

العدد 9

ع9:

فأتى الله إلى بلعام: قد يكون ذلك في رؤيا أو أرسل الله له ملاكًا.

بالرغم من معرفة الله بكل الأحداث إلا أنه في رسالته إلى بلعام يسأله كمن يستفسر عن شيء "من هم هؤلاء الرجال" وذلك لتنبيه بلعام حتى يحترس من الأحداث القادمة.

الأعداد 10-11

ع10 - 11:

جاءت إجابة بلعام تلخيصًا أمينًا عما سبق وجاء في الأعداد (5 - 7).

العدد 12

ع12:

أما رد الله على كلام بلعام فكان حاسمًا وواضحًا، إذ أخبره بوضوح ألاّ يذهب معهم، وألا يلعن الشعب، وأوضح له الله أنه شعب مبارك وأن الله نفسه هو سبب وسر بركته.

الأعداد 13-14

ع13 - 14:

جاءت إجابة بلعام لرسل بالاق كما أمره الرب تمامًا، فرفض الذهاب إلى أرضيهم موضحًا أن الله منعه، فعاد الرؤساء إلى بالاق بدون بلعام وأخبروه برفضه الحضور معهم.

ويلاحظ أن بلعام أخبر رسل بالاق بكل كلام الله وهو قوله، أن شعب إسرائيل مبارك من قبل الله، ولعله تعلق بهدايا بالاق وكان يود أن يرسل إليه مرة أخرى بهدايا جديدة.

(2) الوفد الثاني من بالاق لبلعام (ع15 - 21):

15 فَعَادَ بَالاقُ وَأَرْسَل أَيْضًا رُؤَسَاءَ أَكْثَرَ وَأَعْظَمَ مِنْ أُولئِكَ. 16 فَأَتُوا إِلى بَلعَامَ وَقَالُوا لهُ: «هَكَذَا قَال بَالاقُ بْنُ صِفُّورَ: لا تَمْتَنِعْ مِنَ الإِتْيَانِ إِليَّ 17 لأَنِّي أُكْرِمُكَ إِكْرَامًا عَظِيمًا وَكُل مَا تَقُولُ لِي أَفْعَلُهُ. فَتَعَال الآنَ العَنْ لِي هَذَا الشَّعْبَ». 18 فَأَجَابَ بَلعَامُ عَبِيدَ بَالاقَ: « وَلوْ أَعْطَانِي بَالاقُ مِلءَ بَيْتِهِ فِضَّةً وَذَهَبًا لا أَقْدِرُ أَنْ أَتَجَاوَزَ قَوْل الرَّبِّ إِلهِي لأَعْمَل صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا. 19 فَالآنَ امْكُثُوا هُنَا أَنْتُمْ أَيْضًا هَذِهِ الليْلةَ لأَعْلمَ مَاذَا يَعُودُ الرَّبُّ يُكَلِّمُنِي بِهِ». 20 فَأَتَى اللهُ إِلى بَلعَامَ ليْلًا وَقَال لهُ: «إِنْ أَتَى الرِّجَالُ لِيَدْعُوكَ فَقُمِ اذْهَبْ مَعَهُمْ. إِنَّمَا تَعْمَلُ الأَمْرَ الذِي أُكَلِّمُكَ بِهِ فَقَطْ». 21 فَقَامَ بَلعَامُ صَبَاحًا وَشَدَّ عَلى أَتَانِهِ وَانْطَلقَ مَعَ رُؤَسَاءِ مُوآبَ.

الأعداد 15-17

ع15 - 17:

لم ييأس بالاق من رفض بلعام الأول، فعاد وأرسل له وفدًا أكثر عددًا وأعلى شأنًا ومقامًا، وكانت رسالة هذا الوفد لبلعام بأن ينزل معهم لمقابلة بالاق ولعن شعب بني إسرائيل، وقد أغراه الوفد بأن بالاق سوف يكرمه إكرامًا جزيلًا، والمقصود بالطبع هدايا وتقدمات مالية؛ وكذلك سوف ينفذ له أي رغبة أو مطلب.

العدد 18

ع18:

جاءت إجابة بلعام غير متوقعة للوفد المرسل إليه، فظهر حاسمًا وواضحًا ورفض العرض والإغراء، مهما كان المُقَدَّم إليه من مال أو ذهب أو فضة، فهو يعلن عدم استعداده لمخالفة رأى الله ليلبى رأى بالاق. وهذا يبين الجانب الحسن فيه أي تمسكه بطاعة الله ولو ظاهريًا وإن كان سيتحايل لمخالفتها فيما بعد.

العدد 19

ع19:

بالرغم من موقف بلعام السليم في العدد السابق، إلا أنه كان يحمل افتعالًا أكثر منه صدقًا وهنا بدأ قلبه يفضحه، فهو يعلم سابقًا أن الله هو الذي منعه من لعن الشعب وعدم الذهاب معهم. ولكن هذا العرض الأخير من بالاق أمال قلبه، ولهذا عرض على الرسل المبيت عنده لعل الله يأتيه بجديد غير ما سبق وكلمه به، أي لم يكن حاسمًا في رفض دعوتهم الجديدة وهداياهم.

† أحيانًا كثيرة يحدث هذا معنا... إذ تكون مشيئة الله واضحة كل الوضوح في أمر ما، ولكن بسبب إرادتنا نحن الشريرة أو المغرضة نحاور أنفسنا لعل الله له رأى آخر، وربما نسأل كثيرين بطرق ملتوية حتى نحصل على إجابة تتمشى مع ما نريده نحن وليس ما يريده الله... أرفض الإغراء والضعف وانصت إلى صوت الله بداخلك.

العدد 20

ع20:

تكلم الله مع بلعام ليلًا وصرَّح له بالذهاب مع الرجال ولكنه وضع له شرطًا بألا يتحدث إلاّ بما يأمره به الله.

أتان: أنثى الحمار.

ولعلنا نسأل لماذا سمح الله لبلعام بالذهاب بعد رفضه أولًا؟!!

أولًا: لأن الله كان يعلم جيدًا أن ما نطق به بلعام لم يكن هو ما بداخله، إذ تحركت فيه شهوة المال.

ثانيًا: كان لدى الله خطة يريد من خلالها أن يلقنه درسًا وسنرى ذلك في الأعداد المقبلة.

ثالثًا: كانت خطة الله أيضًا تتضمن أن يبارك بلعام الشعب بدلًا من أن يلعنه أمام بالاق، فيتأكد بالاق من أن هذا الشعب هو شعب الله المتمتع بحمايته.

العدد 21

ع21:

قام بلعام صباحًا وجهَّز حماره وانطلق مع الرسل لمقابلة بالاق.

←.

(3) بلعام وملاقاة ملاك الرب في الطريق (ع22 - 35):

22 فَحَمِيَ غَضَبُ اللهِ لأَنَّهُ مُنْطَلِقٌ وَوَقَفَ مَلاكُ الرَّبِّ فِي الطَّرِيقِ لِيُقَاوِمَهُ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلى أَتَانِهِ وَغُلامَاهُ مَعَهُ. 23 فَأَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ وَاقِفًا فِي الطَّرِيقِ وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ فِي يَدِهِ فَمَالتِ الأَتَانُ عَنِ الطَّرِيقِ وَمَشَتْ فِي الحَقْلِ. فَضَرَبَ بَلعَامُ الأَتَانَ لِيَرُدَّهَا إِلى الطَّرِيقِ. 24 ثُمَّ وَقَفَ مَلاكُ الرَّبِّ فِي خَنْدَقٍ لِلكُرُومِ لهُ حَائِطٌ مِنْ هُنَا وَحَائِطٌ مِنْ هُنَاكَ. 25 فَلمَّا أَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ زَحَمَتِ الحَائِطَ وَضَغَطَتْ رِجْل بَلعَامَ بِالحَائِطِ فَضَرَبَهَا أَيْضًا. 26 ثُمَّ اجْتَازَ مَلاكُ الرَّبِّ أَيْضًا وَوَقَفَ فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ حَيْثُ ليْسَ سَبِيلٌ لِلنُّكُوبِ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا. 27 فَلمَّا أَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ رَبَضَتْ تَحْتَ بَلعَامَ. فَحَمِيَ غَضَبُ بَلعَامَ وَضَرَبَ الأَتَانَ بِالقَضِيبِ. 28 فَفَتَحَ الرَّبُّ فَمَ الأَتَانِ فَقَالتْ لِبَلعَامَ: «مَاذَا صَنَعْتُ بِكَ حَتَّى ضَرَبْتَنِي الآنَ ثَلاثَ دَفَعَاتٍ؟ » 29 فَقَال بَلعَامُ لِلأَتَانِ: «لأَنَّكِ ازْدَرَيْتِ بِي. لوْ كَانَ فِي يَدِي سَيْفٌ لكُنْتُ الآنَ قَدْ قَتَلتُكِ». 30 فَقَالتِ الأَتَانُ لِبَلعَامَ: «أَلسْتُ أَنَا أَتَانَكَ التِي رَكِبْتَ عَليْهَا مُنْذُ وُجُودِكَ إِلى هَذَا اليَوْمِ؟ هَل تَعَوَّدْتُ أَنْ أَفْعَل بِكَ هَكَذَا؟ » فَقَال: «لا». 31 ثُمَّ كَشَفَ الرَّبُّ عَنْ عَيْنَيْ بَلعَامَ فَأَبْصَرَ مَلاكَ الرَّبِّ وَاقِفًا فِي الطَّرِيقِ وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ فِي يَدِهِ فَخَرَّ سَاجِدًا عَلى وَجْهِهِ. 32 فَقَال لهُ مَلاكُ الرَّبِّ: «لِمَاذَا ضَرَبْتَ أَتَانَكَ الآنَ ثَلاثَ دَفَعَاتٍ؟ هَئَنَذَا قَدْ خَرَجْتُ لِلمُقَاوَمَةِ لأَنَّ الطَّرِيقَ وَرْطَةٌ أَمَامِي 33 فَأَبْصَرَتْنِي الأَتَانُ وَمَالتْ مِنْ قُدَّامِي الآنَ ثَلاثَ دَفَعَاتٍ. وَلوْ لمْ تَمِل مِنْ قُدَّامِي لكُنْتُ الآنَ قَدْ قَتَلتُكَ وَاسْتَبْقَيْتُهَا». 34 فَقَال بَلعَامُ لِمَلاكِ الرَّبِّ: «أَخْطَأْتُ. إِنِّي لمْ أَعْلمْ أَنَّكَ وَاقِفٌ تِلقَائِي فِي الطَّرِيقِ. وَالآنَ إِنْ قَبُحَ فِي عَيْنَيْكَ فَإِنِّي أَرْجِعُ». 35 فَقَال مَلاكُ الرَّبِّ لِبَلعَامَ: «اذْهَبْ مَعَ الرِّجَالِ وَإِنَّمَا تَتَكَلمُ بِالكَلامِ الذِي أُكَلِّمُكَ بِهِ فَقَطْ». فَانْطَلقَ بَلعَامُ مَعَ رُؤَسَاءِ بَالاقَ.

العدد 22

ع22:

غلاماه: اثنان من عبيده.

اصطحب بلعام اثنين من عبيده في الطريق لمقابلة بالاق، وبينما كان راكبًا على أتانه اعترضه ووقف أمامه ملاك الرب، ويشير الوحى أن الله كان غاضبًا من تصرف بلعام لأن قلبه كان متعلقًا بمحبة المال وقد وافق الله على ذهابه ليمتحن قلبه. فظهور الملاك وتوبيخه له كان فرصة لتوبته كما سبق وأوضحنا وجاء هنا وقت الدرس، وإظهار الله لعدم رضاه.

العدد 23

ع23:

ظهر الملاك في منظر مخيف إذ كان حاملًا سيفًا حادًا في يده، والعجيب أن الذي رآه هو الحمار وليس بلعام النبي، وبالطبع كان هذا بترتيب إلهي أن يظهر الملاك للحمار دون أن يراه بلعام وذلك ليظهر لنا الله عمى الإنسان الذي يغلق المال والذهب عينيه فلا يرى الله ولا يسمع صوته، واضطربت الأتان من المنظر المخيف وتركت الطريق وانحرفت جانبًا إلى الحقل فضربها بلعام حتى تعود إلى الطريق.

الأعداد 24-25

ع24 - 25:

خندق للكروم: طريق ضيق أو ممر بين حائطين وسقفه تكعيبة عنب.

في أثناء الرحلة مرت الأتان في ممر ضيق، وإذ رأت الملاك وسيفه مرة أخرى ارتعبت الأتان ومالت إلى أحد الحائطين وعند ميلها ضغطت على ساق ورجل بلعام الذي اغتاظ بالطبع من تصرف الأتان فضربها ثانية.

الأعداد 26-27

ع26 - 27:

للنكوب: التراجع.

ربضت: رقدت.

في مكان آخر من الطريق، وكان أشد ضيقًا، وقف الملاك مرة أخرى أمام الأتان، وفى مكان لا تستطيع معه الأتان أن تتجه يمينًا أو يسارًا، فتوقفت عن السير تمامًا ولهذا غضب بلعام جدًا وضربها مرة ثالثة وكانت أكثر عنفًا.

الأعداد 28-29

ع28 - 29:

ازدريت: احتقرت.

نقف الآن أمام معجزة إلهية كبيرة إذ جعل الله بقدرته الحيوان يتكلم مع بلعام، وجاء الحديث في صورة عتاب إذ سأل الحيوان الإنسان لماذا ضربتنى ثلاث مرات، ولا نعلم رد فعل بلعام عندما سمع الحيوان يتكلم، ولكننا نعتقد أنه كان مزيجًا من الدهشة والخوف، إلا أن هذا لم يمنع بلعام من أن يتحدث مع الأتان ويجيبها بأنه ضربها، لأنها عصته ثلاث مرات في السير وأضاف أنه غاضب جدًا عليها وأنها تستحق القتل وليس فقط مجرد الضرب.

العدد 30

ع30:

استكمالًا للحوار، ترد الأتان على بلعام مرة أخرى محاولة لفت نظره إلى طاعتها المستمرة له منذ اقتناها قبل اليوم وسألته هل تمردت عليه قبلًا فأجاب بالنفى.

† الرسالة واضحة لنا جميعًا من خلال هذه الأحداث التي يريد بها الله توبيخ بلعام، وكأنه يقول له أن الحيوان الأعجم أطاع مشيئتى، ولكنك أنت أيها الإنسان إذ ملأ الشر قلبك لم تفهم ولم ترَ ما رآه الحيوان!!!!!!

فليتنا عندما نتعرض لضيقات نراجع أنفسنا لنتوب عن خطايانا ونتعلم من أحداث الحياة وحتى من الحيوانات أيضًا.

العدد 31

ع31:

كشف الله عن عينى بلعام فرأى الملاك وسيفه الحاد وحينئذ خاف جدًا حتى أنه نزل عن حماره وسجد أمام الملاك.

الأعداد 32-33

ع32 - 33:

الطريق ورطة أمامي: الطريق شائك ويؤدى إلى الهلاك.

للمقاومة: منعه وتعطيله وتحذيره.

تحدث الملاك إلى بلعام موضحًا له أن ظهوره له كان من أجل منعه من الذهاب ولعن الشعب ويوضح أن خبايا قلبه أي محبته للمال مكشوفة أمام الله، ويوبخه أيضًا على ضرب أتانه ثلاث مرات بلا سبب، وأن الأتان أفضل منه روحيًا إذ أنها رأت الملاك الذي لم يره هو بسبب شره، ويضيف الملاك في دفاعه عن الأتان المضروبة أنها إن لم تكن قد فعلت ذلك لقتله ملاك الرب واستبقى الأتان.

الأعداد 34-35

ع34 - 35:

قدم بلعام اعتذارًا فوريًا لملاك الرب موضحًا له عدم رؤياه له وإلا ما كان ضرب الأتان ثلاث مرات، واستكمالًا لاعتذاره أعلن استعداده الفورى لعدم استكمال رحلته لبالاق والرجوع إلى بيته؛ إلاّ أن الملاك أمره بأن يستكمل رحلته ولكن عليه ألا يقل شيئًا من عنده بل يتكلم بما سوف يخبره به روح الله عن طريق الملاك، ولهذا أكمل بلعام رحلته مع رسل بالاق.

† حمل بلعام الكثير من المتناقضات في شخصيته إلا أنه لا يفوتنا هنا أن نبرز استجابته السريعة للتوبة والاعتذار. فكلمة "أخطأت" التي قالها كانت سبب نجاته من العقوبة بينما لم ينطق بها آدم عندما سقط!!! ليتنا جميعًا نتعلم سرعة الاعتذار عن الخطأ ولا نبرّر ذواتنا، فكلمة أخطأت تصرف غضب من أخطأنا في حقه وتجعل الله يشفق على ضعفنا.

(4) بالاق وبلعام (ع36 - 41):

36 فَلمَّا سَمِعَ بَالاقُ أَنَّ بَلعَامَ جَاءَ خَرَجَ لاِسْتِقْبَالِهِ إِلى مَدِينَةِ مُوآبَ التِي عَلى تُخُمِ أَرْنُونَ الذِي فِي أَقْصَى التُّخُومِ. 37 فَقَال بَالاقُ لِبَلعَامَ: «أَلمْ أُرْسِل إِليْكَ لأَدْعُوَكَ؟ لِمَاذَا لمْ تَأْتِ إِليَّ؟ أَحَقًّا لا أَقْدِرُ أَنْ أُكْرِمَكَ؟ » 38 فَقَال بَلعَامُ لِبَالاقَ: «هَئَنَذَا قَدْ جِئْتُ إِليْكَ. أَلعَلِّي الآنَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَكَلمَ بِشَيْءٍ؟ الكَلامُ الذِي يَضَعُهُ اللهُ فِي فَمِي بِهِ أَتَكَلمُ». 39 فَانْطَلقَ بَلعَامُ مَعَ بَالاقَ وَأَتَيَا إِلى قَرْيَةِ حَصُوتَ. 40 فَذَبَحَ بَالاقُ بَقَرًا وَغَنَمًا وَأَرْسَل إِلى بَلعَامَ وَإِلى الرُّؤَسَاءِ الذِينَ مَعَهُ. 41 وَفِي الصَّبَاحِ أَخَذَ بَالاقُ بَلعَامَ وَأَصْعَدَهُ إِلى مُرْتَفَعَاتِ بَعْلٍ فَرَأَى مِنْ هُنَاكَ أَقْصَى الشَّعْبِ.

العدد 36

ع36:

سبق أحد رسل بالاق المسيرة وأبلغه بقدوم بلعام هذه المرة، ومن شدة فرح بالاق بهذا الخبر خرج مسرعًا لاستقبال بلعام عند أقصى حدود بلاده، كما يُفعَل عند استقبال العظماء، فلم ينتظر دخوله بلاد الموآبيين بل خرج هو إلى الحدود وعند أول مدينة للموآبيين وتسمى "مدينة موآب" والتي تقع على حدود النهر الصغير أرنون استقبل بلعام.

العدد 37

ع37:

بادر بالاق بلعام بالتحية والكلام، وفى عتاب لطيف سأله ألم أرسل في طلبك سابقًا فلماذا إذا لم تأتِ، وهل إن كنت قد أتيت ألم أكن أكرمك وأجزل لك العطاء.

العدد 38

ع38:

أجاب بلعام بأنه هو هنا الآن وهذا هو المهم، وبتأثير خوفه من منظر الملاك الذي رآه منذ قليل، أضاف لبالاق بأنه لن يستطيع التكلم إلا بما يقوله الله له.

الأعداد 39-40

ع39 - 40:

ذهب بلعام مع بالاق إلى قرية اسمها "حصوت" وهي إحدى مدن موآب وأول مدينة لائقة لاستقبال وإكرام بلعام ومن معه وهي تقع شمال نهر أرنون، وكان بالاق كريمًا جدًا إذ ذبح من أجل وليمة تكريم بلعام الكثير من البقر والغنم بالرغم من قلة عدد الرجال ولكنه أراد أن يوضح لبلعام مدى كرمه في إشارة إلى ما سوف يحصل عليه بلعام من هدايا وذهب إذا لعن الشعب، ويوضح أيضًا حفاوة الاستقبال لهذا الضيف العظيم.

العدد 41

ع41:

مرتفعات بعل: هي اسم لمكان عالٍ ومرتفع مثال الهضبة وأطلق عليه "بعل" لأنهم كانوا يذبحون للبعل عليه، أي يقدمون العبادة للبعل كأحد العبادات الوثنية (خريطة 6).

بعد قضاء ليلة من الإكرام والراحة اصطحب بالاق بلعام في الصباح الباكر إلى مكان عالٍ وهو "مرتفعات بعل" وأراه الشعب من هناك ولأن المكان كان عاليًا استطاع بلعام أن يرى كل الشعب إلى أقصى نقطة في مكان إقامته.

† إن إغراءات العالم كثيرة لتشغلك عن وصايا الله، ولكن من ناحية أخرى ينبهك الله حتى لا تهلك مع هذا العالم الشرير كما نبه الملاك بلعام فتمسك بوصايا الله، فلا تجرى وراء مغريات العالم المبهرة فكلها زائلة وإن كنت قد انشغلت بها فاسرع للعودة إلى الله وضع حدودًا لارتباطك بالعالم.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثالث والعشرين – نبوات بلعام - سفر العدد - مارمرقس مصر الجديدة

الأصحاح الحادي والعشرون – طريق النصرة - سفر العدد - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر العدد الأصحاح 22
تفاسير سفر العدد الأصحاح 22