الأصحاح الخامس – سفر هوشع – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الخامس

في الإصحاح السابق نجد الكلام موجهاً لإسرائيل، وهنا أشرك النبي يهوذا مع إسرائيل، فكهنة إسرائيل رفضوا المعرفة الإلهية. وكهنة يهوذا وشعب يهوذا أيضاً بالرغم من كل ما لهم خاصموا الله.

الأعداد 1-7

الآيات (1 - 7): -

"1«اِسْمَعُوا هذَا أَيُّهَا الْكَهَنَةُ! وَانْصِتُوا يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ! وَأَصْغُوا يَا بَيْتَ الْمَلِكِ! لأَنَّ عَلَيْكُمُ الْقَضَاءَ، إِذْ صِرْتُمْ فَخًّا فِي مِصْفَاةَ، وَشَبَكَةً مَبْسُوطَةً عَلَى تَابُورَ. 2 وَقَدْ تَوَغَّلُوا فِي ذَبَائِحِ الزَّيَغَانِ، فَأَنَا تَأْدِيبٌ لِجَمِيعِهِمْ. 3أَنَا أَعْرِفُ أَفْرَايِمَ. وَإِسْرَائِيلُ لَيْسَ مَخْفِيًّا عَنِّي. إِنَّكَ الآنَ زَنَيْتَ يَا أَفْرَايِمُ. قَدْ تَنَجَّسَ إِسْرَائِيلُ. 4أَفْعَالُهُمْ لاَ تَدَعُهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَى إِلهِهِمْ، لأَنَّ رُوحَ الزِّنَى فِي بَاطِنِهِمْ، وَهُمْ لاَ يَعْرِفُونَ الرَّبَّ. 5 وَقَدْ أُذِلَّتْ عَظَمَةُ إِسْرَائِيلَ فِي وَجْهِهِ، فَيَتَعَثَّرُ إِسْرَائِيلُ وَأَفْرَايِمُ فِي إِثْمِهِمَا، وَيَتَعَثَّرُ يَهُوذَا أَيْضًا مَعَهُمَا. 6يَذْهَبُونَ بِغَنَمِهِمْ وَبَقَرِهِمْ لِيَطْلُبُوا الرَّبَّ وَلاَ يَجِدُونَهُ. قَدْ تَنَحَّى عَنْهُمْ. 7قَدْ غَدَرُوا بِالرَّبِّ. لأَنَّهُمْ وَلَدُوا أَوْلاَدًا أَجْنَبِيِّينَ، اَلآنَ يَأْكُلُهُمْ شَهْرٌ مَعَ أَنْصِبَتِهِمْ.".

أَيُّهَا الْكَهَنَةُ = سواء كانوا كهنة حقيقيين قانونيين مثل من في يهوذا، أو ربما الكثيرين الذين في إسرائيل. والكل أخطأ، لذلك فالكلام موجه في (1) لبيت إسرائيل وفي (5) لبيت يهوذا. وفي (1) لبيت الملك = الذي يقود الشعب ويدبر لهم أمورهم الزمنية وللكهنة الذين يقودون الشعب روحياً. الكل إشتركوا في الخطية العامة، وكذلك سيشتركون في القصاص العام. إِذْ صِرْتُمْ فَخًّا فِي مِصْفَاةَ، وَشَبَكَةً مَبْسُوطَةً عَلَى تَابُورَ = أقام ملوك إسرائيل هيكل وضعوا فيه عجل ذهبي للعبادة في إسرائيل ليعبد فيه الشعب بدلاً من الذهاب لأورشليم (راجع 1مل25: 12 - 31) ووضعوا جواسيس في الطريق إلى أورشليم لمنع الشعب من الذهاب إليها. وكانت مصفاة في شرق الأردن وتابور في الجليل هي الطرق لأورشليم وهؤلاء الجواسيس كانوا يقتلون من يحاول الذهاب إلى أورشليم. وهذا سيجعل عليكم القضاء = أنكم تسفكون دم شعبي الذي يذهب لأورشليم. وفي (2) وَقَدْ تَوَغَّلُوا فِي ذَبَائِحِ الزَّيَغَانِ = هذه قد تعني [‍1] هم ازدادوا في ذبائحهم في الهياكل التي في إسرائيل وهذه الهياكل ليست بحسب قلب الله بل بحسب أوامر ملوكهم، وبهذه الهياكل وهذه الذبائح زاغوا عن العبادة الحقيقية التي في أورشليم. [2] إزدادوا في تقديم الذبائح لأوثانهم (عبادة البعل). [3] هؤلاء القتلى الذين قتلوهم وهم في طريقهم إلى إورشليم كانوا كذبائح. بل هؤلاء الذين كانوا يكمنون في الطريق قد إستغلوا هذا لنهب أموال وأمتعة هؤلاء الأبرياء بعد أن يقتلوهم. [4] ملوك إسرائيل وقياداتها قادوا شعبهم لعبادات غريبة وثنية وهم بهذا يقودونهم للهلاك وكأنهم يقدمونهم ذبائح نتيجة لزيغانهم. فَأَنَا تَأْدِيبٌ لِجَمِيعِهِمْ = أي أن الله لن يظهر مراحمه بل ستكون أعماله معهم كلها بالعدل والتأديب فهم يستحقون هذا. لأنهم صاروا فخاً.. وشبكة = هذه تعني [1] جواسيسهم الذين يقتلون من يريد الذهاب لأورشليم [2] هذه العبادة الوثنية التي علموها للشعب هي عبادات تقود للهلاك، فكأنهم وضعوا لشعبهم فخاً وشبكة.

وفي (3) هنا خطيتهم وهي الزنا (روحي وجسدي) والله هو الذي يعرف خبايا القلوب = أَنَا أَعْرِفُ أَفْرَايِمَ. وفي (4) 4أَفْعَالُهُمْ لاَ تَدَعُهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَى إِلهِهِمْ. فهم في عنادهم وإصرارهم على الخطية ومحبتهم لها، يقاومون عمل الله الذي يدعوهم للتوبة. ولأَنَّ رُوحَ الزِّنَى فِي بَاطِنِهِمْ = أي أن محبتهم للخطية قلبية ولأن روح الزنى في القلب، يفارقه الروح القدس، فلا شركة للنور مع الظلمة. والروح القدس وحده هو ما يجعلهم يرجعون لإلههم بالتوبة. والروح القدس هو روح الحكمة والمشورة فبدونه يصير الإنسان في ظلام وحمق فيصرع الإنسان (هو14: 4) وبدون الروح القدس أصبحوا لاَ يَعْرِفُونَ الرَّبَّ = لذلك ينبهنا الكتاب "لا تطفئوا الروح" "ولا تحزنوا الروح" ولكن كيف؟ "اليوم أن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم" (عب7: 4). وفي (5) أُذِلَّتْ عَظَمَةُ إِسْرَائِيلَ فِي وَجْهِهِ = عظمة إسرائيل أي كبريائها، فهي تكبرت بسببب غناها، وهذا الكبرياء عائق عن التوبة، وكبريائهم كان واضحاً على وجوههم. ولكن قبل الكسر الكبرياء، ولأن إسرائيل دخلها الكبرياء إنكسرت، وكما كان الكبرياء واضحاً على وجوههم. وبسبب خطيتهم تعثروا بل علَّموا يهوذا فتعثرت معهم. وفي (6) يحاولون استرضاء الرب بعبادة مظهرية في ذبائحهم، لكن الله لا يقبلها بسبب أن الخطية في القلب بدون توبة. ولأنهم في (7) قَدْ غَدَرُوا بِالرَّبِّ. لأَنَّهُمْ وَلَدُوا أَوْلاَدًا أَجْنَبِيِّينَ = فهم علَّموا أولادهم حب الأوثان فصاروا كأجنبيين لا شبه بينهم وبين أولاد الله، وهذا منتهى الغدر. فالأولاد هم أولاد الله والأباء يربونهم لحساب الله، وإهمال تربيتهم يجازي عنه الله. اَلآنَ يَأْكُلُهُمْ شَهْرٌ مَعَ أَنْصِبَتِهِمْ = هذه تعنى أن أشور سوف يأكلهم لمدة محددة، ربما بفرض جزية عليهم أو يسبيهم.

الأعداد 8-12

الآيات (8 - 12): -

"8«اِضْرِبُوا بِالْبُوقِ فِي جِبْعَةَ، بِالْقَرْنِ فِي الرَّامَةِ. اصْرُخُوا فِي بَيْتِ آوَنَ. وَرَاءَكَ يَا بَنْيَامِينُ. 9يَصِيرُ أَفْرَايِمُ خَرَابًا فِي يَوْمِ التَّأْدِيبِ. فِي أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ أَعْلَمْتُ الْيَقِينَ. 10صَارَتْ رُؤَسَاءُ يَهُوذَا كَنَاقِلِي التُّخُومِ. فَأَسْكُبُ عَلَيْهِمْ سَخَطِي كَالْمَاءِ. 11أَفْرَايِمُ مَظْلُومٌ مَسْحُوقُ الْقَضَاءِ، لأَنَّهُ ارْتَضَى أَنْ يَمْضِيَ وَرَاءَ الْوَصِيَّةِ. 12فَأَنَا لأَفْرَايِمَ كَالْعُثِّ، وَلِبَيْتِ يَهُوذَا كَالسُّوسِ.".

اِضْرِبُوا بِالْبُوقِ... بِالْقَرْنِ = في آية (7) سمعنا أن العقاب سيقع عليهم حتماً، وهنا يأمر الله بضرب البوق للتحذير بأن الحرب ستقع وذلك كعقاب لهم. فِي جِبْعَةَ... فِي الرَّامَةِ = جبعة والرامة على حدود بنيامين الجنوبية فكأن العدو اجتاز البلاد كلها من الشمال إلى الجنوب، فهذه نبوة باكتساح أشور لإسرائيل. اصْرُخُوا فِي بَيْتِ آوَنَ = بيت الله، بيت إيل، الذي حولوه لبيت الباطل، هناك ستكون الضربة شديدة تحتاج لصراخهم. وَرَاءَكَ يَا بَنْيَامِينُ أي العدو وراءه وهو هارب من وجه العدو. وفي (9) أَعْلَمْتُ الْيَقِينَ = أي أن تحذير الله لإسرائيل بالخراب كان يقيناً. وفي (10) كَنَاقِلِي التُّخُومِ = حدد الله بواسطة يشوع تخماً أي حدوداً لكل سبط ولكل عائلة، ولعن من يغيره بسبب الجشع والنهب والاستيلاء (تث17: 27) والله يعاتب هنا لسببين [1] الأغنياء نهبوا أملاك الفقراء، وبهذا إشتركت يهوذا مع إسرائيل في أعمال العنف. [2] استغلت يهوذا ضعف إسرائيل، المملكة الشمالية بسبب حروبها مع أرام واستولت على بعض مدن إسرائيل وبهذا غيرت التخوم. [3] والأهم وهو المقصود بالآية أن يهوذا بهيكل الله والشريعة والعبادة الصحيحة فيها، كانت هذه الشريعة كتخم ينبغى أن تحافظ عليه، لكنها ذهبت وراء الأوثان فكأنها تخلت عما إستلمته من يد الرب كميراث ينبغى الحفاظ عليه. (التخم أى أرض حدد الله حدودها لهم الله نصيبا) وهذا المعنى الرمزى هو المقصود لأنه يقول صار رؤساء يهوذا كناقلى التخم = فوجود حرف الـ "كـ" فى كناقلى يشير للرمز.

وفي (11) وَرَاءَ الْوَصِيَّةِ = في الترجمات الأخرى "شرع أن يقتفي السوء" أي وصية يربعام التي جعلت إسرائيل يخطئ، وذلك بعمل هياكل بها عجول ذهبية ليعبدها إسرائيل منفصلين عن هيكل الله في أورشليم. وبسبب هذا كان قضاء الله عليهم بالخراب = أَنَا لأَفْرَايِمَ كَالْعُثِّ = أي حتى ينقرض وينتهي وأَسْكُبُ عَلَيْهِمْ سَخَطِي كَالْمَاءِ = أي تأتي عليهم الضربات كالطوفان وبغزارة وقد يكون نقل التخوم في (10) إشارة لأنهم يحرفون الوصايا والناموس فلكل شئ حدود ولا ينبغي أن نتعداها.

الأعداد 13-15

الآيات (13 - 15): -

"13« وَرَأَى أَفْرَايِمُ مَرَضَهُ وَيَهُوذَا جُرْحَهُ، فَمَضَى أَفْرَايِمُ إِلَى أَشُّورَ، وَأَرْسَلَ إِلَى مَلِكٍ عَدُوٍّ. وَلكِنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَشْفِيَكُمْ وَلاَ أَنْ يُزِيلَ مِنْكُمُ الْجُرْحَ. 14لأَنِّي لأَفْرَايِمَ كَالأَسَدِ، وَلِبَيْتِ يَهُوذَا كَشِبْلِ الأَسَدِ. فَإِنِّي أَنَا أَفْتَرِسُ وَأَمْضِي وَآخُذُ وَلاَ مُنْقِذٌ. 15أَذْهَبُ وَأَرْجعُ إِلَى مَكَانِي حَتَّى يُجَازَوْا وَيَطْلُبُوا وَجْهِي. فِي ضِيقِهِمْ يُبَكِّرُونَ إِلَيَّ».".

في وقت مرضهم أي مع بداية ضربات الله، كان يجب أن يلجأوا لله وهو يشفيهم. إلاّ أنهم لغبائهم التجأوا لأشور وهي عدو لهم. لذلك سيكون الله لهم كَالأَسَدِ = أي يوقع عليهم أحكاماً شديدة. والله سيستخدم أشور التي لجأوا إليها كأداة تأديب لهم. ولنلاحظ أن الضربة تجئ لنا من حيث أخطأنا. وفي (15) أَذْهَبُ وَأَرْجعُ إِلَى مَكَانِي = فعندما يعاقب الله الخطاة يخرج من مكانه (إش21: 26) وبعد أن يؤدبهم يرجع إلى مكانه ينتظر توبتهم، يرجع ليحتجب عنهم فترة إلى أن يقدموا توبة ويرجعوا للرب = حَتَّى يُجَازَوْا وَيَطْلُبُوا وَجْهِي = يعودوا له ويطلبونه بعد أن تتم عليهم العقوبة.

No items found

الأصحاح السادس - سفر هوشع - القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الرابع - سفر هوشع - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر هوشع الأصحاح 5
تفاسير سفر هوشع الأصحاح 5