الأصحاح التاسع – سفر هوشع – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح التاسع

يظن الإنسان حين يتمتع بالخطية انه سيفرح، ولكنه لن يجد سوى المرارة الداخلية والغم.

الأعداد 1-6

الآيات (1 - 6): -

"1لاَ تَفْرَحْ يَا إِسْرَائِيلُ طَرَبًا كَالشُّعُوبِ، لأَنَّكَ قَدْ زَنَيْتَ عَنْ إِلهِكَ. أَحْبَبْتَ الأُجْرَةَ عَلَى جَمِيعِ بَيَادِرِ الْحِنْطَةِ. 2لاَ يُطْعِمُهُمُ الْبَيْدَرُ وَالْمِعْصَرَةُ، وَيَكْذِبُ عَلَيْهِمِ الْمِسْطَارُ. 3لاَ يَسْكُنُونَ فِي أَرْضِ الرَّبِّ، بَلْ يَرْجِعُ أَفْرَايِمُ إِلَى مِصْرَ، وَيَأْكُلُونَ النَّجِسَ فِي أَشُّورَ. 4لاَ يَسْكُبُونَ لِلرَّبِّ خَمْرًا وَلاَ تَسُرُّهُ ذَبَائِحُهُمْ. إِنَّهَا لَهُمْ كَخُبْزِ الْحُزْنِ. كُلُّ مَنْ أَكَلَهُ يَتَنَجَّسُ. إِنَّ خُبْزَهُمْ لِنَفْسِهِمْ. لاَ يَدْخُلُ بَيْتَ الرَّبِّ. 5مَاذَا تَصْنَعُونَ فِي يَوْمِ الْمَوْسِمِ، وَفِي يَوْمِ عِيدِ الرَّبِّ؟ 6إِنَّهُمْ قَدْ ذَهَبُوا مِنَ الْخَرَابِ. تَجْمَعُهُمْ مِصْرُ. تَدْفِنُهُمْ مُوفُ. يَرِثُ الْقَرِيصُ نَفَائِسَ فِضَّتِهِمْ. يَكُونُ الْعَوْسَجُ فِي مَنَازِلِهِمْ.".

إسرائيل كان يُقلِّدْ الشعوب حوله في رجاساتهم ظاناً أن هذا هو طريق الفرح. ولكن أولاد الله يحل بهم العقاب أسرع من العالم. فلأنهم أبناء يلزم تأديبهم. وهم أحبوا الأجرة على جميع بيادر الحنطة = أي هم نسبوا الخيرات التي بين أيديهم (كالحنطة) للأصنام (هو5: 2 + إر17: 44). وهم ربطوا بين خصوبة الأرض وعبادة البعليم. ولذلك هم أحبوا أن يعطوا عطايا لهذه الأوثان كأجرة عن هذه الخيرات. وهكذا كل الخطاة يصرفون على شهواتهم بحب ويبخلون أن يعطوا شيئاً لله. والله يقول لهم لا تفرح يا إسرائيل = فكيف يفرحون والخراب آتٍ لتأديبهم وكيف نفرح بلذة وقتية يعقبها مرارة داخلية ثم خراب خارجي كيف يفرحون والخطية كانت سبباً في إنعدام البركة = لا يطعمهم البيدر ويكذب عليهم المسطار = أي الحقل لا يعطي ثمراً يوضع في البيدر والكروم لا تعطي ثماراً والمسطار (الخمر) هو إشارة للفرح وإمتلاء البيدر إشارة للشبع. فكأن من ترك الله سعياً وراء ملذات وأفراح العالم يخسر الشبع بالله. ويخسر الفرح وفي (3) يصل الأمر لأن الرب يطردهم من الأرض ويُحملون إلى السبي. وهنا مصر تشير للعبودية. ولكن مكان السبي سيكون أشور حيث يأكلون النجس. والمعنى أنهم سيعودون لسابق حالتهم قبل أن يختارهم الله شعباً لهُ ويحررهم من مصر. وكأن هذه الأرض المقدسة هم لا يستحقونها. ومعنى الأكل النجس أنهم يأكلونه في أرض وثنية نجسة، وهناك يحرمون من كل شئ. هم رفضوا عبادة الله فحرمهم الله منها = لا يسكبون خمراً (4) أي ستبطل التقدمات والذبائح فهم الآن في السبي بلا هيكل. وحتى لو قدموا ذبائح فلن تسر الرب لأنها بلا صلاح وهي بالرياء. أنها لهم كخبز الحزن من أكله يتنجس = راجع (عد14: 19) لأن كل شئ في بيت الميت يعتبر نجساً. ومن يأكل من خبز هذا البيت يتنجس وهم الآن بإنفصالهم عن الله في حكم الموتى، وتقدماتهم كأنها خبز حزن من بيت ميت. وهم الآن في السبي فخبزهم نجس لن يقبله الله. خبزهم لأنفسهم = أي ليكن لهم لإستبقاء حياتهم والله لا يريد منه شئ فهم موتى خطية. وفي (5) يوم الموسم = أعيادهم ماذا سيقدمون فيها وهم مرفوضين من الرب. ستكون أعياد كلها حزن. وهذا ينطبق عليهم من الآن وحتى قبل أن يذهبوا للسبي. وفي (6) ذهبوا من الخراب = ستخرب بلادهم فيهربون منها. تجمعهم مصر تدفنهم موف = موف عاصمة مصر (ممفيس) والمعنى تجمعهم العبودية. والقريص (الصدأ) وبيوتهم ومزارعهم تتحول لبرية تنبت عوسجاً = شجرة شوكية كعلامة للخراب. ومعنى الآيات السابقة أن من يجري وراء الأفراح العالمية لن يجني سوى الخراب والأشواك. وهنا نسأل سؤالاً ماذا تصنعون في يوم الموسم؟ فى الأعياد يفرحون لأن الله يعطيهم هذا الفرح، فإذا كان الله غاضبا عليهم فمن أين يأتى الفرح؟! وماذا نصنع نحن في أعيادنا؟ هل نجري وراء الأفراح العالمية. فلندقق حتى لا ينطبق علينا نفس هذه الكلمات الصعبة. وفي (6) حينما هربوا من خراب بلادهم جمعتهم العبودية في مصر. لأنهم لجأوا لمصر للحماية ولكن ماذا كانت النتيجة تدفنهم موف. فمن يلجأ للعالم لحمايته سيموت في العالم منفصلاً عن المسيح وتنتهي كل عطايا الله لهُ، الفضة وما اقتناه بالفضة يصدأ.

الأعداد 7-9

الآيات (7 - 9): -

"7جَاءَتْ أَيَّامُ الْعِقَابِ. جَاءَتْ أَيَّامُ الْجَزَاءِ. سَيَعْرِفُ إِسْرَائِيلُ. اَلنَّبِيُّ أَحْمَقُ. إِنْسَانُ الرُّوحِ مَجْنُونٌ مِنْ كَثْرَةِ إِثْمِكَ وَكَثْرَةِ الْحِقْدِ. 8أَفْرَايِمُ مُنْتَظَرٌ عِنْدَ إِلهِي. اَلنَّبِيُّ فَخُّ صَيَّادٍ عَلَى جَمِيعِ طُرُقِهِ. حَقْدٌ فِي بَيْتِ إِلهِهِ. 9قَدْ تَوَغَّلُوا، فَسَدُوا كَأَيَّامِ جِبْعَةَ. سَيَذْكُرُ إِثْمَهُمْ. سَيُعَاقِبُ خَطَايَاهُمْ.".

هذه الآيات تشير لحلول وقت العقاب الذي حين يجئ سيميز إسرائيل = سيعرف إسرائيل الفرق بين النبي الحقيقي وهو هوشع الذي طالما حذرهم من الخراب الآتي بسبب خطاياهم وطالما دعاهم للتوبة ليتوقف هذا الخراب، وبين الأنبياء الكذبة الذين طمأنوهم قائلين سلام سلام. هم قالوا عن هوشع النبي أحمق وكل من كلمهم بالروح = إنسان الروح قالوا عنه مجنون، وسيعرفون الآن حين يجئ هذا الخراب أن الأنبياء الكذبة هم الحمقى والمجانين، ولماذا سمح الله للأنبياء الكذبة أن يضلوهم بسبب كثرة إثمك وكثرة حقدك = فهم أحبوا الأثم فحقدوا على أنبياء الله حين طلبوا منهم التوبة. وفي (8) أفرايم منتظر عند إلهي = وفي ترجمة أخرى "رقيب أفرايم منتظر عند إلهي". ورقيب أفرايم هو النبي هوشع نفسه ينتظر إعلانات الرب لهُ ليعلنها لإفرايم شعبه، فالترجمة أفرايم منتظر تعنى أن النبى يتكلم بإسم شعب أفرايم المنتظر رحمة من الله. أو هو أي إنسان يطلب الله بإخلاص ويترقب سماع صوت الله في أفرايم، ولكن الأنبياء الكذبة يدبرون المؤامرات ضده = النبي فخ صيّاد على جميع طرقه. وإنذارات النبى للشعب أثارت حقد الشعب ضده = حقد في بيت إلهه. وفي (9) أيام جبعة = حين فسد سبط بنيامين (راجع قض19، 20) فسمح الله بهلاك رجالهم وسقط منهم 25000 رجل، ولم يتبقي منهم سوى 600. والمقصود أن إسرائيل تسلك في فساد دائماً من أيام جبعة وحتى الآن، وكما عاقب الله بنيامين لفساده هكذا سيعاقب أفرايم،.

الأعداد 10-14

الآيات (10 - 14): -

"10« وَجَدْتُ إِسْرَائِيلَ كَعِنَبٍ فِي الْبَرِّيَّةِ. رَأَيْتُ آبَاءَكُمْ كَبَاكُورَةٍ عَلَى تِينَةٍ فِي أَوَّلِهَا. أَمَّا هُمْ فَجَاءُوا إِلَى بَعْلِ فَغُورَ، وَنَذَرُوا أَنْفُسَهُمْ لِلْخِزْيِ، وَصَارُوا رِجْسًا كَمَا أَحَبُّوا. 11أَفْرَايِمُ تَطِيرُ كَرَامَتُهُمْ كَطَائِرٍ مِنَ الْوِلاَدَةِ وَمِنَ الْبَطْنِ وَمِنَ الْحَبَلِ. 12 وَإِنْ رَبَّوْا أَوْلاَدَهُمْ أُثْكِلُهُمْ إِيَّاهُمْ حَتَّى لاَ يَكُونَ إِنْسَانٌ. وَيْلٌ لَهُمْ أَيْضًا مَتَى انْصَرَفْتُ عَنْهُمْ! 13أَفْرَايِمُ كَمَا أَرَى كَصُورٍ مَغْرُوسٍ فِي مَرْعًى، وَلكِنَّ أَفْرَايِمَ سَيُخْرِجُ بَنِيهِ إِلَى الْقَاتِلِ». 14أَعْطِهِمْ يَا رَبُّ. مَاذَا تُعْطِي؟ أَعْطِهِمْ رَحِمًا مُسْقِطًا وَثَدْيَيْنِ يَبِسَيْنِ.".

هنا ضربة أخرى فسيصبحوا غير مثمرين. هم فقدوا الفرح الروحي الداخلي أولاً لسعيهم وراء أفراح العالم. وثانياً بسبب حلول وقت الجزاء وثالثاً هنا الله يعرض لهم سبباً آخر. فالله فرح بهم كمن يفرح بوجود كرمة عنب في برية = هم كانوا كرمة، والكرم يشير للفرح، فالله فرح بهم لأنهم كانوا شعباً لهُ وسط هذا العالم الوثني = البرية. وانتظر منهم أن يكونوا لهُ فهو الذي صنع هذا الكرم لكنهم نذروا أنفسهم للخزي = بأن جاءوا لبعل فغور أي بعل أو إله الفجور. والله رآهم كباكورة تين. رأي أباؤهم كباكورة التين (التين مشهور بحلاوته). وهو أحب أبائهم وكان يتوقع من أبنائهم أن يبادلوه الحب ولكنهم خانوه وجحدوه مع بعل فغور. وارتباطهم ببعل فغور حطم طبيعتهم ونزع عنهم كرامتهم ودخل بهم إلى العار والخزي = وتطير كرامتهم = كل خيراتهم التي افتخروا بها ولا سيما أولادهم فالله منع عنهم الثمر فنساؤهم لا يلدن ويكنَّ عاقرات أو أن يموت أولادهم وهم في بطون أمهاتهم أو بعد ولادتهم = من الولادة ومن البطن ومن الحبل. والأولاد الموجودين حالياً سيطيرون للسبي في أشور وكل مجدهم يطير مع الريح بسرعة ولا يرجع وأن ربوا أولادهم أثكلهم أياهم = أي لن يبقى لهم نسل وينقرضوا. هم صاروا كطائر ترك عشه، وهم تركوا حضن إلههم فجاء من جاء وحطم البيض في العش = أثكلهم إياهم. وفي (13) أفرايم كما أرى كصور مغروس في مرعي = الصور هو قرن ينفخ فيه (مز6: 98) "بصوت الصور اهتفوا قدّام الملك" والمعنى أن الله وضع أفرايم في أرض كمرعى يرعاهم هو بنفسه، وأعطاهم خيراً كثيراً وطلب منهم أن يشهدوا لهُ ويهتفوا قدامه ويسبحوه ولكن بسبب شهواتهم إنحازوا لبعل فغور (عبادة نجسة تشتمل على الزنا في هياكل الأوثان). لو مجدوا الله لباركهم وبارك في أولادهم، ولكن بسبب خطاياهم فإن الله سيضربهم في أولادهم = أفرايم (بخطيته) سيخرج بنيه إلى القاتل (أشور الذي سيهلك الجميع). والنبي يوافق الله ويقول أعطهم رحماً مسقطاً وثديين يبسين فأي خير ينتظر أطفالاً أباؤهم نذروا أنفسهم لبعل فغور. موت هؤلاء الأطفال خير لهم. وهكذا قال السيد المسيح "طوبى للبطون التي لم تلد والثدي التي لم ترضع" حين كان الهلاك التام قادماً على أمة اليهود.

الأعداد 15-17

الآيات (15 - 17): -

"15«كُلُّ شَرِّهِمْ فِي الْجِلْجَالِ. إِنِّي هُنَاكَ أَبْغَضْتُهُمْ. مِنْ أَجْلِ سُوءِ أَفْعَالِهِمْ أَطْرُدُهُمْ مِنْ بَيْتِي. لاَ أَعُودُ أُحِبُّهُمْ. جَمِيعُ رُؤَسَائِهِمْ مُتَمَرِّدُونَ. 16أَفْرَايِمُ مَضْرُوبٌ. أَصْلُهُمْ قَدْ جَفَّ. لاَ يَصْنَعُونَ ثَمَرًا. وَإِنْ وَلَدُوا أُمِيتُ مُشْتَهَيَاتِ بُطُونِهِمْ». 17يَرْفُضُهُمْ إِلهِي لأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا لَهُ، فَيَكُونُونَ تَائِهِينَ بَيْنَ الأُمَمِ.".

هنا يتكلم عن طردهم من أمام الرب. والسبب أنهم جعلوا الجلجال المكان المقدس مركزاً للعبادة الوثنية (15: 4 + 11: 12) فهم دنسوها بشرهم وعبادتهم، بعد أن كانت الجلجال مكان الفصح الأول بعد دخولهم لأرض كنعان (يش19: 4 - 9: 5) لذلك أطردهم من بيتي = فإسرائيل كانت بيت الرب، كانت الأرض المقدسة ولكن الآن لا أعود أحبهم = لا أعود أرضى عنهم وأرحمهم. كانت أفرايم كشجرة مثمرة أماّ الآن فهو ملفوح = أفرايم مضروب. وإذا كان أصلهم جف فهم لا يصنعون ثمراً. ولكن بالنسبة ليهوذا نَبَتَ غصن من أصول يسى (إش1: 11) وهو المسيح أمّا باقي اليهود الذين رفضوا المسيح يقول عنهم يرفضهم إلهي = لأنهم لم يسمعوا له أي للمسيح فيكونون تائهين بين الأمم = الآيات تفهم: -.

[1] حين رفضوا الله وذهبوا لبعل فغور تشتتوا في أشور بسبب ما فعلوه فى الجلجال.

[2] حين صلبوا المسيح ورفضوه تشتتوا في كل العالم بسبب ما فعلوه فى الجلجثة.

No items found

الأصحَاح العاشر - سفر هوشع - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الثامن - سفر هوشع - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر هوشع الأصحاح 9
تفاسير سفر هوشع الأصحاح 9