الإصحاح الأول – سفر هوشع – القمص أنطونيوس فكري

مقدمة هوشع

* هو أول الأنبياء الصغار. وكلمة صغار تشير لصغر حجم نبواتهم وليس صغر شأنهم. وهوشع كلمة عبرية تعني "يهوه يخلص" ومنها كلمة يشوع أو يسوع.

* عاصر ملوك يهوذا "عزيا ويوثام وأحاز وحزقيا". وقارن مع (إش 1: 1) تجد أنهم نفس الملوك الذين عاصرهم إشعياء. أي أن هوشع وإشعياء تنبأ كلاهما في نفس الفترة الزمنية. وبينما تنبأ إشعياء في يهوذا، تنبأ هوشع في مملكة إسرائيل الشمالية، إلاّ أنه غالباً وبعد سقوط السامرة في يد أشور ذهب هوشع إلى يهوذا وأكمل نبواته هناك.

* وذكر هوشع أسماء ملوك يهوذا ولم يذكر أسماء ملوك إسرائيل الذين عاش وسطهم، لأنه غالباً إعتبر أن ملوك يهوذا، نسل داود هم الملوك الذين بحسب قلب الله. ومن الأنبياء الذين عاصروه أيضاً عاموس وميخا (عاموس في إسرائيل وميخا في يهوذا).

* بدأ هوشع نبواته في أيام يربعام الثاني بن يوآش ملك إسرائيل.

* ملك زكريا بن يربعام لمدة 6 شهور ثم قتله شلوم بن يابيش الذي ملك شهر واحد. ثم قام منحيم بن جادي على شلوم وقتله وإمتلك مكانه 10سنوات ومات، وخلفه إبنه فقحيا بن منحيم لمدة سنتين. ثم قتله فقح بن رمليا. وهوشع قتل فقح. وحاصرت أشور السامرة في أيام هوشع ثلاث سنين إلى أن سقطت سنة 722ق. م.

* تقدر المدة التي تنبأ فيها هوشع بحوالي 70سنة. وفيها تنبأ بخراب إسرائيل. وكرر نفس التحذير ليهوذا. وذلك بسبب الإنحلال الخلقي والديني وعبادة الأوثان والزنا. وعبادة الأوثان كانت تشتمل على الزنا في المعابد الوثنية.

* استمرت مملكة إسرائيل فترات طويلة بدون ملك (هو3: 10).

* فكر ملوك إسرائيل في التحالف مع مصر ضد أشور، وإعتبر هوشع هذا خطية كبيرة (6: 10) وطبعاً الحل ليس في التحالف مع قوى عالمية كبيرة، بل في الاعتماد على الله. ولكن الله له شروطه وهي ضرورة التوبة. وسفر هوشع سفر رائع لموضوع التوبة خاصة الإصحاح الأخير.

* قبل سقوط إسرائيل نهائياً في يد أشور تعرضت لعدة غزوات من الأشوريين وأوقعت أشور على الإسرائيليين الجزية. وهكذا نرى أن الله لا يأتي بضربة كبيرة إلاّ لو سبقها إنذارات. فلقد سبق سقوط السامرة زلزلة عظيمة (عا1: 1) وضربة جراد (يؤ2: 1 - 4) ثم غزوات أشور البسيطة وفرض الجزية وأخيراً الضربة الكبيرة وهي السبي بعد تدمير السامرة نهائياً.

* ولاحظ أن ملوك إسرائيل كانوا أشراراً كشعبهم، قتلة ومغتصبين للعرش وآخر ملوك إسرائيل هوشع بن إيلة الذي أخضعه شلمنآصر ملك أشور ووضعه تحت الجزية. وإذ وُجِدَ في خيانة لأنه استغاث بسوا ملك مصر، ولم يؤدِّ الجزية قبض عليه وحاصر السامرة 3 سنين وتم سبي إسرائيل، وكان هذا في السنة الخامسة لحزقيا الملك.

* غالبية نبوات هوشع عن إسرائيل، ويسميها في بعض الأحيان السامرة. فالسامرة هي العاصمة، ويسميها في أحيان أخرى أفرايم وهو أكبر أسباط إسرائيل، ومنه يربعام أول ملوكها بعد انفصال المملكتين.

* سبب إنحراف مملكة إسرائيل منذ نشأتها أن يربعام بن نباط ملكهم الأول الذي شق المملكة إثر ثورة وإنقلاب على رحبعام بن سليمان، هذا قد أقام هيكلين في أراضي إسرائيل، ووضع فيهم عجول ذهبية، وطلب من شعبه العبادة في هذه الهياكل، وإعتبر أن هذه العجول الذهبية هي بمثابة يهوه إله إسرائيل. وهو فعل هذا لأنه خاف أن يذهب شعبه للعبادة في أورشليم بحسب الناموس فيثوروا ضده وينضموا لملك يهوذا. وهكذا كان الانفصال بداية كل الشرور. فلقد تبع عبادة هذه العجول الذهبية والإنفصال عن هيكل الله في أورشليم، دخول عبادة البعل الوثنية خصوصاً على يد عائلة أخاب ملك إسرائيل. ولهذه الشرور غابت البركة عن مملكة إسرائيل، فلقد توالت الاغتيالات السياسية، وحكمت إسرائيل أسرات عديدة، أما كرسي داود فلقد إستمر ثابتاً يحكم يهوذا حتى سقوط يهوذا في سبي بابل. فالاستقرار كان بركة من الله.

اقتباسات العهد الجديد من هوشع:

قارن (رو25: 9) مع (هو10: 1).

(مت15: 2) مع (هو1: 11).

(مت13: 9، 7: 12) مع (هو6: 6).

(1كو55: 15) مع (هو14: 13).

(رؤ16: 6) مع (هو8: 10).

هدف هذه النبوة كشف النقاب عن الخطية وإعلان دينونة الله على شعب رفض الإصلاح. وأن الخراب هو نتيجة طبيعية للخطية. وهو تنبأ بهذا الخراب قبل أن يحدث بمدة طويلة وعاش إلى أن رآه. وكانت أسماء أولاده كنبوة حية عن هذا الخراب الآتي وأشياء أخرى.

الإصحاح الأول

العدد 1

أية (1): -

"1قَوْلُ الرَّبِّ الَّذِي صَارَ إِلَى هُوشَعَ بْنِ بِئِيرِي، فِي أَيَّامِ عُزِّيَّا وَيُوثَامَ وَآحَازَ وَحَزَقِيَّا مُلُوكِ يَهُوذَا، وَفِي أَيَّامِ يَرُبْعَامَ بْنِ يُوآشَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ.".

من رحمة الله أن يستمر هذا النبي الخادم كل هذه المدة ليشهد لله ويدعو الشعب للتوبة. وكما رأينا فهوشع النبي عاصر ملوكاً كثيرين لإسرائيل، لكنه لم يذكر سوى واحداً منهم فقط. وذلك راجع لشرورهم.

الأعداد 2-5

الآيات (2 - 5): -

"2أَوَّلَ مَا كَلَّمَ الرَّبُّ هُوشَعَ، قَالَ الرَّبُّ لِهُوشَعَ: «اذْهَبْ خُذْ لِنَفْسِكَ امْرَأَةَ زِنًى وَأَوْلاَدَ زِنًى، لأَنَّ الأَرْضَ قَدْ زَنَتْ زِنًى تَارِكَةً الرَّبَّ». 3فَذَهَبَ وَأَخَذَ جُومَرَ بِنْتَ دِبْلاَيِمَ، فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ لَهُ ابْنًا، 4فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «ادْعُ اسْمَهُ يَزْرَعِيلَ، لأَنَّنِي بَعْدَ قَلِيل أُعَاقِبُ بَيْتَ يَاهُو عَلَى دَمِ يَزْرَعِيلَ، وَأُبِيدُ مَمْلَكَةَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ. 5 وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنِّي أَكْسِرُ قَوْسَ إِسْرَائِيلَ فِي وَادِي يَزْرَعِيلَ».".

نجد هنا حادثة عجيبة فالله يطلب من النبي أن يتزوج من امرأة زنى. ولكن أليس هذا هو واقع علاقة الله بنا. فالنبي هنا يمثل الله، والزوجة هنا تمثل شعب الله. وهذا الشعب يزنى زنا روحي بعبادته للأوثان وزنا جسدي أيضاً. ومطلوب من النبي أن يحب زوجته وينجب منها. ومشاعر النبي هنا تعبر عن مشاعر الله. فالنبي الآن بهذا الزواج يشعر بآلام شديدة نفسية وجروح عميقة وهذا ما يريد الله أن نكتشفه، إننا بخطيتنا نجرح الله جداً. وهناك أراء تقول أن هذه القصة رمزية أو مجرد رؤيا. ولكن هذا الرأي مرفوض فكما ذهب إبراهيم بابنه مسيرة ثلاثة أيام ليذبحه قاسى خلالها أشد الآلام النفسية مرارة ليشرح الله له ولنا فكرة الفداء، والتي فيها سيعاني الآب والابن آلاماً حقيقية وترك الله إبراهيم ثلاثة أيام يتألم ألماً حقيقياً. هكذا ترك هوشع ليشعر ونشعر نحن من خلاله بكم نؤلم الله بخطيتنا. لقد ترك الله هوشع ليشعر بمشاعر الله وتركه يتكلم مع الشعب، هذه كما قال الله لإرمياء مثل فمي تكون (أر19: 15) وقد تكون هذه الزوجة من هؤلاء اللواتي ينذرن أنفسهن في هياكل الأوثان للزنا الجسدي لحساب البعل، الإله الوثني.

جُومَرَ بِنْتَ دِبْلاَيِمَ: جومر تعني نهاية الكمال خاصة كمال الفشل. ودبلايم تعني كعكة من التين المضغوط أو أقراص الزبيب. وكان هذا النوع من الكعك يستخدم في الاحتفالات الخاصة بالبعل (هو1: 3) والمعنى أن عبادة الأوثان تقود لكمال الفشل.

أَوْلاَدَ زِنًى: كما بقيت جومر في شرها تلد أبناء زنى بالرغم من زواجها من رجل نبي طاهر مبارك. هكذا بقى إسرائيل في زناه الروحي بالرغم من إعلان الله له عن اتحاده معه.

لأَنَّ الأَرْضَ قَدْ زَنَتْ: لم يقل لأن إسرائيل قد زنت، بل الأرض، فإسرائيل بزناها صارت أرضاً وليس سماء. أما نحن فبإتحادنا مع المسيح نقوم معه ونجلس معه في السماويات. وأولاد إسرائيل سيظلوا أولاد زنى لأن أمهم زانية حتى يقبلوا رسالة أبيهم (الله القدوس) ويرفضوا خطية أمهم (إسرائيل).

يَزْرَعِيلَ: الله يزرع. هذا هو أول أولاد جومر. ونسمع هنا لأَنَّنِي بَعْدَ قَلِيل أُعَاقِبُ = والمعنى أن ما يزرعه الله فينا من تأديبات هو ثمر عملنا، أو أننا سوف نحصد من ثمار ما زرعناه، هم زرعوا خطية فسيجنوا عقاباً "الذي يزرعه الإنسان إياه يحصد" (غل7: 6) "والزارع إثماً يحصد بلية" (أم8: 22) وكلمة يزرعيل تعني أيضاً (الله يبذر) وهذا ما كان الله ناوياً أن يعمله، فهو كان سوف يبذر إسرائيل ويشتتها على الجبال من أجل خطيتها. وسيبدأ الله بأن يعاقب بيت ياهو بن نمشي: هذا الملك قام على يورام بن أخاب زوج إيزابل الشريرة وقتله، وقتل كل أخوته وقتل إيزابل وأنبياء البعل فشجعه الله. ولكنه عاد فسار في نفس خطايا ملوك إسرائيل. وهو ملك 28سنة ومات وملك بدلاً منه يهو أحاز إبنه 17سنة ومات وملك بدلاً منه يوآش إبنه 16سنة ومات وملك بدلاً منه يربعام إبنه لمدة 41سنة. ثم ملك إبن يربعام، زكريا لمدة 6 شهور إلى أن قتله شلوم بن يابيش. وكان كل هؤلاء أشراراً وإستحقوا أن تنتهي أسرة ياهو بن نمشى هذه النهاية. فحين أحسن ياهو شجعه الله (2مل3: 10) وحينما زاد الشر أنهى الله هذه الأسرة بقتل زكريا. وهذا لم يكن سوى البداية أما النهاية فكانت بخراب إسرائيل النهائي = وَأُبِيدُ مَمْلَكَةَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ. والعقوبة لبيت ياهو هي على دَمِ يَزْرَعِيلَ = فياهو طلب من رؤساء السامرة ذبح أبناء أخاب السبعين. وهؤلاء خافوا من ياهو فذبحوا السبعين إبناً ووضعوا رؤوسهم في سلال وأرسلوها إليه، إلى يزرعيل (2مل1: 10 - 8) ولما وصلت السلال طلب ياهو أن يقسموها قسمين أمام مدخل الباب حتى الصباح. والله هنا يذكر هذا العمل الوحشي لياهو فالله يريد عقاب الأشرار مثل آخاب وبيته، ولكن الله لا يحب قطعاً ولا يرضى عن الوحشية التي في قلب ياهو. ووادي يزرعيل هذا وهو مرج ابن عامر اليوم، كان ساحة حروب دموية كثيرة. وهناك أَكْسِرُ قَوْسَ إِسْرَائِيلَ فى وادى يزرعيل = قد يكون هذا الوادي مكاناً لحفظ أسلحة إسرائيل، أو حدثت فيه معركة ضعفت فيها قوة إسرائيل. وبعد موت زكريا آخر ملوك بيت ياهو بدأت مملكة إسرائيل في الإنحطاط وكان ذلك مقدمة لخرابها النهائي. والله هنا يذكر بأن بداية شرور بيت ياهو هو شر قلب ياهو الذي قام بقتل أولاد آخاب في وادى يزرعيل بعمل وحشي، كان فيه ياهو كارهاً للناس منتقماً لنفسه وليس كارهاً للشر والخطية بدليل ما قام به بعد ذلك من خطايا واستمراريته في شرور كل ملوك إسرائيل.

الأعداد 6-7

الآيات (6 - 7): -

"6ثُمَّ حَبِلَتْ أَيْضًا وَوَلَدَتْ بِنْتًا، فَقَالَ لَهُ: «ادْعُ اسْمَهَا لُورُحَامَةَ، لأَنِّي لاَ أَعُودُ أَرْحَمُ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ أَيْضًا، بَلْ أَنْزِعُهُمْ نَزْعًا. 7 وَأَمَّا بَيْتُ يَهُوذَا فَأَرْحَمُهُمْ وَأُخَلِّصُهُمْ بِالرَّبِّ إِلهِهِمْ، وَلاَ أُخَلِّصُهُمْ بِقَوْسٍ وَبِسَيْفٍ وَبِحَرْبٍ وَبِخَيْل وَبِفُرْسَانٍ».".

لُورُحَامَةَ: أي لا أعود أرحم. هذه إحدى نتائج البعد عن الله والاستهانة بلطفه وطول أناته. لأَنِّي لاَ أَعُودُ أَرْحَمُ = معنى هذا أن الله قد أعطاهم فرصاً كثيرة للمراحم. 7 وَأَمَّا بَيْتُ يَهُوذَا فَأَرْحَمُهُمْ = فهم حافظوا على علاقتهم بالله مدة أطول من إسرائيل. وَلاَ أُخَلِّصُهُمْ بِقَوْسٍ = فهذا ما حدث فعلاً فأشور أبادت مملكة إسرائيل، ولكن أثناء حصار أشور هذه لأورشليم، وبعد صلاة حزقيا الملك، ضرب الملاك من جيش أشور 185000. ولكن (آية7) هذه تشير لخلاص الكنيسة بفداء المسيح. فيهوذا هنا تشير للكنيسة والدليل وَأُخَلِّصُهُمْ بِالرَّبِّ إِلهِهِمْ = أي بالمسيح وَلاَ أُخَلِّصُهُمْ بِقَوْسٍ = أي بالصليب، والمتحدث هنا هو الآب وهو يتكلم عن الإبن ويكون خلاص يهوذا من أشور رمزاً لخلاص الكنيسة من الشيطان.

الأعداد 8-11

الآيات (8 - 11): -

"8ثُمَّ فَطَمَتْ لُورُحَامَةَ وَحَبِلَتْ فَوَلَدَتِ ابْنًا، 9فَقَالَ: «ادْعُ اسْمَهُ لُوعَمِّي، لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ شَعْبِي وَأَنَا لاَ أَكُونُ لَكُمْ. 10لكِنْ يَكُونُ عَدَدُ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَرَمْلِ الْبَحْرِ الَّذِي لاَ يُكَالُ وَلاَ يُعَدُّ، وَيَكُونُ عِوَضًا عَنْ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: لَسْتُمْ شَعْبِي، يُقَالُ لَهُمْ: أَبْنَاءُ اللهِ الْحَيِّ. 11 وَيُجْمَعُ بَنُو يَهُوذَا وَبَنُو إِسْرَائِيلَ مَعًا وَيَجْعَلُونَ لأَنْفُسِهِمْ رَأْسًا وَاحِدًا، وَيَصْعَدُونَ مِنَ الأَرْضِ، لأَنَّ يَوْمَ يَزْرَعِيلَ عَظِيمٌ.".

لُوعَمِّي: لستم شعبي. وهذا هو أقسى عقاب يُعَاقَبْ به شعب الله. فنسبتهم لله هي سر قوتهم ومصدر كل بركة. فتخلي الله عنا يساوي وقوعنا في يد الشيطان. ولكن ماذا حدث حتى يتخلى الله عن شعبه؟ الله لم يتخلى أولاً عنهم بل هم ذهبوا وراء البعل أولاً. وفي (آية10) لكن = لكن هذه معزية جداً، فالنهاية ليست رفض الله لشعبه وانفصاله عنّا، لكن هناك دائماً فرصة، وسيعود الله لشعبه = ويَكُونُ عَدَدُ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَرَمْلِ الْبَحْرِ وهذا قد حدث في الكنيسة. ويُقَالُ لَهُمْ: أَبْنَاءُ اللهِ الْحَيِّ. = فنحن قد حصلنا على البنوة في المسيح. ويجعلون لأَنْفُسِهِمْ رَأْسًا وَاحِدًا = فالمسيح رأس الكنيسة (راجع رسالتي أفسس وكولوسي) وَيَصْعَدُونَ مِنَ الأَرْضِ = فنحن في المسيح صرنا في السماويات (أف6: 2) لأَنَّ يَوْمَ يَزْرَعِيلَ عَظِيمٌ = الله زرع هذا الخلاص بأن وقعت حبة الحنطة في الأرض وماتت (يو24: 12). وكان رمز هذا الخلاص في العهد القديم رجوع إسرائيل ويهوذا بعد عودة يهوذا من سبي بابل، ليكونا أمة واحدة برأس واحد هو زربابل. وجمع يهوذا وإسرائيل في أمة واحدة رمز لجمع اليهود والأمم في جسد المسيح الواحد. وكان أولاد هوشع بأسمائهم إشارة لهلاك إسرائيل، كما كانت أسماء أولاد إشعياء ذات معاني نبوية. ولكن قيل عن أولاد هوشع أولاد زنى لولادتهم من زانية كما أن هلاك إسرائيل كان نتيجة طبيعية لخطاياهم. ولاحظ التدرج في الأسماء يَزْرَعِيلَ = عقاب الله، لُورُحَامَةَ = حجب عطفه ومراحمه، لُوعَمِّي = إقصائهم الكامل عن الله.

8ثُمَّ فَطَمَتْ لُورُحَامَةَ وَحَبِلَتْ فَوَلَدَتِ ابْنًا.. اسْمَهُ لُوعَمِّي = نجد هنا مراحم الله واضحة فقبل أن يولد لوعمى كانت هناك فترة فطام للورحامة والمعني أن الله قبل أن يرفضهم من أن يكونوا شعباً له أعطاهم فرصة انتظار هى الفترة ما بين يوم ولادة لورحامة ويوم فطامها، هذه هي طول أناة الله، فهو يطيل أناته علينا لعلنا نتوب.

لأَنَّ يَوْمَ يَزْرَعِيلَ عَظِيمٌ = فبعد أن كان يزرعيل يمثل تهديداً ومرارة وعقاب من الله، وحيث كان الرفض والخراب ثمر خطيتنا. صار يزرعيل يمثل وعداً بأن يزرعنا الله زرعاً مقدساً (إش13: 6) وبذلك ينتشر ملكوت الله في الأرض كلها. وسهل يزرعيل كان مشهوراً بأرضه الخصبة. هكذا شعب الله سيمتاز بالبركات الروحية. وطبق هذا بولس الرسول في (رو9: 25، 26) وكثرة عدد المؤمنين واضح في (رؤ7: 4، 9 + غل27: 4) وتم الوعد في (تك5: 17) لاحظ كم معنى لكلمة يزرعيل. وشكراً لله الذي بمراحمه تحولت العقوبة إلى بركة.

لأَنَّ يَوْمَ يَزْرَعِيلَ عَظِيمٌ = المسيح حبة الحنطة زُرِعَت فى الأرض (يو12: 24) = أى المسيح مات ودفن ليقوم بحياة أبدية، ليقيم كنيسته فيه وتكون كنيسة حية، حياة أبدية. وهذه الحياة الأبدية زرعها فينا وفى كنيسته لنحيا للأبد. وفى هذا يقول القديس بطرس "مولودين ثانية، ليس من زرع يفنى، بل مما لا يفنى، بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد" (1بط1: 23). فالمسيح زرع حياته فى الكنيسة... وزرع الكنيسة فى كل الأرض = بذر أو بدر الكنيسة فى كل الأرض كما يرمى الفلاح البذار فى الأرض، ليعطى الفرصة لكل من يريد أن يحيا حياة أبدية، بأن يؤمن ويعتمد فيصبح عضوا حيا فى كنيسته. وهذا المعنى نجده فى سفر الأعمال (8: 1 - 4) وهو أنه نتيجة الإضطهاد الذى حدث ضد الكنيسة من اليهود تشتت المسيحيين = (بدر أو بذر الكنيسة فى الأرض)..... لكنهم جالوا مبشرين بالكلمة فإنتشرت الكنيسة فى كل العالم. ولكى ينمو الزرع يجب أن يُروى بالماء (والماء رمز للروح القدس يو7: 37 – 39). والمعنى أنه يجب على المؤمن أن يجاهد العمر كله ليمتلئ من الروح القدس فتنمو فيه حياة المسيح ويثبت فيه، ولذلك يسمى سر الميرون بسر التثبيت. وكيف نمتلئ بالروح القدس؟

  1. بأن نطلب بلجاجة (مت7: 11 + لو11: 13). فأعظم العطايا الصالحة التى أعطاها لنا الآب السماوى هو الروح القدس الذى يثبتنا فى الحياة الأبدية أى المسيح، فالمسيح هو الحياة (يو11: 25).
  2. نطبق تعاليم القديس بولس الرسول فى (أف5: 18 – 21).

No items found

الأصحاح الثاني - سفر هوشع - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر هوشع الأصحاح 1
تفاسير سفر هوشع الأصحاح 1