تاريخ الكنيسة جـ2 24 11 1987 محاضرات الكلية الإكليريكية فيديو – البابا شنودة الثالث

القسم الرابع: كنيسة الاسكندرية

كنيسة لها مكانتها فى التاريخ و شهرتها و فى القانون السادس لمجمع نيقية ذكرت أولا قبل باقى الكنائس جميعا, وقيل ان أسقف الاسكندرية له الرئاسة على كنائس مصر و ليبيا و النوبة و الخمس مدن و باقى البلاد. كنيسة الاسكندرية كان لها شهرتها فى المجامع المسكونية, حيث كانت لها الشهرة اللاهوتية الجبارة فى المجامع المسكونية, فهى التى أدارت المناقشات اللاهوتية فى مجمع نيقية المسكونى سنة 325 م و قضت على هرطقة أريوس بالحرمان و جادلته حرفا حرفا و كان قائد هذا الامر هو القديس أثناسيوس الرسولى الاسكندرى و أيضا هى التى قاومت هرطقة نسطور و كان قائد هذه الحركة هو القديس كيرلس الكبير الاسكندرى و حرومه الاثنى عشر صارت حروما كنسية و كان يمثل الكنيسة الاسكندرية فى مجمع القسطنطينية سنة 381 م القديس تيموثاوس الاسكندرى الذى حينما حضر المجمع فى القسطنطينية سؤال فى بعض مسائل فأجاب بأجابات أعتبرت قوانين كنسية فيقولون سئل السؤال الاول فأجاب بالقانون الاول, السؤال الثانى فأجاب بالقانون الثانى فكل أجاباته فى مجموعة “Nicene and post-Nicene fathers” أى “أباء نيقية و ما بعد نيقية” فيقولون قوانين أبينا القديس المكرم الانبا تيموثاوس الاسكندرى فتصوروا ان بطريرك الاسكندرية عندما تكون أجابته تعتبر قوانين كنسية ما يعنى ذلك؟ حينما تدرسون قوانين الكنيسة مثلا و تجدون قوانين الاباء التى نشرتها كنائس غير كنائسنا, تدجوا كثير من قوانين أباء الاسكندرية (قوانين القديس أثناسيوس – قوانين القديس كيرلس – قوانين القديس ثاؤفيلس – قوانين القديس بطرس خاتم الشهداء – قوانين القديس تيموثاوس – قوانين القديس ديونسيوس) فهم مشهورين و كلامهم قوانين. قد قال القديس جيروم عن القديس أثناسيوس الرسولى: “مر وقتا كاد فيه العالم كله ان يصبح أريوسيا لولا أثناسيوس” و لذلك قيل له يا أثناسيوس العالم كله ضدك فقال و أنا ضد العالم فأسموه “Athanasius contra mundum” وهى العبارة اللاتينية ل “أثناسيوس ضد العالم”.

الكنيسة الاسكندرية أيضا هى أم كنائس العالم فى الرهبنة, فالرهبنة نشئت أولا فى الكرسى الاسكندرى, أول راهب فى العالم هو القديس أنطونيوس هو مصرى قبطى من صعيد مصر و أول شخص وضع أسس الرهبنة فى العالم و القوانين الرهبانية للمجامع الرهبانية او الاديرة هو القديس باخوميوس رجل مصرى قبطى من صعيد مصر أيضا. غالبية الاباء الرهبان الأول كانوا مصريين أقباط سواء فى برية شهيت او برية القلمون او فى برارى الصعيد  فى أسنا و سوهاج و أخميم و كان السواح يأتون من أقصى الارض ليسمعوا كلمة منفعة من رهبان مصر و كتب عنهم القديس بلاديوس كتابه المشهور ” Lausiac History” الذى ترجم بأسم  “بستان الرهبان” , و كتب عنهم يوحنا كاسيان كتابين مشهورين هما كتاب “المعاهد” او (Conferences of the Desert Fathers) و كتاب ” المقابلات” او (Institutes of the Coenobia), وكتب عنهم روفينوس كتابه المشهور (Historia Eremitica) و كتب جيروم تاريخ بعض هؤلاء الرهبان و منهم أنبا بولا السائح و القديس يوحنا الاسيوطى الى أخره. الرهبنة فى العالم كله أخذت من رهبنة مصر. قوانين باسيليوس الكبير أعتمد فيها على قوانين باخوميوس الاسكندرى و قوانين باسيليوس أخذ منها أيضا أباء الرهبنة البندكتية الكاثوليكية كما أخذوا من يوحنا كاسيان الى أخره.

الكنيسة المصرية مؤسسها مارمرقس الرسول و هو يهودى الاصل من سبط لاوى و لكنه ولد فى ليبيا فى أقليم برقة فى مدينة درنابوليس التى حاليا هى مدينة درنة, كانت أسرته موجودة هناك قبل ان تهاجر الى فلسطين نتيجة غزو البربر. ولد من أسرة متدينة جدا و يمت بالقرابة لبطرس الرسول و يمت بالقرابة الى برنابا الرسول و يقال أيضا لتوما الرسول, أمه كانت أحدى المريمات القديسات – يمكن الرجوع لكتاب “مارمرقس الرسول” لمزيد من المعلومات – بالاضافة للتدين كان له ثقافة واسعة فكان يعرف ثلاث لغات (العبرية – اليونانية – اللاتينية) و كان له أسمان الاسم اليهودى: يوحنا بمعنى الله حنان و الاسم اللاتينى: مرقص بمعنى مطرقة فهو المطرقة التى حطم بها الاوثان و البعض يعتقد ان مرقص من Mark بمعنى علامة و لكن معناها مطرقة. خدم مع بطرس الرسول فى أورشليم و يافا و بلاد اليهودية و خدم مع بولس الرسول و مع برنابا فى اليهودية و فى أنطاكية وعبر معهما الى قبرص فى سلاميس و بافوس و انفصل عنهم مدة ثم بولس الرسول شعر بأهميته فخدم مع بولس الرسول فى بلاد عديدة جدا فخدم معه فى تأسيس كنيسة روما و خدم فى أنطاكية و بعض بلاد أسيا الصغرى و خدم فى كولوسى و بعض اللبنانيين يقولون انه كان له خدمة فى جبيل لدرجة ان جبيل تعتبر أول أساقفتها مارمرقس و هو غير معقول ان مارمرقس أول أساقفتها لكن هذا من أهتمامهم. له شهرة كبيرة فى البندقية و تعتبره شفيع المدينة و أسد مارمرقس هو شعار البندقية و خدم فى ميناء اكويلة التابع للبندقية. خدم فى بلاد متعددة جدا ولم يكن فقط كاروز الديار المصرية و أنما حتى أنجيله كتب للعالم كله و أستفاد به العالم كله و قداسه أيضا لم ينتفع به فقط أهل مصر و أنما بلاد عديدة و خدم أيضا فى ليبيا و أسس كنائس ليبيا قبل ان يأتى الى مصر بالنسبة الى ليبيا فهناك (ولد فيها – كرز فيها قبل مجيئه لمصر – بعد تأسيس الكنيسة فى مصر عاد و أفتقد ليبيا) , ليبيا صارت جزءا من الكرازة المرقسية بأستمرار حيث توضع تحت أسم الخمس مدن الغربية تميزا لها عن الخمس مدن الشرقية بساحل البحر المتوسط شرقا, توجد مدينة فى ليبيا تسمى مصراتة و يقولون أصلها “من مصر أتى” و يعتقد انها اول مدينة ذهب اليها مرقس الرسول.

أخوتنا الكاثوليك يريدون ان يجردوا مارمرقس من كل شىء فيقولون انه لم يكن مؤمن و أمن على يد بطرس الرسول بعد يوم الخمسين, و يقولون ان أنجيله هو مذكرات بطرس الرسول او أملاه بطرس الرسول و كتبه او يسمونه ترجمان بطرس او سكرتير بطرس. طبعا بطرس لم يكن محتاج لترجمان لانه حل عليه الروح القدس و كان يتكلم بألسنة او فى أحتياج لمن يترجم له والا لم يكن عليه موهبة الروح القدس؟؟!! من جهة الانجيل لا نقول أملاه بطرس لان أملاه الروح القدس بحسب ” لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس” بطرس الثانية 1: 21. أما من جهة أيمانه فنحن نسمى مرقس الرسول “ناظر الاله” لانه رأى المسيح بالجسد و عاش معه و بيت مارمرقس هو الذى كان به علية صهيون, وهو الذى غسل فيه السيد المسيح أرجل التلاميذ, و هو الذى أقام به العشاء الربانى أول مرة, وهو الذى حل فيه الروح القدس يوم الخمسين و صار أول كنيسة فى العالم و هذه موجودة فى أعمال 12: 12 عن بعد خروج بطرس من السجن يقول “ثم جاء وهو منتبه إلى بيت مريم أم يوحنا الملقب مرقس، حيث كان كثيرون مجتمعين وهم يصلون” أعمال 12: 12 فكيف يؤمن على يد بطرس و هو بيته أول كنيسة فى العالم؟ و المسيح كان فى بيته ليس قبل يوم الخمسين لا بل قبل الصلب! هو أيضا بحسب أقوال كثير من الاباء من السبعين رسولا و لذلك نسميه الرسول. حتى فى الكتب الكاثوليكية يسمونه رسولا أيضا.

مارمرقس الرسول كرز فى الاسكندرية و كرز فى ليبيا و كان يساعد بولس حتى أواخر أيام حياته و لذلك فى رسالة بولس الرسول الثانية الى تيموثاوس يقول له

“خذ مرقس وأحضره معك لأنه نافع لي للخدمة” تيموثاوس الثانية 4: 11 و أول من أمن على يديه فى مصر هو أنيانوس و معروف قصة لقائه به و صار أول أسقف, رسمه مرقس الرسول أسقفا و رسم معه ثلاثة قسوس و بعض الشمامسة. كون أن مرقس الرسول يرسم أسقف تحمل معنيين اثنين على الاقل:

أولا: انه كانت له الصفة المسكونية التى يرسم بها أساقفة

ثانيا: أن أنيانوس 1000% كان أسقفا عاما لانه غير ممكن ان مرقس يرسم أنيانوس على الاسكندرية و هو يكون أسقف على ماذا؟؟ فكان أسقفا مساعدا له او أسقف عاما و كان أول خلفائه.

مرقس الرسول أيضا أسس مدرسة الاسكندرية اللاهوتية لتقف أمام المدرسة الوثنية الاسكندرية التى كانت موجودة من قبل. أزدهرت مدرسة الاسكندرية اللاهوتية لابعد حد, فكانوا فى المدرسة الوثنية يدرسون الكتاب المقدس لكى يحاربوا الكتاب المقدس من داخله, و كانوا فى المدرسة اللاهوتية يدرسون الفلسفة ليردوا على الفلاسفة بالفلسفة. مدرسة الاسكندرية كان لابد من تأسيسها لان مارمرقس كان رجلا من العلماء فلابد من ان يؤسس مدرسة للعلم وخصوصا ان مصر كانت مكان للعلم و الفلسفة حيث قيل ان مكتبة الاسكندرية القديمة كان بها أكثر من 300 الف مخطوطة و النار حينما أشتعلت فيها أستمرت ستة شهور لان هناك أشياء ليست على ورق بل على رق اى على جلود. مصر كان يوجد بها ثقافة يونانية و ثقافة رومانية و ثقافة فرعونية مصرية و ثقافة يهودية و عبادات من كل نوع. فأسس هذه المدرسة و أختار لها يسطس ليكون أول ناظر لها و صار البطريرك السادس, اللطيف ان بطاركة الاسكندرية أخذوا فى الاجيال الاولى من أساتذة و مديرى مدرسة الاسكندرية اللاهوتية كما يحكى التاريخ. فالقديس يسطس أول ناظر للكلية الاكليريكية بالاسكندرية او “Catechetical school of Alexandria” و سميت بهذا الاسم من كلمة ” catechism” اى انهم يدرسون بطريقة السؤال و الجواب و كانت مشهورة بالتفسير الرمزى للكتاب و منها أزدهرت مدرسة التفسير الرمزى فى العالم التى يسمونها Metaphorical Method و يسطس حينما صار بطريركا عين أمونيوس مديرا للمدرسة اللاهوتية و عندما تنيح يسطس صار أمونيوس  البطريرك السابع للاسكندرية عين مركيانوس مديرا للمدرسة و لما تنيح أمونيوس صار مركيانوس البطريرك الثامن. ثم بعد ذلك وجدنا مجموعة أساتذة ضخمين فى الكلية الاكليريكية أمثال (أثيناغورس – بنتينوس – اكليمنضس – أوريجانوس – ديدموس الضرير) وبعض ناس أقل شهرة مثل صرابيون و مقار و الى أخره. ثم البطريرك يوليانوس الحادى عشر كان من تلامذة الاكليريكية و البابا الاثنى عشر هو ديمتريوس الكرام لم يكن منها لكنه جاء برؤيا خاصة, البطريرك الرابع عشر ديونسيوس كان من أساتذة الكلية الاكليريكية و تخرج منها أيضا بطرس خاتم الشهداء البطريرك السابع عشر و تخرج منها أرشيلاوس البابا الثامن عشر و أثناسيوس الرسولى البطريرك العشرين.

أثيناغورس كان من أكبر أساتذة الاكليريكية و  كان من المدافعين عن الايمان و له كتب كثيرة أهمها كتاب “الدفاع” و المدافعين عن الايمان يسمونهم Apologist و Apology  تعنى دفاع.

ثم أتى بنتينوس و قد أنتدبه البابا انه يسافر الى بلاد العرب و الى بلاد الهند يبشر هناك و أكتشف فى بلاد العرب نسخة من أنجيل متى و هو الذى له دور كبير فى حروف اللغة القبطية.

اكليمنضس من مشاهير الكتاب و له كتاب مشهور اسمه ” Stromata” بمعنى المتنوعات و يترجمونها Miscellanies دخل به فى أمور كثيرة جدا و خصوصا الامور الاجتماعية.

أوريجانوس وحده يحتاج لمحاضرة او أكثر لكنه كان أعظم كاتب لاهوتى فى عصره و فى عصور كثيرة تلت عصره و له ملفات عديدة جدا و من أشهر مؤلفاته ال Hexapla اى السداسية بوضع الكتاب المقدس على ستة عواميد (الترجمة السبعينية – النسخة العبرية – ترجمة أكيلا – ترجمة سيماخوس – ترجمة ثيؤدوروس – بعض الاشياء منطوقة بلغة), للاسف هذا المجهود الذى أستمر فيه أوريجانوس 28 عاما فى وضع النسخ و الترجمات الاصلية و مقارنتها ببعضها و الخروج بأصول معينة انه أحترق هذا الكتاب و ضاع و لم يبقى لنا سوى قصاصات عرفنا منها هذا الكتاب كيف عمل. له مؤلفات عديدة فى الكتاب المقدس مثل تفسير الاسفار الخمسة كلها و مترجمة حاليا الى الفرنسية فى مجموعة ” Sources chrétiennes” و موجودة نسخة منها فى الكتبة الخاصة بى. له كتاب أيضا عن سفر نشيد الاناشيد و مترجم أيضا للفرنسية تحت أسم

” LE CANTIQUE DES CANTIQUE ” وله كتب كثيرة . كان مشهور بالتفسير الرمزى ومن أشهر كتبه أيضا كتاب ” principiis” بمعنى المبادىء و تترجم Principles و هذا الكتاب الذى ضم أشهر أخطائه, وله كتاب ايضا “الرد على كلسوس” او ” Contra Celsum” كتاب دفاع عن المسيحية جيد. له كتب كثيرة جدا. كام من تلاميذه بعض الاباء البطاركة مثل القديس ديونسيوس البطريرك الرابع عشر كان من تلاميذه و كان يوليانوس البطريرك الحادى عشر ايضا من تلاميذه. هناك من تتلمذوا على كتبه أمثال القديس يوحنا ذهبى الفم و القديس باسيليوس الكبير و القديس أغريغوريوس الناطق بالالهيات و كان القديس أغريغوريوس العجائبى أسقف قيصرية الجديدة من تلاميذه و رسمه كاهنا, و أعتبر خطأ أخر من أخطاء أوريجانوس انه قبل الكهنوت من غير أسقفه. أوريجانوس كما قلت من قبل انه بسببه أختلف قديسون مع قديسين.

يكفى أن نعطى فكرة عن علماء الاسكندرية فى هذا الجيل, فمدرسة الاسكندرية من شهرتها ان بعض الاباء درسوا فيها ثم رجعوا فصاروا أساقفة فى بلادهم, واصبحوا يدينون لابائها بالعلم. فلما صار بابا الاسكندرية من أساتذة الاكليريكية و كان له تلاميذ كثيرين فى البلاد أساقفة فمن هنا جاء لقب “قاضى المسكونة” لبابا الاسكندرية لان كثير من أساقفة المسكونة كانوا من تلاميذه حينما كان أستاذا للاكليريكية قبل ان يصير بطريركا للاسكندرية. تلك فكرة مبسطة عن مدرسة الاسكندرية و طبعا هناك كتب كثيرة عنها و لكن تأخذون ملخصا.

القديس مارمرقس أستشهد فى 30 برموده سنة 68 م بعد ان عذبوه و قبضوا عليه فى 29 برموده و كان 29 برموده هو عيد القيامة بالنسبة للاقباط و فى نفس الوقت وافق عيد الاله سيرابيس المصرى و حدث الصدام و أخذوا مارمرقس و قبضوا عليه. كان قد أسس كنيسة فى بوكاليا فى الاسكندرية عند حى المسلة و كلمة بوكاليا تعنى دار البقر. كما ان بيت أنيانوس صار كنيسة, و عندما أستشهد مارمرقس أراد الوثنيين حرقه فسمح الله بعاصفة و مطر فأخمدت النار و أختطف المؤمنون جسده و دفنوه فى بوكاليا. قصة جسد مارمرقس و رأس مارمرقس التى أنفصلت عن جسده و السرقات و الرحلات الطويلة ممكن ان تقرأوا عنها فى كتاب “مارمرقس” و ليست أساسية للمعرفة التاريخية العامة لكن معلومات ممكن ان تعرفوها.

كرسى الاسكندرية:

كان له أسقف واحد فقط هو أسقف الاسكندرية و كل بلاد القطر المصرى و ليبيا تتبعه. قيل ان فى عهد البابا ديونسيوس الرابع عشر رسم أساقفة أخرون و قيل فى عهد أومانيوس البطريرك السابع و على ايه الحالات لما أسقف الاسكندرية رسم معه أساقفة فصار أبا للاباء فدعى بابا لهذا السبب, ثم أزداد عدد الاساقفة فى الكرسى المرقسى لدرجة اننا نسمع أنه فى عهد البابا الكسندروس البابا التاسع عشر السابق لاثناسيوس الرسولى انه عقد مجمعا ضد الاريوسيين حضره 100 أسقف من أساقفة من مصر و ليبيا وحدهم, فالكرازة المرقسية فى عهد البابا الكسندروس بها 100 أسقف. ثم مرت عصور من الاضطهاد و بدأ عدد الاباء الاساقفة يقل. ففى عهد البابا سيمون الاول سنة 700 م كان هناك 64 أسقفا كان منهم 22 أسقفا للوجه البحرى و أسقفان للواحات (أنبا فام – أنبا قزمان) ثم تناقص عدد الاساقفة كثيرا لدرجة انه فى عهد البابا مرقس السابع فى أواخر القرن الثامن عشر (1745 – 1769 م) رسم مطرانا لبلاد الصعيد كلها يقول ليهتم برعاية أولاده فى الصعيد و فى عهد البابا كيرلس الرابع عدد الذين زكوه للبطريركية و أشتركوا فى رسامته و مضوا على تزكيته كانوا 8 أساقفة فقط. عصور الشدة و الضيقة الكبيرة التى أجتازتها الكنيسة كان من نتائجها تناقص العدد ثم ظل العدد يتزايد شيئا فشيئا الى ان وصل اليوم أعضاء المجمع الى 61 عضو.

مدة جلوس الاباء البطاركة على الكرسى: أكثرهم البابا كيرلس الخامس فجلس على الكرسى 52 سنة و 9 شهور ثم بعد منه القديس أثناسيوس الرسولى قضى على الكرسى 45 سنة ثم بعده البابا غبريال السابع 43 سنة و فى أربعة بطاركة أزيد من 40 سنة و ستة بطاركة من 30-40 سنة و كثيرين أقل من 30 سنة و لكن أقل الباباوات جلوسا على الكرسى كان البابا أرشلاوس البطريرك الثامن عشر الذى جلس على الكرسى 6 شهور و البعض قال 7 شهور و يليه البابا ميخائيل الثانى البطريرك الحادى و السبعين و جلس على الكرسى 8 شهور و أعتقد أنها حكمة من الله ان أرشلاوس البطريرك الثامن عشر قضى على الكنيسة 6 شهور فقط فكان خيرا للكنيسة و نعمة و بركة لماذا؟؟ فى عهد البابا بطرس خاتم الشهداء البطريرك السابع عشر قبل أن يستشهد القديس بطرس – بناء على رؤيا ظهر له السيد المسيح بنفسه بثوب ممزق و قال ان من مزق ثوبه أريوس – أوصى أولاده بالا يقبلوا أريوس فى الكنيسة و قال للبابا أرشلاوس و البابا الكسندروس قبل جلوسهم على الكرسى المرقسى: “أحترسوا يا أولادى من قبول أريوس” فلما جلس البابا أرشلاوس الثامن عشر خدعه أريوس و قال انه رجع للايمان فقبله فى الكنيسة فلم يسمح الله لارشلاوس ان يعيش كثيرا لئلا يضيع الكنيسة فى المشكلة الاريوسية و بعده جلس البابا الكسندروس التاسع عشر الذى عقد مجمع  ضد أريوس و حضره 100 أسقف و أخذ موقف منه ثم عقد المجمع المسكونى فى عهده و بدأت الامور تدخل فى طور أخر و لذلك قلت أن الله لم يسمح لارشلاوس ان يستمر فترة طويلة على الكرسى لوقوعة فى خداع أريوس و قبله فى الكنيسة.

مقر الكرسى:

كان فى الاسكندرية حتى البابا شنودة الثاني البطريرك 65. فيكون الكرسى بقى بالاسكندرية القرون العشرة الاولى ماعدا فترات الاضطهاد و خصوصا الاضطهاد الخلقدونى و الذى أستمر من سنة 451 م بعد مجمع خلقدونية الى دخول الاسلام بين 641-644 م أى حوالى 190 سنة او أكثر. فكان البطاركة هاربين من كراسيهم و غالبية البطاركة رشموا خارج الاسكندرية و بعضهم فى دير الزجاج و بعضهم فى بعض الاديرة القديمة. تلك كانت الفترة الشاذة فى التاريخ.

ثم فى عهد خليفته البابا خرسطوذولس البطريرك 66 أنتقل الى القاهرة فى بداية القرن الحادى عشر و كان المقر بكنيسة المعلقة بمصر القديمة ثم أصبح بكنيسة أبو سيفين بمصر القديمة و كان يتنقل بينهم و بقى على هذا الوضع حتى القرن الرابع عشر, ثم أنتقل لكنيسة العذراء بحارة زويلة حتى القرن السابع عشر, ثم فى كنيسة العذراء بحارة الروم حتى أوائل القرن التاسع عشر. فى أوائل القرن التاسع عشر سنة 1809 م فى عهد البابا مرقس الثامن بنيت كنيسة المرقسية بالازبكية بكلوت بك و انتقل الكرسى المرقسى الى الكنيسة المرقسية سنة 1809 م الى سنة 1971 م نقله البابا شنودة الى الانبا رويس و صار هو مقر الكرازة المرقسية فى الانبا رويس.

من أى طائفة كان يختار البطاركة فى الكنيسة؟

* فى العصور الاولى كان الباباوات يختارون من أساتذة الكلية الاكليريكية بصفة عامة او من المشهورين بالعلم او بالتقوى من غير أساتذة الاكليريكية. عندما نقول مشهورين بالتقوى نقول البابا ديمتريوس الكرام فهو كان رجل كرام و لم يكن أكليريكى ولا راهب, حتى عندما ظهرت الرهبنة فى أولها كان الكرسى البطريركى بعيدا تماما عن الرهبنة و كانت الرهبنة للعبادة و الصلاة و التأمل فقط ولا علاقة لها بالخدمة, حتى ان الشماس أثناسيوس أختير بطريركا فى وقت كان فيه القديس أنطونيوس الكبير و القديس باخوميوس الكبير. أختير بطاركة أخرون بعد أثناسيوس من غير الرهبان فى عهدا كان يوجد فيه الثلاث مقارات القديسون و يوجد فيه تلاميذهم من أباء الرهبنة فى برية شيهيت و أباء الرهبنة فى الصعيد و تلاميذ القديس باخوميوس و أيضا القديس شنودة رئيس المتوحدين و كانوا يختارون من غير الرهبان.

اذا ما قصة أرتباط الكرسى بالرهبنة؟

قيل ان أول من جلس على كرسى مارمرقس من الرهبان هو القديس كيرلس الكبير البطريرك 24, لا أستطيع ان أعلم اذا كان البابا كيرلس الكبير كان من الرهبان ام لا. لان خاله كان البابا ثاؤفيلس البطريرك 23 كان قد أرسله الى الاديرة بالحياة الروحية ثم أعادة الى الاسكندرية كسكرتير عنده ثم خلفه, فلم يكن يحيا بالحياة الرهبانية المعروفة فى تلك الايام و مع ذلك من عهد البابا كيرلس الكبير البطريرك 24 الى البابا بنيامين الأول البطريرك 38 (14 بطريركا) منهم خمسة فقط من الرهبان, ثم من عهد البابا يوأنس الثالث البطريرك 40 بدأ الكرسى يستقر فى الرهبنة و لكنه لم يكن أستقرارا دائما, فيكفى ان نقول مثلا ان بعض البطاركة رسموا من العلمانيين و لم يكونوا من الرهبان أمثال القديس أبرام ابن زرعة البطريرك 62 الذى فى عهده تم نقل جبل المقطم و كان فى أواخر القرن العاشر و البطريرك غبريال ابن تريك البطريرك 70 الذى عمل قوانين ابن تريك و كان من كتاب الدولة. بعض البطاركة رسموا من قسوس الكنائس أمثال البابا زكرياس البطريرك 64 فى القرن الحادى عشر و كان كاهن كنيسة الملاك بالاسكندرية و البطريرك يؤانس الحادى عشر البطريرك 89 فى القرن الخامس عشر و كان كاهن كنيسة ابو سيفين بمصر القديمة. تلك فكرة عامة عن أباء الكرسى السكندرى.

يبقى أن أقول لكم بعض المعلومات البسيطة لمجرد المعرفة:

عندما دخل الكرسى فى الرهبنة: أكثر دير رسم منه رهبان هو دير أبو مقار بدأت رسامة البطاركة من سنة 680 م و رسم منه 28 من باباوات الكرسى الاسكندرى لدرجة انهم كانوا يسمون أبو مقار “أبو البطاركة و الاساقفة”. ثانى دير رسم منه هو دير الزجاج و رشم منه 4 رهبان, ثم دير البراموس رشم منه 6 رهبان أخرهم البابا كيرلس السادس و أولهم البابا خرسطوذولس البطريرك 66 الذى نقل الكرسى للقاهرة, ثم دير المحرق رشم منه 4 رهبان أولهم البابا غبريال الرابع البطريرك 86, دير الانبا أنطونيوس رشم منه 12 راهب أولهم البابا غبريال السادس البطريرك 91 فى عام 1466 م اى بنهاية القرن الخامس عشر, دير السريان رشم منه 2 فقط البابا غبريال السابع البطريرك 95 فى القرن السادس عشر و البابا شنودة الثالث, دير الانبا بيشوى رشم منه 2 فقط البابا غبريال الثامن البطريرك 97 و البابا مكاريوس الثالث الذى كان مطران أسيوط, هناك بعض أديرة اخرى اندثرت رسم منها 8 بطاركة مثل دير الانبا يحنس و دير أبا فانا و دير شهران و دير القلمون الى أخره.

ثم أصبحت المسئلة سلطة أديرة و فى بعض الاوقات كان الكرسى يأتى له بطريرك من دير معين فيكون الاساقفة أغلبهم من هذا الدير لدرجة عندما زاد البطاركة من دير الانبا أنطونيوس قالوا “نغلق الباب الغربى” التى هى البرية الغربية التى كان منها غالبية البطاركة فبقى حتى لم يبقى فى أديرة وادى النطرون الاربعة سوى قسيس واحد فقط فكان يصلى قداس الاحد بدير أبو مقار و قداس أحد بدير البراموس و قداس أحد بدير السريان و قداس أحد بدير الانبا بيشوى فلو تنيح هذا القسيس يكون قفل هذا الباب الغربى و بقى على رهبان دير الانبا أنطونيوس, بقى منهم راهب واحد ثم خلى كرسى و أول ما خلى هذا الكرسى رهبان الاديرة الاربعة أخذوا الراهب و ذهبوا به الى البطريرك و قالوا له ترشم هذا الراهب على الكرسى و حاول ان يعتذر لكن لم يكن هناك فائدة فقال لا يوجد عندى الكتاب الخاص بالرسامة فقالوا الكتاب معنا, قال لهم عدة المذبحة لا توجد قالوا اتينا بعدة معنا ثم قال الملابس حتى نفصلها له قالوا جئنا بالملابس معنا و بقوا حتى رشم الانبا يوساب مطران الفيوم و ملابسه ما تزال موجودة فى دير السريان, فأول ما رشم أسقفا رشم كل الرهبان قسوس حتى يعيد الرهبنة هناك فكما تروا الطريقة لم تكون روحية كما ينبغى.

يذكر ان البابا كيرلس الخامس أكثر من جلس على الكرسى المرقسى 52 سنة و 9 شهور عندما كان أسمه أبونا يوحنا الناسخ فى دير البراموس تركه البابا يمكن بالدير فلا يجد ان يأكل لدرجة عندما كانوا يعيدون فى العيد كان يأتوا بزلعة المش و يضعوا فيها مياة و يحركوها ليكزنزا أكلوا شىء فطارى و فى أحدى المرات ذهب البابا وقتها و قال له لا نجد ان نأكل فرد عليه بشدة فخرج يبكى فقابله أحد الاراخنة و قال له ما يتعبك فحكى له فأوثق له سفينة مليئة من الخيرات حتى ذعبت الى البحر و من هناك بالجمال نقلوها. تاريخ طويل و أستيلاء الرهبنة على هذه الكراسى كان سبب تعب لدرجة أن حبيب جرجس و هو أكبر معلم بالكنيسة فى أيامه و كان ارشيدياكون رشح للمطرانية بالجيزة سنة 1948 م فرفضوا ترشيحه على أعتبار أنه علمانى و ممكن ان يرشم اى راهب لكن عالم مثله لا يرشم لانه علمانى؟؟ لذلك القمص داودد المقارى الذى رشح للبطريركية أيام البابا يوساب و كان علمانى اسمه وديع سعيد و كان متخرج من الجامعة و يعمل محاسب قالوا فى اليوم الفلانى سيرسم راهب و قسيس باليوم الفلانى و يرشح للبطريركية فى اليوم الفلانى و ترشح للبطريركية و نجح البابا يوساب, قصة طويلة و لكن البطريركية مفروض ان يرشح لها من يصلح لها من أيه الطبقات كانت و تاريخ الكنيسة لم يحد البطريركية فى طائفة معينة فهناك (علمانيين – قسس كنائس – أساتذة أكليريكية – أسقف عام مثل أنيانوس و البابا بطرس الجاولى – رهبان).

تكلمنا عن الاباء الرسل وخدمتهم بقى ان اذكر لكم بعض أسماء بسيطة من معاونى بولس الرسول كان منهم تيموثاوس أسقف أفسس و تيطس أسقف كريت و كان منهم سيلا فبولس و سيلا خدما معا و كان منهم لوقا الانجيلى و كان منهم برنابا فى أول رحلاته و تيخيكس و ديماس و أرسطرخس و مرقس و أنسيمس الخادم كل هؤلاء كانوا من مساعدى بولس الرسول.

الخلاص جـ1 01 12 1987 محاضرات الكلية الإكليريكية فيديو - البابا شنودة الثالث

تاريخ الكنيسة جـ1 10 11 1987 محاضرات الكلية الإكليريكية فيديو - البابا شنودة الثالث

محاضرات الإكليريكية - 1987-1988 - البابا شنودة الثالث
محاضرات الإكليريكية - 1987-1988 - البابا شنودة الثالث