الأصحاح الخامس والأربعون – سفر إرميا – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر إرميا – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الخامس والأربعون

الأعداد 1-5

الأيات (1 - 5): -

"1اَلْكَلِمَةُ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا إِرْمِيَا النَّبِيُّ إِلَى بَارُوخَ بْنِ نِيرِيَّا عِنْدَ كَتَابَتِهِ هذَا الْكَلاَمَ فِي سِفْرٍ عَنْ فَمِ إِرْمِيَا، فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ لِيَهُويَاقِيمَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا قَائِلاً: 2«هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ لَكَ يَا بَارُوخُ: 3قَدْ قُلْتَ: وَيْلٌ لِي لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ زَادَ حُزْنًا عَلَى أَلَمِي. قَدْ غُشِيَ عَلَيَّ في تَنَهُّدِي، وَلَمْ أَجِدْ رَاحَةً. 4«هكَذَا تَقُولُ لَهُ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَهْدِمُ مَا بَنَيْتُهُ، وَأَقْتَلِعُ مَا غَرَسْتُهُ، وَكُلَّ هذِهِ الأَرْضِ. 5 وَأَنْتَ فَهَلْ تَطْلُبُ لِنَفْسِكَ أُمُورًا عَظِيمَةً؟ لاَ تَطْلُبُ! لأَنِّي هأَنَذَا جَالِبٌ شَرًّا عَلَى كُلِّ ذِي جَسَدٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأُعْطِيكَ نَفْسَكَ غَنِيمَةً فِي كُلِّ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَسِيرُ إِلَيْهَا».".

سبق أن عرفنا أن الملك أنذر باروخ بسبب قراءاته لنبوات إرمياء (إصحاح 36) والله خبأه هو وإرمياء. وهذا الإصحاح ملحق بإصحاح (36). وهو إصحاح صغير جداً لكنه إصحاح أساسى للخدام فى كل مكان وزمان. ففكر باروخ قد يتلخص فى أنه قد قام بواجبه كما طلب منه الله وبأمانة، فلماذا هو الآن فى هذا الموقف الصعب هارباً ومختفياً. وربما تصور وهو يقرأ الكتاب أنهُ سينال شهرة عظيمة. ولكن حين حدث العكس صرخ فى حزن ويل لى لأن أعدائى رجال الملك قد يقتلوننى. فالرب وضع أحزاناً على أحزانى. وها هم يعاملوننى كمجرم خارج عن القانون. وهكذا خدام الله فى بداياتهم وهم مازالوا بلا خبرة حينما يحدث لهم أى فشل يحسون بالتعب واليأس فهم كانوا ينتظرون مجداً وكرامة. ولكن ليعلم خدام الله أنه حتى الأنبياء والقديسين يعانون من هذه الألام النفسية حين يفشلون، لكن الله يعطى العزاء للأمناء فى خدمتهم. ولو كان باروخ متقدماً أكثر من ذلك لفرح لمجرد أن الله حسبه مستأهلاً لهذه الخدمة. وكان إرمياء متحيراً حين رآه بهذه الحالة ولم يدرى السبب، ولم يدرى ماذا يقول لهُ ولا ما هى شكواه لكن الله العارف بكل شىء أخبر إرمياء. وذلك لأن الله يشخص المرض من جذوره ويعالج. ولنلاحظ أن مخاوف العالم لا يمكن أن تُدمر سلامنا لو كنا لا نطلب الكثير من هذا العالم. ومن ينتظر الكثير من خيرات هذا العالم لا يحتمل المشقات حين تأتى. وهنا يُظهر الله لباروخ خطأ إنتظار شىء عظيم من هذا العالم، الآن مركب هذا العالم تغرق، ومركب الدولة اليهودية تغرق وهى قادمة على الغرق. وحتى ما زرعه الله أى الدولة وكرسى داود والهيكل، كل شىء مقبل على الدمار، فهل تطلب لنفسك يا باروخ مجداً فى هذه الأيام!! لا، هذا لا معنى لهُ. وهذا ينطبق علينا، "فليس لنا هنا مدينة باقية" بل العالم كله مقبل على الدمار. فلا يجب أن ننتظر منه شىء أو نطلب منهُ ثروة أو مجد. ولكن الله طمأن باروخ أنه سيكون فى أمان بالرغم من هلاك الأغلبية والأهم أن الله يطمئن كل نفس أمينة على خلاصها الأبدى.

ملحوظة 1: - الله يهتم بباروخ وبسلامة حالته الداخلية فهو حين يكون قوياً يصبح فى حالة صحيحة ويستطيع أن ينقل كلمة الله للآخرين. لذلك على كل خادم أن يهتم بحياته الروحية لأن الله يهتم بذلك. وأن يهتم بأن يكون فى سلام ولهُ رجاء يستطيع أن ينقله للآخرين.

ملحوظة 2: - مشكلة باروخ أنه أحس أن رفض الملك هو إهانة شخصية لهُ وليس للرب وإنه شىء جميل أن نغضب على الخطية ولكن لا نغضب لأجل ذواتنا. هذا ما يصيب كثير من الخدام حين لا يقابلون بالإكرام مقابل خدمتهم ويلتبس هذا مع الحزن على رفض كلمة الله.

ملحوظة 3: - إن باروخ يشتكى أنه زاد حزناً وألماً ومعنى الكلام: -.

لماذا تحزن يا باروخ على الحزن الذى أصابك، فحزنك هو حزن شخصى على كرامتك، ولا تهتم بحزن الله على كرامته التى أهانوها، بل حزن الله على هلاكهم إذ تركوه. أو لا تحزن أيضا يا باروخ علي هلاك شعبك روحيا، وما سوف يصيبهم بل وخراب الهيكل.

ملحوظة 4: - علينا ألاّ ننتظر أموراً عظيمة هنا على الأرض، بل ننتظرها هناك فى السماء.

وبهذا الإصحاح إنتهت خدمة إرمياء لأهل يهوذا المتمردين. ويبدأ بعد هذا فى نبواته ضد الأمم والدينونة الوشيكة القادمة على الأمم الوثنية فالله عيَّنَه نبياً للأمم.

وهذا الإصحاح مع أن موقعه من المفروض أن يأتى بعد الإصحاح 36 إلا أنه تم وضعه هنا بسببين: -.

  1. فى الإصحاح (44) نجد تهديدات مرعبة ضد اليهود فى مصر، ولكن المعنى أن هذا لا ينطبق على باروخ، فباروخ سينجو منها. فأحزان باروخ إذن لا مبرر لها فالله قد أنقذه.
  2. إبتداء من إصحاح (46) نرى هلاك ودمار فى كل الأمم المحيطة، فهل يا باروخ تطلب لنفسك أموراً عظيمة وسط كل هذا الدمار.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح السادس والأربعون - سفر إرميا - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الرابع والأربعون - سفر إرميا - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر إرميا الأصحاح 45
تفاسير سفر إرميا الأصحاح 45