الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ – إنجيل متى – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: انجيل متى – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ

التجربة على الجبل دعوة التلاميذ.

(1) التجربة على الجبل (ع 1 - 11):

1 - ثم أُصْعِدَ يسوع إلى البرية من الروح، ليُجَرَّبَ من إبليس. 2 - فبعدما صام أربعين نهارا وأربعين ليلة، جاع أخيرا. 3 - فتقدم إليه المجرّب، وقال له: "إن كنت ابن الله، فقل أن تصير هذه الحجارة خبزا." 4 - فأجاب وقال: "مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله." 5 - ثم أخذه إبليس إلى المدينة المقدسة، وأوقفه على جناح الهيكل. 6 - وقال له: "إن كنت ابن الله، فاطرح نفسك إلى أسفل، لأنه مكتوب أنه يوصى ملائكته بك، فعلى أياديهم يحملونك، لكى لا تَصْدِمَ بحجر رِجْلَكَ." 7 - قال له يسوع: "مكتوب أيضا: لا تجرب الرب إلهك." 8 - ثم أخذه أيضا إبليس إلى جبلٍ عالٍ جدا، وأراه جميع ممالك العالم ومجدها. 9 - وقال له: "أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لى." 10 - حينئذ، قال له يسوع: "اذهب يا شيطان، لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد." 11 - ثم تركه إبليس، وإذا ملائكة قد جاءت فصارت تخدمه.

العدد 1

ع1:

"ثم": أى بعد عماده فى الأردن، تقدم ليقابل التجارب وينتصر عليها، فيعطينا القدرة على النصرة. ولم يدخل بنفسه إلى التجربة، حتى يعلمنا ألا نلقى بأنفسنا فيها كما فعل لوط بذهابه إلى سدوم. ولكن، إن سمح الله لنا بها، نجاهد بمعونته فننتصر عليها.

الروح القدس الساكن فى المسيح اقتـاده إلى برية بجـوار نهـر الأردن، فقابل الشيطان، لأنه كان من المألوف قديمـا أن الشياطين تسـكن فى البرارى والقفـار (الصحارى)، وليس فى الأماكن المقدسـة حيث البشـر الصالحين. وقد ذهب لينتصـر عليه، ليعطينا قـوة وثقة أن ننتصر على الشيطان إذا حاربنا.

وقد سمح السيد المسيح لإبليس أن يجربه، ليشعرنا أنه قريب منا، يشعر بتجاربنا، كما يقول الكتاب المقدس: "لأنه فى ما هو قد تألم مُجَرَّبًا يقدر أن يعين المُجَرَّبين" (عب 2: 18)، ولكيما يؤكد ضرورة أن تأتى التجارب، فنثق أننا سننتصر عليها، بل وننال بركات روحية منها.

لكن الله لا يسمح له أن يجربنا إلا بالمقدار الذى يفيدنا، ويعطينا المعونة الإلهية التى ننتصر بها.

العدد 2

ع2:

فى هـدوء الخلـوة، مكث المسيح أربعين يوما فى صوم وصلوات، ليعلن أهمية الاختلاء بالله، حتى لو صاحب هذا الإحساس بالجوع الجسدى، لأن الشبع بالله والتمتع به هو هدف حياتنا؛ وهـذا يثير إبليس الذى يسـكن فى النفس البعيـدة عن الله. ولكن، عندما تشـبع النفس بالله، ويحاول محاربتها، ينهزم.

وقد صام المسيح أربعين يوما متواصلة دون أن يأكل – مثل موسى وإيليا - حتى لا يتجاوز حدود البشر، فيظن الناس أنه ليس إنسانا عاديا، وقد "جاع أخيرا" ليؤكد ناسوته.

وعدد (40) هو عدد (10) مضروبا فى (4)، وعدد (10) يشير إلى الكمال مثل الوصايا العشرة، وعدد (4) يشير إلى جهات العالم الأربعة؛ فعدد (40) إذن يمثل كمال الجهاد فى كل الاتجاهات. هذا أكمله المسيح لأجلنا، رغم أنه غير محتاج للصوم، ولكن كمثال لنا، ليقدس أصوامنا.

العدد 3

ع3:

بعدما سمع إبليس شهادة السماء عن المسيح، أنه ابن الله، عندما كان فى نهر الأردن، تعجب حينما رآه جائعا، وتشكك فى بنوته لله، فتشجع ليجربه كإنسان، سائلا إياه أن يدلل على بنوته لله، فيسد جوعه بتحويل الحجارة إلى خبز. ولم يقل مأكولات شهية، بل مجرد خبز، محاولا الشيطان بذلك إقناعه بضرورة الأكل حتى لا يخور جسده. ويقصد بهذه التجربة أن يسقطه فى خطية عدم الاتكال على الله، بدلا من أن يثق فى عنايته، وأنه سيدبر له الطعام الذى يحتاجه.

ولم يستخدم المسيح لاهوته لراحة نفسه، فقد استخدمه فى إشباع الجموع (ص 14: 13 - 21، ص 15: 32 - 39)، ليعلمنا أن نتعب من أجل راحة الآخرين، ونتكل عليه بالنسبة لاحتياجاتنا، واثقين من رعايته، متممين واجباتنا بأمانة.

"إن كنت ابن الله": سؤال تشكيكى، يقصد به تشكيك الإنسان فى نفسه، وهذه هى عادة إبليس فى حربه معنا. وهو سؤال استفزازى ليدفعنا لعمل ما يريده، فنسقط فى الخطية.

لذا، ينبغى عدم التسرع فى تنفيذ ما يخطر على بالنا، فقد تكون أفكارا من إبليس، ونختبرها بالصلاة، خاصة ولو كانت فى قرارات هامة، فنأخذ فترة كافية للصلاة، ويمكن أن نقرنها بالصوم، ليرشدنا الله ويكشف حيل إبليس.

العدد 4

ع4:

رد المسيح على إبليس بآية من الكتاب المقدس (تث 8: 3)، تعلن أن الشبع الروحى من كلمة الله هو الأساس، وليس فقط الاهتمام بالشبع المادى. فلم يُجب على سؤاله عن بنوته لله، وأعلن أن الإنسان الروحى ينشغل بكلمة الله فبل انشغاله باحتياجاته المادية، معتمدا فى ذلك على إرشاد الكتاب المقدس، الذى يصد به أفكار إبليس.

هذه هى التجربة الأولى، وقد يكون سبقتها تجارب كثيرة، ولكن فى هذه التجارب الثلاث، كان إبليس ظاهرا، إذ تقدم وواجه المسيح، فمكتوب أنه كان يجرب أربعين يوما، وليس فقط فى نهايتها (مر 1: 13).

الأعداد 5-6

ع5 - 6:

"أخذه": بالتفاهم معه وليس بالقـوة، لأن المسيح رضى أن يُجَـرَّب بإرادته، ليعلمنا كيف ننتصر على إبليس.

"المدينة المقدسة": أى أورشليم حيث هيكل الله، أقدس مكان، فإبليس يحارب فى كل مكان، حتى فى الأماكن المقدسة.

"جناح الهيكل": مكان مرتفع جدا يعلو عن الأرض حوالى 200 مترا.

التجربة الثانية: أخذه إبليس إلى أعلى مكان فى الهيكل وهو جناحه، ليلقى بنفسه من فوق، فتأتى الملائكة وتحمله، وينزل فى الساحة الكبيرة محمولا على أيديهم، فيبهر الجموع المحتشدة، ويعرف الكل أنه ابن الله، ويبدأ بهذا خدمته.

وقد اسـتند إبليس عـلى آيـة، ليخـدع يسـوع أنه بهذا يتمم كلام الله، فالوعد الإلهى أن يحفظ أولاده بملائـكته (مز 91: 11 - 12). وواضـح أن إبليس ما زال محتارا؛ هل المسيح هو ابن الله، أم إنسان عادى؟!

"مكتوب": لجأ إبليس إلى استخدام كلام الله فى حربه، ليقنع المسيح ويسقطه فى التجربة، كما يفعل معنا، فيستخدم آيات الكتاب المقدس ويفسرها بحسب شرّه.

والخطأ هنا هو إلقاء الإنسان نفسه فى التجربة، لأن الله يعتنى بنا وينقذنا من التجربة إن أتت علينا، ولكن لا يصح أن نلقى بأنفسنا فيها، ثم نطلب من الله أن ينجّينا.

العدد 7

ع7:

رد عليه المسيح بأن الله يعتنى بأولاده، ولكن لا يصح أن يتشكك الإنسان فى هذه العناية، ويحاول أن يجربها ليتأكد منها، ولا يلقى بنفسه فى تجربة. ولكن، إن وقع فى تجربة، فالله يحميه (تث 6: 16).

وبهذا، هـرب المسيح من المجـد الباطل، ليعلّمنا العمل والخدمة فى اتضاع، بل فى الخفاء قدر ما نستطيع.

العدد 8

ع8:

التجربة الثالثة: الإغراء بأمجاد العالم وملذاته، والطريق السهل للوصول إلى الاحتياجات، بدل المعاناة وحمل الصليب. فأصعده إلى جبلٍ عالٍ، وهو يشير إلى الكبرياء، وهناك قدّم له حب التملّكٍ فى ممالك العالم، بكل ما يحمله من شهوات وملذات.

"ممالك العالم": وهى مدن وقرى اليهودية، والتى هى عيّنة من مدن العالم بكل ما تحمله من أمجاد.

العدد 9

ع9:

إبليس الكذاب ادعى ملكيته لكل ممالك العالم، أو لعله يقصد سلطانه على الشهوات الشريرة التى يغرى بها يسوع، والشرط للحصول عليها هو الخضوع له، ودليلها السجود له.

والتجربة هنا هى محبة التملك والرئاسة، وهو يقدم للمسيح حلا بدلا من تعبه وآلامه المقبلة، فيصير ملكا على العالم كله، وبهذا يحرر شعبه اليهودى من الاحتلال الرومانى، ولكن الشرط هو الخضوع لإبليس والتعبّد له.

العدد 10

ع10:

"اذهب": يعلن بوضوح رفضه لكلام إبليس وأفكاره.

"يا شيطان": أى المقاوم.

"إياه وحده تعبد": يخصص العبادة لله فقط، وبالتالى يمنع تقديم العبادة، ليس فقط للأصنام، بل كل تعلق وانشغال بشهوات العالم.

يسـوع المسـيح – آدم الثـانى – لم يكـن فى قلبه محبة العالم، فلم يتأثـر بإغـراءات إبليس، بالإضافة إلى تعلقه، كإنسان، بمحبة الله والخضوع له. وقد رد عليه بالمكتوب أن السجود لله وحده (تث 6: 13).

إن خضع القلب لله ومخافته، لا يقبل شهوات العالم الشريرة.

العدد 11

ع11:

إذ هُـزِمَ إبليس منه، فارقه، ولكن مؤقتـا، ليعـود ويحاربه ثانية، كما سـيحدث فى محاولة الفرّيسيّبن والصّدّوقيّبن أن يسقطوه فى خطأ. وحينئذ تقدمت إليه الملائكة لترفع أكاليل انتصـاره إلى السماء، فالملائكة تقوينا وترشدنا وترفع صلواتنا وانتصاراتنا إلى السماء، لنكلَّل عليها فى الأبدية.

وقد واجه المسيح التجربة وحده، حتى تكون النصرة له وليس لمعونة الملائكة.

"تركه": هذا يعنى أن لكل تجربة نهاية، حتى يعطينا الله فرصة للهدوء والنمو فى محبته قبل أن تأتى تجربة ثانية، وبهذا نكون أقوياء أمام التجارب المقبلة.

(2) رجوع المسيح إلى الجليل (ع 12 - 17):

12 - ولما سمع يسوع أن يوحنا أُسلم، انصرف إلى الجليل. 13 - وترك الناصرة، وأتى فسكن فى كَفْرَنَاحُومَ، التى عند البحـر، فى تخـوم زَبولونَ ونفتاليمَ. 14 - لكى يتم ما قيل بإشعياء النبى القائل: 15 - "أرض زبولون وأرض نفتاليم، طريق البحر، عبر الأردن جليل الأمم. 16 - الشعب الجالس فى ظلمـة، أبصـر نـورا عظيما، والجالسـون فى كورة الموت وظلاله، أشرق عليهم نور." 17 - من ذلك الزمان، ابتدأ يسوع يكرز ويقول: "توبوا، لأنه قد اقترب ملكوت السماوات.".

العدد 12

ع12:

مكث المسيح بضعة أشهر فى اليهودية، ذكر يوحنا الإنجيلى ما حدث فيها فى الأصحاحات الأولى من بشـارته، وكان أثنـاءها يوحنـا المعمدان يكمل كرازته وشهادته للمسيح. وقد بقى المسيح هذه الفترة فى اليهودية، ليوضح اتفاقه فى التبشير مع يوحنا المعمدان. وأثناء ذلك، انضم كثير من تلاميذ يوحنا إلى المسيح. ثم بعدما أكمل يوحنا المعمدان كرازته، قبض عليه هيرودس وألقاه فى السجن.

"الجليل": هو الجـزء الشمالى من إسـرائيل، ويمتد شرقا من نهر الأردن إلى عكا غربا على ساحل البحر الأبيض.

العدد 13

ع13:

رجع يسـوع إلى الجليل، حيث عاش فى الناصرة سـنواته الأولى حتى سن الثلاثين. ولكنه لم يسكن فى الناصرة، بل ذهب إلى كَفْرَنَاحُومَ، وهى مدينة معروفة فى الجليل، تقع على بحر الجليل، أى بحر طبرية، فى الأماكن التى يمتلكها سبطى زبولون ونفتاليم (نفتالى).

العدد 14

ع14:

تنبأ إشعياء (9: 1 - 2) عن بشارة المسيح فى الجليل، وهذه هى النبوة السادسة التى يذكرها القديس متى عن المسيح.

العدد 15

ع15:

"أرض زبولون وأرض نفتاليم": هما لسبطين من أسباط إسرائيل (ابنين ليعقوب)، وتقعان غرب الأردن وشمال بحر الجليل.

"طريق البحر": يقصد بحر الجليل.

"عبر الأردن": أى الأرض التى تقع غرب الأردن.

"جليل الأمم": اختلـط اليهـود بالأمم فى منطقة الجليـل، لذلك سمى "جليل الأمم"، واختلطت العبادات الوثنية مع العبادة اليهودية، ولذلك احتقر أهل اليهودية سكان هذه المنطقة لاختلاطهم بعبادات الأمم. وقد شملت منطقة الجليل العشرين مدينة التى أهداها سليمان لحيرام لأنه ساعده فى بناء الهيكل (1مل 9: 11).

العدد 16

ع16:

"الجالس فى ظلمة": سـكان هـذه الأرض قبلـوا الخطية، وعاشوا فيها، وهى المرموز إليها بالظلمة.

"أبصر نورا": النور يشير للحياة الجديدة مع الله والنقاوة، ويُقصد هنا بشارة المسيح ودعوتهم للتوبة والرجوع إلى الله.

"كورة الموت وظلاله": (مز 107: 10): الخطايا التى انغمس فيها سكان هذه البلاد عقابها هو الموت. وكلمة "ظلاله" تعنى كل ما يتصل بالموت من شرور تؤدى إليه.

العدد 17

ع17:

"من ذلك الزمان": أى بعد القبض على يوحنا، بدأ المسيح بشارته فى الجليل.

كانت كرازة المسيح هى نفسها التى نادى بها يوحنا المعمدان، وهى التوبة السريعة لاقتراب ملكوت السماوات، أى مُلك الله على القلوب، المُلك الروحى، وقد تم بقيامة المسيح، ثم يكمل هذا الملكوت فى السماوات.

الله يبحث عنك حتى لو كنت منغمسا فى الخطية، ومختلطا بالأشرار، ومستعد أن يطهر قلبك ويجدد حياتك ويسكن داخلك، بل ويحوّلك إلى القداسة. فتجاوب معه بقبول دعوة التوبة والرجوع إليه، وهوسيساعدك ويسندك وينجحك فى كل خطواتك.

(3) دعوة التلاميذ (ع 18 - 22):

18 - وإذ كان يسوع ماشيا عند بحر الجليل، أبصر أخوين، سِمعان الذى يقال له بطرس وأندراوس أخاه، يلقيان شبكة فى البحر، فإنهما كانا صياديْن. 19 - فقال لهما: "هَلُمَّ ورائى، فأجعلكما صَيَّادَىِ الناس." 20 - فللوقت، تركا الشباك وتبعاه. 21 - ثم اجتاز من هناك، فرأى أخوين آخرين، يعقوب بن زَبَْدِى ويوحنا أخاه، فى السفينة مع زَبَْدِى أبيهما، يصلحان شباكهما فدعاهما. 22 - فللوقت، تركا السفينة وأباهما وتبعاه.

العدد 18

ع18:

"بحر الجليل": هو بحـيرة مياههـا عذبة، طولها 12 ميلا وعرضها 10 أميال وعمقها حوالى 50 مترا، وهى المسماة بحيرة طبرية أو بحيرة جَنِّيسَارَتَ.

وإذ كان يسوع يمشى على شاطئ البحر، وجد أخوين هما سِمعان الذى لقَّبه فيما بعد ببطرس، أى صفا أو الصخرة، وأندراوس أخوه، وهما ابنى يونا. وكانا يلقيان شبكتهما فى البحر، إذ كانت حرفتهما هى صيد السمك.

الأعداد 19-20

ع19 - 20:

دعاهما المسيح أن يتبعاه، ويصيرا تلميذين له، ليعملا عملا أفضل، وهو صيد النفوس لمعرفة الله، فأطاعا. وهذا عمل فوق العادة، أن يحب الإنسان الله حتى يترك عمله الضرورى.

والطاعة، هى التنازل عن المشيئة والمنطق البشرى من أجل محبة الله. وقد اختار المسيح تلاميذه أميين، ومن منطقة محتقرة فى نظر اليهود، وهى الجليل، ليعمل بهم، فيكون المجد لله، وليس للإمكانيات البشرية؛ وشرط عمل الله فينا هو الطاعة.

"فللوقت": إشـارة إلى الطاعـة السـريعة. ويبـدو أن تعرفهما السـابق على المسيح المذكور فى (يو 1: 40 - 42) سـاعدهما عـلى تبعيته، ولكن هـذا يظهـر تأثرهـما وتجاوبهما القوى مع كلمة الله.

"تركا الشباك": معناه تفضيل تبعية المسيح عن أعمالهما وحياتهما الخاصة، فمحبتهما كانت قوية لدرجة ترك كل شىء، حتى الشباك والعمل الذى يعيشان منه.

الأعداد 21-22

ع21 - 22:

"زَبَْدِى": زوج سالومة التى تبعت المسيح فيما بعد (ص 27: 56)، ويبدو أنه كان غنيا وله عمال يساعدونه وله مركز فى المجتمع (يو 18: 15).

بعد قليل، أثنـاء سير المسيح على شاطئ البحر، وجد أخوين آخرين، هما يعقوب ويوحنا ابنى زَبَْدِى، وكانا رفيقى سِمعان وأندراوس فى صيد السمك، كما يظهر تعاونهما معهما فى صيد السمك الكثير، الذى بعده دعاهما يسوع (لو 5: 6 - 11)، فتركا الشباك التى كانا يصلحانها مع أبيهما، وتبعا يسوع.

إن تبعية الله أفضل من الأعمال الضرورية والعلاقة مع الوالدين، وليس معنى هذا إهمال أعمالنا وعدم إكرام والدينا، بل إن طاعة الله فوق كل شىء. فكن مستعدا لترك بعض راحتك ولذتك من أجل التمسك بحياتك الروحية، فتتمتع حينئذ بعشرة الله والسلام الداخلى.

(4) الكرازة والعمل (ع 23 - 25):

23 - وكان يسوع يطوف كل الجليل، يعلّم فى مجامعهم، ويكرز ببشارة الملكوت، ويشفى كل مرض وكل ضعف فى الشعب. 24 - فذاع خبره فى جميع سورية، فأحضروا إليه جميع السقماء المصابين بأمراض وأوجاع مختلفة، والمجانين والمصروعين والمفلوجين، فشفاهم. 25 - فتبعته جموع كثيرة من الجليل والعشر المدن وأورشليم واليهودية ومن عبر الأردن.

العدد 23

ع23:

خرج يسوع من كَفْرَنَاحُومَ فى رحلات كثيرة فى منطقة الجليل، وهى حوالى تسع رحلات، اجتـاز أكثر مدنها وقراها، التى تزيد عن 200 مدينة وقرية، وكانت كل منها تحوى فى المتوسط 15 ألف نسمة، أى أن سٍـكان الجليـل كانـوا حوالى 3 مليون نسمة، وكان يبشرهم بالتوبة واقتراب الملكوت.

"مجامعهم": أماكن للعبادة ظهرت أيام السبى، واستمرت بعد ذلك، وفيها يُصلّون ٍويقرأون الأسفار المقدسة ويلقون العظات الروحية. وهى منتشرة فى كل البلاد، لأن الهيكل فى أورشليم فقط؛ واستغل المسيح هذه المجامع فى التبشير بالخلاص الذى يقدمه للبشرية.

وكان المسيح حنونا، يشفى أمراضهم ليعلن محبته للبشرية. وبهذه المعجزات تعلقت القلوب به، فحدثهم بكلامه الروحى العميق.

"كل ضعف": أى متاعب جسدية كان يشتكى منها الناس.

الأعداد 24-25

ع24 - 25:

من أجل معجزاته وتعاليمه المؤثرة، انتشر خبره، ليس فقط فى الجليل، بل إلى مناطق كثيرة أخرى، هى:

(1) سورية: ولاية رومانية كبيرة تقع شرق الجليل.

(2) العشر مدن: مدن تميزت بامتيازات رومانية، وتقع شرق الأردن، وتسمى حاليا الجولان.

(3) أورشليم: مدينة معروفة لأن فيها هيكل الله، وتقع فى الجزء الجنوبى من بلاد اليهود.

(4) اليهودية: منطقة تشمل الجزء الجنوبى من بلاد اليهود، وداخلها مدينة أورشليم، وتشمل مدن وقرى كثيرة.

(5) عبر الأردن: منطقة تقع جنوب العشرة مدن.

"المجانين والمصروعين والمفلوجين": ذكـر هـذه الأمـراض لصعوبتها عن غيرها. والمجانين والمصروعين إما من أعمال الشياطين فيهم، أو لأمراض عصبية تجعلهم غير متزنين، أو قد يغشى عليهم أحيانا ويسقطون على الأرض. أما المفلوجون فهم من يعانون من الشلل فى جزء أو معظم جسمهم.

ليتك تتعود أن تصنع خيرا فى كل مكان، فتساعد كل محتاج وكل من يعانى من ضعف، سواء طلب منك أو لم يطلب؛ وإذ يتأثرون بمحبتك، يقبلون بسهولة كلامك عن المسيح والتوبة والرجوع إلى الله.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

تفاسير إنجيل متى - الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ
تفاسير إنجيل متى - الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ