الأصحاح الثامن – تفسير سفر أعمال الرسل – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر أعمال الرسل – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الثامن

العدد 1

آية (1): -

"1 وَكَانَ شَاوُلُ رَاضِيًا بِقَتْلِهِ. وَحَدَثَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ اضْطِهَادٌ عَظِيمٌ عَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ، فَتَشَتَّتَ الْجَمِيعُ فِي كُوَرِ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ، مَا عَدَا الرُّسُلَ.".

رَاضِيًا = إذ ظن أن المسيحية قد إنتهت. ربما كان شاول الطرسوسى عضواً فى السنهدريم. وكان الإضطهاد الذى بدأ سببه الثورة التى حدثت بسبب ما قاله إسطفانوس أن الهيكل إنتهى دوره فلقد فهموا أن هناك إنفصال تام بين المسيحية واليهودية وأنه لا تعايش بينهما. فلقد أبطلت المسيحية عوائد الناموس، والعجيب أن شاول (بولس) تبنى بعد ذلك هذا المنهج الذى جلب عليه ألاماً شديدة. وما زاد فى هياج اليهود ضد إسطفانوس إتهامه الواضح لهم والجرئ بأنهم ورثة قتلة الأنبياء، وكان هذا الإتهام موجهاً لرؤساء الكهنة أيضاً. وبسبب الإضطهاد العنيف الذى ثار ضد المسيحيين إضطروا للهرب من أورشليم. وكان شاول هو قائد هذا الإضطهاد. وكان هذا التشتيت سبب بركة إذ أن المسيحيين إنتشروا فى كل مكان فإنتشرت المسيحية فى كل مكان.

وَكَانَ شَاوُلُ رَاضِيًا بِقَتْلِهِ: كلمة راضياً تشير إلى أنه كان لهُ دور فى الإجراءات، وشريك فى الحكم، مسروراً بما حدث. ولكن لوقا يربط بين شاول وإسطفانوس فلقد صار شاول له نفس فكر إسطفانوس فى تحرير المسيحية من اليهودية ومن الهيكل والناموس تماماً. لقد ساق الله شاول (بولس) ليستمع إلى إسطفانوس ويتعرف على يديه على المسيحية. ولكن البداية كانت حقداً من شاول ضد إسطفانوس الذى حاور وأفحم اليهود وعَمَّدَ الكثيرين.

مَا عَدَا الرُّسُلَ = حما الله الرسل ليكملوا رسالتهم وربما خافوا منهم بسبب المعجزات العجيبة التى كانوا يعملونها لذلك لم يمسهم أحد فى هذا الإضطهاد.

العدد 2

آية (2): -

"2 وَحَمَلَ رِجَالٌ أَتْقِيَاءُ اسْتِفَانُوسَ وَعَمِلُوا عَلَيْهِ مَنَاحَةً عَظِيمَةً.".

مَنَاحَةً = تعنى ضرب على الصدر وهذه العادة تعلموها من مصر (تك 7: 50 – 11). وتقاليد اليهود لم تكن تسمح بعمل مناحة على المحكوم عليهم بسبب الخروج على الناموس. ولكن إسطفانوس بوجهه الملائكى قد إجتذب عدداً كبيراً من المحبين حتى من وسط اليهود = رِجَالٌ أَتْقِيَاءُ راجع أع 5: 2. وهؤلاء الأتقياء لم يكونوا راضين عن قتل إسطفانوس وشعروا بأن السنهدريم قد ظلمه فعملوا عليه مناحة كبيرة. وربما كانوا من المسيحيين واليهود الذين أحبوا أسطفانوس لوجهه الملائكى. والمسيحيون عملوا هذه المناحة إعلاناً عن عدم خجلهم من التهمة التى وجهت لإسطفانوس بل فرحهم به.

العدد 3

آية (3): -

"3 وَأَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ يَسْطُو عَلَى الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ يَدْخُلُ الْبُيُوتَ وَيَجُرُّ رِجَالاً وَنِسَاءً وَيُسَلِّمُهُمْ إِلَى السِّجْنِ.".

يَسْطُو = الكلمة الاصلية تعنى وصفاً للوحوش التى تسطو على جسم الإنسان لتمزقه وأصل الكلمة يمزق كوحش مفترس (غل13: 1 + أع 1: 9 + 9: 26 - 11 + 4: 22 - 5). ولقد كان رؤساء الكهنة يعطون شاول تصريحاً بذلك. راجع (عب 32: 10 - 34 + 1تى 13: 1) لقد صار شاول عبئاً لا يُطاق على الكنيسة.

الْكَنِيسَةِ … الْبُيُوتَ = يسطو على الكنيسة هى نفسها يدخل البيوت. فالكنيسة كانت هى البيوت. لقد صار شاول عدوا خطيراً للكنيسة، يدخل البيوت ويغتصبها ويدمر ممتلكاتهم ويلقى القبض عليهم للسجن بأوامر من رؤساء الكهنة.

الأعداد 4-5

الآيات (4 - 5): -

4فَالَّذِينَ تَشَتَّتُوا جَالُوا مُبَشِّرِينَ بِالْكَلِمَةِ. 5فَانْحَدَرَ فِيلُبُّسُ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ وَكَانَ يَكْرِزُ لَهُمْ بِالْمَسِيحِ. ".

تَشَتَّتُوا = الكلمة تعنى نثر البذور للزراعة. فصار المسيحيين الذين تشتتوا فى كل مكان هم بذور للإيمان إنتشرت وأتت بثمار فى كل مكان. وكان هذا سبب بركة للمسيحيين إذ ظن المسيحيين أنهم سيظلون مرتبطين بأورشليم والهيكل.

فِيلُبُّسُ = هو الثانى بعد إسطفانوس. وهنا نرى الخدمة تمتد للسامرة تماماً كما أرادها الرب يسوع أن تمتد. إذاً هذا التشتيت وهذا الإضطهاد أنتج خيراً للكنيسة وكان بسماح من الله ليمتد الملكوت.

إنحدر = لأن أورشليم أعلى فهى على جبل. ونلاحظ أنه كانت هناك عداوة شديدة بين اليهود والسامريين، فالسامريين هم خليط من اليهود والوثنيين وهم لا يعرفون سوى أسفار موسى الخمسة فقط. وكان اليهود لا يتعاملون مع السامريين أبداً. ولكن المحبة المسيحية لا تعرف أى عداوة ولهذا السبب ذهب المسيح للمرأة السامرية. ونفهم من المرأة السامرية أن السامريين كانوا ينتظرون المسيا، لذلك فهم يأتون فى ترتيب الكرازة بعد اليهود وقبل الأمم يو 25: 4، 26 + أع 8: 1. وكما أوضح إسطفانوس نهاية اليهودية بدأ فيلبس هذه الكرازة خارج اليهودية وأورشليم.

الأعداد 6-8

الآيات (6 - 8): -

"6 وَكَانَ الْجُمُوعُ يُصْغُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى مَا يَقُولُهُ فِيلُبُّسُ عِنْدَ اسْتِمَاعِهِمْ وَنَظَرِهِمُ الآيَاتِ الَّتِي صَنَعَهَا، 7لأَنَّ كَثِيرِينَ مِنَ الَّذِينَ بِهِمْ أَرْوَاحٌ نَجِسَةٌ كَانَتْ تَخْرُجُ صَارِخَةً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ. وَكَثِيرُونَ مِنَ الْمَفْلُوجِينَ وَالْعُرْجِ شُفُوا. 8فَكَانَ فَرَحٌ عَظِيمٌ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ.".

وضع يد الرسل على الشمامسة السبعة أعطاهم قوة لعمل العجائب وحكمة وقوة للكرازة. ولأن المدينة بها ساحر مشهور فكان لابد أن يزود الله رسوله فيلبس بالمعجزات ليؤمن الناس. ولأن السامريين كانوا ينتظرون المسيا سمعوا فيلبس بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ. فَكَانَ فَرَحٌ عَظِيمٌ = هذا دليل على عمل الروح القدس فيهم فالفرح من ثمار الروح وعمل الروح القدس والمعجزات التى يسمح بها دائماً هى لخير الناس وتعطيهم فرح.

الأعداد 9-11

الآيات (9 - 11): -

"9 وَكَانَ قَبْلاً فِي الْمَدِينَةِ رَجُلٌ اسْمُهُ سِيمُونُ، يَسْتَعْمِلُ السِّحْرَ وَيُدْهِشُ شَعْبَ السَّامِرَةِ، قِائِلاً إِنَّهُ شَيْءٌ عَظِيمٌ!. 10 وَكَانَ الْجَمِيعُ يَتْبَعُونَهُ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ قَائِلِينَ: «هذَا هُوَ قُوَّةُ اللهِ الْعَظِيمَةُ». 11 وَكَانُوا يَتْبَعُونَهُ لِكَوْنِهِمْ قَدِ انْدَهَشُوا زَمَانًا طَوِيلاً بِسِحْرِهِ.".

السحر هو أعمال تبدو خارقة من صنع الشياطين ولكنها للضرر والخراب، أى من آثاره ضرر وكآبة عكس عمل الروح القدس الذى يسبب فرح وخير. السحر ربما يدهش من يراه ولكنه لا يترك فى نفسه سوى الخوف والمرارة والكآبة. وكان السحر منتشراً بين السامريين حتى أن اليهود أسموا السحرة سامريين. ولما إتهموا المسيح بالسحر قالوا إنك سامرى وبك شيطان يو 48: 8.

سِيمُونُ = كان يدَّعى الربوبية بأعمال خارقة، ويدَّعى العلم الغيبى، ويدَّعى أنه حالة وسط بين الله والإنسان (نفس الفكر الغنوسى) وأنه وسيط بين الله والإنسان. وذكره القديسين هيبوليتس ويوستينوس وذكروا هرطقاته وقوة سحره وكيف هاجم المسيحية فيما بعد. هذَا هُوَ قُوَّةُ اللهِ الْعَظِيمَةُ = لقد إعتبر السامريون أن سيمون هو تجسد للألوهية أو أن قوة الله قد حلت فيه. وقيل أن سيمون ذهب إلى روما وقاوم بطرس هناك ونلاحظ أن عدو الخير يقاوم الكنيسة إما بالإضطهاد أو بالخداع. يقال: -.

  1. أنه طلب دفنه وأنه سيقوم فدفنوه لكنه لم يقم.
  2. ويقال.. إدَّعى سيمون أنه سيصعد كالمسيح وإرتفع فعلاً وبصلاة بطرس سقط ومات.

ولقد أقام له كلوديوس قيصر تمثالاً كتب تحته "إلى سيمون الله القدوس".

العدد 12

آية (12): -

"12 وَلكِنْ لَمَّا صَدَّقُوا فِيلُبُّسَ وَهُوَ يُبَشِّرُ بِالأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ وَبِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، اعْتَمَدُوا رِجَالاً وَنِسَاءً.".

الروح القدس يعمل مع فيلبس بالمعجزات وفى قلوب السامريين ليؤمنوا ويتركوا سيمون.

العدد 13

آية (13): -

"13 وَسِيمُونُ أَيْضًا نَفْسُهُ آمَنَ. وَلَمَّا اعْتَمَدَ كَانَ يُلاَزِمُ فِيلُبُّسَ، وَإِذْ رَأَى آيَاتٍ وَقُوَّاتٍ عَظِيمَةً تُجْرَى انْدَهَشَ.".

سيمون مَّيز بين الزيف الذى يمارسه والقوة الحقيقية التى ينادى بها ويستعملها فيلبس. لكن للأسف هو أراد أن يستفيد بالمعمودية بطريقة خاطئة أى ليمارس سحره بطريقة مسيحية أكثر فاعلية، إعتقد هو أنها أقوى من طرقه. هو لم يتحرر تماماً من عبوديته لإبليس. كَانَ يُلاَزِمُ فِيلُبُّسَ = لا ليتعلم ويتوب بل ليتعلم منه كيف يعمل هذه المعجزات. هو لم يفتح قلبه لله وليؤمن بكل ما يقوله فيلبس عن الله، بل كل ما كان يبحث عنه مزيد من القوى السحرية التى تمجده وتزيد دخله.

الأعداد 14-17

الآيات (14 - 17): -

"14 وَلَمَّا سَمِعَ الرُّسُلُ الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ أَنَّ السَّامِرَةَ قَدْ قَبِلَتْ كَلِمَةَ اللهِ، أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، 15اللَّذَيْنِ لَمَّا نَزَلاَ صَلَّيَا لأَجْلِهِمْ لِكَيْ يَقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ، 16لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَلَّ بَعْدُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُعْتَمِدِينَ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ. 17حِينَئِذٍ وَضَعَا الأَيَادِيَ عَلَيْهِمْ فَقَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ.".

كان للشمامسة السبع أن يعمدوا ولكن وضع اليد ليحل الروح القدس كان للرسل فقط. لذلك إستلزم الأمر نزول بطرس ويوحنا. وياللمفارقة فقد طلب يوحنا من قبل أن تنزل ناراً من السماء لتحرق السامرة لو 54: 9 وها هو الآن يضع يده لكن لتنزل نار الروح القدس فتقدسهم ويملأهم الروح وتشتعل قلوبهم حباً للمسيح. ووضع الأيادى هو ما يسمى الآن سر المسحة (الميرون) ليسكن الروح القدس فى الإنسان.

الأعداد 18-21

الآيات (18 - 21): -

"18 وَلَمَّا رَأَى سِيمُونُ أَنَّهُ بِوَضْعِ أَيْدِي الرُّسُلِ يُعْطَى الرُّوحُ الْقُدُسُ قَدَّمَ لَهُمَا دَرَاهِمَ 19قَائِلاً: «أَعْطِيَانِي أَنَا أَيْضًا هذَا السُّلْطَانَ، حَتَّى أَيُّ مَنْ وَضَعْتُ عَلَيْهِ يَدَيَّ يَقْبَلُ الرُّوحَ الْقُدُسَ». 20فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «لِتَكُنْ فِضَّتُكَ مَعَكَ لِلْهَلاَكِ، لأَنَّكَ ظَنَنْتَ أَنْ تَقْتَنِيَ مَوْهِبَةَ اللهِ بِدَرَاهِمَ! 21لَيْسَ لَكَ نَصِيبٌ وَلاَ قُرْعَةٌ فِي هذَا الأَمْرِ، لأَنَّ قَلْبَكَ لَيْسَ مُسْتَقِيمًا أَمَامَ اللهِ.".

هذا ما أسمته الكنيسة بعد ذلك بالسيمونية وحرمته. والسيمونية هى شراء الرتب الكنسية بالمال والكنيسة تحرم من يبيع أو من يشترى. وسيمون رأى أن من يحل عليه الروح يصنع عجائب، فأراد شراء هذه الموهبة، فحرمه بطرس إذ وجده مازال مستعبداً لإبليس. والحقيقة أن الله يعطى هذه المواهب كهبة مجانية. نَصِيبٌ وَ قُرْعَةٌ = كلمات تستخدم فى توزيع الميراث وسيمون بعبوديته للشيطان ما عاد ابناً ليرث.

الأعداد 22-23

الآيات (22 - 23): -

"22فَتُبْ مِنْ شَرِّكَ هذَا، وَاطْلُبْ إِلَى اللهِ عَسَى أَنْ يُغْفَرَ لَكَ فِكْرُ قَلْبِكَ، 23لأَنِّي أَرَاكَ فِي مَرَارَةِ الْمُرِّ وَرِبَاطِ الظُّلْمِ».".

يُفهم من كلام بطرس أنه يرى سيمون والشياطين تحيط به، وهو مازال مقيد بقيود الشر ولكنه مازال قادراً لو أراد أن يتوب فيهرب من رباطات الشياطين. مَرَارَةِ الْمُرِّ = هذا هو أثر الابتعاد عن الله والإرتماء فى حضن الخطية أو الشيطان. رِبَاطِ الظُّلْمِ = الأصل اليونانى رباط الشر، فهو حتى بعد أن إعتمد ظل مرتبطاً بشروره وسحره. مرارة = لقد كان من يراه فى شهرته وقوته وماله يظنه سعيداً. لكن الحقيقة أن كل من يبتعد عن الله يكون فى مرارة داخلية.

العدد 24

آية (24): -

"24فَأَجَابَ سِيمُونُ وَقَالَ: «اطْلُبَا أَنْتُمَا إِلَى الرَّبِّ مِنْ أَجْلِي لِكَيْ لاَ يَأْتِيَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْتُمَا».".

يا ليته صلى هو وطلب ولكنه كان متردداً منقسم القلب بين الله وبين شروره وبين سحره. وواضح أنه لم يقرر قراراً واضحاً أن يتوب ويعود لله. ولكنه خاف من تحذيرات بطرس وطلب منه أن يصلى ليرفع الله اللعنات عنه لكنه لم ينوى فى قلبه ترك سحره، ولم يكن ينوى أن يصلى هو نفسه.

العدد 25

آية (25): -

"25ثُمَّ إِنَّهُمَا بَعْدَ مَا شَهِدَا وَتَكَلَّمَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ، رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ وَبَشَّرَا قُرىً كَثِيرَةً لِلسَّامِرِيِّينَ.".

الأعداد 26-28

الآيات (26 - 28): -

"26ثُمَّ إِنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ كَلَّمَ فِيلُبُّسَ قِائِلاً: «قُمْ وَاذْهَبْ نَحْوَ الْجَنُوبِ، عَلَى الطَّرِيقِ الْمُنْحَدِرَةِ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى غَزَّةَ الَّتِي هِيَ بَرِّيَّةٌ». 27فَقَامَ وَذَهَبَ. وَإِذَا رَجُلٌ حَبَشِيٌّ خَصِيٌّ، وَزِيرٌ لِكَنْدَاكَةَ مَلِكَةِ الْحَبَشَةِ، كَانَ عَلَى جَمِيعِ خَزَائِنِهَا. فَهذَا كَانَ قَدْ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيَسْجُدَ. 28 وَكَانَ رَاجِعًا وَجَالِسًا عَلَى مَرْكَبَتِهِ وَهُوَ يَقْرَأُ النَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ.".

غَزَّةَ الَّتِي هِيَ بَرِّيَّةٌ = هناك غزة قديمة خربها المكابيون سنة 93 ق. م وهى بعيدة عن البحر. ولما أعيد بناؤها بنوها على البحر. وكانت غزة الجديدة تبعد عن القديمة 5,2 ميل. وقوله التى هى برية يشير للقديمة المخربة. وكانت غزة القديمة هى التى توجد على طريق مصر الذى أتى منه الخصى الحبشى. وهنا نرى ملاك يرشد فيلبس للعمل المكلف به بل بعد أن ينهى مهمته سيخطفه الروح ويعود به، وهذا ما حدث مع إيليا فقط (1مل 12: 18) ونلاحظ أهمية الدور الإنسانى فالملاك لم يشرح للخصى مباشرة بل أتى له بفيلبس. وكان ملك الحبشة يُقَدَّسْ كإله ولا يتدخل فى السياسة فهو شخصية روحية. والذى يحكم البلاد هى الملكة الأم وكان لقبها الدائم لكل الملكات هو كنداكة. وكانت الحبشة تبدأ من النوبة. وكان هذا الخصى وزيراً للمالية. وهو يهودى مهتم بدراسة التوراة حتى وهو مسافر فى مركبته. وهذا يوضح أن اليهودية كانت متأصلة فى الحبشة. ونرى أن الروح القدس يُلهم الوزير الحبشى أن يقرأ فى سفر إشعياء، ثم يأمر فيلبس أن يرافقه ليشرح له ما عسر عليه فهمه وذلك لتؤمن نفس واحدة بالمسيح. فالله يهتم بنا نفساً نفساً. وقد يكون هذا الوزير قد صار مبشراً للحبشة أو أعَدَّ الطريق لقبول الرسول الذى سيرسله الروح القدس بعد ذلك.

خَصِيٌّ = تعنى مركزاً سامياً ولم يكن شرطاً أن يكون كذلك.

الأعداد 29-35

الآيات (29 - 35): -

"29فَقَالَ الرُّوحُ لِفِيلُبُّسَ: «تَقَدَّمْ وَرَافِقْ هذِهِ الْمَرْكَبَةَ». 30فَبَادَرَ إِلَيْهِ فِيلُبُّسُ، وَسَمِعَهُ يَقْرَأُ النَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ، فَقَالَ: «أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟ » 31فَقَالَ: «كَيْفَ يُمْكِنُنِي إِنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟ ». وَطَلَبَ إِلَى فِيلُبُّسَ أَنْ يَصْعَدَ وَيَجْلِسَ مَعَهُ. 32 وَأَمَّا فَصْلُ الْكِتَابِ الَّذِي كَانَ يَقْرَأُهُ فَكَانَ هذَا: «مِثْلَ شَاةٍ سِيقَ إِلَى الذَّبْحِ، وَمِثْلَ خَرُوفٍ صَامِتٍ أَمَامَ الَّذِي يَجُزُّهُ هكَذَا لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. 33فِي تَوَاضُعِهِ انْتُزِعَ قَضَاؤُهُ، وَجِيلُهُ مَنْ يُخْبِرُ بِهِ؟ لأَنَّ حَيَاتَهُ تُنْتَزَعُ مِنَ الأَرْضِ» 34فَأَجَابَ الْخَصِيُّ فِيلُبُّسَ وَقَالَ: «أَطْلُبُ إِلَيْكَ: عَنْ مَنْ يَقُولُ النَّبِيُّ هذَا؟ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ عَنْ وَاحِدٍ آخَرَ؟ » 35فَفَتَحَ فِيلُبُّسُ فَاهُ وابْتَدَأَ مِنْ هذَا الْكِتَابِ فَبَشِّرَهُ بِيَسُوعَ.".

ربما توقفت المركبة بتدبير من الروح القدس ليركب فيلبس المركبة لاحظ أنه لمجرد تفكير الخصى فى معنى الأيات يرسل الله فيلبس له ليشرح المعنى ويقيناً لو رفع رئيس الكهنة اليهودى رأسه للسماء ليتساءل من هو المسيح لأجابه الله، وكل من يبحث عن الحق يستجيب له الله، ألم يرشد الله المجوس للمسيح لأنهم يطلبونه. وَسَمِعَهُ يَقْرَأُ = كانوا قديماً يقرأون بصوت عال حتى لو فى غرفهم الخاصة. وقد ورد فى إعترافات أغسطينوس عبارة تقول أنه يتعجب على القديس امبروسيوس كيف يقرأ وهو صامت.

وهذا الفصل الذى كان يقرأه الخصى الحبشى حيَّر اليهود وما زال يحيرهم عمن هو هذا الخروف المذبوح (إش 7: 53، 8 ولكن من الترجمة السبعينية) وكان هذا الإصحاح لا يُفهم قبل الصليب. وصار واضحاً بعد الصليب، ولكن غامضاً لمن أنكر الصليب ورفض المصلوب كاليهود. والمعمدان آخر أنبياء العهد القديم قال عن المسيح حمل الله الذى يرفع خطية العالم يو 29: 1.

انْتُزِعَ قَضَاؤُهُ = أى خسر قضيته إذ حكم عليه الرؤساء بالصلب.

من تَوَاضُعِهِ = أى فى حال وجوده فى الجسد لم يجد من ينتصر له فى القضاء.

وَجِيلُهُ مَنْ يُخْبِرُ بِهِ = تعنى أن من رأى المسيح وهو يتألم على الصليب، هل يمكن أن يتخيل أحد أن هذا هو المسيح، وأنه ابن الله وأنه سيقوم ليجلس فى مجد أبيه وعن يمين الله، وأنه سيؤسس كنيسته التى هى جسده، وستشمل كل العالم ويعطيها مجده ويغفر خطاياها، هل كان أحد يتصور أن تكون كنيسته بكل هذا الحجم.

الأعداد 36-37

الآيات (36 - 37): -

"36 وَفِيمَا هُمَا سَائِرَانِ فِي الطَّرِيقِ أَقْبَلاَ عَلَى مَاءٍ، فَقَالَ الْخَصِيُّ: «هُوَذَا مَاءٌ. مَاذَا يَمْنَعُ أَنْ أَعْتَمِدَ؟ » 37فَقَالَ فِيلُبُّسُ: «إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ يَجُوزُ». فَأَجَابَ وَقَالَ: «أَنَا أُومِنُ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ ابْنُ اللهِ».".

من المؤكد أن فيلبس شرح للخصى أن المعمودية هى موت وقيامة مع المسيح ولننال القيامة الثانية فى المجد، ولننال غفران خطايانا. فطلبها إذ رأى ماء. ولا معمودية بدون إيمان، لذلك أعلن الخصى إيمانه.

الأعداد 38-39

الآيات (38 - 39): -

"38فَأَمَرَ أَنْ تَقِفَ الْمَرْكَبَةُ، فَنَزَلاَ كِلاَهُمَا إِلَى الْمَاءِ، فِيلُبُّسُ وَالْخَصِيُّ، فَعَمَّدَهُ. 39 وَلَمَّا صَعِدَا مِنَ الْمَاءِ، خَطِفَ رُوحُ الرَّبِّ فِيلُبُّسَ، فَلَمْ يُبْصِرْهُ الْخَصِيُّ أَيْضًا، وَذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ فَرِحًا.".

لاحظ فرح الخصى. فهذا دليل عمل الروح القدس، كما عمل فى أهل السامرة. ولكن الكتاب لم يذكر أنه نال موهبة الروح القدس، فهذه ليست من إختصاص فيلبس. ولكن الروح القدس الذى دبر كل هذا لأجل الخصى من المؤكد أنه دبر بعد ذلك وضع اليد، فالله لا يترك عمله ناقصاً. وَلَمَّا صَعِدَا = فالمعمودية بالتغطيس. ولاحظ أهمية المعمودية فلم يكتفى بالإيمان.

العدد 40

آية (40): -

"40 وَأَمَّا فِيلُبُّسُ فَوُجِدَ فِي أَشْدُودَ. وَبَيْنَمَا هُوَ مُجْتَازٌ، كَانَ يُبَشِّرُ جَمِيعَ الْمُدُنِ حَتَّى جَاءَ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ.".

الروح حمل فيلبس إلى أشدود على مسافة 20 ميل من غزة شمالاً وإستمر يبشر حتى قيصرية. وكون الروح يحمل فيلبس فهذا يعنى أن الجسد لم تعد له السيادة بل الروح، هو يوجد أينما شاء الروح.

ونلاحظ أن فيلبس أنهى عمله إذ شرح للخصى الحبشى أن المسيح قد جاء لأن الخصى الحبشى كان دارساً للأنبياء، عارفاً كل شئ، وكان هذا ما ينقصه.

1) أن يعرف أن المسيح قد جاء.

2) أن يعتمد.

الآيات الخاصة بشاول الطرسوسى.

بولس الرسول العظيم.

آية (1): - "1 وَكَانَ شَاوُلُ رَاضِيًا بِقَتْلِهِ. وَحَدَثَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ اضْطِهَادٌ عَظِيمٌ عَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ، فَتَشَتَّتَ الْجَمِيعُ فِي كُوَرِ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ، مَا عَدَا الرُّسُلَ.".

آية (3): - "3 وَأَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ يَسْطُو عَلَى الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ يَدْخُلُ الْبُيُوتَ وَيَجُرُّ رِجَالاً وَنِسَاءً وَيُسَلِّمُهُمْ إِلَى السِّجْنِ.".

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح التاسع - تفسير سفر أعمال الرسل - القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح السابع - تفسير سفر أعمال الرسل - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر أعمال الرسل الأصحاح 8
تفاسير سفر أعمال الرسل الأصحاح 8