الأصحاح الثاني عشر – سفر هوشع – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الثاني عشر

الأعداد 1-2

الآيات (1 - 2): -

"1«أَفْرَايِمُ رَاعِي الرِّيحِ، وَتَابعُ الرِّيحِ الشَّرْقِيَّةِ. كُلَّ يَوْمٍ يُكَثِّرُ الْكَذِبَ وَالاغْتِصَابَ، وَيَقْطَعُونَ مَعَ أَشُّورَ عَهْدًا، وَالزَّيْتُ إِلَى مِصْرَ يُجْلَبُ. 2فَلِلرَّبِّ خِصَامٌ مَعَ يَهُوذَا، وَهُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يُعَاقِبَ يَعْقُوبَ بِحَسَبِ طُرُقِهِ. بِحَسَبِ أَفْعَالِهِ يَرُدُّ عَلَيْهِ.".

أَفْرَايِمُ رَاعِي الرِّيحِ = لقد ترك إفرايم راعيه الصالح. وخرج يرعي الريح أي لا فائدة من كل أعمالهم وَتَابعُ الرِّيحِ الشَّرْقِيَّةِ = هنا يريد إقناع إفرايم بالحماقة لاعتماده على مصر وأشور فهم يطعمون أنفسهم بالأمال الباطلة بل المؤذية فالريح الشرقية مُضِرَّة وتجفف مجاري المياه وبالتالي يموت الثمر. ولذلك فإن تفسير الريح الشرقية أنه "ضد المسيح". فهم تركوا المسيح حتى الآن، وسيقبلون ضد المسيح حين يأتي، وبذلك يرعون ريحاً شرقية تخربهم ويصبحون بلا ثمر. ولذلك كُلَّ يَوْمٍ يُكَثِّرُ الْكَذِبَ = الآن هم يغشون النبوات الواضحة التى بين أيديهم ويفسرونها بالكذب، ويزداد كذبهم يوما بعد يوم، ويأتى اليوم الذى يقبلون فيه ضد المسيح. فالشيطان الذي يملأ ضد المسيح هو "الكذاب وأبو الكذاب" فسيتفق كذبهم مع كذب الشيطان وضد المسيح هذا. أنا أتيت بإسم أبي ولستم تقبلوني إن أتى آخر بإسم نفسه فذلك تقبلونه (يو43: 5). وَتَابعُ الرِّيحِ الشَّرْقِيَّةِ = أي هم سيتبعونه لخرابهم (هو15: 13) ولأنهم تعاهدوا مع الشيطان شابهوه = فكَثِّرُ الْكَذِبَ وَالاغْتِصَابَ، وقطع العهود مع العالم (أشور ومصر) بدلاً من الله. وفي (2) بسبب كل هذا سيعاقبون من الله والزيت يجلب إلى مصر = هذه علامة قطع العهد. ولكن العالم غير أمين في عهوده فرئيس هذا العالم هو الشيطان. وهنا يذكرهم بأنهم أولاد يعقوب = يُعَاقِبَ يَعْقُوبَ = أي نسل يعقوب فنسله لم يشابهه.

الأعداد 3-6

الآيات (3 - 6): -

"3«فِي الْبَطْنِ قَبَضَ بِعَقِبِ أَخِيهِ، وَبِقُوَّتِهِ جَاهَدَ مَعَ اللهِ. 4جَاهَدَ مَعَ الْمَلاَكِ وَغَلَبَ. بَكَى وَاسْتَرْحَمَهُ. وَجَدَهُ فِي بَيْتِ إِيلَ وَهُنَاكَ تَكَلَّمَ مَعَنَا. 5 وَالرَّبُّ إِلهُ الْجُنُودِ يَهْوَهُ اسْمُهُ. 6 وَأَنْتَ فَارْجعْ إِلَى إِلهِكَ. اِحْفَظِ الرَّحْمَةَ وَالْحَقَّ، وَانْتَظِرْ إِلهَكَ دَائِمًا.".

هنا يذكرهم بجهاد يعقوب مع الله من بطن أمه = فهو قَبَضَ بِعَقِبِ أَخِيهِ لأنه اشتهى البكورية أي أن يأتي المسيح من نسله. وقطعاً فيعقوب في بطن أمه لم يكن يدرك هذا، ولكن بعد ما كَبُرَ فَهِمَ واهتم بالبكورية بينما إحتقرها عيسو. وكان ما حدث أثناء الولادة نوع من الرمز قصده الله حتى يعلن مدى الاهتمام بهذه البركة، وأن من يطلب البركة بلجاجة ويتمسك بها ينالها. وهو جَاهَدَ مَعَ الْمَلاَكِ = ولماّ اكتشف أن ذراعيه غير قادرتين على أن يغلب بكي واسترحمه (وقصة بكاء يعقوب وطلبه الرحمة في جهاده لم تذكر في سفر التكوين بل هنا فقط وبهذا يكمل فهمنا للقصة فنحن فهمنا الآن أن صراع يعقوب مع الملاك كان صراع صلاة) وبذلك رحمه الله وأعلن نفسه لهُ = وَجَدَهُ فِي بَيْتِ إِيلَ = الله يذكرهم كيف كانت بيت إيل مكاناً يلتقي فيه يعقوب أبيهم مع الله، وليقارنوا بما يفعلونه الآن في بيت إيل حتى أن النبي أسماها بيت آون. والله كلم يعقوب في بيت إيل ومن خلال يعقوب تكلم الله معنا. وفي (5) يَهْوَهُ اسْمُهُ = أنا هو = أنا الكائن الذي كنت والذي سوف أكون والكائن بذاتي الآن، أي الأزلي والأبدي، والمعنى إذا كان الله قد بارك يعقوب نظراً لجهاده فإن رجع إسرائيل للرب وجاهد فسيباركهم الرب. فالرب لا يتغير "هو هو أمس واليوم وإلى الأبد" وهو إِلهُ الْجُنُودِ = وهذا هو المنظر الذي رآه يعقوب في بيت إيل في المرة الثانية (جيش من الملائكة) ولذلك في (6) يدعوهم النبي للعودة بكل قلبهم بتوبة وإيمان. وَانْتَظِرْ إِلهَكَ = أي لا تتعجلوا النتائج.

الأعداد 7-11

الآيات (7 - 11): -

"7«مِثْلُ الْكَنْعَانِيِّ فِي يَدِهِ مَوَازِينُ الْغِشِّ. يُحِبُّ أَنْ يَظْلِمَ. 8فَقَالَ أَفْرَايِمُ: إِنِّي صِرْتُ غَنِيًّا. وَجَدْتُ لِنَفْسِي ثَرْوَةً. جَمِيعُ أَتْعَابِي لاَ يَجِدُونَ لِي فِيهَا ذَنْبًا هُوَ خَطِيَّةٌ. 9 وَأَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ حَتَّى أُسْكِنَكَ الْخِيَامَ كَأَيَّامِ الْمَوْسِمِ. 10 وَكَلَّمْتُ الأَنْبِيَاءَ وَكَثَّرْتُ الرُّؤَى، وَبِيَدِ الأَنْبِيَاءِ مَثَّلْتُ أَمْثَالاً». 11إِنَّهُمْ فِي جِلْعَادَ قَدْ صَارُوا إِثْمًا، بُطْلاً لاَ غَيْرُ. فِي الْجِلْجَالِ ذَبَحُوا ثِيرَانًا، وَمَذَابِحُهُمْ كَرُجَمٍ فِي أَتْلاَمِ الْحَقْلِ.".

هنا صورة إسرائيل وقد رفضت المسيح. فبعد أن كانوا شعباً لله وإبناً لهُ صاروا مِثْلُ الْكَنْعَانِيِّ = وكلمة كنعاني تعني تاجر لأن الكنعانيين اشتهروا وتفوقوا في التجارة ولكنهم وثنيين لا يعرفون الله، والكنعانيون ملعونون (تك25: 9) فِي يَدِهِ مَوَازِينُ الْغِشِّ. يُحِبُّ أَنْ يَظْلِمَ = اليهود مشبهين حتى الآن بأنهم صاروا تجار مرفوضين من الله (وثنيين) ملعونين (لصلبهم المسيح) وهم تجار غشاشين فهم في يدهم النبوات والتوراة تشهد للمسيح، لكنهم يحرفون معانيها ونسوا الجهاد مع الله واهتموا بمجد العالم والزمنيات، ويريدون مسيحاً يعطيهم الأكثر من الزمنيات = إِنِّي صِرْتُ غَنِيًّا.

لاَ يَجِدُونَ لِي فِيهَا ذَنْبًا هُوَ خَطِيَّةٌ = وهذا استخفاف بخطاياهم فكأنهم يريدون القول أنهم لا يجدون من الذنب ما يستحق أن يذكر أو يكون خطية، ولكن إدعاءهم هذا لن يرحمهم من لعنة الله وذلك لغشهم ورفضهم للمسيح. [كلمة خطية تعنى من يخطئ فى إصابة الهدف فيفقد المكافأة (رو3: 23)، فيكون معنى الآية أن ذنوبنا شئ بسيط جدا لا يوجد فيه ما يحرمنا من البركات الإلهية، وهم يبحثون على البركات المادية].

وفي (9) وَأَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ = أنا أخرجتكم من أرض العبودية لتعبدوني وتكونون لي شعباً وبنيت لكم بيوتاً وأسكنتكم وأرحتكم، لكنكم خنتموني فسأعيدكم لحالكم الأول وأهدم بيوتكم = أُسْكِنَكَ الْخِيَامَ كَأَيَّامِ الْمَوْسِمِ = وأيام الموسم هي عيد المظال حيث يسكنون في خيام سبعة أيام حتى يذكروا عطايا الرب لهم، فهو حررهم من أرض مصر فخرجوا إلى برية سيناء فى خيام، فعاشوا فى خيام إلى أن دخلوا إلى أرض الميعاد. لكن هنا سيجلب الله عليهم الخراب ويسكنون الخيام للأبد. وهم تشتتوا فعلاً وتغربوا في العالم 2000سنة بعد صلبهم للمسيح. والله هنا يبرر نفسه، فهو لم يقصر معهم ففي (10) كَلَّمْتُ الأَنْبِيَاءَ وَكَثَّرْتُ الرُّؤَى = هذه تساوى "لكى تتبرر فى أحكامك وتغلب إذا حوكمت". والنبوات تشهد عن المسيح فلماذا لا تؤمنون؟ قطعاً السبب أنهم لا يميلون للروحيات التي يعلمها المسيح، وهم لا يريدون مسيح مصلوب بل مسيح قوى يخضع لهم العالم، فهم يطلبون الزمنيات وملك العالم = وَجَدْتُ لِنَفْسِي ثَرْوَةً. وفي (11) خطيتهم أنهم عبدوا الأوثان في جلعاد وفي الجلجال. وخطيتهم الآن أنهم تركوا المسيح وعبدوا قوتهم وثروتهم. وخطيتهم في المستقبل أنهم سيسيرون وراء النبي الكذّاب أي ضد المسيح. وسيتحول كل ما عبدوه، وستتحول مذابحهم إلى رُجَمٍ = أي خرائب. كل مجدهم العالمي سينتهي (رؤ8: 18 - 10).

الأعداد 12-14

الآيات (12 - 14): -

"12 وَهَرَبَ يَعْقُوبُ إِلَى صَحْرَاءِ أَرَامَ، وَخَدَمَ إِسْرَائِيلُ لأَجْلِ امْرَأَةٍ، وَلأَجْلِ امْرَأَةٍ رَعَى. 13 وَبِنَبِيٍّ أَصْعَدَ الرَّبُّ إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ، وَبِنَبِيٍّ حُفِظَ. 14أَغَاظَهُ إِسْرَائِيلُ بِمَرَارَةٍ، فَيَتْرُكُ دِمَاءَهُ عَلَيْهِ، وَيَرُدُّ سَيِّدُهُ عَارَهُ عَلَيْهِ.".

يَعْقُوبُ أبوهم خرج وهرب من وجه عيسو إِلَى الصَحْرَاءِ وكان هارباً في فقر وضعف ثم خدم من أجل المرأة التي أحبها كثيراً. والله أغناه. وكأن الله يقول لهم أتركوا العالم وسيروا ورائي وأنا أبارككم. وَبِنَبِيٍّ أي موسى أصعدهم من مصر وحفظهم في القفر وهو قادر أن يحفظهم لو ساروا وراءه لكن هم يغيظون الله ويعبدون البعليم فيترك دماءه عليهم ويتركهم في عار. واليهود يفهمون هذه الآيات أن الله سيباركهم ويرعاهم لو شابهوا أبائهم يعقوب وموسى ولكنه سيلعنهم ويترك دماءهم عليهم لو خانوه.

لكن هذه الآيات هي نبوة عن عمل المسيح الراعي الحقيقي الذي أتى في فقر وضعف من أجل المرأة التي أحبها (الكنيسة) وهو النبي الذي أصعدنا من عبودية إبليس ومازال يرعى ويحفظ كنيسته، ولكنهم أغاظوه برفضهم للمسيح وصلبه فيترك دماءه عليهم ويتركهم في عار منذ قولهم دمُه علينا. ولأن إسرائيل مازالوا يرفضون المسيح ويرفضون الإيمان فدمهُ عليهم، لذلك هم مازالوا في عار. المسيح يعاتبهم هنا قائلا، أنا أتيت من أجل الكنيسة أحببتها، وصلبتمونى وقبلت هذا لأكون كنيستى فلماذا ما زلتم ترفضونى وأنا أكن لكم كل الحب.

No items found

الأصحاح الثالث عشر - سفر هوشع - القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الحادي عشر - سفر هوشع - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر هوشع الأصحاح 12
تفاسير سفر هوشع الأصحاح 12