الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ – سفر رؤيا القديس يوحنا اللاهوتي – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر رؤيا القديس يوحنا اللاهوتي – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ

رسائل إلى باقى الكنائس السبع.

(1) كنيسة ساردس (ع 1 - 6):

1« وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِى فِى سَارْدِسَ: هَذَا يَقُولُهُ الَّذِى لَهُ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ وَالسَّبْعَةُ الْكَوَاكِبُ. أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّ لَكَ اسْمًا أَنَّكَ حَىٌّ وَأَنْتَ مَيْتٌ. 2كُنْ سَاهِرًا وَشَدِّدْ مَا بَقِىَ، الَّذِى هُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَمُوتَ، لأَنِّى لَمْ أَجِدْ أَعْمَالَكَ كَامِلَةً أَمَامَ اللهِ. 3فَاذْكُرْ كَيْفَ أَخَذْتَ وَسَمِعْتَ، وَاحْفَظْ وَتُبْ، فَإِنِّى، إِنْ لَمْ تَسْهَرْ، أُقْدِمْ عَلَيْكَ كَلِصٍّ، وَلاَ تَعْلَمُ أَيَّةَ سَاعَةٍ أُقْدِمُ عَلَيْكَ. 4عِنْدَكَ أَسْمَاءٌ قَلِيلَةٌ فِى سَارْدِسَ لَمْ يُنَجِّسُوا ثِيَابَهُمْ، فَسَيَمْشُونَ مَعِى فِى ثِيَابٍ بِيضٍ لأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ. 5مَنْ يَغْلِبُ، فَذَلِكَ سَيَلْبَسُ ثِيَابًا بِيضًا، وَلَنْ أَمْحُوَ اسْمَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ، وَسَأَعْتَرِفُ بِاسْمِهِ أَمَامَ أَبِى وَأَمَامَ مَلاَئِكَتِهِ. 6مَنْ لَهُ أُذُنٌ، فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ.

العدد 1

ع1:

ملاك الكنيسة: يذكر المؤرخون أن أسقف ساردس كان القديس ميليتون.

ساردس: مدينة على جبل بمنطقة آسيا الصغرى (تركيا) اشتهرت بمتاجرها وفجورها وعبادتها الوثنية المرتبطة بالخلاعة كسائر البلدان الوثنية.

سبعة أرواح: أى الذى له الروح القدس كاملا راجع (ص1: 4).

سبعة كواكب: السبع كنائس راجع (ص1: 20).

كانت مشكلة هذه الكنيسة أو هذا الأسقف هى شكلية ومظهرية العبادة ولهذا كانت له شهرة وصيتًا حسنًا "لك اسمًا"، فقدم السيد المسيح ذاته هنا بصفته اللاهوتية التى تناسب حال هذه الكنيسة، فهو الفاحص الأعماق بروحه القدوس وصاحب السلطان على كل الكنائس. ويفضح السيد المرض مباشرة بغرض الإسراع فى العلاج، ويوضح أن المظهر الخارجى لا يخدع الله حتى ولو خدع الناس، ولكن إن ظل الإنسان فى هذه الحالة فهو ميت أى بلا حياة أمام الله وهالك فى الأبدية إن لم يتب.

العدد 2

ع2:

كن ساهرًا: أى إستيقظ وقم مما أنت غارق فيه الآن من خداع الكبرياء وموتك الروحى، واسرع فى إنقاذ البقية الباقية من حياتك أولاً ثم بقية شعبك التى لم تمت حتى الآن.

شدد: أى ثبتهم وقويهم وانقذهم من الموت.

عتيد أن يموت: أى إن لم تبادر بتوبة نفسك وشعبك فما بقى فيك من صلاح قليل سيذهب أيضًا.

لم أجد أعمالك كاملة: أى ليس المقياس ما يمدحك عليه الناس من أعمال ظاهرة ولكن ما أفحصه أنا الإله وأحكم عليه، وحكمى عليك هو إهمالك وانصرافك عن جهادك الروحى؛ ويلاحظ هنا أيضًا أن حكم الله ودينونته هى على أعمال الإنسان، سواء كانت خفية أم ظاهرة.

 الكلام هنا لنا جميعًا... فكثيرًا ما نهتم بما نظهره أمام الناس وننسى أن الله يرى ما هو فى الخفاء، فيكون المديح نصيبنا هنا أما التوبيخ والدينونة فهى حكم الله علينا... فليتنا نعمل بالعلاج الذى يقدمه الله لنا جميعًا ونسهر على حياتنا وخلاصنا فهما أغلى الأمور...!!.

العدد 3

ع3:

اذكر كيف: أى أن العلاج يبدأ بأن تتذكر مشاعرك الأولى (ص2: 4) فى محبتك لله وكيف كانت لهفتك واشتياقاتك الأولى عندما سمعت لأول مرة عن الإيمان بى وأخذت كمال نعمة الروح القدس بالمعمودية ووضع الأيدى (مسحة الميرون).

إحفظ وتب: أى بعد أن تتذكر عليك بالخطوة التالية وهى الرجوع بالتوبة ووضع وصاياى موضع التنفيذ والعمل بها.

إن لم تسهر...: أما إذا بقيت فى تهاونك وقبولك للمديح وعبادتك المظهرية.

أقدم عليك كلص: كما لا يعلم الإنسان متى ياتى اللص ليسرقه، هكذا آتى بعقوبتى سريعا فى وقت لا تتوقعه، [راجع ما قاله السيد المسيح أيضًا عن مجيئه الثانى فى (مت24: 42، 25: 5) فى وجوب السهر وعدم معرفة الساعة وضرورة الإستعداد الدائم].

العدد 4

ع4:

عندك أسماء قليلة: بالرغم من انتشار خطية الرياء فى هذه الكنيسة، إلاّ أن الله فى عدلـه لا يأخذ أحدًا بذنب آخر، ولهذا فهو يعلن بوضوح عن قلة من المؤمنين الحقيقيين لم تنالهم الخطية إذ كان سلوكهم نقيا (ثياب بيض) فستكون مكافآتهم أيضًا هى مصاحبة المسيح فى الأبدية "يمشون معى"، وسيعلن المسيح نقاوتهم أمام الكل فى يوم الدينونة.

العدد 5

ع5:

من يغلب سيكافئه الله بما يلى:

1 - سيلبس ثيابًا بيضاء: أى يحيا فى طهارة مع الله إلى الأبد.

2 - لن أمحو اسمه من سفر الحياة: أى يثبت فى ملكوت السموات، ولزيادة شرح هذه العبارة: نحن نؤمن أن عند خروج أى إنسان من المعمودية يكتب اسمه فى كتاب سفر الحياة أى سجل وارثى ملكوت الله، ولكن الإنسان بإيمانه وجهاده وأعماله التى ترضى الله يثبت فى ميراث أبيه السماوى، أما من تهاون واستهتر ولم يسهر على خلاص نفسه يحذف اسمه من ميراث الأبدية.

3 - سأعترف به أمام أبى: أى أن السيد المسيح سوف يعلن فى السماء كلها "أمام أبى وملائكته" قداسة هذا الإنسان وتقواه وتمسكه بالسلوك النقى فى جهاده.

العدد 6

ع6:

من له أذن: راجع (ص2: 7).

(2) كنيسة فيلادلفيا (ع7 - 13):

7« وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِى فِى فِيلاَدَلْفِيَا: هَذَا يَقُولُهُ الْقُدُّوسُ الْحَقُّ، الَّذِى لَهُ مِفْتَاحُ دَاوُدَ، الَّذِى يَفْتَحُ وَلاَ أَحَدٌ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلاَ أَحَدٌ يَفْتَحُ. 8أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ. هَئَنَذَا قَدْ جَعَلْتُ أَمَامَكَ بَابًا مَفْتُوحًا، وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُغْلِقَهُ، لأَنَّ لَكَ قُوَّةً يَسِيرَةً، وَقَدْ حَفِظْتَ كَلِمَتِى وَلَمْ تُنْكِرِ اسْمِى. 9هَئَنَذَا أَجْعَلُ الَّذِينَ مِنْ مَجْمَعِ الشَّيْطَانِ، مِنَ الْقَائِلِينَ إِنَّهُمْ يَهُودٌ وَلَيْسُوا يَهُودًا، بَلْ يَكْذِبُونَ: هَئَنَذَا أُصَيِّرُهُمْ يَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَ رِجْلَيْكَ، وَيَعْرِفُونَ أَنِّى أَنَا أَحْبَبْتُكَ. 10لأَنَّكَ حَفِظْتَ كَلِمَةَ صَبْرِى، أَنَا أَيْضًا سَأَحْفَظُكَ مِنْ سَاعَةِ التَّجْرِبَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَأْتِىَ عَلَى الْعَالَمِ كُلِّهِ لِتُجَرِّبَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ. 11هَا أَنَا آتِى سَرِيعًا. تَمَسَّكْ بِمَا عِنْدَكَ، لِئَلاَّ يَأْخُذَ أَحَدٌ إِكْلِيلَكَ. 12مَنْ يَغْلِبُ، فَسَأَجْعَلُهُ عَمُودًا فِى هَيْكَلِ إِلَهِى، وَلاَ يَعُودُ يَخْرُجُ إِلَى خَارِجٍ، وَأَكْتُبُ عَلَيْهِ اسْمَ إِلَهِى، وَاسْمَ مَدِينَةِ إِلَهِى أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةِ النَّازِلَةِ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ إِلَهِى، وَاسْمِى الْجَدِيدَ. 13مَنْ لَهُ أُذُنٌ، فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ.

العدد 7

ع7:

ملاك الكنيسة: هو القديس كوزرانوس.

فيلادلفيا: مدينة بناها ملك برغامس (فيلادلفس) وأطلق عليها اسمه، وتعرضت لزلازل كثيرة أفقرتها وجعلت سكانها يهجرونها على مدى الأزمان.

القدوس الحى: يقدم السيد المسيح نفسه هنا باسم من أسمائه وصفاته "القدوس" وهى صفة لا تطلق إلا على الله ولا يشترك أحد معه فى هذا اللقب، أى إعلان واضح عن لاهوته، وكذلك هو "الحق" أى الفاحص الأعماق والصادق فى كلامه والعادل فى أحكامه.

له مفتاح داود: تنبأ إشعياء عن المسيح المخلص فقال "أجعل مفتاح بيت داود على كتفيه فيفتح وليس من يغلق ويغلق وليس من يفتح" (إش 22: 21 - 22).

فيؤكد السيد المسيح هنا أنه هو من تكلم عنه إشعياء بالروح القدس، وتعبير "مفتاح داود" يعنى سلطان الملك المطلق والذى بيده كل شئ، فهو يفتح الملكوت وبيت أبيه لمن يريد ويغلقه فى وجه من لا يستحق.

أيضًا يأتى مفتاح داود كإشارة ورمز لعلامة الصليب التى تفتحِ أمام من يرشمها بإيمان أعين الإنسان على الملكوت، وتغلق القلب والحواس أمام الشيطان وعروضه.

كذلك يمكن القول أن هذا المفتاح يرمز إلى السلطان المعطى للكنيسة (مت16: 19) وهو المسمى بسلطان الحل والربط، فهى وحدها امتداد لسلطان سيدها المسيح فى أن تفتح أبوابها للخطاة التائبين وتغلقها أمام من أصروا على ضلالتهم.

العدد 8

ع8:

قوة يسيرة: أى قوة قليلة، وهى إشارة إلى قلة عدد الشعب فى هذه الكنيسة بسبب الزلازل أو قلة إمكانياتها المادية ويمكن القول أيضًا أنها اشارة إلى ضعف صحة أسقفها، فصارت قوته الجسدية يسيرة.

لما كانت هذه الكنيسة بلا شهرة ولا صيت قوى بدأ السيد المسيح حديثه معها بتشجيع كبير لها، فقدم لها نفسه أولاً بأنه صاحب السلطان (ع7) والآن يبشرها بأنه فتح أمامها باب الملكوت الذى لا يستطيع أحد أن يغلقه، ويمتدح أيضًا فى الأسقف وكنيسته إيمانها المتمثل فى حفظ وصايا الله والعمل بها والتمسك باسم الله فى أكثر الظروف صعوبة.

 إلهى الحبيب نشكرك من أعماق قلوبنا على محبتك وتشجيعك لنا، فنحن كلنا من أصحاب القوة اليسيرة والقليلة جدًا ولا نستطيع بدونك فتح باب أو غلق باب ولكن وعودك هى التى تملأ قلوبنا رجاءً.. فتعالَ أيضًا يا سيدى واكمل عملك إلى التمام فى حياة كل أحد منا واجعلنا نتمسك باسمك ووصاياك على الدوام.

العدد 9

ع9:

يهود وليسوا يهودًا: أى المدّعين التدين والغيرة وهم ليسوا كذلك. راجع (ص2: 9). وينطبق هذا الآن على كل من خرجوا عن الإيمان السليم وادَّعوا أنهم مسيحيون أمثال شهود يهوة والأدفنتست وغيرهم، الذين ليس لهم هدف سوى سلب المؤمنين من كنيسة الله... ويصف المسيح هنا كل هؤلاء بأنهم مجمع للشيطان إذ صاروا جنوده ومنفذين لإرادته ضد الكنيسة.

يأتون ويسجدون: تشجيع آخر للكنيسة بألا تخشى هؤلاء الأعداء، فالمسيح وحده القادر على سحقهم وإذلالهم وتبديد مشوراتهم تحت أرجل كنيسته، وسوف يرون ويتأكدون من حبى لك وحمايتى لكنيستك.

العدد 10

ع10:

كلمة صبرى: تعبير معناه أنك تمسكت بكلامى وقت التجارب وظروفك الصعبة.

سأحفظك... التجربة العتيدة: إذ كنت أمينًا فى التجربة الأولى وتمسكت بالإيمان ستكون أيضًا محفوظًا ومحميًا من التجربة الآتية على العالم كله والمقصود بها الاضطهاد الرومانى العنيف فى زمن هذه الكنيسة... ويمكن أيضًا تعميم هذا الوعد للكنيسة فى كل زمان أمام كل الإضطهادات طالما كانت أمينة فى حفظها لوصية الله ولم تحابى أحدًا أو تقبل إيمانًا غريبًا.

العدد 11

ع11:

ها أنا آتى سريعًا: تكرر هذا التعبير أكثر من مرة ويعنى تحذيرًا للمتوانين من قدوم الدينونة العادلة وتشجيعًا للمجاهدين والثابتين على إيمانهم.. (راجع ص2: 5).

تمسك بما عندك: إثبت على ما أنت فيه واحترس من ضياعه فليس معنى مدح وتشجيع الله لنا هو ضمان خلاصنا، لأنه إذا استهترنا وأهملنا خلاصنا لا ننجوا من عقوبة الله ودينونته العادلة ونخسر ملكوت السموات (عب2: 3).

 أخى الحبيب... الآية السابقة تحذرنا جميعًا من خسارة الخلاص المجانى الذى قدمه لنا المسيح، فليس معنى قبولنا الخلاص هو نوال الأبدية، فأذكر كل من يهوذا الذى أضاع إكليله وأخذه متياس الرسول عوضًا عنه واذكر أيضًا البكورية التى أهملها عيسو المتهاون فأخذها يعقوب المستيقط وكذلك ديماس تلميذ بولس الذى خسر كل شئ بتعلقه بالعالم الحاضر (2تى4: 10).

العدد 12

ع12:

اجعله عمودا: أما الغالب والمنتصر فسيكون مكانه ثابتًا "عمودا" وقريبًا منى ومن أبى "فى هيكل إلهى".

لا يعود يخرج إلى خارج: أى من وصل إلى الأبدية لا مجال لخروجه منها ثانية.

أكتب عليه اسم: أى أعلن بوضوح انتسابه لى ولأبى ولملكوت السماوات فيكون مجده معلنًا أمام الجميع.

اسم إلهى... اسم مدينة إلهى: قد يحدث هذا التعبير إلتباسًا عند البعض إذ كيف يكون للمسيح إلهًا يطلق عليه لقب إلهى؟!

المقصود أن المسيح المتجسد نائبًا عن البشرية وكبكر بين إخوة كثيرين يدعو الله "إلهى" وهذا اتضاع عجيب منه ورفع لمستوى المؤمنين المنتصرين أن يكون المسيح واحدًا منهم بتجسده ودعوته معهم لله أنه إلهه. ولا يقصد المسيح أنه أقل من أبيه الذى أعطاه لقب الإله والدليل فى الآتى:

  1. أنه القائل: "أنا والآب واحد" (يو10: 30).

"من رآنى فقد رأى الآب" (يو14: 9).

  1. شهد له الروح القدس: "وكان الكلمة الله" (يو1: 1).
  2. فى سفر الرؤيا نفسه: "أنا هو الألف والياء البداية والنهاية" (رؤ1: 8).

"أنا هو الأول والآخر" (رؤ1: 17).

"أنا هو الفاحص الكلى والقلوب وسأعطى كل واحد بحسب عمله" (رؤ2: 23).

"يفتح ولا أحد يغلق ويغلق ولا أحد يفتح" (رؤ3: 7).

وفى النهاية مما يؤكد المساواة فى تفسير العدد الذى نحن بصدده، فإن المسيح سوف يكتب اسمه على "الغالب" كما سيكتب اسم أبيه عليه وهذا دليل كافى على مساواة الاسمين فى الكرامة والمجد. ولنعود مرة أخرى للمكافأة فى مفهومها الروحى... فمن انتصر وغلب ستكون مكافأته هى اسم الله معلنًا فيه وهو مؤسس مدينة أورشليم السمائية ويحصل أيضًا على اسم المدينة إذ صار مواطنًا أبديًا فيها ويحصل كذلك على اسم المسيح ملكها.

العدد 13

ع13:

هى نفس العبارة التى استخدمها السيد المسيح فى جميع رسائله لكل الكنائس.

(3) كنيسة لادوكية (ع 14 - 22):

14« وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ اللاَّوُدِكِيِّينَ: هَذَا يَقُولُهُ الآمِينُ، الشَّاهِدُ الأَمِينُ الصَّادِقُ، بَدَاءَةُ خَلِيقَةِ اللهِ. 15أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّكَ لَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا. لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِدًا أَوْ حَارًّا. 16هَكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِى. 17لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّى أَنَا غَنِىٌّ، وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِى إِلَى شَىْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِى وَالْبَئِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ. 18أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَشْتَرِىَ مِنِّى ذَهَبًا مُصَفًّى بِالنَّارِ لِكَىْ تَسْتَغْنِىَ، وَثِيَابًا بِيضًا لِكَىْ تَلْبَسَ، فَلاَ يَظْهَرُ خِزْىُ عُرْيَتِكَ. وَكَحِّلْ عَيْنَيْكَ بِكُحْلٍ لِكَىْ تُبْصِرَ. 19إِنِّى كُلُّ مَنْ أُحِبُّهُ أُوَبِّخُهُ وَأُؤَدِّبُهُ. فَكُنْ غَيُورًا وَتُبْ. 20هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ، إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِى وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِى. 21مَنْ يَغْلِبُ، فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِى فِى عَرْشِى، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضًا، وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِى فِى عَرْشِهِ. 22مَنْ لَهُ أُذُنٌ، فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ. ».

العدد 14

ع14:

كنيسة اللاودكيين: كانت مدينة لاودكية أغنى الكنائس السبع وتقع بين مدينتى كولوسى وفيلادلفيا واشتهرت بتجارة الصوف، وأخذت اسمها من اسم "لاودكية" زوجة أنطيخوس الثانى.. وكان غنى هذه الكنيسة المادى هو سبب مشكلتها الروحية كما سنرى.

ملاك الكنيسة: تَعاقَب عليها فى العصر الأول كل من أوريليوس الأسقف ثم سفاريوس الأسقف الشهيد.

هذا يقوله الأمين: "الأمين" هنا هى لقب يخص الله وحده وتأتى بمعنى الحق أو معلن الحق.

الشاهد الأمين الصادق: إذ كانت مشكلة هذه الكنيسة هى الفتور الروحى ومعظم رسالة السيد المسيح لها إنذارًا وتوبيخًا... قدم السيد المسيح ذاته هنا بأنه الشاهد والفاحص لكل الأعمال وهو إن حكم فحكمه نهائى لأنه أمين وصادق، فهو ليس كالبشر الذين تنقصهم المعلومات إن حكموا أو قد تختلف ضمائرهم بسبب المحاباة أو الميول عند الحكم على أحد.

بداءة خليقة الله: أى رأس وصاحب وبادئ الخليقة كلها كما قال القديس يوحنا فى إنجيله "به كان كل شئ وبغيره لم يكن شئ مما كان.." (يو1: 3).

لأن هذه الكنيسة تعانى من الفتور الروحى، يعلن الله نفسه لها أنه الحق والصادق ورأس وبادئ كل الخلائق، فهو العادل الفاحص لكل شئ ولا يقبل هذا التراخى.

العدد 15

ع15:

كانت كثرة المال السبب الأساسى فى تراخى كنيسة لاودكية، فطلبت المسرة المادية وحياة الترف وتركت الطريق الملوكى وهو حمل الصليب وراء سيدها فوقعت فى الفتور الروحى.

لست باردًا ولا حارًا: أى تشخيص إلهى محدد لمرض هذه الكنيسة فهى ليست فى الحرارة الروحية وروحانية العبادة وليست أيضًا باردة بمعنى أنها لا تعترف بخطيتها وتشعر بها.

ليتك كنت باردًا أو حارًا: فمن يعترف ويقر ببرودته أى خطاياه قد تتحرك فيه أشواق التوبة نحو الله، كما حدث مع زكا والسامرية والمرأة الخاطئة ومتى الرسول الذى كان عشارًا، ومن هو حار فلا خوف عليه... ولكنك لست هذا ولا ذاك... وكلمة "ليتك كنت باردًا" تكشف لنا خطورة الفتور والخداع الروحى إذ أنه أمام الله أسوأ من حياة الخطية ذاتها لأن الفاتر مخدوع فى نفسه ومكتفى بما هو فيه فلا يقدم توبة.

العدد 16

ع16:

استخدم الرب هنا تعبيرًا ماديًا ليقرب لأذهاننا خطية الفتور وحال الفاتر.. فكما أن هناك من الطعام ما يؤكل ساخنًا (حارًا)، وأنواع تؤكل باردة ومستساغة، فإن الطعام الفاتر هو ما لا تقبله النفس بل تلفظه.. هكذا فالإنسان الفاتر لا طعم له أمام الله.

العدد 17

ع17:

يوضح السيد المسيح هنا سبب مرض وخطية الفتور، إذ دخل الإحساس بالذات والغنى قلب هذه الكنيسة، وشعرت بتميزها بين الكنائس فانزلقت فى الإفتخار بغناها واعتمدت عليه حتى أنها لم تشعر باحتياجها الحقيقى إلى الله مخلصها.

لست تعلم أنك: أما الحقيقة فهى إنك لست كما ترى نفسك بل كما أحكم عليك أنا، وأنا أحكم عليك (أيها الفاتر) بأنك:

شقى: من الشقاء أى أنك بلا سعادة حقيقية وفرح داخلى بالرغم من أموالك.

بئس: لأنك تخليت عن شركتك الإلهية فصرت تعيسًا وفى حالة سيئة هنا وهالكًا هناك (الأبدية).

فقير: المقصود هو الفقر الروحى بعكس كنيسة سيمرنا التى كانت فقيرة ماديًا ومدح الرب غناها الروحى.

أعمى: أى لا ترى حقيقة أمرك.

عريان: إذ استغنيت عن نعمتى واعتمدت على ما عندك، فارقتك نعمتى فصرت عريانًا بلا نعمة، معوزًا ولا تجد ما يسترك أمامى.

العدد 18

ع18:

أشير عليك: أى أقدم لك علاجًا... ويلاحظ أن كلمة "أشير" تعنى أن الله يقدم نصيحة للجميع ولكنه لا يلزم أحد بقبولها.. ولكن على الإنسان أن يتحمل نتائج اختياراته... بقبول أو رفض وصايا الله.

تشترى منى ذهبًا: أول الثلاث علاجات التى قدمها السيد لهذه الكنيسة؛ فأنا وحدى مصدر العطاء، فاترك ما تتكل عليه من ذهب الأرض فما كان من ورائه سوى بعدك وفتورك فأنا المصدر الوحيد لغناك... والذهب المصفى بالنار يرمز لغنى الحياة الروحية، ويرمز أيضًا للمسيح ذاته إذ هو وحده الذهب الخالص والمصفى بنار الصليب ليقدم لنا الخلاص.

ثيابًا بيضًا: العلاج الثانى، وهو أنه عليك أن تلتحق وتكتسى بالطهارة الداخلية فلا تخزى من عريك أمامى يوم الدينونة.

كحل عينيك: أى استجب لنداءات وتوبيخات الروح القدس فهو المسئول عن البصيرة الروحية للإنسان ولهذا من ألقاب الروح القدس فى كنيستنا "روح الاستنارة".

الخلاصة: يمكن تلخيص علاج خطية الفتور فى الآتى..

  1. الإلتجاء إلى الله وإعلان فقرى الروحى فأقتنى الله ذاته (الذهب المصفى).
  2. الجهاد من أجل طهارة القلب التى لن يعاين أحد بغيرها المسيح.
  3. الإستماع والاستجابة والطاعة لروح الله القدوس فى حياتنا وطاعة وصية وإرشاد الآباء.

العدد 19

ع19:

لما كان كلام الرب لهذا الأسقف ولهذه الكنيسة كلامًا شديدًا وإنذارًا صعبًا يعود هنا ويوضح أن سبب كل كلامه هو الحب، فكما يؤدب الأب أولاده ولو بالتوبيخ الشديد أحيانًا، فإن كل ما يرجوه هو توبتهم وعودتهم عن ضلالهم حتى يتمتعوا بالحياة معه ولا يفقدوا خلاصهم، ويؤكد هذا المعنى أيضًا القديس بولس فى رسالته للعبرانيين "الذى يحبه الرب يؤدبه" (عب12: 7).

كن غيورًا.. وتب: أى عليك أن تهتم بخلاص نفسك وتبذل فى ذلك الجهد وإرجع بالتوبة إلى سيرتك الأولى.

العدد 20

ع20:

ها أنا واقف على الباب وأقرع: تصوير جميل للغاية يوضح ما سبق شرحه أن الله يحترم إرادة الإنسان فلا يفتح الباب عنوة، ويصور أيضًا طول أناة الله علينا وصبره إذ لازال واقفًا يترجى أن يجيب الإنسان على نداءاته ويفتح له "(نش5: 2).

إن سمع أحد... وفتح: لا يكفى أن يسمع الإنسان صوت الله وإفتقاد نعمته له بل عليه أن يقوم ويفتح أى يجاهد بإرادة صادقة ويترك كسله ليملك المسيح على بيته أى قلبه.

أتعشى معه وهو معى: يشترك مع المسيح فى طعام واحد وهذه الوحدانية تتم بتناول جسد المسيح ودمه والشبع بكلامه المقدس.

 ما أروع محبتك لى يارب حتى صار العشاء معى أنا الخاطى هو شهوة قلبك (لو22: 15) "فأنت الواقف تترجى الدخول حتى أفتح قلبى فتصير كلك لى وأنا بكاملى لك وتجمعنا مائدة محبتك الغير محدودة... أليس هذا ما تقدمه لى كل يوم على مذبحك المقدس... فياليتنى أفتح قلبى دائمًا بالتوبة حتى تدخل يا عريس نفسى وتتعشى معى ولا تفارقنى أبدًا...

العدد 21

ع21:

يجلس فى عرشى: وهى مكافأة الغالب التائب عندما يتخلص من فتوره، فالمسيح يعده بمكافأة تفوق كل فكر وكل خيال...! إذ كيف يتسنى لنا أن نجلس مع الله فى عرشه أى فى مجد ملكوته!! أليس هذا سرًا عجيبًا؟... وهناك شئ آخر يوضح لنا قوة التوبة وفاعليتها... فمن هو الذى سيجلسه المسيح معه... أنه نفس من كان مزمعًا أن يتقيأه من فمه، فيالعظمة مراحم الله وفاعلية التوبة! فهو لا يغفر للخطاة فقط بل يكافئهم بما هو فوق توقعاتهم أو استحقاقاتهم.

كما غلبت أنا وجلست: كلام تشجيعى أخير يحثنا فيه السيد على الغلبة والنصرة فقد جاز الآلام والموت وخرج منتصرًا وأعطى أبناءه المؤمنين أيضًا القدرة على هذا بمساندته لهم. ولأنه بجسدنا قد غلب "ثقوا أنا قد غلبت العالم" يو16: 33، فنحن أيضًا فيه سوف نغلب ونجلس معه فى عرشه وعرش أبيه.

العدد 22

ع22:

من له أذن: الخاتمة المعتادة لكل الرسائل حتى نسمع ونعمل بما سمعناه.

 أخى الحبيب: إن الدرس المستفاد من كنيسة اللاودكيين هو عدم الإنشغال بالماديات والتباهى بها. فعلينا إذًا أن نحرص على إرضاء الشاهد الأمين الفاحص لأعماق القلب بدلاً من أن نقضى معظم عمرنا فى محاولة إرضاء ذواتنا أو إرضاء الآخرين على حساب إرضاء أبديتنا... فما أخطر خطية الفتور وعقوبتها... إرحمنا يا إلهى كعظيم رحمتك.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

تفاسير سفر الرؤيا - الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ
تفاسير سفر الرؤيا - الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ