الأصحاح الثاني – تفسير سفر أعمال الرسل – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر أعمال الرسل – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الثاني

العدد 1

آية (1): -

"1 وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ الْخَمْسِينَ كَانَ الْجَمِيعُ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ،".

يَوْمُ الْخَمْسِينَ = ويسمى يوم البنطيقوستى أى الخمسين وهو عيد الشكر على بركات الحصاد عند اليهود. وهو وافق أيضاً يوم الخمسين من أحد القيامة. وصار هذا اليوم هو يوم تأسيس الكنيسة ملكوت الله. وقد يكون هذا تفسيراً لكلام السيد المسيح "إن من القيام ههنا قومٌ لا يذوقون الموت حتى يروا إبن الإنسان آتياً فى ملكوته". فحينما حل الروح القدس تأسست الكنيسة جسد المسيح إبن الإنسان وبدأ ملكوته على قلوب شعبه.

وعيد الخمسين عند اليهود هو عيد الحصاد وصار فى الكنيسة أيضاً عيداً للحصاد أى دخول الناس للإيمان. فبعد أن ماتت حبة الحنطة (أى المسيح يو 24: 12) صار الآن حصاد كثير. ففى هذا اليوم آمن 3000 نفس. هو يوم ميلاد الكنيسة.

وكَانَ الْجَمِيعُ = هناك رأيان: -.

  1. أن الجميع المقصود بهم الإثنى عشر ومعهم العذراء مريم. ويستند أصحاب هذا الرأى أن هذه الآية هى إمتداد للآية الأخيرة من الإصحاح السابق (أع 26: 1). وبوضع يد الرسل الـ 12 على الباقين حل الروح على بقية الجماعة.
  2. الجميع هم كل الـ 120.

العدد 2

آية (2): -

"2 وَصَارَ بَغْتَةً مِنَ السَّمَاءِ صَوْتٌ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ عَاصِفَةٍ وَمَلأَ كُلَّ الْبَيْتِ حَيْثُ كَانُوا جَالِسِينَ،".

الريح والروح فى العبرية كلمة واحدة (وهكذا فى اليونانية). وهبوب الريح الآن كان لأن الروح يعبر عن طبيعته فهو يهب حيث يشاء (يو 8: 3). وهذه الريح لم تكن ريحاً طبيعية ولا هواء طبيعياً. والصوت الذى سُمِعَ تدركه الأذان الداخلية المهيَّاة لسماع الروح القدس هو صوت من السماء يعبر عن الحضرة الإلهية. وحلول الروح تم عن طريق:

  1. صلاتهم لمدة 10 أيام "فالروح يعطى للذين يسألونه" (لو11: 13).
  2. بنفس واحدة أى إتحاد الجماعة فى الشركة والفكر.

وَمَلأَ كُلَّ الْبَيْتِ = الروح القدس دشَّن المكان فتقدس. فلنصلى ليملأ الروح القدس بيوتنا وقلوبنا وبهذا يُطرد كل روح شرير من المكان ونحيا فى محبة وفرح وسلام.

ولقد سبق التلاميذ وتعمدوا بالماء. والآن معمودية الروح. أمَّا التلاميذ فقد كانوا بعد ذلك يعمدون بالماء والروح (وهكذا الكنيسة للآن). وإن كان المسيح قد تعمد ليكمل كل بر، فلابد أنه عَمَّد التلاميذ بالماء هم أيضاً. بل كان التلاميذ يُعَمِّدون فى حياة المسيح على الأرض. فكيف يعمدون آخرين وهم لم يعتمدوا (يو 1: 4، 2).

العدد 3

آية (3): -

3 وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.

الريح تشير لطبيعة الروح القدس غير المرئية ولكنها مؤثرة وفعالة ولها صوت مسموع. والنار تكشف عن طبيعة الروح وطبيعة الأداء الذى سيؤديه كروح إحراق وتطهير لقلوب المؤمنين وإشعال الغيرة والحب فى النفوس لو 49: 12 + عب 29: 12. والنار تذكرنا بأن إلهنا نار آكلة تحرق وتبيد الخطية وتزيد البر والقداسة والحب. مُنْقَسِمَةٌ = فكلٍ له موهبة غير الآخر. اسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ = الروح إرتاح فى كيانهم وفى قلوبهم وحولهم إلى كيان قدسى، حولهم إلى هيكل لله وسكن الروح فيهم ليعمل فيهم وبهم. وكما حلَّ الروح القدس على العذراء فولدت المسيح، حلَّ الروح القدس على الكنيسة لتلد بالمعمودية أبناء لله هم شعبه المقدس. وكما حلَّ الروح القدس على المسيح بعد المعمودية هكذا حلَّ الروح القدس على كل من يعتمد وذلك بالميرون. أما مع المسيح فالروح القدس لم يحل بشكل ألسنة نار فهو لا يحتاج تطهير من الخطية وحل على شكل حمامة كاملة فالروح الوديع البسيط حل بكامله على المسيح، أمّاَ مع البشر فالروح يحل على كل واحد حسبما يحتمل وليعطيه موهبة معينة لبناء الكنيسة لذلك قال أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ = لكل منهم موهبة غير الآخر وعمل يحدده له الروح غير الآخر فالروح يحل بالكامل على المسيح فقط، وهذه المواهب لكل واحد تتكامل فيهم وبهم لبناء جسد المسيح.

العدد 4

آية (4): -

"4 وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا.".

امْتَلأَ الْجَمِيعُ = الروح يملأ كل الكيان فيصير الكيان كله لله، ويصير الجسد للمسيح. يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ = هذا عكس ما حدث فى لعنة بابل إذ تبلبلت ألسنتهم. والألسنة كانت فائدتها أن الله سيستخدم التلاميذ ليبشروا كل العالم، كلٌ بلسانه مر 17: 16. ولكن بعد أن صار لكل كنيسة من يتكلم بلسانها ولغتها ما عاد هناك داعٍ لهذه الألسنة أى اللغات. فما معنى أن نتكلم بلسان جديد وما هو تطبيق الموهبة الآن: -.

  1. قال السيد لتلاميذه أنه سيعطيهم ما يتكلمون به إذا وقفوا أمام ملوك وولاة، وهذا ما يعطيه لهم الروح القدس مت 19: 10 + لو 14: 21. وبهذا اللسان نشهد للمسيح أمام العالم بحكمة يو 26: 15، 27.
  2. ليس كل إنسان يحتاج نفس الكلام الذى نقوله لإنسان آخر، والروح يعطى حكمة، ماذا نقوله لكل إنسان. وقارن العظات فى سفر الأعمال لكل من المسيحيين ولليهود وللوثنين فستجدها مختلفة، فما يقال هنا لا يقال هناك.
  3. الروح القدس يعطينا اللسان الذى يعرف لغة التسبيح، كما قال داود "لسانى قلم كاتب ماهر" مز 1: 45 بل يعطينا كيف نصلى رو 26: 8.
  4. الروح يعطينا لسان مملوء حباً وكلمات نعمة، كلاماً مصلحاً بملح.
  5. الروح يعطى فى كل مناسبة ما نقوله، فالخاطئ المستهتر يحتاج كلمات توبيخ، والخاطئ اليائس يحتاج كلمات تشجيع والحزين محتاج كلمات تعزية. كل إنسان يحتاج للسان مختلف عن الإنسان الآخر.

الروح يعطى الكلمة المناسبة المؤثرة، وكعلامة على ذلك كانت عظة بطرس قوية مؤثرة فى نفوس السامعين فآمن 3000 نفس. الخادم المملوء من الروح يتكلم بكلمة الله بالروح القدس ولا تعود كلمة الله فارغة.

وكانت الألسنة التى تكلم بها التلاميذ علامة أن الروح هو الذى أعطاهم هذه الموهبة وأنها ليست من عندياتهم. وعلى كل خادم أن يفهم أنه إذا تكلم كلمة قوية فهى من الروح القدس وليست من عندياته.

ونحن لا نمتلئ مرة واحدة، بل سمعنا عدة مرّات أن التلاميذ كانوا يمتلئون من الروح. لذلك يقول بولس الرسول إمتلأوا بالروح. ويقول لتلميذه تيموثاوس: إضرم موهبة الله التى فيك.. "وقارن أع 4: 2 مع أع 31: 4. والروح يملأنا كلما يجدنا فى احتياج كلما شاء. ولنسأل أنفسنا من الذى يقودنا ومن الذى يفرحنا ويعزينا.... الخ. فالمملوء من الروح يحركه ويقوده الروح، ولكن الإنسان العالمى يحركه العالم وتقوده غريزته وتفرحه الماديات. وكلما إمتلأنا بالروح لا يحركنا سوى الروح.

والميرون هو تقديس الجسد، الهيكل الإنسانى لسكنى الروح وإقامته 1كو16: 3 والملء المتكرر يكون بالجهاد 2تى1: 2 وحسب الحاجة مت10: 19. وهناك من يقاوم الروح فيحزنه وقد ينطفئ "لا تحزنوا الروح"، "لا تطفئوا الروح".

الأعداد 5-7

الآيات (5 - 7): -

"5 وَكَانَ يَهُودٌ رِجَالٌ أَتْقِيَاءُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ سَاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ. 6فَلَمَّا صَارَ هذَا الصَّوْتُ، اجْتَمَعَ الْجُمْهُورُ وَتَحَيَّرُوا، لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ كَانَ يَسْمَعُهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَتِهِ. 7فَبُهِتَ الْجَمِيعُ وَتَعَجَّبُوا قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «أَتُرَى لَيْسَ جَمِيعُ هؤُلاَءِ الْمُتَكَلِّمِينَ جَلِيلِيِّينَ؟".

عمل الله العجيب أن سمح أن يحدث هذا وقت أن إجتمع فى أورشليم يهوداً من كل الأرض فى يوم الخمسين (وهو موسم حج) فكانوا نوابا عن جميع شعوب الأرض لينتشر الخبر فى كل العالم. (كانوا من 15 دولة) يَهُودٌ رِجَالٌ أَتْقِيَاءُ = هكذا كانوا يسمون اليهود الذين يأتون للحج لأنهم قبلوا أن يتجشموا آلام السفر من بلادهم إلى أورشليم. والسفر كان مكلفاً للغاية ومتعباً ولا يقوى عليه إلاّ من كان تقياً. وكان هؤلاء حينما يأتون إلى أورشليم يوزعون من أموالهم على الفقراء.

سَاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ = كان الحجاج يأتون قبل الفصح ويقضون الخمسين يوماً من الفصح حتى يوم الخمسين ساكنين فى أورشليم.

الأعداد 8-11

الآيات (8 - 11): -

"8فَكَيْفَ نَسْمَعُ نَحْنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا لُغَتَهُ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا؟ 9فَرْتِيُّونَ وَمَادِيُّونَ وَعِيلاَمِيُّونَ، وَالسَّاكِنُونَ مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ، وَالْيَهُودِيَّةَ وَكَبَّدُوكِيَّةَ وَبُنْتُسَ وَأَسِيَّا 10 وَفَرِيجِيَّةَ وَبَمْفِيلِيَّةَ وَمِصْرَ، وَنَوَاحِيَ لِيبِيَّةَ الَّتِي نَحْوَ الْقَيْرَوَانِ، وَالرُّومَانِيُّونَ الْمُسْتَوْطِنُونَ يَهُودٌ وَدُخَلاَءُ، 11كِرِيتِيُّونَ وَعَرَبٌ، نَسْمَعُهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا بِعَظَائِمِ اللهِ! ».".

هؤلاء من اليهود أو المتهودين وهم إندهشوا لأنهم سمعوا أناساً يهود يتكلمون بلغاتهم عن الله بينما اليهود فى أورشليم لا يتكلمون إلا العبرانية ويحتقرون اللغات الأجنبية.

الأعداد 12-13

الآيات (12 - 13): -

"12فَتَحَيَّرَ الْجَمِيعُ وَارْتَابُوا قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا؟ ». 13 وَكَانَ آخَرُونَ يَسْتَهْزِئُونَ قَائِلِينَ: «إِنَّهُمْ قَدِ امْتَلأُوا سُلاَفَةً».".

إرتابوا = الترجمة الأدق إندهشوا. يَسْتَهْزِئُونَ = يسخرون منهم لأنهم ظنوهم سكارى. سُلاَفَةً = العنب المختمر حديثاً.

خطاب بطرس الرسول.

الروح القدس حَرَّكَ بطرس فقدَّم أول شهادة عن المسيح. وهو إستفاد من نبوة يوئيل عن حلول الروح القدس ليفسر لهم ما رأوه وما سمعوه من تكلم الرسل بالألسنة. ومن هنا بدأ يشرح لهم كيف حلَّ الروح القدس وذلك بعد صلب وقيامة المسيح وصعوده ثم إرسال الروح القدس حسب وعده. ولما تحرك قلب السامعين وسألوا ماذا يفعلون أرشدهم القديس بطرس أن الطريق لحلول الروح القدس هو أن يعتمدوا. ولاحظ أن فهم بطرس للنبوات وتطبيقها على المسيح هو من عمل الروح القدس الذى حل عليه والروح عمل أيضاً فى السامعين ففهموا وآمنوا.

العدد 14

آية (14): -

"14فَوَقَفَ بُطْرُسُ مَعَ الأَحَدَ عَشَرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الْيَهُودُ وَالسَّاكِنُونَ فِي أُورُشَلِيمَ أَجْمَعُونَ، لِيَكُنْ هذَا مَعْلُومًا عِنْدَكُمْ وَأَصْغُوا إِلَى كَلاَمِي،".

بطرس تكلم عن الإثنى عشر. وهناك إحتمالين.

  1. أن بطرس يتكلم بلسان واحد ولكن كل واحد يفهم بلغته.
  2. أن بطرس تكلم بالعبرانية وكل تلميذ يترجم باللسان الذى حصل عليه.

المهم أن كل الحاضرين فهموا تماماً ما قاله بطرس. وقارن هنا بطرس وهو يواجه الآلاف بكل شجاعة بعد حلول الروح القدس. وبين خوفه من جارية قبل حلول الروح.

العدد 15

آية (15): -

"15لأَنَّ هؤُلاَءِ لَيْسُوا سُكَارَى كَمَا أَنْتُمْ تَظُنُّونَ، لأَنَّهَا السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ مِنَ النَّهَارِ.".

هم ليسوا سكارى فاليوم يوم عيد. وفى الأعياد الكبرى ما كان اليهود يأكلون أو يشربون حتى الظهيرة. والوقت الآن هو الساعة الثالثة بالتوقيت اليهودى أى التاسعة صباحاً بالتوقيت الحالى، ولا أحد يسكر فى هذه الساعة. ولكن لنلاحظ أن من يحل عليه الروح القدس يمتلئ فرحاً وتهليلاً وربما إختلط الأمر على بعض الذين رأوا التلاميذ هكذا فلم يفرقوا بين الخمر الروحى (الفرح الذى يعطيه الروح القدس والخمر المادية التى تُسكِر) لذلك قيل وَكَانَ آخَرُونَ يَسْتَهْزِئُونَ = هؤلاء لم يميزوا بين الفرح الروحى والسُكر بالخمر. وربما أن هناك سببا آخر أن السامعين لا يعرفون كل اللغات التى تكلم بها التلاميذ فظنوهم يخرفون. ولكن بطرس بذكاء روحى إستغل هذه النقطة لتكون مدخلاً لعظته، ليشرح معنى حلول الروح القدس وعمله.

ملحوظة: الروح حلَّ على التلاميذ فى الساعة الثالثة، لذلك رتبت الكنيسة صلوات الساعة الثالثة فى الأجبية لتكون صلوات خاصة بالروح القدس.

الأعداد 16-21

الآيات (16 - 21): -

"16بَلْ هذَا مَا قِيلَ بِيُوئِيلَ النَّبِيِّ. 17يَقُولُ اللهُ: وَيَكُونُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ أَنِّي أَسْكُبُ مِنْ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ، فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ، وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤًى وَيَحْلُمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَمًا. 18 وَعَلَى عَبِيدِي أَيْضًا وَإِمَائِي أَسْكُبُ مِنْ رُوحِي فِي تِلْكَ الأَيَّامِ فَيَتَنَبَّأُونَ. 19 وَأُعْطِي عَجَائِبَ فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَآيَاتٍ عَلَى الأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ: دَمًا وَنَارًا وَبُخَارَ دُخَانٍ. 20تَتَحَوَّلُ الشَّمْسُ إِلَى ظُلْمَةٍ وَالْقَمَرُ إِلَى دَمٍ، قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ يَوْمُ الرَّبِّ الْعَظِيمُ الشَّهِيرُ. 21 وَيَكُونُ كُلُّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَخْلُصُ.".

بَلْ هذَا = الذى تظنونه سكراً وسخرتم منه، هذا هو حلول الروح القدس الذى تنبأ عنه يوئيل. الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ = تعنى أيام تجسد المسيح حتى مجيئه الثانى. فمجئ المسيح هو آخر تدبير إلهى قبل الدينونة. ولاحظ أن الروح يحل على العبيد والإماء. فالكل واحد فى جسد المسيح، هذا بالمقارنة مع حلول الروح القدس فى العهد القديم على الملوك ورؤساء الكهنة والأنبياء فقط. ويظل الروح القدس يحل على المؤمنين حتى أيام نهاية العالم حين تتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم تمهيداً لوجود سماء جديدة وأرض جديدة وتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم لها تفسيران:

  1. الشمس تشير للنور والبر وهذا البر سيختفى أيام ضد المسيح (الدجال). والقمر يشير للكنيسة وهى ستدخل عصر إستشهاد بالدم. والشمس صارت ظلمة فعلا يوم الصليب. وبعد الصليب بدأ إضطهاد الكنيسة وسال الدم باليهود أولا ثم بالرومان.
  2. هذه علامات ستحدث حقيقة فلقد قيل أن هناك علامات عجيبة قد حدثت قبل خراب أورشليم، هذه العلامات ذكرها يوسيفوس المؤرخ اليهودى: -.
  1. سيف ملتهب معلق فى السماء فوق المدينة.
  2. مذنب يشير إليها بنور ساطع لمدة عام.
  3. نور يتوهج فوق المذبح محولاً ظلام الليل إلى نهار.
  4. إنفتاح بوابة الهيكل الجبارة الضخمة على سعتها بدون إنسان.
  5. صوت يسمع من قدس الأقداس "فلنغادر هذا المكان".
  6. نبى يتنبأ لمدة 7 سنوات جائلاً فى كل المدينة قائلاً "الويل الويل" فظنوه مجنوناً.
  7. رؤيا جيوش تتصارع فى الهواء.
  8. موجات رعد وبروق وزلازل.

فإن كان هذا قد حدث قبل خراب أورشليم فماذا سيحدث قبل خراب العالم. وقد حدثت غرائب فى الطبيعة يوم الصليب. كُلُّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ = الرب هنا يقصد به الرب يسوع أى كل من آمن بالمسيح يَرَى شَبَابُكُمْ رُؤًى وَيَحْلُمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَمًا = وهذا عكس الوضع الطبيعى فالمفروض أن الشبان هم الذين يحلمون فلهم أمانيهم وخيالهم العريض بمستقبل أفضل، ويتصورون أن أمانيهم تتحقق. أمّا الشيوخ فتخلصوا من الأحلام والتخيلات وصاروا يرون الرؤى الروحية. والمعنى أن الشباب بالروح القدس ينضجون ويكونون فى حكمتهم كالشيوخ. والشيوخ يكتسبون النشاط والقوة. وحينما يحل الروح القدس على شخص يتنبأ ويرى رؤى أى تنفتح عيناه على السموات عَلَى كُلِّ بَشَرٍ = فالروح يحل على الجميع وليس اليهود فقط. يَتَنَبَّأُ = ليس أن يخبر بالمستقبل بل يُعلِّم ويخبر بالحق الإلهى خاصة خلاص المسيح والأمجاد المعدة. بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ = إذاً هذا للكل.

العدد 22

آية (22): -

"22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسْطِكُمْ، كَمَا أَنْتُمْ أَيْضًا تَعْلَمُونَ.".

هنا انتقل بطرس من حلول الروح القدس إلى يسوع الذى بواسطته حلَّ الروح القدس. يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ = فهو أتى وسكن فى الناصرة فإنتَسب إليها. رَجُلٌ = هنا بطرس يبدأ بقوله رجل عن المسيح بحسب ما يراه السامعين أو رأوه ثم يصل بهم أنه هو الرب والمسيح (راجع آية 36).

هو نزل لمستواهم ثم ارتفع بهم وبنفس الحكمة قال أن الله صنع المعجزات بيده.

تَبَرْهَنَ = المسيح بمعجزاته أثبت أنه مرسل من الله ليؤسس ملكوت الله. والآيات التى صنعها المسيح لا يصنعها سوى الله.

العدد 23

آية (23): -

"23هذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّمًا بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ، وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ.".

هذا نفس ما قاله بطرس فى (1بط 2: 1). وغالبا كان من ضمن من يسمعوا بطرس الآن من صرخ أمام بيلاطس "أصلبه أصلبه". وهؤلاء نخسوا فى قلوبهم إذ تذكروا ما عملوه إذ ضللهم رؤساء الكهنة. بِأَيْدِي أَثَمَةٍ = هذا إشارة للرومان الوثنيين فكانوا يسمون مملكة روما "بمملكة الشر". قَتَلْتُمُوهُ = هذا إشارة لدور اليهود. والمعنى أن العالم كله، أمماً ويهود، إشترك فى صلب المسيح.

العدد 24

آية (24): -

"24اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضًا أَوْجَاعَ الْمَوْتِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَنْ يُمْسَكَ.

مِنْهُ. ".

قارن مع (1بط 21: 1) نَاقِضًا = بمعنى يفك أو يحل قيودها أو حبالها، كما مزَّق شمشون الحبال من حوله بقوته. وكان شمشون بهذا رمزاً للمسيح الذى قطع رباطات الموت بقوة الحياة التى فيه لإتحاد لاهوته بناسوته (قارن مع مز18: 4، 5 - 7، 16 + مز 3: 116، 4، 7 - 9) إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ = أى يُمسك بواسطته. والسبب أن الجسد متحد باللاهوت الحى والمحيى (رؤ 18: 1). بل أنه هو الحياة والقيامة وهو قام ليقيمنا نحن فيه فهو إشترك فى موتنا لنشترك نحن معه فى قيامته.

الأعداد 25-26

الآيات (25 - 26): -

"25لأَنَّ دَاوُدَ يَقُولُ فِيهِ: كُنْتُ أَرَى الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، أَنَّهُ عَنْ يَمِينِي، لِكَيْ لاَ أَتَزَعْزَعَ. 26لِذلِكَ سُرَّ قَلْبِي وَتَهَلَّلَ لِسَانِي. حَتَّى جَسَدِي أَيْضًا سَيَسْكُنُ عَلَى رَجَاءٍ.".

دَاوُدَ يَقُولُ فِيهِ = أى داود يقول فيما يخص المسيح كُنْتُ أَرَى الرَّبَّ أَمَامِي = هذه تفهم أنها عن داود الذى يقول أنه يرى الرب معه يعينه ويساعده وأن الرب أمامه يقود خطواته، وأن الرب هو قوته ففرح داود وتهلل وكان له رجاء أن ينتصر على أعدائه. ولكن داود كرمز للمسيح وبروح النبوة نطق بهذه الكلمات على لسان المسيح. وكأن المسيح بها يخاطب الآب. وإذا فهمناها أنها على المسيح فهى تفيد المساواة والزمالة فى المسير فى المجد أو فى الضيق. إنه عَنْ يَمِينِي = أى هو قوتى التى تحفظنى وتساعدنى فلا يتمكنوا من قتلى حتى أتمم رسالتى (مز 5: 110 + مز 31: 109) ولقد حاول اليهود عدة مرات قتل المسيح ولم يتمكنوا. ولكن حينما يقال أن المسيح عن يمين الآب (مز110: 1) فهذا يعنى أن المسيح بناسوته تمجد بنفس مجد الآب. وداود إنتصر على أعدائه من الأمم أمّا المسيح فإنتصر على الموت وعلى إبليس. لِسَانِي = كما جاءت فى السبعينية (مجدى فى العبرية).

العدد 27

آية (27): -

"27لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَادًا.".

هنا نرى أن قبر المسيح هو سكن مؤقت للجسد. لاَ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَادًا = (مز 10: 16) ونفس المفهوم ورد على لسان بولس الرسول (أع 35: 13 - 37) وهذا لأنه بلا خطية.

العدد 28

آية (28): -

"28عَرَّفْتَنِي سُبُلَ الْحَيَاةِ وَسَتَمْلأُنِي سُرُورًا مَعَ وَجْهِكَ.".

سُبًلْ الحياة = إشارة للقيامة. وهذا ما أبهج داود. سَتَمْلأُنِي سُرُورًا مَعَ وَجْهِكَ = إشارة لصعود المسيح للأمجاد والسرور هنا هو فرحة الآب والإبن بإعادة الحياة للبشر بالفداء.

الأعداد 29-31

الآيات (29 - 31): -

"29أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ لَكُمْ جِهَارًا عَنْ رَئِيسِ الآبَاءِ دَاوُدَ إِنَّهُ مَاتَ وَدُفِنَ، وَقَبْرُهُ عِنْدَنَا حَتَّى هذَا الْيَوْمِ. 30فَإِذْ كَانَ نَبِيًّا، وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ حَلَفَ لَهُ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ صُلْبِهِ يُقِيمُ الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، 31سَبَقَ فَرَأَى وَتَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ الْمَسِيحِ، أَنَّهُ لَمْ تُتْرَكْ نَفْسُهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ رَأَى جَسَدُهُ فَسَادًا.".

إن كان داود لا يتحدث عن نفسه بخصوص القيامة من الأموات والدليل أنه مات وقبره موجود للآن. إذاً فهو كنبى كان يتحدث عن المسيح خصوصاً أن الله أخبر داود أن المسيح سيكون من نسله (2صم 12: 7، 13).

فالله هنا يتكلم عن كرسى لمملكة داود ثابتاً إلى الأبد. وبهذا يكون داود بروح النبوة يتكلم عن المسيح الذى سيكون من نسله وأن المسيح لن يبقى فى القبر إلى الأبد. هنا أيضاً داود يتكلم بلسان المسيح.

وَلاَ رَأَى جَسَدُهُ فَسَادًا = ولو أن المسيح مات جسديا لإنفصال الروح الإنسانية عن جسده، إلا أن جسده كانت فيه حياة لإتحاد لاهوته بناسوته، لذلك جسده لم يرى فسادا.

العدد 32

آية (32): -

"32فَيَسُوعُ هذَا أَقَامَهُ اللهُ، وَنَحْنُ جَمِيعًا شُهُودٌ لِذلِكَ.".

بعد أن ذكر بطرس شهادة داود عن قيامة المسيح يورد شهادته هو بأنه رأى المسيح وقد قام من الموت، بل هو وكل التلاميذ وكثيرين. وهذا المنهج إتبعه فى رسالته (2بط 18: 1، 19).

العدد 33

آية (33): -

"33 وَإِذِ ارْتَفَعَ بِيَمِينِ اللهِ، وَأَخَذَ مَوْعِدَ الرُّوحِ الْقُدُسِ مِنَ الآبِ، سَكَبَ هذَا الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ تُبْصِرُونَهُ وَتَسْمَعُونَهُ.".

الرسل شاهدوا القيامة ويشهدون بذلك. ولكن كيف يؤمن بها من يسمع عنها ولم يرى المسيح بعد قيامته. هنا يأتى دور الروح القدس الذى إنسكب، وسينسكب على كل من يؤمن، ويشهد له الروح بقيامة المسيح. لذلك تكلم بطرس فى هذه الآية عن إنسكاب الروح القدس.

أَخَذَ مَوْعِدَ الرُّوحِ الْقُدُسِ مِنَ الآبِ = هذه تفيد معنى الوساطة، فالمسيح بفدائه أكمل عمل المصالحة مع الآب إذ غفر الخطايا وبهذا إستطاع أن يرسل الروح القدس من عند الآب يو 26: 14 + 7: 16 والروح القدس يرشد إلى جميع الحق (يو 13: 16).

إرتفع بِيَمِينِ اللهِ = هذه تعنى أنه صار للجسد نفس مجد اللاهوت، فاليمين ليس مكان بل مكانة (يو17: 5).

الأعداد 34-35

الآيات (34 - 35): -

"34لأَنَّ دَاوُدَ لَمْ يَصْعَدْ إِلَى السَّمَاوَاتِ. وَهُوَ نَفْسُهُ يَقُولُ: قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي 35حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ.".

هنا يتكلم عن صعود المسيح للسموات وملكه السماوى. فهل صعد داود للسماء. (راجع مز 1: 110) فبطرس إقتبس كلمات هذا المزمور. ونلاحظ أن داود يشير إلى عادات معروفة مثل أن الملك حين يريد أن يكرم أحداً يجلسه عن يمينه، فهكذا فعل سليمان مع بثشبع أمه. وكان الملك المنتصر يدوس على رقاب المهزومين، وهكذا فعل يشوع بالملوك الذين هزمهم. وقول المزمور أن المسيح يجلس عن يمين الآب فهذا دليل المساواة فى المجد والكرامة. فهنا المثيل يخاطب المثيل ولا فرق فالمسيح رب والآب رب.

أعداءه تحت موطئ قدميه = الشيطان الذى أراد أن يضع نفس المسيح فى الهاوية صار هو فى الهاوية والمسيح عن يمين الآب، وصار الشيطان تحت قدمى المسيح، بل المسيح أعطى سلطاناً لمن يؤمنوا به أن يدوسوا الحيات والعقارب (رمز إبليس). واليهود إذا استمروا فى مقاومة المسيح سيصيروا موطئاً لقدميه. وبهذا فإن بطرس يوجه التحذير للسامعين أن يكفوا عن مقاومة المسيح ويؤمنوا به. لقد بدأ بطرس بأسلوب متواضع قائلاً أن المسيح رجل، وهو هنا ترك التواضع وقال أن المسيح هو الرب.

ملخص شهادة بطرس.

  1. أن المسيح لن يبقى فى الهاوية ولن يرى فساداً (حسب نبوة داود).
  2. بعد الموت سيبدأ داود ونحن أيضا طريق الحياة أى القيامة بقيامة المسيح.
  3. هنا الكلام ليس عن داود، فداود مات، إنما هو عن إبنه بالجسد.
  4. الرسل شهود للقيامة.
  5. المسيح سبق فوعد بإرسال الروح القدس وهذا ما حدث يوم الخمسين.
  6. هذا حدث بعد أن صعد المسيح للسماء وجلس عن يمين الآب.

العدد 36

آية (36): -

"36فَلْيَعْلَمْ يَقِينًا جَمِيعُ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ أَنَّ اللهَ جَعَلَ يَسُوعَ هذَا، الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمْ، رَبًّا وَمَسِيحًا».".

هنا النتيجة الأخيرة، أن يسوع هو الرب والمسيا، وبهذا يوجه الإتهام لمن شارك فى صلب المسيح من السامعين. جَعَلَ = هذه عن الجسد.

العدد 37

آية (37): -

"37فَلَمَّا سَمِعُوا نُخِسُوا فِي قُلُوبِهِمْ، وَقَالُوا لِبُطْرُسَ وَلِسَائِرَ الرُّسُلِ: «مَاذَا نَصْنَعُ أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ؟ ».".

مَاذَا نَصْنَعُ = الروح القدس نخسهم فخضعوا لندائه فقادهم لطريق الحياة. فالروح القدس يعمل فيمن يتكلم وفيمن يسمع.

العدد 38

آية (38): -

"38فَقَالَ لَهُمْ بُطْرُسُ: «تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا، فَتَقْبَلُوا عَطِيَّةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.".

تُوبُوا = هذا نداء المعمدان ونداء المسيح مت 1: 3، 2 + 17: 4. وهنا نجد بطرس يوجه نفس النداء. والتوبة (ميطانية باليونانية) هى تغيير الفكر والقلب وإعادة النظر فى كل أوضاع الحياة خارجياً وداخلياً. والخطوة الثانية بعد التوبة هى المعمودية ثم قبول الروح القدس. والإيمان أولاً ولكن لم يقل آمنوا فالإيمان سيعلنوه فى طقس المعمودية.

العدد 39

آية (39): -

"39لأَنَّ الْمَوْعِدَ هُوَ لَكُمْ وَلأَوْلاَدِكُمْ وَلِكُلِّ الَّذِينَ عَلَى بُعْدٍ، كُلِّ مَنْ يَدْعُوهُ الرَّبُّ إِلهُنَا».".

الْمَوْعِدَ = أى حلول الروح القدس. يَدْعُوهُ الرَّبُّ إِلهُنَا = الرب يدعو ولكن هناك من لا يستجيب بحرية إرادته. وذلك حينما قال فى آية 37 نخسوا فالمعنى أنهم إستجابوا لدعوة الروح القدس وهى التوبة على ما فات.

العدد 40

آية (40): -

"40 وَبِأَقْوَال أُخَرَ كَثِيرَةٍ كَانَ يَشْهَدُ لَهُمْ وَيَعِظُهُمْ قَائِلاً: «اخْلُصُوا مِنْ هذَا الْجِيلِ الْمُلْتَوِي».".

إذاً العظة المذكورة كانت جزءاً مما قاله بطرس فى ذلك اليوم. ولكنه ركز فى هذه الآيات على خطية اليهود فى صلب المسيح الذى هو الرب ولكن كان الصلب والقيامة والصعود هم الطريق لإرسال الروح القدس.

العدد 41

آية (41): -

"41فَقَبِلُوا كَلاَمَهُ بِفَرَحٍ، وَاعْتَمَدُوا، وَانْضَمَّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ نَفْسٍ.".

انْضَمَّ = فكان هناك120 قبلهم مؤمنين بالمسيح. بِفَرَحٍ = هذا الفرح هو علامة على حلول الروح القدس.

الأعداد 42-47

الآيات (42 - 47): -

"42 وَكَانُوا يُواظِبُونَ عَلَى تَعْلِيمِ الرُّسُلِ، وَالشَّرِكَةِ، وَكَسْرِ الْخُبْزِ، وَالصَّلَوَاتِ. 43 وَصَارَ خَوْفٌ فِي كُلِّ نَفْسٍ. وَكَانَتْ عَجَائِبُ وَآيَاتٌ كَثِيرَةٌ تُجْرَى عَلَى أَيْدِي الرُّسُلِ. 44 وَجَمِيعُ الَّذِينَ آمَنُوا كَانُوا مَعًا، وَكَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا. 45 وَالأَمْلاَكُ وَالْمُقْتَنَيَاتُ كَانُوا يَبِيعُونَهَا وَيَقْسِمُونَهَا بَيْنَ الْجَمِيعِ، كَمَا يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ احْتِيَاجٌ. 46 وَكَانُوا كُلَّ يَوْمٍ يُواظِبُونَ فِي الْهَيْكَلِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ. وَإِذْ هُمْ يَكْسِرُونَ الْخُبْزَ فِي الْبُيُوتِ، كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الطَّعَامَ بِابْتِهَاجٍ وَبَسَاطَةِ قَلْبٍ، 47مُسَبِّحِينَ اللهَ، وَلَهُمْ نِعْمَةٌ لَدَى جَمِيعِ الشَّعْبِ. وَكَانَ الرَّبُّ كُلَّ يَوْمٍ يَضُمُّ إِلَى الْكَنِيسَةِ الَّذِينَ يَخْلُصُونَ.".

شكل أول كنيسة.

يُواظِبُونَ = فى الأصل اليونانى كرسوا أنفسهم أى تفرغوا وداوموا باستمرار.

تَعْلِيمِ الرُّسُلِ = أى الإنجيل فلم يكن هناك إنجيل مكتوب، بل كان الإنجيل شفاهى حتى دونوه.

الشَّرِكَةِ = كانت شركة فى العطاء من الغنى للفقير وشركة فى ولائم المحبة وفى الصلاة، ومن خلال الصلوات المشتركة يأتى المسيح ويعمل فى القلوب والأفكار فيعزى ويشدد "إذا إجتمع إثنان أو ثلاثة بإسمى فأنا أكون فى وسطهم" (مت 20: 18 + 20: 28).

كَسْرِ الْخُبْزِ = هو تعبير عن سر الإفخارستيا أى القداس لو 30: 24، 35.

وَالصَّلَوَاتِ = بدأت الكنيسة الأولى بصلواتها فى الهيكل بالإضافة لصلواتهم فى بيوتهم. فالروح القدس حلَّ وهم يصلون فى العلية (1: 2 + 1: 3 + 31: 4).

صَارَ خَوْفٌ = هو خوف إيجابى ليتمموا خلاصهم بخوف ورعدة (فى 12: 2) الروح ينخس قلوبهم فيندموا على خطاياهم ويخافوا أن يرتكبوا خطايا تدنس الثوب الطاهر الذى حصلوا عليه بالمعمودية، ويشتهوا الحياة الطاهرة المقدسة التى تليق بهم كمسيحيين مات الرب عنهم. هذا الخوف هو رأس الحكمة كما قال الكتاب رأس الحكمة مخافة الله. وبدون خوف فلا يوجد نمو أو تقدم.

بعَجَائِبُ وَآيَاتٌ = المسيح صنع عجائب وأيات والكنيسة هى إستمرار لعمل المسيح. والروح القدس يُعلن عن نفسه عن طريق أشخاص يختارهم ليكملوا مشيئته. لقد أعطى الروح القدس الطبيعة البشرية إمكانيات فوق طبيعتها تمهيداً للحياة الجديدة التى تنتظرها. أماّ الأيات فكانت لترفع الفكر والقلب للمسيح وحقيقة أنه الرب. كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا = راجع تفسير آية 32: 4 هذا لم يفرضه الرسل على أحد، بل هذا البذل هو ثمرة للحب الإلهى فى داخل قلوبهم. وهم شعروا أن ممتلكاتهم ومقتنياتهم وإغراءات المال تحول بينهم وبين محبتهم لإخوتهم وتفرق الغنى من الفقير وتزيد تعلق الغنى بالعالم وترابه فينسى السماء (الأَمْلاَكُ = الأشياء الثابتة كالعقارات وَالْمُقْتَنَيَاتُ = أى الأشياء التى تنقل). وكلما تخلى الإنسان عن حب المال إزداد حبه لله. وقبل أن يتكلم عن الشركة فى المقتنيات تكلم عن شركة الروح والفكر والقلب فقال كَانُوا مَعًا.

يُواظِبُونَ فِي الْهَيْكَلِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ = لما تفرغوا من محبة العالم تفرغوا لحب الله وللصلاة. وهم صلوا المزامير والنبوات بعد أن فهموا سرها وأنها تشير للمسيح.

يَكْسِرُونَ الْخُبْزَ فِي الْبُيُوتِ = هذا عن الطعام العادى وليس سر الإفخارستيا. ويسمى هذا بولائم الأغابى (المحبة) تمييزاً لها عن سر الإفخارستيا. كانوا يأكلون بعضهم مع بعض فى محبة وكانت هذه فرصة لإطعام الفقراء دون إحراجهم. غالباً كانوا يجتمعون، كل جماعة فى بيت مع أحد الرسل الذى يتكلم بلغة الجماعة. بِابْتِهَاجٍ = ولماذا لا يبتهجون والمسيح قد قام وسيقيمهم وأرسل لهم الروح القدس الذى يفرحهم ويعزيهم 1بط 8: 1.

وَبَسَاطَةِ قَلْبٍ = الله من طبعه أنه بسيط أى غير منقسم. وبالنسبة للبشر فبساطة القلب هى أن يكون هدف الإنسان المؤمن الوحيد هو الله ومجد الله، وأنه يلقى بكل همه على الله فهو لا يعرف قوة أخرى تسانده سوى الله. وبهذا يختفى القلق بل ويتطلع الإنسان إلى هدف واحد هو الحياة الأبدية مع الله ناسياً الأرضيات بلا خوف من المستقبل. هنا قلب بسيط ذو إتجاه واحد نحو الله. فلا مكر ولا خداع ولا كراهية ولا حسد ولا كبرياء ولا رياء، هنا يصير القلب كقلب طفل لا يوجد فيه طريقان منقسمان أو مختلطان مع بعضهما.

مُسَبِّحِينَ = الذى يحيا فى فرح وبساطة قلب وحرية يسبح الله بالروح. والتسبيح هو تعبير عن حالة الفرح الذى يضعه الله فى القلب، هذه روح العبادة، هى علاقة الخالق بالمخلوق فى عشرة حلوة ترفع النفس لله.

التسبيح هو عمل نبدأه على الأرض ونكمله فى السماء وبه نشترك مع الملائكة.

لَهُمْ نِعْمَةٌ لَدَى جَمِيعِ الشَّعْبِ = النعمة الإلهية هى قوة إلهية يعطيها الروح القدس، مجال حى فعَّال غير مرئى للإنسان. ولكن الشياطين تشعر به فتهرب، والآخرين يشعرون به، فلقد شعر اليهود غير المؤمنين بقوة هؤلاء المسيحيين، وهذا أدى لإيمان الكثيرين من اليهود إذ رأوا عمل الله العجيب فى هؤلاء المسيحيين.

وَكَانَ الرَّبُّ كُلَّ يَوْمٍ يَضُمُّ = هذا هو تأثير المسيحيين المباشر بسبب النعمة التى حصلوا عليها فى غير المؤمنين.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثالث - تفسير سفر أعمال الرسل - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الأول - تفسير سفر أعمال الرسل - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر أعمال الرسل الأصحاح 2
تفاسير سفر أعمال الرسل الأصحاح 2