الإصحاح السابع – تفسير سفر أعمال الرسل – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر أعمال الرسل – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح السابع

ملاحظات على خطاب إسطفانوس أمام السنهدريم:

  1. لقد شعر إسطفانوس أنهم لفقوا ضده التهم، ونظر للماضى فوجد أن اليهود فعلوا هذا مع كل الأنبياء، وفعلوا هذا بموسى إذ رفضوه وهو مخلصهم، وفعلوا هذا بالمسيح الذى تنبأ عنه موسى فى تث 18، وأباؤهم فعلوا جريمة بأخيهم يوسف.
  2. قد يقال أن حديث إسطفانوس هنا هو حديث مثير لليهود ولكنهم كانوا قد بيتوا النية على قتله وهو أدرك هذا فوجدها فرصة للشهادة عن المسيح قبل موته.
  3. هو شهد للأباء والأنبياء مماّ يثبت كذب تهمتهم ضده بأنه مجدف، وإتهموه بأنه ضد الناموس والهيكل وموسى فأظهر إكرامه لموسى وللناموس، وإتهموه بأنه تكلم عن خراب الهيكل، ولكنه كما نفهم من كلامه أنه لم يقل هذا مباشرة بل هو تكلم عن نهاية دور الهيكل ودور الذبائح التى تقدم فيه وأن المسيحى يستطيع أن يعبد الله فى كل مكان وأى مكان بالروح والحق، وأن الذبائح كانت رمزاً للمسيح، فلما أتى المرموز إليه إنتهى دور الرمز، فأوَّلوا كلامه على أنه يسئ للهيكل، والهيكل هو رمز دولتهم وأمتهم ودينهم. ومالم يقله إسطفانوس لكن قاله المسيح أنه لن يبقى فى الهيكل حجر على حجر وذلك لإنتهاء دوره، ولأن المؤمن سيصير هو الهيكل الذى سيسكن فيه الروح القدس. ونلاحظ أنهم تمردوا على الله والهيكل موجود فى وسطهم. فالهيكل لم يمنعهم من إغاظة الله. وإرمياء وجه لهم نفس المعنى إذ ظنوا أن هيكل الرب يحميهم بالرغم من خطاياهم إر 4: 7، 14.
  4. أراد اليهود أن يحصروا الله داخل دولتهم وشعبهم وهيكلهم فأرجعهم إسطفانوس للبداءة إذ إختار الله إبراهيم من خارج أرض الميعاد، وكان بلا ناموس ولا هيكل بل أن موسى تربى غريباً فى مصر وعاش غريباً فى سيناء، وكلمه الله فى سيناء ولم يدخل أرض الميعاد. وحينما طلب داود بناء هيكل قال له الله وهل الله يسكن فى داخل بناء 1مل 27: 8. بل ان الله إختار أولاً خيمة تطوى وتفرد وحيثما تفرد يقدمون العبادة فما أهمية الهيكل. ففى أى مكان إذاً يمكن أن نقدم العبادة لله.
  5. هم إتهموه بأنه يسئ للناموس فإتهمهم هو بأن أبائهم اساءوا لموسى واضع الناموس. بل هم لم يحفظوا الناموس. هنا إسطفانوس هو الذى حاكم اليهود.
  6. يفهم من كلام إسطفانوس أن المسيحية هى الهدف النهائى من المسيرة اليهودية أو أن مسيرة اليهود متجهة طبيعياً نحو المسيحية. وأن عوائد الناموس والختان والهيكل كان لها دورها فى وقت ما ولقد إنتهى دورها حيث بدأت المسيحية وأن الوعد لإبراهيم كان سابقاً للناموس والهيكل وهذا ما تلقفه منه بولس الرسول بعد ذلك. وشرح بولس الرسول هذا الفكر بعد ذلك فى (رو 11) إذ صوَّر أن اليهود كانوا شجرة زيتون، وبعد أن جاء المسيح إستمر من آمن به فى هذه الشجرة، أما من رفضه فكان غصناً تم قطعه من الشجرة، ومن آمن به من الأمم كان كغصناً برياً تم تطعيمه فى شجرة الزيتون. وهذه الشجرة بدأت حقا بإختيار إبراهيم، ولكن جذورها كانت من آدم.
  7. ملخص كلام إسطفانوس أن الأمة اليهودية من أيام إبراهيم إلى موسى كانت متغربة فى الأرض، ومن موسى إلى داود كان بيت الله عبارة عن خيمة بسبب الغربة والترحال. فإذا كان الله يمكن أن يُعبد فى كل مكان كما فعل الأباء فما أهمية إعتباركم لأن الهيكل هو المكان الوحيد لعبادة الله، أو المكان الوحيد الذى يسكنه الله. بالإضافة لأن إسطفانوس صورهم كشعب معاند لله وللمرسلين من الله من أيام يوسف ورؤساء الأباء لأيام موسى، وهم قاتلى الأنبياء وأخيراً قتلوا ابن الله. ففى خطاب إسطفانوس نجد أن الشخص المرفوض من اليهود هو المعين من الله وكما عملوا مع يوسف ومع موسى عملوا مع المسيح يسوع، وسيعملوا نفس الشئ معه.
  8. الخطاب موجه أيضاً للمسيحيين الداخلين للمسيحية من اليهود، والذين ما زالوا ملتزمين بحرف الناموس والهيكل ليتحرروا منهم.

الأعداد 1-2

الآيات (1 - 2): -

"1فَقَالَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ: «أَتُرَى هذِهِ الأُمُورُ هكَذَا هِيَ؟ » 2فَقَالَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ وَالآبَاءُ، اسْمَعُوا! ظَهَرَ إِلهُ الْمَجْدِ لأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ فِي مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ، قَبْلَمَا سَكَنَ فِي حَارَانَ.".

إِلهُ الْمَجْدِ = بهذا يكون قد دحض عن نفسه تهمة التجديف. ويظهر من قوله إله المجد أن الله له كل المجد، والهيكل لا يضيف له شيئاً.

ظهر لأبينا إبراهيم = لتبدأ شجرة الزيتون بإبراهيم (وجذور هذه الشجرة كانت من آدم.

فِي مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ = إذاً فالله غير ملتزم بمكان أى بأمة إسرائيل فى أرض الميعاد.

الأعداد 3-4

الآيات (3 - 4): -

"3 وَقَالَ لَهُ: اخْرُجْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ، وَهَلُمَّ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ. 4فَخَرَجَ حِينَئِذٍ مِنْ أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ وَسَكَنَ فِي حَارَانَ. وَمِنْ هُنَاكَ نَقَلَهُ، بَعْدَ مَا مَاتَ أَبُوهُ، إِلَى هذِهِ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتُمُ الآنَ سَاكِنُونَ فِيهَا.".

وَقَالَ لَهُ: اخْرُجْ مِنْ أَرْضِكَ = هذا كان بداية تدبير الخلاص بعزل إبراهيم عن وثنية أور ولتكوين شجرة الزيتون (شعب الله الذى بدأ باليهود وإستمر فيمن آمن بالمسيح، فشعب الله شعب واحد وشجرة واحدة).

الواضح من تك 1: 12. أن الله ظهر لإبراهيم فى أرض حاران. ولكن نفهم من تك 7: 15 + نح 7: 9 أن الله ظهر لإبراهيم أولاً فى أور ليخرجه منها. وخروج إبراهيم من أور كان أول خطوة لإنسان يتبع الله فى خطة الخلاص العظمى لتكوين شعب إسرائيل الذى سيأتى منه المسيح. قصة بدأت بطاعة إبراهيم وإنتهت بطاعة المسيح حتى الموت. وفى المقابل عدم طاعة إسرائيل لله. وغالباً فالذى عَوَّق إبراهيم فى حاران هو تارح أبوه لذلك قال = بَعْدَ مَا مَاتَ أَبُوهُ.

العدد 5

آية (5): -

"5 وَلَمْ يُعْطِهِ فِيهَا مِيرَاثًا وَلاَ وَطْأَةَ قَدَمٍ، وَلكِنْ وَعَدَ أَنْ يُعْطِيَهَا مُلْكًا لَهُ وَلِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدُ وَلَدٌ.".

الله يعطى وعد لإبراهيم أن يرث الأرض هو ونسله = وعد أن يعطيها ملكا له. ومع هذا لم يمتلكها بل عاش متغربا فيها، بل إضطر أن يشترى مغارة المكفيلة ليدفن سارة زوجته. فكون أن الله يعطى إبراهيم وعدا بإمتلاك الأرض ومع هذا لم يمتلكها، فهذا يعنى أن الوعد بالأرض هو رمز لشئ آخر. وكان ذلك رمزا للنسل الذى له الوعد بميراث المجد وهو المسيح نسل إبراهيم، الذى جعله الله وارثاً لكل شئ (عب1: 2). وأيضا رمزاً لميراث أمجاد السماء لنسل إبراهيم بالإيمان أى المسيحيين، وكان ذلك بواسطة عمل المسيح. ويقصد إسطفانوس بهذا أن يرفع أفكارهم بعيداً عن أهمية إمتلاك الأرض، فأرض كنعان رمز لأرض أخرى هى السماء. وهذا نفس ما كرره بولس الرسول فى (عب11: 8 – 10). هذه هى خطة الله أن ينقل أولاده لمجد السماء.

العدد 6

آية (6): -

"6 وَتَكَلَّمَ اللهُ هكَذَا: أَنْ يَكُونَ نَسْلُهُ مُتَغَرِّبًا فِي أَرْضٍ غَرِيبَةٍ، فَيَسْتَعْبِدُوهُ وَيُسِيئُوا إِلَيْهِ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ،".

هذا التغرب رمز لتغرب أولاد آدم بعد طرده من الجنة.

العدد 7

آية (7): -

"7 وَالأُمَّةُ الَّتِي يُسْتَعْبَدُونَ لَهَا سَأَدِينُهَا أَنَا، يَقُولُ اللهُ. وَبَعْدَ ذلِكَ يَخْرُجُونَ وَيَعْبُدُونَنِي فِي هذَا الْمَكَانِ.".

هذه الدينونة لفرعون رمزاً لدينونة إبليس. ومدة الإستعباد هذه كان الله فيها يهذب ويعد شعب إسرائيل ويفصله عن العادات الوثنية المنتشرة فى المنطقة. والهدف هو وَيَعْبُدُونَنِي فِي هذَا الْمَكَانِ = هذه قيلت لموسى فى خر 12: 3. والله يقولها عن جبل سيناء وليس الهيكل. إذاً الله يمكن عبادته فى كل مكان هنا نرى قوة الوعد فالشعب نما وتَقَوَّى فى أثناء عبوديته فى مصر (كانوا 70 نفسا فصاروا بالملايين). ونرى أيضاً أهمية الضيقات فى نمو شعب الله.

العدد 8

آية (8): -

"8 وَأَعْطَاهُ عَهْدَ الْخِتَانِ، وَهكَذَا وَلَدَ إِسْحَاقَ وَخَتَنَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ. وَإِسْحَاقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ، وَيَعْقُوبُ وَلَدَ رُؤَسَاءَ الآبَاءِ الاثْنَيْ عَشَرَ.".

فى آية 5 الله وَعَدَ إبراهيم بالميراث له ولنسله قبل أن يعطيهم عهد الختان. والله إختار إبراهيم وهو غير مختون وأعطاه الوعد. وبذلك يكون الوعد أثبت من الختان، وهذا ما كرره بولس الرسول بعد ذلك أيضا (غل3: 15 – 17). وكان الختان بعد ذلك هو علامة الإيمان، هو ختم العهد.

العدد 9

آية (9): -

"9 وَرُؤَسَاءُ الآبَاءِ حَسَدُوا يُوسُفَ وَبَاعُوهُ إِلَى مِصْرَ، وَكَانَ اللهُ مَعَهُ،".

كما حسد الإخوة يوسف، حَسَدَ رؤساء الكهنة المسيح وصلبوه مر 10: 15. وكما صنع الله من المكيدة ضد يوسف خلاصاً هكذا صنع من المكيدة ضد المسيح خلاصاً. والله كان مع يوسف فى أرض مصر بينما كان الإخوة فى أرض الميعاد، فما معنى ما تفهموه أنتم من أن الله مرتبط بأرض الميعاد، فيوسف المحبوب من الله ملك على مصر.

العدد 10

آية (10): -

"10 وَأَنْقَذَهُ مِنْ جَمِيعِ ضِيقَاتِهِ، وَأَعْطَاهُ نِعْمَةً وَحِكْمَةً أَمَامَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، فَأَقَامَهُ مُدَبِّرًا عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُلِّ بَيْتِهِ.".

وهكذا رفع الله المسيح المصلوب ليجلس عن يمينه وصار رأساً للكنيسة. وكما ملك يوسف على المصريين خارج أرض الميعاد ملك المسيح على الأمم. والمعنى أن الله مع أولاده ويحول ضيقاتهم لمجد. والمعنى الذى يقصده إسطفانوس أن الله كان يتعامل ويبارك ليوسف المحبوب البار خارج أرض الميعاد، بل المجاعة أتت على أرض الميعاد فلجأوا إلى يوسف فى مصر.

الأعداد 11-14

الآيات (11 - 14): -

"11«ثُمَّ أَتَى جُوعٌ عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ وَكَنْعَانَ، وَضِيقٌ عَظِيمٌ، فَكَانَ آبَاؤُنَا لاَ يَجِدُونَ قُوتًا. 12 وَلَمَّا سَمِعَ يَعْقُوبُ أَنَّ فِي مِصْرَ قَمْحًا، أَرْسَلَ آبَاءَنَا أَوَّلَ مَرَّةٍ. 13 وَفِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ اسْتَعْرَفَ يُوسُفُ إِلَى إِخْوَتِهِ، وَاسْتَعْلَنَتْ عَشِيرَةُ يُوسُفَ لِفِرْعَوْنَ. 14فَأَرْسَلَ يُوسُفُ وَاسْتَدْعَى أَبَاهُ يَعْقُوبَ وَجَمِيعَ عَشِيرَتِهِ، خَمْسَةً وَسَبْعِينَ نَفْسًا.".

لاحظ أن إخوة يوسف هم الذين ذهبوا إليه جائعين مع سبق رفضهم وأذيتهم لهُ فهل يفهم هذا السامعين فى المجمع ويذهبوا فى إيمان للمسيح الذى رفضوه ولاحظ أن الجوع الذى حدث فى كنعان، أرض الميعاد التى يعتبرونها مقدسة بينما كان الشبع فى مصر خارج أرض الميعاد حيث يوسف هناك. لو كان المجمع قد ترك إسطفانوس يشرح ما يريد لكان قال لهم أنتم الآن فى مجاعة لرفضكم المسيح فإذهبوا إليه تجدون الشبع لكنهم للأسف سدوا أذانهم آية 57.

وَضِيقٌ عَظِيمٌ = هذا ما سيحدث لليهود بسبب رفضهم للمسيح سنة 70م على يد تيطس. وبدأ الضيق بمجاعة عظيمة أثناء الحصار ثم هلاك ودمار لإصرارهم على الرفض. وليتهم كانوا استفادوا من درس إسطفانوس عن إخوة يوسف الذى ذهبوا إليه ساجدين. وَفِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ اسْتَعْرَفَ يُوسُفُ = هذه نبوة عن إيمان اليهود قبل المجئ الثانى. ويفهم من كلام إسطفانوس أن أرض كنعان لم تنقذ يعقوب وبنيه من الجوع بل أنقذهم يوسف المرفوض من خارج أرض كنعان. وفى آية (11) يقول أباؤنا، فأباء اليهود هم أباء المسيحيين (هى شجرة زيتون واحدة). 75 نَفْسًا = (حسب السبعينية) وهم 66 نفس جاءوا مع يعقوب + 9 أنفس هم عائلة يوسف فى مصر.

الأعداد 15-16

الآيات (15 - 16): -

"15فَنَزَلَ يَعْقُوبُ إِلَى مِصْرَ وَمَاتَ هُوَ وَآبَاؤُنَا، 16 وَنُقِلُوا إِلَى شَكِيمَ وَوُضِعُوا فِي الْقَبْرِ الَّذِي اشْتَرَاهُ إِبْرَاهِيمُ بِثَمَنٍ فِضَّةٍ مِنْ بَنِي حَمُورَ أَبِي شَكِيمَ.".

إسطفانوس يضغط القصة. فإبراهيم إشترى مغارة المكفيله حيث دفن فيها بعض الأباء، ويعقوب إشترى فى شكيم حيث دُفِن يوسف. وواضح أن إسطفانوس دمج القصتين، وهذا الدمج فى الحديث كان معروفاً عند العبرانيين ويتركوا للسامع أن يملأ الفراغ فى الأحداث المعروفة. ولكن الإشارة هنا أن كل ما إمتلكه إبراهيم فى أرض الميعاد قبر إشارة لغربتنا فى هذا العالم. ودليل إيمان الأباء فى وعد الله بميراث الأرض إصرارهم على دفن موتاهم فيها.

الأعداد 17-19

الآيات (17 - 19): -

"17 وَكَمَا كَانَ يَقْرُبُ وَقْتُ الْمَوْعِدِ الَّذِي أَقْسَمَ اللهُ عَلَيْهِ لإِبْرَاهِيمَ، كَانَ يَنْمُو الشَّعْبُ وَيَكْثُرُ فِي مِصْرَ، 18إِلَى أَنْ قَامَ مَلِكٌ آخَرُ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ. 19فَاحْتَالَ هذَا عَلَى جِنْسِنَا وَأَسَاءَ إِلَى آبَائِنَا، حَتَّى جَعَلُوا أَطْفَالَهُمْ مَنْبُوذِينَ لِكَيْ لاَ يَعِيشُوا.".

بركة الرب جعلت الشعب ينمو، هذا الشعب الذى سيرث أرض كنعان والله سمح بهذا الفرعون القاسى حتى يفطمهم عن قدور اللحم وعن أرض مصر فيفكروا فى العودة بعد أن تمم الله مخططه فى جعلهم شعب. والملك الآخر هو أحمس الذى طرد الهكسوس. أَطْفَالَهُمْ مَنْبُوذِينَ = جعلهم مرفوضين من المصريين فيلقون بهم فى النهر. والمعنى أن الضيق الذى يواجهه المسيحيين الآن من اليهود سيكون سبباً فى نمو الكنيسة وفطامها عن أورشليم. وكل ضيقة يسمح بها الله ليفطمنا عن محبة العالم.

الأعداد 20-21

الآيات (20 - 21): -

"20« وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ وُلِدَ مُوسَى وَكَانَ جَمِيلاً جِدًّا، فَرُبِّيَ هذَا ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ فِي بَيْتِ أَبِيهِ. 21 وَلَمَّا نُبِذَ، اتَّخَذَتْهُ ابْنَةُ فِرْعَوْنَ وَرَبَّتْهُ لِنَفْسِهَا ابْنًا.".

وَكَانَ جَمِيلاً جِدًّا = الأصل اليونانى جميلاً بالله أو نحو الله، أى أن هيئة الولد كان فيها مسحة إلهية سرية (عب 23: 11) كما نقول الآن "هذا إنسان وجهه فيه نعمة". وهذه النعمة أدركها أبواه بل وإبنة فرعون نفسها. ولاحظ أن موسى العظيم لم يتربى فى هيكل بل فى بيت وثنى.

العدد 22

آية (22): -

"22فَتَهَذَّبَ مُوسَى بِكُلِّ حِكْمَةِ الْمِصْرِيِّينَ، وَكَانَ مُقْتَدِرًا فِي الأَقْوَالِ وَالأَعْمَالِ.

لقد سمح الله لموسى أن يتدرب على أيدى علماء مصر فى كل فنون العلم والأدب فهو سيصير ملكاً وسط شعبه، هذا إعداد إلهى لموسى. وواضح من كلام إسطفانوس أنه لا يجدف على موسى بل يظهر عظمة موسى من يوم ميلاده وفى إمكانياته ومع هذا رفضوه وثاروا عليه وهكذا عملوا مع المسيح.

الأَقْوَالِ = الناموس الذى وضعه. الأَعْمَالِ. = معجزاته وقيادته للشعب.

الأعداد 23-28

الآيات (23 - 28): -

"23 وَلَمَّا كَمِلَتْ لَهُ مُدَّةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، خَطَرَ عَلَى بَالِهِ أَنْ يَفْتَقِدَ إِخْوَتَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 24 وَإِذْ رَأَى وَاحِدًا مَظْلُومًا حَامَى عَنْهُ، وَأَنْصَفَ الْمَغْلُوبَ، إِذْ قَتَلَ الْمِصْرِيَّ. 25فَظَنَّ أَنَّ إِخْوَتَهُ يَفْهَمُونَ أَنَّ اللهَ عَلَى يَدِهِ يُعْطِيهِمْ نَجَاةً، وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا. 26 وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي ظَهَرَ لَهُمْ وَهُمْ يَتَخَاصَمُونَ، فَسَاقَهُمْ إِلَى السَّلاَمَةِ قَائِلاً: أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَنْتُمْ إِخْوَةٌ. لِمَاذَا تَظْلِمُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا؟ 27فَالَّذِي كَانَ يَظْلِمُ قَرِيبَهُ دَفَعَهُ قَائِلاً: مَنْ أَقَامَكَ رَئِيسًا وَقَاضِيًا عَلَيْنَا؟ 28أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ أَمْسَ الْمِصْرِيَّ؟".

يَفْتَقِدَ إِخْوَتَهُ = ربما كان موسى يخطط لثورة عسكرية ضد فرعون وبدأ إعداد العدة وسط الشعب، فلما مات المصرى وصل لفرعون أن موسى يتزعم ثورة وسط اليهود لذلك طلب قتله. وهذا اليهودى يقول له مَنْ أَقَامَكَ رَئِيسًا = لتقود هذه الثورة. وهذا إن دل على شئ فسيدل على انهم عشقوا العبودية والذل فى مصر من اجل قدور اللحم. وعموماً فالله سمح بهذا ليكمل إعداد موسى ويكمله بالتواضع فيصير قائداً مثالياً يفهم أن خلاص الشعب بيد الله وليس بيده هو. وأيضاً ليزداد ذل الشعب فيصرخ طالباً الخروج والخلاص، إذ كان لابد لهم أن يقتنعوا بأن الخروج أنسب لهم، وبدون هذا الذل ما كانوا فكروا أو قبلوا الخروج. مَظْلُومًا = ربما من مسخره.

وَلَمَّا كَمِلَتْ لَهُ مُدَّةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً = مدة 40 سنة هذه من التقليد اليهودى.

مَنْ أَقَامَكَ رَئِيسًا = تدل على أن من أنقذه موسى بالأمس نشر القصة. وبدلاً من أن يشكروا موسى هاجوا عليه. وكما خلصهم يوسف بعد أن ناله منهم ضرر، خلصهم موسى بعد أن نال منهم ضرر. وهكذا المسيح. وإشارة إسطفانوس لقول اليهودى لموسى من أقامك رئيساً هو تمهيد للتوبيخ الذى سيوجه لمجمع السنهدريم فى آية 51، وآية 35.

العدد 29

آية (29): -

"29فَهَرَبَ مُوسَى بِسَبَبِ هذِهِ الْكَلِمَةِ، وَصَارَ غَرِيبًا فِي أَرْضِ مَدْيَانَ، حَيْثُ وَلَدَ ابْنَيْنِ.".

وَصَارَ غَرِيبًا = بعد أن كان أميراً. وهذا ما أثر فى نفس موسى فسمى إبنه جرشوم بمعنى غربة. وهذا رمز للمخلص الذى أخلى ذاته آخذاً صورة عبد.

العدد 30

آية (30): -

"30« وَلَمَّا كَمِلَتْ أَرْبَعُونَ سَنَةً، ظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ فِي بَرِّيَّةِ جَبَلِ سِينَاءَ فِي لَهِيبِ نَارِ عُلَّيْقَةٍ.".

ملاك الرب هو الأقنوم الثانى فى أحد ظهوراته فى العهد القديم بدليل فى آية 31 صار إليه صوت الرب... والرب تعنى يهوه. إذاً المتكلم هو يهوه نفسه. ولماّ تكلم قال أنا إله إبراهيم. آية 32 والنار إشارة لطبيعة الله، فالكتاب يقول إلهنا نار آكلة. وكما لم تحرق النار العليقة هكذا حل فى بطن العذراء دون أن تحترق العذراء. فالعليقة إشارة للتجسد. وكان هذا الظهور لموسى بداية قصة الخروج من مصر. وكان تجسد المسيح بداية قصة الخلاص من عبودية إبليس. ولاحظ هنا أن الله يظهر لموسى فى سيناء وليس أرض الموعد. فالله ليس مقيداً بمكان.

الأعداد 31-33

الآيات (31 - 33): -

"31فَلَمَّا رَأَى مُوسَى ذلِكَ تَعَجَّبَ مِنَ الْمَنْظَرِ. وَفِيمَا هُوَ يَتَقَدَّمُ لِيَتَطَلَّعَ، صَارَ إِلَيْهِ صَوْتُ الرَّبِّ: 32أَنَا إِلهُ آبَائِكَ، إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ. فَارْتَعَدَ مُوسَى وَلَمْ يَجْسُرْ أَنْ يَتَطَلَّعَ. 33فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: اخْلَعْ نَعْلَ رِجْلَيْكَ، لأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ.".

إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ = المعنى أنه حان وقت تنفيذ الوعود التى كانت للأباء. فالله له مخطط بدأ بالأباء إبراهيم وإسحق ويعقوب وموسى. الآن يكمل هذا المخطط. فَارْتَعَدَ مُوسَى = والله أخبره بعد ذلك لا يرانى الإنسان ويعيش.. أما وجهى فلا يُرى خر 20: 33 - 23. ووجه الله بمعنى شخص أو كيان الله الفائق. وهنا نرى أن الله يقدس المكان الذى يحل فيه. أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ. = ولاحظ أن هذه الأرض كانت هى سيناء فأينما يحل الله يصير المكان مقدساً، فما معنى ما تتصورونه أنتم، أن تكون أورشليم فقط أرضاً مقدسة بل يمكن السجود لله فى أى مكان. خلع الحذاء = رمز للتخلى عن الخطايا فالحذاء رمز للإحتكاك بقاذورات العالم ومحبة الأمور الزمنية الميتة.

العدد 34

آية (34): -

"34إِنِّي لَقَدْ رَأَيْتُ مَشَقَّةَ شَعْبِي الَّذِينَ فِي مِصْرَ، وَسَمِعْتُ أَنِينَهُمْ وَنَزَلْتُ لأُنْقِذَهُمْ. فَهَلُمَّ الآنَ أُرْسِلُكَ إِلَى مِصْرَ.".

السخرة عملت عملها والشعب الآن مقتنع بالخروج. فالله لا يجبر أحد على شئ بل يقنعه به. نَزَلْتُ = الله موجود فى كل مكان ولكن قوله نزلت إشارة لإهتمامة تعالى بالبشر الموجودين على الأرض. وفيه إشارة للتجسد.

العدد 35

آية (35): -

"35«هذَا مُوسَى الَّذِي أَنْكَرُوهُ قَائِلِينَ: مَنْ أَقَامَكَ رَئِيسًا وَقَاضِيًا؟ هذَا أَرْسَلَهُ اللهُ رَئِيسًا وَفَادِيًا بِيَدِ الْمَلاَكِ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ فِي الْعُلَّيْقَةِ.".

بعد أن أظهر لهم عظمة موسى وعلاقته بالله وتكليف الله لهُ يظهر لهم تذمرهم ورفضهم لموسى العظيم، وهكذا إستمروا فى رفضهم لله فى شخص المسيح. وَفَادِيًا = أى مخلصاً ومنقذاً ومع هذا رفضوه وهذا ما صنعوه بالمسيح المخلص. هذَا مُوسَى = تكرار اسم موسى هنا كان للفت النظر للتشابه بين موسى والمسيح فى عملية الخلاص والرفض لكليهما من قبل الشعب. المجمع إتهم إسطفانوس بأنه يجدف على موسى. وهو هنا يقول بل من تذمر على موسى هم أباءكم أما أنا فأعرف قدره.

العدد 36

آية (36): -

"36هذَا أَخْرَجَهُمْ صَانِعًا عَجَائِبَ وَآيَاتٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ، وَفِي الْبَحْرِ الأَحْمَرِ، وَفِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً.".

كما صنع موسى عجائب صنع المسيح عجائب والهدف إقناع الشعب بأن يسير وراء الله والنتيجة دائماً عناد ورفض وتذمر لمن أحبهم وسعى لخلاصهم.

العدد 37

آية (37): -

"37«هذَا هُوَ مُوسَى الَّذِي قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: نَبِيًّا مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ.".

طالما أن موسى تنبأ عن المسيح إذاً لا مناقضة بين موسى والمسيح. هنا نرى موسى ليس مجرد رمز للمسيح بل كان شاهداً للمسيح وتنبأ عنه. وكان يُعِّدْ الطريق أمامه بإعداد شعب يأتى منه المسيح. والقصد أنه إذا أتى المرموز إليه ينتهى دور الرمز، إذا أتى المسيح ينتهى دور موسى. ولاحظ أن بقية كلام موسى فى هذه النبوة أن من لا يسمع كلام هذا النبى فإن الله سيحاسبه. وبهذا فهو يدين من يحاكموه ويحذرهم مهدداً. نَبِيًّا مِثْلِي = هذا من ناحية الجسد.

العدد 38

آية (38): -

"38هذَا هُوَ الَّذِي كَانَ فِي الْكَنِيسَةِ فِي الْبَرِّيَّةِ، مَعَ الْمَلاَكِ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُهُ فِي جَبَلِ سِينَاءَ، وَمَعَ آبَائِنَا. الَّذِي قَبِلَ أَقْوَالاً حَيَّةً لِيُعْطِيَنَا إِيَّاهَا.".

فِي الْكَنِيسَةِ = الكنيسة هى إكليسيا باليونانية وهى ترجمة لكلمة الجماعة فى العبرية. هذَا هُوَ الَّذِي كَانَ = أى موسى. فِي الْكَنِيسَةِ فِي الْبَرِّيَّةِ = وسط الجماعة. مَعَ الْمَلاَكِ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُهُ = أى الله نفسه يهوه أو الأقنوم الثانى الإشارة هنا لكلام الله مع موسى بعد الخروج. وَمَعَ آبَائِنَا = فالله كلم الأباء فى سيناء. الَّذِي قَبِلَ أَقْوَالاً حَيَّةً = أى الناموس فكلمة الله دائماً حية وفعالة عب 12: 4 (فهل بهذا القول يكون إسطفانوس مجدفاً على الناموس). لاحظ هنا تصوير إسطفانوس أن الكنيسة هى إجتماع الله مع شعبه فى أى مكان وليس فى أورشليم فقط. وهكذا المسيح فى وسط كنيسته فى غربتها فى هذا العالم.

العدد 39

آية (39): -

"39الَّذِي لَمْ يَشَأْ آبَاؤُنَا أَنْ يَكُونُوا طَائِعِينَ لَهُ، بَلْ دَفَعُوهُ وَرَجَعُوا بِقُلُوبِهِمْ إِلَى مِصْرَ.".

جماعة إسرائيل أرادت رجم موسى ليعودوا إلى مصر (عد 1: 14 - 10) وهكذا فعلوا بالمسيح. رَجَعُوا بِقُلُوبِهِمْ إِلَى مِصْرَ = أى ضلوا وإنحرفوا وإشتاقت قلوبهم لخيرات مصر وللشهوات الحسية وأخيراً تمردوا. دفعوه = فى الإنجليزية (rejected) رفضوه.

المعنى المقصود أنكم شعب تعود أن يرفض من يأتى لخلاصه.

العدد 40

آية (40): -

"40قَائِلِينَ لِهَارُونَ: اعْمَلْ لَنَا آلِهَةً تَتَقَدَّمُ أَمَامَنَا، لأَنَّ هذَا مُوسَى الَّذِي أَخْرَجَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ!".

الأباء أرادوا لهم آلهة تتقدمهم واليهود الحاليين بقيادة قيافا قالوا ليس لنا ملك إلاّ قيصر.

العدد 41

آية (41): -

"41فَعَمِلُوا عِجْلاً فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَأَصْعَدُوا ذَبِيحَةً لِلصَّنَمِ، وَفَرِحُوا بِأَعْمَالِ أَيْدِيهِمْ.".

هنا وصل إسطفانوس لتصوير تمرد الأباء على الله ورجوعهم بقلوبهم لعبودية مصر ولخطايا مصر. والعجل هو تقليد للعجل أبيس الإله المصرى.

الأعداد 42-43

42 - 43): -

"42فَرَجَعَ اللهُ وَأَسْلَمَهُمْ لِيَعْبُدُوا جُنْدَ السَّمَاءِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الأَنْبِيَاءِ: هَلْ قَرَّبْتُمْ لِي ذَبَائِحَ وَقَرَابِينَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي الْبَرِّيَّةِ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟ 43بَلْ إِلَى مَا وَرَاءَ بَابِلَ.".

راجع رو 28: 1 فإماّ أن يطلب الإنسان الله فيعطيه ذهناً مفتوحاً ليسير فى طريق القداسة أو نترك الله ونعطيه القفا فينحط ذهننا وتنغلق عيوننا. وهذا ما حدث لإسرائيل إذ تركوا الله نجدهم وقد إنحطوا لعبادة الأوثان هو 17: 4، 18 وإسطفانوس هنا يقتبس من عا 25: 5 - 27. جُنْدَ السَّمَاءِ = هى فى نظامها وكثرتها كجيش منظم يديره الله ويضبطه فهو ضابط الكل، ولها ناموس يديره الله، وضعه الله لها ولا تخطئه. وهم عبدوا الشمس والقمر والنجوم. رَمْفَانَ = الإله زحل SATURN ورمزوا له بصورة نجم. مُولُوكَ = هو إله بنى عمون ومولوك تعنى ملك. وعَبَدَه إسرائيل بعد دخولهم أرض الموعد وكان له تمثال نحاس يوقدون فيه ناراً إلى أن يحمر ويقدمون أولادهم ذبائح له. خَيْمَةَ مُولُوكَ = بالتباين مع خيمة الشهادة.

فَأَنْقُلُكُمْ إِلَى مَا وَرَاءَ بَابِلَ = فى نبوة عاموس وردت فأسبيكم إلى ما وراء دمشق. فعاموس قال نبوته قبل سبى بابل بكثير. وربما كان الأراميون أو الأشوريون هم الأعداء الظاهرون وقت النبوة، لذلك يشير النبى إلى السبى بقوله ما وراء دمشق. ولكن قوله ما وراء دمشق يعنى أن السبى سيكون أبعد بكثير من دمشق أى إلى بابل، ولكن بابل التى لم تكن معروفة وقت عاموس وهى أخطر بكثير من أرام وأبعد بكثير من دمشق (أعداء اليهود القريبين). ولأن بابل لم تكن معروفة لم يذكرها بالإسم. ولكن بعد أن أصبح معروفاً أن السبى حدث إلى بابل فإسطفانوس يذكرها هنا بالإسم. ومعروف من النبوات أن السبى إلى بابل حصل لهم كعقوبة (أى على يهوذا) على عباداتهم للأوثان. ويصير معنى كلام إسطفانوس تهديدا لمن يسمع أنه نتيجة لعنادكم يا يهود أنكم ستذهبون إلى سبى أبعد وأخطر من سبى بابل أى خراب أورشليم سنة 70 م. وتشتتهم 2000 سنة وليس 70 سنة كما حدث فى سبى بابل.

الأعداد 44-45

الآيات (44 - 45): -

"44« وَأَمَّا خَيْمَةُ الشَّهَادَةِ فَكَانَتْ مَعَ آبَائِنَا فِي الْبَرِّيَّةِ، كَمَا أَمَرَ الَّذِي كَلَّمَ مُوسَى أَنْ يَعْمَلَهَا عَلَى الْمِثَالِ الَّذِي كَانَ قَدْ رَآهُ، 45الَّتِي أَدْخَلَهَا أَيْضًا آبَاؤُنَا إِذْ تَخَلَّفُوا عَلَيْهَا مَعَ يَشُوعَ فِي مُلْكِ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ اللهُ مِنْ وَجْهِ آبَائِنَا، إِلَى أَيَّامِ دَاوُد.".

الخيمة هى خيمة الاجتماع حيث يجتمع الله مع شعبه. وكان الله يجتمع مع شعبه فى البرية وفى الخيمة حتى أيام داود. خَيْمَةُ الشَّهَادَةِ = قوله الشهادة إشارة إلى لوحى الشريعة، والتابوت سمى تابوت الشهادة. أَدْخَلَهَا آبَاؤُنَا = أدخلوها لأرض كنعان حيث كان ملوك الأمم يملكون. وهو بهذا يشير لأن الله لا يحب أرض كنعان لذاتها، فقد ملك عليها ملوك أشرار، ولكن الله يحبها لو سكن فيها قديسين. إِذْ تَخَلَّفُوا عَلَيْهَا = ورث الشعب الأرض وخلفوا الأمم الذين طردوا منها. عَلَى الْمِثَالِ الَّذِي = قوة الخيمة أنها تحمل ظل السماويات.

الأعداد 46-47

الآيات (46 - 47): -

"46الَّذِي وَجَدَ نِعْمَةً أَمَامَ اللهِ، وَالْتَمَسَ أَنْ يَجِدَ مَسْكَنًا لإِلهِ يَعْقُوبَ. 47 وَلكِنَّ سُلَيْمَانَ بَنَى لَهُ بَيْتًا.".

حينما بنى داود له بيتاً فخماً أراد أن يبنى لله بيتاً. والله أخبره أنه من نسله من سيبنى الهيكل. وهذه نبوة عن المسيح الذى يبنى هيكل جسده. وكان سليمان رمزاً للمسيح. فالله لا يهتم أن يكون له بيت من الرخام والذهب، بل الله يريد قلوب تحبه، قلوب مقدسة يرتاح فيها، وهذه أعدها المسيح كهياكل لله بأن أرسل الروح القدس، وصار المؤمنين يعبدون الله ويسجدون له بالروح والحق. الَّذِي وَجَدَ نِعْمَةً = داود وجد نعمة أمام الله، وواضح من الكلام أن سليمان ليس الأعظم من داود ومع هذا بنى الهيكل.

الأعداد 48-50

الآيات (48 - 50): -

"48لكِنَّ الْعَلِيَّ لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَاتِ الأَيَادِي، كَمَا يَقُولُ النَّبِيُّ: 49السَّمَاءُ كُرْسِيٌّ لِي، وَالأَرْضُ مَوْطِئٌ لِقَدَمَيَّ. أَيَّ بَيْتٍ تَبْنُونَ لِي؟ يَقُولُ الرَّبُّ، وَأَيٌّ هُوَ مَكَانُ رَاحَتِي؟ 50أَلَيْسَتْ يَدِي صَنَعَتْ هذِهِ الأَشْيَاءَ كُلَّهَا؟".

الْعَلِيَّ = من هو فوق الكل ساكن سماء السموات. السَّمَاءُ كُرْسِيٌّ الله، وَالأَرْضُ مَوْطِئٌ لِقَدَمَيَّ = هذه مأخوذة من (إش 1: 66، 2) وقارن مع (مت 34: 5، 35 + 22: 23). لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَاتِ الأَيَادِي = فهو يملأ كل مكان ولا يحده مكان. وهذه الآية رددها بطرس فيما بعد 24: 17 وسليمان بعد أن أتم أفخم بناء قال "هل يسكن الله حقاً على الأرض" (1مل 27: 18 + 2أى 6: 2 + 18: 6). ولكن الله يقول أنه يسكن مع المنسحق والمتواضع إش 15: 57. إسطفانوس هنا يريد أن يقول أن الله لا يحده الهيكل الذى تفتخرون به بل هو يقدس كل مكان يرفع فيه الإنسان قلبه، وهذا ما قال الله لموسى النبى فى أرض سيناء، فالله إذا قال عن أرض سيناء أنها مقدسة. ونفهم أن سليمان بنى الهيكل كمكان سكنى لله ولكن الأصح أن الله موجود فى كل مكان بدليل إش 1: 66، 2. وما قاله الله لداود من قبل. فإن كان إسطفانوس قد قال إن الهيكل له وضع مؤقت فله سند فى نبوة إشعياء هذه. وهنا إسطفانوس يشرح لهم أن الله لا يحتاج للهيكل بل الإنسان يحتاج للهيكل ليتحول الإنسان لمكان يرتاح فيه الله، وإن فشل هيكل سليمان فى هذا فلا داعى لوجوده.

العدد 51

آية (51): -

"51«يَا قُسَاةَ الرِّقَابِ، وَغَيْرَ الْمَخْتُونِينَ بِالْقُلُوبِ وَالآذَانِ! أَنْتُمْ دَائِمًا تُقَاوِمُونَ الرُّوحَ الْقُدُسَ. كَمَا كَانَ آبَاؤُكُمْ كَذلِكَ أَنْتُمْ!".

قارن مع خر 9: 32، 10 + 3: 33، 5 + 8: 34، 9 + تث 6: 9. إذاً تهمة أن الشعب صلب الرقبة أى غير مطيع هى تهمة قديمة (الطاعة يكنى عنها بإحناء الرأس). هو يتهمهم أنهم فى حرفيتهم أغلقوا أذانهم وقلوبهم وعيونهم فلم يعرفوا المسيح وصلبوه. هم إتهموه أنه يجدف على ناموس موسى فأحال التهمة عليهم وأنهم هم الذين يعصون كلام الله. إتهموه بالتجديف على الهيكل وكانت إجابته أن الهيكل مبنى مؤقت. اتهمهم أنهم يهتمون بختان الجسد وليس بختان القلب. غَيْرَ الْمَخْتُونِينَ بِالْقُلُوبِ = هى تهمة أيضاً قديمة لا 41: 26 + تث 16: 10 + إر 4: 4 + 26: 9. وغلف القلب هو نجاسة القلب وعدم طاعة الله ونقض العهد مع الله، هو موقف عدائى مع الله. وغلف الأذن = إر 10: 6 إذاً هى أيضاً تهمة قديمة ضد اليهود ومعناها أن الأذن لا تسمع إنذارات الرب بل تتلذذ بنجاسات العالم والمعارف الشيطانية. هذه الصفات القديمة والتى مازالت فيهم هى التى جعلتهم لا يسمعون كلام المسيح ولا يطيعونه بل يصلبوه فهم لم يفهموه. إن دفاع إسطفانوس كان دفاع عن المسيح والمسيحية وإلقاء التهمة على اليهود المعاندين.

أَنْتُمْ دَائِمًا تُقَاوِمُونَ الرُّوحَ الْقُدُسَ = قارن مع (إش 9: 63، 10). والروح القدس يشهد بالأنبياء عن المسيح.

العدد 52

آية (52): -

"52أَيُّ الأَنْبِيَاءِ لَمْ يَضْطَهِدْهُ آبَاؤُكُمْ؟ وَقَدْ قَتَلُوا الَّذِينَ سَبَقُوا فَأَنْبَأُوا بِمَجِيءِ الْبَارِّ، الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ صِرْتُمْ مُسَلِّمِيهِ وَقَاتِلِيهِ،".

هذا ما قاله المسيح عليهم مت 29: 23 - 34 فاليهود إضطهدوا كل الأنبياء الذين تنبأوا عن المسيح.

العدد 53

آية (53): -

"53الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ».".

هذا تقليد يهودى أن الناموس أعطى بواسطة ملائكة وهذا ما قاله بولس الرسول أيضاً عب 2: 2 + غل 19: 3. وربما فهموا هذا من مز 17: 68 + تث 1: 33 - 4 ترجمة سبعينية، فالسبعينية ترجمت قديسيه لملائكة. وواضح أن إسطفانوس هنا يريد أن يقول أنكم لو حفظتم الناموس لكنتم قد عرفتم المسيح. وهذا هو وضع تلاميذ المسيح إذ هم عرفوه وتبعوه وأحبوه إذ كانوا ملتزمين حقاً بقلوبهم بطاعة الناموس.

العدد 54

آية (54): -

"54فَلَمَّا سَمِعُوا هذَا حَنِقُوا بِقُلُوبِهِمْ وَصَرُّوا بِأَسْنَانِهِمْ عَلَيْهِ.".

هذَا = أى 1) عدم لياقة الهيكل لسكنى الله 2) إتهامهم بقتل الأنبياء والمسيح.

حَنِقُوا = مع أن وجهه كان كملاك أما هم فصاروا كوحوش متعطشة للدماء.

العدد 55

آية (55): -

"55 وَأَمَّا هُوَ فَشَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، فَرَأَى مَجْدَ اللهِ، وَيَسُوعَ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ.".

لقد قال إسطفانوس ما قاله بإيمان قوى، فنقله الله إلى مرتبة العيان ليرى المسيح الذى شهد عنه والذى سوف يذهب إليه بعد لحظات وكان هذا ليعطيه ثباتاً فى لحظات الشدة. يَمِينِ اللهِ = التعبير يشير للقوة والمجد.

العدد 56

آية (56): -

"56فَقَالَ: «هَا أَنَا أَنْظُرُ السَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً، وَابْنَ الإِنْسَانِ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ».".

السموات مفتوحة لتستقبل الشهيد الشاهد الأمين. لقد أدانته محكمة الأرض وبرأته محكمة السماء التى يراها الآن أمام عينيه. وكانت الرؤيا التى رآها فرصة أخيرة ليشهد بها أمام هذا الجمع عن يسوع إبن الإنسان القائم عن يمين الله. والذى أخبر لوقا بكل ما دار هو بولس الرسول والذى كان حاضراً هذه المحاكمة. ولكن منظر وجه إسطفانوس وكلماته صارت حية لا تنسى من ذاكرته (أع 20: 22). وكان ما قاله إسطفانوس هنا هو ترديد لما قاله دانيال النبى دا 13: 7، 14. وكان اليهود يفهمون هذه النبوة أنها على المسيح. قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ = لا تعارض بين القول قائماً والقول جالساً. فقائماً أى متواجداً، وهو متواجد فى حالة جلوس أى المساواة فى الكرامة والمجد.

الأعداد 57-58

الآيات (57 - 58): -

"57فَصَاحُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَسَدُّوا آذَانَهُمْ، وَهَجَمُوا عَلَيْهِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، 58 وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَرَجَمُوهُ. وَالشُّهُودُ خَلَعُوا ثِيَابَهُمْ عِنْدَ رِجْلَيْ شَابٍّ يُقَالُ لَهُ شَاوُلُ.".

واضح أنه لم يصدر حُكم ضد إسطفانوس، بل ما حدث كان حالة ثورة وهياج حركها إبليس. وهنا رئيس الكهنة كان قد إنتهز فرصة غياب بيلاطس فى قيصرية ونفذ حكم الرجم متعللاً: -.

  1. أنه لم يصدر حكم رسمى من المجمع بالقتل.
  2. أنها حالة هياج عام لم يستطع رئيس الكهنة أن يقاومه.

أَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ = كما نص الناموس كعقوبة للمجدف لا 13: 24 - 16.

سَدُّوا آذَانَهُمْ = حتى لا يسمعوا بقية دفاعه وشهادته فتتدنس أذانهم. وشرح بقية الآية تجده فى حياة بولس الرسول.

آية 58: - كان عند اليهود من يجدف يُرجم. وهم إتهموا إسطفانوس بالتجديف (لا13: 24 - 16). وكان الأمر يحتاج لشاهدين أو ثلاثة على التجديف. وإذا صدر الحكم ضد المجدف يبدأ الشهود برجم المجدف (تث 6: 17 - 7) وهنا نسمع عن شاول للمرة الأولى إذ كان شاهداً على قتل اسطفانوس وكان راضياً بقتله (1: 8). وخلع الشهود الذين شهدوا ضد اسطفانوس ثيابهم عند قدمى شاول ليبدأوا عملية رجم اسطفانوس. وظل بولس الرسول حزيناً على هذا اليوم كل أيام حياته (أع 20: 22). واليهود لم يكن لهم سلطان على إعدام شخص ولكن كانوا يفعلونها فى غفلة من الحاكم إذا كان متساهلاً أو فى غيبة.

الأعداد 59-60

الآيات (59 - 60): -

"59فَكَانُوا يَرْجُمُونَ اسْتِفَانُوسَ وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ: «أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ اقْبَلْ رُوحِي». 60ثُمَّ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَارَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هذِهِ الْخَطِيَّةَ». وَإِذْ قَالَ هذَا رَقَدَ.".

هنا نرى إسطفانوس يقول ما قاله المسيح على الصليب، لم يكن هنا يقلد المسيح إنما كان المسيح يحيا فى إسطفانوس غل 20: 2.

أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ اقْبَلْ رُوحِي = داود يقول فى مز 5: 31 فى يدك أستودع روحى ويقولها لله. وبهذا نفهم أن إسطفانوس فهم أن يسوع هو الله. ونقارن هذا مع ما قاله المسيح "يا أبتاه فى يديك أستودع روحى" (لو 46: 23) وبهذا أيضاً نفهم أن إسطفانوس فهم أن كل ما للآب هو للإبن، فيمكن إذاً أن نستودع له أرواحنا كما الآب أيضاً. هو كان يستشهد ويموت وهو يصلى.

صَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ = هذا دليل أن الروح الذى فيه أعطاه قوة. وغفران إسطفانوس لمن يرجمونه هو دليل حياة المسيح الغافر فيه ومن لا يَغْفِر لا يُغْفَر له أيضاً. بل بغفرانه هذا أكمل شهادته عن المسيح، فإسطفانوس شهد للمسيح فى حياته كما فى موته.

رَقَدَ = هذا هو الإسم الجديد للموت بعد قيامة المسيح "لعازر حبيبنا قد نام" (يو 11: 11) وشتان الفرق بين رقاد القديسين وهم يرون السماء مفتوحة وموت الأشرار فى رعب.

الآيات الخاصة بشاول الطرسوسى.

بولس الرسول العظيم.

أية (58): - "58 وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَرَجَمُوهُ. وَالشُّهُودُ خَلَعُوا ثِيَابَهُمْ عِنْدَ رِجْلَيْ شَابٍّ يُقَالُ لَهُ شَاوُلُ.".

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثامن - تفسير سفر أعمال الرسل - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح السادس - تفسير سفر أعمال الرسل - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر أعمال الرسل الأصحاح 7
تفاسير سفر أعمال الرسل الأصحاح 7