الفصل الحادى عشر العبادة الجماعية – سياحة القلب – القمص أشعياء ميخائيل

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سياحة القلب – القمص أشعياء ميخائيل.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الفصل الحادى عشر العبادة الجماعية

نحن ههنا دعنا نصير مثل الشاروبيم فى تقديم التسبيح للثالوث المقدس المحى. دعنا نطرح كل إهتمام أرضى حتى نستطيع أن نستقبل ملك المسكونه الذى سوف يأتى ليحمينا بأجنحة الملائكة غير المنظورة. هللويا. هللويا. هللويا.

[تسبيحة الشاروبيم فى قداس يوحنا فم الذهب].

أولاً: القداس الالهى [الافخارستيا]:

فى يوم الرب فلنجتمع معاً ونتناول من جسد الرب ونقدم الشكر بعد الاعتراف بخطايانا حتى تصير ذبيحتنا طاهره. ولا تدع أحداً متخاصماً مع أخيه يتقدم للتناول ما لم يتصالح أولاً حتى لا تصير ذبيحتك دنسه لأن هذا هو ما أعلنه الرب «لأنه فى كل مكان يقدم لاسمى ذبيحه طاهرة لأنى ملك عظيم يقول الرب واسمى عظيم بين الأمم».

قوانين الرسل.

يا ملك المجد لا يوجد من هو مستحق أن يأتى اليك ويقترب منك ويخدمك حينما يكون مقيد من أسفل بالشهوات وملذات الجسد. لأن خدمتك عظيمة ومملوءه مهابه حتى للقوات السمائيه نفسها وذلك بسبب محبتك للبشر غير الموصوفه وغير المحدوده. لقد صرت إنساناً بدون تغير أو نقص من لاهوتك. لقد صرت رئيس كهنتنا وسيداً للجميع. ولقد منحتنا القوه الكهنوتيه حتى نقدم هذه الذبيحه العامه بدون أن يسفك دم جديد. أنت وحدك أيها الرب الهنا الذى هو سيد كل الأشياء التى فى الأرض والتى فى السماء أيضاً. أنت الذى تحمل فوق عرش الشاروبيم أنت هو رب السيرافيم وملك إسرائيل. أنت وحدك هو القدوس الذى يستريح فى القديسين. وها أنا أجعل صلاتى اليك لانك أنت وحدك هو الصالح والمستعد أن تسمع لى بغنى. إنصت بإذنك لتسمع لى أنا خادمك الخاطئ غير النافع ونقِ نفسى وقلبى من كل فكر شرير. وبقوة الروح القدس إجعلنى مستحقاً – منذ أن إتشحت بنعمة الكهنوت – أن أقف أمام مذبحك المقدس لأقدس أسرارك عن طريق جسدك المقدس ودمك الكريم. ها أنا أتقدم اليك ورأسى منحنيه متوسلاً اليك ألا تصرف وجهك عنى ولا تطردنى من وسط أولادك، ولكن إسمح لى أنا خادمك الخاطئ غير المستحق أن أقدم لك قرابينك. لأنك بالحقيقة أنت الذى تقدم الذبيحة أيها المسيح الهنا ولكنك تعطيها لنا. ولذلك نقدم لك المجد مع أبيك الأبدى والروح القدس الرحوم المانح الحياة الآن وكل آوان وإلى دهر الدهور آمين.

صلاة إستعداد الكاهن فى قداس يوحنا فم الذهب.

قال أحد الأباء[81]:

1 - إن الأمر الضرورى فى الصلاة الذى يجب ان نهتم به فوق كل شئ هو الحياة بايمان طاهر فى الرب لحضوره بقوة ومثولنا أمامه [فى المذبح] ثم نطلب فى الروح القدس من الرب يسوع المسيح ما نرغب فيه وعندئذ سوف نحصل على ما طلبناه اسأل ببساطة دون ادنى شك وعندئذ سيصير الهك هو كل شئ بالنسبة لك. أكمل فى لحظة العمل العظيم العجيب الذى هو رشم علامة الصليب. أطلب منه البركة الروحيه والماديه أيضاً ليس لنفسك فقط بل ولكل المؤمنين ولكل أعضاء جسد كنيسة المسيح. وحين تصلى صلاتك السريه الداخليه أو الخارجيه العلنيه تأكد أن الله حاضر أمامك وفى داخلك وينصت لكل كلمة حتى لو كنت تقولها فى عقلك فقط فتكلم بكل قلبك دون أن تبرر ذاتك. وليكن لك ايمان بأن الله سوف يرحمك ولن تبقى بلا غفران لأن هذه حقيقة واقعه من الاختبار.

2 - خلال القداس الألهى فإن الكنيسة كلها تجتمع معاً، كنيسة الابكار الموجوده فى السماء وكنيسة المجاهدين على الأرض تجتمع معاً حول الحمل الذى حمل خطايا العالم. فأى براعة عظيمة تلك التى تفتن النفس وتحركها. إننا نستطيع أن نكون ورثه مع القديسين لو بقينا مخلصين للحمل حتى الموت. ألستم كلكم يا أخوتى أعضاء فى ذلك الاجتماع السمائى المقدس ووارثين فى الملكوت الآتى؟ أى إتساع يجب أن يكون عليه قلبى حتى يتسع للكل بأن يحب الكل ويهتم بخلاص الجميع كما لو كان خلاصى أنا. هذه هى الحكمة بل وقمة الحكمة. دعنا نصير بسطاء القلب مع الكل. دعنا نتذكر دعوتنا العليا وإختيارنا. دعنا نشتاق باستمرار إلى كرامة الدعوة الالهية السمائيه فى المسيح يسوع لأننا نحن أولاد الله وورثته ووارثين مع المسيح.

ثانياً – الايقونات:

قال أحد الأباء[82]:

نحن لا نسجد لطبيعة الأخشاب ولكننا نوقر ونسجد لذاك الذى صلب على الصليب.

لم يكن يستطيع أى أحد فى العهد القديم ان يصف الله ولذلك لم يصور على الاطلاق. ولكن الآن فى العهد الجديد قد ظهر الله فى الجسد وعاش بين البشر وصار له صورة يمكن أن نراه بها. ونحن لا نعبد المادة ولكن نعبد خالق الماده الذى صار جسداً من أجلنا وخلال تجسده أعطانا خلاصاً. وأنا لا أكف عن السجود للايقونه التى خلالها يظهر المسيح الذى يمنحنى الخلاص.

القديس يوحنا الدمشقى.

إن الايقونة قد منحت قوة الهيه خلال قوة صلاة تكريسها[(+)].

القديس يوحنا الدمشقى.

أيها الرب الاله الذى تمجد فى الثالوث المقدس. أنت الذى لا يستطيع العقل أن يصل اليه ولا توجد أى كلمات تعبر عنك أنت الذى لم يكن يستطيع أحد أن يراك فى أى مكان. وكما عرفنا من الكتاب المقدس ومن تعاليم الرسل الالهيه هكذا تؤمن وهكذا نعترف أن الله الآب بلا بدايه والابن والروح القدس ممجدين معك. وكما أعلن الكتاب المقدس عن ظهورك فى شكل ثلاثة ملائكه لابراهيم. وفى العهد الجديد أعلن الله نفسه فى صوت يقول: أنت ابنى الحبيب والابن كان يعمد فى الأردن والروح القدس ظهر فى شكل حمامه حتى نتذكر الثالوث المقدس. ونحن نعترف لك ليس بلساننا فقط ولكن أيضاً بأن نرسم صورتك لكى حين ننظر اليه بعيوننا المحسوسه نستطيع أن نراك يا إلهنا بعيوننا العقليه. وحين نكرم صورتك نمجدك ونسبحك يا خالقنا وفادينا ومقدسنا. ونتذكر أعمالك الصالحه غير المحصوره. لأن المجد المقدم لصورتك مقدم لك أنت.

نحن نقف أمام الايقونه فنقف أمام عظمتك بعواطفنا الخاشعه ونحن نطلب ونصلى ونجعل أنفسنا حسب مسرتك أن تنظر بمراحمك إلى الايقونه لترسل لها بركتك السمائيه. وبإسم الثالوث المقدس باركها وقدسها من أجل الذين يمجدونها ويقدمون إتضاعاً أمامها ويسجدون لها ويصلون اليك أمامها ليجدوا رحمة ويأخذوا نعمة ويخلصون من كل التجارب ويأخذون غفراناً لخطاياهم ويصيرون مستحقين للملكوت السمائى بمراحمك وغفرانك ومحبتك للبشر. إن الله الواحد ممجد فى الثالوث الآب والابن والروح القدس الذى له المجد الآن وكل آوان والى دهر الدهور.

عن كتاب صلوات التكريس والطقوس.

[الخاص بالكنيسة الروسيه].

ثالثاً – العذراء القديسه والدة الاله [ثيؤتوكوس]

قال أحد الأباء[84]:

ما سبب تكريم العذراء مريم ووضعها فى المكان السمائى؟ إنه بسبب الحبل المقدس والنبع المختوم المحفوظ لذاك الذى ختمه. إن العذراء تقول: إن الروح القدس قد حلّ علىّ ولم أعارض قط لأننى أمة الرب وسأصير حسب الكلمة [ليكن لى كقول الرب] وأنا سوف أخدم إرادته بفرح. ولو أن الله جعل الأشياء التى يبنى بها هيكلاً له فلأتركه يبنى بيتاً لنفسه حسب رغبته. ولو أن الخالق إستراح فى خليقته فلأجعله يقيم فىّ جسده حسب ما يريد وبالكيفية التى يرغبها. إننى مصنوعه بيد الرب فليجعلنى حسب كلمته. فلتكمل كلمته وتتحول فىّ إلى فعل. إجعل كلمتك تكمل فىّ وتصير عملاً.

أما بالنسبة لنا فماذا نقدم للعذراء؟ وأى كلمات تسبيح سوف نقدمها لها؟ أى كلمات غير كلمات الملاك غبريال التى تحدث بها أولاً عند لقائه بها «سلام لك أيتها الممتلئه نعمه مباركة أنتِ فى النساء ومباركة هى ثمرة بطنك» سلام لك لأننا رأينا شمس البر تشرق منك ويضئ للسمائين والأرضين وينزع الخطيه والشر ويشرق على المسكونه كلها بشعاع النعمة.

سلام لك أيتها المملوءه نعمه أكثرمن الكل لأنك قد إرتفعت أكثر منا. فى بتوليتك وقد نمت نفسك فى النعمه وحطمت الفساد. سلام لك لأنك حملت لنا خبز الحياه الذى حل فى أحشائك وصرت مثل الخميره الفاضله التى تعطى طعاماً. سلام لك لأنك صنعت شجرة الحياة التى تحمل لنا ثماراً. سلام لك أيتها المملوءه نعمة لأنك حملت اللؤلؤة الكثيره الثمن التى تحوى غنى خلاصنا إلى نهاية المسكونه. مباركة أنت فى النساء لأنك نزعت عار النساء وحولت غواية المرأه إلى تسبيح جنس النساء. إن آدم الأول قد أخذ من الأرض البكر والآن آدم الثانى هو المسيح ولد منك أيتها العذراء الحقيقيه. لأن منك تجسد الابن الكلمه الذى كسى آدم الأول. ولكن لماذا أنا أضع هذه المقارنه بين آدم الأول والثانى؟ السلام لك أيتها الممتلئه نعمة أكثر من الكل لأن غذاء جنس البشر كائن منك. وبركة كل الأشياء تأتى الينا خلال حبلك.

قال أحد الأباء[85]:

من هو مستحق أن يخدم كراع للأسرار؟ من هى تستحق أن تصير أم الله وأن تعطى جسداً لذاك الذى هو غنى فى كل شئ؟ واضح أنها العذراء إبنة يواقيم وحنه التى نحتفل بميلاد الكلمة منها الذى ظهر فى الجسد الذى هو أعظم الأسرار والذى له هذا الاحتفال العظيم المقدس الذى يقام. إنه كان من الضرورى أن يكون جسد العذراء طاهراً ونفسها طاهره وأفكارها طاهرة حتى تعين أماً لله الخالق. إنها جاءت كطفله إلى الهيكل وهى التى وطأت هذا المكان الذى لم يطأه أحد. إنها صارت هيكلاً حياً لذاك الذى أعطاها الحياه فولدت المخلص الذى أخذ جسداً من جنسنا بدون طريق الزواج. لقد إختار الله العذراء كعروس للخدر السمائى فحفظت نفسه بالوداعه الروحيه. إنها بفضائلها صارت كالنجوم وشابهت السماء لتظهر لكل المؤمنين لأنها ولدت شمس البر. إنها إصطبغت بصبغة البتوليه فصارت تخدم المسكونه كلها كملكه. أى معجزه هى هذه التى لا تستطيع أن تحويها كل المسكونه أن العذراء تحب دون أن تفقد بتوليتها. الذى لا يجسر الشاروبيم أن يحمله قد حملته العذراء فى ذراعيها البشريتين. من الرحم العقيم جاء الحبل المقدس. الذى لم تقطعه أيدى بشريه صارت هى حجر الزاويه الذى هو المسيح الهنا الذى دمر هيكل الشياطين وسلطانهم. إن المسيح هو الفرن الحى السمائى الذى حلّ على الأرض الذى هو خالقنا الذى قدم بكور الثمار على النار الالهيه [يقصد الصليب] وخبز المحصول وصنع لنفسه خبزاً من الدقيق الطاهر. ولكنه ماذا يستطيع الانسان أن يقول أو يختبر عن مواهب العذراء.

قال أحد الأباء[86]:

المسيح هو الله الذى ولد من العذراء وصار إنساناً. وهو قد أعطى وجوداً لمن ليسوا بموجودين. والعذراء التى ولدته لم تفقد أى شئ من بتوليتها. لأنه صار كما صار هو إنساناً بدون أن تتغير طبيعته أو يفقد قوته فهو فى نفس الوقت جعل العذراء أماً وفى نفس الوقت إحتفظ ببتوليتها. وهكذا توالت المعجزات الواحده تلو الأخرى. ولأن الله قد أخلى نفسه ولكن هذه منتهى الأسرار. وهكذا جعل العذراء أماً حتى حين ولدته وحين صارت أماً لم تتخل عن بتوليتها قط.

لن أكون غيوراً أيها الابن لأنك أنت معى أيضاً مع كل البشر. أنت هو الله وأنا أعترف بذلك. وأنت هو ربى ولذلك أنا أخدمك. وأنت أخ أيضاً ولذلك أنا أحبك. أنت مانح حياة للكل حين تدخل فىّ. وأنت أيضاً تخرج منى. وحين آخذك وتصير لى فإن أسرارك الخفيه لن تتحرك منى لأنك أنت معى. وهذا ما يجعلنى أتعجب لأننى حين أراك أمام عينى فإن صورتك الحقيقيه تطبع فىّ. فى عقلى أيها القدوس تطبع صورتك المرسومه التى هى صورة آدم قبل السقوط. وفى صورتك الخفيه أنا أرى اباك الذى هو متحد معك. لأنك لست فقط ابن الانسان لان الحبل بك هو أمر جديد وميلادك أعجوبه وبدون الروح الروح لن نستطيع أن نسبحك. إن الشهوات شديده فى داخلى. كيف ادعوك غريباً عنى وأنت واحد منا؟ هل أدعوك إبناً؟ هل أدعوك أخاً؟ هل أدعوك زوجاً؟ ربى أنا أدعوك ايها الابن الذى أعطى أمه الميلاد الثانى الذى من الماء. لاننى أنا أختك. من بيت داود أبينا كلينا. ثانية أنا أمك من أجل الحبل بك. واننى عروسك من أجل تقديسك لى. أنا إبنتك وأنا صنيعة يديك. بالدم والماء قد إشتريتنى وعمدتنى. إبن الله جاء وسكن فىّ وأنا صرت له أماً. وفى الميلاد الثانى الذى حصلت عليه ومنحنى إياه. ولأنه أخذ جسداً من أمه فإن جسدها قد التحف بمجده.

القديس مار افرآم السريانى.


[81] - الأب يوحنا من كرونستات.

[82] - الأب لاونتيوس.

[(+)] يقصد هنا الايقونات الموجوده فى الكنيسة والتى تم تدشينها بالميرون المقدس وهى التى نتبارك منها.

[84] - الأب نوتيوس بطريرك القسطنطينية.

[85] - الأب نوتيوس بطريرك القسطنطينة.

[86] - الأب مكسيموس المعترف.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

فهرس المحتويات
فهرس المحتويات

جدول المحتويات