هل الإفخارستيا عمل ذبيحى؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, أسرار الكنيسة السبعة, سر الإفخارستيا - القداس الإلهي, طقوس الكنيسة القبطية - اللاهوت الطقسي
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

هل الإفخارستيا عمل ذبيحى؟

أولاً: عرفت الكنيسة العمل الذبيحى منذ العصر الرسولى، إذ يقول الرسول: "لنا مذبح لا سلطان للذين يخدمون الخيمة أن يأكلوا منه" (عب13: 10)، كما تحدث الرسول فى سفر العبرانيين (أصحاح10) عن ذبائح العهد القديم كرموز تحققت فى الكفارة والإفخارستيا. وأشار أيضاً إلى الإفخارستيا كذبيحة عندما قارن مائدة الرب بمائدة الشياطين (1كو10: 20 - 21).

ثانياً: يشير كاتب الديداكية ([579]) حوالى سنة 100م إلى الإفخارستيا كذبيحة طاهرة. هذا ما أكده آباء الكنيسة ([580]) مثل القديسين أغناطيوس ويوستين وايرينيؤس وكيرلس الأورشليمى وكبريانوس وأغسطينوس.

ثالثاً: استخدمت الكنيسة الأولى الكلمتين اليونانيتين: "زوسيا أى ذبيحة". "بروسفورا أى تقدمة"، فى الحديث عن الإفخارستيا. ودعا القديس أغناطيوس اجتماع الكنيسة الإفخارستى "سوزستيرون" أى موضع الذبيحة ([581]). وأعلن القديس إكليمنضس الرومانى أن عمل الأسقف هو تقديم "بروسفيتيريا" أى القرابين ([582]).

رابعاً: عرف الآباء ([583]) كلمة ترابيزة Τράπεζα أى مائدة أنها مذبح. هذا لا ينزع عن الإفخارستيا العمل الذبيحى، وإنما يصبغ عليه فهماً جديداً. ففى العهد القديم كانت الذبائح حيوانية يقودها الناس إلى المذبح لكى تُذبح بغير إرادتها وبغير مشاعر! أما على مذبحنا فالذبيح عليه بإرادته المملوءة حباً، يهبنا الحياة. فهو ليس بالذبيحة فحسب إنما هو أيضاً الكاهن الخفى واهب الحياة، الوسيط بين أبيه السماوى والناس خلال عمله الذبيحى. يقول القديس أغسطينوس: [إنها الذبيحة الجامعة، يقدمها الكاهن الأعظم لله. هذا الذى قدم نفسه للآلام من أجلنا لكى يجعل منا جسداً لرأس عظيم كهذا. هذه هى ذبيحة المسيحيين. حيث يصير الكل فى المسيح يسوع جسداً واحداً فريداً! هذا ما تقدمه الكنيسة خلال سر المذبح! فانها وهى ترفع القرابين لله تقدم نفسه قرباناً له! ([584])] كما يقول: [أليس المذبح أيضاً سماوياً؟! كيف؟ ليس عليه شئ جسدانى، بل الكل روحى يصير ذبيحة. والذبيحة لا تتحول إلى رماد ودخان... بل ما عليه هو بهى وسامِ... الكنيسة سماوية، بل ما هو إلا سماء!].

يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [مهوبة حقاً هى أسرار الكنيسة! مهوب حقاً هو المذبح! لقد خرج من الفردوس ينبوع يبعث أنهار مادية، أما هذه المائدة فأخرجت ينبوعاً يبعث أنهاراً روحية، لا يُزرع على جوانبها شجر الصفصاف غير المثمر، بل تُزرع أشجار تصل إلى السماء، وتحمل ثمراً دائماً لا يفسد. إن كان أحد لفحه الحر، فليقترب من الينبوع، فتبرد حروقه، وينطفئ ظمأه، ويحمل راحة عوض الحروق التى سببتها السهام النارية لا الشمس. فإن بدايته فى الأعالى ومصدره هناك، ومن السماء تفيض مياهه. كثيرة هى مجارى هذا الينبوع الذى يرسله المعزى. الابن هو الشفيع، لا يمسك فأساً ليمهد لنا الطريق، إنما يفتح أذهاننا. هذا الينبوع هو نور يبعث أشعة الحق، تقف بجواره القوات السمائية فى الأعالى تتطلع إلى جمال مجاريه، إذ هم قادرون بالأكثر على إدراك قوة الأمور الموضوعة عليه والبهاء الذى لا يُقترب منه. من يشترك فى هذا الدم يقف مع الملائكة ورؤساء الملائكة والقوات العلوية، ملتحفاً بثوب المسيح الملوكى، له أسلحة الروح، لا بل يلتحف بالملك نفسه "([585])]. ويقول [كثيرون يقولون الآن: إنى أرغب فى رؤية هيئته وملابسه ونعاله. آه! ها أنت تراه وتلمسه وتتناوله! حقاً أنت تريد ملابسه، وها هو يُعطى لك ذاته، لا لكى تراه فحسب، بل تلمسه وتتناوله وتقبله فى داخلك ([586])].

[عندما ترى المائدة معدة قدامك قل لنفسك: من أجل جسده لا أعود أكون تراباً ورماداً، ولا أكون سجيناً بل حراً! من أجل هذا (الجسد) أترجى السماء، وأتقبل الخيرات السماوية، والحياة الخالدة، ونصيب الملائكة، والمناجاة مع المسيح! سُمر هذا الجسد بالمسامير وجُلد، ولا يعود يقدر عليه الموت! إنه الجسد الذى لُطخ بالدماء وطعن، ومنه خرج الينبوعان المخلصان للعالم: ينبوع الدم وينبوع الماء! ([587])].

[عندما ترى الرب ذبيحاً، وموضوعاً على المذبح، والكاهن يقف مصلياً على الذبيحة، وكل المصلين قد اصطبغوا بالدم الثمين، هل تستطيع أن تقول إنك لا تزال بين الناس، وأنك واقف على الأرض؟!... ألست على العكس قد عبرت مباشرة إلى السماء؟! ([588])].

[مادمنا قد صرنا سمائيين، وحصلنا على ذبيحة كهذه، فلنخف! يليق بنا ألا نستمر فى زحفنا على الأرض، فإن من يريد منا ألا يكون بعد على الأرض يستطيع من الان ذلك... إذ نقترب من الله، نصير فى السماء، بل ماذا أريد من السماء إن كنت أرى باب السماء وصرت أنا نفسى سماءً؟!] [إنه يدعونا إلى السماء، يدعونا إلى مائدة الملك العظيم والعجيب، فهل نتردد بدلاً من أن نسرع إليها ونجرى نحوها؟! أى عذر لنا؟ فإننا لا نقدر أن نلوم ضعفنا ونشتكى طبيعتنا، بل بالأحرى إهمالنا وحده هو سرّ عدم استحقاقنا ([589])].


[579] [] Didache: ch. 14.

[580] [] القمص باخوم المحرقى (نيافة الأنبا غريغوريوس) القيم الروحية... فى سر القربان جراسيموس مسرة: الأنوار فى الأسرار. بيروت 1788، ص145. St. Ignatius: Ep. To Phil. 4. St. Justin: Ep. To. Trypho 117. St. Irenaeus: Ad Heraes: 17: 4: 5; 18: 4: 6. Cyril of Jerusalem 8: 5. Augustine: Ep. 9: 68.

[581] [] St. Ignatius: Ep. To Eph. 2: 5, to Trall. 2: 7, to Phil 4.

[582] [] I Clem. 44.

[583] [] Pseudo – Athansius: Dispt. Cont, Arian. 17. & Tert: De Exhort. Constit. , ch 10.

[584] [] St. Augustine: City of God 6: 10,23. Sermon 829 to the Newly baptized.

[585] [] In Ioan. Hom 4: 46.

[586] [] In Matt. Hom. , 4: 82.

[587] [] On 1 Cor. Hom. 24.

[588] [] In Eph. Hom. 3.

[589] [] In Eph. Hom. 3.

لماذا يُعتبر سر الإفخارستيا عصب العبادة المسيحية؟

ما هو سرّ الشركة فى الإفخارستيا؟