الأَصْحَاحُ السابع – إنجيل لوقا – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: انجيل لوقا – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ السابع

عبد قائد المئة  إبن أرملة نايين الحديث عن المعمدان  الخاطئة فى بيت الفريسى.

(1) شفاء عبد قائد المئة (ع1 - 10):

ذكرت أيضا فى (مت8: 5 - 13).

1 - ولما أكمل أقواله كلها فى مسامع الشعب، دخل كَفْرَنَاحُومَ. 2 - وكان عبد لقائد مئة مريضا مشرفا على الموت، وكان عزيزا عنده. 3 - فلما سمع عن يسوع، أرسل إليه شيوخ اليهود، يسأله أن يأتى ويشفى عبده. 4 - فلما جاءوا إلى يسوع، طلبوا إليه باجتهاد قائلين: "إنه مستحق أن يُفْعَلَ له هذا. 5 - لأنه يحب أمتنا، وهو بنى لنا المجمع." 6 - فذهب يسوع معهم. وإذ كان غير بعيد عن البيت، أرسل إليه قائد المئة أصدقاء يقول له: "يا سيد، لا تتعب، لأنى لست مستحقا أن تدخل تحت سقفى. 7 - لذلك لم أَحْسٍبْ نفسى أهلا أن آتى إليك. لكن، قل كلمة فيبرأ غلامى. 8 - لأنى أنا أيضا إنسان مُرَتَّبٌ تحت سلطان، لى جند تحت يدى، وأقول لهذا اذهب فيذهب، ولآخر ائْتِ فيأتى، ولعبدى افعل هذا فيفعل. 9 - ولما سمع يسوع هذا تعجب منه، والتفت إلى الجمع الذى يتبعه، وقال:" أقول لكم، لم أجد ولا فى إسرائيل إيمانا بمقدار هذا. "10 - ورجع المُرْسَلُونَ إلى البيت، فوجدوا العبد المريض قد صح.

العدد 1

ع1:

بعد أن أكمل المسيح تعاليمه فى السهل دخل مدينة كفرناحوم، وهى من أكبر البلاد فى الجليل شمال بلاد اليهود، ليظهر التطبيق العملى لوصاياه فى المحبة والتحنن على الآخرين.

العدد 2

ع2:

قائد المئة: رتبة فى الجيش الرومانى مسئولُ عن قيادة مائة جندى وكان له عبد أُصيب بمرض شديد كاد يودى بحياته، يذكر متى أنه فالج أى مشلول. وتميز القائد بمحبته لعبيده، وهنا يعالج القديس لوقا مشكلة العبودية التى كانت سائدة وقتذاك، ويظهر فيها التسلط والقسوة، أما هنا فيعلن لنا الوضع المثالى فى محبة السيد لعبيده، كما ينبغى أن تكون محبة رب البيت لخدمه، أو الرئيس لمرؤسيه، والتى تظهر فى إهتمام خاص لا يقل عن محبة الأب لأولاده.

قائد المئة الأممى يطلب من المسيح شفاء عبده، وسنرى ترحيب المسيح بذلك بل ومدحه للأمم لأنهم أولاده. وقد اهتم القديس لوقا بهذه القصة لأنه يكتب للأمم.

العدد 3

ع3:

شعر قائد المئة بعدم استحقاقه لمقابلة المسيح لأنه أممى، فأرسل شيوخ اليهود، أى قادتهم، ليشفعوا له أمام المسيح حتى يشفى عبده.

وهنا تظهر أهمية الشفاعة، والتى تحمل فى طياتها إتضاع المتشفع مما يفرح قلب الله، ويظهر أيضاً إيمان هذا القائد بقدرة المسيح على الشفاء. كما تظهر محبة هذا القائد لعبده بإرسال شيوخ اليهود للمسيح.

الأعداد 4-5

ع4 - 5:

تشفع شيوخ اليهود أمام المسيح، مترجين منه أن يأتى ليشفى العبد، مع أن قائد المئة لم يطلب منهم إتيان المسيح، بل فقط شفاء العبد. وأظهروا إستحقاق هذا القائد أن ينال بركة شفاء عبده من يد المسيح لامتلاء قلبه بالمحبة ليس فقط للوثنيين مثله بل لليهود أيضاً، فقد بنى لهم مجمعاً فى كفرناحوم لقراءة الكتب المقدسة والعظات الروحية والصلوات.

المحبة تعطيك نعمة فى أعين الكل وتفتح لك الأبواب المغلقة، فساعد من حولك قدر ما تستطيع.

الأعداد 6-7

ع6 - 7:

تحرك المسيح مع شيوخ اليهود متجهاً نحو بيت القائد، وعندما إقترب إليه وعلم بذلك القائد، أرسل أصدقاءه إلى المسيح ليوضحوا طلبه، فهو لم يقصد أن يأتى المسيح إليه لأنه غير مستحق لذلك، ولأنه يعلم أن ناموس اليهود يقضى بأن اليهودى إذا دخل إلى بيت أممى يتنجس إلى المساء، لذا فهو فقط يترجى أن يأمر المسيح فيُشفى العبد.

وهنا يتضح الفرق بين إيمان القائد وإيمان الشيوخ، فهو يثق أن كلمة المسيح كافية للشفاء، أما الشيوخ فآمنوا أن لمسة يد المسيح تشفى. ويذكر أنجيل متى أن قائد المئة قابل المسيح (ولكنه يقصد مقابلة أصدقاءه للمسيح)، فهم يمثلونه ويتكلمون كلامه.

العدد 8

ع8:

يشرح القائد إيمانه بأن كلمة المسيح كافية للشفاء، لأنه بحكم وظيفته يعلم أن أوامره كافية لتحريك الجنود التابعين له حتى يؤدوا الأعمال المطلوبة منهم. لذلك كان يؤمن أن المسيح قادر بسلطانه أن يأمر المرض فيذهب عن عبده، وهذا إيمان واضح بلاهوت المسيح.

العدد 9

ع9:

مجّد المسيح إيمان هذا القائد، وعظَّمه عن إيمان اليهود أنفسهم، الذى هو مرسل إليهم، وهذا التمجيد يعلن محبة المسيح واهتمامه بخلاص العالم كله. وأمر بشفاء العبد كما يفهم من الآية التالية.

العدد 10

ع10:

عاد أصدقاء القائد ومعهم شيوخ اليهود إلى البيت بعد انصراف المسيح، فوجدوا العبد الذى كاد يموت قد تعافى، ففرحوا بعمل الله.

(2) إقامة إبن أرملة نايين (ع11 –17):

11 - وفى اليوم التالى، ذهب إلى مدينة تدعى نايين، وذهب معه كثيرون من تلاميذه وجمع كثير. 12 - فلما اقترب إلى باب المدينة، إذا ميت محمول ابن وحيد لأمه، وهى أرملة، ومعها جمع كثير من المدينة. 13 - فلما رآها الرب، تحنن عليها وقال لها: "لا تبكى." 14 - ثم تقدم ولمس النعش، فوقف الحاملون. فقال: "أيها الشاب، لك أقول قم." 15 - فجلس الميت وابتدأ يتكلم، فدفعه إلى أمـه. 16 - فأخذ الجميع خوف، ومجدوا الله قائلين: "قد قام فينا نبى عظيم، وافتقد الله شعبه." 17 - وخرج هذا الخبر عنه فى كل اليهودية، وفى جميع الكورة المحيطة.

العدد 11

ع11:

بعد شفاء غلام قائد المئة، الذى يرمز إلى الإهتمام بخلاص الأمم ومحبة الغرباء، انتقل المسيح من كفرناحوم قاصداً قرية نايين التى تبعد عنها 25 ميلاً، وكان معه عدد كبير من تلاميذه والجموع المحبة لسماع تعاليمه. وقصد الله من اصطحاب هذا الجمع أن يريهم معجزة عظيمة لتثبيت إيمانهم، وهى إقامة ميت.

العدد 12

ع12:

اعتاد اليهود دفن موتاهم خارج المدن، لعدم الإصابة بالأمراض وعدم التنجس منهم. وقد مات إبن وحيد لأمه، وهى أرملة، فكان حزنها شديداً لأنها بعد فقد عائلها، وهو زوجها، مات أيضاً رجاؤها، وهو إبنها، وتعاطفت القلوب معها، فخرج عدد كبير من المدينة لتعزيتها ومساندتها. وهى ترمز للنفس التى فقدت عريسها، وهو الله، ثم فقدت حياتها ونفسها، التى هى إبنها الوحيد. فإهتمام المسيح بها هو إهتمام بالنفس الضعيفة التى بلا سند أو رجاء.

العدد 13

ع13:

أظهر المسيح حنانه لهذه المرأة بكلمات تطمئنها حتى لا تبكى، ولكنه لم يكتفِ بالكلام مثل البشر، ولكن صحبه بالعمل الإيجابى بإقامة الميت.

حاول أن تقرن كلامك الطيب بأعمال تساعد بها الآخرين فى إحتياجاتهم وضيقاتهم.

العدد 14

ع14:

من هيبة المسيح عندما لمس النعش، وقف الحاملون إذ فهموا أنه يريد شيئاً، ثم أمر بسلطان لاهوته الشاب الميت ليقوم. فهو القيامة والحياة، القادر أن يهب الخلاص والحياة لكل من سيطرت عليه الخطية وأفقدته القدرة على الحياة الروحية، ولأن المرأة ضعيفة جداً والشاب ميت غير قادر على طلب شئ من الله، بادر المسيح وعمل المعجزة دون أن يسأله أحد.

ثق أن الله يحبك ويسد احتياجاتك حتى لو لم تطلبه، فكم بالأحرى لو طلبته وألححت عليه.

العدد 15

ع15:

قام الميت وجلس، وأظهر أنه استرد حياته بأن تحدث مع الجمع، ولعله شكر المسيح ومجد الله. وذُهِلَ الكل ومنهم أمه مما حدث، فساعدها المسيح بأن قرب الشاب إلى أحضانها. فهو الله القادر وحده أن يعيد الحياة لكل نفس حزينة ويائسة مثل هذه المرأة.

العدد 16

ع16:

من قوة المعجزة، شعرت الجموع بمخافة الله، وتذكروا الأنبياء إيليا وإليشع اللذين أقاما موتى، فمجدوا الله إذ رأوا فى المسيح نبياً مثل الأنبياء الأولين، مع أن المسيح أمر الشاب بسلطان لاهوته فقام فى الحال، أما الأنبياء فطلبوا من الله وأقاموا الموتى.

العدد 17

ع17:

لعظمة المعجزة، انتشر خبرها فى كل البلاد اليهودية المحيطة.

(3) حديث المسيح عن يوحنا المعمدان (ع18 – 35):

ُذكر هذا الحديث فى (مت11: 2 - 19).

18 - فأخبر يوحنا تلاميذه بهذا كله. 19 - فدعا يوحنا اثنين من تلاميذه، وأرسل إلى يسوع قائلا: "أنت هو الآتى أم ننتظر آخر؟" 20 - فلما جاء إليه الرجلان قالا: "يوحنا المعمدان قد أرسلنا إليك قائلا: أنت هو الآتى أم ننتظر آخر؟" 21 - وفى تلك الساعة شَفَى كثيرين من أمراض وأدواء وأرواح شريرة، ووهب البصر لعميان كثيرين. 22 - فأجاب يسوع وقال لهما: "اذهبا وأخبرا يوحنا بما رأيتما وسمعتما، أن العمى يبصرون والعرج يمشون والبرص يطهرون والصم يسمعون والموتى يقومون والمساكين يُبَشَّرُونَ، 23 - وطوبى لمن لا يعثر فىَّ." 24 - فلما مضى رسولا يوحنا، ابتدأ يقول للجموع عن يوحنا: "ماذا خرجتم إلى البرية لتنظروا، أقصبة تحركها الريح؟ 25 - بل ماذا خرجتم لتنظروا، أإنسانا لابسا ثيابا ناعمة؟ هوذا الذين فى اللباس الفاخر والتنعّم هم فى قصور الملوك. 26 - بل ماذا خرجتم لتنظروا، أنبيا؟ نعم، أقول لكم وأفضل من نبى. 27 - هذا هو الذى كُتب عنه: ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكى الذى يهيئ طريقك قدامك. 28 - لأنى أقول لكم إنه بين المولودين من النساء، ليس نبى أعظم من يوحنا المعمدان، ولكن الأصغر فى ملكوت الله أعظم منه." 29 - وجميع الشعب إذ سمعوا، والعشارون، برروا الله معتمدين بمعمودية يوحنا. 30 - وأما الفريسيون والناموسيون، فرفضوا مشورة الله من جهة أنفسهم، غير معتمدين منه. 31 - ثم قال الرب: "فبمن أشبّه أناس هذا الجيل، وماذا يشبهون؟ 32 - يشبهون أولادا جالسين فى السوق ينادون بعضهم بعضا، ويقولون: زمرنا لكم فلم ترقصوا، نحنا لكم فلم تبكوا. 33 - لأنه جاء يوحنا المعمدان لا يأكل خبزا ولا يشرب خمرا، فتقولون به شيطان. 34 - جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب، فتقولون هوذا إنسان أكول وَشِرِّيبُ خمر محب للعشارين والخطاة، 35 - والحكمة تبررت من جميع بنيها.".

الأعداد 18-20

ع18 - 20:

تحدث يوحنا مع تلاميذه عن المسيح وأعماله وتعاليمه ليربطهم بمحبته، ثم سألهم هل يا ترى هل هو المسيح المنتظر، فلم يعرفوا الإجابة، فقال لهم لنرسل إثنين منكم يسألاه صراحة هل هو المسيا؟ فذهب إثنان إلى المسيح وسألاه كما أمرهما يوحنا. وقد كان يوحنا متأكداً أنه المسيح إذ أعلن له الروح القدس عند عماده، ولكنه كان يقصد أن يعلن ذلك لتلاميذه ليتبعوا المسيح. وهذا يظهر اتضاع المعمدان وإخلاءه لذاته.

هل تقبل أن يُكرم غيرك ولا تكرم أنت؟ وهل تسعى لتقديم الآخرين فى الكرامه عنك؟

الأعداد 21-22

ع21 - 22:

عندما وصل التليمذان إلى المسيح، رأياه يشفى كثيرين من المرضى (أدواء = أمراض أو عيوب) ويخرج الشياطين، وسمعا من الجموع أخبار معجزاته مثل إقامة إبن أرملة نايين. فلما سألا يسوع لم يجبها بنعم أولا، لكن قدم الدليل الواضح على أنه المسيا من خلال الأعمال المعجزية التى يعملها والتى تنبأ عنها الأنبياء أن المسيا سيصنعها، وهى شفاء المرضى وإقامة الموتى وتبشير المساكين بالخلاص الذى سيقدمه المسيا.

العدد 23

ع23:

نبه المسيح التلميذين وكل السامعين، حتى لا يشكوا فيه بسبب وجوده فى الجسد أو آلامه المقبلة وموته، فهو الله القادر على كل شئ بدليل معجزاته، وإن كان يحتمل بإتضاع وجوده فى الجسد وآلامه وموته فذلك لأجل خلاص البشرية.

الأعداد 24-26

ع24 - 26:

بعد انصراف تلميذى يوحنا، وتأكدهما أن هذا هو المسيا المنتظر من معجزاته الكثيرة، انتهز المسيح هذه الفرصة وبدأ يحدث الجموع عن يوحنا المعمدان، فسألهم عن شخصيته ومركزه، وتخيل مع الجموع عند خروجهم إلى البرية يجدون بعض أعواد القصب البرى تتمايل مع الرياح، وسأل هل يوحنا مجرد شخص عادى يحيا فى البرية مثل قصبة ضمن أعواد القصب البرى، فينفى عن يوحنا هذا التشبيه، أى قصبة تحركها الريح، فهو ليس إنساناً مهتزاً فى أفكاره ومبادئه بل قوياً وثابتاً.

ثم يتساءل المسيح عن يوحنا أيضاً عندما خرجت الجموع إلى البرية، هل يا ترى لتنظر إنساناً مرفهاً منشغلاً بتنعمات الحياة التى يشير إليها بالثياب الناعمة؟.. وينفى المسيح بشدة هذا لأن المتنعمين يعيشون فى قصور الملوك التى فى المدن وليس فى تقشف البرية، مظهراً بهذا زهد المعمدان.

ثم يتساءل للمرة الثالثة عن يوحنا الإنسان المتميز الذى يعيش فى زهد البرية، هل هو نبى لأجل تعاليمه القوية ونسكه؟.. ويرد المسيح قائلاً أنه أعظم من الأنبياء العاديين المعروفين عند اليهود.

لا تكن مجرد إنسان يعيش فى العالم يأكل ويشرب ويعمل الأعمال المادية العالمية وتحركه تيارات العالم. بل أنت نور للعالم وملح للأرض... صورة للمسيح فى كل كلامك وأعمالك.

العدد 27

ع27:

يشير المسيح إلى نبوة ملاخى (3: 1)، التى تحدثت عن يوحنا كملاك، أى رسول يعد الطريق لبشارة المسيح وفدائه.

العدد 28

ع28:

يعلن المسيح أن المعمدان ليس فقط نبياً عظيماً، بل أعظم رجال العهد القديم. ثم يضيف حقيقة جديدة وهو سمو نعمة العهد الجديد عن حياة الناموس فى العهد القديم، إذ ينال المسيحيون فى الكنيسة الأسرار المقدسة ويعمل الروح القدس أيضاً فى وسائط النعمة بشكل أكبر تمنى أبناء العهد القديم أن يروا ويعاينوا هذه الأمجاد، فأصغر مؤمن فى الكنيسة يملك الله على قلبه ويمتعه بنعمته أعظم مما ناله أبناء العهد القديم بما فيهم يوحنا المعمدان.

وهناك رأى آخر، أن المقصود بالأصغر هو المسيح، الذى هو أصغر من يوحنا بستة أشهر، فهو أعظم من يوحنا وكل البشر.

العدد 29

ع29:

ثم يتحدث المسيح عن شعبيه المعمدان، ويشير إليها بجميع الشعب أى عموم الناس، وحتى أكثر الخطاة مثل العشارين، أعلنوا توبتهم ممجدين الله البار القدوس واحتياجهم لمعمودية التوبة التى نالوها من يد يوحنا.

العدد 30

ع30:

للأسف، لم يشذ عن إجماع الشعب إلا قادة الفكر الدينى اليهودى، وهم الفريسيون والناموسيون المتمسكون بالشريعة حرفياً، فتكبروا وتباهوا بمعلوماتهم وتنفيذهم الحرفى للناموس فرفضوا التوبة ومعمودية يوحنا أى صوت الله ومشورته التى أرسلها إليهم على فم المعمدان.

الأعداد 31-32

ع31 - 32:

رفض الفريسيون التوبة ومعمودية يوحنا وكذلك تعاليم المسيح، فقدم يسوع لهم مثلاً توضيحياً ليبين لهم شناعة رفضهم والجهل الذى يسقطون فيه. فكأنما أولاداً يلعبون فى سوق البلدة قسموا أنفسهم فرقتين، إحداهما تغنى لعل الأخرى تفرح وترقص ولكنها لم تتأثر، ثم حاولت نفس الفرقة أن تنوح حتى تبكى الفرقة الأخرى فلم تتأثر أيضاً، أى رفضت التجاوب مع الفرح أو الحزن. والمقصود هنا بالأغانى، التعاليم الروحية المفرحة، أى بشارة العهد الجديد التى قدمها المسيح لترقص عليها القلوب فرحاً برقص روحى وليس جسدانى، أما النوح فهو تعاليم المعمدان الصارمة التى تدعو الناس للتوبة والبكاء على خطاياهم.

العدد 33

ع33:

رفض اليهود تعاليم يوحنا المعمدان واعتبروه شريراً به شيطان، من أجل نسكه الشديد مع أنه عاش حياة التقشف ليعلن بطلان العالم وأهمية التوبة والحياة مع الله.

العدد 34

ع34:

على العكس، عاش المسيح فى المدينة يأكل ويشرب مثل باقى المحيطين به، ويحيا بالبر فى حياة عادية كالبشر العاديين ليسهل لهم إمكانية الحياة الروحية، ويختلط بالكل حتى الخطاة والعشارين فرفض الفريسيون تعاليمه أيضاً بسبب عدم نسكه بل تطاولوا عليه، ووصفوه بأنه محب للطعام والشراب ويحب الإختلاط بالخطاة لأنه خاطئ.

العدد 35

ع35:

أماالحكمة الحقيقية، أى أقنوم الكلمة المتجسد، فلم يتمجد ويتبرر إلا من التائبين بمعمودية يوحنا والمؤمنين بالمسيح، فبنى الحكمة هم أولاد الله المؤمنين به.

لا تسرع إلى الإدانة، بل انتبه لصوت الله الذى تسمعه وتتعلمه من الآخرين مهما اختلفت شخصياتهم.

(4) المرأة الخاطئة فى بيت الفريسى (ع36 – 50):

36 - وسأله واحد من الفريسيين أن يأكل معه، فدخل بيت الفريسى واتكأ. 37 - وإذا امرأة فى المدينة كانت خاطئة، إذ علمت أنه متكئ فى بيت الفريسى، جاءت بقارورة طيب، 38 - ووقفت عند قدميه من ورائه باكية، وابتدأت تبل قدميه بالدموع، وكانت تمسحهما بشعر رأسها، وتقبل قدميه وتدهنهما بالطيب. 39 - فلما رأى الفريسى الذى دعاه ذلك، تكلم فى نفسه قائلا: "لو كان هذا نبيا، لعلم من هذه الامرأة التى تلمسه وما هى، إنها خاطئة." 40 - فأجاب يسوع وقال له: "يا سِمعان، عندى شىء أقوله لك." فقال: "قل يا معلم." 41 - "كان لمداين مديونان، على الواحد خمس مئة دينار، وعلى الآخر خمسون. 42 - وإذ لم يكن لهما ما يوفيان، سامحهما جميعا. فقل: أيهما يكون أكثر حبا له؟" 43 - فأجاب سِمعان وقال: "أظن الذى سامحه بالأكثر." فقال له: "بالصواب حكمت." 44 - ثم التفت إلى المرأة، وقال لسِمعان: "أتنظر هذه المرأة؟ إنى دخلت بيتك، وماء لأجل رجلىَّ لم تُعْطِ. وأما هى، فقد غسلت رجلىَّ بالدموع، ومسحتهما بشعر رأسها. 45 - قبلة لم تقبلنى. وأما هى، فمنذ دخلت، لم تكف عن تقبيل رجلىَّ. 46 - بزيت لم تدهن رأسى. وأما هى، فقد دهنت بالطيب رجلىَّ. 47 - من أجل ذلك أقول لك: قد غُفِرَتْ خطاياها الكثيرة، لأنها أحبت كثيرا؛ والذى يُغْفَرُ له قليل، يحب قليلا." 48 - ثم قال لها: "مغفورة لك خطاياك." 49 - فابتدأ المتكئون معه يقولون فى أنفسهم: "من هذا الذى يغفر خطايا أيضا؟ 50 - فقال للمرأة:" إيمانك قد خلصك، اِذهبى بسلام. ".

العدد 36

ع36:

لأهمية هذا الجزء تضعه الكنيسة فى صلاتها اليومية فى الخدمة الثانية من صلاة نصف الليل بالأجبية، لأجل المعانى الروحية العميقة التى يحتاجها كل من يسهر ويهتم بحياته الروحية.

لم تكن عداوة الفريسيين للمسيح قد زادت فى بداية خدمته، ففكر هذا الفريسى أن يتعرف على شخصيته لذا دعاهُ إلى وليمة فى بيته، ولم يرفض المسيح وإنتهزها كفرصة للخدمة والتبشير.

العدد 37

ع37:

كانت هذه المرأة مشهورة بخطيتها، التى غالباً كانت الزنا، فأتت دون دعوة إلى بيت الفريسي لتقدم محبتها للمسيح الذى سمعت عنه، وقد تكون رأته وسمعته قبلاً، وحملت معها زجاجة رائحة طيبة. وهذه طبعاً غير مريم أخت لعازر، التى سكبت الطيب على المسيح فى بيت عنيا بجوار أورشليم، لأن المكان هنا فى الجليل والمرأة هنا خاطئة واعترض الحاضرون على اقترابها من المسيح لخطيتها، أما مريم أخت لعازر فاعترض عليها الحاضرون لارتفاع قيمة الطيب وأحقية الفقراء به أكثر من المسيح. وهنا فى بيت سمعان الفريسى أما الأخرى فكانت فى بيت سمعان الأبرص (مت26: 6 - 13؛ مر14: 3 - 5؛ يو12: 3 - 8).

الأعداد 38-39

ع38:

أعتاد اليهود فى الولائم أن يجلس كل واحد على سرير أو أريكة (كنبه أو دكة) وهم يأكلون على المائدة، فتوضع هذه الأسره حول المائدة ويتكئ الإنسان بمرفق ذراعه الأيسر على المائدة ورأسه يستند على كفه الأيسر ويأكل بيده اليمنى، أما رجلاه فتمتد أمامه على السرير، وإذ يثنى ركبتيه تكون قدماه خلفه وليس فى اتجاه المائدة. فعندما دخلت هذه المرأة، اتجهت نحو المسيح ووقفت أمام القدمين، ثم ركعت وبدأت تبكى فى توبة عن خطاياها الكثيرة إذ شعرت بعدم استحقاقها للدنو من المسيح البار، ولكثرة دموعها بللت قدميه. فهى هنا ترمز للنفس التائبة، التى تريد أن تعرف طريق الحياة الجديدة من خلال خطوات أقدام المسيح، بل تريده أن يدخل ويسير داخل قلبها، وعندما يتسخ بأوساخ خطاياها تقدم دموع توبتها ليقبلها الله ويزيل عنها كل شرورها.

إن هذه الدموع تشير إلى ماء المعمودية، الذى يغسل كل دنس الإنسان، ودموع التوبة فى سر الإعتراف التى تنزع الخطية.

ولم تجد المرأة أغلى من تاج رأسها، أى شعرها، لتمسح به قدمى المسيح، معلنة تذللها وإتضاعها أمامه، فتاجها هو قدمى المسيح.

وتحركت أشواق حبها نحو المسيح، الذى تثق بمحبته وغفرانه وحنانه فأخذت تقبل قدميه.

وعبرت أيضاً عن حبها بسكب الطيب على قدميه ودهنهما به، إذ لم تشعر باستحقاقها أن تسكبه على رأسه كعادة اليهود فى استقبال ضيوفهم، بل باتضاع دهنت به قدميه.

إن قدمت توبتك باتضاع وإيمان وحب تنال غفران خطاياك، بل تكريم المسيح لك. حاسب نفسك كل يوم عن خطاياك لترجع بالتوبة المتضعة، وتتحرك مشاعر حبك نحو الله فتنال مراحمه.

إذ رأى الفريسى هذه المرأة الخاطئة تلمس المسيح، وغالباً كانت زانية كما ذكرنا، لأن خطيتها معروفة فى المدينة، ولم يجد إعتراضاً من المسيح مع أن هذا مخالف للشريعة والعرف السائد بابتعاد الأبرار عن الأشرار، قال فى نفسه أن المسيح شخص عادى، لأنه لو كان نبياً لعلم أنها خاطئة ورفض أن تلمسه، متناسياً أمراً أهم وهو أن المسيا المنتظر سيأتى ليخلص الخطاة وليس ليبعدهم عنه، وأن الخطاة إذا تابوا ولمسوه يطهرون من نجاستهم.

لا تتسرع فى الحكم على الآخرين، وارفع قلبك فى صلاة قصيرة ليرشدك الله فترى جميع جوانب الموضوع وتنكشف لك الحقيقة.

العدد 40

ع40:

علم المسيح ما فى فكر سمعان، وهذا يثبت لاهوته، ولكنه لم يحرجه بإعلان ما فى فكره، بل بلطف استأذنه أن يقول له شيئاً أى يوضح له خطأه، ولكن من خلال مثل عملى يقرب الفكرة الروحية إلى ذهنه.

إن أساء إليك الآخرون لا تغضب، ولكن بلطف تستطيع أن تقنعهم وتكسبهم.

العدد 41

ع41:

الدائن هو الله، والمديونان أحدهما مديونيته عشرة أضعاف الآخر، ويقصد بصاحب الدين الكبير المرأة الخاطئة لكثرة خطاياها المعروفة فى المدينة، وصاحب الدين الصغير هو سمعان الفريسى لأنه تمسك بالشريعة ولكنه سقط فى الكبرياء والإدانة والتقصير فى واجبات الضيافة.

العدد 42

ع42:

إذ وجد صاحب المال عجز المديونين عن سداد ديونهما، سامحهما بمحبة، فكل البشر عاجزون عن إيفاء ديونهم نحو الله لسقوط الكل فى الخطية. ثم سأل المسيح سمعان: يا ترى مَن من المديونين يحب ويشعر بمحبة صاحب المال أكثر من غيره؟

العدد 43

ع43:

أجاب سمعان إجابة، وهى أن صاحب الدين الأكبر سيشعر بتسامح ومحبة صاحب المال أكثر من الآخر، فيحبه لأجل جميله العظيم معه. فمدح المسيح إجابته.

العدد 44

ع44:

بعد المثل التمهيدى، عقد المسيح مقارنة بين محبة الفريسى ومحبة المرأة الخاطئة للمسيح، ليظهر عظمتها وتميزها. فقال لسمعان إن من واجبات الضيافة غسل أقدام الضيف لأن المشى بنعال مفتوحة، أى صنادل، فى أرض ترابية لابد أن يجعل الأقدام متسخة، فأول شئ يحتاجه الضيف هو غسل قدميه. ولكن سمعان لم يفعل ذلك، أما المرأة فقد غسلت قدمى المسيح، ليس بماء بل بما هو أعظم وهو دموع توبتها، ومسحتهما ليس بمنشفة عادية بل بتاج رأسها، وهو شعرها، فقد أكملت نقص الفريسى وتقصيره فى واجبات الضيافة بمحبتها المتميزة.

العدد 45

ع45:

من واجبات الضيافة إظهار المحبة بتقبيل الضيف فى رأسه أو خده، وهذا أيضاً قصّر فيه سمعان، فأكملته هذه المرأة بإتضاع شديد بتقبيلها لقدمى المسيح، ليس فقط قبلة واحدة بل قبلات كثيرة تعلن عن محبتها وأشواقها.

العدد 46

ع46:

من واجبات الضيافة أيضاً دهن رأس الضيف بزيت، أى طيب ذى رائحة عطرة، فينعشه، وهذا أيضاًلم يفعله سمعان وفعلته هذه المرأه، إذ سكبت الطيب على قدمى المسيح باتضاع. فأغلى ما عندها تقدمه عند قدميه، لأنها تشعر بعدم استحقاقها أن تضعه على رأسه كما هو معتاد.

العدد 47

ع47:

من أجل هذه المحبة المتميزة للمرأة الخاطئة، منحها الله غفراناً كبيراً يزيل عنها خطاياها الكثيرة. أما من كانت محبته قليلة مثل سمعان، الذى اقتصر على عمل وليمة للمسيح وكبرياؤه عطلة عن الإيمان به، فلن يُغفر له إلا قليلاً من خطاياه.

الله يقدر محبتك حتى لو كانت قليلة مثل سمعان، ومستعد أن يبارك حياتك وبيتك بدخوله إليهما. ولكن إن كانت لك محبة كبيرة مثل المرأة الخاطئة، فمهما كانت خطاياك تغفر كلها. فسمعان لم يتبرر من خطاياه، بل مجرد نال بركة من المسيح، أما المرأة فنالت غفراناً كاملاً وتمجيداً من المسيح.

العدد 48

ع48:

أعلن المسيح، بسلطان لاهوته، غفران كل خطايا هذه المرأة، لتشتهر فيما بعد فى المدينة وكل العالم ليس بخطاياها بل بمحبتها العظيمة التى نالت بها غفراناً كاملاً.

العدد 49

ع49:

اعترض المتكئون، وهم من الفريسيين أصدقاء سمعان، بكبرياء على غفران المسيح للمـرأة، محتقرين كلامه، لأن الذى له سلطان الغفران هو الله وحده أما يسوع ففى نظرهم مجرد إنسان عادى ولا حتى نبى. فكبرياؤهم منعهم من فهم مثل المديونين وما أظهره المسيح من محبة هذه المرأة له.

إحترس من الكبرياء، فإنه يعمى القلب، فيعجز الإنسان عن فهم كلام الله وإرشاداته المرسلة على فم المحيطين.

العدد 50

ع50:

إذ لم يفهم الفريسيون، بارك المسيح المرأة، معلنا عظمة إيمانها الذى عجز عنه الفريسيون، والذى ظهر عملياً فى دموع توبتها واتضاعها عند قدميه، ومحبتها فى الطيب المسكوب، فنالت غفراناً وخلاصاً، واستحقت أن يمتلئ قلبها سلاماً تمضى وتكمل به حياتها.

الإيمان العملى المرتبط بالتوبة والإتضاع والحب هو الذى يخلصك، وليس مجرد الإيمان النظرى الذى يشاركك فيه الشياطين.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

تفاسير إنجيل لوقا - الأَصْحَاحُ السابع
تفاسير إنجيل لوقا - الأَصْحَاحُ السابع