كارت التعريف بالمقال

إضغط هنا لقراءة الفهرس

بعدما أقلعوا من ميرا

تحليل جغرافي

في ترحيل بولس الى روما, وصلت السفينة الى ميناء ميرا بمقاطعة ليكية جنوب اسيا الصغرى أع 27: 9 - 44, ومن هناك اقلوا سفينة متجهة الى ايطاليا, وبسبب ضعف الرياح ساروا بمحاذاة ساحل كريت الجنوبي, وبالكاد وصلوا الى ميناء يسمى "الموانئ الحسنة" جنوب كريت, وهناك نصح بولس القائد بان هناك خطورة في السفر, لكنه لم يسمع وسافر, وبسبب رياح زوبعية تسمى "اوروكليدون" تعرضوا لخطر شديد وخافوا الوقوع في "السيرتس" ودام الخطر اربعة عشر يوما, الذي في خضمه طمأنهم بولس رغم تجاهل نصيحته, وبشرهم طبقا لإعلان سماوي بان لا تكون خسارة نفس واحدة منكم، إلا السفينة, وظلوا على هذا الحال من الخطر حتى نجوا الى شاطئ مالطة الجنوبي, لكن بعدما ضاعت السفينة وشحنتها تماما, لكن بدون أي خسائر بشرية تماما كما قال بولس.

وفي هذه القصة نجد:

(1) سفينة حائرة

+ + + + + + + + +.

+ يتعجب البعض حيرة السفينة وعدم تمكنها من الرسو على شاطئ كريت الجنوبي حتى استقرت في الموانئ الحسنة؟ هذا التعجب تعطينا جغرافية كريت الطبيعية إجابة عليه, مما يؤكد لنا مدى مصداقية كلمة الله, وأتفاقها مع الواقع الجغرافي والتاريخي.

+ فالساحل الجنوبي لكريت, يتميز باقتراب الجبال من البحر, وفي مناطق كثيرة تكون عمودية عليها, مما ادى صعوبة قيام موانئ طبيعية في المكان, وكان أفضل تلك المواني هي ميناء "الموانئ الحسنة" ولاحظ. أن هذا الميناء الذي استحق هذا الاسم, لم يحوز إعجاب قائد السفينة ومالكها, ورأوه غير صالح للمشتى.

(2) نصيحة بولس

+ + + + + + + + + +.

+ هذه النصيحة نابعة من خبرة بولس الكبيرة بشئون البحر والسفر وأخطارة, فحتى هذه اللحظة كان قد مر بخبرة انكسار سفينة في عرض البحر به ثلاث مرات 2 كو 11: 25.

+ رغم قوة أيمان بولس, ووجود وعد بانه هو سيعيش حتى يشهد للمسيح في روما اع 23: 11, لكنه لم يجرب الرب, وكان حريصا على حفظ ارواح من معه.

(3) عاصفة استثنائية

+ + + + + + + + + + + +.

+ بعدما أقلعوا تعرضوا لرياح اسمها اوروكليدون, التى تعني باللاتينية الشمالية الشرقية, ولرعب البحارة من هذه الرياح نقرأ انهم خافوا أن تدفعهم الى "السيرتس" الذي هو خليج تكثر في قاعة تلال رملية متحركة على شاطئ افريقيا, اي على بعد 611 كم منهم, فما هذه الرياح التى تستطيع دفع السفينة لكل هذه المسافة؟

+ الاجابة تكمن في سلسلة الجبال المرتفعة التى تمتد وسط الجزيرة والتى تصل ارتفعاتها الى 2456 متر, هذه الجبال وممراتها الضيقة تزيد من حدة الرياح بالصورة التى يصفها السفر هذه الرياح قادرة على دفع السفينة الى اقصى جنوب البحر المتوسط, في زمن قصير, ويجعلهم في نطاق السرتس قرب شواطئ ليبيا. لاحظ دقة مصطلح "رياح زوبعية" ولاحظ ايضا توافق السفر مع معالم المنطقة الطبيعية والمناخية.

(4) ايمان في عمق الخطر

+ + + + + + + + + + + + + +.

+ في عمق الخطر, وجنون العاصفة يظهر عمل الله وايمان بولس, هنا صبر القديسين وايمانهم رؤ 13: 10, "لا تخف يا بولس. ينبغي لك ان تقف امام قيصر. وهوذا قد وهبك الله جميع المسافرين معك اع 27: 24.

+ ايمان بولس وثقته ورؤياه لم تمنعه من احترام اجراءات الحماية من اعمال تخفيف الاحمال وسبر الاعماق وقياس المسافات التى اجراها البحارة الخبراء بعملهم.

+ كانت السفينة تحمل حمولة ثمينة جدا من القمح المصرى المرسل الى روما, وكانت السفينة كبيرة جدا وغالية الثمن, لكن نرى ان النص يشير أن حياة الانسان أغلى وأثمن من كل مقتنيات, ورغم ضياع كل شئ حتى السفينة, يحسب السفر نجاة الجميع خير وبركة وعناية وانتصار.

القس مارتيروس جمال.

4 ابريل 2020م.