الإصحاح الرابع – سفر إرميا – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر إرميا – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الرابع

الأعداد 1-2

الأيات (1 - 2): -

"1«إِنْ رَجَعْتَ يَا إِسْرَائِيلُ، يَقُولُ الرَّبُّ، إِنْ رَجَعْتَ إِلَيَّ وَإِنْ نَزَعْتَ مَكْرُهَاتِكَ مِنْ أَمَامِي، فَلاَ تَتِيهُ. 2 وَإِنْ حَلَفْتَ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَالْبِرِّ، فَتَتَبَرَّكُ الشُّعُوبُ بِهِ، وَبِهِ يَفْتَخِرُونَ.".

هى بقية الإصحاح الثالث فهى موجهة لإسرائيل لتشجيعهم أن يتخذوا قرارهم بالرجوع إلى الله. وسبق فى الإصحاح السابق أن الله دعاهم وهم إستجابوا. والله هنا يوجههم أن يستمروا فى قرارهم ويستمروا فى توبتهم وعبادتهم وأن يحلفوا بإسم الله. والحلف بإسم الله كان إعلاناً منهم فى العهد القديم انهم ينتمون لله لا للأوثان. ولكن شروط أن يحلفوا بالله أن يكون الحلف بالحق = وليس بالكذب، والعدل = أى لا تكون شهادة زور أمام القضاء، وبالبر = أى بالأمانة لله والإنسان. وحين يحدث هذا يرجع الإسرائيليين المشتتين من السبى ويباركهم الله، بل يكونون بركة للشعوب حولهم ويكون الله مجدهم. فيما سبق رأينا المسيح يؤسس كنيسته، وهنا نسمع كيف تكون الكنيسة نورا للعالم، لو سلك شعبها بالحق والبر.

الأعداد 3-4

الأيات (3 - 4): -

"3« لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ لِرِجَالِ يَهُوذَا وَلأُورُشَلِيمَ: احْرُثُوا لأَنْفُسِكُمْ حَرْثًا وَلاَ تَزْرَعُوا فِي الأَشْوَاكِ. 4اِخْتَتِنُوا لِلرَّبِّ وَانْزِعُوا غُرَلَ قُلُوبِكُمْ يَا رِجَالَ يَهُوذَا وَسُكَّانَ أُورُشَلِيمَ، لِئَلاَّ يَخْرُجَ كَنَارٍ غَيْظِي، فَيُحْرِقَ وَلَيْسَ مَنْ يُطْفِئُ، بِسَبَبِ شَرِّ أَعْمَالِكُمْ.".

بدأ هنا يكلم يهوذا الذين لم يعاقبوا بعد ليحذرهم ليتوبوا وإلا فالكارثة وشيكة الوقوع. ويجب عليهم أن يصنعوا بقلوبهم ما يصنعوه بأرضهم أى أن يحرثوها = أى ينقوها من الشوك وإلا إختنق الزرع. والقلب غير التائب يشبه الأرض غير المحروثة ومملوءة شوكاً الذى هو النتاج الطبيعى للقلب الفاسد، فإذا لم يجدد بالنعمة تضيع فيه فائدة الشمس (نور الله) والمطر (عمل الروح القدس) ونزع الأشواك هو التوبة عن الخطايا التى تعشش فى القلب. وعليهم أن يصنعوا بأرواحهم ما يصنعوه بأجسادهم بأن يميتوا شهواتهم فختان الجسد هو مجرد رمز لختان الروح. وختان القلب أى تطهيره وقطع اللذات التى يتلذذ بها كمن يموت عنها وهذا هو نفس ما طلبه بولس الرسول (رو29، 28: 2). والختان الجسدى كان علامة لشعب الله وختان الروح هو علامة التكريس لله.

الأعداد 5-18

الأيات (5 - 18): -

"5أَخْبِرُوا فِي يَهُوذَا، وَسَمِّعُوا فِي أُورُشَلِيمَ، وَقُولُوا: اضْرِبُوا بِالْبُوقِ فِي الأَرْضِ. نَادُوا بِصَوْتٍ عَال وَقُولُوا: اجْتَمِعُوا، فَلْنَدْخُلِ الْمُدُنَ الْحَصِينَةَ. 6اِرْفَعُوا الرَّآية نَحْوَ صِهْيَوْنَ. اِحْتَمُوا. لاَ تَقِفُوا. لأَنِّي آتِي بِشَرّ مِنَ الشِّمَالِ، وَكَسْرٍ عَظِيمٍ. 7قَدْ صَعِدَ الأَسَدُ مِنْ غَابَتِهِ، وَزَحَفَ مُهْلِكُ الأُمَمِ. خَرَجَ مِنْ مَكَانِهِ لِيَجْعَلَ أَرْضَكِ خَرَابًا. تُخْرَبُ مُدُنُكِ فَلاَ سَاكِنَ. 8مِنْ أَجْلِ ذلِكَ تَنَطَّقُوا بِمُسُوحٍ. الْطُمُوا وَوَلْوِلُوا لأَنَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ حُمُوُّ غَضَبِ الرَّبِّ عَنَّا. 9 وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَنَّ قَلْبَ الْمَلِكِ يُعْدَمُ، وَقُلُوبَ الرُّؤَسَاءِ. وَتَتَحَيَّرُ الْكَهَنَةُ وَتَتَعَجَّبُ الأَنْبِيَاءُ».

10فَقُلْتُ: «آهِ، يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، حَقًّا إِنَّكَ خِدَاعًا خَادَعْتَ هذَا الشَّعْبَ وَأُورُشَلِيمَ، قَائِلاً: يَكُونُ لَكُمْ سَلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَ السَّيْفُ النَّفْسَ». 11فِي ذلِكَ الزَّمَانِ يُقَالُ لِهذَا الشَّعْبِ وَلأُورُشَلِيمَ: «رِيحٌ لاَفِحَةٌ مِنَ الْهَضَابِ فِي الْبَرِّيَّةِ نَحْوَ بِنْتِ شَعْبِي، لاَ لِلتَّذْرِيَةِ وَلاَ لِلتَّنْقِيَةِ. 12رِيحٌ أَشَدُّ تَأْتِي لِي مِنْ هذِهِ. الآنَ أَنَا أَيْضًا أُحَاكِمُهُمْ».

13هُوَذَا كَسَحَابٍ يَصْعَدُ، وَكَزَوْبَعَةٍ مَرْكَبَاتُهُ. أَسْرَعُ مِنَ النُّسُورِ خَيْلُهُ. وَيْلٌ لَنَا لأَنَّنَا قَدْ أُخْرِبْنَا. 14اِغْسِلِي مِنَ الشَّرِّ قَلْبَكِ يَا أُورُشَلِيمُ لِكَيْ تُخَلَّصِي. إِلَى مَتَى تَبِيتُ فِي وَسَطِكِ أَفْكَارُكِ الْبَاطِلَةُ؟ 15لأَنَّ صَوْتًا يُخْبِرُ مِنْ دَانَ، وَيُسْمَعُ بِبَلِيَّةٍ مِنْ جَبَلِ أَفْرَايِمَ: 16«اُذْكُرُوا لِلأُمَمِ. انْظُرُوا. أَسْمِعُوا عَلَى أُورُشَلِيمَ. الْمُحَاصِرُونَ آتُونَ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ، فَيُطْلِقُونَ عَلَى مُدُنِ يَهُوذَا صَوْتَهُمْ. 17كَحَارِسِي حَقْل صَارُوا عَلَيْهَا حَوَالَيْهَا، لأَنَّهَا تَمَرَّدَتْ عَلَيَّ، يَقُولُ الرَّبُّ. 18طَرِيقُكِ وَأَعْمَالُكِ صَنَعَتْ هذِهِ لَكِ. هذَا شَرُّكِ. فَإِنَّهُ مُرٌّ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَ قَلْبَكِ». ".

هذه صورة واضحة بالهجوم الآتى بواسطة الجيش الكلدانى (جيش بابل) وتعتبر كإنذار من الله قبل أن يضرب لعلهم يتوبون. وفى آية (5) يكتشفون وصول العدو من مخابراتهم فينادون كل من هو خارج الأسوار للدخول داخل الأسوار. وفى الآية (6) البوق ليسمع كل واحد ويهرب داخل الأسوار والرآية لكى يراها كل واحد ويسرع ليحتمى. وفى آية (7) يسمى ملك بابل بالأسد الجائع الذى ينزل على فريسته ويسميه مهلك الأمم فهو سيدمر. وسمى يهوذا أمم لوثنيتهم. وفى آية (8) يتنطقون بالمسوح فالغم شديد والحصار أدى إلى مجاعة وهلك الكثيرين وكل هذا الألم لغضب الله عليهم. وفى آية (9) سيكون الخراب مذهِلاً ويتعجب الجميع الذين صدقوا كلمات الأنبياء الكذبة بأنه سيكون سلام لأورشليم بالرغم من خطاياها، والكل كانوا قد عشموا أنفسهم بذلك. وفى آية (10) الله لم يخدع أحداً وقد سبق موسى فأنذرهم فى (لا26، تث28) أنهم لو إستمعوا لكلام الله سيكون لهم خير والعكس. وأرسل الله لهم الأنبياء الحقيقيين مثل إرمياء. فكان أمامهم إنذارات الناموس وإنذارات الأنبياء الحقيقيين ثم صوت ضمائرهم فى مقابل وعود الأنبياء الكذبة. وإختاروا صوت الأنبياء الكذبة فهم لا يدعونهم ولا يطلبون منهم توبة. إذاً هم خدعوا أنفسهم وخدعهم أنبياؤهم الكذبة. والله سمح للأنبياء الكذبة أن يخدعوهم لعقابهم لأنهم لم يتقبلوا الحق المعلن. ولكن شكوى النبى هنا من هذا أن سماح الله للشعب بأن ينخدع هو الذى جعله يتقسى. ولكن الحقيقة أنهم هم الذين كرهوا أن يستمعوا للحقيقة وكانت خطيتهم هى عقابهم. وفى (11 - 13) يشبه العدو بالسحاب لا يستطيع أحد أن يطوله ولا احد أن يمنعه، وبريح لافحة حارة ساخنة فالتجربة شديدة وهى ليست ريح عادية بل زوبعة مدمرة. ويأتى بسرعة أسرع من النسور. ولو كانت الريح ريح عادية كانت تنقى الجو وتذرى أى تحمل كل ما هو عالق، لكن هذه الريح هى من أحكام الرب ضدهم = الأن أنا أيضاً أحاكمهم. وفى (14) دعوة بالتوبة لعلهم يتوبون فتمتنع هذه الأحكام ضدهم. وفى (15) دان هى أقصى مدن الشمال، وهذه تبلغها أولاً أخبار الغزو ومنها لكل جبل أفرايم جنوب دان، وجبل إفرايم ملاصق ليهوذا وفى (16) ينتقل الخبر لأورشليم وهنا يسميهم ثانية الأمم لوثنيتهم وهنا إنذار بالحصار المقبل الذى فيه سيحيط العدو بها حتى تستسلم (لو43: 19) وسابقاً كان الملائكة يحيطون بها حتى يحفظونها والآن فقد رفع الله حمايته فحاصرها الأعداء حتى لا يهرب منها أحد ولا يدخلها من ينقذهم. وفى (17) يكون الحصار حول يهوذا محكماً كما لو كانوا حراس حقل يحيطونه من كل جهة. وفى (18) سبب كل هذا خطيتهم. ولاحظ فى آية (9) أن الأنبياء الكذبة هم أول من سيرتعبون من السيف (10) الذى طالما قالوا أنه لن يأتى هكذا كل من يتصور أن الموت بعيد لن يناله أو أن يوم الله لن يأتى يخدع نفسه ويستمر فى شره (2بط4، 3: 3) ويكون هذا اليوم رعباً لهُ ولكن هناك من ينتظر هذا اليوم بفرح قائلاً "آمين تعال أيها الرب يسوع".

فى الآيات (1، 2) رأينا الكنيسة تكون نورا للعالم إن سلكت بالحق والبر، وفى (3، 4) نداء بحياة التوبة لتستمر الكنيسة نورا. وفى هذه الآيات نسمع تهديدا لمن يرفض، فإبليس عدونا يجول كأسد زائر يلتمس من يبتلعه، ورمزه بابل هنا، فمن لا يقبل التوبة يلتهمه الشيطان. والله يعطى هذا الإنذار كإنذار مبكر.

الأعداد 19-22

الأيات (19 - 22): -

"19أَحْشَائِي، أَحْشَائِي! تُوجِعُنِي جُدْرَانُ قَلْبِي. يَئِنُّ فِيَّ قَلْبِي. لاَ أَسْتَطِيعُ السُّكُوتَ. لأَنَّكِ سَمِعْتِ يَا نَفْسِي صَوْتَ الْبُوقِ وَهُتَافَ الْحَرْبِ. 20بِكَسْرٍ عَلَى كَسْرٍ نُودِيَ، لأَنَّهُ قَدْ خَرِبَتْ كُلُّ الأَرْضِ. بَغْتَةً خَرِبَتْ خِيَامِي، وَشُقَقِي فِي لَحْظَةٍ. 21حَتَّى مَتَى أَرَى الرَّآية وَأَسْمَعُ صَوْتَ الْبُوقِ؟ 22«لأَنَّ شَعْبِي أَحْمَقُ. إِيَّايَ لَمْ يَعْرِفُوا. هُمْ بَنُونَ جَاهِلُونَ وَهُمْ غَيْرُ فَاهِمِينَ. هُمْ حُكَمَاءُ فِي عَمَلِ الشَّرِّ، وَلِعَمَلِ الصَّالِحِ مَا يَفْهَمُونَ».".

بعد أن رأى إرمياء الخراب الآتى تألم وأنَّ فى قلبه لمحبته لشعبه ولكن لم يستطع السكوت عن إنذارهم لأن الرؤيا كانت واضحة حتى أنه سمع صوت البوق ورأى راية العدو. وفى (20) أول ما خَرِبَ كانت الخيام، أى خيام الرعاة خارج الأسوار، وقد يكون المعنى أن لا شىء مستقر فى هذا العالم فحتى القصور والبيوت بل وحياة الإنسان فهى تسمى خيام، والكتاب يطلق على الجسد الخيمة (2كو1: 5) والشقق أى الستائر فكل شىء هلك، الحياة وكل زينتها. وفى (21) تدل على أن الراية، راية العدو إستمرت فترة طويلة فالسبى إمتد على أربعة مراحل إنتهت بخراب شامل لأورشليم (الفترة تقرب من 20 سنة) وفى (22) هنا الله يظهر سبب كل هذا المآسى وهو حمق الشعب ولكن من المعزى أنهم ما زالوا شعبه. وحمقهم معناه أنهم لم يعرفوا الله.

غير أن هذه الآيات تشير لما حدث للإنسان نتيجة سقوطه وعبوديته للشيطان.

الأعداد 23-26

الأيات (23 - 26): -

"23نَظَرْتُ إِلَى الأَرْضِ وَإِذَا هِيَ خَرِبَةٌ وَخَالِيَةٌ، وَإِلَى السَّمَاوَاتِ فَلاَ نُورَ لَهَا. 24نَظَرْتُ إِلَى الْجِبَالِ وَإِذَا هِيَ تَرْتَجِفُ، وَكُلُّ الآكَامِ تَقَلْقَلَتْ. 25نَظَرْتُ وَإِذَا لاَ إِنْسَانَ، وَكُلُّ طُيُورِ السَّمَاءِ هَرَبَتْ. 26نَظَرْتُ وَإِذَا الْبُسْتَانُ بَرِّيَّةٌ، وَكُلُّ مُدُنِهَا نُقِضَتْ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ، مِنْ وَجْهِ حُمُوِّ غَضَبِهِ.".

كلمة خربة وخالية فى (23) هى نفسها المستخدمة فى سفر التكوين فقد نُزِع من الأرض كل غناها وجمالها وزينتها والسموات تظلم ربما من غبار جيش الأعداء وربما من اليأس من الخلاص، وربما لأن من هم فى مركز وينيرون للشعب (الرؤساء والكهنة) هم أنفسهم عميان قادة عميان. وفى (24) الجبال التى طالما عبدوا الأوثان عليها أو الجبال هم الرجال العظماء والرؤساء، هؤلاء إرتعبوا من جيش بابل. وفى (25) تصوير للخراب الشامل فالأرض بلا سكان ولا حتى طيور والأرض التى كانت كالبستان صارت برية = خراباً. وهذه الآيات صيغت بأسلوب يناسب نهاية هذا العالم حين تخرب الأرض نهائياً. فما الذى نتمسك به من نفاية هذا العالم؟

مرة أخرى فهذه صورة مؤلمة لما حدث للإنسان من خسائر نتيجة الخطية.

الأعداد 27-31

الأيات (27 - 31): -

"27لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: « خَرَابًا تَكُونُ كُلُّ الأَرْضِ، وَلكِنَّنِي لاَ أُفْنِيهَا. 28مِنْ أَجْلِ ذلِكَ تَنُوحُ الأَرْضُ وَتُظْلِمُ السَّمَاوَاتُ مِنْ فَوْقُ، مِنْ أَجْلِ أَنِّي قَدْ تَكَلَّمْتُ. قَصَدْتُ وَلاَ أَنْدَمُ وَلاَ أَرْجِعُ عَنْهُ». 29مِنْ صَوْتِ الْفَارِسِ وَرَامِي الْقَوْسِ كُلُّ الْمَدِينَةِ هَارِبَةٌ. دَخَلُوا الْغَابَاتِ وَصَعِدُوا عَلَى الصُّخُورِ. كُلُّ الْمُدُنِ مَتْرُوكَةٌ، وَلاَ إِنْسَانَ سَاكِنٌ فِيهَا. 30 وَأَنْتِ أَيَّتُهَا الْخَرِبَةُ، مَاذَا تَعْمَلِينَ؟ إِذَا لَبِسْتِ قِرْمِزًا، إِذَا تَزَيَّنْتِ بِزِينَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، إِذَا كَحَّلْتِ بِالأُثْمُدِ عَيْنَيْكِ، فَبَاطِلاً تُحَسِّنِينَ ذَاتَكِ، فَقَدْ رَذَلَكِ الْعَاشِقُونَ. يَطْلُبُونَ نَفْسَكِ. 31لأَنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا كَمَاخِضَةٍ، ضِيقًا مِثْلَ ضِيقِ بِكْرِيَّةٍ. صَوْتَ ابْنَةِ صِهْيَوْنَ تَزْفِرُ. تَبْسُطُ يَدَيْهَا قَائِلَةً: « وَيْلٌ لِي، لأَنَّ نَفْسِي قَدْ أُغْمِيَ عَلَيْهَا بِسَبَبِ الْقَاتِلِينَ».".

فى (27) وعد من الله بأن يبقى بقية بعد هذا الخراب ويعود ليبنى أورشليم من جديد. وفى (28) الله لن يساعدهم فى هذه الضيقة وإذا إمتنع الله عن مد يده لهم فمن يستطيع ذلك. لذلك تنوح الأرض عليهم. وآية (29) تُصوِّر هجوم الأعداء وهربهم أمامهم. وفى (30) حينما تخلى الله عنها بدلاً من أن تقدم توبة قلبية صادقة. حاولت كزانية أن تتجمل فى عيون جيرانها مثل مصر لتقيم معها معاهدات تحالف وهذا فى نظر الله زنا. ولكن المظاهر الخارجية لا تعفى من قضاء الله بل فقط التوبة الحقيقية. وحتى جيرانها رذلوها وطلبوا نفسها. وروحيا هذا يشبه سعى الإنسان فى ضيقته إذ إبتعد عن الله أن يلجأ لملذات العالم ظنا منه أنه تنسيه ألامه. وفى (31) يصوِّر ألامها كوالدة ماخض، والبكرية ألامها أشد. بل ألامها بلا أمل فالتى تلِد ألامها تنتهى بالولادة ولكن هذه ألامها يائسة فمن حولها تسميهم قاتلين. والله يسمح بألام المخاض ليخرج الإنسان كخليقة جديدة كما يخرج طفل بعد ألام المخاض (غل4: 19) + "حولت لى العقوبة خلاصا".

تأملات فى الإصحاح الرابع.

  1. فى الأيات (6، 5) نسمع نادوا.... فلندخل المدن.... الحصينة إرفعوا الرآية. وهذا لأن هناك حرب سيشنها العدو على أورشليم. ونحن فى حرب مستمرة مع إبليس. وحينما نفهم هذا فلنحتمى داخل أسوار الكنيسة، لأن خصمنا إبليس يجول ملتمساً من يبتلعه، فمن يجده خارج الأسوار، أى خارج الكنيسة، فهذا سوف يهلك. وعلينا أن نرفع راية الصليب، أى نقبل أى صليب يسمح به الله بدون تذمر، فخصمنا إبليس يحاول دائماً دفعنا لأن نتذمر على الله بسبب أى تجربة أو ألم.
  2. فى آية (10) قائلاً يكون لكم سلام = هذه الآية تترجم فى السبعينية "ويقولون يكون لكم سلام" أى أن الأنبياء الكذبة هم الذين يقولون ذلك عموماً فالله لا يخدع أحد، لأن السلام ليس أقوال نسمعها من أحد أو حتى نقرأها في الكتاب المقدس، بل هى حالة نختبرها فى القلب، فربما أن من يقرأ لا يكون تائباً، وهذه لا تأتى إلا بالتوبة الحقيقية، ولا يمكن أن يختبرها من يحيا فى الخطية. وبالتالي تكون وعود الكتاب ليست لكل من يقرأ ويستمر في خطيته. وهؤلاء الخطاة أى الشعب إنخدعوا فى أقوال الأنبياء الكذبة، والله ليس مسئولاً عن هذا الخداع، إنما هم إنخدعوا بسبب شهوات قلوبهم التى يجرون وراءها (يع14: 1) فهم الذين يريدون الخطية ويوهمون أنفسهم بأن هناك سلام. وهذه الحالة شرحها بولس الرسول وأنها ستتكرر فى نهاية الأيام، حين يكون هناك "أناس مستحكة مسامعهم" (2تى3: 4) أى هم تواقين لسماع وعود مزيفة، ووعود بالسلام يوهمون أنفسهم بها دون أن يختبروا حالة السلام هذه.

أحشائى أحشائى توجعنى (19) الأحشاء عند اليهود هى مركز العواطف وهذا راجع لما يشعر به الإنسان فى أحشائه من إضطراب عند حزنه (كو12: 3) + (إش11: 16).

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الخامس - سفر إرميا - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الثالث - سفر إرميا - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر إرميا الأصحاح 4
تفاسير سفر إرميا الأصحاح 4