الأَصْحَاحُ السادس عشر – إنجيل لوقا – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: انجيل لوقا – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ السادس عشر

مثلى وكيل الظلم والغنى ولعازر.

  1. مثل وكيل الظلم (ع1 - 8):

1 - وقال أيضا لتلاميذه: "كان إنسان غنى له وكيل، فَوُشِىَ به إليه بأنه يبذّر أمواله. 2 - فدعاه وقـال له:" ما هـذا الذى أسمع عنك؟ أَعْطِ حساب وكالتك، لأنك لا تقدر أن تكون وكيلا بعد. "3 - فقال الوكيل فى نفسه: ماذا أفعل، لأن سيدى يأخذ منى الوكالة؟ لست أستطيعُ أن أّنْقُبَ، وأستحى أن أستعطى. 4 - قد علمت ماذا أفعل، حتى إذا عُزلت عن الوكـالة يقبلـونى فى بيوتهـم. 5 - فدعا كل واحد من مديونى سيده، وقال للأول: كم عليك لسيدى؟ 6 - فقال: مئة بث زيت. فقال له: خذ صكك، واجلس عاجلا واكتب خمسين. 7 - ثم قال لآخر: وأنت، كم عليك؟ فقال: مئة كر قمح. فقال له: خذ صكك واكتب ثمانين. 8 - فمدح السيد وكيل الظلم، إذ بحكمة فعل، لأن أبناء هذا الدهر أحكم من أبناء النور فى جيلهم.

العدد 1

ع1:

أعطى المسيح مثلاً لتلاميذه عن أهمية الاستعداد للأبدية بالأمانة فى حياتنا الأرضية وهو مثل وكيل الظلم. فيحدثنا عن إنسان غنى أقام وكيلاً لإدارة أعماله، ولكن الأخير لم يكن أمينا بل استغل أموال سيده فى إشباع شهواته. فبذر وأضاع هذه الأموال، وأخبر البعض سيده بعدم أمانة وكيله.

العدد 2

ع2:

دعا السيد وكيله وواجهه بتهمة سرقة أمواله، وطالبه أن يقدم حساب وكالته لأنه سيطرده من عمله.

استعد يا أخى لهذه اللحظة التى يشتكى عليك فيها الشياطين، ويقرر الله إنهاء حياتك ويطالبك بتقديم حساب عن كل أعمالك الماضية، بل وكلامك وأفكارك. فالتجئ إلى التوبة كل يوم واصنع كل ما تستطيعه لترك خطاياك فتنال غفرانا فى سر الإعتراف، واستمر فى حياة التوبة فلا تخاف من الموت.

العدد 3

ع3:

أنقب أى أحفر الأرض بالفأس.

أستعطى أشحذ.

فكر الوكيل الغير أمين فى قرار الطرد الذى يواجهه وماذا سيفعل بعد ذلك، أنه لا يستطيع أن يعمل كعامل عادى فى حرث الأرض بالفأس وفلاحتها، فكيف بعد أن كان مديراً لكل هذه الأملاك يصبح عاملاً بسيطاً، ومن الناحية الأخرى لا يستطيع الحصول على احتياجاته بالإستعطاء والشحاذة.

هذا الوكيل السارق لسيده قال أنه لا يستطيع أن يعمل كعامل لأنه كسول ولا يستطيع أن يستطعى لأنه متكبر، كل هذه صفات سيئة ولكن الفضيلة الوحيدة التى عنده هى تفكيره بإهتمام لحل مشكلته، فوصل إلى حلول بشرية خاطئة وهى سرقة سيده حتى يكرمه من شاركوه فى الإختلاس بعدما يطرد فهو شرير ورسائله شريرة، أما تميزه، ففى عدم الاستسلام والبحث عن حل.

الأعداد 4-7

ع4 - 7:

هداه تفكيره البشرى أن يتمادى فى سرقة سيده بالتنازل عن حقوقه لمؤجرى أرضه، أى يكرم هؤلاء المؤجرين على حساب سيده. فدعا واحداً كان مسئولاً أن يوفى للسيد كل سنة مائة بث زيت (البث = حوالى 23 لتر) وأعطاه الوثيقة أو الصك الذى يثبت حق السيد ليمزقه ويكتب بدلاً منه خمسين، وهكذا مع آخر ينبغى أن يقدم مائة كر من القمح (الكر = حوالى 230 لتر)، وقال له مزق الصك واكتب ثمانين، وهكذا مع باقى المؤجرين، ففرحوا بهذا التنازل ووعدوا أن يكرموه بعد طرده من الوكالة.

العدد 8

ع8:

أبناء الدهر: أبناء العالم الذين يسلكون بالشر.

أبناء النور: أولاد الله الذى هو النور الحقيقى ويسلكون فى نور وصايا الله.

أعجب السيد بحكمة هذا الوكيل الشرير، ومدحه ليس على شره وخيانته بل على حكمته فى إخراج نفسه من مشكلة الطرد. وواضح أن الذى مدحه هو سيده فى المثل وليس المسيح لأن المسيح لا يمدح على الشر.

وعلق المسيح أن أبناء العالم الأشرار، الذين يستخدمون السرقة والخيانة لتحقيق أهدافهم، يهتمون بمستقبلهم أكثر من أبناء النور أى أبناء الله فى استعدادهم للأبدية بعمل الخير والصلاح.

تعلم من تصرفات المحيطين بك، واكتسب فضائلهم واحترس حتى لا تسقط فى سلوك الأشرار فيواجهك مصيرهم الأليم.

(2) تعليق المسيح على المثل (ع9 –13):

9 - وأنا أقول لكم: اصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم، حتى إذا فَنِيتُمْ يقبلونكم فى المظال الأبدية. 10 - الأمين فى القليل أمين أيضا فى الكثير، والظالم فى القليل ظالم أيضا فى الكثير. 11 - فإن لم تكونوا أمناء فى مال الظلم، فمن يأتمنكم على الحق؟ 12 - وإن لم تكونوا أمناء فى ما هو للغير، فمن يعطيكم ما هو لكم؟ 13 - لا يقدر خادم أن يخدم سيدين، لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر، أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر، لا تقدرون أن تخدموا الله والمال. ".

العدد 9

ع9:

أصدقاء المحتاجون مادياً والبعيدون عن الله، الذين تساعدونهم فيصيروا أولاد الله وبالتالى أصدقاء لكم.

مال الظلم هى أموال العالم باعتبار أن توزيعها على البشر ليس عادلاً، إذ يولد البعض أغنياء والبعض فقراء، وباعتبار أن كثير من المعاملات المادية يشوبها عدم الأمانة والظلم، فلذا سمى المال عموماً بمال الظلم.

فنيتم متُّم وتركتم هذه الحياة.

يقبلونكم يكونون قد ماتوا قبلكم، وينتظرونكم فى الملكوت.

المظال الأبدية الملكوت السماوى الدائم، تمييزاً له عن مظال وبيوت العالم المؤقته الزائلة.

يواصل المسيح تعليقه، ناصحاً أولاده أن يستخدموا العالم والماديات فيعطوها للمحتاجين، وبهذا يصنعون لهم أصدقاء بأموال العالم حتى يشهد هؤلاء الأصدقاء لأولاد الله فى الأبدية بأعمال الخير التى عملوها فيرثوا ملكوت السموات.

العدد 10

ع10:

القليل هو ممتلكات هذه الحياة الأرضية.

الكثير هو نعيم الحياة الأبدية.

فمن يكون أميناً فى استخدام حياته على الأرض لعمل الخير، يأتمنه الله على ميراث ملكوت السموات، أما من يستخدم العالم لشهواته وأنانيته ويظلم المحتاجين ولا يساعدهم، فلا يؤتمن على ميراث الملكوت. ومعنى هذا أن المسيح يؤكد أهمية الأمانة ولا يمتدح خيانة وكيل الظلم، ويدعونا فقط للتمثل بحكمته، فنكون أمناء أثناء حياتنا على الأرض لأننا وكلاء من الله على أجسادنا وكل إمكانياتنا، فيهبنا بعد ذلك الملكوت مكافأة لنا.

العدد 11

ع11:

إن كان المقصود بمال الظلم هو أموال هذا العالم، فمال الحق هو ميراث ملكوت السموات. أى ينبغى الأمانة فى الحياة الأرضية ليهبنا الله ملكوت السموات.

العدد 12

ع12:

كل ما عندنا فى حياتنا الأرضية نحن وكلاء عليه لأنه ملك لله، وحياتنا ليست لهذا العالم بل نحن مخلوقون لأعمال صالحة سبق الله فأعدها لنا (أف2: 10).

فالماديات ليست لنا، أما مالنا فهو الفضيلة والصلاح الذى ننعم به فى الأبدية.

العدد 13

ع13:

أعلن المسيح حقيقة واضحة وهى ضرورة محبة الله من كل القلب، واستخدام أموال العالم كعطية من الله فى عمل الخير. أما إن تعلق الإنسان بالمال، فلابد أن يترك الله من قلبه، ويصير عبداً للمال.

افحص نفسك كل يوم، هل كان هدفك من كل أفكارك وكلامك وأعمالك محبة الله أم محبة العالم واقتناء الماديات؟؟؟

(3) المال والكبرياء (ع14 – 15):

14 - وكان الفريسيون أيضا يسمعون هذا كله، وهم محبون للمال، فاستهزأوا به. 15 - فقال لهم: "أنتم الذين تبررون أنفسكم قدام الناس، ولكن الله يعرف قلوبكم؛ إن المستعلىَ عند الناس هو رجس قدام الله.".

العدد 14

ع14:

وجه المسيح كلامه لتلاميذه ولكن كان هناك فريسيون يسمعونه. وكان الفريسيون يتصفون بمحبة المال، فأظهر المثل وتعليق المسيح عليه خطيتهم. فبدلاً من أن يتوبوا، استهزأوا بكلامه ليتحقق كلام المسيح، وهو أن من يعبد المال ويتعلق به يرفض كلام الله، إذ تقود محبة المال إلىالكبرياء فيظن الإنسان تفوقه على غيره بكثرة أمواله، مع أنه فى نظر الله خاطئ غير أمين فى توزيع أمواله على المحتاجين.

العدد 15

ع15:

وبخ المسيح الفريسيين بجرأة، إذ أهتموا بتعظيم أنفسهم أمام اليهود، قائلاً أن هذا لا يغير شيئاً لأن الله يعرف حقيقة قلوبكم الشريرة النجسة بمحبة الكبرياء ومحبة المال، لأنهم رفضوا الاعتراف بخطيتهم وهى محبة المال، بل برروا أنفسهم وأهملوا عمل الرحمة، بل ظنوا أنفسهم أفضل ممن حولهم وأنهم أحق الناس بالملكوت.

تذكر أن كل ما عندك أنت وكيل عليه، فاستخدمه لعمل الخير، وقدم توبة باتضاع عن كل تقصير، فيرشدك الله كيف تستخدم حياتك لمساعدة المحتاجين.

(4) أهمية الوصية والطلاق (ع16 – 18):

16 - كان الناموس والأنبياء إلى يوحنا، ومن ذلك الوقت يُبَشَّرُ بملكوت الله، وكل واحد يغتصب نفسه إليه. 17 - ولكن زوال السماء والأرض أيسر من أن تسقط نقطة واحدة من الناموس. 18 - كل من يطلق امرأته ويتزوج بأخرى يزنى، وكل من يتزوج بمطلقة من رجل يزنى.

الأعداد 16-17

ع16 - 17:

الناموس والأنبياء إلى يوحنا كل تعاليم العهد القديم من موسى حتى يوحنا المعمدان.

من ذلك الوقت أى بعد يوحنا المعمدان ويعنى بشارة المسيح.

زوال السماء والأرض هو أمر مستحيل لأنها ثابتة على مدى الأيام. ويعنى هذا أن الناموس وكل تعاليم المسيح ثابتة طوال الحياة، فيلزم الخضوع لها وعدم الاستهزاء بها كما فعل الفريسيون.

نقطة واحدة أصغر تعليم فى العهد القديم.

يعلن المسيح أن بشارته هى استكمال وامتداد لأسفار العهد القديم ونبواته، وضرورة الإلتزام بكل الوصايا، وحتى لو كانت صعبة فى مظهرها، ينبغى أن يتمسك بها الإنسان ويغصب نفسه عليها، فلا يسير بشهواته الخاصة سعياً نحو الوصول إلى الملكوت الأبدى الذى هو أفضل من كل شهوة أرضية.

العدد 18

ع18:

ذكرت هذه الأية فى (مت5: 31 - 32، 19: 3 - 9).

إذ أظهر المسيح أهمية وصايا الله، واجه شر الفريسيين المتظاهرين بتمسكهم بها، وأباحوا الطلاق لأسباب تافهة مثل عدم تقديم الزوجة وجبة مناسبة فيطلقها زوجها، فأعلن كمثال لثبات وصايا الله وصية الزواج التى تحفظ كيان الأسرة. فمن يطلق إمرأته ويتزوج بأخرى يزنى، لأن الزواج الأول قائم، وقد تركه الزوج لأجل أغراضه الخاصة مستهيناً بالسر المقدس الذى أتممه الروح القدس. فزواجه الثانى باطل حتى لو كان له شرعية مدنية، بل هو زنا فى نظر الله والكنيسة.

وإذا تزوج إنسان بمطلقة فهو يزنى، لأنها مازالت فى نظر الله مرتبطة بزوجها الأول، إلا إذا كان الطلاق بالسبب الذى أعلنه المسيح وهو زنا الطرف الآخر، فالطرف البرئ يحق له الزواج.

لا تحرف كلام الله وتتهاون فى وصاياه لأجل أغراضك مستخدماً فلسفتك، بل اتضع واغصب نفسك على الوصية حتى لو بدت ثقيلة، فالله سيسندك ويعزى قلبك ويهبك فى النهاية الحياة الأبدية.

(5) مثل الغنى ولعازر (ع19 – 31):

19 - "كان إنسان غنى، وكان يلبس الأرجوان وَالْبَزَّ، وهو يتنعم كل يوم مترفها. 20 - وكان مسكين اسمه لعازر، الذى طُرح عند بابه، مضروبا بالقروح، 21 - ويشتهى أن يشبع من الْفُتَاتِ الساقط من مائدة الغنى، بل كانت الكلاب تأتى وتلحس قروحه. 22 - فمات المسكين، وحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم، ومات الغنى أيضا ودفن. 23 - فرفع عينيه فى الجحيم، وهو فى العذاب، ورأى إبراهيم من بعيد، ولعازر فى حضنه. 24 - فنادى وقال: يا أبى إبراهيم، ارحمنى، وأرسل لعازر لِيَبُلَّ طرف إصبعه بماء ويبّرد لسانى، لأنى معذب فى هذا اللهيب. 25 - فقال إبراهيم: يا ابنى، اذكر أنك استوفيت خيراتك فى حياتك، وكذلك لعازر البلايا، والآن هو يتعزى وأنت تتعذب. 26 - وفوق هذا كله، بيننا وبينكم هوة عظيمة قد أُثْبِتَتْ حتى إن الذين يريدون العبور من ههنا إليكم لا يقدرون، ولا الذين من هناك يجتازون إلينا. 27 - فقال: أسألك إذًا يا أَبَتِ أن ترسله إلى بيت أبى، 28 - لأن لى خمسة إخوة، حتى يشهد لهم، لكيلا يأتوا هم أيضا إلى موضع العذاب هذا. 29 - قال له إبراهيم: عندهم موسى والأنبياء، ليسمعوا منهم. 30 - فقال: لا يا أبى إبراهيم، بل إذا مضى إليهم واحد من الأموات يتوبون. 31 - فقال له: إن كانوا لا يسمعون من موسى والأنبياء، ولا إن قام واحد من الأموات يصدقون.".

العدد 19

ع19:

كل يوم الاستمرار فى الشهوات المادية والانغماس فيها.

أعطى المسيح مثلاً فى عمل الرحمة واحتمال الآلام كطريق استعداد للملكوت فقال، كان إنسان غنى اهتم بملابسه ولذاته وشهواته، التى عبر عنها بثياب الملوك أى الأرجوان والبز، وانغمس فى كل ما تشتهيه النفس من طعام وشراب وراحة وممتلكات فى قصره العظيم وغناء ورقص، وكل ما يمكن أن تتخيله من رفاهية هذا العالم. فهو لم يصنع خطايا واضحة ضد وصايا الله لكن خطيته كانت الانهماك فى الماديات ولذات العالم.

الأعداد 20-21

ع20 - 21:

طُرح أى وضعه بعض معارفه أمام قصر الغنى لعله يعطف عليه بطعام وعلاج، ومعنى هذا أنه كان عاجزاً عن الحركة ومحتاج لمن يحمله.

القروح نتيجة عجزه عن الحركة، ووجوده بين القاذورات، تعرض لميكروبات فتسلخ جلده ونزف منه الدم.

يشتهى يتمنى أن يأكل شيئاً من فضلات الغنى، ولكن لم يتوفر له حتى هذا الشئ الزهيد الذى قد يلقونه مع القمامة، ولكن قد يكون أحد الخدم فى القصر قد حمل إليه بعض الفتات دون علم الغنى، أو عندما ألقيت الفضلات خارج القصر كان بعضها بجواره فأكل منها قليلاً.

الكلاب تأتى أتت الكلاب لتأكل من الفضلات، فوجدت الدم النازف من جسمه العارى تقريباً، فأسرعت تلحس القروح لأنها تحب الدم، فكانت بهذا ترطب القروح وتخفف آلامه قليلاً، فأشفقت عليه أكثر من الغنى.

عند باب قصر هذا الغنى العظيم سكن فقير عريان ضُربَ بالأمراض، وانشغل الغنى بملذاته عن إطعام هذا الفقير أو علاج أمراضه، وكان هذا الفقير لا يجد طعامه الضرورى، واشتهى الفضلات الملقاه من قصر الغنى ولم يجد إلا القليل، أما قروحه فلم يجد لها طبيباً أو أى إنسان يهتم به. فكانت الكلاب هى التى تلحس قروحه وترطبها، واحتمل الفقير أن يكون مأكلاً للكلاب التى تلحس دمه، كما احتمل أيضاً كل الفقر بشكر وصبر.

وكان إسم الفقير "لعازر" أى الله معين، فكانت معونة الله تستنده حتى يحتمل، وقد استحق أن يسمى بإسم، أما الغنى فلحقارة حياته البعيدة عن الله، لم يعطَ له إسم فى المثل.

ومن المثل نشعر بالفارق الضخم بين حالتى الغنى ولعازر فيما يلى: -.

  1. الغنى يلبس أفخر الثياب، ولعازر عريان وقروحه مكشوفة.
  2. الغنى انغمس فى شهوات الطعام والشراب، ولعازر يتمنى قليلاً من فضلات طعام الغنى.
  3. الغنى يخدمه الكثيرون، ولعازر لا يجد من يهتم به إلا الكلاب التى أتت لتلحس دمه، ليس حباً فيه بل صار طعاماً لها.

والغنى يرمز للمنشغلين بشهوات العالم عن عمل الرحمة ومحبة الله، فلو أحب الصلاة وارتبط بالله لأحب المحتاجين وساعدهم.

وهو يرمز أيضاً للشعب اليهودى الذى نال معرفة الله فى الوصايا والناموس، ولكنه أهمل توصيلها للأمم، بل احتقرهم وتضايق من خطاياهم الواضحة كالقروح وتركهم فى فقرهم.

أما لعازر فيرمز للمحتملين ضيقات الحياة بشكر، وللأمم الذين عاشوا فى الفقر وأمراض الخطية سنيناً كثيرة، ولكن أعلنوا واعترفوا بخطاياهم، إذ أن القروح تخرج دماً من داخل الجسم إلى الخارج، أى الاعتراف بالخطية الباطنية علناً، فنالوا مراحم الله فى دم المسيح الفادى.

ليتك تشعر باحتياجات المحيطين بك، ليس فقط للطعام والعلاج المادى بل بالأحرى البعيدين عن الله ويتعذبون من الخطية، لأنهم محتاجون أن تظهر لهم محبتك وتعرفهم ولو قليلاً عن الله حتى يشبعوا به ويطمئنوا بين يديه. لا تنهمك بأنانية فى مشاغلك الخاطئة فأنت مسئول أن تقدم حباً لكل من حولك، فعطايا الله وإمكانياته المعطاه لك أنت وكيل عليها لتوزعها على المحتاجين.

العدد 22

ع22:

مات المسكين لم يذكر أى اهتمام بدفن جسده بل مات فى مكانه دون اهتمام أحد ولكن السماء أسرعت ترحب به.

حضن إبراهيم يمثل كل القديسين الفرحين فى السماء، وهو أب عظيم لشعب الله ولكل من يؤمن من العالم. ووجود إبراهيم فى الفردوس قبل إتمام الفداء على الصليب لا يزعجنا لأنه مَثَل وليس قصة واقعية، فهو يعبر عما سيحدث بعد إتمام الفداء.

مات الغنى ودفن أهتم الناس بجنازة ودفن الغنى، ولكن روحه لم تجد لها مكاناً إلا فى العذاب.

ماتت نفس الغنى لابتعاده عن الله وانشغاله بالشهوات الجسدية، فكان موت جسده ودفنه امتداداً طبيعياً لموت نفسه السابق. أما لعازر الذى احتمل بصبر كل الآلام، فعندما استوفى أتعابه انتقل إلى السماء ممتلئاً من الفضائل الكثيرة، وكان ثقيلاً من كثرة ما يحمله من فضائل، فاحتاج إلى ملائكة كثيرين يحملونه إلى الفردوس، لينعم بالوجود مع الله والقديسين. فصار لعازر، الذى يرمز للأمم، فى حضن إبراهيم، لأنه آمن بالمسيح وقبل آلامه بشكر، أما الغنى، الذى يرمز لليهود، فلأجل أنانيته ذهب بعيداً عن أبيه إبراهيم أب الإيمان، وألقى فى الهاوية والعذاب الأبدى.

الأعداد 23-24

ع23 - 24:

رفع عينيه يؤكد أن الجحيم فى مكان سفلى والفردوس فى مكان سامٍ، وهذا من الناحية المعنوية وليست المادية أى أن الفردوس حالة سامية، أما الجحيم فحالة متدنية.

من بعيد يعلن هذا التباعد بين الفردوس مكان انتظار الأبرار، والجحيم مكان انتظار الأشرار.

نتيجة أنانية هذا الغنى وانغماسه فى الشهوات المادية، أُلقى فى الجحيم مكان انتظار الأشرار بعد هذه الحياة، وهناك واجه عذاباً شديداً عبر عنه باللهيب وبالألم الشديد فى لسانه وبأنه مكان سفلى، ورفع عينيه إلى الفردوس مكان انتظار الأبرار، فوجد لعازر يتمتع فى حضن إبراهيم، الذى يتمنى كل اليهود أن يكونوا معه فى الفردوس، وطلب ولو قطرة ماء من إصبع لعازر يبلل بها لسانه.

هذا الغنى الذى بخل على لعازر بالفتات الساقط مائدته، تحول شحاذ ولم ينل.

لسان الإنسان هو الذى يؤدى به إلى السعادة الأبدية أو العذاب الأبدى، ولكثرة عجرفة الغنى وكلامه الكثير عن الشهوات المادية، كان لسانه يتألم بشدة وهو ينادى إبراهيم يا أبى، ولكنه فقد بنوته بشره وصار فى العذاب.

العدد 25

ع25:

كان رد إبراهيم على الغنى أن ما يقاسيه من عذاب هو الجزاء الطبيعى لـه، لأنه انغمس فى الشهوات المادية واستغنى بها عن معرفة الله، أما لعازر فقد احتمل البلايا بشكر من يد الله، فاستحق العزاء والفرح الأبدى.

إن احتملت الآلام بشكر، أو خسرت بعض الماديات فلا تنزعج، لأن الله يعوضك عنها فى السماء.

العدد 26

ع26:

قدم إبراهيم سبباً آخر لعدم الاستجابة لطلبه، وهو أن هناك فاصل بين الجحيم والفردوس يمنع انتقال أحد إلى الآخر، وهذا معناه أن الحالة فى السماء ثابتة، إما فى العذاب أو فى النعيم ولا خلطة بين الأبرار والأشرار ولكنهم يرون بعضهم، فيتعزى الأبرار ويشكرون الله عندما ينظرون عذاب الأشرار، ويزداد عذاب الأشرار إذا نظروا إلى سعادة الأبرار التى حُرموا منها إلى الأبد.

الأعداد 27-28

ع27 - 28:

بعد يأس الغنى من تخفيف آلامه، طلب طلباً آخر من إبراهيم وهو أن يرسل لعازر إلى الأرض لينذر إخوة الغنى الخمسة حتى يتوبوا، لأنهم يسلكون مثل أخيهم ومنهمكين فى اللذات المادية، فلا يأتون إلى العذاب. وقد أراد الغنى من طلبه ألا يزداد عذابه برؤية إخوته معه فى الجحيم، خاصة أنه قد يكون سبباً فى إنهماكهم بالشهوات لأنه كان قدوة لهم.

والخمسة إخوة يرمزون إلى الخمسة حواس التى إن لم تتقدس فى المسيح، تنغمس فى الشهوات فتقود الإنسان إلى العذاب الأبدى.

العدد 29

ع29:

من الحوار السابق يظهر أن المنتقلين حتى الأشرار منهم الذين فى الجحيم، يرون الذين على الأرض، ويودون خلاصهم بالتوبة والحياة مع الله، وُلكن رد إبراهيم على الغنى أن عندهم أسفار العهد القديم، وهذا يظهر أهمية العهد القديم فى خلاص الإنسان وتوبته.

كذلك فهذا المثل يرد على بدعة تناسخ الأرواح، التى تنادى بأن الروح تتجسد فى عدة أجساد حتى تتنقى من خطاياها، فترتفع إلى الروح العليا. فبدلاً من أن يتعذب الغنى، كان يمكن أن يتجسد فى جسد حقير كما تقول هذه البدعة.

الأعداد 30-31

ع30 - 31:

قال الغنى لإبراهيم أن قيامة ميت من الأموات تنبه المتغافلين عن خلاص نفوسهم ليتوبوا، أما إبراهيم فاعترض على ذلك معلناً أن من لا يتوب بقراءة الكتاب المقدس، لا ينفعه قيامة ميت لأن كلمة الله، أى المسيح الذى فى الكتاب، هو أقوى من الكل لمن يريد أن يسمع. وقد قام لعازر أخو مريم ومرثا من الأموات عندما أقامه المسيح، ولم يتب اليهود بل حاولوا قتله، وكذلك المسيح قام من الأموات ولم يتوبوا أيضا بل اضطهدوا تلاميذه.

اهتم أن تقرأ الكتاب المقدس كل يوم وتطيعه كرسالة شخصية لك من الله.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

تفاسير إنجيل لوقا - الأَصْحَاحُ السادس عشر
تفاسير إنجيل لوقا - الأَصْحَاحُ السادس عشر