مخطوط من القرن18 وأصله من عام1253م – تفسير مزامير التوبة – تأليف بطرس أرنودى الكاثوليكى اليسوعى وترجمة عبدلله زاخر الحلبى ، من طائفة الروم

هذا الفصل هو جزء من كتاب: عقيدة وراثة خطية آدم فى المخطوطات – المهندس مكرم زكي شنوده.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

ص63:- قال داوود النبى: هانذا بالأثام حبل بى وبالخطايا ولدتنى أمى –التفسير: هذا هو السبب للضعف البشرى وإفراط الميل إلى الخطية ، الصادر فينا من خطية أبوينا الأولين ، المنتسبة إلينا بسبب ولادتنا منهما ، ولأننا ولدنا متصفين بهذا الشقاء بغير إرادتنا نستوجب الشفقة الإلهية …فالطبيعة البشرية جُرحت بالخطية الأصلية وفسدت بهذا المقدار ، حتى أنها لاتزال مائلة إلى الشره ومجتذبة من الشهوة إلى الأمور الجسدية ، وذلك لأنه بسبب الخطية الأصلية صدرت فى نفس الإنسان عصيان الجسد على الروح ، لأنه كما أن الروح عصى على الله بمخالفة ناموسه  يعصى الجسد على الروح ويجمح إلى طلب اللذات الجسدية بخلاف ما يأمر العقل …لذلك يقول عن كل البشريين: “أما أنا فجسدى مباع تحت الخطية” ، لأنه بسبب الخطية الأصلية تولدت فى الجسد الشهوة ضد الروح .. أى الميل الجسدى ، يميل الإنسان طوعاً أو كرهاً إلى إشتهاء ما يخالف نور العقل .. الشهوة نتجت عن الخطية الأصلية .. وبها تفسد الخطية الأصلية جميع بنى البشر عن طريق التناسل …. إن النبى داوود لم يورد هذا السبب (بالخطية ولدتنى أمى ) كسبيل للإعتذار عن خطيته ، بل لكى يدعو الله للشفقة عليه من حيث أنه إنسان ضعيف مائل منذ مولده إلى الشر .. إننى أخطأت وليس لخطيتى مبرر للإعتذار ولكن إنظر أيها الإله الرحوم إننى إنسان شقى ضعيف: مولود بالآثام ، ومائلاً بذاتى إلى الشر

ص65:- الإنسان الأول .. خُلق فى حال من النعمة والبر … هذا البر الأصلى كان يفيض فى نفس آدم  نوراً ومواهب . يخضع بها نفسه الأدنى لنفسه الأعلى ، خلواً من مخالفة الجسد للروح والروح لله .. ويحفظه من الموت ويسلطه على جميع المخلوقات الجسدية .. وملأ قلبه فهماً (إبن سيراخ11)  … رأت المرأة أن الثمرة طيبة للأكل وشهية المنظر ، وبهذه الرذايل: رغبة المعرفة وشهوة العظمة والميل نحو ملذات الجسد ، إمتدت فى ذرية آدم جميع الخطايا … وهذا الفساد إنتشر بواسطة الخطية الأصلية التى نولد متصفين بها … جميع الكتب المقدسة ثبَّتت هذه الخطية الأصلية: من الذى يخرج بريئاً من الدنس وقد حُبل به من إمرأة ، إلاَّ أنت وحدك(سفر أيوب)  … بالآثام حبل بى وبالخطايا ولدتنى أمى(مزمور50) … بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم(روميه 5) … والمجامع المقدسة تعلمنا أن هذه النصوص لا بد أن تُفهم عن خطية الإنسان الأول التى تعدت إلى جميع ذريته ، لأنه إن كان الناس كافة يولدون بالخطية ، ومن المؤكد أنهم لا يمكن أن يكونوا هم أنفسهم فعلوا هذه الخطية (أى قبل ولادتهم!) فينتج أنه لابد أنها إنتقلت لهم من أبيهم الأول ، الذى هو وحده إرتكبها بإختياره ومع ذلك فإنها تٌنسب إلى كل واحد منا ، وكذلك فإن إستحقاق سيدنا يسوع المسيح يُنسب لكل من ولد ثانية بواسطة المعمودية المقدسة…

ص66:- يقول مارى أغسطينوس إن الشهوة تُنزع من المبررين من جهة الذنب (أى عقوبة خطية آدم ذاتها) وتستمر بالفعل (أى تظل الشهوة الجسدية موجودة ، أى الزواج) ، فمعنى ذلك أن الخطية التى نتجت عنها الشهوة (أى خطية آدم التى نتجت عنها الشهوة) تُنزع بالمعمودية ، إلاَّ أن الشهوة تبقى من جهة أفعالها … المعمودية المقدسة ترفع عن الإنسان الخطية الأصلية .. الذنب والدنس وغضب الله

ص66ش:- نعمة البر الأصلية .. جميع الناس يولدون عادمين هذه النعمة ، هذا العدم نتج عن الخطية الأصلية التى هى مخالفة آدم الإختيارية التى أخطأنا بها معه جميعاً حسب شهادة الرسول (به أخطأ الجميع –رو5 :12) ، وبسبب هذه المخالفة .. عَدِمَ كل واحد منا البر الذى مُنح لآدم أبينا (قبل مخالفته الوصية)  … عن طريق توالدنا منه ، إذن الخطية الأصلية ليست سوى خطية أبينا آدم نفسها .. فهذه الخطية تُحسب أننا قد إرتكبناها معه ، وبالنتيجة نولد مذنبين بها ولو لم نرتكبها بإختيارنا الذاتى.

ص66و67:- آدم هو أب وأول كل البشر ، وهو رئيس ووكيل لجميع المولودين منه .. توالدنا خطاة وشركاء فى إثمه يستلزم أن نكون محتويين فيه .. من حيث أنه أبونا ومن حيث أنه رئيسنا ووكيلنا أيضاً… يُحسب كل ما أراده أنهم هم أنفسهم أرادوه … قد كنا فى آدم (رو5 :12) بوجهين: بوجه الطبيعة وبوجه الإرادة ، وإننا جميعاً أخطأنا بشخصه ، ومن ثم نشترك بخطيته بتوالدنا منه…

قال القديس أغسطينوس: إن الناس جميعهم قد كانوا الإنسان الأول (آدم) ولذلك إمتدت خطيته إليهم جميعهم ، وأيضاً : إن جميع الناس كانوا فيه حينما أخطأ  … آدم هو أب البشر كافة وهو مقام بأمر الرب رئياً ووكيلاً لهم … وأما توالدنا خطاة وشركاء فى إثمه فيستلزم أن نكون محتويين فيه .. من حيث أنه أبونا ومن حيث أنه رئيسنا ووكيلنا أيضاً … إننا جميعنا مشتركون فى خطيته وتعديه … إن الخطية الأصلية ليست سوى خطية آدم  … الخطية الأصلية هى واحدة بأصلها ممتدة إلى كل الناس بطريق التوالد ، وتصير خصوصية لكل واحد منا (أى خطيته هو شخصياً) هذه هى الخطية التى كل واحد من الأطفال لم يستطع أن يفعلها بإرادته الذاتية ولكنهم جميعهم فعلوها بإرادة أبيهم الأول ، هذه هى الخطية التى تصيرنا مذنبين حقيقة بقوة الرسم الإلهى … وكما أن آدم بعد مخالفته لم يكن عادم البر فقط ، بل كان مدنساً بالخطية أيضاً التى جعلته موضوع الغضب الإلهى (=كنا بالطبيعة أبناء الغضب أف2: 3) وإنتقامه الأبدى (أى الجحيم) ، هكذا جميع بنيه المتولدين منه ليسوا عادمى البر فقط بل مذنبين بإثمه نفسه ، ذاك الإثم الذى لأجل رسم الله العادل يحتسبون أنفسهم أنهم قد إرتكبوه بشخص أبيهم ، ومن ثم يكونون خطاة حقاً مستوجبين أن يعدموا إنعام الله ويقتبلوا إنتقامه الأبدى (أى الجحيم) … لكيما يصير آدم بهذا الوجه عبارة عن المسيح الذى هو آدم الثانى الأبدى ، الذى أراد الله أن يجعل فى يده وإرادته خلاصنا ، لكى يستحق لنا النعمة والمجد ، كما أن آدم إستحق لنا الخطية والعذاب … ومن ثم نحسب أننا أخطأنا معه ، ولكن بإرادته لا بإرادتنا الذاتية (المفروض أننا كنا فى صلب آدم حين أخطأ ، وهى الصورة المقابلة لما يقوله الكتاب عن لاوى أنه عشر لملكى صادق بأبيه إبراهيم لأنه كان فى صلبه حين عشَّر ، والكاتب هنا –غالباً- يقصد أنها ليست خطية فعلية بل متوارثة ، ولكن هذا الكتاب برغم إمتيازه لم ينتبه لهذه الآية الهامة جداً) ، ولذلك تكفينا إرادة آخر لنيل الغفران عن هذه الخطية بإقتبالنا سر المعمودية (نحن نرث بر المسيح وغفرانه وخلاصه كهبة إلهية مجانية وليس لأحد أن يعترض على فضله وكرمه وجوده ، فهى هبة إلهية وليست مبنية على أسباب متعلقة بنا نحن ، وهو أمر يسمو كثيراً جداً عن وراثتنا لخطية آدم كأمر وراثى طبيعى ، ولكن ذلك لا يلغى وجود علاقة بينهما وهى وراثة ما لم نفعله شخصياً عن طريق الولادة الأولى ثم الثانية)  وذلك لكى يتم فينا قول أشعياء النبى: إنكم بُعتم مجاناً وتُفدَون بلا فضة . إن هذه الخطية كانت فى أبينا آدم كالينبوع الأصلى المسموم ، جدَّت منه فى جميع الدهور وإمتدت إلى جميع أولاده ، وأفسدت نسله كله … ممتد إليهم من قِبَل الأب الأول ، كما إمتد إلينا أيضاً من قبله … من غير أن يقدر أحد أن يمنع هذا التعدى الذى إمتد إلى جميع الدهور . إن هذه الخطية فى شخص الإنسان الأول هى ينبوع جميع خطايا العالم وأصلها … إن هذه الخطية فى شخص الإنسان الأول ليست سبباً لحرمانه فقط من المواهب الجليلة ، بل هى أيضاً موجبة تعذيبه فى النيران الأبدية ، ومن ذلك يتحقق أن الأطفال الذين يموتون قبل إقتبال العماد المقدس يعدمون حقاً مشاهدة الله إلى الأبد

ص68:- أوضحت لى غوامض حكمتك ومستوراتها ، تنضح علىَّ بزوفاك فأطهر تغسلنى فأبيض أكثر من الثلج. التفسير: النبى يشير إلى إحدى غوامض الحكمة الإلهية ومستوراتها ، وهى  سر العماد المقدس الذى كان عتيداً أن تتطهر الناس به فى العهد الجديد ويتبرروا تبريراً كاملاً

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found