الأصحاح الأول – تفسير إنجيل متى – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: انجيل متى – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الأول

الأعداد 1-17

آية مت (1 - 17): -

3 - ميلاد السيد المسيح.

ولادة المسيح بالجسد.

مقدمة عن معاني الأرقام في الكتاب المقدس.

دراسة في سلسلة أنساب السيد المسيح.

هناك سلسلتان لنسب المسيح إحداهما في (مت1: 1 - 17) والأخرى في (لو23: 3 - 38).

ونلاحظ فيهما الآتي:

أنكرت بعض الهرطقات حقيقة التأنس، مدعية أن المسيح قد ظهر كخيال أو وهم إذ يكرهون الجسد ويعادونه كعنصر ظلمة. فذكر الأنساب إنما هو تأكيد لحقيقة التجسد الإلهي. وقد أظهرت سلسلتا الأنساب في متى ولوقا أن المسيح اشترك في طبيعتنا حتى لا يقول أحد أنه ظهر كخيال أو وهم.

متى كان يكتب لليهود فأراد أن يثبت لهم أن يسوع المسيح هو المسيا الذي ينتظرونه، المسيا الملك المنتظر، لهذا يفتتح سلسلته بقوله المسيح ابن داود ابن إبراهيم. فمتى ترك كل الأسماء ليذكر داود وإبراهيم لأن الله وعدهما صراحة بالمسيح. إذ قال لإبراهيم "ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض" (تك18: 22). ولداود "من ثمرة بطنك أجعل على كرسيك" (مز11: 132 + 2صم12: 7 + إش1: 11 + أر5: 23).

أهمية ذكر إبراهيم أنه بإبراهيم بدأت قصة الخلاص. فالله اختار إبراهيم ليأتي منه المسيح. وأهمية ذكر داود الملك أنه سيأتي منه المسيح ملك الملوك.

تأمل: المسيح سمح لنفسه أن يُدعى ابن داود وهو عبد للمسيح لنصير نحن العبيد أبناء لله. أما لوقا فكتب للأمم لذلك وصل في أنسابه لآدم ابن الله الذي منه تفرع العالم كله يهوداً وأمم، فالمسيح ضم البشرية كلها للبنوة لله.

سلسلة نازلة وسلسلة صاعدة: يلاحظ أن متى إنحدر بالأنساب إلى يوسف مبتدئاً بإبراهيم. أما لوقا فصعد بها من يوسف إلى آدم. ويشرح أغسطينوس هذا بقوله: إن متى الذي ينحدر بالأنساب يشير إلى الرب يسوع المسيح الذي نزل ليحمل خطايانا، لذلك يقول أن فلان ولد فلاناً ليشير إلى تسلسل الخطية إلينا خلال الولادات البشرية. وقد جاء السيد المسيح الذي بلا خطية ليحمل خطايا الأجيال كلها. أما لوقا فقد صعد بالأنساب من المسيح إلى آدم، إذ تأتي الأنساب بعد المعمودية ليعلن عطية الرب خلال المعمودية، فهو يرفعنا ويردنا إلى حالتنا الأولى "آدم ابن الله" (لو37: 3). متى يتحدث في سلسلة نسبه قبل أحداث العماد ليعلن أن كلمة الله المتجسد هذا وإن كان بلا خطية وحده لكنه جاء من نسل خاطئ ليحمل عنا الخطايا التي ورثناها أباً عن جد لهذا جاء الترتيب تنازلياً فهو يعلن المسيا حامل خطايانا، ولوقا الذي التزم بالترتيب التصاعدي يعلن تمتعنا بالبنوة لله في المسيح. لذلك لاحظنا أن لوقا لم يذكر سلسلة أنسابه في أول إنجيله بل بعد ذكر عماد الرب من يوحنا، لأن الرب أخذ خطايانا وحملها ليرفعها عنا ويكفر عنا بتقديس المعمودية ويوحدنا به وبذلك يرفعنا إلى البنوة لله.

نلاحظ اختلاف النسب في القائمتين ومرجعه أن متى وهو يعلن عن السيد المسيح كحامل لخطايانا يذكر النسب الطبيعي، حسب اللحم والدم، أي يذكر الأب الطبيعي حسب التناسل الجسدي الذي به ورثنا الخطية "بالإثم حبل بي وبالخطايا ولدتني أمي.." (مز51). أما لوقا إذ يعلن عن بنوتنا لله في المسيح يسوع يذكر النسب الشرعي، حيث يمكن لإنسان أن ينتسب لأب لم يولد منه جسدياً. وهذا يحدث بحسب الشريعة حين يموت إنسان بلا وَلَدْ فتتزوج إمرأته من الولى الشرعى لها، ويكون الولد الأول منسوباً للميت حسب الشريعة (راجع قصة راعوث). ولوقا يهتم بالتبني أو النسب الشرعي لأن الآب تبنانا بالمعمودية في ابنه فصرنا إخوة للمسيح وشركاء له في الميراث. وأيضاً من أمثلة التبني التي سنجدها في سلسلة نسب لوقا أن يتبنى الجد أحفاده كما في حالة يعقوب الذي نسب أولاد يوسف الاثنين له، افرايم ومنسى.

متى: - المسيح حامل خطايانا / النسب الطبيعى / بالتناسل الجسدى ورثنا الخطية.

لوقا: - بنوتنا لله فى المسيح / النسب الشرعى / الآب تبنانا بالمعمودية فى ابنه.

جاء النسب خاصاً بالقديس يوسف لا القديسة مريم، مع أن المسيح ليس من زرعه، ذلك أن الشريعة الموسوية تنسب الشخص للأب وليس للأم كسائر المجتمعات الأبوية التي تفعل نفس الشئ.

لم يذكر النسب أسماء نساء عظيمات يفتخر بهن اليهود كسارة ورفقة وراحيل إنما ذكر ثامار التي إرتدت ثياب زانية (تك38) وراحاب الكنعانية الزانية (يش1: 2) وبثشبع التي يلقبها "التي لأوريا" لخطيتها مع داود ليكشف أن طبيعتنا التي أخطأت وسقطت هي التي جاء المسيح لعلاجها، إنسانيتنا هذه التي مرضت جاء ليشفيها، وهذه التي سقطت جاء ليقيمها. هو جاء من خاطئات ووُلِد منهن لأنه جاء لأجل الخطاة ليمحو خطايا الجميع.

ذكر معلمنا متى في النسب بعض النساء الأمميات مثل راعوث الموآبية وراحاب الكنعانية، ليعلن أنه جاء من أجل البشرية كلها ليخلص الأمم كما اليهود. وصارت راعوث رمزاً لكنيسة الأمم التي تركت بيت أبيها ووثنيته وعاداته الشريرة والتصقت بكنيسة الله وقبلت العضوية فيها، وقد نفذت قول المزمور "إنسي شعبك وبيت أبيك لأن الملك اشتهى حسنك" (مز11: 45 - 12).

من بين أسلاف المسيح أشخاص لهم إخوة، ويلاحظ أن السيد جاء بصفة عامة منحدراً لا من الأبناء البكر بل ممن هم ليسوا أبكاراً حسب الجسد مثل إبراهيم واسحق ويعقوب ويهوذا وداود.. لقد جاء السيد المسيح ليعلن أن البكورية لا تقوم على الولادة الجسدية وإنما على استحقاق الروح. لقد فقد آدم بكوريته بسبب الخطية، وجاء السيد المسيح آدم الأخير ليصير بكر البشرية كلها وفيه يصير المؤمنون أبكاراً (عب23: 12).

ذكر معلمنا متى في نسب السيد المسيح فارص دون زارح. ولقد أخرج زارح يده أولاً بكونه الابن البكر لكنه لم يولد أولاً بل تقدمه فارص فإحتل مركزه. ونعم بالبكورية. هكذا ظهر اليهود أولاً كبكر للبشرية لكنهم حرموا من البكورية وتمتع بها الأمم عوضاً عنهم. ففارص صار يمثل كنيسة الأمم التي صارت بكراً باتحادها بالمسيح البكر، وزارح صار يمثل اليهود الذين فقدوا البكورية برفضهم الاتحاد مع البكر، أو كما قيل بهوشع النبى "إثم أفرايم مصرور، خطيته مكنوزة. مخاض الوالدة يأتى عليه، هو ابن غير حكيم، إذ لم يقف فى الوقت فى مولد البنين" (هو13: 12، 13) وهذا يعنى أنهم رفضوا الإنضمام للكنيسة التى ولدت يوم الخمسين برفضهم للمسيح فإستمرت خطيتهم ملتصقة بهم.

ذكر متى سبي بابل ولم يذكر عبوديتهم في مصر فنزولهم لمصر لم يكن لهم ذنب فيه ولكن سبيهم إلى بابل كان سببه خطاياهم وكان عقوبة لهم.

متى يكرر كلمة ولد ليشير لتسلسل الخطايا إلى المولود. ولوقا يكرر كلمة ابن إشارة للبنوة، بنوتنا لله التي اكتسبناها بالتجسد.

فيما يلي خريطة لسلسلة متى وسلسلة لوقا نرى فيها الأسماء المشتركة والتي بينها خلاف.

هالي ويعقوب ويوسف.

يوسف خطيب العذراء مريم هو ابن يعقوب بالجسد. وهالي هو أبو العذراء مريم أو جدها (حسب ما يذكر التلمود اليهودي وكتب اليهود). وحينما تزوج يوسف من العذراء نُسِبَ لهالي. وهالي إذا كان والد العذراء مريم وليس جدها فهو اسم ثانٍ لاسم يواقيم. ووالد العذراء مريم أنجب بنتاً ثانية هي سالومة زوجة زبدي وأم يوحنا الحبيب ويعقوب. ووالد العذراء مريم لم يكن له ابن لذلك دُعِىَ يوسف خطيب مريم ابناً له. وقد حدث هذا (راجع نح63: 7) فهقوص تسمى باسم حميه برزلاي الجلعادي. وراعوث أصبحت بنتاً لنعمى. فيمكن أن ينسب الرجل لحميه. والبنت لحماتها أو حميها.

وهناك رأي آخر يقول أن اليهود كانوا إذا تعذر عليهم معرفة الأب ينسبون الطفل لجده أبو أمه. ولذلك قال لوقا أنه على ما كان يظن ابن يوسف ابن هالي. ويوسف كان قريباً للعذراء مريم وكلاهما من سبط يهوذا ومن نسل داود الملك. وكانت عادة عند اليهود أن يزوجوا ويتزوجوا من الأقارب.

وبهذا نرى أن سلسلة أنساب لوقا هي سلسلة أسلاف العذراء أم المسيح.

وسلسلة أنساب متى تضمنت نسب يوسف أبو المسيح بالتبني.

وهذه وتلك لم تشر للعذراء فاليهود ما كانوا يدخلون النساء في جداول نسبهم. وكانوا إذا انتهت العائلة بامرأة أدخلوا قرينها في النسب واعتبروه ابن والد قرينته.

ولاحظ أغسطينوس أن لوقا يقول يوسف ابن هالي ولم يقل هالي ولد يوسف كما قال متى يعقوب ولد يوسف. ورأي في هذا أن يوسف منسوب لهالي دون أن يكون بالضرورة أباه الحقيقي. فمتي يهتم بالبنوة الطبيعية ولوقا يهتم بالبنوة الشرعية أو التبني. ولاحظ أن متى الذي يهتم بأن يثبت أن المسيح ملك اليهود يسير وراء خط يعقوب الذي يصل للنسل الملكي عن طريق سليمان.

سليمان وناثان.

ناثان هو الأخ الأكبر لسليمان (1أي5: 3) وكلاهما أولاد بثشبع. ولكن لأن متى مهتم بالخط الطبيعي، نجده يتتبع خط الولادة الجسدية لشألتئيل من يكنيا (أنظر نقطة 15) ويكنيا من نسل سليمان جسدياً، أما لوقا فيتتبع النسل الشرعي لشألتئيل.

شألتئيل وزربابل.

شألتئيل هو الابن الحقيقي ليكنيا. "يكنيا ولد شألتئيل" (مت12: 1). وفي (لو27: 3) نجد شألتئيل بن نيري. وهذه المشكلة لها نفس حل مشكلة يوسف ويعقوب وهالي. فشألتئيل غالباً تزوج من ابنة نيري فنسب له، ونيري هذا من ذرية ناثان.

وزربابل هو والي اليهودية بعد العودة من سبي بابل. وزربابل هو الابن الحقيقي لشألتئيل حسب قول متى "وشألتئيل ولد زربابل" (12: 1). ولكن في (1أي19: 3) نجد زربابل ابناً لفدايا وهذه المشكلة لها حل من اثنين:

حسب شريعة اليهود إذا مات رجل دون أن يكون له ولد تتزوج أرملته ولي المرأة أي أقرب رجل للمتوفي سواء أخيه أو أقرب شخص. والمولود الأول ينسب للمتوفي، وفي بعض الأحيان ينسب للولي لشهرته (كما حدث في قصة راعوث وبوعز). وهنا نفهم أن فدايا وشألتئيل أحدهما والد زربابل بحسب الجسد والآخر بحسب الشريعة.

هناك حل آخر أن شألتئيل والد فدايا وفدايا والد زربابل وينسب زربابل أحياناً لفدايا وفي أحيان أخرى لشألتئيل.

الأسماء الأربعة المحذوفة من سلسلة متى.

1 - أخزيا (2مل29: 8) 2) يوآش (2مل2: 11 - 20: 12).

3 - أمصيا (2مل8: 14 - 20) 4) يهوياقيم (2مل36: 23 - 6: 24).

والثلاثة الأول جاءوا بعد يهورام، بينه وبين عزيا، وهؤلاء ربما حذفوا من سلاسل النسب لأنهم من نسل إيزابل الشريرة وأخاب، وإيزابل هي بنت أثبعل ملك الصيدونيين (1مل31: 16). وقد أبدى الله السخط الزائد على هذه الأسرة، لذلك أسقطتهم سلاسل النسب اليهودية، ومتى نقل عن السلاسل كما وجدها، فهو التزم بسلاسل النسب التي بين أيدي اليهود.

أما يهوياقيم فهو ملك شرير مزق كتاب أرمياء ولا يذكر اسمه في سلاسل النسب اليهودية إلا نادراً (2أي8: 36) والتلمود اليهودي يقر حذف أسماء الأشرار.

ثلاثة مجموعات في سلسلة نسب متى.

قسم متى سلسلة نسب المسيح إلى ثلاث مجموعات كل منها 14 جيل وهي كالآتي:

هم ثلاثة مجموعات ورقم (3) يشير للكمال الإلهي:

المجموعة الأولي: تبدأ بإبراهيم الذي له الوعد بالأرض (تك15) وتنتهي نهاية سعيدة بتنفيذ هذا الوعد وقيام مملكة داود. وداود له وعد هو أيضاً بالعرش له ولأبنائه. هنا نرى قصد الله. فالله دعا إبراهيم ليرث الأرض ويملكها وهذا تحقق في داود تماماً. كما خلق الله آدم ليرث ويملك ويسود بسلطان.

المجموعة الثانية: تبدأ بسليمان الذي أسس الهيكل ولكنه أدخل العبادة الوثنية، ومن ثم تسللت هذه العبادة لإسرائيل ولذلك انتهت هذه المجموعة بالسبي وخراب أورشليم والهيكل وسبى يكنيا. وهذه المجموعة تظهر فشل الإنسان ممثلاً في سليمان، الذي أعطاه الله كل شئ. فسليمان أعطاه الله حكمة ومجد وغني وسلام (سفر الجامعة + 1مل) وما حصل عليه سليمان لم يحصل عليه أحد قط. وهكذا آدم خلقه الله في جنة.. وماذا كانت النتيجة، فشل آدم... وهكذا فشل سليمان وخربت المملكة وسقطت بيد بابل (الذي يرمز للشيطان الذي استعبد الإنسان) (رو20: 8) "الخليقة أسلمت للباطل.. من أجل الذي أخضعها على الرجاء" ولذلك نجد في نهاية المجموعة الثانية ملكاً في السبي. وهذا هو حال البشرية قبل المسيح.

المجموعة الثالثة: تبدأ بعد السبي بيكنيا أيضاً الذي انتهت به المجموعة الثانية وتنتهي هذه المجموعة بميلاد المخلص. فيكنيا الملك نرى فيه الرجاء مجسداً، الذي أشار إليه بولس الرسول في (رو20: 8). فبعد أن ذهب يكنيا إلى السبي نجد أن أويل مرودخ ملك بابل رفع رأس يهوياكين ملك يهوذا من السجن وكلمه بخير وجعل كرسيه فوق كراسي الملوك الذين معه في بابل. وغيَّر ثياب سجنه، وكان يأكل الخبز أمامه كل أيام حياته (2مل28: 25 - 29). هذا هو الرجاء الذي تبدأ به المجموعة الثالثة، الرجاء للبشرية الخاضعة للعبودية. ولكن كيف يتحقق هذا الرجاء، هذا ما انتهت به المجموعة الثالثة أي ميلاد المخلص.

لذلك فالمجموعات الثلاث يشيروا لقصة معاملات الله مع الإنسان. في المجموعة الأولى نرى قصد الله وتحقيقه، وفي الثانية نرى فشل الإنسان وأنه سُلِّم للباطل على رجاء. وفي الثالثة نرى الرجاء يصبح حقيقة ويولد مخلص العالم.

كل مجموعة 14 جيل.

قصد معلمنا متى واضح أنه يريد أن تكون كل مجموعة 14 جيل ولذلك.

أسقط 4 ملوك من المجموعة الثانية.

وضع يكنيا في آخر المجموعة الثانية وبداية المجموعة الثالثة.

ورقم 14 = 7×2 فإذا فهمنا أن 7 تشير للإنسان الكامل ورقم 2 يشير للتجسد ففي رقم 14 إشارة للمسيح الإنسان الكامل المتجسد. وبهذا التجسد ستعتق البشرية من عبودية الفساد إلى حرية مجد أولاد الله (رو21: 8). بعد أن كانت في خلاف مع الله وفي إنقسام (رقم2) فالمسيح جعل الاثنين واحداً.

بدون تكرار يكنيا يصبح ترتيب المسيح في مجموعته رقم 13 وهو رقم يشير للخطية والعصيان، ولكنه صار يشير للكفارة. وكما يقول بولس الرسول "لأنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه" (2كو21: 5).

تكرار اسم يكنيا.

انتهت المجموعة الأولى بسبي يكنيا، وبدأت الثالثة برفع يكنيا، والفارق بين المجموعتين هو سبي بابل رمز لسقوط الإنسان تحت عبودية إبليس بسبب الخطية. ولكننا نرى يكنيا حين رُفِعَ، تم رفعه في بابل الوثنية وهذا يعني أن الخلاص سيتم هنا ونحن على الأرض. وكان تكرار اسم يكنيا فيه إشارة لسقوط الإنسان وسقوط دولة اليهود ثم قيام الكنيسة التي تضم الأمم واليهود ثانياً. وتكرار اسم يكنيا مرتين لأنه يرمز إلى المسيح الذي انتقل من اليهود إلى الأمم. والمسيح هو حجر الزاوية (مز22: 118) الذي يربط الحائطين معاً. وحجر الزاوية الذي رفضه البناءون هو إشارة للمسيح الذي رفضه اليهود. وحجر الزاوية لابد وأن يحصى مرتين مرة مع هذا الحائط. ومرة أخرى مع الحائط المربوط معه بحجر الزاوية.

أرقام سلسلة نسب لوقا.

سلسلة أسماء لوقا تشمل 77 اسماً وأحد طرفيها الله والآخر هو المسيح. فهو الأول والآخِرْ.

77 = 7×11.

رقم 7 يشير للإنسان الكامل من ناحيتين.

7 = 3 + 4: 3 تشير للروح المخلوقة على صورة الله.

: 4 يشير للجسد المأخوذ من تراب الأرض.

ويشير للمسيح الإنسان الكامل: الله (3 مثلث الأقانيم) أخذ جسداً من الأرض (4).

7 = 6 + 1: 6 تشير للإنسان الناقص.

: 1 تشير لله فالإنسان لا يكمل إلا باتحاده مع الله.

وبهذا أيضاً يشير للمسيح بلاهوته المتحد بناسوته.

ورقم 11 يشير للخطية والتعدي على وصايا الله.

وضرب الرقمين يمثل خطايا الخليقة كلها والتي حملها المسيح وغفرت بموته وشفاعته الكفارية وبالمعمودية والتوبة اللتان لهما قوتهما من دم المسيح الإنسان الكامل (7). ولذلك فمجموعة لوقا تصاعدية، متصاعدة إلى الله، وبالمعمودية يصطلح الله مع شعبه عندما تغسل خطاياهم "الذى صالحنا لنفسه بيسوع المسيح" (2كو5: 18). لذلك فمجموعة لوقا أتت بعد قصة معمودية المسيح. ولاحظ أن رقم (7) موجود مع المجموعة التصاعدية. فعمل المسيح الفدائي يكمل الإنسان ليحمله لحضن الآب، لهذا فطرفي مجموعة لوقا هما المسيح رأس الكنيسة والآب الذي يحمل الابن كنيسته إلى حضنه.

سلسلة نسب القديس متى.

متى ذكر 41 اسم مبتدئاً من إبراهيم حتى المسيح. وبإضافة 21 إسم ذكرهم لوقا ولم يذكرهم متى وهم ما قبل إبراهيم. وبإضافة الأربعة الأسماء الناقصة يصير عدد أسماء قائمة متى (41 + 21 + 4) = 66 اسماً.

66 = 6×11...... 6 (رقم الإنسان غير الكامل)، 11 (رقم الخطية).

ومجموعة متى تنازلية، فنرى أن هذا الرقم هو سبب تنازل المسيح وتجسده ألا وهو نقص طبيعتنا وتمردنا وفشلنا. هذا ما جعل المسيح يصير خطية لأجلنا. ولقد لاحق رقم 6 المسيح فهو صلب في اليوم السادس والساعة السادسة، بل البشارة به كانت في الشهر السادس لأليصابات (لو26: 1). ونلاحظ أن رقم 6 هو مع المجموعة التنازلية.

ونلاحظ أن أسماء متى وحدها كانت 41 شاملة اسم المسيح، وبدون المسيح يصير عدد الأسماء 40 ورقم 40 يشير لفترة أو مهلة تعطى لنا إما يعقبها غفران وبركة أو يعقبها رفض ولعنة. الغفران والبركة لمن يقدم توبة واللعنة لمن لا يجاهد ويتوب. ولذلك رأينا المهلة المعطاة لنينوى 40 يوم ولكنهم تابوا فغفر لهم الله، وبنى إسرائيل تاهوا 40سنة في البرية ثم دخلوا أرض الميعاد إذاً في هذا إشارة لفترة غربتنا على الأرض التي يعقبها إما خلاص أو هلاك. والمسيح وموسى وإيليا صاموا 40 يوماً. ولكن نلاحظ أن الرقم هو 41 وليس40. فنحن مهما جاهدنا بدون المسيح فلا فائدة.

نبوة دانيال إصحاح 9 تلخص المجموعة الثالثة لمتى فكان دانيال مصلياً ومنتظراً إتمام فترة السبي (الـ70 سنة) التي تنبأ عنها إرمياء. وإذ به يسمع من الله أن هناك ما هو أهم بعد 70 أسبوع سنين أي 490سنة، وذلك أن المسيح سيولد حتى يخلص العالم من سبيه لإبليس، وهذا أهم من نهاية سبي بابل.

ملاحظات على سلاسل الأنساب.

كان اليهود يحفظون جداول الأنساب ويهتمون بها جداً وبغاية الاعتناء والتدقيق، فهم أولاً ينتظرون المسيح الذي قد يأتي من أي منهم، ولكنهم كانوا يعلمون أنه من نسل داود. وثانياً فهم يستوطنون في أراضي إسرائيل بحسب أسباطهم. وقد حفظت التوراة نفسها هذه السلاسل حتى الأسر البابلي ومنها نستدل على نسب المسيح. أما اليهود فاستمروا بعد السبي مهتمين بهذه الأنساب، وهذا ما يسجله يوسيفوس المؤرخ اليهودي الذي يقول [حافظ اليهود على سلاسل الأنساب الخاصة بهم وبعائلاتهم حتى بعد أن تشتتوا]. وهذه السلاسل لها استخدام أيضاً في المواريث. ولكن هذه الأنساب فقدت بعد خراب أورشليم سنة 70م.

بالرغم من وجود خلافات ظاهرية بين سلسلتي نسب متى ولوقا فإن اليهود أنفسهم لم يشككوا فيهم، في القرن الأول، ولو كان هناك أي شبهة شك لهاجمها اليهود. ولكنهم لم يفعلوا فهم يعلمون صحتها.

يثير البعض مشكلة حول قول متى "ويوشيا ولد يكنيا وإخوته عند سبي بابل" ويقولون أن يوشيا كان قبل سبي بابل، وأنه مات قبل سبي بابل الرابع وخراب أورشليم بحوالي 20سنة. والرد على هذا بسيط فيوشيا بموته بدأت مملكة يهوذا في الإنهيار السريع دينياً وسياسياً. فحرب يوشيا ضد نخو ملك مصر ثم موت يوشيا أتى بالنفوذ المصري على يهوذا، وانتهى هذا بالسبي الأول لبابل بعد موت يوشيا بثلاث سنوات. وكانت هذه الفترة فترة سوداء في تاريخ المملكة. ومتى يقصد أن نهاية مملكة يهوذا قد بدأت بموت يوشيا.

يثير البعض أيضاً مشكلة حول أبيهود ابن زربابل ففي (1أي19: 3) نجد أن لزربابل خمسة أبناء ليس بينهم اسم أبيهود. وحل هذا الإشكال سهل فمن المعروف أن اليهود كانوا يستعملون إسمين مثل عيسو / أدوم = يعقوب / إسرائيل - بطرس / سمعان - برثولماوس / نثنائيل - بولس / شاول. ورواية متى منقولة من السجلات ولم يعترض اليهود عليها.

سلسة متى وسلسلة لوقا مختلفتين لكن كلاهما أشار لأن المسيح هو ابن إبراهيم وابن داود وهذا هو المطلوب.

الإصحاح الأول الأيات (1 - 17) أنظر ما سبق.

1كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ: 2إِبْراهِيمُ وَلَدَ إِسْحاقَ. وَإِسْحاقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يَهُوذَا وَإِخْوَتَهُ. 3 وَيَهُوذَا وَلَدَ فَارِصَ وَزَارَحَ مِنْ ثَامَارَ. وَفَارِصُ وَلَدَ حَصْرُونَ. وَحَصْرُونُ وَلَدَ أَرَامَ. 4 وَأَرَامُ وَلَدَ عَمِّينَادَابَ. وَعَمِّينَادَابُ وَلَدَ نَحْشُونَ. وَنَحْشُونُ وَلَدَ سَلْمُونَ. 5 وَسَلْمُونُ وَلَدَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَابَ. وَبُوعَزُ وَلَدَ عُوبِيدَ مِنْ رَاعُوثَ. وَعُوبِيدُ وَلَدَ يَسَّى. 6 وَيَسَّى وَلَدَ دَاوُدَ الْمَلِكَ. وَدَاوُدُ الْمَلِكُ وَلَدَ سُلَيْمَانَ مِنَ الَّتِي لأُورِيَّا. 7 وَسُلَيْمَانُ وَلَدَ رَحَبْعَامَ. وَرَحَبْعَامُ وَلَدَ أَبِيَّا. وَأَبِيَّا وَلَدَ آسَا. 8 وَآسَا وَلَدَ يَهُوشَافَاطَ. وَيَهُوشَافَاطُ وَلَدَ يُورَامَ. وَيُورَامُ وَلَدَ عُزِّيَّا. 9 وَعُزِّيَّا وَلَدَ يُوثَامَ. وَيُوثَامُ وَلَدَ أَحَازَ. وَأَحَازُ وَلَدَ حِزْقِيَّا. 10 وَحِزْقِيَّا وَلَدَ مَنَسَّى. وَمَنَسَّى وَلَدَ آمُونَ. وَآمُونُ وَلَدَ يُوشِيَّا. 11 وَيُوشِيَّا وَلَدَ يَكُنْيَا وَإِخْوَتَهُ عِنْدَ سَبْيِ بَابِلَ. 12 وَبَعْدَ سَبْيِ بَابِلَ يَكُنْيَا وَلَدَ شَأَلْتِئِيلَ. وَشَأَلْتِئِيلُ وَلَدَ زَرُبَّابِلَ. 13 وَزَرُبَّابِلُ وَلَدَ أَبِيهُودَ. وَأَبِيهُودُ وَلَدَ أَلِيَاقِيمَ. وَأَلِيَاقِيمُ وَلَدَ عَازُورَ. 14 وَعَازُورُ وَلَدَ صَادُوقَ. وَصَادُوقُ وَلَدَ أَخِيمَ. وَأَخِيمُ وَلَدَ أَلِيُودَ. 15 وَأَلِيُودُ وَلَدَ أَلِيعَازَرَ. وَأَلِيعَازَرُ وَلَدَ مَتَّانَ. وَمَتَّانُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. 16 وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ. 17فَجَمِيعُ الأَجْيَالِ مِنْ إِبْراهِيمَ إِلَى دَاوُدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً، وَمِنْ دَاوُدَ إِلَى سَبْيِ بَابِلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً، وَمِنْ سَبْيِ بَابِلَ إِلَى الْمَسِيحِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً. 18أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ، قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 19فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارًّا، وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا، أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرًّا. 20 وَلكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 21فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ». 22 وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: 23«هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا. 24فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ، وَأَخَذَ امْرَأَتَهُ. 25 وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ. ".

العدد 18

آية (مت 18: 1): -

"18أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ، قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.".

لما كان من المستحيل أن نصعد نحن إلى الله، نزل هو إلينا ليرفعنا إلى علوه. ولما كان ليخلصنا يجب أن يموت أخذ جسداً قابلاً للموت ليموت به عنا.

والمسيح ولد من عذراء بواسطة الروح القدس الذي هيأ أحشاءها وقدسها ليحل الكلمة فيها، فهو ليس من زرع بشر. وأهمية خطبة العذراء ليوسف:

يوسف من نسل داود فحين ينسب له المسيح يكون ابن داود (والعذراء أيضاً نسل داود).

حتى لا تُرجم العذراء كزانية إذ توجد حبلى دون زواج طبقاً للشريعة.

لكي تجد العذراء من يعينها خاصة أثناء رحلة هروبها إلى مصر.

ملحوظات: المسيح وُلِدَ رجلاً ووُلِدَ من امرأة فهو لا يحتقر جنس البشر بل يكره الخطية.

الخطبة عند اليهود: - تشبه (كتب الكتاب عند الإخوة المسلمين). لذلك يقول الكتاب عن يوسف أنه رجلها وعن العذراء أنها إمرأته (آيات 19 - 20). وهي ليست كالخطبة عند المسيحيين أو المسلمين، بل هي بمثابة زواج، ويجب أن تمر فترة زمنية حتى يسكنا معاً ويعرفا بعضهما. وهذا هو الوضع الذي حملت فيه العذراء بالمسيح. فإن حملت المخطوبة عند اليهود لا يعتبر هذا زنا بل مخالفة اجتماعية بسيطة. ولأن المخطوبة عند اليهود تعامل كالمتزوجة فعقوبة زنا المخطوبة مع غير خطيبها هو الرجم (تث23: 22 - 24).

تأملات: [1] المسيح ولد من عذراء، فهو لا يوجد في أحشاء إلا أحشاء عذراوية لا تعرف خطية وترفض أن تقترن بشهوات هذا العالم. [2] عجيب هو صمت العذراء التي كتمت سرها حتى عن رجلها يوسف، فهذا درس لنا في البعد عن المجد الباطل وفي إنكار الذات. بل فى تأمل عن العليقة والنار داخلها وهى لا تحترق، نفهم هذا عن العذراء التى لم تنتفخ بالعطية التى نالتها، فالكبرياء تحرق صاحبها. [3] عجيب أيضاً تسليمها الأمر لله ليدافع عنها في موضوع حملها دون أن تدافع عن نفسها.

قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا، وُجِدَتْ حُبْلَى (حيث أن المسيح لم يكن من زرع بشر فهو لم يحمل الخطية الأصلية (مز5: 51 + رو12: 5) وبهذا يمكن أن يموت لا عن نفسه بل عن البشرية فهو بلا خطية وغير وارث للخطية الأصلية) = بدأت من القرن الرابع إساءة فهم هذه الآية وقيل أن تفسيرها هو أن يوسف اجتمع مع العذراء بعد الولادة، والهدف إنكار دوام بتولية السيدة العذراء. والرد بسيط كما قال القديس جيروم "لو قال إنسان أنني قبل الغذاء أبحرت إلى إفريقيا فهل لابد أن يرجع لشواطئ أوروبا للغذاء. والمقصود من الآية ببساطة أن العذراء وجدت حبلى بدون زرع بشر.

العدد 19

آية (مت 19: 1): -

"19فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارًّا، وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا، أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرًّا.".

ظهرت علامات الحمل على العذراء فكان أمام يوسف أحد اختيارين:

أن يحاكمها أمام الشيوخ فترجم حسب الشريعة.

يطلقها أمام شهود بدون علة حتى لا يشهرها (تث1: 24) وهذا ما إنتواه يوسف. وهو كان يجب عليه أن يتخذ أي قرار من الإثنين، فالساكت على الخطية كأنه قد اشترك فيها. وهو فضل استخدام الرحمة عن العدل.

العدد 20

آية (مت 20: 1): -

"20 وَلكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.".

لم يكن من الممكن أن يصدق إنسان قصة الميلاد العذراوي إن لم يكن بظهور ملائكي مثل هذا. وهنا نرى درس في التسليم من العذراء فهي ألقت رجاءها على الله فأظهر برها كالشمس. مُتَفَكِّرٌ = فلنتروى قبل أن نحكم على أحد. يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ = هذا تذكير بأن داود هو أبو المسيح بالجسد، أو أن المولود هو المسيا ابن داود المنتظر.

أَنْ تَأْخُذَ = أي تحفظها في بيتك فهو كان ناوياً أن يخرجها.

العدد 21

آية (مت 21: 1): -

"21فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ».".

يَسُوعَ = هذا هو النطق اليوناني لاسم يشوع أو يهوشع أي الرب يخلص. يُخَلِّصُ شَعْبَهُ (شَعْبَهُ = أي كل من يقبله سواء يهود أو أمم) مِنْ خَطَايَاهُمْ = هو يستطيع أن يخلص القلب من محبة الخطية وسلطان الخطية وقوتها، وهو يخلصنا من عقوبة الخطية ويصالحنا مع الله الآب، وإن عشنا في حضرة الله الآب تهرب الخطية. واليهود فهموا الخلاص بطريقة خطأ، فهم فهموا أن الخلاص يكون من الرومان أو من أي مصائب وقتية، ومازال البعض حتى الآن يفهمونها هكذا. وكان هذا هو الفهم الخاطئ لتلميذي عمواس (لو21: 24).

العدد 22

آية (مت 22: 1): -

"22 وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ:".

لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ = أي أن المسيح جاء وتجسد في ملء الزمان، ولكن كان هذا في خطة الله الأزلية وسبق وكشفه على لسان النبي.

العدد 23

آية (مت 23: 1): -

"23«هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا.".

هذه أول نبوة من سلسلة نبوات أتى بها متى البشير ليثبت أن في المسيح تتحقق النبوات وأنه هو المسيا المنتظر. عِمَّانُوئِيلَ = من الإسمين معاً عمانوئيل ويسوع نفهم أن المسيح هو الرب متجسداً.

الأعداد 24-25

الآيات (مت 24: 1 - 25): -

"24فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ، وَأَخَذَ امْرَأَتَهُ. 25 وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ.".

لَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى = من يريد إنكار دوام بتولية العذراء يستخدم هذه الآية ويقول أن حتى تشير أنه عرفها بعد أن ولدت المسيح. والرد على هذا بسيط: -.

(1كو25: 15) "لأنه يجب أن يملك حَتَّى يضع جميع الأعداء تحت قدميه" فهل بعد أن يضع أعداؤه تحت قدميه سيتوقف ملكه.

(2صم23: 6) "ولم يكن لميكال ولد إلى يوم موتها" فهل ولدت بعد موتها.

(مز2: 123) "عيوننا نحو الرب إلهنا حتى يتراءف علينا" فهل تطلع النبي إلى الله حتى ينال الرأفة وعندئذ يحول عينيه عنه إلى الأرض.

مما سبق نفهم ان قوله حتى لا يفيد تغير الوضع بعدها.

ابْنَهَا الْبِكْرَ = يفهمون من هذا أيضاً أن العذراء انجبت إخوة للمسيح من بطنها. والرد على ذلك بسيط. فالبكر هو كل فاتح رحم (عدد15: 18). حتى لو لم يكن له إخوة والدليل أنه كان على شعب الله أن يقدم كل بكر لله دون أن ينتظر ولادة إخوة له. والمسيح صار بكراً بين إخوة كثيرين (رو29: 8) والعذراء استمرت بكراً كما تنبأ بهذا حزقيال النبى (حز44: 1، 2).

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثاني - تفسير إنجيل متى - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير إنجيل متى الأصحاح 1
تفاسير إنجيل متى الأصحاح 1