الأصحاح الأول – تفسير سفر أعمال الرسل – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر أعمال الرسل – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

مقدمة أعمال الرسل

سفر أعمال الرسل مع الأناجيل يمثلون الأسفار التاريخية فى العهد الجديد فالأناجيل تسرد حياة الرب يسوع فى الجسد. وسفر أعمال الرسل يسرد قصة بداية الكنيسة، ويعطينا صورة للكنيسة الأولى. ونرى فيه العقبات التى واجهت الكنيسة وعمل الروح القدس فى الكنيسة. نرى فيه نجاح الكنيسة وإنتشارها من أورشليم إلى اليهودية ثم إلى السامرة ثم إلى كل الأرض حتى روما عاصمة العالم المعروف وقتئذ تماماً كما أراد الرب (أع 8: 1).

ونرى فى سفر أعمال الرسل تحقيق وعد الرب بإرسال الروح القدس (يو 16: 14، 17، 26 + 26: 15، 27 + 7: 16، 13 + مر 10: 13، 11). وقد تم هذا يوم الخمسين (أع 1: 2 - 4). وبقوة الروح القدس وبإرشاده جال التلاميذ يبشرون فى كل الأرض.

وإن كانت الأناجيل هى حياة المسيح فسفر أعمال الرسل هو المسيحية.

الأناجيل هى الله فى الجسد وسفر الأعمال هو الله فى الناس.

الأناجيل هى كرازة المسيح وسفر الأعمال هو كرازة الرسل إمتداداً لكرازة المسيح.

وهذا السفر هو المسيح فى تلاميذه، هو عمل المسيح بالروح القدس فى تلاميذه. وهو تنفيذ ما قاله المسيح فى الأناجيل وأنه معنا إلى إنقضاء الأيام.

نرى فى الأناجيل ميلاد المسيح ونرى فى سفر الأعمال ميلاد الكنيسة جسد المسيح.

نرى فى الأناجيل ألام العريس لأجل عروسه وفى سفر الأعمال نرى ألام العروس لأجل محبتها فى عريسها.

فى الأناجيل نرى المسيح يغسل أقدام تلاميذه وفى سفر الأعمال تلاميذ المسيح يغسلون أقدام العالم.

فى الأناجيل نرى الروح القدس يُكَوِّنْ للإبن جسداً من بطن العذراء وفى سفر الأعمال نراه يُكَوِّنْ الكنيسة جسد المسيح.

هو سفر أعمال الروح القدس:

البعض يسمى سفر أعمال الرسل بسفر أعمال الروح القدس وذلك للآتى: -.

الروح القدس هو الذى أسس الكنيسة وأعطى الكلمة على فم الرسل وأعطاهم القوة على إحتمال الألم وأعطاهم التعزيات لذلك طلب منهم السيد المسيح أن لا يبرحوا أورشليم إلى أن يلبسوا قوة من الأعالى وهذا ما تم فى يوم الخمسين.

  1. حل الروح عليهم وهم يصلون بنفس واحدة. وكانوا كلما يفعلون يمتلئون من الروح القدس (23: 4 - 31 + 48: 13 - 52 + 1: 2 - 4). إذاً الروح القدس لم يُطْلَبْ مرة واحدة. ولم يكن الإمتلاء مرة واحدة. بل كانت الكنيسة فى صلاة مستمرة طول الحياة طالبة الإمتلاء. لذلك نصلى ونقول "روحك القدوس جدده فى أحشائنا".
  2. كان الروح القدس يقودهم فى قراراتهم حينما يجتمعون (28: 15).
  3. كان الروح القدس يؤيد الرسل بالمواهب والآيات مثل موهبة الألسنة (4: 2) وموهبة النبوة (27: 11 - 29 + 9: 21 - 11) والوعظ والتعليم (رو 4: 12 - 12).
  4. أعطى الروح القدس للرسل سلطان فحكم بولس على باريشوع الساحر بالعمى (9: 13 - 11).
  5. كان الروح يحرك التلاميذ فقال لفيلبس أن يذهب للوزير الحبشى (29: 8) وبعد أن أتم مهمته خطف الروح فيلبس إلى مكان آخر (29: 8 - 40 + 19: 10) ومنع الروح بولس من الذهاب لأسيا (6: 16، 7) وأعطى الرسل رؤيا ليذهبوا إلى مكدونية (9: 16).
  6. أيد الروح القدس الرسل بالمعجزات (6: 3 - 8 + 12: 5 - 16 + 36: 9 - 41 + 3: 14 + 11: 19 - 12 + 7: 20 - 12).
  7. كان الروح القدس يُعطَى بوضع اليد، يد الرسل (وخلفائهم من الأساقفة فيما بعد لتمتد الكنيسة، ويستمر عمل الروح القدس فى الكنيسة). وهذا هو التثبيت (الآن يتم هذا بسر الميرون) الذى يلى سر المعمودية (38: 2 + 14: 8 - 17 + 1: 19 - 7).
  8. كان الروح يعلم التلاميذ كما حدث لبطرس فى قصة كرنيليوس (19: 10 - 20).
  9. كان الروح يختار التلاميذ للعمل (2: 13) وكان يرسلهم (4: 13).
  10. كان الروح القدس يعطى التعزية (31: 9).
  11. الروح القدس هو الذى يقيم الأساقفة (18: 20).

لقد ظن اليهود وغيرهم من الرومان أنهم قتلوا الرب يسوع وتخلصوا منه، لكنه قام وصعد إلى السموات ليرسل روحه فيؤسس الكنيسة التى هى جسده ليس فى أورشليم أو اليهودية فقط بل فى كل العالم. وجعل الناس خليقة جديدة. لقد ملأ المصلوب القائم من الأموات المؤمنين بروحه فنشروا المسيحية بقوة وبسر عجيب.

كاتب السفر:

هو القديس لوقا كاتب الإنجيل المعروف بإسمه، قارن (لو 1: 1 - 4 مع أع 1: 1 - 2) وقارن (لو 50: 24 - 51 مع أع 4: 1).

فالقديس لوقا كتب السفرين إلى شخص واحد هو العزيز ثاوفيلس. وسفر الأعمال كما هو واضح، موضوعه يلى موضوع الإنجيل. الإنجيل هو ما إبتدأ المسيح يعلمه وهو بجسده على الأرض، والأعمال هو ما يكمله بروحه القدوس الآن وحضوره السرى.

وثاؤفيلس هو أحد وجهاء الرومان بدليل لفظ العزيز الذى يعنى صاحب العزة وهو لفظ خطاب للعظماء (أع 3: 24).

والقديس لوقا من إنطاكية عاصمة سوريا. ولذلك نجد فى سفر الأعمال إشارات خاصة بإنطاكية. فمنها بدأت رحلات بولس الرسول. وفى إنطاكية دُعِىَ التلاميذ مسيحيين أولاً. وقرارات مجمع أورشليم وجهت أساساً لإنطاكية (22: 15 - 35).

ونلاحظ أن لوقا حين كتب أسماء الشمامسة قال عن نيقولاوس أنه دخيل إنطاكى، فهو إذاً يَعْرِف شعب إنطاكية بالإسم ويعرف المؤمنين والدخلاء.

الدخلاء: هم الأمم الوثنيون الذين تهودوا وإختتنوا ودخلوا إلى اليهودية ولعل لوقا إنضم لبولس فى بداية رحلته الثانية (أع 40: 15). والرحلة بدأت من إنطاكية. فبولس أخذ معه لوقا من بلده إنطاكية. وبولس يذكر لوقا ضمن العاملين معه (كو 7: 4 - 14 + 2تى 10: 10 - 11 + فل 24).

ويبدو أن لوقا كان أممى الأصل ففى رسالته لكولوسى يضعه بولس الرسول مع إبفراس وديماس وليس مع أرسترخس ومرقس الذين هم من الختان.

وكان لوقا طبيباً (كو 14: 4). والأطباء كانوا علماء ويتميز أسلوب لوقا بالدقة العلمية وتحديد التواريخ (لو 2: 1، 2 + لو 3: 1، 2). ونلاحظ فى سفر أعمال الرسل أنه يدون بدقة كل مدينة بحسب مقاطعتها فيقول برجة فى بمفيلية وإنطاكية فى بيسيدية وميرا فى ليكية وفيلبى فى مكدونية ولسترة ودربة فى ليكأونية وطرسوس فى كيليكية والموانى الحسنة فى كريت. فهو يتتبع كل شئ بتدقيق كما قال هو بنفسه عن نفسه (لو 3: 1).

وقيل أنه كان رساماً فناناً ترك رسماً للسيدة العذراء. بل أن كتاباته هى لوحات ناطقة، راجع قصة تهليل الملائكة يوم ميلاد المسيح. وهكذا كثير من قصص سفر الأعمال وبالذات قصة غرق السفينة (أع 27) فهى لوحة ناطقة لمؤرخ رأى الحادث بعينيه. قال أحد الدارسين عن هذا الإصحاح أن الكاتب رأى كل شئ بعينيه ووصفه بدقة ولكنه لم يكن بحاراً محترفاً فهو لا يستخدم ألفاظ البحارة.

ولوقا لم يكن له زوجة أو أولاد. وحسب التقليد القبطى فهو قد إستشهد على يد نيرون وتعيد له الكنيسة فى 22 بابة، 1 نوفمبر. ونقل الإمبراطور قسطنطينيوس رفاته الطاهر إلى القسطنطينية.

ويقول التقليد أن لوقا هو أحد السبعين رسولاً الذين عينهم المسيح وأرسلهم، ويقول التقليد أيضاً أنه أحد تلميذى عمواس لذلك لم يذكر إسمه.

ولقد كتب لوقا إنجيله فى أثناء فترة سجن بولس الرسول فى قيصرية وذلك بالإتصال بالتلاميذ والعذراء مريم، وهذا ما نفهمه من بداية إنجيله. ثم كتب سفر الأعمال أثناء إقامة بولس الرسول مسجوناً فى روما أيام السجن الأول سنة 62م.

نمو الكرازة:

  1. ما إن حل الروح القدس على التلاميذ، حتى بدأوا يبشرون فى أورشليم ثم بدأوا ينتشرون فى كل العالم. وسفر الأعمال هو مجرد لمحات من قصة هذه الكرازة مثالاً لذلك الإنتشار وما قابله من مقاومة وإضطهاد أو قبول وفرح وما تسلح به الرسل من قوة سمائية وصفات روحانية.
  2. إستعمل الرسل اللغة العبرانية مع اليهود القاطنين فى اليهودية وأورشليم وهؤلاء المتحدثين بالعبرانية من اليهود يسمون أنفسهم باليهود العبرانيون، وهم يميزون أنفسهم بهذا الإسم عن اليهود الساكنين خارج اليهودية الذين كانوا يسمونهم اليونانيين (1: 6). ونحن أمام طائفتين من اليونانيين: -.
  1. اليهود الساكنين في الشتات ويتكلمون اللغة اليونانية، هؤلاء يسمونهم المتهلينين Hellinists ويسمون اليونانيين فى الترجمة العربية (1: 6).
  2. اليونانيين الوثنيين أو الهلينيين Hellenes. فاليونان هى HELLAS.
  1. بدأ الرسل باليهود ثم ذهب فيلبس إلى السامرة. والسامرة هى خليط من اليهود والوثنيين. وكان اليهود لا يتعاملون مع السامريين (أع 8).
  2. ثم بدأ قبول الأمم فى قصة كرنيليوس (أع 10) ثم فى كنيسة إنطاكية (أع 11) ثم إنطلق بولس وبرنابا لكل الأمم إبتداء من أسيا الصغرى ثم أوروبا وأخيراً إلى روما. وكان هذا ما أراده السيد المسيح (أع 8: 1).
  3. تأسست كنائس كثيرة فى كل العالم حتى أنه لما إحترقت أورشليم كانت المسيحية قد ملأت المسكونة وإنتشر ملكوت الله فى كل العالم.
  4. لم يَرِد فى السفر أى إشارة لما بعد وصول بولس إلى روما ولا إلى إضطهاد نيرون للمسيحية سنة 64م. فالسفر ينتهى ببولس الرسول فى السجن، ولكننا نجده يكرز ويبشر وهو فى سجنه فالبشر قد يقيدون لكن كلمة الله لا تقيد. وهذا هو هدف المسيح أن تصل المسيحية لكل العالم وها قد وصلت إلى روما عاصمة العالم المعروف وقتئذ لذلك ينتهى السفر بوصول الكرازة إلى روما.
  5. هذا السفر يتوقف ولكن لا ينتهى. والكلام يقف فجأة كالقصة المبتورة (30: 28 - 31). فهذا السفر مفتوح للتكملة. والكنيسة خداماً وشعباً يكتبون الفصول التالية فيه إلى نهاية العالم، لذلك لا نجد السفر ينتهى بكلمة آمين كما ينتهى كل أسفار الكتاب، فالسفر لم ينتهى وتطبيقاً لذلك نجد الكنيسة تقرأ كتاب السنكسار بعد سفر أعمال الرسل (الإبركسيس) فى القداسات. والسنكسار كما هو معروف هو كتاب أخبار القديسين والشهداء.
  6. قاوم اليهود والوثنيون نمو الكنيسة. ومن خلال قبول الكنيسة بمؤمنيها للموت إنتشرت الكرازة فى العالم كله. بل كانت محاكمات المسيحيين فرصة للكرازة أمام الولاة ورؤساء الكهنة، بل أن تشتيت المسيحيين نتيجة الإضطهاد صار فرصة للكرازة (أع 19: 11). فكل مقاومة وأى مقاومة لا توقف نمو الكنيسة.
  7. بدأت الكنيسة تأخذ شكلها كما نرى فى سفر الأعمال، فقد صار هناك أساقفة وقسوس وشمامسة، وصارت هناك مجامع تتخذ القرارات، على أنه فى بداية الخدمة كانت إختصاصات كل درجة كنسية من الأساقفة والقسوس والشمامسة غير واضحة. فكان عمل الأسقف متداخلاً مع عمل القسيس (أع 21: 14 - 23 + 7: 20) فهنا نجد بولس الرسول يخاطب الكهنة على أنهم أساقفة وقسوس فى نفس الوقت. ثم ظهر التمايز بينهما بعد ذلك، فتحدد أن الأسقف هو خليفة للرسل له سلطان وضع اليد، ومع أن الإختصاصات كانت غير واضحة أولاً إلاّ أن سلطان وضع اليد كما هو واضح فى سفر الأعمال كان خاصاً بالرسل وحدهم (أع 12: 8 + 14 - 17). ونفس التداخل فى الإختصاصات حدث بين القسوس والشمامسة فنجد أن فيلبس وهو شماس كان يعمد إلاّ أنه لم يكن يضع يده ليحل الروح القدس.
  8. أطلق اليهود على المسيحيين أولاً إسم: 1أتباع طريق (2: 9 + 9: 19) ثم أسموهم / 2شيعة (14: 24) / 3 ومذهب (22: 28) / أما المسيحيين فسموا أنفسهم 4كنيسة (47: 2) / وأطلق عليهم إسم 5مسيحيين فى إنطاكية (26: 11). / وأطلق على المسيحيين أيضا 6تلاميذ (أع9: 1 + 19: 1). / وأطلق على المسيحيين 7قديسين (أع9: 32).
  9. سلكت الكنيسة بحكمة ورفق مع المؤمنين فنرى أن مجمع أورشليم إتخذ قراراً بأن الختان غير ملزم للأمم. ولكن بسبب ضعف المسيحيين من أهل الختان نجد أن بولس ختن تيموثاوس حتى لا يتعثروا، ويستطيع تيموثاوس أن يخدم بينهم وفى هذا كما قال بولس الرسول نفسه صرت لليهود كيهودى. وبهذا المنطق نجد بولس يقبل أن يتطهر ويحلق رأسه أمام اليهود ليجذب على كل حال قوماً (راجع أع 15 + 17: 21 - 24 + غل 1: 3 - 10 + أع 3: 16 + 1كو 20: 9 - 23).

مواهب التكلم بألسنة:

أعطى الله للرسل ولغيرهم من الذين أرسلهم للكرازة موهبة التكلم بالألسنة وذلك لإنتشار الكرازة وسط الشعوب التى تتكلم بلغات ولهجات مختلفة (11: 14). ولذلك أعطى الله بولس ألسنة كثيرة (1كو 18: 14). وأعطى التلاميذ هذه الموهبة (4: 2، 8). وهذا ما حدث يوم الخمسين إذ كان يجتمع فى أورشليم يهود من كل أنحاء الأرض (حوالى 15 أمة مختلفة). وتكلم وسطهم التلاميذ بلغاتهم التى يعيشون فيها فى بلادهم. وبهذا يعلن الله أنه إله الأرض كلها وسيخلص كل الأمم.

على أن موهبة التكلم بألسنة حدثت أيضاً فى حالة كرنيليوس إذ حل الروح القدس عليه قبل المعمودية (وهذه حالة إستثنائية أعلن الله بها قبوله للأمم حتى ينتهى شك التلاميذ من ناحية هذا الأمر). ولما رأى بطرس أن الروح القدس حل على الأمم حتى بدون تعميد فَهِمَ أن إرادة الرب هى قبول الأمم فقام بطرس بتعميدهم فوراً. وحينما حلَّ الروح على كرنيليوس تكلم بألسنة وكان هذا نفس ما حدث مع بطرس والتلاميذ يوم الخمسين، وهذا ما أكد لبطرس أن الأمم صاروا سواء بسواء مع اليهود، الكل صار واحداً فى المسيح.

وحدث هذا مرة ثانية فى أفسس حين وضع بولس الرسول يديه على من إعتمدوا فحل عليهم الروح القدس وتكلموا بألسنة. وكان هذا علامة لهم على أن هناك عمل للروح القدس، إذ كانوا لا يعرفون سوى معمودية يوحنا (1: 19 - 6). ولكن بعد أن صار هناك فى كل أمة وكل كنيسة من يبشر بلغة الكنيسة ويعظ بلغة أهل هذا الشعب لم يعد هناك حاجة لموهبة التكلم بألسنة (1كو14)، موهبة الألسنة ليست للإستعراض بل للخدمة.

ملاحظات على سفر الأعمال:

  1. يشتمل سفر الأعمال على عظات وأحاديث لإسطفانوس وبولس وبطرس وملخصها أن الله نزل وخلص الإنسان. هذه هى الرسالة المسيحية فى جوهرها وبساطتها، وأن الإيمان بهذا المخلص هو طريق الخلاص.
  2. الألفاظ التى إستخدمتها الكنيسة مسميات لما فيها، كانت كلمات موجودة فى اللغة، ولكنها إتخذت مع الزمن تعاريف محددة خاصة.

فلفظ إكليسيا كان يعنى لغوياً جماعة وصار يعنى كنيسة.

ولفظ بريسفيتيروس يعنى لغوياً شيخ وصار يعنى قسيس.

ولفظ إبيسكوبوس يعنى لغوياً ناظر وصار يعنى أسقف.

ولفظ دياكونوس يعنى لغوياً خادم وصار يعنى شماس.

الكنيسة لم تخترع ألفاظاً للمسميات الكنسية بل إستخدمت كلمات موجودة فى اللغة وإتخذت هذه الألفاظ بعد ذلك معانٍ كنسية خاصة.

  1. هناك لفظ إنتشر فى الكنيسة إستعماله وهو السيمونية وذلك بناء على قصة سفر الأعمال (18: 8 - 21) حينما أراد سيمون الساحر أن يشترى موهبة وضع اليد بالمال من بطرس الرسول. وصارت السيمونية هى شراء الرتب الكنسية بالمال وهذه قد شجبها القديس بطرس فى سفر الأعمال. ثم حكمت الكنيسة بعد ذلك بحرمان من يشترى ومن يبيع الرتب الكنسية. ووضع بولس الرسول شروطاً لإختيار الأسقف والشماس (1تى 3).
  2. كان أساس إختيار الشعب لرعاته عن طريق الإنتخاب (3: 6) ويلى ذلك وضع اليد وهذا بعمل الروح القدس (2: 13 - 3 + 23: 14 + 20: 17، 28 + 6: 6).
  3. صارت إجتماعات الكنيسة والقداسات يوم الأحد بدلاً من يوم السبت (7: 20 - 11). وفى هذه القصة نجد أن المؤمنين يجتمعون عشية الأحد فى التعاليم والتسابيح صائمين حتى القداس فجر الأحد.
  4. يعتبر سفر الأعمال هو الرباط الذى يربط بين الأناجيل ورسائل بولس الرسول فكيف كنا سنعرف من هو بولس الرسول إن لم يُكْتَبْ سفر الأعمال. لقد أظهر لوقا أن بولس رسول مختار، مرسل من الله مباشرة له سلطان مثل باقى الرسل، فالرب قد ظهر له وأرسله وصنع معجزات كباقى الرسل. ونرى بولس فى سفر الأعمال على نفس قامة بطرس.

ولنلاحظ أن الرب يخرج بطرس من السجن ويفتح الباب لبولس فى سجنه وذلك حتى يستطيعا أن يتمما خدمتهما. وهذا معنى حماية الله لرسله، فلا يستطيع مخلوق أن يقتلهم إلا بعد أن ينهوا مهمتهم وخدمتهم التى يريدها الله منهم.

فحينما نرى بولس فى سفر الأعمال على هذه القامة الرسولية العالية نقرأ رسائله على أن كل كلمة فيها هى من الله فهو رسول عظيم كما رأيناه فى سفر الأعمال.

  1. هناك عظات وأحاديث مناسبة لكل من وجهت إليهم. فهناك عظات تقال لليهود كما وعظ بطرس أمام اليهود يوم الخمسين وكما وعظ إسطفانوس أمام السنهدريم. وهناك عظات تقال للأمم كما تكلم بولس أمام الأريوس باغوس فى أثينا وهناك عظات للمسيحيين كما كلم بولس قسوس أفسس. وليس ما يقال هنا يقال هناك.
  2. نلاحظ عمل الله من خلال التاريخ لينتشر الإنجيل. فالإسكندر الأكبر بفتوحاته جعل اللغة اليونانية لغة سائدة وصارت هى لغة المثقفين فى كل العالم لقرون طويلة، وكانت هى لغة الإنجيل. والرومان جعلوا العالم دولة واحدة لها قانون واحد وعَبَّدُوا الطرق وهذا ساعد على إنتقال الرسل عبر كل ولايات الدولة الرومانية.

دور الملائكة فى الكنيسة:

1: 10، 11 الملائكة يخبرون بالمجئ الثانى.

5: 19، 20الملاك يفتح أبواب السجن ويطلب من الرسل أن يذهبوا ويكلموا الشعب.

8: 26، 27 ملاك يطلب من فيلبس أن يذهب إلى الجنوب.

3: 10 - 6 ملاك يظهر لبطرس فى موضوع كرنيليوس.

6: 12 - 10 ملاك ينقذ بطرس.

23: 12 ملاك يضرب هيرودس.

23: 27 - 25 ملاك يظهر لبولس ليخبره بنجاته هو ومن معه.

حقاً لقد جمع المسيح السمائيين والأرضيين فى كنيسة واحدة.

حكام الرومان:

قد يعينهم قيصر بنفسه وفى هذه الحالة يسمى والى.

قد يعينهم مجلس الشيوخ وفى هذه الحالة يسمى نائب قنصل أو قائد رومانى.

وإذا كانت المقاطعة صغيرة يسمى حاكم.

ولكن الكل يخضع لقيصر، وقيصر يسمى الأغسطس 25: 25 وتعنى الجدير بالإحترام كإله.

وكانت الإمبراطورية مقسمة إلى ولايات عليها حكام، والحكام هم الصلة بين الولاية وبين القيصر.

والأسماء أو الألقاب التى إستخدمها لوقا للحكام جاءت فى منتهى الدقة فى اللغة الأصلية.

الجيش الرومانى:

مكون من لجيونات (جمع لجيون) أى فيالق. وكل لجيون (فيلق) ينقسم إلى 10 أقسام كل منها يسمى كتيبة (كوهورت). والكتيبة تتكون من مئات (سنتوريون). وكل مئة يقودها قائد مئة. وقواد المئات تحت إدارة أمير الذى هو رئيس ألف. وبعض الكتائب لها أسماء مثل الكتيبة الإيطالية (1: 10، 2) وقادة المئات الذين ذكرهم الكتاب المقدس لهم ذكرى عطرة وسيرة حسنة. ويبدو أن هذا راجع لأنهم إشارة للمسيح قائد قطيع الكنيسة الذى هو رمزيا 100 خروف، لو ضل أحدهم يسعى وراءه إلى أن يرجعه.

ولقد كان الولاة الرومان يساعدون المسيحيين بل أنقذوا بولس من يد اليهود ولكن كان ذلك قبل الإضطهاد الذى أثاره نيرون ضد الكنيسة سنة 64م.

الطرق فى الدولة الرومانية:

مهدها وعَبَّدها الجيش. وكانت توضع عليها علامات هى المسافة إلى روما. وكل الطرق كان لها نظام واحد، هو أنها تؤدى إلى روما. ولذلك صارت التنقلات سهلة. فكان لكل طريق حامية عسكرية تدافع عنه، لذلك تنقل الرسل بسهولة من بلد إلى بلد. ومن هنا خرج المثل "كل الطرق تؤدى إلى روما"، إذ كانوا يضعون علامات يكتب عليها المسافة المتبقية إلى روما.

اليهود:

بعد الرجوع من سبى بابل صاروا مشتتين فى العالم ولهم جالية فى كل مكان. وكانوا أغنياء متعصبين لهم ترابطهم ومكائدهم وكانوا ذوى تأثير. وكانوا يرسلون الجزية لأورشليم، ويصعدون فى 3 مواسم فى أعيادهم الكبيرة إلى أورشليم (5: 2 - 11 + 27: 8). وكان اليهود غير راضين على حكم الرومان عليهم وكانوا ينتظرون أن يرسل لهم الله مسيا يخلصهم من الرومان، وكانوا فى ثورة عنيفة ضد الرومان، وكان منهم الغيورين الذين يقاومون الرومان بعنف إلى أن إنتهت ثوراتهم بأن حطم الرومان أورشليم سنة 70م ومن الحركات الفاشلة فى الثورة ضد الرومان (1) حركة ثوداس 36: 5 (2) حركة يهوذا الجليلى 37: 5 ولكن كان بين الشتات من اليهود من قَبِل المسيحية وقَبِل كرازة بولس. وكان لليهود مجامعهم فى كل مكان فى الدنيا. وهذه المجامع تكونت وبدأت فى الإنتشار فى كل العالم بعد سبى بابل وتشتت اليهود فى كل العالم. وكانوا يذهبون للمجامع للصلاة وقراءة الناموس، ومن يريد أن يقوم بالوعظ يتركوا له المجال، ولكن لا تقدم ذبائح فى هذه المجامع. فالذبائح لا تقدم سوى فى الهيكل فى أورشليم. ووجدت هذه المجامع حيثما وجد يهود فى الشتات. وكان السيد المسيح يذهب لهذه المجامع يدعو للتوبة (لو4: 15، 16). وكان بولس أول ما يذهب إلى بلد يذهب إلى المجمع اليهودى. وكان البعض يستجيب والبعض يرفض ويثور ويدبر المؤامرات. لكن عموماً كانت هذه المجامع فى كل مدينة هى نقطة البدء فى الكرازة فى هذه المدينة. وكان يحضر فى مجامع اليهود بعض اليونانيين (الأمم) لإعجابهم بإله اليهود وكانوا يواظبون على الحضور، وهؤلاء كانوا أكثر إستجابة لكرازة بولس من اليهود. وكانت ثورة اليهود ضد بولس أساساً بسبب قبول الأمم وهم كانوا ًيريدون تهويدهم أولاً. والسبب الثانى لثورة اليهود على بولس، بل ثورة المسيحيين الذين من أصل يهودى (من الختان) هو أن بولس الرسول كان ينادى بالتحرر من قيود الناموس كالختان وغيره.

الهللينية:

بعد الإسكندر الأكبر وغزوه لكل العالم المعروف وقتئذ، إنتشرت الثقافة الهللينية أى اليونانية واللغة اليونانية. وغزت العالم بأدابها وثقافتها وإنتشر الإنجيل باللغة اليونانية. ومن يعرف اليونانية قيل عنه أنه مثقف، ومن لا يعرف اليونانية قيل عنه أنه أعجمى أو بربرى. وإستمر هذا الوضع حتى القرن الــ 11 حين تمرد الشاعر دانتى الإيطالى وكتب كتابه المشهور "الكوميديا الإلهية" باللغة اللاتينية وإعتبر هذا كثورة فى عالم الأدب. ومن هنا نلحظ التدبير الإلهى إذ أن العهد القديم ترجم لليونانية حوالى سنة 186 ق. م. والإنجيل كتب باليونانية كله باللغة اليونانية، اللغة التى سادت العالم كله لمدة 13 قرنا.

تقسيم السفر:

  1. نلاحظ أن الكنيسة فى بدايتها إستمرت على علاقتها بالهيكل وصلواته حتى إستشهاد إسطفانوس (ص1 - ص5) ثم بعد ذلك ظهر الإضطهاد اليهودى ضد المسيحية (ص8 - ص12). وكان هذا بعد محاكمة اسطفانوس ورجمه (ص6، ص7). ثم نرى إنتشار المسيحية فى كل العالم (ص13 – ص28).
  2. وقد ينقسم سفر الأعمال إلى قسمين:
  1. أعمال بطرس الرسول (ص1 – ص12).
  2. أعمال بولس الرسول (ص13 – ص28).

أولاً: بطرس الرسول.

بطرس هو الرسول الظاهر.

فى هذا الجزء من السفر.

ص1 – ص12.

الإصحاح الأول

العدد 1

آية (1): -

1اَلْكَلاَمُ الأَوَّلُ أَنْشَأْتُهُ يَا ثَاوُفِيلُسُ، عَنْ جَمِيعِ مَا ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَفْعَلُهُ وَيُعَلِّمُ بِهِ، ".

اَلْكَلاَمُ الأَوَّلُ = هو إنجيل لوقا أمّا الكلام الثانى فهو سفر الأعمال المكمِّل للكلام الأول. الكلام الأول هو ما إبتدأ يسوع أن يعمله وهو على الأرض بالجسد والثانى هو ما إستمر المسيح يعمله فى كنيسته بواسطة تلاميذه بقيادة الروح القدس.

ثَاوُفِيلُسُ = تعنى محب الإله. فالكتاب موجه لكل من يحب الله. وواضح هنا انه فقد منصبه، لأن لوقا لايقول العزيز كما قال فى انجيله. والعزيز هو لقب منصب رومانى.

يَفْعَلُهُ وَيُعَلِّمُ بِهِ = فالإنجيل هو تعليم وعمل معاً (يع 22: 1 + مت 19: 5). لقد ثبت المسيح أقواله بأعماله "تعلموا منى، لأنى وديع ومتواضع" (مت 29: 11).

العدد 2

آية (2): -

"2إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي ارْتَفَعَ فِيهِ، بَعْدَ مَا أَوْصَى بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الرُّسُلَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ.".

ارْتَفَعَ فِيهِ = فهو إستمر يعلم حتى يوم صعوده. بَعْدَ مَا أَوْصَى بِالرُّوحِ الْقُدُسِ = بعد أن قدَّم وصاياه بالروح القدس لتلاميذه، وهنا يسميهم الرُّسُلَ = هذا هو عملهم الآن. هنا نسمع أن السيد يقدم وصاياه بالروح، وقيل أنه يخرج الشياطين بالروح (مت 28: 12).

العدد 3

آية (3): -

"3اَلَّذِينَ أَرَاهُمْ أَيْضًا نَفْسَهُ حَيًّا بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ، بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ، وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ.".

ظهور المسيح لتلاميذه وللمجدلية، كان تثبيتاً للقيامة وقوتها ومجدها وإظهاراً لسلطانه على الموت. وليشهد التلاميذ بعد ذلك عن القيامة بكل ثقة وتأكيد.

بِبَرَاهِينَ = حتى لا يظنوه روحاً أكل معهم وشرب وطلب من توما أن يضع إصبعه فى جروحه. وبتوجيهاته إصطاد التلاميذ سمكاً بعد ليلة فاشلة. بل أن عدداً كبيراً رأوه بعد القيامة، أكثر من 500 أخ (1كو 6: 15).

الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ = من يتوب تكون له قيامة أولى، ومن يعتمد يموت ويقوم مع المسيح وينضم إلى ملكوت الله، فإن عاش حياة التوبة مجاهداً يكون له نصيب فى القيامة الثانية كما قام المسيح من الأموات ويكون له مجد فى السموات، لكن الآلام هى الطريق لهذا المجد. وأن بموت المسيح وقيامته صرنا نشترك معه فى موته بالمعمودية فتغفر خطايانا، ونقوم معه وتكون لنا حياة هى حياته. وهذا هو ملكوت الله = مؤمنين ماتوا عن العالم ليحيا المسيح فيهم ويملك على قلوبهم ويخضعون لوصاياه عن حب فيحيون فى فرح وسلام. دائسين على أمجاد وألام هذا العالم (هذه هى الغلبة على العالم). ولهم حياة أبدية تبدأ الآن على الأرض وتمتد فى السماء فى المجد.

أَرْبَعِينَ يَوْمًا = ما بين القيامة والصعود ومن المؤكد أن المسيح سلَّم لتلاميذه خلال هذه الفترة أسرار الكنيسة، المعمودية ووضع اليد والإفخارستيا التى هى إتحاد أيضاً مع المسيح فى موته وقيامته. فى هذه الأربعين يوما لم يشفى أمراض، بل أعلن شخصه وإنه غالب العالم الشرير والشيطان والموت، من يقتنيه يقتنى الغلبة والحياة.

العدد 4

آية (4): -

"4 وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ، بَلْ يَنْتَظِرُوا «مَوْعِدَ الآبِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي،".

كان هذا اللقاء وهذا الحوار هو الأخير بين المسيح وتلاميذه وبعده صعد للسماء.

يَنْتَظِرُوا = ليس فى إسترخاء بل فى حالة صلاة إلى أن يحل عليهم الروح، فالروح لا يحل إلاّ على من يشتاق إليه ويطلبه فى الصلاة وهذا ما حدث، فالتلاميذ بعد أن فارقهم المسيح بصعوده فقدوا التعزية فصاروا يطلبون الروح باشتياق ليعزيهم.

مَوْعِدَ الآبِ = أى الروح القدس الذى وَعَدَهم به المسيح والذى ينبثق من الآب. ولا يمكن أن يحل الروح القدس إلاّ على من ينتظره بروح الصلاة والجهاد. وأسماه موعد الآب حسب ما قال إشعياء ويوئيل أنه روح الله (أش 15: 32 + 3: 44 + يؤ 28: 2 - 32). والمسيح لم يحدد لهم موعد حلول الروح فملكوت الله لا يأتى بمراقبة. ووعد المسيح بحلول الروح عليهم نجده فى (لو 43: 24 - 49 + يو ص14 - ص16).

العدد 5

آية (5): -

"5لأَنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ، لَيْسَ بَعْدَ هذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِيرٍ».".

هم قبلوا سابقاً معمودية الماء، وكانوا يعمدون بالماء. وعند حلول الروح القدس سيقبلون معمودية الروح، وهم قبلوا كتلاميذ معمودية الماء ومعمودية الروح فى وقتين متعاقبين، أمّا نحن فنأخذهما كفعل أو كعمل واحد الآن. كان وضع التلاميذ وضع إستثنائى لأن الروح لم يكن قد حلَّ عليهم بعد.

الأعداد 6-7

الآيات (6 - 7): -

"6أَمَّا هُمُ الْمُجْتَمِعُونَ فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «يَارَبُّ، هَلْ فِي هذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟ » 7فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ،".

هنا نرى التلاميذ كيهود مازالوا على تعلقهم بالوطن الأرضى وطلبهم مُلك أرضى، وهذا إنتهى تماماً بعد حلول الروح القدس. لقد تصوَّر التلاميذ أن حلول الروح القدس كما وَعدَهم المسيح وكما تنبأ يوئيل وإشعياء من قبل، هو بداية لملكوت أرضى وعودة الملك لإسرائيل. هذه الحيرة سببها غياب الروح القدس، أمّا بعد حلول الروح القدس فقد فهموا معنى الملكوت السماوى، ألم يقل لهم المسيح أن الروح يعلمكم كل شئ ويذكركم بكل ما قلته لكم (يو 26: 14). وبنفس المفهوم الأرضى للملكوت طلب يوحنا ويعقوب إبنا زبدى أن يجلسا عن يمين المسيح ويساره فى ملكوته. أمّا ملكوت الله فإتسع ليشمل الأرض كلها والسماء، ولم يعد حدود لإسرائيل. فإسرائيل الله شمل السماء والأرض.

الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ = الأزمنة تقال على وقت أطول والأوقات على وقت أقصر. ويقال أن الأزمنة تعنى الزمن أمّا الأوقات فتعنى الحوادث الزمنية التى تصاحب ذلك. والله حر يعلن ما يشاء فى الوقت الذى يشاءه هو. إن كشف الأزمنة والأوقات ليس فى صالح نمو ملكوت الله. ولكن علينا بثقة أن نعمل ونجاهد دون أن ننظر إلى تحديد مواعيد، بل بثقة ننتظر مجيئه وأنه سيأتى.

العدد 8

آية (8): -

"8لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ».".

لكِنَّكُمْ = المسيح أمام لهفة التلاميذ لمعرفة المستقبل يطمئنهم بأنه سيكون لديهم القوة الكافية للشهادة للمسيح وتأسيس هذا الملكوت فى كل العالم. فبدل اللهفة على معرفة الأزمنة فليهتموا برسالتهم. ولكن لاحظ أن المسيح يتعامل مع مفاهيمهم الخاطئة وضعفهم البشرى بوداعة بروح المعلم الذى يرفع مستوى تلاميذه يوما بعد يوم.

شُهُودًا = ونحن نشهد للمسيح بأعمالنا الصالحة فالكرازة جزء من الشهادة.

قُوَّةً = هى قوة فوق الطبيعة، قوة تصنع المعجزات، وتغير قلوب البشر. وهذه القوة سيستمدونها من الروح القدس الذى سيحل عليهم فهو روح القوة (2تى1: 7). وسبق السيد وشرح لهم أن لا يخافوا حين يقفون أمام ملوك وولاة، فالروح القدس سيعطيهم ما يتكلمون به (مت 19: 10 + لو 21: 14، 15). والتسلسل الذى قاله المسيح هنا عن إنتشار الكرازة: - أورشليم / اليهودية / السامرة / أقصى الأرض. هو ما نراه مطبقاً وتم حسب هذه النبوة تماماً عبر سفر الأعمال.

ص1 – ص7: - تغطى الشهادة فى أورشليم.

ص8 – 18: 11: - تغطى الشهادة فى اليهودية والسامرة.

الباقى من السفر: - تغطى الشهادة فى كل الأرض حتى روما.

والبداية كانت بأورشليم ففيها نفوس معدَّة ومهيَّأة تربت على خوف الله وطاعة الناموس، نفوس كانت أمينة لله، تابوا على يد المعمدان وتتلمذوا على الناموس لا غرض لهم سوى مجد الله. هؤلاء لم ولن يتركهم الله، وآمن منهم 3000 نفس بعظة بطرس يوم الخمسين. إذاً المسيح هنا يلفت نظرهم بملكه على كل العالم. عوضاً عن ملك الله على إسرائيل فقط.

العدد 9

آية (9): -

"9 وَلَمَّا قَالَ هذَا ارْتَفَعَ وَهُمْ يَنْظُرُونَ. وَأَخَذَتْهُ سَحَابَةٌ عَنْ أَعْيُنِهِمْ.".

سَحَابَةٌ = (2صم22: 10، 11 + دا 13: 7، 14 + مز3: 104 + مز13: 26) السحاب هنا هو لإخفاء المجد الذى لا يستطيع البشر أن يعاينوه، لذلك فهو إعلان عن حضور الله. فصعود المسيح كان يعنى أنه تمجد بجسده وهذا ما يعنيه الكتاب بقوله "يجلس عن يمين أبيه" (مز110: 1). وهذا المجد لا يستطيع إنسان أن يعاينه. ارْتَفَعَ = (يو 32: 12).

هو أخلي ذاته من قبل أى أخفى مجد لاهوته فى جسده. والمسيح صعد بنفس جسده الذى صلب ومات وقام به، وجلس عن يمين أبيه به، أى تمجد بجسده.

الصعود ونبواته = مز 47: 5، 7، 8 + مز 18: 10 + مز 24: 7 - 10 + مز 110: 1 + مز68: 18. صعود المسيح أعطي التلاميذ فكرة عن أن ملكوت المسيح سماوي وليس أرضي.

الأعداد 10-11

الآيات (10 - 11): -

"10 وَفِيمَا كَانُوا يَشْخَصُونَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُنْطَلِقٌ، إِذَا رَجُلاَنِ قَدْ وَقَفَا بِهِمْ بِلِبَاسٍ أَبْيَضَ، 11 وَقَالاَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الْجَلِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقًا إِلَى السَّمَاءِ».".

الملاكان هنا هما شاهدان بصعود المسيح. والملابس البيضاء هي إعلان عن قداستهما وطبيعتهما السمائية النورانية. ولقد طلب الملاكان من التلاميذ أن يكفوا عن البحث عما لا تدركه العين البشرية. والملاكان يعزيان التلاميذ لأن المسيح قد فارقهم بقولهم أنه سيعود. سَيَأْتِي هكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ = أي بنفس جسده الذي صلب به وقام به وصعد به. ولاحظ أن مجئ المسيح لن يكون أرضياً ليحكم علي الأرض 1000 سنه كما يظن أصحاب الملك الألفي بل سيأتي علي السحاب مت 24: 30 وذلك لا ليحكم علي الأرض ولكن ليأخذ مختاريه معه إلي السماء مت 24: 31 + 2 تي 4: 17.

العدد 12

آية (12): -

"12حِينَئِذٍ رَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ، الَّذِي هُوَ بِالْقُرْبِ مِنْ أُورُشَلِيمَ عَلَى سَفَرِ سَبْتٍ.".

1

2

في لو24: 5 يشير لأن هذا حدث في بيت عنيا. وبيت عنيا متاخمة لجبل الزيتون، وعلي بعد حوالي 2 كم من الجبل. فهم خرجوا مع المسيح من بيت عنيا إلي جبل الزيتون ومن هناك صعد المسيح. فعادوا إلي أورشليم التي هي علي بعد مسافة 1 كم من جبل الزيتون. سفر سبت = هي المسافة المسموح بالسفر بها خلال يوم السبت وهي تقدر بحوالي 1 كم. وفي لو 24: 25 نجد التلاميذ يعودون فرحين إذ حصلوا علي وعد بأنه سيعود. والصعود كان من على جبل الزيتون، والزيتون يؤخذ منه زيت المسحة والتى يحل بها الروح القدس على الممسوح، والمعنى أن المسيح بهذا يشير أنه ذاهب للسماء ولكنه سيرسل لهم الروح القدس.

العدد 13

آية (13): -

13 وَلَمَّا دَخَلُوا صَعِدُوا إِلَى الْعِلِّيَّةِ الَّتِي كَانُوا يُقِيمُونَ فِيهَا: بُطْرُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا وَأَنْدَرَاوُسُ وَفِيلُبُّسُ وَتُومَا وَبَرْثُولَمَاوُسُ وَمَتَّى وَيَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى وَسِمْعَانُ الْغَيُورُ وَيَهُوذَا أَخُو يَعْقُوبَ. ".

نلاحظ أن بطرس دائماً إسمه يتقدم باقي التلاميذ في كل قوائم أسماء التلاميذ التي وردت في أناجيل متي ومرقس ولوقا وفي سفر الأعمال وسمعان الغيور هو سمعان القانوي. وكان يتبع جماعه الغيورين وهي جماعه متعصبة تنادي بالتحرر من الرومان بالقوة. ومجموعه الغيورين هذه هي التي تسببت في إشعال الحرب مع الرومان التي أحرقت فيها أورشليم.

سِمْعَانُ الْغَيُورُ = سِمْعَانُ القانوى = أي الذي من قانا (لو 6: 15).

الْعِلِّيَّةِ = هي غرفة فوق السطح في البيوت اليهودية تستعمل كغرفه صلاة وخلوة. وكان هذا المنزل هو منزل مريم أم القديس مرقس كاروز ديارنا المصرية. وفى هذه العلية أقام الرب العشاء الأخير فحسبت أول كنيسة فى العالم. ويبدو أنها كانت متسعة فشملت التلاميذ وغيرهم.

العدد 14

آية (14): -

"14هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ، مَعَ النِّسَاءِ، وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ.".

نلاحظ أن الروح القدس يحل علي من يصلي بحرارة ولجاجة = يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ = هنا إرتباط وإتحاد في الفكر والقلب. وكانت صلواتهم هي صلوات السواعي اليهودية. مَعَ النِّسَاءِ = هؤلاء الذين تبعن المسيح من الجليل لو 8: 1 –3 + مت 27: 55، 56 + مر 15: 4.

وَمَعَ إِخْوَتِهِ = هؤلاء لم يؤمنوا به في حياته. وقد يكونوا أولاد يوسف من زواج سابق أو أولاد خالة أو عمة المسيح. وهم يعقوب ويوسى وسمعان ويهوذا وهم آمنوا به بعد القيامة (مر 3: 6 + مت 55: 13 + يو 5: 7). ويعقوب أخو الرب ظهر له المسيح بعد قيامته فى ظهور خاص (1كو 7: 15).

الأعداد 15-17

الآيات (15 - 17): -

"15 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ قَامَ بُطْرُسُ فِي وَسْطِ التَّلاَمِيذِ، وَكَانَ عِدَّةُ أَسْمَاءٍ مَعًا نَحْوَ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ. فَقَالَ: 16«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ هذَا الْمَكْتُوبُ الَّذِي سَبَقَ الرُّوحُ الْقُدُسُ فَقَالَهُ بِفَمِ دَاوُدَ، عَنْ يَهُوذَا الَّذِي صَارَ دَلِيلاً لِلَّذِينَ قَبَضُوا عَلَى يَسُوعَ، 17إِذْ كَانَ مَعْدُودًا بَيْنَنَا وَصَارَ لَهُ نَصِيبٌ فِي هذِهِ الْخِدْمَةِ.".

نحو 120 = كان اليهود يحددوا رقم 120 كأصغر رقم لابد أن يتوفر لأى جماعة يهودية لتأخذ صفتها الجماعية ويكون لها الحق فى تدبير ذاتها وكان هذا تقليد يهودى. وبطرس يشير للنبوات التى تنبأت عن يهوذا ليشرح أن خيانة يهوذا ليست حدثاً عارضاً إنما قصة لها جذورها العميقة وبمشورة الله الأزلية. وواضح هنا دور بطرس القيادى ربما لسنه أو لغيرته. ونفهم أنه طالما أن الرب إختار يهوذا فهو إذاً كان صالحاً وقت إختياره لكنه إنحرف فيما بعد لذلك ينبه بولس الرسول "إذاً من يظن أنه قائم فلينظر أن لا يسقط (1كو 12: 10). وإختيار السيد ليهوذا فيه درسين لنا:

  1. أن تقبل الكنيسة الكل وتعطى كل واحد فرصة للتوبة.
  2. أن لا يتشبه به أحد ويحب المال.

هذِهِ الْخِدْمَةِ = هى خدمة الشهادة لله كوكلاء سيقدمون حساباً عنها.

بِفَمِ دَاوُدَ = بطرس وغيره إستخدموا نبوات العهد القديم للإشارة للمسيح (25: 2 + 34: 2 + 31: 2 - 32) فإعتبر أن أعداء صاحب المزامير هم أعداء المسيا (25: 4 - 27) والرسل إستبدلوا كلمة عبدك بكلمة فتاك.

الأعداد 18-19

الآيات (18 - 19): -

"18فَإِنَّ هذَا اقْتَنَى حَقْلاً مِنْ أُجْرَةِ الظُّلْمِ، وَإِذْ سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ انْشَقَّ مِنَ الْوَسْطِ، فَانْسَكَبَتْ أَحْشَاؤُهُ كُلُّهَا. 19 وَصَارَ ذلِكَ مَعْلُومًا عِنْدَ جَمِيعِ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ، حَتَّى دُعِيَ ذلِكَ الْحَقْلُ فِي لُغَتِهِمْ «حَقَلْ دَمَا» أَيْ: حَقْلَ دَمٍ.".

يهوذا رمى الفضة لرؤساء الكهنة، وهم إشتروا الحقل. لكن بطرس كنوع من الإحتجاج على عمل يهوذا نسب له شراء الحقل بمعنى "ما الذى إقتنيته يا يهوذا بفضة خيانتك". ويهوذا بعد أن شنق نفسه سقط وإنسكبت أحشاءه. والحقل سمى حقل دم لأن المال ثمن دم يُسلَّم للموت.

العدد 20

آية (20): -

"20لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ الْمَزَامِيرِ: لِتَصِرْ دَارُهُ خَرَابًا وَلاَ يَكُنْ فِيهَا سَاكِنٌ. وَلْيَأْخُذْ وَظِيفَتَهُ آخَرُ.".

المزمور هو (25: 69، 28 + 8: 109، 16، 17). وبطرس هنا يفكر فى شخص يتحمل مسئولية الكرازة. فهو إعتبر أن الرب إختار 12. إذاً هو يريدهم 12. وفى (25: 69) نجد الآية لتصر دارهم خرابا. فالكلام ليس عن يهوذا فقط بل عن رؤساء الكهنة الذين صلبوا المسيح. وهذا تم بالفعل إذ خَرِبَ الهيكل وأوقف الكهنوت سنة 70م بل أن تيطس قتل وذبح وأحرق الكهنة مع رؤسائهم.

الأعداد 21-22

الآيات (21 - 22): -

"21فَيَنْبَغِي أَنَّ الرِّجَالَ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا مَعَنَا كُلَّ الزَّمَانِ الَّذِي فِيهِ دَخَلَ إِلَيْنَا الرَّبُّ يَسُوعُ وَخَرَجَ، 22مُنْذُ مَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي ارْتَفَعَ فِيهِ عَنَّا، يَصِيرُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ شَاهِدًا مَعَنَا بِقِيَامَتِهِ».".

كانت الصفات التى يشترطونها فيمن يحل محل يهوذا:

  1. أن يكون قد عاصر الرب وسمعه ورآه وعاصر موته ورأى قيامته. دخل الرب وخرج = رافقنا أى تعامل فيها معنا الرب يسوع بكل ألفة ومحبة.
  2. أن يكون قد إجتمع مع الرسل = مَعَنَا وعَرِفَ أنهم الرسل المختارين وعاش كما يعيشون فى إيمان بالمسيح وفى خوف الله. وربما كان إختيارهم من واحد من السبعين.

العدد 23

آية (23): -

"23فَأَقَامُوا اثْنَيْنِ: يُوسُفَ الَّذِي يُدْعَى بَارْسَابَا الْمُلَقَّبَ يُوسْتُسَ، وَمَتِّيَاسَ.".

مَتِّيَاسَ = يعنى عطية يهوه. وهو بحسب تاريخ يوسابيوس فهو من السبعين وقد بشر بحسب التقليد الكنسى بلاد الحبشة. أما يُوسُفَ بَارْسَابَا فيروى عنه بابياس مستنداً على شهادة بنات فيلبس أنه شرب سم أفعى بإسم المسيح متحدياً الوثنيين ولم يصبه أذى (مر 18: 16) وهم إختاروا الأكثر حكمة وتقوى فكانا هذين الإثنين.

العدد 24

آية (24): -

"24 وَصَلَّوْا قَائِلِينَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ الْعَارِفُ قُلُوبَ الْجَمِيعِ، عَيِّنْ أَنْتَ مِنْ هذَيْنِ الاثْنَيْنِ أَيًّا اخْتَرْتَهُ،".

هم إختاروا إثنين رأوا أنهم أكفاء لهذه الخدمة وبالصلاة تمت القرعة وتركوا الإختيار لله. وكانت القرعة عادة متبعة عند اليهود. ولكن هذه أول وآخر مرة نسمع فيها عن القرعة فى الإنجيل (العهد الجديد). فبعد هذا مباشرة حلَّ الروح القدس وصار يرشد الكنيسة ويقودها. وهناك الآن من أفراد الشعب من يلجأ للقرعة لتحديد أمر ما، وعلينا عدم الإسراف فى هذه الطريقة فالله أعطانا الروح القدس ليرشدنا، بل هناك من يتشكك بعد ظهور القرعة إذا جاءت غير متفقة مع رغبته. وطوبى لمن لا يدين نفسه فيما يستحسنه (رو 22: 14). فعلينا أن نصلى ونفكر ماذا نريد ونتخذ قرارنا بإيمان أن الله سيبارك فى القرار الذى إتخذناه، وإن كان ليس من الله فهو قادر أن يبطله.

العدد 25

آية (25): -

"25لِيَأْخُذَ قُرْعَةَ هذِهِ الْخِدْمَةِ وَالرِّسَالَةِ الَّتِي تَعَدَّاهَا يَهُوذَا لِيَذْهَبَ إِلَى مَكَانِهِ».".

قُرْعَةَ هذِهِ الْخِدْمَةِ = هى قرعة تؤدى للألام فى طريق الخدمة الشاق ولكنه طريق المجد. تَعَدَّاهَا يَهُوذَا = بسقوطه وليذهب إلى مكانه الذى يستحقه على جريمته والذى إختاره بنفسه أى يموت ويهلك.

العدد 26

آية (26): -

"26ثُمَّ أَلْقَوْا قُرْعَتَهُمْ، فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى مَتِّيَاسَ، فَحُسِبَ مَعَ الأَحَدَ عَشَرَ رَسُولاً.".

حين استشهد بعد ذلك القديس يعقوب لم يختاروا أحداً مكانه فمكانه محفوظ فى السماء. ولكن يهوذا بسقوطه خسر مكانه فى السماء فإنتخبوا متياس مكانه (رؤ 12: 21).

رقم 12 هو عدد الأسباط فى العهد القديم وهو عدد التلاميذ فى العهد الجديد وهو يشير لملكوت الله أى من هم شعب الله.

رقم 12 = 3 (الثالوث) × 4 (كل العالم). أى المؤمنين بالله مثلث الأقانيم فى كل العالم.

وكان هذا هو عمل التلاميذ أن ينشروا الإيمان بالثالوث فى كل العالم.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثاني - تفسير سفر أعمال الرسل - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر أعمال الرسل الأصحاح 1
تفاسير سفر أعمال الرسل الأصحاح 1