الأصحاح السادس – تفسير سفر أعمال الرسل – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر أعمال الرسل – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح السادس

العدد 1

آية (1): -

"1 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ إِذْ تَكَاثَرَ التَّلاَمِيذُ، حَدَثَ تَذَمُّرٌ مِنَ الْيُونَانِيِّينَ عَلَى الْعِبْرَانِيِّينَ أَنَّ أَرَامِلَهُمْ كُنَّ يُغْفَلُ عَنْهُنَّ فِي الْخِدْمَةِ الْيَوْمِيَّةِ.".

فِي تِلْكَ الأَيَّامِ = راجعة للآية 42: 5 أى بينما كانوا ما زالوا يصلون فى الهيكل، وقبل أن يتشتتوا بسبب الإضطهاد العنيف (1: 8). التَّلاَمِيذُ = أطلقت هنا على كل المؤمنين. الْيُونَانِيِّينَ = Hellinists = هم المؤمنين من اليهود الذين يتكلمون اليونانية بسبب معيشتهم وسط البلاد اليونانية (راجع المقدمة). الْعِبْرَانِيِّينَ = هم المؤمنين من اليهود الذين يتكلمون العبرانية أو الأرامية، فالعبرانية هى لغة المتضلعين فى دراسة الناموس (أع 2: 22). والمشكلة نشأت من أن العبرانيين يعيشون فى بلادهم ولهم بيوتهم وأراضيهم ومصادر دخلهم. وكان الناموس والنظام اليهودى يعتنى بالأرامل ولهم مخصصاتهم من خزينة الهيكل. أمّا اليونانيين فهم غرباء فى أورشليم وإستمروا فى أورشليم بعد إيمانهم بالمسيح فحز فى نفوسهم أنه لا أحد يهتم بأراملهم. وبولس نجده فيما بعد يهتم بالعناية بالأرامل.

الأعداد 2-4

الآيات (2 - 4): -

"2فَدَعَا الاثْنَا عَشَرَ جُمْهُورَ التَّلاَمِيذِ وَقَالُوا: «لاَ يُرْضِي أَنْ نَتْرُكَ نَحْنُ كَلِمَةَ اللهِ وَنَخْدِمَ مَوَائِدَ. 3فَانْتَخِبُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ سَبْعَةَ رِجَال مِنْكُمْ، مَشْهُودًا لَهُمْ وَمَمْلُوِّينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَحِكْمَةٍ، فَنُقِيمَهُمْ عَلَى هذِهِ الْحَاجَةِ. 4 وَأَمَّا نَحْنُ فَنُواظِبُ عَلَى الصَّلاَةِ وَخِدْمَةِ الْكَلِمَةِ».".

لاَ يُرْضِي = أى ليس حسناً. نَخْدِمَ مَوَائِدَ = الموائد تشير الكلمة لبنك الصراف أى المهام المالية من توزيع الأموال على المحتاجين أى الخدمة الإجتماعية.

انْتَخِبُوا = أى ينتخب الشعب من يريدهم دون تدخل الرئاسات. وهنا نجدهم لم يستخدموا القرعة بعد أن حلَّ الروح القدس. وكان شرط الإختيار أن يكونوا مملوئين من الروح القدس. سَبْعَةَ = هم رقم الكمال عند اليهود. مَشْهُودًا لَهُمْ = هذا شرط ثانٍ أن يكونوا حسنى السيرة فهم سيعملون وسط العائلات. مَمْلُوِّينَ حِكْمَةٍ = حتى يستطيعوا أن يخدموا دون تقصير أو أن يغضب أحد. ومع أن هؤلاء الشمامسة كان عملهم خدمة موائد إلاّ أن الروح أعطاهم أيضاً خدمة الكلمة والوعظ. وكما قلنا فى المقدمة لم تكن درجات الكهنوت قد إتضحت فى هذا الوقت المبكر من بداءة الكنيسة فكانت وظائف الشماس متداخلة مع القسيس ووظائف القسيس متداخلة مع الأسقف، حتى تحدد فيما بعد وظيفة كل درجة. وكانت سيامة هؤلاء الشمامسة هى أول سيامات فى الكنيسة، لذلك جمع هؤلاء بين وظيفة الكاهن والشماس، فرأينا فيلبس يعمد (12: 8، 38) ورأينا اسطفانوس يبشر ويكرز وفيلبس أيضاً. إلاّ أن وضع اليد كان من إختصاص الرسل فقط. وكان واضحاً من هذه الآيات أن الشعب يختار والرسل يقومون بالرسامة وذلك بوضع اليد. وهذا معنى قول الرسل فَنُقِيمَهُمْ = أى نرسمهم بوضع اليد.

العدد 5

آية (5): -

"5فَحَسُنَ هذَا الْقَوْلُ أَمَامَ كُلِّ الْجُمْهُورِ، فَاخْتَارُوا اسْتِفَانُوسَ، رَجُلاً مَمْلُوًّا مِنَ الإِيمَانِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ، وَفِيلُبُّسَ، وَبُرُوخُورُسَ، وَنِيكَانُورَ، وَتِيمُونَ، وَبَرْمِينَاسَ، وَنِيقُولاَوُسَ دَخِيلاً أَنْطَاكِيًّا.".

أسماء الخدام أو الشمامسة هنا هى أسماء يونانية، وغالباً لم يكونوا يهوداً بالميلاد، بل هم من الشتات. والسبب أنهم أقيموا لخدمة اليونانيين المتذمرين وليتعاطفوا معهم. ولاحظ أن هناك فيلبس من الإثنى عشر وهو غير فيلبس الشماس هنا. نِيقُولاَوُسَ دَخِيلاً أَنْطَاكِيًّا = فلأن لوقا من إنطاكية فهو يعرف الكثير عن إنطاكية وأهل إنطاكية. وكلمة دخيل أى أنه كان أممى من شعب إنطاكية وتهود. ويقال أن نيقولاوس هذا هو صاحب هرطقة النيقولاويين رؤ 6: 2، 15. وبهذا صار إسطفانوس أول شهيد للمسيحية وصار نيقولاوس صاحب أول هرطقة فى المسيحية.

العدد 6

آية (6): -

"6اَلَّذِينَ أَقَامُوهُمْ أَمَامَ الرُّسُلِ، فَصَلُّوا وَوَضَعُوا عَلَيْهِمِ الأَيَادِيَ.".

هنا نجد طقس رسامة الشمامسة السبعة.

العدد 7

آية (7): -

"7 وَكَانَتْ كَلِمَةُ اللهِ تَنْمُو، وَعَدَدُ التَّلاَمِيذِ يَتَكَاثَرُ جِدًّا فِي أُورُشَلِيمَ، وَجُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الْكَهَنَةِ يُطِيعُونَ الإِيمَانَ.".

تَنْمُو = هكذا حوَّل الله تذمر اليونانيين إلى بركة ونمت الخدمة إذ تفرغ الرسل للكرازة جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الْكَهَنَةِ = الكهنة اليهود آمنوا من كرازة التلاميذ فى الهيكل.

العدد 8

آية (8): -

"8 وَأَمَّا اسْتِفَانُوسُ فَإِذْ كَانَ مَمْلُوًّا إِيمَانًا وَقُوَّةً، كَانَ يَصْنَعُ عَجَائِبَ وَآيَاتٍ عَظِيمَةً فِي الشَّعْبِ.".

الروح القدس الذى حلّ فى إسطفانوس إذ وجده مملوء إيماناً عَملَ به عجائب. ومع أن إسطفانوس كان قوياً إلا أن قوته ظهرت بعد سيامته لنرى قوة عمل السيامة.

العدد 9

آية (9): -

"9فَنَهَضَ قَوْمٌ مِنَ الْمَجْمَعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَجْمَعُ اللِّيبَرْتِينِيِّينَ وَالْقَيْرَوَانِيِّينَ وَالإِسْكَنْدَرِيِّينَ، وَمِنَ الَّذِينَ مِنْ كِيلِيكِيَّا وَأَسِيَّا، يُحَاوِرُونَ اسْتِفَانُوسَ.".

الْمَجْمَعِ = كنيشتا بالأرامى وبيت كنيست بالعبرى (ومنها كلمة كنيسة) وهو للعبادة دون تقديم ذبائح. أى لقراءة التوراة والتعليم. والمجامع بدأت من سبى بابل حتى لا يحُرم الشعب من القراءة والسمع فى الأسفار المقدسة. وكان فى أورشليم وحدها 480 مجمعاً قبل هدم الهيكل سنة 70م. وكل مجمع له إسم خاص يخص الجماعة التى تكونه أو البلد التى كَوَّن اليهود فيها رابطة تمثلهم فى أورشليم ذاتها حيث يجتمعون ليصلوا ويبحثوا شئونهم، وكانوا يصلون باللغة التى وُلدوا فيها وعاشوا فيها. اللِّيبَرْتِينِيِّينَ = هم يهود روما الذين قد أسرهم بومبى ورُحِّلوا إلى روما وإستعبدوا هناك ثم حررهم الرومان فدُعوا بالأحرار أو المتحررين وكلمة ليبرتينيين تعنى المتحررين. ويبدو أن إسطفانوس كان يحاور اليهود فى عدة مجامع منها مجمع الإسكندريين (ومنهم خرج أبلوس). ومجمع كيليكية وعاصمتها طرسوس ومنهم شاول. وكان إسطفانوس يثبت لهم أن اليهودية استنفذت زمانها وحلت المسيحية مكانها. وأن هناك إنفصالاً تاماً بين اليهودية والمسيحية. وبهذه الكلمات أنار إسطفانوس بولس فيما بعد.

العدد 10

آية (10): -

"10 وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُقَاوِمُوا الْحِكْمَةَ وَالرُّوحَ الَّذِي كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِ.".

إسطفانوس كان دارساً للفلسفة فحاور هؤلاء اليهود الدارسين، والروح أعطاه حكمة عجيبة أفحمتهم لو 15: 21، هو صرعهم بحكمة الروح فصرعوه بالحجارة.

العدد 11

آية (11): -

"11حِينَئِذٍ دَسُّوا لِرِجَال يَقُولُونَ: «إِنَّنَا سَمِعْنَاهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ تَجْدِيفٍ عَلَى مُوسَى وَعَلَى اللهِ».".

شهادة الزور تلازم اليهود فإسطفانوس فعلاً لم يجدف (راجع ص7).

الأعداد 12-14

الآيات (12 - 14): -

"12 وَهَيَّجُوا الشَّعْبَ وَالشُّيُوخَ وَالْكَتَبَةَ، فَقَامُوا وَخَطَفُوهُ وَأَتَوْا بِهِ إِلَى الْمَجْمَعِ، 13 وَأَقَامُوا شُهُودًا كَذَبَةً يَقُولُونَ: «هذَا الرَّجُلُ لاَ يَفْتُرُ عَنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ كَلاَّمًا تَجْدِيفًا ضِدَّ هذَا الْمَوْضِعِ الْمُقَدَّسِ وَالنَّامُوسِ، 14لأَنَّنَا سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: إِنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ هذَا سَيَنْقُضُ هذَا الْمَوْضِعَ، وَيُغَيِّرُ الْعَوَائِدَ الَّتِي سَلَّمَنَا إِيَّاهَا مُوسَى».".

الْمَجْمَعِ = هنا هو السنهدريم أى المحكمة العليا لليهود. ونفس الإتهام الذى وجهوه هنا لإسطفانوس وجهوه فيما بعد لبولس 27: 21، 28. وسبب الهيجان خوف كل واحد على مركزه. أماّ الشعب فخوفهم كان على هيكلهم رمز مجدهم وعزهم وأبائهم. وغالباً كان كلام إسطفانوس أن دور الهيكل والذبائح قد إنتهى وكان هذا الكلام مثيراً لكل طوائف اليهود. وكان كلام إسطفانوس هنا هو الذى حَرَّك قلب شاول الطرسوسى بالغضب. ولكن كان الدرس الأول لبولس الرسول، رسول الأمم. لقد تتلمذ بولس فى مدرسة اسطفانوس.

العدد 15

آية (15): -

"15فَشَخَصَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْجَالِسِينَ فِي الْمَجْمَعِ، وَرَأَوْا وَجْهَهُ كَأَنَّهُ وَجْهُ مَلاَكٍ.".

هنا إنعكس وجه المسيح على وجه إسطفانوس، كان المسيح يحيا فى إسطفانوس (غل 20: 2) وكان وجه إسطفانوس الملائكى هو ما أقض مضجع شاول الطرسوسى. وكان له كمناخس تنخس ضميره وقلبه. وللعجب فقد رأى رئيس الكهنة وجه إسطفانوس كوجه ملاك ولم يتحرك قلبه، له عين ولكن لا يبصر. فلو فتح رئيس الكهنة قلبه لأدرك أن الله ما كان يعطى إسطفانوس هذا الوجه النورانى كموسى إذا كان يجدف على موسى وعلى الناموس.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الإصحاح السابع - تفسير سفر أعمال الرسل - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الخامس - تفسير سفر أعمال الرسل - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر أعمال الرسل الأصحاح 6
تفاسير سفر أعمال الرسل الأصحاح 6