الأصحاح السابع – سفر هوشع – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح السابع

الأعداد 1-2

الآيات (1 - 2): -

"1«حِينَمَا كُنْتُ أَشْفِي إِسْرَائِيلَ، أُعْلِنَ إِثْمُ أَفْرَايِمَ وَشُرُورُ السَّامِرَةِ، فَإِنَّهُمْ قَدْ صَنَعُوا غِشًّا. السَّارِقُ دَخَلَ وَالْغُزَاةُ نَهَبُوا فِي الْخَارِجِ. 2 وَلاَ يَفْتَكِرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنِّي قَدْ تَذَكَّرْتُ كُلَّ شَرِّهِمْ. اَلآنَ قَدْ أَحَاطَتْ بِهِمْ أَفْعَالُهُمْ. صَارَتْ أَمَامَ وَجْهِي.".

حينما كنت أشفى = الله يتقدم هنا كطبيب يشفي مرضهم وهو مضطر أن يكشف لهم خطورة هذا المرض حتى يأخذوا موضوع العلاج بجدية ويتقبلوا الدواء. أعلن إثم إفرايم = الله يفضح المرض حتى يمد يده بالمشرط. ومرضهم أنهم قد صنعوا غشاً = هذا أخطر ما يصيب الإنسان فبينما هو يغش الناس إذ به يغش نفسه ويخدع ضميره، وهذا ما حدث لهم فبينما كانوا يغشون الآخرين السارق دخل = أي بينما كان الإنسان الغاش يظن أنه يسرق جاره جاء الغزاة ونهبوه من الخارج = وهذا قصاص الله لهم فبينما هم يظنون أنهم يسلبون بعضهم جاء لهم لصوص من الخارج لينهبوهم وربما تشير هذه للجزية التي فرضت عليهم. وروحياً إذا ترك الإنسان خطية تتسلل إليه كسارق سينفتح الباب للغزاة أي باقي الخطايا ويصبح الإنسان فاسداً بكليته. وفي (2) هم ظنوا أن خطاياهم مخفية عن الله أو ظنوها أمراً تافهاً فلا يذكرها الله. ولكن الله يتذكر كل شرهم = أي لا يعرفه فقط بل لا ينسى منه شيئاً وسيعاقبهم على كل شئ. الآن قد أحاطت بهم أفعالهم = الله لا يريد أن يفضح أحد بخطاياه، بل هو يجعلها واضحة حتى تشفى أما تجاهلها فمميت.

أعلن إثم أفرايم = نرى هنا أسلوب الله فى العلاج بمشرط جراحى، فالله أعطاهم وصايا وناموس وشريعة فخالفوها، وأرسل لهم أنبياء ليستجيبوا فلم يقبلوا. فكانت عقوبتهم من نفس نوع خطيتهم ليفهموا مدى بشاعة ما فعلوه. هم صنعوا غشا وسرقوا الأبرياء فسرقهم جيش أشور، وبنفس الأسلوب كان العمى الذى أصاب شاول الطرسوسى إذ لم يفهم نبوات الكتاب، وعدم إستطاعة زكريا الكلام إذ لم يسبح الله، وداود زنى وقتل فدخل الزنا والقتل لبيته، وهذا بالضبط ما قاله عوبديا النبى "ما فعلته يفعل بك" (عو15).

الأعداد 3-7

الآيات (3 - 7): -

"3«بِشَرِّهِمْ يُفَرِّحُونَ الْمَلِكَ، وَبِكَذِبِهِمِ الرُّؤَسَاءَ. 4كُلُّهُمْ فَاسِقُونَ كَتَنُّورٍ مُحْمًى مِنَ الْخَبَّازِ. يُبَطِّلُ الإِيقَادَ مِنْ وَقْتِمَا يَعْجِنُ الْعَجِينَ إِلَى أَنْ يَخْتَمِرَ. 5يَوْمُ مَلِكِنَا يَمْرَضُ الرُّؤَسَاءُ مِنْ سَوْرَةِ الْخَمْرِ. يَبْسُطُ يَدَهُ مَعَ الْمُسْتَهْزِئِينَ. 6لأَنَّهُمْ يُقَرِّبُونَ قُلُوبَهُمْ فِي مَكِيدَتِهِمْ كَالتَّنُّورِ. كُلَّ اللَّيْلِ يَنَامُ خَبَّازُهُمْ، وَفِي الصَّبَاحِ يَكُونُ مُحْمًى كَنَارٍ مُلْتَهِبَةٍ. 7كُلُّهُمْ حَامُونَ كَالتَّنُّورِ وَأَكَلُوا قُضَاتَهُمْ. جَمِيعُ مُلُوكِهِمْ سَقَطُوا. لَيْسَ بَيْنَهُمْ مَنْ يَدْعُو إِلَيَّ.".

نحن هنا أمام مؤامرة من بعض الرؤساء المحيطين بالملك، هم يريدون الإيقاع به وقتله، فأسكروه وأسمعوه كلمات معسولة = لأَنَّهُمْ يُقَرِّبُونَ قُلُوبَهُمْ فِي مَكِيدَتِهِمْ كَالتَّنُّور وظلوا كخباز يحمى نار الفرن، إذ كانوا يثيرون شهواته بأفكار يضعونها أمامه كمن يريدون أن يفرحوه ويتركونه إلى أن تختمر الأفكار فى عقله كما يترك الخباز العجين ليختمر. وحينما يخطئ تحين لهم الفرصة لقتله (هذه الأفكار قد تكون أفكار سياسية أو حربية خاطئة تثير أحلامه لمزيد من الإمتلاك ومعها شهوات أخرى لتعمى عينيه عن القرار الصائب). وليخلوا لهم الجو تخلصوا من رجال الملك المخلصين = أكلوا قضاتهم.

وهذا هو أسلوب الشيطان ومؤامراته دائما فى إيقاع الأبرياء.... والمؤامرة هنا هي وضع خميرة في عجين أي وضع أفكار شريرة بكلمات خبيثة في قلب إنسان برئ. ولنرى مثال متكرر، كمن يضع كلاماً معسولاً في أذنى فتاة بريئة يصوِّر فيه حبه، وخطوة خطوة ليوقع بها. ويختمر العجين هنا أي تشتعل شهوة الضحية البريئة وتسقط الضحية بخمير شرور الشخص الفاسق = الخباز. وتدبير المؤامرات وبذر الشرور هو عجن العجين فالشخص الشرير يظل يُلقى سمومه فترة في أذنى الضحية ثم يتركها = يبطل الإيقاد = هو وضع الخميرة أي بذرة الشر في قلب الإنسان البرئ ويترك هذه الخميرة تختمر داخله أي تشعل شهوة قلبه. لذلك على كل إنسان أن يتحرز ويحتاط من خمير هؤلاء الفاسقين الذي هو شرورهم وعلى كل واحد أن يتحاشى وضع خميرة شر في قلبه حتى لا تشتعل شهوته (بمنع العين عن النظر واللسان عن الكلام والأذن عن سماع كل ما هو بطال).

نجد هنا خطايا الملك ومن حوله من الرؤساء وهؤلاء هم قادة الشعب. فإذا فسدت القيادة فسد الشعب كله وضلَّ. هكذا لو فسدت إرادة الإنسان يَضِّل هذا الإنسان وينحرف للشر والفساد. وفي (3) نجد الملك والرؤساء فرحين بشرور الشعب وكذبه وتملقه لهم (غالباً الملك هنا هو زكريا) وهنا وصف للملك ورؤساؤه بأنهم كالتنور = ملتهبون بنار شهواتهم وهكذا كل نفس فاسدة (لا يطفئ هذه النار سوى الروح القدس، وهو يشعل بدلاً منها نار مقدسة هي حب الله) والتنور هو القلب (تنور = فرن). والخباز هو الإنسان نفسه أو من يضع أفكار خطية وإثارة شهوات الإنسان. والنار هي الشهوة، وكما يحمي الخباز التنور هكذا هؤلاء الفاسقون يحمون ويهيجون شهواتهم بأفكارهم وكلماتهم ونظراتهم الرديئة (كمن أدمن مشاهدة بعض المجلات والصور والأفلام الرديئة) ويظل هذا الإنسان الفاسق يهيج شهوته ويُدبِّر مؤامراته، ولا يكف إلى أن يختمر العجين. وفي (5) ويوم ملكنا = قد يكون يوم عيد ميلاده أو جلوسه على العرش يسكر رؤساءه بالخمر = يمرض الرؤساء من سورة الخمر وفي ترجمة أخرى "أمرض الرؤساء أنفسهم بحمى الخمر" بل أن الملك نفسه يبسط يده = أي يضع يده في يد المستهزئين. وفي الترجمة الإنجليزية وردت الآية هكذا "جعل الرؤساء الملك يمرض من زجاجات الخمر" أي هم حرضوه على أن يشرب ويسكر فيصير سخرية لكل الهازئين هنا صاروا هم الخبازين. لاحظ أن الخطية تفقد الإنسان كرامته وتنزل به من درجة الملوك لدرجة الذين بلا كرامة (فالله جعلنا ملوكاً وكهنة أي ملوكاً على شهواتنا، ومن يملك على شهوته، تكون له كرامة، والعكس صحيح). ولاحظ أن يوم ملكنا هو يوم فرح. فكيف نقضى نحن أفراحنا، هل بطريقة نصير فيها بلا كرامة. هناك فرح وهو عرس قانا الجليل دُعَي فيه المسيح والعذراء والتلاميذ. فمن ندعو لأفراحنا وماذا نعمل في أفراحنا. وفي (6) كما أن الخباز يلقي بالحطب داخل التنور ويذهب لينام ليلاً ويجده في الصباح ملتهباً، هكذا هؤلاء الأشرار كانوا يلقون بالوقود (أي مشوراتهم الشريرة) ولعلهم كانوا يخططون لقتل الملك، وفعلاً فالملك زكريا مات مقتولاً في فتنة. وقوله ينام خبّازهم = أي يسكتون وينتظرون الفرصة لإتمام مقصودهم كما ينتظر الخباز حتى يختمر العجين. وهكذا إبليس فهو يشعل شهوتنا في كل فرصة وذلك ليهلكنا. كلهم حامون كالتنور أي مشتعلين بشهواتهم، مملوئين من شرهم ومؤامراتهم وأكلوا قضاتهم = هم قتلوا القلة التي كانت تدين أفعالهم الشريرة. وقتلوا القضاة الصالحين العادلين أو أبعدوهم عن الملك، وهو نفس أسلوب الشيطان وأعوانه أن يعزلوا الضحية البريئة التى يريدون الإيقاع بها بعيدا عن الكنيسة وعن الأصدقاء الأوفياء. وجميع ملوكهم سقطوا = أنظر المقدمة فجميع ملوك هذه الفترة تقريباً تم اغتيالهم في فترة فتن واضطرابات. ففي مملكة إسرائيل التي استمرت 260سنة، ملك 20ملكاً قُتِلَ منهم 9 ملوك بينما في يهوذا فلم تتغير الخلافة مدة 460 سنة من داود إلى صدقيا وهؤلاء الملوك، ملوك إسرائيل قتلوا إذ لا بركة من الله بسبب وثنيتهم وشرورهم.

الأعداد 8-12

الآيات (8 - 12): -

"8«أَفْرَايِمُ يَخْتَلِطُ بِالشُّعُوبِ. أَفْرَايِمُ صَارَ خُبْزَ مَلَّةٍ لَمْ يُقْلَبْ. 9أَكَلَ الْغُرَبَاءُ ثَرْوَتَهُ وَهُوَ لاَ يَعْرِفُ، وَقَدْ رُشَّ عَلَيْهِ الشَّيْبُ وَهُوَ لاَ يَعْرِفُ. 10 وَقَدْ أُذِلَّتْ عَظَمَةُ إِسْرَائِيلَ فِي وَجْهِهِ، وَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ إِلَى الرَّبِّ إِلهِهِمْ وَلاَ يَطْلُبُونَهُ مَعَ كُلِّ هذَا. 11 وَصَارَ أَفْرَايِمُ كَحَمَامَةٍ رَعْنَاءَ بِلاَ قَلْبٍ. يَدْعُونَ مِصْرَ. يَمْضُونَ إِلَى أَشُّورَ. 12عِنْدَمَا يَمْضُونَ أَبْسُطُ عَلَيْهِمْ شَبَكَتِي. أُلْقِيهِمْ كَطُيُورِ السَّمَاءِ. أُؤَدِّبُهُمْ بِحَسَبِ خَبَرِ جَمَاعَتِهِمْ.".

أفرايم يختلط بالشعوب = لم يعد هناك حدود تفصل بين أفرايم والشعوب الوثنية، فتعلموا منهم أعمالهم، هذه صورة كل إبن لله يختلط بالعالم فيدخل العالم إلى قلبه صار خبز ملة لم يقلب = أي خبز تمت تسويته على وجه واحد فقط والوجه الآخر مازال عجيناً نيئاً، وهذا لا يصلح لشئ، هذا إشارة لأنهم أحرزوا نجاحاً في الحكمة الدنيوية ومثال لذلك مهارتهم في عقد تحالفات سياسية ولكنهم كانوا بلا نجاح موازٍ في حياتهم الروحية، فكان تدينهم مجرد شكليات وفرائض مظهرية بلا عمق، والقلب مبتعد عن الله. وفي (9) أكل الغرباء ثروته وهو لا يعرف = هم إتكلوا على أشور فأكلتهم أشور، كما جعلهم ملك أرام كالتراب للدوس (2مل7: 13) (هذه نتائج الحكمة الدنيوية وتحالفاتهم السياسية التي برعوا فيها) وكل هذا ولم يلجأوا لله. هؤلاء الغرباء هم إبليس وشياطينه، الذي يسلبون من النفس أثمن ما لديها حتى حياتهم الأبدية. وهو لا يعرف = لأنهم لا يريدون أن يعرفوا حالتهم، فهم كجاهل لا يريد أن يصلح بيته الذي سيسقط فيقول البيت جيد. وقد رشَّ عليه الشيب = أي دخلوا للشيخوخة الروحية وأصبحوا قريبين من الإضمحلال. وفي (11) حمامة رعناء بلا قلب = "وتترجم بلا فهم وهذه أفضل" هذا يدل على نقصان العقل، وعلى الحماقة، وهذا يختلف عن البساطة التي أوصى بها المسيح. وهذه الحمامة تترك عشها وتطير على غير هدى مرة هنا ومرة هناك إلى أن تسقط في فخ. وهذا إشارة لإسرائيل فهم تركوا الله وتركوا هيكله في أورشليم، وانطلقوا من عبادة مرفوضة لعجول ذهبية، إلى عبادة وثنية فَضَلَّوا أيضاً مرة وراء أشور ومرة وراء مصر ليحموها بدلاً من أن يذهبوا إلى الله. وإذا أخذنا الترجمة بلا قلب = فهذا يعنى خلو قلبها من محبة الله "حب الرب إلهك من كل قلبك.." وهذا الحب هو الذي يسحبها في اتجاه واحد ناحية الله وبلا تخبط. ويقال أن الحمامة الرعناء هي بلا قلب وبلا عقل فهي لا تحزن على صغارها إذا أخذوا منها، بل تبني عشها ثانية في نفس المكان. وإسرائيل بعد ما حمل العدو جزءاً من شعبهم كسبايا لم يتأثروا واستمروا في معاملتهم بل الاتكال عليهم. أبسط عليهم شبكتي = هم إنخدعوا من أشور ومن مصر ولكن الشبكة التي انتشبوا فيها هي شبكة الرب، فهو الذي أسلمهم لأعدائهم بعد أن تركوه. فهو يؤدبهم بحسب خبر جماعتهم = فهو سبق وأخبر جماعتهم بعقوبة الخطاة. كل هذا وهو لا يعرف = أي لا يعرف أن يد الله ممدودة ضده من جهلهم "هلك شعبي من عدم المعرفة".

الأعداد 13-16

الآيات (13 - 16): -

"13« وَيْلٌ لَهُمْ لأَنَّهُمْ هَرَبُوا عَنِّي. تَبًّا لَهُمْ لأَنَّهُمْ أَذْنَبُوا إِلَيَّ. أَنَا أَفْدِيهِمْ وَهُمْ تَكَلَّمُوا عَلَيَّ بِكَذِبٍ. 14 وَلاَ يَصْرُخُونَ إِلَيَّ بِقُلُوبِهِمْ حِينَمَا يُوَلْوِلُونَ عَلَى مَضَاجِعِهِمْ. يَتَجَمَّعُونَ لأَجْلِ الْقَمْحِ وَالْخَمْرِ، وَيَرْتَدُّونَ عَنِّي. 15 وَأَنَا أَنْذَرْتُهُمْ وَشَدَّدْتُ أَذْرُعَهُمْ، وَهُمْ يُفَكِّرُونَ عَلَيَّ بِالشَّرِّ. 16يَرْجِعُونَ لَيْسَ إِلَى الْعَلِيِّ. قَدْ صَارُوا كَقَوْسٍ مُخْطِئَةٍ. يَسْقُطُ رُؤَسَاؤُهُمْ بِالسَّيْفِ مِنْ أَجْلِ سَخَطِ أَلْسِنَتِهِمْ. هذَا هُزْؤُهُمْ فِي أَرْضِ مِصْرَ.

نلاحظ هنا أنهم عصوا على الله وتمردوا عليه بالرغم من الطرق المختلفة التي إتخذها ليحفظ ولائهم له. ففي (13) أنا افديهم = فهو أخرجهم من أرض مصر ونجاهم من ضيقات كثيرة. وفي (15) أنا أنذرتهم وشددت أذرعهم = أي حين ضعفت قوتهم كالذراع المكسور، جبر الله ذراعهم وضمده (2مل13: 16، 17 + 2مل14: 25، 26) وماذا كان موقفهم هم؟ هربوا عني = كما تهرب الحمامة الرعناء، هم إلتجأوا للغرباء. الله الطبيب أعلن أنه لابد من قبول العلاج لكنهم هربوا من العلاج أي التأديب. ويل لهم = من يهرب من الله تتبعه الويلات. وأعظم ويل هو الابتعاد عن الله مصدر الحياة وكل خير. وتباً لهم = أي لهم الهلاك وهم تكلموا علىَّ بكذب = فهم أنكروا قدرته على الخلاص، وأنه غير قادر أن ينجيهم، وأنكروا محبته وأمانته بل هم يفكرون علىَّ بالشر = هنا الله يعرف أفكارهم والله يدين على الأفكار الخاطئة وأي خطية هي أمر سئ وخيانة لله ولكرامته. وفي (14) فبالرغم من النكبات التي حلَّت بهم وجعلتهم يولولون على مضاجعهم فإنهم لم يصرخوا إلى الله بقلوبهم. هم تجمعوا لأجل القمح والخمر = فإحدى الضربات التي لحقتهم كانت أن إنقطع المطر، وهنا صلوا لله ليعطيهم مطراً فيكون لهم القمح والخمر = كل ما يطلبونه الخيرات الجسدية ولكنهم لم يقدموا توبة ولم يتركوا أصنامهم. لذلك يقول الله ويرتدون عني = فعبادتهم هنا هي نوع من الكذب لأنها مظهرية. إلاّ أنه في الترجمة السبعينية جاءت عبارة تجمعوا لأجل القمح هكذا "يجرحون نفوسهم حول مذابح أوثانهم" كما يفعل الوثنيون (1مل28: 18). وهذه الترجمة تشرح قوله ويرتدون عني. وبسبب هذا حاول البعض فهم كلمة مضاجعهم على أنها مذابحهم الوثنية. وفي (16) هم في ترددهم بين طريق الله وبين أصنامهم لم يرجعوا إلى الله. والله يطلب الرجوع إليه بالكامل "إرجعوا إلىَّ أرجع اليكم" (زك3: 1) الله يطلب الرجوع بكل القلب وبغير هذا يكون الإنسان قد أخطأ هدفه كقوس مخطئة = ولأنهم مترددين في الإلتجاء لله بكل القلب، فهم مرة يصلون لله ومرة أخرى يذهبون لأرض مصر طلباً للمعونة، والتجائهم لآخر غير الله سيخجلهم، فهم سيخجلوا من شعب لا ينفعهم (إش5: 30) وسينهزموا = ويسقط رؤساؤهم بالسيف. هذا هزؤهم في أرض مصر = فبإلتجائهم لمصر سيكونون هزءاً فينظر كل من حولهم.

وفي هذه الآيات نجد نبوة عن عمل المسيح لهذا الشعب ورفض هذا الشعب له أنا أفديهم (لهذا جاء المسيح فهو جاء إلى خاصته) وهم تكلموا علىّ بكذب = بل أتوا بشهود زور ودبروا له الصليب = وهم يفكرون عليَّ بالشر (وخاصته لم تقبله) بل هم للآن يكذبون ويرفضون المسيح. وأنا قد انذرتهم = فلقد كانت كتب الانبياء بين أيديهم، ولم يخافوا. لذلك سقط رؤساؤهم = وكانت عقوبتهم التشريد لمدة 2000سنة كانوا فيها يولولون على مضاجعهم وكل ما يطلبونه الخيرات الزمنية ورجوعهم إلى أرض الميعاد ولكنهم يرفضون المسيح = يرتدون عني لذلك قد صاروا كقوسٍ مخطئة. لم يحصلوا على بركات الخلاص لأنهم ضلوا الهدف، فالخلاص روحي لكنهم ظنوه خلاصاً زمنياً (لو21: 24).

تأمل روحي: إن فقدنا القمح والخمر، أي إن أصابتنا خسارة زمنية، فقبل أن نصرخ من أجل عودة البركات الزمنية فلنقدم توبة حقيقية لله. فكثيرين يصرخون لله ليرفع الألم، ولكن الله لا يستجيب حتى يأتي الألم بثماره أي التوبة.

No items found

الأصحاح الثامن - سفر هوشع - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح السادس - سفر هوشع - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر هوشع الأصحاح 7
تفاسير سفر هوشع الأصحاح 7