الأَصْحَاحُ التَّاسِعُ – إنجيل متى – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: انجيل متى – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ التَّاسِعُ

شفاء المرضى إخراج الشياطين إقامة ابنة يايروس.

(1) شفاء المفلوج (ع 1 - 8):

1 - فدخل السفينة، واجتاز وجاء إلى مدينته. 2 - وإذا مفلوج يقدمونه إليه، مطروحا على فراش. فلما رأى يسوع إيمانهم، قال للمفلوج: "ثق يا بنى، مغفورة لك خطاياك." 3 - وإذا قوم من الكتبة قد قالوا فى أنفسهم: "هذا يجدف." 4 - فعلم يسـوع أفكارهم، فقال: "لماذا تفكرون بالشر فى قلوبكم؟ 5 - أيما أيسر، أن يقال مغفورة لك خطاياك، أم أن يقال قم وامش؟ 6 - ولكن، لكى تعلموا أن لابن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا." حينئذ قال للمفلوج: "قم، احمل فراشك واذهب إلى بيتك." 7 - فقام ومضى إلى بيته. 8 - فلما رأى الجموع تعجبوا، ومجدوا الله الذى أعطى الناس سلطانا مثل هذا.

العدد 1

ع1:

بعدما رفض الجرجسيون المسيح، ركب السفينة وعاد إلى مدينته – أى كَفْرَنَاحُومَ - التى اتخذها مكانا له يصنع فيه معجزاته، ويلقى فيه تعاليمه. وبعودته إلى مدينته يُظهر لنا أهمية الاهتمام بوطننا، مع اتساع قلبنا بالحب للجميع.

ويظهر هنا أن المسيح عبر من غرب بحيرة طبرية إلى شرقها حتى يشفى المجنونين، ثم عاد بعد ذلك مباشرة إلى كَفْرَنَاحُومَ. وهذا يبيّن أهمية النفس الواحدة عند المسيح، كيف يسافر ساعات حتى يلتقى بها ويخلّصها.

العدد 2

ع2:

أصيب هذا الإنسان بالشلل وفشلت محاولات علاجه، وعندما سمع أصدقاؤه الأربعة بمجىء المسيح إلى كَفْرَنَاحُومَ، أسـرعوا يحملونه إليه ليشفيه. ويذكر لنا البشيران مرقس (2: 3 - 12) ولوقا (5: 18 - 26) أنهم وجدوا زحاما حول البيت، فصعدوا إلى السقف وثقبوه، ودَلَّوُا المفلوج بسريره أمام المسيح الجالس بين الجموع. ولما نظر المسيح إيمان هؤلاء الأصدقاء، ورأى سبب مرض هذا الإنسان – وهو الخطية - منحه الغفران بسلطان لاهوته، وهى النعمة الأكبر، أى شفاء الروح قبل شفاء الجسد.

العدد 3

ع3:

كان جالسا حول المسيح مجموعة من الكتبة – وهم العارفون بالشريعة - والقادة الدينيون لليهود، فبدلا من أن يقوموا بعملهم كخدام لهذا الشعب، وأن يقدموهم للمسيح ليشفيهم ويغفر خطاياهم، تفكروا بالشر فى قلوبهم، قائلين: كيف يتكلم هذا الإنسان بتجاديف، لأنه، وهو إنسان، يتكلم كإله له سلطان الغفران.

"يجدف": يدعى سلطانا له مع أنه من حق الله وحده.

العدد 4

ع4:

عـرف يسوع أفكارهم دون أن يسمعها، وهذا يؤكد لاهوته، لأنه لا يعرف الفكر الداخلى إلا الله، ووبخهم على أفكارهم الشـريرة، وهـذا يوضح أن الفكـر الشـرير خطية، وليس فقط الفعل والكلام.

الأعداد 5-7

ع5 - 7:

سأل المسيح الكتبة عما هو الأسهل، غفران الخطية أم شفاء الجسد؟ ولم يجيبوا لخوفهم منه، إذ عرف أفكارهم دون أن يقولوها… والإجابة بالطبع أن الأسهل هو شفاء الجسد. فالله، صاحب السلطان، أعطى ما هو أهم، وهو الغفران. ثم، كدليل على لاهوته، أعطى الشفاء الجسدى، فقال للمفلوج: "قم، احمل فراشك (سريرك) واذهب إلى بيتك.".

حمل السرير: يعلن قوة صحة المفلوج، والسرير يذكّر الإنسان بآلام المرض، فعندما يحمله يشعر بقوة المعجزة، ويذكر ضعفه السابق، ويشكر الله.

البيت: هو حياته الأولى، ويرمز لعودته إلى الكنيسة، وعلاقته مع الله بعد الشفاء من المرض الروحى.

"ابن الإنسان": المقصود به المسيح المتأنس.

"سلطانا على الأرض": أى سلطان الله الذى فى السموات فى غفران الخطايا وشفاء المرضى، والقدرة على أى شىء.

العدد 8

ع8:

لما رأت الجموع عظمة المعجزة، تعجبوا جدا ومجدوا الله، لأنه أعطى هذا السلطان العظيم لواحد من البشر، وهو يسوع، إذ لم يستطيعوا بعد أن يؤمنوا بتجسد المسيح ولاهوته.

امتدح كل عمل حسن تراه ولا تشك فى كل شىء وتظن السوء، وعلى قدر ما تكون متضعا، تستطيع أن ترى فضائل الآخرين، ولا تدين أحدا، وتمجد الله دائما.

(2) دعوة متى (ع 9 - 13):

9 - وفيما يسوع مجتاز من هناك، رأى إنسانا جالسا عند مكان الجباية اسمه متى، فقال له: "اتبعنى." فقام وتبعه. 10 - وبينما هو متكئ فى البيت، إذا عشارون وخطاة كثيرون قد جاءوا واتكأوا مع يسوع وتلاميذه. 11 - فلما نظر الفرّيسيّون، قالوا لتلاميذه: "لماذا يأكل معلمكم مع العشارين والخطاة؟" 12 - فلما سمع يسوع، قال لهم: "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب، بل المرضى. 13 - فاذهبوا وتعلّموا ما هو، إنى أريد رحمة لا ذبيحة، لأنى لم آت لأدعو أبرارا، بل خطاة، إلى التوبة.".

العدد 9

ع9:

كان متى – كاتب هذا الإنجيل - يعمل جامعا للضرائب، وكانت هذه المهنة ترتبط بالقسوة والظلم ومحبة المال، لأن جامع الضرائب كان يدفع أولا للسلطة الرومانية الضريبة المطلوبة عن القرية أو المكان الموكل عليه، ثم يجمعها بمساعدة العساكر الرومانيين، فكان يجمع أكثر مما دفعه مهما كان فقر الناس.

ولكن، عندما رأى يسوع وسمع كلامه، تحركت مشاعره، فأطاع دعوته، وترك كل أعماله وأمواله وخطاياه، متكلا عليه، ولم يستشر أقاربه وأحباءه حتى لا يتعطل.

وتظهر هنا محبة المسيح واتضاعه، أن يدعو تلاميذه من الصيادين، أو الأشرار مثل متى العشار المعـروف بالقسـوة والعنف، لكى يطهّـرهم ويمـلأهم بروحـه القدّوس، فيكـون المجـد له وليس للقوة البشرية.

"مكان الجباية": غالبا خيمة ضخمة، تقام على الطريق لجمع الأموال فيها تحت حراسة الجند الرومانيين.

"اتبعنى": قد يكون سمع عن المسيح قبلا ورآه، فكان له استعداد أن يطيعه فورا عندما يدعوه.

العدد 10

ع10:

العشارون والخطاة: نظرا لطمع وقسوة العشارين، ارتبط اسمهم بالخطاة، وكانوا مرفوضين من المجتمع اليهودى.

بعدما تبع متى المسيح، فرح قلبه جدا، فاشتاق أن يتمتع زملاؤه من العشارين والخطاة بمعرفة المسيح. فبحكمة روحية، صنع وليمة للمسيح، دعا إليها كل أصدقائه ليسمعوا ويتوبوا عن خطاياهم. وقد قبل المسيح الدعوة، لأنه أتى لخلاص الخطاة وليس الأبرار.

العدد 11

ع11:

لكن الفرّيسيّين المتمسكين بمظاهر الحياة الروحية وليس جوهرها، وبكبرياء ينتقدون الآخرين، وبخوا تلاميذ المسيح، لأن معلمهم يجلس ويأكل مع الخطاة. فاهتموا بالمظهر دون أن يبحثوا عن سبب وجوده فى الوليمة، أى اهتمامه بخلاص هذه النفوس.

العدد 12

ع12:

"سمع يسوع": كان كلام الفرّيسيّين مع تلاميذه، لأنهم خافوا أن يكلموه، أما هو، فبقوة، أعلن لهم خطأهم فى الابتعاد عن دعوة الخطاة للتوبة بحجة عدم التنجس بمخالطتهم، وأظهر لهم المسيح سبب تجسده، وهو دعوة الخطاة للتوبة، وهذا منطقى، إن الطبيب يذهب للمرضى وليس للأصحاء؛ فمن الطبيعى أن يهتم المسيح بالبعيدين ليتوبوا عن خطاياهم.

العدد 13

ع13:

عاتبهم يسوع بلطف، مطالبا قلوبهم بالرحمة على الخطاة، أهم من تقديم الذبائح بدون فهم، لأن الذبيحة رمز لتضحية المسيح بحياته على الصليب حتى يرحم الخطاة، وهذه الكلمات أعلنها قبلا هوشع فى (6: 6).

"أبرارا": فى أعين أنفسهم، لأنه لا يوجد إنسان بار، بل الكل خطاة محتاجين لفداء المسيح.

"خطاة": أى المشهورون بخطاياهم مثل العشارين.

اهتم بالبعيدين لتدعوهم للمسيح، وَصَلِّ لأجلهم، وابحث عن طرق لجذبهم إلى الله، إن لم يكن بالكلام المباشر، فبالكلام غير المباشر مثل التحدث مع آخرين أمامهم، أو تقديم كلمات مشجعة أو أعمال محبة تلين قلوبهم، حتى يرجعوا عن رفضهم لله.

(3) مفهوم الصوم (ع 14 - 17):

14 - حينئذ أتى إليه تلاميذ يوحنا قائلين: "لماذا نصوم نحن والفرّيسيّون كثيرا، وأما تلاميذك فلا يصومون؟" 15 - فقال لهم يسوع: "هل يستطيع بنو العرس أن ينوحوا ما دام العريس معهم؟ ولكن، ستأتى أيام حين يرفع العريس عنهم، فحينئذ يصومون. 16 - ليس أحد يجعل رقعة من قطعة جديدة على ثوب عتيق، لأن الْمِلْءَ يأخذ من الثوب، فيصير الخَرْقُ أردأ. 17 - ولا يجعلون خمرا جديدة فى زِقَاقٍ عتيقة، لئلا تنشق الزقاق، فالخمر تَنْصَبُّ والزقاق تَتْلَفُ، بل يجعلون خمرا جديدة فى زقاق جديدة، فَتُحْفَظُ جميعا.".

العدد 14

ع14:

"تلاميذ يوحنا": بعضهم تبع المسيح وصار من تلاميذه، وبعضهم لم ينضم، متمسكين فقط بتعاليم يوحنا بالتوبة والنسك؛ فهؤلاء المتكلمون هم غير تلاميذ المسيح.

"كثيرا": فرض الفرّيسيّون أصواما أخرى غير التى تنص عليها الشريعة، ولم يلتزم بها تلاميذ المسيح مثل معظم اليهود.

تذمر تلاميذ يوحنا والفرّيسيّون على المسيح، لأن تلاميذه لا يصومون. وهذا معناه إحساسهم بثقل الصوم كفريضة صعبة عليهم، يريدون التحرر منها، أو أن يتحمل الآخرون معاناتها معهم؛ أى لهم شكل الصوم، ولكن لا يشعرون ببركاته الروحية.

العدد 15

ع15:

"بنو العرس": أقرباء وأصدقاء العريس المقرَّبون.

"ينوحوا": لأن الصوم مرتبط بالتذلل والدموع والتوبة.

أجاب المسيح بأن تلاميذه، وهم بنو العرس وهو عريسهم، لا يصح أن يصوموا إلا بعد انصراف العريس، لذلك سيصومون عندما يصعد المسيح إلى السماء. أما فى حياته على الأرض، فهم فرحون به، ويُؤَجَّلُ الصوم لأنه دليل التذلل والجهاد الروحى؛ وقد صام الرسل فعلا بعد صعود المسيح.

العدد 16

ع16:

عالج المسيح المشكلة الحقيقية، وهى مفهوم الصوم، فهو ليس فريضة إجبارية، بل حب يقدم لله. فإن لم تتغير الحياة كلها بالتوبة، فلا نستفيد من أية ممارسة روحية، لأنها ستكون سطحية، بل ستضر الإنسان إذ يتكبّر بها.

وقد شبّه المسيح هذا الضرر كوضع رقعة قماش جديدة فى ثوب قديم، فتكون أنسجتها أقوى من الأنسجة القديمة فتمزقها لضعفها، وهكذا لا تفيد الرقعة الجديدة الثوب القديم، بل تضره وتمزقه.

"ثوب عتيق": أى ثوب قديم، رمز لحياة الفرّيسيّين الرافضين للإيمان بالمسيح، ومحبين للكبرياء والشرور المختلفة.

الرقعة الجديدة: ترمز للصوم الذى، إن لم يوضع فى حياة متجددة بالإيمان المسيحى، سيضر، أى يضيف كبرياء للفرّيسيّين.

وهذا سبب ثانٍ لعدم صوم التلاميذ، إذ الأهم أولا لهم، ولكل الناس، أن يؤمنوا بالمسيح ويتوبوا عن خطاياهم، حينئذ تُقْبَلُ عبادتهم وأصوامهم.

العدد 17

ع17:

"زِقَاقٍ": أوعية جلدية، أى (قِِرَبٌ)، يوضع فيها الخمر أو الماء أو أى سائل.

أيضـا الخمـر الجديـدة قوية لا تحتملها الزقاق القديمة، لأن نواتج التخمر تكون أقوى من جلد الزقاق القديمة الرقيق، فتنشق وينسكب الخمر. لذا، تحتاج الخمر الجديدة لزقاق جديدة، فيكون جلدها سميكا.

"زِقَاقٍ عتيقة": أى أوعية قديمة، ترمز لحياة الفرّيسيّين وتلاميذ يوحنا الذين لم يؤمنوا بعد بالمسيح.

"خمرا جديدة": ترمز للصوم، وهو عبادة روحية مفرحة لقلب الله.

"زقاق جديدة": هى الحياة المتجددة فى المسيح بالإيمان، فتحتمل وتتزين بكل الممارسات الروحية مثل الصوم.

ليت صومك يقترن بالتوبة والتناول من الأسرار المقدسة، وقراءة الكتاب المقدس والتأمل فيه، فيصير صوما روحانيا يحرك مشاعرك بالحب والرحمة نحو المحتاجين، فتفرح وتشتاق للصوم لأنه واسطة قوية تقرّبك لله، وتخلّص نفسك من شهوات كثيرة.

(4) شفاء نازفة الدم وإقامة ابنة يَايْرُسَ (ع 18 - 26):

18 - وفيما هو يكلمهم بهذا، إذا رئيسٌ قد جاء فسجد له، قائلا: "إن ابنتى الآن ماتت، لكن تعال وضع يدك عليها فتحيا." 19 - فقام يسوع وتبعه هو وتلاميذه. 20 - وإذا امرأة، نازفة دم منذ اثنتى عشرة سنة، قد جاءت من ورائه وَمَسَّتْ هُدْبَ ثوبه. 21 - لأنها قالت فى نفسها: إن مسست ثوبه فقط، شُفِيتُ. 22 - فالتفت يسوع وأبصرها، فقال: "ثقى يا ابنة، إيمانك قد شفاك." فشفيت المـرأة من تلك الساعة. 23 - ولما جـاء يسوع إلى بيت الرئيس، ونظر المزمرين والجمع يضجون. 24 - قال لهم: "تَنَحَّوْا، فإن الصبية لم تمت، لكنها نائمة." فضحكوا عليه. 25 - فلما أخرج الجمع، دخل وأمسك بيدها، فقامت الصبية. 26 - فخرج ذلك الخبر إلى تلك الأرض كلها.

الأعداد 18-19

ع18 - 19:

جاء إلى المسيح رئيس مجمع من مجامع اليهود، وهى أماكن منتشرة فى كل اليهودية، تقام فيها الصلوات وقراءة الكتب المقدسة، أما الذبائح فتقدم داخل الهيكل فى أورشليم فقط.

وقد جاء هذا الرئيس واسمه يَايْرُسُ (مر 5: 22؛ لو 8: 41) بإيمان واتضاع، ساجدا للمسيح، طالبا منه أن يقيم ابنته التى ماتت بأن يأتى ويلمسها، وهو يؤمن أنها ستقوم.

هـذا إيمان عظيم، ولكن إيمان قائـد المائة الأممى أعظـم منه، إذ قال للمسيح: "قل كلمة فقـط فيبرأ غـلامى" (ص 8: 10)؛ فهو لا يحتـاج للمسيح أن يأتى إليه، بل يكفى أن يأمـر، فينسحب المرض.

كان عمر الصبية ابنة يايرس اثنتى عشرة سنة (لو 8: 42)، وهى تشير روحيا إلى أمة اليهود التى لها اثنى عشر سبطا، وقد ماتت فى سريرها، فترمز لخطية الفكر الداخلى، والمسيح قادر على الإقامة من هذه الخطية.

فاستجاب المسيح بمحبة كبيرة كعادته، وذهب إلى بيت يايرس، وتبعه تلاميذه ليروا معجزاته ويسمعوا تعاليمه.

الأعداد 20-22

ع20 - 22:

نازفة الدم كان لها اثنتى عشرة سنة تحاول العلاج ولم ينفع، فهى تشير للنفس المريضة روحيا، وقد حاولت بالطرق البشرية علاج الخطية ولم تفلح.

"من ورائه": لم تظهر أمامه، إما لخجلها من مرضها، أو لأن اليهود يعتبرون نزف دم المرأة نجاسة (لا 15: 25 - 26)، وبالتالى لن يسمحوا لها بلمس المسيح.

لجأت هذه المرأة للمسيح لتقابله فى الطريق، مثل النفس التى تلتقى بالمسيح فى طريق الحياة من خلال أحداث العالم، فتؤمن به وتُشْفَى من أتعابها.

وكانت تؤمن بأن مجرد لمس طرف ثوبه سيشفيها‘ وفعلت هذا فَشُفِيَتْ. وأراد المسيح تمجيد إيمان هذه المرأة، فأعلن ما فعلته أمام الجموع، وأكد لها أنها قد شُفِيَتْ تماما.

الأعداد 23-24

ع23 - 24:

وصل المسيح إلى بيت يايرُس، فوجد الأقرباء والأحباء يبكون، بل من استأجروهم من ضاربى المزمار بالألحـان الحزينة يعطون أصواتا قوية تثير المشاعر. فطمأن الجميع بأن الصبية نائمة ولم تمت، مع أنها ماتت فعلا. ولكن، بقوة لاهوته، يقدر أن يقيمها؛ ففى نظره رقاد الموت يشبه رقاد النوم.

ولكنهم لم يصدقوا واستهزأوا بكلامه، إذ لا يستطيعون الإيمان بقدرته على الإقامة من الأموات.

الأعداد 25-26

ع25 - 26:

أخرج المسيح الجموع غير المؤمنة، وأخذ معه والدى البنت وقليل من تلاميذه (مر 5: 40)، أى الذين يؤمنون بقوته. ثم أمسك بالصبية وأقامها، ففرح أهلها وكل الجموع، ومجدوا الله الذى يقيم الموتى.

وهذا واحد من الإثباتات الكثيرة الواضحة للاهوت المسيح الذى أمر الموت فابتعد، وقامت البنت، وانتشر الخبر فى البلاد المحيطة بكَفْرَنَاحُومَ.

إن كان لك إيمان، ستعاين أعمال الله العظيمة. فلا تضطرب إذا تعقدت الأمور وظهر أنه لا حل لها، فإلهك يظهر المعجزات فى كل جيل وبطرق لا تخطر على بالك؛ فقط اتكل عليه واثقا من محبته ورعايته.

(5) شفاء الأعميين (ع 27 - 31):

27 - وفيما يسـوع مجتـاز من هناك، تبعه أعميان، يصرخان ويقولان: "ارحمنا يا ابن داود." 28 - ولما جـاء إلى البيت، تقدم إليه الأعميان، فقال لهما يسوع: "أتؤمنان أنى أقدر أن أفعل هذا؟" قالا له: "نعم يا سيد." 29 - حينئذ لمس أعينهما قائلا: "بحسب إيمانكما ليكن لكما." 30 - فانفتحت أعينهما، فانتهـرهما يسـوع قائلا: "انظرا، لا يعلم أحد." 31 - ولكنهما خرجا وأشـاعاه فى تلك الأرض كلها.

الأعداد 27-28

ع27 - 28:

فيما كان المسيح سائرا فى الطريق، تبعه أعميان يطلبان الشفاء منه. وهما يمثلان اليهود والأمم الذين سقطوا فى ظلمة الخطية، واحتاجوا للمسيح المخلّص لينير حياتهم.

تركهما المسيح يصرخان طوال الطريق، ليمتحن إيمانهما. وعندما وصل إلى البيت الذى كان قاصدا إليه، سألهما: "هل تؤمنان بقدرتى على شفاء أعينكما؟ فأعلنا إيمانهما به أنه المسيا المنتظر، ابن داود، القادر على فتح أعينهما.

الأعداد 29-30

ع29 - 30:

"بحسب إيمانكما": الله غنى ومستعد أن يعطى كثيرا على قدر ما تؤمن به. حينئذ لمس المسيح أعينهما، وأمر، فاستعادا بصرهما.

"انتهرهما": أى منعهما من التحدث بالمعجزة كاتضاع منه، لأنه لا يحتاج لمديح الناس، بالإضافة إلى اهتمامه بعدم إثارة غيرة الكتبة والفرّيسيّين، وحتى لا يفكرون فيه كملك أرضى يعطيهم احتياجاتهم المادية بالتحرر من عبودية الرومان.

وقال لهما – باتضاع - ألا يخبرا أحدا بهذه المعجزة.

تعلم ألا تتحدث عن أعمالك لتنال مديح الناس، بل افعل كما فعل المسيح، والله الذى يراك فى الخفاء يجازيك علانية.

العدد 31

ع31:

إذ رأيا محبة المسيح واتضاعه، قابلا محبته بمحبة أيضا، فخرجا يعلنان للكل هذه المعجزة، حيث أرادا أن يتمتع الكل بالإيمان به، وإن كان من الأفضل أن يطيعا المسيح فى عدم التحدث بالمعجزة، لأن الطاعة أفضل من كل شىء.

(6) شفاء الأخرس المجنون (ع 32 - 34):

32 - وفيما هما خارجان، إذا إنسان أخرس مجنون قدموه إليه. 33 - فلما أخرج الشيطان، تكلم الأخرس. فتعجب الجموع قائلين: "لم يظهر قط مثل هذا فى إسرائيل." 34 - أما الفرّيسيّون فقالوا: "برئيس الشياطين يخرج الشياطين.".

الأعداد 32-33

ع32 - 33:

دخل الشيطان فى إنسان، فأفقده عقله، ومنعه من الكلام. فهو يمثل الإنسان الخاضع للخطية, فيُفقده الشيطان عقله، ويجعله منشغلا بالشهوات الردية، ويمنعه من التحدث بكلام الله.

"قدموه إليه": احتاج هذا الإنسان أن يقوده الناس لأنه لا يتكلم بالإضافة إلى فقده عقله.

قدَّموا هذا الإنسان للمسيح، فأمر الشيطان – بسلطان لاهوته - أن يخرج منه. وفى الحال، خرج، وعاد للإنسان عقله وتكلم. ففرحت الجموع ومجدوا الله الذى أرسل لهم نبيا يشفى أمراضهم، ويخلّصهم من سلطان الشيطان.

"لم يظهر قط مثل هذا": أى لم يظهر نبى فى تاريخ شعب إسرائيل، له هذا السلطان على الشياطين، وعمل كل هذه المعجزات.

العدد 34

ع34:

أما الفرّيسيّون – قادة المجتمع اليهودى - فلم يؤمنوا بلاهوت المسيح أو سلطانه على الشياطين، بل بكبريائهم رأوه منافسا لهم فى قيادة الجموع، فاتهموه بأن له علاقة "برئيس الشياطين"، ولهذا يخرجها.

الكبرياء يفقدك فهمك للأمور، فلا ترى أعمال الله معك وفيك. فاتضع واقبل توجيهات الناس لك، واطلب إرشاد الله فى كل يوم، واخضع لكلام أب اعترافك.

(7) الكرازة فى المدن والقرى (ع 35 - 38):

35 - وكان يسوع يطوف المدن كلها والقرى يعلم فى مجامعها، ويكرز ببشارة الملكوت، ويشفى كل مرض وكل ضعف فى الشعب. 36 - ولما رأى الجموع تحنن عليهم، إذ كانوا منزعجين ومنطـرحين كغنم لا راعى لها. 37 - حينئذ قال لتلاميـذه: "الحصـاد كثير، ولكن الفعلة قليلون. 38 - فاطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى حصاده.".

العدد 35

ع35:

اهتم المسيح بافتقاد المدن وأيضا القرى – أى الأغنياء والفقراء - ولم يتمركز فى كَفْرَنَاحُومَ أو أورشليم أو مدينة كبيرة فقط، ليُظهر أهمية الافتقاد. وكانت كرازته باقتراب ملكوت السماوات والاستعداد له بالتوبة. وكان يؤكد كلامه بالمعجزات، ليؤمن الناس بكرازته.

العدد 36

ع36:

يظهر قلب المسيح الحنون على أولاده – الذين انشغل قادتهم الفرّيسيّون عن جذبهم للتوبة - فاهتم بنفسه أن يرعاهم.

"منزعجين": وهو الاضطراب الذى يصاحب السقوط فى الخطية والبعد عن الله.

"منطرحين": أى معرضين لهجمات إبليس والسقوط فى خطاياه.

الأعداد 37-38

ع37 - 38:

وجه السيد نظر تلاميذه إلى حاجة النفوس لمن يرعاها، وشبهها بنباتات قمح تنتظر من يحصد سنابلها، ولكن الحاصدين، أى قادة المجتمع اليهودى، انشغلوا عن الخدمة باهتمامهم بكرامتهم. ولم يقل للتلاميذ أن يحصدوا، بل أن يطلبوا من الله ليرسل خداما لرعاية شعبه، ليفهموا أن الله هو الذى يدعو الخدام للخدمة، وليس مجرد انفعالهم أو اقتناعهم بها، أى يُصَلُّوا، فيحرك الله مشاعرهم للاهتمام بالنفوس، وحينئذ يرسلهم الله لخدمته.

ليتك تهتم بخلاص نفوس من حولك، فتشفق على الكل بدلا من أن تتضايق لأخطائهم الكثيرة، وتصلى ليحـرك الله قلوبهم، فالكل أولاده ومخلوقون على صـورته، وهو يريـد خلاصهم... والله، إما أن يرسلك إليهم، أو يبعث لهم من يرجعهم إليه.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

تفاسير إنجيل متى - الأَصْحَاحُ التَّاسِعُ
تفاسير إنجيل متى - الأَصْحَاحُ التَّاسِعُ