وكان لا بد له أن يجتاز السامرة – القس مارتيروس جمال

كارت التعريف بالمقال


وكان لا بد له أن يجتاز السامرة. يو 4: 4

وكان لا بد له أن يجتاز السامرة - القس مارتيروس جمال 6
.

في انجيل احد السامرية يو 4 تقابلنا الاية 4 "وكان لا بد له ان يجتاز السامرة" التي قد توحي لنا بان الرب في ذهابه الى الجليل,كان مجبرا على إجتياز السامرة He had to pass through Samaria,.

والحقيقة أن الرب من الناحية الجغرافية لم يكن مجبرا على ذلك, فقد كان متاحا له الطريق الاكثر استخداما وقبولا لدى اليهود, حيث كان اليهود في عصر المسيح, قد تحايلوا على الواقع الجغرافي تجنبا لعبور السامرة, ومن واقع نظرتهم المتدنية للسامرة والسامريين بوصفها ارضا امميه نجسة, كانوا بدلا من الاتجاه شمالا يتوجهون شرقا, وفي مقابل اريحا من ناحية الشرق, تقريبا عند مخاضة يبوق, يعبرون الاردن ثم شمالا عبر بيريه بمحاذاة الضفة الشرقية لنهر الاردن, حتى اخر حدود السامرة, ثم معاودة العبور الى الغرب الى الجليل.

بمعنى أن الطريق كان مفتوحا للرب الى الجليل دون أن يكون مضطرا الى عبور السامرة, فلماذا أورد القديس يوحنا هذه العبارة.

فما سر هذا الإضطرار, الذي الزم الرب ترك الطريق التقليدى المطروق المعبد الحافل بالمسافرين ونقاط الراحة والتموين, ويتجه الى إجتياز السامرة it was necessary for him to go through Samaria.

اولا: إضطر لانه رؤوف ومتحنن

هذه النفس المسكينة التى مررتها الخطية, وفاض كأسها جروحا واحباطات وضربات دون معز أو شاف, وفي مرارتها لم يعد أمامها غير امل وحيد "انا اعلم ان مسيا، الذي يقال له المسيح، ياتي. فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيء" وها قد اتي. ليعطيها ماء حقيقيا لكى تروى, وكرامة لم تختبرها منذ عهود.

ثانيا: إضطر لان لان النفس ثمينة

ان نفسا واحدة أقيم واثمن عند الرب من الكون ومافيه, والذي اجتاز السامرة هو من شق السمات ونزل ليعطينا حياة ابديه. هو من مشى على الارض كأنسان, هو من إحتمل العار واللطم والسب والتجديف, هو من بذل دمه الثمين كما من حمل بلا عيب.

ثالثا: إضطر لان لهذا اتى

طبيعته هي الحب اللا نهائي, وقد قال ينبغي أن أعمل مادام نهارا, يو 9: 4, أبي يعمل حتى الان وأنا أعمل يو 5: 17, لذته وشهوة قلبه أن يتمم مشيئة الذي أرسله يو 4: 34. ولان ابن الانسان ايضا لم يات ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين, مر 10: 45.

رابعا: إضطر لان ليس غيره قادر

هو علم بإحتياجها, بضيقة نفسها, بحيرتها وحيرة شعبها, وفي نفس الوقت هي مجهولة ليس لها من يسأل عنها ويفتقدها وينقذها, الخلاصة, ليس لها غيره, هي مسؤليته, عمله, هذه الروح التى سكبها في قلب خادمه بولس فقال, اذ الضرورة موضوعة علي، فويل لي ان كنت لا ابشر. 1 كو 9: 16.

خامسا: إضطرار السلام.

هو صانع الصلح, جاء "ليصالح الكل لنفسه، عاملا الصلح بدم صليبه، بواسطته، سواء كان: ما على الارض، ام ما في السماواتكو 1: 20, لانه هو سلامنا، الذي جعل الاثنين واحدا اف 2: 14, لذا كان لابد له أن يفتح الطريق للصلح والوحدة بين اليهود والسامريين, ويصل السبل التي قطعتها العداوة.

سادسا: إضطر لكي يعلم تلاميذه

كان لابد له أن يعطي تلاميذا درسا عن أهمية النفس وغلاوتها عند خالقها, وأن تحقيق مشيئة الرب هي طعام الخادم, وأن المسيح للجميع, يهود وامم. وان الحب والعطف والحوار هي أنجح الطرق لربح النفس الضالة.

سابعا: إضطرليفتح الطريق للبعيدين.

لو لم يكن المسيح كرز للسامرية والسامرة وجلس وتحدث معهم, ما كان سمح لفيلبس أن ينحدر الى السامرة ويكرز لهم بخلاص المسيح اع 8: 5, ولو لم يكن خدم الكنعانية مت 15: 22, وعبد قائد المأة مت 8: 6, لكانت الكرازة للامم قد إجهضت, ولا أعطى الرسل لبولس يمين الشركة ليكون رسولا للامم, لذا كان اضرار الرب لعبور السامره محفزا لتحقيق كلمة الرب, وتكونون لي شهودا في اورشليم وفي كل اليهودية والسامرة والى اقصى الارض أع 1: 8.

لذا كان لا بد له أن يجتاز السامرة, لكنه لم يكن أضطرار الجبر أو الضعف أو الخضوع للظروف, بل إضطرار الحب والتحنن والطبيعة والمسؤلية.

دمتم في محبة المسيح.

القس مارتيروس جمال.

أحد السامرية 22 مارس 2020م.