الاصحاح السابع والعشرون – تفسير إنجيل متى – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: انجيل متى – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح السابع والعشرون

الآيات (مت1: 27 - 10) يأس يهوذا وإنتحاره.

الآيات (مت1: 27 - 10): -.

"1 وَلَمَّا كَانَ الصَّبَاحُ تَشَاوَرَ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْب عَلَى يَسُوعَ حَتَّى يَقْتُلُوهُ، 2فَأَوْثَقُوهُ وَمَضَوْا بِهِ وَدَفَعُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ الْوَالِي. 3حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى يَهُوذَا الَّذِي أَسْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ دِينَ، نَدِمَ وَرَدَّ الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخِ 4قَائِلاً: «قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَمًا بَرِيئًا». فَقَالُوا: «مَاذَا عَلَيْنَا؟ أَنْتَ أَبْصِرْ! » 5فَطَرَحَ الْفِضَّةَ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ، ثُمَّ مَضَى وَخَنَقَ نَفْسَهُ. 6فَأَخَذَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْفِضَّةَ وَقَالُوا: «لاَ يَحِلُّ أَنْ نُلْقِيَهَا فِي الْخِزَانَةِ لأَنَّهَا ثَمَنُ دَمٍ». 7فَتَشَاوَرُوا وَاشْتَرَوْا بِهَا حَقْلَ الْفَخَّارِيِّ مَقْبَرَةً لِلْغُرَبَاءِ. 8لِهذَا سُمِّيَ ذلِكَ الْحَقْلُ «حَقْلَ الدَّمِ» إِلَى هذَا الْيَوْمِ. 9حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ الْقَائِلِ: « وَأَخَذُوا الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ، ثَمَنَ الْمُثَمَّنِ الَّذِي ثَمَّنُوهُ مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ، 10 وَأَعْطَوْهَا عَنْ حَقْلِ الْفَخَّارِيِّ، كَمَا أَمَرَنِي الرَّبُّ».".

الأعداد 1-2

الآيات (مت1: 27 - 2): -

"1 وَلَمَّا كَانَ الصَّبَاحُ تَشَاوَرَ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْب عَلَى يَسُوعَ حَتَّى يَقْتُلُوهُ، 2فَأَوْثَقُوهُ وَمَضَوْا بِهِ وَدَفَعُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ الْوَالِي.".

أنظر المحاكمة المدنية للمسيح.

العدد 3

آية (مت3: 27)

: -.

"3حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى يَهُوذَا الَّذِي أَسْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ دِينَ، نَدِمَ وَرَدَّ الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخِ.".

كان يهوذا في طمعه يظن أنه يقتني ربحاً بالثلاثين من الفضة وإذا به يقتني هماً وغماً، فذهب يرد الفضة في ندامة بلا توبة ومرارة بلا رجاء. وهكذا كل خاطئ فهو يظن أن الخطية ستعطيه لذة وإذا به يقتني هماً وغماً ويأساً.

الأعداد 4-6

الآيات (مت4: 27 - 6)

: -.

"4قَائِلاً: «قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَمًا بَرِيئًا». فَقَالُوا: «مَاذَا عَلَيْنَا؟ أَنْتَ أَبْصِرْ! » 5فَطَرَحَ الْفِضَّةَ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ، ثُمَّ مَضَى وَخَنَقَ نَفْسَهُ. 6فَأَخَذَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْفِضَّةَ وَقَالُوا: «لاَ يَحِلُّ أَنْ نُلْقِيَهَا فِي الْخِزَانَةِ لأَنَّهَا ثَمَنُ دَمٍ».".

ماذا علينا = عبارة تعني عدم إهتمامهم بما يقول، فقد حصلوا على ما يريدون. عجيب أن هؤلاء القتلة يقولون ليهوذا أنت أبصر، أما هم قاتلوه فليس عليهم أن يبصروا. ثم يقولون "لا يحل أن نلقيها في الخزانة لأنها ثمن دم" فإذا كان وضع ثمن الدم في الخزانة يعتبر إثماً فكم يكون إهدار الدم. وإذا كنتم قد رأيتم عذراً لصلب المسيح فلماذا ترفضون قبول الثمن، حقاً قال عليهم السيد "يصفون عن البعوضة ويبلعون الجمل" إذ يشترون صاحب الدم الزكي بالمال ليقتلوه، ويرتابوا من وضع ثمن الدم في الهيكل.

ثم مضى وخنق نفسه = لعله تصوَّر أن المسيح سوف يخرج من بين أيديهم كما كان يفعل سابقاً. ولما لم يفعل ندم يهوذا. ولكن التوبة ليست مجرد ندم، ولكنها إيمان يملأ القلب بالرجاء، ويدفعه الحب للإرتماء في أحضان الله. ولكن يهوذا كان أعمى عن رحمة الله الواسعة. إن الشيطان الذي أغواه بالخطية دفعه لليأس بعد السقوط مصوراً له أن خطيته لن تغفر (2كو10: 7). وفي (أع18: 1) نفهم أنه في شنقه لنفسه سقط على وجهه فإنشق من الوسط وإنسكبت أحشاؤه كلها، ويبدو أنه بعد أن خنق نفسه سقط على شئ حاد أو بارز فشقت بطنه.

الأعداد 7-8

آية (مت27: 7 - 8)

: -.

"7فَتَشَاوَرُوا وَاشْتَرَوْا بِهَا حَقْلَ الْفَخَّارِيِّ مَقْبَرَةً لِلْغُرَبَاءِ. 8لِهذَا سُمِّيَ ذلِكَ الْحَقْلُ «حَقْلَ الدَّمِ» إِلَى هذَا الْيَوْمِ.".

حقل الفخاري = سمى هكذا لأن فخارياً كان يمتلكه ويستغله، وكان ثمنه زهيداً إذ لا يصلح للزرع ولا للرعي بسبب إستعمال الفخاري له. وهذا الحقل الذي إشترى بالثلاثين من الفضة وصار مدفناً للغرباء يشير للعالم الذي إفتداه الرب بدمه لكي يدفن فيه الأمم فينعمون معه بقيامته (الذين ماتوا مع المسيح وأيضاً سيقومون معه) وهذا ما يحدث في المعمودية.

العدد 9

آية (مت9: 27)

: -.

"9حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ الْقَائِلِ: « وَأَخَذُوا الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ، ثَمَنَ الْمُثَمَّنِ الَّذِي ثَمَّنُوهُ مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ،".

ما قيل بإرمياء النبي = الذي تنبأ هذه النبوة هو زكريا. ولكن كان سفر إرمياء في التلمود أول أسفار الأنبياء لذا كان إسم إرمياء يطلق على كل النبوات (زك12: 11، 13). فاليهود يقسمون العهد القديم ثلاثة أقسام الأول هو الشريعة والثاني يبدأ بالمزامير ويسمونه المزامير والثالث هو الأنبياء ويسمونه إرمياء.

الآيات (مر53: 14 - 72) + آية (مر1: 15).

الآيات (مر53: 14 - 72): -.

"53فَمَضَوْا بِيَسُوعَ إِلَى رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَاجْتَمَعَ مَعَهُ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ. 54 وَكَانَ بُطْرُسُ قَدْ تَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ إِلَى دَاخِلِ دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَكَانَ جَالِسًا بَيْنَ الْخُدَّامِ يَسْتَدْفِئُ عِنْدَ النَّارِ. 55 وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ يَطْلُبُونَ شَهَادَةً عَلَى يَسُوعَ لِيَقْتُلُوهُ، فَلَمْ يَجِدُوا. 56لأَنَّ كَثِيرِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ زُورًا، وَلَمْ تَتَّفِقْ شَهَادَاتُهُمْ. 57ثُمَّ قَامَ قَوْمٌ وَشَهِدُوا عَلَيْهِ زُورًا قَائِلِينَ: 58«نَحْنُ سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: إِنِّي أَنْقُضُ هذَا الْهَيْكَلَ الْمَصْنُوعَ بِالأَيَادِي، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِي آخَرَ غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِأَيَادٍ». 59 وَلاَ بِهذَا كَانَتْ شَهَادَتُهُمْ تَتَّفِقُ. 60فَقَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ فِي الْوَسْطِ وَسَأَلَ يَسُوعَ قِائِلاً: «أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ مَاذَا يَشْهَدُ بِهِ هؤُلاَءِ عَلَيْكَ؟ » 61أَمَّا هُوَ فَكَانَ سَاكِتًا وَلَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَقَالَ لَهُ: «أَأَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ الْمُبَارَكِ؟ » 62فَقَالَ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ. وَسَوْفَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا فِي سَحَابِ السَّمَاءِ». 63فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ ثِيَابَهُ وَقَالَ: «مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟ 64قَدْ سَمِعْتُمُ التَّجَادِيفَ! مَا رَأْيُكُمْ؟ » فَالْجَمِيعُ حَكَمُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ. 65فَابْتَدَأَ قَوْمٌ يَبْصُقُونَ عَلَيْهِ، وَيُغَطُّونَ وَجْهَهُ وَيَلْكُمُونَهُ وَيَقُولُونَ لَهُ: «تَنَبَّأْ». وَكَانَ الْخُدَّامُ يَلْطِمُونَهُ. 66 وَبَيْنَمَا كَانَ بُطْرُسُ فِي الدَّارِ أَسْفَلَ جَاءَتْ إِحْدَى جَوَارِي رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. 67فَلَمَّا رَأَتْ بُطْرُسَ يَسْتَدْفِئُ، نَظَرَتْ إِلَيْهِ وَقَالَتْ: « وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ! » 68فَأَنْكَرَ قَائِلاً: «لَسْتُ أَدْرِي وَلاَ أَفْهَمُ مَا تَقُولِينَ! » وَخَرَجَ خَارِجًا إِلَى الدِّهْلِيزِ، فَصَاحَ الدِّيكُ. 69فَرَأَتْهُ الْجَارِيَةُ أَيْضًا وَابْتَدَأَتْ تَقُولُ لِلْحَاضِرِينَ: «إِنَّ هذَا مِنْهُمْ! » 70فَأَنْكَرَ أَيْضًا. وَبَعْدَ قَلِيل أَيْضًا قَالَ الْحَاضِرُونَ لِبُطْرُسَ: «حَقًّا أَنْتَ مِنْهُمْ، لأَنَّكَ جَلِيلِيٌّ أَيْضًا وَلُغَتُكَ تُشْبِهُ لُغَتَهُمْ! ». 71فَابْتَدَأَ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ هذَا الرَّجُلَ الَّذِي تَقُولُونَ عَنْهُ! » 72 وَصَاحَ الدِّيكُ ثَانِيَةً، فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ الْقَوْلَ الَّذِي قَالَهُ لَهُ يَسُوعُ: «إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ مَرَّتَيْنِ، تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». فَلَمَّا تَفَكَّرَ بِهِ بَكَى.".

الآيات (مر53: 14 - 60): -.

53فَمَضَوْا بِيَسُوعَ إِلَى رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَاجْتَمَعَ مَعَهُ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ. 54 وَكَانَ بُطْرُسُ قَدْ تَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ إِلَى دَاخِلِ دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَكَانَ جَالِسًا بَيْنَ الْخُدَّامِ يَسْتَدْفِئُ عِنْدَ النَّارِ. 55 وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ يَطْلُبُونَ شَهَادَةً عَلَى يَسُوعَ لِيَقْتُلُوهُ، فَلَمْ يَجِدُوا. 56لأَنَّ كَثِيرِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ زُورًا، وَلَمْ تَتَّفِقْ شَهَادَاتُهُمْ. 57ثُمَّ قَامَ قَوْمٌ وَشَهِدُوا عَلَيْهِ زُورًا قَائِلِينَ: 58«نَحْنُ سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: إِنِّي أَنْقُضُ هذَا الْهَيْكَلَ الْمَصْنُوعَ بِالأَيَادِي، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِي آخَرَ غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِأَيَادٍ». 59 وَلاَ بِهذَا كَانَتْ شَهَادَتُهُمْ تَتَّفِقُ. 60فَقَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ فِي الْوَسْطِ وَسَأَلَ يَسُوعَ قِائِلاً: «أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ مَاذَا يَشْهَدُ بِهِ هؤُلاَءِ عَلَيْكَ؟ ». ".

المحاكمة التي تمت كانت ضد التقليد اليهودي [1] فالتلمود يمنع المحاكمات ليلاً [2] ويمنع إصدار الحكم في نفس يوم المحاكمة خصوصاً لو كان الحكم بالموت [3] هذا يضاف على إستئجارهم شهود زور [4] أساس المحاكمات اليهودية أن يحاكم على شئ عمله فعلاً وليس قولاً قاله أمام المحكمة وهذا ما لم يحدث هنا، وهم لا يحكمون بمجرد اعتراف المتهم. ليقتلوه = والمعنى أن القرار قد إتخذ قبل المحاكمة. والمحاكمة كانت صورية.

الآيات (مر61: 14 - 62): -.

"61أَمَّا هُوَ فَكَانَ سَاكِتًا وَلَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَقَالَ لَهُ: «أَأَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ الْمُبَارَكِ؟ » 62فَقَالَ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ. وَسَوْفَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا فِي سَحَابِ السَّمَاءِ».".

علمنا هنا السيد المسيح أن هناك وقت للصمت ووقت للكلام وأنه علينا أن لا نصمت إذا فُهِمَ صمتنا أننا نتراجع عن موقفنا وننكر الحق. في إجابة المسيح هنا قال "أنا هو" ومرقس لأنه يكتب للرومان يقولها بوضوح أما متى فقال "أنت تقول" وهذا تعبير عبري بنفس المعنى لكن الرومان لن يفهموه.

آية (مر63: 14): -.

"63فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ ثِيَابَهُ وَقَالَ: «مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟".

كانت الشريعة تمنع رئيس الكهنة من أن يمزق ثيابه. ولكنه كما سبق وقال نبوة دون أن يدري عن أن المسيح يفدي العالم (يو49: 11 - 52) حدث هنا أنه دون أن يدري أيضاً تنبأ بنهاية الكهنوت اليهودي. ونلاحظ أن الجنود الرومان لم يستطيعوا تمزيق ثوب المسيح الذي يشير لكنيسته الواحدة. وقيافا كان يظهر حزنه على التجديف الذي لحق إسم الله بينما كان قلبه فرحاً إذ وجد علة على يسوع.

آية (مر69: 14): -.

69فَرَأَتْهُ الْجَارِيَةُ أَيْضًا وَابْتَدَأَتْ تَقُولُ لِلْحَاضِرِينَ: «إِنَّ هذَا مِنْهُمْ! ».

فرأته الجارية أيضاً = وفي متى يقول "رأته أخرى". واضح حالة الهرج والكل يتكلم. فنفس الجارية الأولى إتهمته ثانية وهذا أثار أخرى فبدأت في إتهامه. وفي لوقا نجد الإتهام الثاني موجه من رجل (آية58: 22) وواضح أن هذا الرجل كان يؤمن على كلام الجارية الأولى.

آية (مر1: 15): -.

"1 وَلِلْوَقْتِ فِي الصَّبَاحِ تَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ، فَأَوْثَقُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ وَأَسْلَمُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ.".

(لو54: 22 - 71).

الآيات (لو54: 22 - 71): -.

"54فَأَخَذُوهُ وَسَاقُوهُ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى بَيْتِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. وَأَمَّا بُطْرُسُ فَتَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ. 55 وَلَمَّا أَضْرَمُوا نَارًا فِي وَسْطِ الدَّارِ وَجَلَسُوا مَعًا، جَلَسَ بُطْرُسُ بَيْنَهُمْ. 56فَرَأَتْهُ جَارِيَةٌ جَالِسًا عِنْدَ النَّارِ فَتَفَرَّسَتْ فيهِ وَقَالَتْ: « وَهذَا كَانَ مَعَهُ! ». 57فَأَنْكَرَهُ قَائِلاً: «لَسْتُ أَعْرِفُهُ يَا امْرَأَةُ! » 58 وَبَعْدَ قَلِيل رَآهُ آخَرُ وَقَالَ: « وَأَنْتَ مِنْهُمْ! » فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا إِنْسَانُ، لَسْتُ أَنَا! » 59 وَلَمَّا مَضَى نَحْوُ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ أَكَّدَ آخَرُ قَائِلاً: «بِالْحَقِّ إِنَّ هذَا أَيْضًا كَانَ مَعَهُ، لأَنَّهُ جَلِيلِيٌّ أَيْضًا! ». 60فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا إِنْسَانُ، لَسْتُ أَعْرِفُ مَا تَقُولُ! ». وَفِي الْحَالِ بَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ صَاحَ الدِّيكُ. 61فَالْتَفَتَ الرَّبُّ وَنَظَرَ إِلَى بُطْرُسَ، فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلاَمَ الرَّبِّ، كَيْفَ قَالَ لَهُ: «إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». 62فَخَرَجَ بُطْرُسُ إِلَى خَارِجٍ وَبَكَى بُكَاءً مُرًّا. 63 وَالرِّجَالُ الَّذِينَ كَانُوا ضَابِطِينَ يَسُوعَ كَانُوا يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَهُمْ يَجْلِدُونَهُ، 64 وَغَطَّوْهُ وَكَانُوا يَضْرِبُونَ وَجْهَهُ وَيَسْأَلُونَهُ قَائِلِينَ: «تَنَبَّأْ! مَنْ هُوَ الَّذِي ضَرَبَكَ؟ » 65 وَأَشْيَاءَ أُخَرَ كَثِيرَةً كَانُوا يَقُولُونَ عَلَيْهِ مُجَدِّفِينَ. 66 وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ اجْتَمَعَتْ مَشْيَخَةُ الشَّعْبِ: رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ، وَأَصْعَدُوهُ إِلَى مَجْمَعِهِمْ 67قَائِلِينَ: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمسِيحَ، فَقُلْ لَنَا! ». فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ قُلْتُ لَكُمْ لاَ تُصَدِّقُونَ، 68 وَإِنْ سَأَلْتُ لاَ تُجِيبُونَنِي وَلاَ تُطْلِقُونَنِي. 69مُنْذُ الآنَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ اللهِ». 70فَقَالَ الْجَمِيعُ: «أَفَأَنْتَ ابْنُ اللهِ؟ » فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا هُوَ». 71فَقَالُوا: «مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شَهَادَةٍ؟ لأَنَّنَا نَحْنُ سَمِعْنَا مِنْ فَمِهِ».".

تبعه من بعيد = هو يمسك العصا من الوسط فمن ناحية يريح ضميره بأنه تبع المسيح ومن ناحية هو كان من بعيد لينقذ سمعته. فإلتفت الرب ونظر إلى بطرس = هذه يضيفها لوقا ليشرح سبب توبة بطرس، فنظرة المسيح المملوءة عتاباً، مع صياح الديك حرّكا قلب بطرس وخرج ليبكي بكاءً مراً وليصير داوداً جديداً في توبته ودموعه. لقد كانت نظرة المسيح له هي إقتراب مراحم المسيح إليه بصمت وسرية ولمسة حانية لمست قلبه وذكرته بالماضي فيها إفتقد الرب بطرس بنعمته الداخلية. في وسط آلام المسيح المرة لم ينسى خلاص نفس بطرس وشجعه.

وإن سألت لا تجيبونني = سبق المسيح وسألهم عن معمودية يوحنا وقالوا لا نعرف (لو5: 20 - 7) وسألهم عن مزمور داود ولم يجيبوا (لو41: 20 - 44) والمسيح يقصد هنا أنه لو ناقشتكم في النبوات التي تثبت أنني إبن الله وتفسيرها لن تجيبوا لأنكم لا تريدون أن تعرفوا الحق، ولا تريدون أن يعرف أحد الحق، ولو تجردوا عن الهوى لكان المسيح قد شرح لهم.

ولا تطلقونني = لن يطلقوه حتى لو أثبت براءته فهم قد بيتوا النية على قتله.

آية (لو66: 22): -.

"66 وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ اجْتَمَعَتْ مَشْيَخَةُ الشَّعْبِ: رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ، وَأَصْعَدُوهُ إِلَى مَجْمَعِهِمْ.".

اجتماع صوري بالنهار حتى يكون الحكم رسمياً فأحكام الإعدام ليلاً باطلة.

الآيات (يو13: 18 - 27): -.

"12ثُمَّ إِنَّ الْجُنْدَ وَالْقَائِدَ وَخُدَّامَ الْيَهُودِ قَبَضُوا عَلَى يَسُوعَ وَأَوْثَقُوهُ، 13 وَمَضَوْا بِهِ إِلَى حَنَّانَ أَوَّلاً، لأَنَّهُ كَانَ حَمَا قَيَافَا الَّذِي كَانَ رَئِيسًا لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ. 14 وَكَانَ قَيَافَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَى الْيَهُودِ أَنَّهُ خَيْرٌ أَنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ. 15 وَكَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَالتِّلْمِيذُ الآخَرُ يَتْبَعَانِ يَسُوعَ، وَكَانَ ذلِكَ التِّلْمِيذُ مَعْرُوفًا عِنْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَدَخَلَ مَعَ يَسُوعَ إِلَى دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. 16 وَأَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ وَاقِفًا عِنْدَ الْبَابِ خَارِجًا. فَخَرَجَ التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَكَلَّمَ الْبَوَّابَةَ فَأَدْخَلَ بُطْرُسَ. 17فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ الْبَوَّابَةُ لِبُطْرُسَ: «أَلَسْتَ أَنْتَ أَيْضًا مِنْ تَلاَمِيذِ هذَا الإِنْسَانِ؟ » قَالَ ذَاكَ: «لَسْتُ أَنَا! ». 18 وَكَانَ الْعَبِيدُ وَالْخُدَّامُ وَاقِفِينَ، وَهُمْ قَدْ أَضْرَمُوا جَمْرًا لأَنَّهُ كَانَ بَرْدٌ، وَكَانُوا يَصْطَلُونَ، وَكَانَ بُطْرُسُ وَاقِفًا مَعَهُمْ يَصْطَلِي. 19فَسَأَلَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَسُوعَ عَنْ تَلاَمِيذِهِ وَعَنْ تَعْلِيمِهِ. 20أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ عَلاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِمًا. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ. 21لِمَاذَا تَسْأَلُنِي أَنَا؟ اِسْأَلِ الَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا مَاذَا كَلَّمْتُهُمْ. هُوَذَا هؤُلاَءِ يَعْرِفُونَ مَاذَا قُلْتُ أَنَا». 22 وَلَمَّا قَالَ هذَا لَطَمَ يَسُوعَ وَاحِدٌ مِنَ الْخُدَّامِ كَانَ وَاقِفًا، قَائِلاً: «أَهكَذَا تُجَاوِبُ رَئِيسَ الْكَهَنَةِ؟ » 23أَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ قَدْ تَكَلَّمْتُ رَدِيًّا فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ، وَإِنْ حَسَنًا فَلِمَاذَا تَضْرِبُنِي؟ » 24 وَكَانَ حَنَّانُ قَدْ أَرْسَلَهُ مُوثَقًا إِلَى قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. 25 وَسِمْعَانُ بُطْرُسُ كَانَ وَاقِفًا يَصْطَلِي. فَقَالُوا لَهُ: «أَلَسْتَ أَنْتَ أَيْضًا مِنْ تَلاَمِيذِهِ؟ » فَأَنْكَرَ ذَاكَ وَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا! ». 26قَالَ وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَهُوَ نَسِيبُ الَّذِي قَطَعَ بُطْرُسُ أُذْنَهُ: «أَمَا رَأَيْتُكَ أَنَا مَعَهُ فِي الْبُسْتَانِ؟ » 27فَأَنْكَرَ بُطْرُسُ أَيْضًا. وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ.".

تمت المحاكمة الدينية، أي محاكمة المسيح أمام رؤساء الكهنة، في أثناء الليل، فأبناء الظلمة لا يعملون إلاّ في الظلمة. بل هم تجاوزوا قوانينهم ليحكموا بالإدانة على المسيح على وجه السرعة. بل أن قيافا قد أصدر الحكم عليه بالموت قبل المحاكمة (يو14: 18). ولنلاحظ أنه بحسب التقليد اليهودي تعتبر أحكام الليل لاغية. لذلك إجتمعوا صباحاً (شكلياً) للتصديق على الحكم. ومن مهازل هذه المحاكمة فبحسب القوانين يمنع تنفيذ الحكم في نفس اليوم لكنهم نفذوه في المسيح.

آية (يو13: 18): -.

"13 وَمَضَوْا بِهِ إِلَى حَنَّانَ أَوَّلاً، لأَنَّهُ كَانَ حَمَا قَيَافَا الَّذِي كَانَ رَئِيسًا لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ.".

يقول القديس يوحنا في سخرية أنهم ذهبوا به إلى حنان ليحاكمه. فبأي صفة يحاكمه حنان.. لأنه كان حما قيافا = هذا هو التبرير الوحيد الذي قدَّمه يوحنا، فكأن قيافا يرد الجميل لحنان أنه جعله رئيس الكهنة. ونلاحظ أن القديس يوحنا لم يورد أي إتهام للمسيح مماّ قالوه فهم لم يستقروا على تهمة واحدة ضده. ونلاحظ أن دار حنان وقيافا هي دار واحدة وبها قاعة للمحكمة. وكان حنان رئيساً سابقاً للكهنة. ومجمع السنهدريم كان يجتمع في هذه القاعة (مر53: 14). وخرج المسيح من دار رئيس الكهنة إلى دار الولاية. ويوحنا لم يذكر اجتماع المجمع ولا المحاكمة أمامه لأنه رأي أن الحكم كله في يد قيافا.

حنان وقيافا: كان حنان رئيساً للكهنة من سنة 7م – 14 - 15م حينما أسقطه الوالي السابق لبيلاطس وكان إسمه فاليريوس جراتوس. وتوّلى بعد حنان إبنه اليعازار لمدة سنة واحدة سنة16 - 17م. ومن بعده جاء قيافا زوج إبنته وبقى في الرئاسة حتى سنة 35 - 36 حيث أسقطه الوالي الذي أتى بعد بيلاطس. ومن بعد قيافا تولى الرئاسة إبن آخر لحنان هو يوناثان سنة 36 - 37م ومن بعده تولى الرئاسة ثلاثة من أولاد حنان وهم ثاوفيلس سنة37 - 41م ثم متياس سنة41 - 44م ثم حنان الصغير حتى سنة62م وهو الذي مدّ يده وقتل يعقوب أخو الرب (هذا غير يعقوب أخو يوحنا الذي قتله هيرودس) (أع1: 12، 2). وكانت هذه العائلة مشهورة بالرشوة والدسائس الدينية وواضح أن حنان الكبير كان متسلطاً على قيافا وغيره وهذا ما نلاحظه في (لو2: 3) فهو يقول رئيس الكهنة حنان وقيافا. فقال رئيس الكهنة بالمفرد. فكان حنان يمارس وظيفة رئيس الكهنة من خلف قيافا.

وكانت هذه العائلة كعصابة تستخدم الهيكل في التجارة لذلك قال المسيح عن الهيكل "حولتموه إلى مغارة لصوص". ولذلك كانت حادثة تطهير الهيكل سبب حقد حنان وقيافا، فهي أوقفت نهر المال الذي يتدفق عليهما من تجارة الهيكل. ونلاحظ من (يو45: 7 - 49) أن المؤامرات وإرسال الخدام، خدام الهيكل الذين هم ضباط على مستوى عالٍ من المعرفة، كانت مستمرة منذ زمن ولكن حينما ذهب هؤلاء الخدام للمسيح أعجبوا به.

الذي كان رئيساً للكهنة في تلك السنة = كان رئيس الكهنة يستمر في وظيفته حتى يموت. ولكن قصد يوحنا بهذا أن قيافا كان رئيساً للكهنة في تلك السنة التي كانت السنة المقبولة للمؤمنين وسنة خيبة اليهود وخسارتهم لكل شئ. وتعني أيضاً كثرة تغيير رؤساء الكهنة بواسطة الحكام الرومان.

آية (يو14: 18): -.

"14 وَكَانَ قَيَافَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَى الْيَهُودِ أَنَّهُ خَيْرٌ أَنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ.".

الإشارة هنا إلى (يو49: 11، 50). وتعني أن القرار قد إتخذوه قبل المحاكمة.

آية (يو15: 18): -.

"15 وَكَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَالتِّلْمِيذُ الآخَرُ يَتْبَعَانِ يَسُوعَ، وَكَانَ ذلِكَ التِّلْمِيذُ مَعْرُوفًا عِنْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَدَخَلَ مَعَ يَسُوعَ إِلَى دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ.".

من هنا نرى أن يوحنا كان شاهد عيان فهو وبطرس فقط تبعا المسيح وهرب الباقون. ولكن بطرس احتجز عند الباب، إذ لم يكن معروفاً لخدام قيافا. ولكن يوحنا كان معروفاً فهو غالباً كان وأخيه يعقوب أقارب لرئيس الكهنة. وهذه المعرفة هي التي أهلت يوحنا ليعرف إسم عبد رئيس الكهنة ملخس، بل تعرف على نسيب ملخس بين الخدام، وأهلته لدخول بيت قيافا دون حرج في هذا الموقف الخطير. وهو أيضاً عَرِف أن الجارية التي أنكر بطرس المسيح أمامها أنها هي البوابة، بل هو توسط لبطرس لكي يدخل (آية16). وهذه القرابة هي التفسير أنهم لم يعترضوا على دخوله.

إنجيل متى 17
.

ومعروف في التاريخ اليهودي أن السنهدريم وهو الجهة القضائية العليا المنوط بها الفحص والحكم في القضايا الكبرى التي تخص اليهود، قد توقف عن العمل 40سنة قبل خراب أورشليم، أي كان متوقفاً عن العمل أيام المسيح، وهم قد منعوا من الاجتماع في الدار المخصصة للسنهدريم المسماة "جازيت" وبحسب التلقيد اليهودي لا يجوز للسنهدريم أن يحكم بالموت خارج الجازيت. ولذلك كان اجتماعهم في دار قيافا إجتماعاً غير قانوني، بل بناء على إستدعاء رؤساء الكهنة للتصديق الشكلي على الحكم. ويقول التلمود اليهودي أنه قبل خراب الهيكل بأربعين سنة إنتزع من إسرائيل حق الحكم بالإعدام، ولكن يبدو أنه في غياب الوالي الروماني خارج أورشليم أتيح لهم أن يحكموا على إسطفانوس بالرجم.

آية (يو16: 18): -.

"16 وَأَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ وَاقِفًا عِنْدَ الْبَابِ خَارِجًا. فَخَرَجَ التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَكَلَّمَ الْبَوَّابَةَ فَأَدْخَلَ بُطْرُسَ.".

بعد أن إستقر يوحنا في الداخل عاد ليبحث عن بطرس ليدخل. وكلم البوابة = إذاً البوابة أيضاً تعرفه. ولكن البوابة كلمت بطرس وتركت يوحنا. والله سمح بهذا حتى ينكسر كبرياء بطرس (37: 13).

آية (يو17: 18): -.

"17فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ الْبَوَّابَةُ لِبُطْرُسَ: «أَلَسْتَ أَنْتَ أَيْضًا مِنْ تَلاَمِيذِ هذَا الإِنْسَانِ؟ » قَالَ ذَاكَ: «لَسْتُ أَنَا! ».".

في دخوله تعرفت عليه البوابة، وقول الكتاب أيضاً يشير لأن البوابة سبقت وتعرفت على يوحنا وعرفت أنه من تلاميذ المسيح. وبطرس خانته شجاعته وأنكر وكان من الممكن أن يهلكوه ولكن المسيح كان قد طلب لأجله (لو32: 22).

آية (يو18: 18): -.

"18 وَكَانَ الْعَبِيدُ وَالْخُدَّامُ وَاقِفِينَ، وَهُمْ قَدْ أَضْرَمُوا جَمْرًا لأَنَّهُ كَانَ بَرْدٌ، وَكَانُوا يَصْطَلُونَ، وَكَانَ بُطْرُسُ وَاقِفًا مَعَهُمْ يَصْطَلِي.".

هنا إنسحب القائد والجند ولم يبق سوى العبيد وضباط الحراسة اليهود، وهؤلاء تجمعوا معاً في فسحة الدار في الدور الأرضي. لأنه كان برد = إشارة لأن هذا الجو إستثنائي في هذه السنة، فمن المعتاد في مثل هذا الوقت أن يكون الجو دافئاً. وضوء الجمر ساعد العبيد أن يروا وجه بطرس فيتعرفوا عليه (لو56: 22 + مر67: 14 - 72).

آية (يو19: 18): -.

"19فَسَأَلَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَسُوعَ عَنْ تَلاَمِيذِهِ وَعَنْ تَعْلِيمِهِ.".

نفهم من آية (24) أن هذا التحقيق كان أمام قيافا، بعد أن أرسله حنان إليه. وهنا قيافا يسأل المسيح عن تلاميذه [1] لأنه ينوي أن ينكل بهم ويقدم أسماءهم إلى بيلاطس [2] في نظر بيلاطس أن المسيح متهم بأنه يريد أن يكون ملكاً وبالتالي يكون تلاميذه ولاة منافسين لبيلاطس (هذا ما يريده قيافا). [3] والمسيح كإبن الله يكون تلاميذه فوق رئيس الكهنة. والمسيح لم يجب على السؤال الخاص بتلاميذه ليحميهم. وقيافا يسأل المسيح عن تعليمه = أي دعوته لأن يكون ملكاً يمنع أن تعطى الجزية لقيصر، وأنه ملك لليهود. وكأن قيافا يستدرج المسيح ليعترف بخططه السرية للقيام بثورة ليكون ملكاً.

آية (يو20: 18): -.

"20أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ عَلاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِمًا. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ.".

هنا المسيح يعلن أنه لم يكن يعد لثورة وليس له تعاليم سرية. بل كل تعاليمه كانت على الملأ وما قاله للسامرية أذاعته هي في كل المدينة. وخدام رئيس الكهنة سبقوا وإستمعوا له وشهدوا له (يو45: 7، 46). بل أن رد المسيح فيه إشارة إتهام لرئيس الكهنة بأنه هو الذي يعمل في الظلام بمحاكمته. وقوله العالم = يشمل تلاميذه وكل اليهود والآخرين بلا تمييز، بل المسيح يمنع كل تعليم سرى (مت27: 10) فكل تعليم سرى يخلو من الحق.

آية (يو21: 18): -.

"21لِمَاذَا تَسْأَلُنِي أَنَا؟ اِسْأَلِ الَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا مَاذَا كَلَّمْتُهُمْ. هُوَذَا هؤُلاَءِ يَعْرِفُونَ مَاذَا قُلْتُ أَنَا».".

كانت القوانين اليهودية للمحاكمات تنص على سماع شهود البراءة أولاً. وفي قول المسيح إشارة لأنهم أغفلوا هذا النص. وكأن المسيح يطلب سماع شهود الدفاع أولاً، لأنه أيضاً بحسب القوانين اليهودية فالمتهم برئ حتى تثبت إدانته. ولكن واضح هنا أن المحاكمة صورية. وبهذا لم يجب المسيح على الأسئلة الموجهة له كما قال مرقس ومتى (مر60: 14، 61 + مت62: 26، 63).

آية (يو22: 18): -.

"22 وَلَمَّا قَالَ هذَا لَطَمَ يَسُوعَ وَاحِدٌ مِنَ الْخُدَّامِ كَانَ وَاقِفًا، قَائِلاً: «أَهكَذَا تُجَاوِبُ رَئِيسَ الْكَهَنَةِ؟ ».".

راجع (أش6: 50).

آية (يو23: 18): -.

"23أَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ قَدْ تَكَلَّمْتُ رَدِيًّا فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ، وَإِنْ حَسَنًا فَلِمَاذَا تَضْرِبُنِي؟ ».".

المسيحية لا تعرف الجبن. والمسيح هنا كان في ملء السلام ومستعداً لأقصى درجات الآلام ولكنه رد بجواب فيه الحق. وهذه الآية تتكامل مع (مت39: 5) فعلينا أن نكون مستعدين لأن نحتمل الظلم وأن نظهر الحق بكل وداعة ورقة وبلا خنوع فيسوع رد بقوة وأثبت أن اللطمة ظالمة. ولاحظ هنا الكمال الإلهي في تصرف المسيح مع رد بولس الرسول في موقف مشابه (أع1: 23 - 5).

آية (يو26: 18): -.

"26قَالَ وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَهُوَ نَسِيبُ الَّذِي قَطَعَ بُطْرُسُ أُذْنَهُ: «أَمَا رَأَيْتُكَ أَنَا مَعَهُ فِي الْبُسْتَانِ؟ ».".

نرى هنا إمكانيات يوحنا في التعرف على أهل بيت رئيس الكهنة مما يشير لقرابته لأهل البيت.

آية (يو27: 18): -.

"27فَأَنْكَرَ بُطْرُسُ أَيْضًا. وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ.".

كان التدبير الإلهي عجيب في أن المحاكمة إنتهت وكان المسيح يمر في الفسحة التي وقف فيها بطرس. وكان هذا بعد صياح الديك والإنكار الثالث حتى ينظر المسيح لبطرس معاتباً فيدعوه للتوبة (لو61: 22). ونلاحظ أن الله يستخدم ديكاً لينبه بطرس لخطيته. وهكذا فكل ما في الكون يسير بتدبير الرب. وعلينا أن لا نرفض صوت الرب في داخلنا أو بأي طريقة يدبرها ليصل إلينا صوته. ولكن لاحظ رقة يوحنا فهو لم يذكر تجديف بطرس ضد المسيح. لكنه ذكر القصة تثبيتاً لنبوة السيد المسيح.

ملحوظة: كانت الشريعة اليهودية المدونة في كتاب التلمود تحرم الحكم ليلاً على إنسان بالموت، ولا تجيز الحكم عليه في جلسة واحدة، لهذا التزم مجلس السبعين (السنهدريم) أن يجتمعوا في صباح الجمعة في الهيكل، ليجعلوا ما حكموا به على يسوع ليلاً في دار قيافا شرعياً. ولاحظ أن الموت عند اليهود بالرجم وعند الرومان بالصلب، لهذا صُلب يسوع.

المحاكمة المدنية - محاكمته أمام بيلاطس (مت27: 1 - 2 ,11 - 31) + (مر1: 15 - 20).

+ (لو1: 23 - 25) + (يو28: 18 - 16: 19).

الآيات (مت27: 1 - 2): -.

"1 وَلَمَّا كَانَ الصَّبَاحُ تَشَاوَرَ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْب عَلَى يَسُوعَ حَتَّى يَقْتُلُوهُ، 2فَأَوْثَقُوهُ وَمَضَوْا بِهِ وَدَفَعُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ الْوَالِي.".

لقد حوكم المسيح دينياً أمام رؤساء اليهود، ومدنياً أمام بيلاطس حتى ينجوا الجميع يهود وأمم من دينونة اليوم الأخير. فأوثقوه آية (2) فهو قبل أن يربط ليحل الجميع من رباطات الخطية. أما هم فربطوه لأنهم خافوا أن يهرب كما كان يختفي من وسطهم من قبل.

ونلاحظ أن بيلاطس كان يقيم في قيصرية شمال أورشليم. لكنه في الأعياد الكبرى كان يوجد في أورشليم ليخمد أي ثورة أو فتنة وسط التجمعات في الأعياد.

واليهود لم يكن لهم سلطان على تنفيذ حكم الموت فهذا من إختصاص الوالي الروماني ولأن الوالي لن يحكم على المسيح بالموت بسبب تهمة دينية، فهم تشاوروا ليقدموه بتهمة أخرى وهي أنهم إدعوا أن المسيح يطلب المُلْك ويقاوم قيصر. وكانت خطتهم أن يصلب فهذه هي العقوبة الرومانية. وباراباس كان محكوماً عليه بالصلب فأخذ السيد عقوبته، رمزاً لأنه حمل عقوبة الموت المحكوم بها علينا.

وكان خطيراً أن يطلب اليهود حكم الرومان على المسيح، إذ أن نفس الحكم الروماني قد نفذ فيهم هم على يد تيطس سنة 70م حين صلب منهم عشرات الألاف وقتل مئات الألاف. وهم الذين بدأوا بالإلتجاء للحكم الروماني. (مز4: 28).

الآيات (مت27: 11 - 31): -.

"11فَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْوَالِي. فَسَأَلَهُ الْوَالِي قِائِلاً: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ » فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ». 12 وَبَيْنَمَا كَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ لَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. 13فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَمَا تَسْمَعُ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ؟ » 14فَلَمْ يُجِبْهُ وَلاَ عَنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، حَتَّى تَعَجَّبَ الْوَالِي جِدًّا. 15 وَكَانَ الْوَالِي مُعْتَادًا فِي الْعِيدِ أَنْ يُطْلِقَ لِلْجَمْعِ أَسِيرًا وَاحِدًا، مَنْ أَرَادُوهُ. 16 وَكَانَ لَهُمْ حِينَئِذٍ أَسِيرٌ مَشْهُورٌ يُسَمَّى بَارَابَاسَ. 17فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟ » 18لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا. 19 وَإِذْ كَانَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً: «إِيَّاكَ وَذلِكَ الْبَارَّ، لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيرًا فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِهِ». 20 وَلكِنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخَ حَرَّضُوا الْجُمُوعَ عَلَى أَنْ يَطْلُبُوا بَارَابَاسَ وَيُهْلِكُوا يَسُوعَ. 21فَأجَابَ الْوَالِي وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ مِنْ الاثْنَيْنِ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ » فَقَالُوا: «بَارَابَاسَ! ». 22قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «فَمَاذَا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟ » قَالَ لَهُ الْجَمِيعُ: «لِيُصْلَبْ! » 23فَقَالَ الْوَالِي: « وَأَيَّ شَرّ عَمِلَ؟ » فَكَانُوا يَزْدَادُونَ صُرَاخًا قَائِلِينَ: «لِيُصْلَبْ! » 24فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئًا، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ، أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلاً: «إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ! أَبْصِرُوا أَنْتُمْ! ». 25فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْب وَقَالُوا: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا». 26حِينَئِذٍ أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ. 27فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ، 28فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيًّا، 29 وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ! » 30 وَبَصَقُوا عَلَيْهِ، وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. 31 وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ.".

الأعداد 10-14

الآيات (مت27: 11 - 14): -

11فَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْوَالِي. فَسَأَلَهُ الْوَالِي قِائِلاً: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ » فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ». 12 وَبَيْنَمَا كَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ لَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. 13فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَمَا تَسْمَعُ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ؟ » 14فَلَمْ يُجِبْهُ وَلاَ عَنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، حَتَّى تَعَجَّبَ الْوَالِي جِدًّا.

كانت إجابة السيد لبيلاطس مقتضبة للغاية. في الحدود التي يكشف فيها له عن الحق فلا يكون له عذر. وعندئذ توقف عن الكلام سواء مع القادة الدينيين أو الوالي إذ لم يرد أن يدافع عن نفسه. وهو لو أراد لأمكنه، بل يأمر السماء فتشهد لهُ. ولكنه لم يكن محتاجاً إلي هذه الشهادة والدفاع عنه.

صمت السيد يعلمنا أن لا نثور لكرامتنا ونضطرب، فهو إتهم ظلماً وأهين وصمت. بل حتى الآن يهاجمه كثيرين وهو صامت، بل يضع دفاعه في حياة تلاميذه الحقيقيين. هو جاء ليحمل خطايا البشرية فلماذا يدافع عن نفسه بأنه لم يخطئ.

الأعداد 15-26

الآيات (مت27: 15 - 26): -

"15 وَكَانَ الْوَالِي مُعْتَادًا فِي الْعِيدِ أَنْ يُطْلِقَ لِلْجَمْعِ أَسِيرًا وَاحِدًا، مَنْ أَرَادُوهُ. 16 وَكَانَ لَهُمْ حِينَئِذٍ أَسِيرٌ مَشْهُورٌ يُسَمَّى بَارَابَاسَ. 17فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟ » 18لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا. 19 وَإِذْ كَانَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً: «إِيَّاكَ وَذلِكَ الْبَارَّ، لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيرًا فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِهِ». 20 وَلكِنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخَ حَرَّضُوا الْجُمُوعَ عَلَى أَنْ يَطْلُبُوا بَارَابَاسَ وَيُهْلِكُوا يَسُوعَ. 21فَأجَابَ الْوَالِي وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ مِنْ الاثْنَيْنِ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ » فَقَالُوا: «بَارَابَاسَ! ». 22قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «فَمَاذَا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟ » قَالَ لَهُ الْجَمِيعُ: «لِيُصْلَبْ! » 23فَقَالَ الْوَالِي: « وَأَيَّ شَرّ عَمِلَ؟ » فَكَانُوا يَزْدَادُونَ صُرَاخًا قَائِلِينَ: «لِيُصْلَبْ! » 24فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئًا، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ، أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلاً: «إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ! أَبْصِرُوا أَنْتُمْ! ». 25فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْب وَقَالُوا: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا». 26حِينَئِذٍ أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ.".

بار أباس = بار = إبن + أباس = الأب. لقد أنقذ السيد بموته حياة باراباس كما أنقذ حياة كل خاطئ محكوم عليه بالموت. لأنه علم أنهم أسلموه حسداً = كان بيلاطس يعلم شرهم ونيتهم الخبيثة. أرسلت إليه امرأته = الله لا يترك نفسه بلا شاهد. وأي شرٍ عمل = كان هذا درساً لرؤساء اليهود أن هذا الوالي الوثني غريب الجنس يشهد ببراءة المسيح. ولكن بيلاطس خاف من ثورة الجماهير وخاف أيضاً من قتل من يرى أنه بار فغسل يديه. ولكن هو بلا عذر فقد أرشده الله عن طريق زوجته بل هو نفسه رأى أن المسيح بار وليس هناك ما يدينه بسببه. بيلاطس كان قاسياً وسفك دماء كثيرين (لو1: 13) ولكنه كان ضعيفاً أمام الحق لتمسكه بكرسيه.

جلده = من عذاب الجلد كان يموت البعض فكان الجلد بصورة بربرية بسوط به قطع عظم ورصاص وقد تصيب الضربات الرأس والعين.

أبصروا أنتم = أنتم المسئولون عن قتله.

الأعداد 27-31

الآيات (مت27: 27 - 31): -

"27فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ، 28فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيًّا، 29 وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ! » 30 وَبَصَقُوا عَلَيْهِ، وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. 31 وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ.".

عروه لأجلنا (وتمثيلاً لذلك تعرى المذابح في أسبوع الآلام) نحن الذين نزعت عنا الخطية ثوب القداسة ليعيد لنا لباس البر. وضع على رأسه إكليل شوك ليزيل عنا لعنة الخطية التي بسببها حصدنا الشوك (تك18: 3). سجدوا له في هزء ولم يعلموا أن أمم العالم سوف تسجد له في فرح. ألبسوه ثوب أرجوان وضربوه على رأسه.

لقد ظن بيلاطس أن منظر المسيح بعد هذه الآلام وهو مضرج بدمائه سيثير شفقة اليهود ويحرك قلوبهم فيكفوا عن طلب صلبه ولكنهم أصروا (يو5: 19، 6). لقد سخروا منه كملك فأعطوه قصبة في يمينه كصولجان وجثوا أمامه كملك.

(مر1: 15 - 20).

الآيات (مر1: 15 - 20): -.

"1 وَلِلْوَقْتِ فِي الصَّبَاحِ تَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ، فَأَوْثَقُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ وَأَسْلَمُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ. 2فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ » فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ تَقُولُ». 3 وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ كَثِيرًا. 4فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ أَيْضًا قِائِلاً: «أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ اُنْظُرْ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ! » 5فَلَمْ يُجِبْ يَسُوعُ أَيْضًا بِشَيْءٍ حَتَّى تَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ. 6 وَكَانَ يُطْلِقُ لَهُمْ فِي كُلِّ عِيدٍ أَسِيرًا وَاحِدًا، مَنْ طَلَبُوهُ. 7 وَكَانَ الْمُسَمَّى بَارَابَاسَ مُوثَقًا مَعَ رُفَقَائِهِ فِي الْفِتْنَةِ، الَّذِينَ فِي الْفِتْنَةِ فَعَلُوا قَتْلاً. 8فَصَرَخَ الْجَمْعُ وَابْتَدَأُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَفْعَلَ كَمَا كَانَ دَائِمًا يَفْعَلُ لَهُمْ. 9فَأَجَابَهُمْ بِيلاَطُسُ: «أَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟ ». 10لأَنَّهُ عَرَفَ أَنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ كَانُوا قَدْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا. 11فَهَيَّجَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْجَمْعَ لِكَيْ يُطْلِقَ لَهُمْ بِالْحَرِيِّ بَارَابَاسَ. 12فَأجَابَ بِيلاَطُسُ أَيْضًا وَقَالَ لَهُمْ: «فَمَاذَا تُرِيدُونَ أَنْ أَفْعَلَ بِالَّذِي تَدْعُونَهُ مَلِكَ الْيَهُودِ؟ » 13فَصَرَخُوا أَيْضًا: «اصْلِبْهُ! » 14فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: « وَأَيَّ شَرّ عَمِلَ؟ » فَازْدَادُوا جِدًّا صُرَاخًا: «اصْلِبْهُ! » 15فَبِيلاَطُسُ إِذْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ لِلْجَمْعِ مَا يُرْضِيهِمْ، أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَسْلَمَ يَسُوعَ، بَعْدَمَا جَلَدَهُ، لِيُصْلَبَ. 16فَمَضَى بِهِ الْعَسْكَرُ إِلَى دَاخِلِ الدَّارِ، الَّتِي هِيَ دَارُ الْوِلاَيَةِ، وَجَمَعُوا كُلَّ الْكَتِيبَةِ. 17 وَأَلْبَسُوهُ أُرْجُوَانًا، وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَيْهِ، 18 وَابْتَدَأُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ! » 19 وَكَانُوا يَضْرِبُونَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِقَصَبَةٍ، وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَسْجُدُونَ لَهُ جَاثِينَ عَلَى رُكَبِهِمْ. 20 وَبَعْدَمَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الأُرْجُوانَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، ثُمَّ خَرَجُوا بِهِ لِيَصْلِبُوهُ.".

مرقس يكتب للرومان ويظهر لهم أن الحاكم الروماني لم يجد فيه شراً، وأنه ليس ثائراً أو مهيج سياسي. بل هي مؤامرة يهودية. وبيلاطس حكم سوريا واليهودية جزء منها من سنة 26م إلي سنة 36م. وكان فاسداً قاسياً. ولكن نجد الإنجيليين لا يشيرون إلي هذا، فهم يلقون كل التبعية على اليهود، إلاّ أنهم لم يبرأوا بيلاطس فهو حكم على من قد إعتقد ببراءته. ونلاحظ أن اليهود إستخدموا عن المسيح لقب ملك اليهود ولم يستخدموا لقب المسيا الذي لن يفهمه بيلاطس. وبيلاطس سأل المسيح أنت ملك اليهود. فالتهمة التي وجهها اليهود للمسيح هي أخطر تهمة في ذلك الحين ولا يمكن أن يتهاون فيها بيلاطس وإلاّ حُسِبَ خائنا لقيصر. والمسيح لم ينكر أنه ملك ولكنه أوضح لبيلاطس أنه مُلك روحي ومملكته ليست من هذا العالم كما أوضح إنجيل يوحنا. ولكن بيلاطس أخيراً أسلمه مع إقتناعه ببراءته. فهو فضل مصلحته الشخصية وأن تهدأ الفتنة عن الوقوف بجانب الحق.

وكان العسكر الرومان يهزأون به، ليس بشخصه ولكن بصفته ملكاً لليهود. فهم لا يحترمون اليهود وكانوا يهزأون بهم في شخصه.

وإكليل الشوك مؤلم جداً، وهو به رفع عنا لعنة الخطية، وحمل لعنة الأرض وأيضا حقق به شهوة قلبه فى أن يوضع عليه إكليل الشوك (إش27: 4). ونلاحظ في آية1 تشاور الرؤساء فجراً لكي يصبح حكم الإعدام قانونياً فصدوره ليلاً باطل بحسب الأعراف اليهودية.

الآيات (لو1: 23 - 25): -.

"1فَقَامَ كُلُّ جُمْهُورِهِمْ وَجَاءُوا بِهِ إِلَى بِيلاَطُسَ، 2 وَابْتَدَأُوا يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: «إِنَّنَا وَجَدْنَا هذَا يُفْسِدُ الأُمَّةَ، وَيَمْنَعُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ، قَائِلاً: إِنَّهُ هُوَ مَسِيحٌ مَلِكٌ». 3فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ قِائِلاً: «أَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ » فَأَجَابَهُ وَقَالَ: «أَنْتَ تَقُولُ». 4فَقَالَ بِيلاَطُسُ لِرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْجُمُوعِ: «إِنِّي لاَ أَجِدُ عِلَّةً فِي هذَا الإِنْسَانِ». 5فَكَانُوا يُشَدِّدُونَ قَائِلِينَ: «إِنَّهُ يُهَيِّجُ الشَّعْبَ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ مُبْتَدِئًا مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى هُنَا». 6فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ ذِكْرَ الْجَلِيلِ، سَأَلَ: «هَلِ الرَّجُلُ جَلِيلِيٌّ؟ » 7 وَحِينَ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ سَلْطَنَةِ هِيرُودُسَ، أَرْسَلَهُ إِلَى هِيرُودُسَ، إِذْ كَانَ هُوَ أَيْضًا تِلْكَ الأَيَّامَ فِي أُورُشَلِيمَ.

8 وَأَمَّا هِيرُودُسُ فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ فَرِحَ جِدًّا، لأَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ مِنْ زَمَانٍ طَوِيل أَنْ يَرَاهُ، لِسَمَاعِهِ عَنْهُ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً، وَتَرَجَّى أَنْ يَرَي آيَةً تُصْنَعُ مِنْهُ. 9 وَسَأَلَهُ بِكَلاَمٍ كَثِيرٍ فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ. 10 وَوَقَفَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ بِاشْتِدَادٍ، 11فَاحْتَقَرَهُ هِيرُودُسُ مَعَ عَسْكَرِهِ وَاسْتَهْزَأَ بِهِ، وَأَلْبَسَهُ لِبَاسًا لاَمِعًا، وَرَدَّهُ إِلَى بِيلاَطُسَ. 12فَصَارَ بِيلاَطُسُ وَهِيرُودُسُ صَدِيقَيْنِ مَعَ بَعْضِهِمَا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، لأَنَّهُمَا كَانَا مِنْ قَبْلُ فِي عَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا.

13فَدَعَا بِيلاَطُسُ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالْعُظَمَاءَ وَالشَّعْبَ، 14 وَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ قَدَّمْتُمْ إِلَيَّ هذَا الإِنْسَانَ كَمَنْ يُفْسِدُ الشَّعْبَ. وَهَا أَنَا قَدْ فَحَصْتُ قُدَّامَكُمْ وَلَمْ أَجِدْ فِي هذَا الإِنْسَانِ عِلَّةً مِمَّا تَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. 15 وَلاَ هِيرُودُسُ أَيْضًا، لأَنِّي أَرْسَلْتُكُمْ إِلَيْهِ. وَهَا لاَ شَيْءَ يَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ صُنِعَ مِنْهُ. 16فَأَنَا أُؤَدِّبُهُ وَأُطْلِقُهُ». 17 وَكَانَ مُضْطَرًّا أَنْ يُطْلِقَ لَهُمْ كُلَّ عِيدٍ وَاحِدًا، 18فَصَرَخُوا بِجُمْلَتِهِمْ قَائِلِينَ: «خُذْ هذَا! وَأَطْلِقْ لَنَا بَارَابَاسَ! » 19 وَذَاكَ كَانَ قَدْ طُرِحَ فِي السِّجْنِ لأَجْلِ فِتْنَةٍ حَدَثَتْ فِي الْمَدِينَةِ وَقَتْل. 20فَنَادَاهُمْ أَيْضًا بِيلاَطُسُ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُطْلِقَ يَسُوعَ، 21فَصَرَخُوا قَائِلِينَ: «اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ! » 22فَقَالَ لَهُمْ ثَالِثَةً: «فَأَيَّ شَرّ عَمِلَ هذَا؟ إِنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهِ عِلَّةً لِلْمَوْتِ، فَأَنَا أُؤَدِّبُهُ وَأُطْلِقُهُ». 23فَكَانُوا يَلِجُّونَ بِأَصْوَاتٍ عَظِيمَةٍ طَالِبِينَ أَنْ يُصْلَبَ. فَقَوِيَتْ أَصْوَاتُهُمْ وَأَصْوَاتُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ. 24فَحَكَمَ بِيلاَطُسُ أَنْ تَكُونَ طِلْبَتُهُمْ. 25فَأَطْلَقَ لَهُمُ الَّذِي طُرِحَ فِي السِّجْنِ لأَجْلِ فِتْنَةٍ وَقَتْل، الَّذِي طَلَبُوهُ، وَأَسْلَمَ يَسُوعَ لِمَشِيئَتِهِمْ. ".

آية (لو2: 23): -.

"2 وَابْتَدَأُوا يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: «إِنَّنَا وَجَدْنَا هذَا يُفْسِدُ الأُمَّةَ، وَيَمْنَعُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ، قَائِلاً: إِنَّهُ هُوَ مَسِيحٌ مَلِكٌ».".

يفسد الأمة = كانت هذه هي الجريمة التي بسببها أبادهم الرومان بعد ذلك. حقاً قال النبي "كما فعلت يفعل بك (عوبديا 15). يمنع أن تعطى جزية لقيصر = مع أنه قال إعط ما لقيصر لقيصر. وحينما أرادوا أن يجعلوا منه ملكاً إختفى من بينهم. أمام السنهدريم إتهموه بتهمة دينية أنه يدعى الألوهية، وأمام بيلاطس نجد تهمة جديدة أنه يدعى أنه ملك، ليثيروا بيلاطس، فالتهمة الآن صارت مدنية.

آية (لو3: 23): -.

"3فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ قِائِلاً: «أَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ » فَأَجَابَهُ وَقَالَ: «أَنْتَ تَقُولُ».".

أنت تقول = تحمل معنى هل لك إثبات على ما تقول، ولكن الحقيقة هي كما تقول ولكن بحسب ما قال يوحنا أن المسيح بعد ذلك أثبت له أن مملكته روحية وليست من العالم.

آية (لو5: 23): -.

"5فَكَانُوا يُشَدِّدُونَ قَائِلِينَ: «إِنَّهُ يُهَيِّجُ الشَّعْبَ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ مُبْتَدِئًا مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى هُنَا».".

ذكروا الجليل لإثارة شكوك بيلاطس وذلك لأنه يكره الجليليين بسبب تمردهم وعصيانهم وثوراتهم. ونذكر كيف أنه في فصح سابق أرسل جنوده بين جماعات الثائرين من الجليل وأعملوا فيهم سيوفهم وخلطوا دمائهم بذبائحهم.

الآيات (لو7: 23 - 12): -.

"7 وَحِينَ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ سَلْطَنَةِ هِيرُودُسَ، أَرْسَلَهُ إِلَى هِيرُودُسَ، إِذْ كَانَ هُوَ أَيْضًا تِلْكَ الأَيَّامَ فِي أُورُشَلِيمَ. 8 وَأَمَّا هِيرُودُسُ فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ فَرِحَ جِدًّا، لأَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ مِنْ زَمَانٍ طَوِيل أَنْ يَرَاهُ، لِسَمَاعِهِ عَنْهُ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً، وَتَرَجَّى أَنْ يَرَي آيَةً تُصْنَعُ مِنْهُ. 9 وَسَأَلَهُ بِكَلاَمٍ كَثِيرٍ فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ. 10 وَوَقَفَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ بِاشْتِدَادٍ، 11فَاحْتَقَرَهُ هِيرُودُسُ مَعَ عَسْكَرِهِ وَاسْتَهْزَأَ بِهِ، وَأَلْبَسَهُ لِبَاسًا لاَمِعًا، وَرَدَّهُ إِلَى بِيلاَطُسَ. 12فَصَارَ بِيلاَطُسُ وَهِيرُودُسُ صَدِيقَيْنِ مَعَ بَعْضِهِمَا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، لأَنَّهُمَا كَانَا مِنْ قَبْلُ فِي عَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا.".

محاكمته أمام بيلاطس وهيرودس فيها تحقيق للمزمور قام ملوك الأرض على الرب وعلى مسيحه (مز2: 2). والمسيح صمت تماماً أمام هيرودس فإحتقره هيرودس وظنه جاهلاً. غالباً فإن هيرودس تأكد من براءته فلم يشأ أن يحكم عليه، لكن إذ لم يجب يسوع على أسئلة هيرودس فإن هيرودس إغتاظ منه وسمح لعساكره بإهانته ثم أرسله لبيلاطس. ولكن العجيب أنه بسبب المسيح تصالح هيرودس وبيلاطس والصدوقيين مع الفريسيين … ألم يأتي للمصالحة. فكان يصالح الجميع بموته.

وألبسه لباساً لامعاً = قيل في (مت28: 27) أنهم ألبسوه رداء قرمزياً. وفي (مر17: 15) ألبسوه أرجواناً وهنا هيرودس يلبسه لباساً لامعاً وفي (يو2: 19) البسه العسكر ثوب أرجوان. وليس في هذا تعارض. فالملوك اليهود يلبسون ثياباً قرمزية والملوك الرومان يلبسون أرجوان. ومتى لأنه يكتب لليهود وصف الثياب بأنها قرمزية ليفهم اليهود أنهم ألبسوه ثياباً تشبه ثياب الملوك للسخرية منه ومرقس كان يكتب للرومان وهكذا يوحنا فقالوا أنها ثياب أرجوان ولوقا حلّ الموضوع تماماً بقوله أنها ثياب لامعة تشبه ثياب الملوك.

آية (لو22: 23): -.

"22فَقَالَ لَهُمْ ثَالِثَةً: «فَأَيَّ شَرّ عَمِلَ هذَا؟ إِنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهِ عِلَّةً لِلْمَوْتِ، فَأَنَا أُؤَدِّبُهُ وَأُطْلِقُهُ».".

بيلاطس يشهد ببراءة يسوع 3مرات وبطرس ينكره 3مرات.

آية (لو23: 23): -.

"23فَكَانُوا يَلِجُّونَ بِأَصْوَاتٍ عَظِيمَةٍ طَالِبِينَ أَنْ يُصْلَبَ. فَقَوِيَتْ أَصْوَاتُهُمْ وَأَصْوَاتُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ.".

يلجون = يطلبون بلجاجة وبإلحاح.

من هو هيرودس؟

لما مات هيرودس الكبير الذي كان يحكم كل فلسطين بإذن من روما، قسمت المملكة بين أولاده.

هيرودس الكبير.

مملكة هيرودس الكبير.

وهيرودس أنتيباس هو الذي أخذ زوجة أخيه الحي فيلبس، وهجر زوجته باترا إبنة الحارث ملك العربية. ولما وبخه يوحنا المعمدان قتله (مت3: 14 - 11).

وحين سمع بالرب يسوع ظن أنه يوحنا قام لينتقم (مت2: 14 + مر16: 6). وكان يريد أن يراه (لو9: 9) ويقتله (لو31: 13) ولأنه كان يخاف إلتفاف الشعب حوله وذلك خوفاً على عرشه وخاصة عندما حاول الشعب المناداة بالسيد المسيح ملكاً (يو15: 6). ولشدة مكره لقبه السيد المسيح بالثعلب (لو32: 13) ولما أرسل بيلاطس يسوع إلي هيرودس فرح لأنه سمع عنه كثيراً وكان يريد أن يراه. ولكن الرب يسوع لم يجبه بشيء ولا صنع له معجزة حسب ما تمنى.

وهيرودس لم يحكم بإعدامه غالباً، وهو الذي لا يتورع عن إعدام أحد ربما لأنه لم يرد أن يساعد بيلاطس خصوصاً أنه سمع أن بيلاطس برأه. وهيرودس أيضاً لم يكن يجد فيه علة تستوجب الموت (لو15: 23).

الآيات (يو28: 18 - 40): -.

"28ثُمَّ جَاءُوا بِيَسُوعَ مِنْ عِنْدِ قَيَافَا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ، وَكَانَ صُبْحٌ. وَلَمْ يَدْخُلُوا هُمْ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ لِكَيْ لاَ يَتَنَجَّسُوا، فَيَأْكُلُونَ الْفِصْحَ. 29فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: «أَيَّةَ شِكَايَةٍ تُقَدِّمُونَ عَلَى هذَا الإِنْسَانِ؟ » 30أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: «لَوْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلَ شَرّ لَمَا كُنَّا قَدْ سَلَّمْنَاهُ إِلَيْكَ! » 31فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاحْكُمُوا عَلَيْهِ حَسَبَ نَامُوسِكُمْ». فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ: «لاَ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْتُلَ أَحَدًا». 32لِيَتِمَّ قَوْلُ يَسُوعَ الَّذِي قَالَهُ مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَ. 33ثُمَّ دَخَلَ بِيلاَطُسُ أَيْضًا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَدَعَا يَسُوعَ، وَقَالَ لَهُ: «أنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ » 34أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هذَا، أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي؟ » 35أَجَابَهُ بِيلاَطُسُ: «أَلَعَلِّي أَنَا يَهُودِيٌّ؟ أُمَّتُكَ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَسْلَمُوكَ إِلَيَّ. مَاذَا فَعَلْتَ؟ » 36أَجَابَ يَسُوعُ: «مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هذَا الْعَالَمِ، لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. وَلكِنِ الآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا». 37فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَفَأَنْتَ إِذًا مَلِكٌ؟ » أَجَابَ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ: إِنِّي مَلِكٌ. لِهذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا، وَلِهذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي». 38قَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «مَا هُوَ الْحَقُّ؟ ». وَلَمَّا قَالَ هذَا خَرَجَ أَيْضًا إِلَى الْيَهُودِ وَقَالَ لَهُمْ: «أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً. 39 وَلَكُمْ عَادَةٌ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ وَاحِدًا فِي الْفِصْحِ. أَفَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟ ». 40فَصَرَخُوا أَيْضًا جَمِيعُهُمْ قَائِلِينَ: «لَيْسَ هذَا بَلْ بَارَابَاسَ! ». وَكَانَ بَارَابَاسُ لِصًّا.".

يختص إنجيل يوحنا بمفرده بالكشف عن التحقيقات التي أجراها بيلاطس مع المسيح في غياب اليهود. وقد كانت على مرتين الأولى (33: 18 - 37) وهي ما تسمى بالإعتراف الحسن والثانية (8: 19 - 11). وباقي الإنجيليين أوردوا هذه المحاكمة بصورة موجزة وهذا يرجع غالباً لوجود يوحنا داخل دار الولاية. ودار الولاية هذه بناها هيرودس الكبير وكانت المكان الذي ينزل فيه الولاة الرومان إذا أتوا إلى أورشليم من مركزهم في قيصرية. ويسمى هذا المقر قلعة أنطونيا.

الآيات (يو28: 18 - 40).

آية (يو28: 18): -.

"28ثُمَّ جَاءُوا بِيَسُوعَ مِنْ عِنْدِ قَيَافَا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ، وَكَانَ صُبْحٌ. وَلَمْ يَدْخُلُوا هُمْ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ لِكَيْ لاَ يَتَنَجَّسُوا، فَيَأْكُلُونَ الْفِصْحَ.".

وكان صبح = تعنى الفجر إذ ظل رؤساء اليهود يحاكمون المسيح طوال الليل وأتوا به فجراً إلى بيلاطس بحسب إتفاق مسبق معهُ. وكان الفصح يوم الجمعة لذلك إمتنع هؤلاء أن يدخلوا إلى دار الولاية فيتنجسوا ولا يأكلوا الفصح. حقاً "يصفون عن البعوضة ويبلعون الجمل" (النجاسة ربما لدخولهم قصر وثنى به تماثيل آلهة وثنية) ومن يتنجس يظل نجساً حتى المساء فلا يأكل الفصح الذي يؤكل بين العشائين.

صبح = يقدرها الدارسين بحوالي الساعة6 صباحاً، وهذا عكس المعتاد فالمحاكم الرومانية تبدأ الساعة8 صباحاً. وكان هذا التبكير دليل على قلق السنهدريم وعلى إتفاقهم المسبق مع بيلاطس أن يتم كل شئ قبل أن يستيقظ محبي المسيح فتحدث ثورة.

آية (يو29: 18): -.

"29فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: «أَيَّةَ شِكَايَةٍ تُقَدِّمُونَ عَلَى هذَا الإِنْسَانِ؟ ».".

فخرج بيلاطس = لعلمه بتعصبهم وأنهم لن يدخلوا إلى داخل دار الولاية خرج هو لهم.

أية شكاية تقدمون = كلمات تحمل إستنكار بيلاطس لما يعملونه مع المسيح، فهو من المؤكد سمع عن يسوع ويعلم أنه برئ مماّ ينسبونه لهُ. بالإضافة إلى الحلم الذي أخبرته به زوجته. وقوله هذا الإنسان = يحمل نوعاً من التعاطف معهُ. وبيلاطس كان خامس والٍ على اليهود سنة26 - سنة36 متغطرس يكره اليهود وعوائدهم. إشتبك كثيراً مع اليهود فأظهر قسوة ضدهم.

آية (يو30: 18): -.

"30أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: «لَوْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلَ شَرّ لَمَا كُنَّا قَدْ سَلَّمْنَاهُ إِلَيْكَ! ».

فوجئ اليهود بسؤال بيلاطس. وكان ردهم مختصراً وفيه وقاحة. ولنلاحظ أن الرب صار فاعل شر بالنيابة عنى.

آية (يو31: 18): -.

"31فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاحْكُمُوا عَلَيْهِ حَسَبَ نَامُوسِكُمْ». فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ: «لاَ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْتُلَ أَحَدًا».".

هنا لهجة تهكم من بيلاطس على اليهود وناموسهم. إذ هو يعلم أن ناموسهم مقيد، وأنهم لا يستطيعون أن يحكموا بالقتل على أحد. فرد بيلاطس كله غطرسة عليهم. والمعنى أن طالما ناموسهم مقيد فعليهم بالخضوع للقانون الروماني. وواضح أنهم ما أتوا للمناقشة مع بيلاطس بل هم إتخذوا قراراً ضد المسيح يريدون إعتماده من بيلاطس. وربما كان تهكم بيلاطس معناه أنه لولا أنكم أسأتم إستخدام ناموسكم كما تفعلون الآن لما صار ناموسكم مقيداً. لا يجوز لنا أن نقتل = إذاً قرارهم قد إتخذوه.

آية (يو32: 18): -.

"32لِيَتِمَّ قَوْلُ يَسُوعَ الَّذِي قَالَهُ مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَ.".

العقوبة اليهودية كانت الرجم حسب الناموس، أما الصلب فهو عقوبة رومانية تستخدم مع سكان المستعمرات الرومانية. ولذلك لو لم يصدر بيلاطس حكماً بالموت على يسوع لما كان قد صلب. وكان المسيح قد تنبأ مراراً بأنه سيصلب (مت18: 20، 19) وأنه سيسلم لأيدي الأمم. ورؤساء اليهود لفقوا تهماً سياسية ضد المسيح ليحكم عليه بيلاطس بالموت صلباً، وهو يريدون هذا. فالمصلوب ملعون بحسب الناموس وهم يريدون إظهاره كملعون أمام الشعب بالإضافة إلى أنها أصعب ميتة. وأكثرها هواناً فيقضوا على دعوته وتلاميذه إذ أفسدوا سمعته تماماً بصلبه. حقاً لقد إشترك اليهود والأمم في تقديمه ذبيحة عن العالم كله.

وما جعل بيلاطس يحكم عليه بالموت خوفه من قيصر بعد التهم التي وجهها له رؤساء اليهود (لو2: 23).

آية (يو33: 18): -.

33ثُمَّ دَخَلَ بِيلاَطُسُ أَيْضًا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَدَعَا يَسُوعَ، وَقَالَ لَهُ: «أنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ ». ".

بيلاطس رأى خبثهم وشرهم فقرر محاكمته بنفسه وسأله أنت ملك اليهود فهذا جوهر إتهاماتهم له. وكان بيلاطس يتعجب من هذا المتهم الصامت فإن كان ملك يريد الثورة على قيصر فأين هم أتباعه ومعاونوه ولماذا لا يتكلم. ولا يبالي بالموت، ولا يدافع عن نفسه. ولكن هذه التهمة ألقت بالرعب في قلب بيلاطس وواضح حيرة بيلاطس فهو مقتنع ببراءة يسوع لكنه تحت ضغط ثورة اليهود.

الآيات (يو34: 18 - 37): -.

"34أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هذَا، أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي؟ » 35أَجَابَهُ بِيلاَطُسُ: «أَلَعَلِّي أَنَا يَهُودِيٌّ؟ أُمَّتُكَ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَسْلَمُوكَ إِلَيَّ. مَاذَا فَعَلْتَ؟ » 36أَجَابَ يَسُوعُ: «مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هذَا الْعَالَمِ، لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. وَلكِنِ الآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا». 37فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَفَأَنْتَ إِذًا مَلِكٌ؟ » أَجَابَ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ: إِنِّي مَلِكٌ. لِهذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا، وَلِهذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي».".

الإعتراف الحسن.

(آية34): المسيح هنا يدعو بيلاطس أن يفرق بين ما يسمعه من اليهود الكاذبين وبين ما يشعر به هو في داخل نفسه. والمسيح بحسب التوراة سيكون ملكاً من نسل داود ولكن ليس ملكاً أرضياً بل يملك على الأرواح والضمائر والقلوب، هو يملك في السماء، فإن كان بيلاطس يطلب الحق سيعرف أي نوع من الملك يملك المسيح. ولكن بمفهوم اليهود الغادر أن المسيح ملك سياسي فهذا يرفضه المسيح ويرفضه بيلاطس أيضاً. المسيح يُشهِدْ بيلاطس، هل سمع عنه ما يثبت هذه التهمة.

(آية35): واضح أن بيلاطس فهم درس المسيح ولكنه يلقى التهمة على اليهود. هنا يتضح أن بيلاطس يبحث عن الحق فعلاً ويشعر ببراءة المسيح وخبث اليهود. ولكنه يستهزئ باليهود بمعنى هل أنا يهودي حقير حتى أقول عنك أنك ملك. عجيب أن رئيس الكهنة يدبر المؤامرات ضد المسيح وبيلاطس الروماني يحاول إثبات براءته. ماذا فعلت = لماذا يكرهك اليهود هكذا بينما أنا أعلم أنهم يبحثون سراً عن ملك ليثوروا ضد قيصر.

(آية36): هنا المسيح يشرح لبيلاطس أن مملكته سماوية وأنه لا ينافس قيصر ولكن اليهود لم يفهموه فكل فكرهم أرضى، ولم يقبلوا موضوع الملكوت السماوي. ولاحظ قول الرب الآن = والسبب كما قال القديس بولس الرسول أنه ليس الكل بعد قد خضع له الآن (عب2: 8). المسيح يملك الآن على قلوب من يؤمنوا به ويحبونه فملكوه على قلوبهم. ولكن فى الدينونة سيملك على الكل، إما بالحب على من أحبوه. أو سيكون الباقين من أعدائه عند موطئ قدميه. هو الآن يؤسس ملكوته على من يؤمنوا به ويحبونه. وراجع أيضا تفسير (1كو15: 24 - 28).

هو جاء صديقاً للجميع، وخدامه ليسوا من هذا العالم. وهذا القول أرجف بيلاطس. نرى أن يسوع حتى وهو في المحاكمة يبشر بمملكة الحق وملكوت الله. المسيح بهذا يثبت فكرة ملكه ولكن بفهم غير ما يفهم اليهود وكل العالم. فالعالم ورؤساء الكهنة يتصارعون على ملك العالم.

(آية37): أنت تقول = أنت تقول الحقيقة فأنا ملك لكن ما قاله بيلاطس لا يقبل النفي ولا يقبل الإيجاب. فالمسيح يرفض أن يكون ملكاً حسب ما يقول اليهود. وبيلاطس فهم ملك المسيح كما فهمه اليهود لذلك شرح المسيح له الحقيقة. وفيما يلي ما أسماه بولس الرسول الإعتراف الحسن (1تى13: 6) وشمل عناصر الإيمان جميعاً. المسيح هنا ذكر بتلخيص شديد وعمق جوهر رسالته.

لهذا وُلدت أنا = فالمسيح وُلِدَ أي تجسد للمُلك. المسيح يشهد بهذا أمام ممثل أقوى دولة في العالم.

لهذا أتيت إلى العالم = إذاً هو موجود قبل ميلاده، وهو ليس من هذا العالم ولكنه أتى وتجسد ليقيم مملكته التي لا تقام على أسس أرضية بل بسلطة وقوة سماوية.

الحق = الحقيقة الكلية هي المجال الذي يحيا ويعمل فيه المسيح، والمسيح يشهد للحق ليس كشئ خارج عنه بل هو يستعلن ذاته فهو الحق. هذا هو الإعتراف الحسن. المسيح أتى ليعلن الحق بعد أن تاه البشر في ضلال.

كل من هو من الحق = كل من أحب الحق وسار بحسب هداه سيسمع صوت المسيح ويفهمه ويصير له صوت المسيح حياة أبدية (يو24: 5). وملخص الإعتراف الحسن: -.

1 - أن المسيح وُلد ليعُلن ملكوت الله بالحق الذي يقوله ويملكه ويملك عليه.

2 - أنه نزل من السماء وأتى إلينا على الأرض ليؤسس ملكوت الحق.

3 - كل من يسعى ويجد في أثر الحق يُستعلن له المسيح والحق والحياة. ولو كان بيلاطس يبحث عن الحق فعلاً لإستمع لصوت المسيح ولكانت له حياة. فكل من يبحث عن الحق يعطيه روح الله إستنارة.

آية (يو38: 18): -.

"38قَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «مَا هُوَ الْحَقُّ؟ ». وَلَمَّا قَالَ هذَا خَرَجَ أَيْضًا إِلَى الْيَهُودِ وَقَالَ لَهُمْ: «أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً.".

لم يرفض بيلاطس كلام المسيح ولكنه لم يفهمه. ومعنى سؤال بيلاطس ما هو الحق = يحمل معنى اليأس في أن يجد إنسان الحق على الأرض، وهذا حق لأن الأرض زائلة، فكل ما هو متغير ليس بحق، أماّ الحق فيبقى للأبد (ايو19: 5، 20). هو كقاض يعلم صعوبة الحكم بالحق، فالحق فى العالم نسبى، كل انسان يرى أن الحق فى جانبه. أما نحن فنفهم أن هناك حق مطلق هو الله وليس سواه. لكن عيب بيلاطس أنه خرج دون أن يسمع إجابة السيد المسيح. وكثيرين يعملون هكذا يصلون ويخرجون سريعاً دون أن يسمعوا الرد. ولكن بيلاطس أدرك الآن أنه أمام إنسان عظيم وليس مجرماً، كان تأثير المسيح فيه قوياً فخرج ليبرأهُ بعد أن أدرك غش اليهود (مت18: 27). عَلِمَ أنهم أسلموه حسداً. وشهادة بيلاطس ببراءة المسيح، هي شهادة العالم بأن المسيح ليس فيه علة واحدة، إنما هو مات لأجلنا ولأجل كل العالم.

الآيات (يو39: 18 - 40): -.

"39 وَلَكُمْ عَادَةٌ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ وَاحِدًا فِي الْفِصْحِ. أَفَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟ ». 40فَصَرَخُوا أَيْضًا جَمِيعُهُمْ قَائِلِينَ: «لَيْسَ هذَا بَلْ بَارَابَاسَ! ». وَكَانَ بَارَابَاسُ لِصًّا.".

هنا يتضح ضمير اليهود السيء. ملك اليهود = هنا بيلاطس يسخر من التهمة التي يحاولون إلصاقها بالمسيح، لأن بيلاطس برأه، فهو أيضاً برأه من تهمة أنه يدعى الملك وأنه ضد قيصر. وبيلاطس حاول أن يستعين بالشعب ضد رؤساء الكهنة فهو يعلم أن الشعب يريد ملكاً. ولكن كان هذا في رخاوة منه كوالٍ وكقاضي. فالشعب كان قد تلقن من رؤساء الكهنة ما يقولونه. فباراباس لن ينافسهم في مكاسبهم المادية أما المسيح فقد جذب منهم شعبهم.

الآيات (يو1: 19 - 16).

الآيات (يو1: 19 - 16): -.

"1فَحِينَئِذٍ أَخَذَ بِيلاَطُسُ يَسُوعَ وَجَلَدَهُ. 2 وَضَفَرَ الْعَسْكَرُ إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَأَلْبَسُوهُ ثَوْبَ أُرْجُوَانٍ، 3 وَكَانُوا يَقُولُونَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ! ». وَكَانُوا يَلْطِمُونَهُ. 4فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ أَيْضًا خَارِجًا وَقَالَ لَهُمْ: «هَا أَنَا أُخْرِجُهُ إِلَيْكُمْ لِتَعْلَمُوا أَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً». 5فَخَرَجَ يَسُوعُ خَارِجًا وَهُوَ حَامِلٌ إِكْلِيلَ الشَّوْكِ وَثَوْبَ الأُرْجُوانِ. فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «هُوَذَا الإِنْسَانُ! ». 6فَلَمَّا رَآهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْخُدَّامُ صَرَخُوا قَائِلِينَ: «اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ! ». قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاصْلِبُوهُ، لأَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً». 7أَجَابَهُ الْيَهُودُ: «لَنَا نَامُوسٌ، وَحَسَبَ نَامُوسِنَا يَجِبُ أَنْ يَمُوتَ، لأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ ابْنَ اللهِ». 8فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هذَا الْقَوْلَ ازْدَادَ خَوْفًا. 9فَدَخَلَ أَيْضًا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَقَالَ لِيَسُوعَ: «مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ ». وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمْ يُعْطِهِ جَوَابًا. 10فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَمَا تُكَلِّمُنِي؟ أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ لِي سُلْطَانًا أَنْ أَصْلِبَكَ وَسُلْطَانًا أَنْ أُطْلِقَكَ؟ » 11أَجَابَ يَسُوعُ: « لَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانٌ الْبَتَّةَ، لَوْ لَمْ تَكُنْ قَدْ أُعْطِيتَ مِنْ فَوْقُ. لِذلِكَ الَّذِي أَسْلَمَنِي إِلَيْكَ لَهُ خَطِيَّةٌ أَعْظَمُ». 12مِنْ هذَا الْوَقْتِ كَانَ بِيلاَطُسُ يَطْلُبُ أَنْ يُطْلِقَهُ، وَلكِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ: «إِنْ أَطْلَقْتَ هذَا فَلَسْتَ مُحِبًّا لِقَيْصَرَ. كُلُّ مَنْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مَلِكًا يُقَاوِمُ قَيْصَرَ! ». 13فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هذَا الْقَوْلَ أَخْرَجَ يَسُوعَ، وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ «الْبَلاَطُ» وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ «جَبَّاثَا». 14 وَكَانَ اسْتِعْدَادُ الْفِصْحِ، وَنَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَقَالَ لِلْيَهُودِ: «هُوَذَا مَلِكُكُمْ! ». 15فَصَرَخُوا: «خُذْهُ! خُذْهُ! اصْلِبْهُ! » قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «أَأَصْلِبُ مَلِكَكُمْ؟ » أَجَابَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ: «لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَرَ! ». 16فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ. فَأَخَذُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ.".

آية (يو1: 19): -.

"1فَحِينَئِذٍ أَخَذَ بِيلاَطُسُ يَسُوعَ وَجَلَدَهُ.".

بيلاطس هنا يريد أن يستدر عطف الشعب بأن يعاقب المسيح عقوبة شكلية ثم يطلقه. ولكن نلاحظ أن هذه العقوبة كانت دون حكم رسمي بل هي لإرضاء الشعب الهائج. ولكن بيلاطس دون يدرى أكمل كأس آلام السيد التي تحملها عنا. وكل ما فعلوه بعد ذلك هو الهزء منه كملك. والمسيح قبل هذا الهزء ليعيد لنا كرامتنا. ولبس إكليل الشوك ليرد لنا إكليل المجد. والجلد كان عقوبة رهيبة وكان من يُجْلَدْ يسقط أمام قضاته كتلة من اللحم المشوه الممزق. ويقال أن الجلد كان الساعة 9صباحاً. وبهذا الجلد تغطى جسد المسيح بالدم من رأسه المغطى بالدم بسبب إكليل الشوك إلى قدميه (والتغطية بالدم هى الكفارة، فجسد المسيح هو كنيسته).

آية (يو2: 19): -.

"2 وَضَفَرَ الْعَسْكَرُ إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَأَلْبَسُوهُ ثَوْبَ أُرْجُوَانٍ،".

هنا نرى الإستهزاء بالمسيح كملك. وثوب الأرجوان خلعه عليه هيرودس إستهزاء به. والشوك نتيجة للخطية (تك17: 3، 18). وكان منظر المسيح وهو لابس إكليل الشوك هو منظر الإنسان المطرود من أمام وجه الله خارجاً من جنة عدن حاملاً اللعنة والشوك.

آية (يو3: 19): -.

"3 وَكَانُوا يَقُولُونَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ! ». وَكَانُوا يَلْطِمُونَهُ.".

السلام يا ملك اليهود = هي التحية التي تقال للملوك. وأخذ منها كلمة السلام الملكي. فالسلام الملكي بالموسيقى هو تحية الملوك عوضاً عن أن يقولوا السلام للملك. وهي نفسها هايل سيزار ومنها أخذت التحية الألمانية "هايل هتلر" فالسلام الملكي بالموسيقى صار عوضاً عن قولهم هايل سيزار.

آية (يو4: 19): -.

"4فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ أَيْضًا خَارِجًا وَقَالَ لَهُمْ: «هَا أَنَا أُخْرِجُهُ إِلَيْكُمْ لِتَعْلَمُوا أَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً».".

لقد حاول بيلاطس أن يوقظ الروح الإنسانية عند اليهود ولكنه فشل. ولكن إستسلامه لليهود كان إدانة لهُ هو أيضاً.

آية (يو5: 19): -.

5فَخَرَجَ يَسُوعُ خَارِجًا وَهُوَ حَامِلٌ إِكْلِيلَ الشَّوْكِ وَثَوْبَ الأُرْجُوانِ. فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «هُوَذَا الإِنْسَانُ! ». ".

هوذا الإنسان = يقولها بيلاطس بعد أن رفع عنه كل كرامة ليظهره لليهود كإنسان ضعيف بلا ثوار يساندونه كملك، أو قالها ربما ليذكرهم بإنسانيتهم وأنه أخوهم في الإنسانية ليتنازلوا عن موضوع صلبه ولكن هذه الكلمة تشير للمسيح وقد أخلى ذاته آخذاً صورة عبد، بل حمل عار العبيد ومذلة البشر. هو الإنسان الكامل والنموذج السليم للإنسان حسب قصد الآب الذي بلا خطية لكنه صار إبن الإنسان الذي حمل خطايا الإنسان وعاره. وهو الإنسان المملوء نعمة وهو الإنسان الذي سيأتي يوماً في مجد الآب، ليس في صورة المصلوب المهان بل كديان الأرض كلها العادل. هو الإنسان الذي ليس مثله، ليس إنساناً عادياً. هو الإنسان محل الخلاف والقضية أيها اليهود بل وحتى الآن. هي نبوة من بيلاطس دون أن يدرى كما تنبأ قيافا دون أن يدرى (يو50: 11، 51).

آية (يو6: 19): -.

"6فَلَمَّا رَآهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْخُدَّامُ صَرَخُوا قَائِلِينَ: «اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ! ». قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاصْلِبُوهُ، لأَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً».".

كان فعلاً لابد للصلب أن يتم، ليتم الفداء فالصليب لعنة (تث21: 23) والمسيح بصلبه حمل اللعنة عنا. ونرى حتى هذه اللحظة أن بيلاطس غير موافق على الصلب. وبذلك حمَّل بيلاطس اليهود دم المسيح (أع13: 3 - 15). ولكن خطأ بيلاطس أنه فَضَّل موت المسيح وهو يعلم ببراءته حتى لا يحدث إضطراب سياسي أو تُشَوَّهْ صورته لدى قيصر.

آية (يو7: 19): -.

"7أَجَابَهُ الْيَهُودُ: «لَنَا نَامُوسٌ، وَحَسَبَ نَامُوسِنَا يَجِبُ أَنْ يَمُوتَ، لأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ ابْنَ اللهِ».".

اليهود هنا يرفضون المساومة مع بيلاطس رفضاً تاماً. ومعنى كلامهم أن حكمهم على المسيح هو حكم إلهى وما على بيلاطس سوى التنفيذ. واليهود هنا أظهروا للوالي الوثني معتقداتهم الدينية لعله يقبل بصلبه أي لو وجدته أنت بريئاً من الناحية المدنية فهو من ناحية ديننا فهو محكوم عليه. ولكن ذكرهم أنه إبن الله أتى بأثر عكسي إذ خاف منه بيلاطس.

آية (يو8: 19): -.

"8فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هذَا الْقَوْلَ ازْدَادَ خَوْفًا.".

لقد أحس بيلاطس بالرهبة في حديثه أولاً مع المسيح حين ذكر أصله الإلهي، والآن يزداد خوفاً حينما يسمع أن المسيح هو إبن الله. وبحسب فكر بيلاطس الروماني أنه بدأ يدخل حرباً مع الآلهة. فالرومان يعتقدون أن الآلهة يمكن أن تتجسد وتنزل وسط الناس.

آية (يو9: 19): -.

"9فَدَخَلَ أَيْضًا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَقَالَ لِيَسُوعَ: «مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ ». وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمْ يُعْطِهِ جَوَابًا.".

من أين أنت = يقصد هل أصلك سماوي أم أرضى. والمسيح لم يرد فبيلاطس لن يفهم لأن مفاهيم بيلاطس عن البنوة لله مأخوذة من الأساطير اليونانية. فهو لن يفهم قطعاً ما هو المقصود. فإن كان اليهود وعندهم النبوات لم يفهموا أفسوف يفهم بيلاطس.

الآيات (يو10: 19 - 11): -.

"10فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَمَا تُكَلِّمُنِي؟ أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ لِي سُلْطَانًا أَنْ أَصْلِبَكَ وَسُلْطَانًا أَنْ أُطْلِقَكَ؟ » 11أَجَابَ يَسُوعُ: « لَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانٌ الْبَتَّةَ، لَوْ لَمْ تَكُنْ قَدْ أُعْطِيتَ مِنْ فَوْقُ. لِذلِكَ الَّذِي أَسْلَمَنِي إِلَيْكَ لَهُ خَطِيَّةٌ أَعْظَمُ».".

المسيح هنا يشرح لبيلاطس من أين يستمد سلطانه، فهو يصحح معلومات بيلاطس. هنا المسيح يشرح لبيلاطس أن الله هو ضابط الكل، وأن أي شئ يصيبنا هو بسماح من الله وليس بسبب سلطان الرؤساء. فنحن في يد الله ولسنا في يد إنسان. فالله هو الذي أعطى السلطان للرؤساء [رو1: 13 + أع23: 2 + 26: 4 - 28]. وإن هذا ليشعرنا بمنتهى الإطمئنان. "التقليد القبطي يقول أن بيلاطس وزوجته صارا مسيحيين وإستشهدا".

لهُ خطية أعظم = فبيلاطس أخطأ لأنه إستخدم القانون المدني لقتل المسيح خوفاً. ولكن رؤساء الكهنة خطيتهم أعظم إذ هم إستخدموا الناموس الإلهي في تلفيق تهمة ضد المسيح، فهم خطيتهم تعتبر قتل مع سبق الإصرار والتعمد.

آية (يو12: 19): -.

"12مِنْ هذَا الْوَقْتِ كَانَ بِيلاَطُسُ يَطْلُبُ أَنْ يُطْلِقَهُ، وَلكِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ: «إِنْ أَطْلَقْتَ هذَا فَلَسْتَ مُحِبًّا لِقَيْصَرَ. كُلُّ مَنْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مَلِكًا يُقَاوِمُ قَيْصَرَ! ».".

رد المسيح على بيلاطس جعله يزداد خوفاً، وكان يريد إطلاقه، وهنا يتمسح رئيس الكهنة بقيصر، فإن رفض بيلاطس قتل المسيح يلصق به تهمة خيانة قيصر. ورئيس الكهنة بفعلته هذه ترك الله ليذهب لأوثان قيصر. في لحظة إنقلب هؤلاء اليهود المتعصبون للناموس إلى رومان متعصبين لقيصر. محباً لقيصر = كان هذا لقب الضباط العظام الذين يقومون بأعمال جليلة لحساب الإمبراطورية. واللقب المضاد "ليس محباً لقيصر" يشير للخيانة وهذا ما قالوه لبيلاطس يقاوم قيصر. وكان طيباريوس قيصر سامعاً للوشايات يلقى بمن يتهم بأنه ضده مع المنبوذين ويرفع من يسمع عنهم أنهم يحبونه. لذلك خاف بيلاطس أن تصل هذه التهمة لطيباريوس. "ويقول يوسيفوس أن بيلاطس وُشى به بعد ثلاث سنوات عند طيباريوس فعزله فإنتحر يأساً". ومن المنطقى أن المؤرخ اليهودى يكتب أنه إنتحر إذا كان قد إستشهد بحسب التقليد القبطى.

ولاحظ أن السنهدريم حاكموا المسيح بتهمة دينية بأنه إدعى أنه إبن الله. ولما ذهبوا لبيلاطس إتهموه بتهمة مدنية أنه ضد قيصر ويمنع دفع الجزية (لو2: 23). ولماّ برأه بيلاطس من هذه التهمة (لو14: 23) بل وهيرودس (لو15: 23) غيروا التهمة أمام بيلاطس إلى تهمة دينية مرة أخرى (يو7: 19). وحاول بيلاطس إطلاقه إذ شعر بزيف التهمة. فغير اليهود كلامهم ثانية أن يسوع يقاوم قيصر (يو12: 19). ما يحدث هو تلفيق تهم ضد المسيح لقتله بأي وسيلة.

آية (يو13: 19): -.

"13فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هذَا الْقَوْلَ أَخْرَجَ يَسُوعَ، وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ «الْبَلاَطُ» وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ «جَبَّاثَا».".

بيلاطس أدرك خطة اليهود الخبيثة ضده فلم يجازف بحياته بل ضحى بالمسيح وكان شعاره فلأحيا أنا وليمت المسيح. جلس على كرسي الولاية = لينطق بحكم الصلب ضد المسيح. جبّاثا = البلاط = هو رصيف مرتفع مرصوف بقطع بلاط مرمر يتبع البيت وهو مرتفع مستدير ليراه كل الواقفين. يقع بين قلعة أنطونيا وبين الهيكل. وكان يجلس عليه الوالي وقت إصدار الأحكام.

آية (يو14: 19): -.

"14 وَكَانَ اسْتِعْدَادُ الْفِصْحِ، وَنَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَقَالَ لِلْيَهُودِ: «هُوَذَا مَلِكُكُمْ! ».".

هنا يحدد يوحنا يوم الحكم = إستعداد الفصح وساعة الحكم = السادسة = أنظر موضوع الساعة السادسة فيما يلي. ويوم الجمعة عموماً ما يسمى الإستعداد للسبت ولكن هذه الجمعة إسمها بالذات إستعداد الفصح لأن الفصح كان يوم السبت لذلك سمى هذا السبت عظيماً (آية31).

هوذا ملككم = هنا بيلاطس يسخر من اليهود. ولكنه دون أن يدرى يسجل الحقيقة.

آية (يو15: 19): -.

"15فَصَرَخُوا: «خُذْهُ! خُذْهُ! اصْلِبْهُ! » قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «أَأَصْلِبُ مَلِكَكُمْ؟ » أَجَابَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ: «لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَرَ! ».".

هم يريدون أن يتخلصوا من المسيح الذي يبكتهم. أأصلب ملككم = فيها أيضاً سخرية من بيلاطس، فاليهود ملكهم هو الله. ولكنهم بلعوا السخرية بل زادوها بقولهم ليس لنا ملك إلاّ قيصر = ولنلاحظ أن الذي قال ذلك ليس الشعب إنما رؤساء الكهنة وقارن مع (يو33: 8). نجدهم هنا وقد طمسوا معالم إيمانهم بل لقد جدّفوا. والله إستمع لما طلبوه فملًّك عليهم قيصر فأذلهم بل أحرقهم وأحرق دولتهم وإستعبدهم وشتتهم في كل الأرض "مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي" (عب31: 10) ولكن لنلاحظ أن الله إستخدم والٍ وثنى ليسمع اليهود ورؤساء كهنتهم كلام حق.

آية (يو16: 19): -.

"16فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ. فَأَخَذُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ.".

حسب القانون الروماني كان يتحتم أن يمر يومان على الأقل بين صدور الحكم بالإعدام ويوم تنفيذه. بل في أيام طيباريوس قيصر صارت المدة عشرة أيام، لعله يظهر دليل براءة للمتهم فلا يتم التنفيذ. ولكن عموماً لم يراع أحد القوانين في هذه القضية فاليهود متشوقين لقتله سريعاً خوفاً من تردد بيلاطس. هم حسبوا أن بيلاطس قد يأمر ثانية بإطلاق سراحه. وجنود الرومان ملهوفين على ذلك بدافع غطرستهم وتعصبهم لجنسهم (مزمور1: 2، 2) ومع أن الذي قام بالصلب عساكر الرومان قيل اسلمه إليهم ليصلب فمسئولية الصلب واقعة على اليهود حتماً.

هل صلب المسيح في الساعة الثالثة أم السادسة.

في (مر25: 15) وكانت الساعة الثالثة فصلبوه وفي (يو14: 19) وكان إستعداد الفصح ونحو الساعة السادسة فقال (بيلاطس) هو ذا ملككم.. فحينئذ أسلمه اليهود ليصلب:

كان اليهود يقسمون الليل إلى 4ساعات كبيرة ويقسمون النهار إلى 4ساعات كبيرة (الساعة الكبيرة = 3ساعات بتوقيتنا).

وتبدأ ساعات النهار عند شروق الشمس ولمدة (3ساعات بحسب ساعاتنا وتسمى الساعة الأولى. وتبدأ بعدها الساعة الثالثة ولمدة (3ساعات) وبعدها الساعة السادسة. وبهذا تنتهي الساعة الثالثة عند نصف النهار وتنتهي الساعة السادسة عند بعد الظهر وتمتد الساعة التاسعة للغروب. ولم تكن هناك ساعات في يدهم لتحديد الزمن، بل بالتقريب. وربما يطلقون على نهاية الساعة الثالثة أنها الساعة السادسة وعلى بداية السادسة أنها الثالثة. فالتدقيق في الساعات لم يكن مهماً في ذلك الوقت. فإن قال مرقس أن الصلب قد حدث في الساعة الثالثة فهو يقصد نهايتها وإذا قال يوحنا أن الصلب حدث في الساعة السادسة فهو يقصد بدايتها وكلاهما يصح التعبير عنه بطريقتهم كما حدث. ويقول أحد المفسرين أن نهاية أحد السواعى هو إبتداء الساعة الأخرى والقدر الذي بين الساعتين من الزمان مجهول. والفعل قد ينسب إلى زمانين (الثالثة والسادسة) لجواز وقوع طرفيه في طرفيهما، أي طرف الساعة الثالثة وطرف الساعة السادسة.

شروق الشمس

.

وأحداث الصلب (تسليم بيلاطس للسيد في يد اليهود / الحكم بالصلب / الجلد / الإهانات / كتابة اللوح / إقتسام الجند لثيابه / محاورة اللصين / إستهزاء العابرين / إعتراض المجتازين / صلب المسيح على الصليب) هذه الأحداث بدأت في الساعة الثالثة وإنتهت في الساعة السادسة. والظلمة حدثت في الساعة السادسة وإستمرت حتى الساعة التاسعة. وغالباً فقد قصد مرقس أن هذه الأحداث بدأت بصدور الحكم الذي صدر في خلال الساعة الثالثة. ويوحنا يشير بقوله نحو الساعة السادسة أن الأحداث التي يشير إليها كانت في نهاية الساعة الثالثة وقد إقتربنا من الساعة السادسة. أماّ قول القديس مرقس فصلبوه فيشير لصدور الحكم ضد السيد بالصلب وبداية الأحداث وإتفاق قرار بيلاطس مع إرادة اليهود في الصلب.

إلاّ أن بعض المفسرين ذهبوا لأن يوحنا يقصد بقوله الساعة السادسة أنها الساعة بالتوقيت الحالي أي فجراً ودليلهم على ذلك أن يوحنا كان يعيش في أفسس التي كانت تستخدم توقيتات مشابهة، وأنه عُثِرَ على كتابات تعود لذلك الزمان أن الشهيد فلان إستشهد في الساعة الثامنة صباحاً. والشهيد فلان أستشهد في العاشرة صباحاً مماّ يشير لإستخدام توقيت مشابه لتوقيتنا. والرأي الأول أرجح.

صلب يسوع (مت32: 27 - 56) + (مر21: 15 - 41) + (لو26: 23 - 49) + (يو16: 19 - 37).

الآيات (مت32: 27 - 56): -.

"32 وَفِيمَا هُمْ خَارِجُونَ وَجَدُوا إِنْسَانًا قَيْرَوَانِيًّا اسْمُهُ سِمْعَانُ، فَسَخَّرُوهُ لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ. 33 وَلَمَّا أَتَوْا إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ جُلْجُثَةُ، وَهُوَ الْمُسَمَّى «مَوْضِعَ الْجُمْجُمَةِ» 34أَعْطَوْهُ خَّلاً مَمْزُوجًا بِمَرَارَةٍ لِيَشْرَبَ. وَلَمَّا ذَاقَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَشْرَبَ. 35 وَلَمَّا صَلَبُوهُ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ: «اقْتَسَمُوا ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً». 36ثُمَّ جَلَسُوا يَحْرُسُونَهُ هُنَاكَ. 37 وَجَعَلُوا فَوْقَ رَأْسِهِ عِلَّتَهُ مَكْتُوبَةً: «هذَا هُوَ يَسُوعُ مَلِكُ الْيَهُودِ». 38حِينَئِذٍ صُلِبَ مَعَهُ لِصَّانِ، وَاحِدٌ عَنِ الْيَمِينِ وَوَاحِدٌ عَنِ الْيَسَارِ. 39 وَكَانَ الْمُجْتَازُونَ يُجَدِّفُونَ عَلَيْهِ وَهُمْ يَهُزُّونَ رُؤُوسَهُمْ 40قَائِلِينَ: «يَا نَاقِضَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، خَلِّصْ نَفْسَكَ! إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَانْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ! ». 41 وَكَذلِكَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ مَعَ الْكَتَبَةِ وَالشُّيُوخِ قَالُوا: 42«خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا! إِنْ كَانَ هُوَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ فَلْيَنْزِلِ الآنَ عَنِ الصَّلِيب فَنُؤْمِنَ بِهِ! 43قَدِ اتَّكَلَ عَلَى اللهِ، فَلْيُنْقِذْهُ الآنَ إِنْ أَرَادَهُ! لأَنَّهُ قَالَ: أَنَا ابْنُ اللهِ! ». 44 وَبِذلِكَ أَيْضًا كَانَ اللِّصَّانِ اللَّذَانِ صُلِبَا مَعَهُ يُعَيِّرَانِهِ. 45 وَمِنَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ. 46 وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟ » أَيْ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ 47فَقَوْمٌ مِنَ الْوَاقِفِينَ هُنَاكَ لَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: «إِنَّهُ يُنَادِي إِيلِيَّا». 48 وَلِلْوَقْتِ رَكَضَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَأَخَذَ إِسْفِنْجَةً وَمَلأَهَا خَّلاً وَجَعَلَهَا عَلَى قَصَبَةٍ وَسَقَاهُ. 49 وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَقَالُوا: «اتْرُكْ. لِنَرَى هَلْ يَأْتِي إِيلِيَّا يُخَلِّصُهُ! ». 50فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَأَسْلَمَ الرُّوحَ. 51 وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ، وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ، 52 وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ، وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ 53 وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ، وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ، وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ. 54 وَأَمَّا قَائِدُ الْمِئَةِ وَالَّذِينَ مَعَهُ يَحْرُسُونَ يَسُوعَ فَلَمَّا رَأَوْا الزَّلْزَلَةَ وَمَا كَانَ، خَافُوا جِدًّا وَقَالُوا: «حَقًّا كَانَ هذَا ابْنَ اللهِ! ». 55 وَكَانَتْ هُنَاكَ نِسَاءٌ كَثِيرَاتٌ يَنْظُرْنَ مِنْ بَعِيدٍ، وَهُنَّ كُنَّ قَدْ تَبِعْنَ يَسُوعَ مِنَ الْجَلِيلِ يَخْدِمْنَهُ، 56 وَبَيْنَهُنَّ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ، وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَيُوسِي، وَأُمُّ ابْنَيْ زَبْدِي.".

صُلِبَ المسيح يوم الجمعة، اليوم السادس، يوم سقط آدم وفيه تعرى من لباس البهاء وصار في هذا الجسد غير القادر أن يعاين بهاء الله ولا أن يراه، صار هذا الجسد لهُ حاجزاً كثيفاً. والظلمة التي حدثت تشير لظلمة عيون اليهود وعلامة على عقوبات قادمة كما عاقب الله فرعون بضربات منها الظلام. والظلمة هي مكان عقاب الأشرار. وكان الصلب يتم بأن يمدد المصلوب على خشبة الصليب إلى أقصى الحدود ثم يسمر بالمسامير. ويرفع الصليب ويضعونه في حفرة مُعَدَّة بطريقة عنيفة. وكانوا يستخدمون عقوبة الصلب مع العبيد والمجرمين. ولكن بالصلب ملك السيد على قلوب المؤمنين به. لذلك قال إشعياء "وتكون الرئاسة على كتفيه" (إش6: 9). وإبراهيم قدَّم إبنه إسحق في نفس المكان، وإسحق كان رمزاً للمسيح. وهذا المكان نفسه هو مكان الهيكل الذي كان يقدم فيه الذبائح رمزاً لذبيحة الصليب.

العدد 32

آية (مت32: 27): -

"32 وَفِيمَا هُمْ خَارِجُونَ وَجَدُوا إِنْسَانًا قَيْرَوَانِيًّا اسْمُهُ سِمْعَانُ، فَسَخَّرُوهُ لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ.".

قيروانياً = القيروان توجد في شمال إفريقيا، وفيها سكن كثير من اليهود. وكان لهم مجمع في أورشليم (أع9: 6). وقد صار إبنا سمعان وهما الكسندروس وروفس من المسيحيين المعروفين جداً (مر21: 15). وفي الطريق حيث حمل ربنا الصليب سقط عدة مرات فسخروا سمعان القيرواني ليحمل معه صليبه. فكان سمعان رمزاً للكنيسة التي تحتمل صليبها وتحمله لتشارك ربها صليبه وبالتالي تشاركه مجده. واضح أن المسيح لم يستطع حمل الصليب بسبب جروح الجلدات.

سخروه = يفهم من الكلمة أن سمعان أجبر على ذلك، وربما قال أنا برئ فلماذا أحمل الصليب. ولم يدرى وقتها ربما، أي كرامة ومجد حصل عليهما إذ إشترك مع المسيح في صليبه. وهذا ما يحدث مع كل منا إذ تواجهه تجربة فيقول "أنا برئ" "أنا لم أفعل شئ" فلماذا هذه التجربة. ولكن لنعلم أن كل من تألم معه يتمجد أيضاً معه (رو17: 8).

العدد 33

آية (مت

33: 27): -.

"33 وَلَمَّا أَتَوْا إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ جُلْجُثَةُ، وَهُوَ الْمُسَمَّى «مَوْضِعَ الْجُمْجُمَةِ».".

يقال لُه الجمجمة = لأنه يقال أن آدم كان مدفوناً في هذا الموقع. أو أن الصخرة تشبه الجمجمة أو لكثرة المصلوبين في ذلك المكان وكثرة جماجمهم. المهم أن المسيح صُلِبَ ومات ليعطى حياة لآدم وبنيه (صُلِبَ على شجرة لأجل من مات بسبب شجرة).

العدد 34

آية (مت34: 27): -

"34أَعْطَوْهُ خَّلاً مَمْزُوجًا بِمَرَارَةٍ لِيَشْرَبَ. وَلَمَّا ذَاقَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَشْرَبَ.".

خلاً ممزوجاً بمرارة = هذا كان نوع من الشراب الذي يشربه الرومان عادة وهو خمر ممزوج بأعشاب مرة وله تأثير مخدر. وكان يعطى للمصلوبين لتخفيف آلامهم. لكن السيد رفض أن يشرب حتى يحمل الألم بكماله بإرادته الحرة.

الأعداد 35-36

آية (مت35: 27): -

"35 وَلَمَّا صَلَبُوهُ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ: «اقْتَسَمُوا ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً».".

قسموا ثيابه أربعة أقسام (يو23: 19) إشارة لإنتشار الكنيسة لأربعة جهات المسكونة. وقميصه لم يقطع ويقسم لأن كنيسته واحدة، وغرض المسيح أن تكون بلا إنشقاقات ولا إنقسام. ثوبه منسوج من فوق = أي كنيسته طبعها سماوي، هي منسوجة بيد الله نفسه ومن عمل روحه القدوس (مزمور18: 22).

العدد 37

آية (مت37: 27): -

"37 وَجَعَلُوا فَوْقَ رَأْسِهِ عِلَّتَهُ مَكْتُوبَةً: «هذَا هُوَ يَسُوعُ مَلِكُ الْيَهُودِ».".

هذه الجملة تختلف في البشائر ولكن البشيرين كتبوا الجملة وإهتموا بالمعنى دون الحروف (راجع نش11: 3).

العدد 38

آية (مت

38: 27): -.

"38حِينَئِذٍ صُلِبَ مَعَهُ لِصَّانِ، وَاحِدٌ عَنِ الْيَمِينِ وَوَاحِدٌ عَنِ الْيَسَارِ.".

جلس معلمو اليهود على كراسي يعلمون كمن هم من فوق، يوبخون وينتهرون، يخشون أن يلمسوا نجساً فيتنجسوا، أماّ السيد فقدم مفهوماً جديداً إذ ترك الكرسي ليحُصى بين الأثمة والمجرمين، يدخل في وسطهم ويشاركهم آلامهم حتى إلى الصليب ويقبل تعييراتهم، معلناْ لهم حبه العملي لينطلق بهم إلى حضن أبيه.

الأعداد 39-44

الآيات (مت

39: 27 - 44): -.

"39 وَكَانَ الْمُجْتَازُونَ يُجَدِّفُونَ عَلَيْهِ وَهُمْ يَهُزُّونَ رُؤُوسَهُمْ 40قَائِلِينَ: «يَا نَاقِضَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، خَلِّصْ نَفْسَكَ! إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَانْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ! ». 41 وَكَذلِكَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ مَعَ الْكَتَبَةِ وَالشُّيُوخِ قَالُوا: 42«خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا! إِنْ كَانَ هُوَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ فَلْيَنْزِلِ الآنَ عَنِ الصَّلِيب فَنُؤْمِنَ بِهِ! 43قَدِ اتَّكَلَ عَلَى اللهِ، فَلْيُنْقِذْهُ الآنَ إِنْ أَرَادَهُ! لأَنَّهُ قَالَ: أَنَا ابْنُ اللهِ! ». 44 وَبِذلِكَ أَيْضًا كَانَ اللِّصَّانِ اللَّذَانِ صُلِبَا مَعَهُ يُعَيِّرَانِهِ.".

هنا نرى الإستهزاء بالسيد فمن ناحية تكاتفت كل قوى الشر ضد السيد لتقديم أَمّر صورة للصلب ومن ناحية أخرى فلقد بدأ الشيطان فيما يبدو يتحسس خطورة الصليب فأثار هؤلاء المجدفين ليثيروا المسيح فينزل من على الصليب ليوقف عملية الفداء وما كان أتعس حال البشرية لو نزل المسيح فعلاً من على الصليب.

العدد 45

آية (مت

45: 27): -.

"45 وَمِنَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ.".

كانت الظلمة ظلمة إعجازية ولم تكن كسوفاً فالقمر كان بدراً لا هلالاً (عيد الفصح يأتي في اليوم الرابع عشر من الشهر القمري) ومن المعروف أن الكسوف لا يحدث إلاّ والقمر محاق أي في نهاية الشهر القمري. والشمس قد حجبت نورها عدة ساعات لأن إله الطبيعة متألَمّ. لذلك فأحد علماء الفلك والفلسفة اليونانية علَّق على هذا الكسوف غير الطبيعي بقوله "إماّ أن إله الكون يتألَّم وإماّ يكون كيان العالم ينحل". ولماّ ذهب بولس الرسول إلى أثينا وذهب إلى أريوس باغوس وتكلم عن أن المسيح مات وقام وأنه هو الله، كان هذا الفيلسوف الوثني حاضراً وهو ديونيسيوس الأريوباغى (أع22: 17 - 34). وذلك لأن ديونيسيوس خرج وراء بولس وسأله متى تألَّم يسوع الذي يبشر به ومتى مات فلماّ حدّد لهُ الوقت والسنة تذكر قوله المذكور سابقاً وآمن. والظلمة التي سادت كانت إعلاناً عن الظلمة التي سادت العالم منذ لحظة السقوط ثم أشرق النور ثانية بعد أن مات المسيح وتمت المصالحة. وهذه الساعة التي أظلمت فيها الشمس في وسط النهار تنبأ عنها الأنبياء (زك6: 14، 7 + عا9: 8، 10). وفيه نرى أن عيد فصحهم صار نوحاً لهم إذ بكت النسوة وغابت الشمس. بل بدأ في نهاية أمتهم وإنشقاق حجاب هيكلهم إذ تخلى عنهم الله.

الأعداد 46-47

آية (مت

46: 27 - 47): -.

"46 وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟ » أَيْ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ 47فَقَوْمٌ مِنَ الْوَاقِفِينَ هُنَاكَ لَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: «إِنَّهُ يُنَادِي إِيلِيَّا».

صرخ يسوع بصوت عظيم = كان المسيح في النزع الأخير، ولو كان إنساناً عادياً ما إستطاع أن يصرخ بصوت عظيم. فهذا يدل على لاهوته. وهو قال إلهي إلهي وهذا يدل على ناسوته. وبهذا دلَّ المسيح على أنه الإله المتأنس أو الله ظهر في الجسد. وصياحه هذا يدل على أن آلامه حقيقية وجسده حقيقياً لا خيال فالمصلوب المتألّم لا يستطيع الصراخ بصوت عظيم، وقوله إلهي إلهي لماذا تركتني إشارة إلى أنه إنسان كامل تحت الآلام. فهذه الآية تشير للاهوته وناسوته. إيلى = كلمة عبرانية معناها "إلهي" وبالسريانية إلوى (مر34: 15).

إلهي إلهي لماذا تركتني = المسيح هنا كممثل للبشرية التي سقطت تحت سلطان الظلمة يصرخ في أنين من ثقلها كمن في حالة ترك، فإذ أحنى السيد رأسه ليحمل خطايا البشرية كلهما صار كمن قد حجب الآب وجهه عنه حتى يحطم سلطان الخطية بدفع الثمن كاملاً، فيعود بنا نحن البشر إلى وجه الآب الذي كان محتجباً عنا. وبهذا تكون صرخة المسيح إلهي إلهي لماذا تركتني تحمل المعاني الآتية.

إحتجاب وجه الآب عن الإبن كحامل خطايا العالم، وهذه يصعب فهمها على مستوانا البشرى، كيف حدث هذا؟ لن نفهم ولكن كان هذا سبباً لألام المسيح غير المحتملة.

إلهي إلهي لماذا تركتني هو الإسم العبري (لمزمور22) الذى يتنبأ عن ألام المسيح ولو تذكر اليهود الذين يهزأون بالسيد كلمات هذا المزمور لوجدوها تنطبق عليه.

إذا فكَّر أيٌ مناّ في هذه الكلمات، ولماذا ترك الآب إبنه لهذه الآلام، تكون الإجابة.. لأجلى أنا فهو لا يستحق هذه الآلام.

لقد قبل الإبن أن ينظر الآب إليه كخاطئ لأجلنا وهو حمل الخطية في جسده وحمل لعنتها. ونلاحظ أن المارة أخطأوا فهم أو سمع ما يقول المسيح فالمسيح قال ما قاله بالآرامية فكان "إيلى إيلى لما شبقتنى" وهم أخطأوا السمع فظنوه ينادى إيليا. وقولهم إنه ينادى إيليا فيه سخرية منه إذ المعروف أن إيليا يسبق المسيح.

الأعداد 48-49

آية (مت48: 27 - 49): -

"48 وَلِلْوَقْتِ رَكَضَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَأَخَذَ إِسْفِنْجَةً وَمَلأَهَا خَّلاً وَجَعَلَهَا عَلَى قَصَبَةٍ وَسَقَاهُ. 49 وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَقَالُوا: «اتْرُكْ. لِنَرَى هَلْ يَأْتِي إِيلِيَّا يُخَلِّصُهُ! ».

هو رفض أن يشرب الخل الممزوج بمرارة الذي له مفعول تسكين الألم. لكنه شرب الخل فقط. ولاحظ أن الخل يزيد من إحساس العطش.

العدد 50

آية (مت50: 27): -

"50فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.".

وأسلم الروح = يدل ذلك أنه سَلَّم روحه بإختياره لا عن قهر صالبيه وكان المصلوب ربما يستمر أياماً على الصليب. لذلك وبسبب الفصح كسروا سيقان اللصين ليموتا سريعاً. أماّ المسيح فلم ينتظر أن يكسروا ساقيه فيكونوا هم الذين تسببوا في موته سريعاً بل هو بسلطانه أسلم روحه (يو17: 10، 18). لقد مات السيد قبل كسر رجليه ليعلم الجميع أنه مات بإرادته وليس بكسر رجليه أو بإرادة آخرين. وكان هذا تحقيقاً للنبوات. وكان موته سبباً في طعن جنبه بالحربة ليتحققوا من موته، فكان هذا أيضاً لتحقيق نبوة زكريا "لينظروا إلىَّ الذي طعنوه" (زك10: 12). ولقد تعجب بيلاطس من موته سريعاً. ونلاحظ صراخه ثانية بصوت عظيم. وهذا لا يحدث مع من يُسِلمْ الروح بطرية عادية، ولكنه أسلم الروح وهو في ملء حياته.

العدد 51

آية (مت51: 27): -

"51 وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ، وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ،".

حجاب الهيكل إنشق = إنشقاق الحجاب الذي يفصل القدس عن قدس الأقداس يكشف عن عمل المسيح الخلاصى، إذ بموته إنفتح باب السموات للمرة الأولى، لكي بدالة ندخل قدس الأقداس الإلهية خلال إتحادنا بالمسيح. وكان قدس الأقداس لا يدخله سوى رئيس الكهنة ولمرة واحدة في السنة يوم عيد الكفارة، والحجاب كان ليحجب مجد الله الذي يظهر ما بين الكروبين المظللين لتابوت العهد. وكان مذبح البخور الذي يرمز لشفاعة المسيح خارج قدس الأقداس، هو موجود في القدس. ولكن بعد شق الحجاب تراءى مذبح البخور لقدس الأقداس وهذا يشير إلى أن المسيح بموته على الصليب دخل إلى السماء ليشفع فينا أمام الآب شفاعة كفارية. ولذلك قال بولس الرسول أن شق الحجاب يرمز لموت المسيح على الصليب بل أن الحجاب نفسه يرمز لجسد المسيح (عب19: 10 + عب24: 9).

ومن ناحية أخرى فشق الحجاب كان يدل على نهاية الكهنوت اليهودي "هو ذا بيتكم يترك لكم خراباً" (مت38: 23). ويوسيفوس المؤرخ اليهودي يقول أنه في وقت صلب الرب خرج من الهيكل أصوات قوات سمائية تقول "لنرحل من هنا" أماّ الحجاب في الكنائس المسيحية فهو ليس ليحجب مجد الله عن أحد، بل بحسب إسمه اليوناني إيكون ستاسيس أي حامل الأيقونات. ووضع الأيقونات عليه إشارة لأن هؤلاء القديسين هم في السماء، فالهيكل هو رمز للسماء في الكنيسة. ويوجد ستر يفتحه الكاهن (رمز لكهنوت المسيح) حينما يبدأ الصلاة، وفي يده الصليب، بمعنى أن المسيح الكاهن قدم ذبيحة نفسه بالصليب فإنفتح الحجاب ولم تعد السماء محتجبة عنا.

الأرض تزلزلت والصخور تشققت = عجيب أن تتحرك الطبيعة الصماء ولا تتحرك قلوب اليهود. ولكن ما حدث كان إشارة لأن الأرض كلها ستتزلزل بالإيمان المسيحي، ويترك الناس الأمم وثنيتهم وتتكسر قلوبهم الصخرية وتتحول إلى قلوب لحمية تحب المسيح وتؤمن به (حز19: 11). وبموت المسيح تزلزل إنساننا العتيق الأرضى داخل مياه المعمودية إذ نموت معهُ وننعم بالإنسان الجديد المقام من الأموات.

الأعداد 52-53

الآيات (مت52: 27 - 53)

: -.

"52 وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ، وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ 53 وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ، وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ، وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ.".

غالباً تفتحت القبور بفعل الزلزلة ولم يستطيعوا إغلاقها لأن اليوم يوم سبت، وعند قيامة المسيح قام الأموات علامة إنتصار المسيح على الموت. وبقيامة هؤلاء الأموات تتكامل الصورة السابقة فلقد تحطم القلب الحجري أي مات الإنسان العتيق وقام الإنسان الجديد (هذا ما يحدث مع المعمودية والتوبة) وقيامة الأموات كما تشير لقيامتنا الروحية تشير أيضاً لقيامة الأجساد في يوم الرب العظيم. فهناك خطاة موتى يسمعون صوت المسيح الآن فيتوبون ويحيون.. وفي اليوم الأخير يسمع من في القبور صوته فيقومون (يو25: 5 - 29) وكان خروج الموتى من قبورهم آية لليهود وكثيرون آمنوا. وهم لم يظهروا لكل الناس بدليل قوله وظهروا لكثيرين = ظهروا لمن هو متشكك ولكن قلبه مخلص لله، يطلب الله ولا يعرف، فالله يساعده برؤية مثل هذه. ولكن من قلوبهم متحجرة لن تنفعهم مثل هذه الأدلة فهم حين أقام السيد لعازر فكروا في قتله ثانية.

العدد 54

آية (مت54: 27)

: -.

"54 وَأَمَّا قَائِدُ الْمِئَةِ وَالَّذِينَ مَعَهُ يَحْرُسُونَ يَسُوعَ فَلَمَّا رَأَوْا الزَّلْزَلَةَ وَمَا كَانَ، خَافُوا جِدًّا وَقَالُوا: «حَقًّا كَانَ هذَا ابْنَ اللهِ! ».".

قائد المئة سمع سخرية اليهود على المسيح وقولهم "إن كنت إبن الله". ولماّ حدث ما حدث آمن بالمسيح، وكان إيمانه إيذاناً بدخول الأمم للإيمان.

الآيات (مر21: 15 - 41): -.

"21فَسَخَّرُوا رَجُلاً مُجْتَازًا كَانَ آتِيًا مِنَ الْحَقْلِ، وَهُوَ سِمْعَانُ الْقَيْرَوَانِيُّ أَبُو أَلَكْسَنْدَرُسَ وَرُوفُسَ، لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ. 22 وَجَاءُوا بِهِ إِلَى مَوْضِعِ «جُلْجُثَةَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ مَوْضِعُ «جُمْجُمَةٍ». 23 وَأَعْطَوْهُ خَمْرًا مَمْزُوجَةً بِمُرّ لِيَشْرَبَ، فَلَمْ يَقْبَلْ. 24 وَلَمَّا صَلَبُوهُ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا: مَاذَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ؟ 25 وَكَانَتِ السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ فَصَلَبُوهُ. 26 وَكَانَ عُنْوَانُ عِلَّتِهِ مَكْتُوبًا: «مَلِكُ الْيَهُودِ». 27 وَصَلَبُوا مَعَهُ لِصَّيْنِ، وَاحِدًا عَنْ يَمِينِهِ وَآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ. 28فَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: « وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ». 29 وَكَانَ الْمُجْتَازُونَ يُجَدِّفُونَ عَلَيْهِ، وَهُمْ يَهُزُّونَ رُؤُوسَهُمْ قَائِلِينَ: «آهِ يَا نَاقِضَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ! 30خَلِّصْ نَفْسَكَ وَانْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ! » 31 وَكَذلِكَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَهُمْ مُسْتَهْزِئُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ مَعَ الْكَتَبَةِ، قَالُوا: «خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا! 32لِيَنْزِلِ الآنَ الْمَسِيحُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ عَنِ الصَّلِيبِ، لِنَرَى وَنُؤْمِنَ! ». وَاللَّذَانِ صُلِبَا مَعَهُ كَانَا يُعَيِّرَانِهِ. 33 وَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ السَّادِسَةُ، كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ. 34 وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِلُوِي، إِلُوِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟ » اَلَّذِي تَفْسِيرُهُ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ 35فَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْحَاضِرِينَ لَمَّا سَمِعُوا: «هُوَذَا يُنَادِي إِيلِيَّا». 36فَرَكَضَ وَاحِدٌ وَمَلأَ إِسْفِنْجَةً خَّلاً وَجَعَلَهَا عَلَى قَصَبَةٍ وَسَقَاهُ قَائِلاً: «اتْرُكُوا. لِنَرَ هَلْ يَأْتِي إِيلِيَّا لِيُنْزِلَهُ! » 37فَصَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ. 38 وَانْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. 39 وَلَمَّا رَأَى قَائِدُ الْمِئَةِ الْوَاقِفُ مُقَابِلَهُ أَنَّهُ صَرَخَ هكَذَا وَأَسْلَمَ الرُّوحَ، قَالَ: «حَقًّا كَانَ هذَا الإِنْسَانُ ابْنَ اللهِ! » 40 وَكَانَتْ أَيْضًا نِسَاءٌ يَنْظُرْنَ مِنْ بَعِيدٍ، بَيْنَهُنَّ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ، وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ الصَّغِيرِ وَيُوسِي، وَسَالُومَةُ، 41اللَّوَاتِي أَيْضًا تَبِعْنَهُ وَخَدَمْنَهُ حِينَ كَانَ فِي الْجَلِيلِ. وَأُخَرُ كَثِيرَاتٌ اللَّوَاتِي صَعِدْنَ مَعَهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ.".

آية (مر26: 15): -.

"26 وَكَانَ عُنْوَانُ عِلَّتِهِ مَكْتُوبًا: «مَلِكُ الْيَهُودِ».".

ملك اليهود = قيل أن بيلاطس لغيظه من اليهود كتب هذا إعلاناً عن صلب ملك اليهود.

آية (مر27: 15): -.

"27 وَصَلَبُوا مَعَهُ لِصَّيْنِ، وَاحِدًا عَنْ يَمِينِهِ وَآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ.".

لقد إحتل اللصين المكانين الذين طلبهما من قبل يعقوب ويوحنا، يمينه ويساره لقد سَمَّر المسيح الخطية حتى لا تملك مرة أخرى. وبسط يديه ليمسك بكل الخليقة ويحملها بذراعيه ليقدمها للآب. وهو مازال فاتحاً ذراعيه فلنسرع بالتوبة ونرتمي بينهما.

آية (مر28: 15): -.

"28فَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: « وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ».".

(أش12: 53).

الآيات (مر29: 15 - 31): -.

"29 وَكَانَ الْمُجْتَازُونَ يُجَدِّفُونَ عَلَيْهِ، وَهُمْ يَهُزُّونَ رُؤُوسَهُمْ قَائِلِينَ: «آهِ يَا نَاقِضَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ! 30خَلِّصْ نَفْسَكَ وَانْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ! » 31 وَكَذلِكَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَهُمْ مُسْتَهْزِئُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ مَعَ الْكَتَبَةِ، قَالُوا: «خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا!".

قال لهُ المستهزئون "يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام" وإنتشرت هذه العبارة سريعاً وصارت شاهدة عليهم بعد قيامته بعد 3أيام. بل هم نشروا خبر قيامته بعد 3أيام دون أن يدروا. وقولهم خلَّص آخرين = كان فيه إعتراف من رؤساء الكهنة والقيادات بأن أعماله كانت صالحة. وأنه أتى ليخلص آخرين وليس نفسه.

آية (مر33: 15): -.

"33 وَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ السَّادِسَةُ، كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ.".

في اللحظة التي صدر حكم الموت على آدم وحواء وأدركا أنهما تحت حكم الموت، سادت الظلمة على الأرض ليحمل آدم الجديد ذات الحكم وهو معلق على الشجرة.

لهذا فالظلمة هنا تشير إلى السلطان الذي أُعطِى للظلمة على السيد المسيح إلى حين كقوله "هذه ساعتكم وسلطان الظلمة" (لو53: 22).

فآدم خالف الوصية في اليوم السادس وفي حوالي الساعة السادسة (كما جاء في التكوين أن صوت الرب كان ماشياً في النهار). وسادت الظلمة بالخطية على العالم إلى أن أنهاها المسيح بموته في الساعة التاسعة.

آية (مر34: 15): -.

"34 وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِلُوِي، إِلُوِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟ » اَلَّذِي تَفْسِيرُهُ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟".

إلهي إلهي لماذا تركتني = لن نستطيع فهم هذه العبارة تماماً، كما لن نستطيع فهم ألام المسيح تماماً ولكننا نقف صامتين أمام عظمة كفارة المسيح.

آية (مر37: 15): -.

"37فَصَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.".

وأسلم الروح = موته لم يكن بأسباب طبيعية بل بسلطانه أسلم روحه لذلك لم يقل أيٌ من البشيرين أنه مات بل هو أسلم الروح طواعية. والمسيح بعد أن أسلم الروح نزل إلى الجحيم يكرز لهم ويخرج من مات على الرجاء من أباء العهد القديم (1بط19: 3 + أف9: 4، 10).

آية (مر38: 15): -.

"38 وَانْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ.".

شق حجاب الهيكل يشير لأن اليهود صاروا غير مستحقين لوجود الله في وسطهم وكما غادر الرب الهيكل مرة سابقة فخربه البابليين (حز18: 10 + 23: 11) فارقه هذه المرة أيضاً فحطمه الرومان سنة 70م.

آية (مر41: 15): -.

"41اللَّوَاتِي أَيْضًا تَبِعْنَهُ وَخَدَمْنَهُ حِينَ كَانَ فِي الْجَلِيلِ. وَأُخَرُ كَثِيرَاتٌ اللَّوَاتِي صَعِدْنَ مَعَهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ.".

النساء تبعن السيد في شجاعة بينما الرجال هربوا.

الآيات (لو26: 23 - 49): -.

"26 وَلَمَّا مَضَوْا بِهِ أَمْسَكُوا سِمْعَانَ، رَجُلاً قَيْرَوَانِيًّا كَانَ آتِيًا مِنَ الْحَقْلِ، وَوَضَعُوا عَلَيْهِ الصَّلِيبَ لِيَحْمِلَهُ خَلْفَ يَسُوعَ. 27 وَتَبِعَهُ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الشَّعْبِ، وَالنِّسَاءِ اللَّوَاتِي كُنَّ يَلْطِمْنَ أَيْضًا وَيَنُحْنَ عَلَيْهِ. 28فَالْتَفَتَ إِلَيْهِنَّ يَسُوعُ وَقَالَ: «يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ، لاَ تَبْكِينَ عَلَيَّ بَلِ ابْكِينَ عَلَى أَنْفُسِكُنَّ وَعَلَى أَوْلاَدِكُنَّ، 29لأَنَّهُ هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُونَ فِيهَا: طُوبَى لِلْعَوَاقِرِ وَالْبُطُونِ الَّتِي لَمْ تَلِدْ وَالثُّدِيِّ الَّتِي لَمْ تُرْضِعْ! 30حِينَئِذٍ يَبْتَدِئُونَ يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ: اسْقُطِي عَلَيْنَا! وَلِلآكَامِ: غَطِّينَا! 31لأَنَّهُ إِنْ كَانُوا بِالْعُودِ الرَّطْبِ يَفْعَلُونَ هذَا، فَمَاذَا يَكُونُ بِالْيَابِسِ؟ ». 32 وَجَاءُوا أَيْضًا بِاثْنَيْنِ آخَرَيْنِ مُذْنِبَيْنِ لِيُقْتَلاَ مَعَهُ. 33 وَلَمَّا مَضَوْا بِهِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُدْعَى «جُمْجُمَةَ» صَلَبُوهُ هُنَاكَ مَعَ الْمُذْنِبَيْنِ، وَاحِدًا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ. 34فَقَالَ يَسُوعُ: «يَاأَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ». وَإِذِ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ اقْتَرَعُوا عَلَيْهَا. 35 وَكَانَ الشَّعْبُ وَاقِفِينَ يَنْظُرُونَ، وَالرُّؤَسَاءُ أَيْضًا مَعَهُمْ يَسْخَرُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «خَلَّصَ آخَرِينَ، فَلْيُخَلِّصْ نَفْسَهُ إِنْ كَانَ هُوَ الْمَسِيحَ مُخْتَارَ اللهِ! ». 36 وَالْجُنْدُ أَيْضًا اسْتَهْزَأُوا بِهِ وَهُمْ يَأْتُونَ وَيُقَدِّمُونَ لَهُ خَلاُ، 37قَائِلِينَ: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ مَلِكَ الْيَهُودِ فَخَلِّصْ نَفْسَكَ! ». 38 وَكَانَ عُنْوَانٌ مَكْتُوبٌ فَوْقَهُ بِأَحْرُفٍ يُونَانِيَّةٍ وَرُومَانِيَّةٍ وَعِبْرَانِيَّةٍ: «هذَا هُوَ مَلِكُ الْيَهُودِ». 39 وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ قَائِلاً: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ، فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا! » 40فَأجَابَ الآخَرُ وَانْتَهَرَهَُ قَائِلاً: «أَوَلاَ أَنْتَ تَخَافُ اللهَ، إِذْ أَنْتَ تَحْتَ هذَا الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ؟ 41أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْل، لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا، وَأَمَّا هذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ». 42ثُمَّ قَالَ لِيَسُوعَ: «اذْكُرْنِي يَارَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ». 43فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ». 44 وَكَانَ نَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ، فَكَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ. 45 وَأَظْلَمَتِ الشَّمْسُ، وَانْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ مِنْ وَسْطِهِ. 46 وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَ: «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». وَلَمَّا قَالَ هذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ. 47فَلَمَّا رَأَى قَائِدُ الْمِئَةِ مَا كَانَ، مَجَّدَ اللهَ قَائِلاً: «بِالْحَقِيقَةِ كَانَ هذَا الإِنْسَانُ بَارًّا! » 48 وَكُلُّ الْجُمُوعِ الَّذِينَ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ لِهذَا الْمَنْظَرِ، لَمَّا أَبْصَرُوا مَا كَانَ، رَجَعُوا وَهُمْ يَقْرَعُونَ صُدُورَهُمْ. 49 وَكَانَ جَمِيعُ مَعَارِفِهِ، وَنِسَاءٌ كُنَّ قَدْ تَبِعْنَهُ مِنَ الْجَلِيلِ، وَاقِفِينَ مِنْ بَعِيدٍ يَنْظُرُونَ ذلِكَ.".

آية (لو26: 23): -.

"26 وَلَمَّا مَضَوْا بِهِ أَمْسَكُوا سِمْعَانَ، رَجُلاً قَيْرَوَانِيًّا كَانَ آتِيًا مِنَ الْحَقْلِ، وَوَضَعُوا عَلَيْهِ الصَّلِيبَ لِيَحْمِلَهُ خَلْفَ يَسُوعَ.".

سمعان = يسمع. قيروان = ميراث. وهو من مدينة وثنية في ليبيا فهو يشير لكنيسة الأمم الوثنية التي إستمعت للمسيح وحملت صليبه لتصير وارثة للملكوت.

الآيات (لو27: 23 - 31): -.

"27 وَتَبِعَهُ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الشَّعْبِ، وَالنِّسَاءِ اللَّوَاتِي كُنَّ يَلْطِمْنَ أَيْضًا وَيَنُحْنَ عَلَيْهِ. 28فَالْتَفَتَ إِلَيْهِنَّ يَسُوعُ وَقَالَ: «يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ، لاَ تَبْكِينَ عَلَيَّ بَلِ ابْكِينَ عَلَى أَنْفُسِكُنَّ وَعَلَى أَوْلاَدِكُنَّ، 29لأَنَّهُ هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُونَ فِيهَا: طُوبَى لِلْعَوَاقِرِ وَالْبُطُونِ الَّتِي لَمْ تَلِدْ وَالثُّدِيِّ الَّتِي لَمْ تُرْضِعْ! 30حِينَئِذٍ يَبْتَدِئُونَ يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ: اسْقُطِي عَلَيْنَا! وَلِلآكَامِ: غَطِّينَا! 31لأَنَّهُ إِنْ كَانُوا بِالْعُودِ الرَّطْبِ يَفْعَلُونَ هذَا، فَمَاذَا يَكُونُ بِالْيَابِسِ؟ ».".

أولاً المسيح يوجه كلامه للنساء الباكيات ليظهر أنهن كن أمينات للحق بينما الرجال ثاروا ضد الحق. وهذا فيه إكرام لدور المرأة، ولنلاحظ أن لوقا يكتب للأمم الذين لا يحترموا النساء. ولكن السيد المسيح يوجه نظر هؤلاء النسوة لأن يوجهن دموعهن من الشفقة البشرية عليه، إلى التوبة الصادقة وطلب خلاص نفوسهن ونفوس أولادهن. والحقيقة أن المسيح يتوجه بكلامه لكل اليهود فقوله يا بنات أورشليم يشير لكل الأمة اليهودية ليعلن لهم أنهم عليهم أن ينوحوا بالحرى على ما سيحل بأورشليم من خراب على يد الرومان. فإن كان قد صدر الحكم على العود الرطب، أي المثمر الحي والمقصود المسيح، والحكم كان الجلد والصلب، فكم وكم سيكون الحكم الذي يصدر على اليابس أي اليهود الذين هم كشجرة التين غير المثمرة، ولنذكر ما صنعه الرومان بأورشليم سنة 70م. ولاحظ أنه من الطبيعي أن يستخدم الأعواد الجافة لإشعال النار وليس الأعواد الرطبة.

وإذا كانوا قد فعلوا هذا بالعود الرطب أي المسيح الذي لم يسئ إلى الرومان بل أن بيلاطس شهد ببراءته فكم وكم سيفعلون باليهود الذين سيثورون ضد قيصر. وإن كان الله قد سمح بكل هذه الآلام علىَّ وأنا لم أخطئ بل كنت ذبيحة خطية فكم وكم سيصنع بالأشرار الخطاة. إن التأمل في ألام المسيح تدفعنا أن نقف في خوف من عقاب الله للأشرار. المسيح هنا وهو في منتهى ضعفه إحتفظ بجلاله الملوكي إذ ليس هو الذي يُبكىَ عليه.

طوبى للعواقر والبطون.. حتى لا يرون أبناءهن في هذا العذاب.

يقولون للجبال إسقطي علينا.. = هذه نفس الكلمات التي يرددها الأشرار في الأيام الأخيرة (رؤ16: 6). وبذلك نفهم أن سقوط الجبال على الأشرار لهو أخف من رؤيتهم للعذاب الأخير والآلام التي يسمح بها الرب لتقع على الأشرار.

آية (لو34: 23): -.

"34فَقَالَ يَسُوعُ: «يَاأَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ». وَإِذِ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ اقْتَرَعُوا عَلَيْهَا.".

إغفر لهم لأنهم لا يعلمون = هم حين صلبوا المسيح تصوروا أنهم يقتلونه حسب الناموس لأنه في نظرهم أهان الناموس. ولكنهم لم يعلموا أنهم بهذا يكملون الناموس. وهم ظنوا أن المسيح هو إنسان عادى ولم يفهموا أنه إبن الله، فهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد (1كو8: 2). وهكذا الجنود الرومان أيضاً لا يعلمون شيئاً بل هم ينفذون أوامر الوالي الروماني. المسيح هنا وهو مغطى بالدم بدأ شفاعته الكفارية، فكفارة = cover فهو غطانا بدمه. إذاً طلب الغفران هنا هو شفاعة كفارية. والمعنى لقد تممت إرادتك إيها الآب بالتكفير عن خطايا البشر فإغفر لهم. جسده تغطي بدمه بدأً بعرقه المختلط بدمه الذى سال من كل جسده ثم نزيف الدم الناتج عن الجلد والمسامير وإكليل الشوك، لم يكن هناك جزء غير مغطى بالدم، وكنيسته هي جسده (أف5: 30) وقد غطاها بدمه = كفارة. ولما حدثت الكفارة طلب الغفران.

آية (لو38: 23): -.

38 وَكَانَ عُنْوَانٌ مَكْتُوبٌ فَوْقَهُ بِأَحْرُفٍ يُونَانِيَّةٍ وَرُومَانِيَّةٍ وَعِبْرَانِيَّةٍ: «هذَا هُوَ مَلِكُ الْيَهُودِ».

الأربعة أناجيل مختلفين في ما كتب على الصليب لأنهم إهتموا بالمعنى لا بالحرف. ولو جمعنا المكتوب سنجد أن ما كتب فعلاً "هذا هو يسوع الناصري ملك اليهود" هذه الجملة كتبت بكل اللغات المعروفة للعالم آنذاك فالفلسفة جعلت اليونانية مشهورة والقوانين والسلطة والإدارة الرومانية جعلت اللاتينية لغة مشهورة والكتاب المقدس العهد القديم مكتوب بالعبرانية وهذا جعل العبرانية معروفة. وبذلك كان في اللغات الثلاث التي كتبت بها هذه العبارة كرازة لكل العالم المعروف، وفيها إعلان أن المسيح ملك على العالم كله.

الآيات (لو39: 23 - 43): -.

"39 وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ قَائِلاً: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ، فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا! » 40فَأجَابَ الآخَرُ وَانْتَهَرَهَُ قَائِلاً: «أَوَلاَ أَنْتَ تَخَافُ اللهَ، إِذْ أَنْتَ تَحْتَ هذَا الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ؟ 41أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْل، لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا، وَأَمَّا هذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ». 42ثُمَّ قَالَ لِيَسُوعَ: «اذْكُرْنِي يَارَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ». 43فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ».".

بدأ اللصين بالتجديف على السيد (مت44: 27). وكانا كلاهما يعيرانه ثم بدأ لص منهم يراجع نفسه ويذكر خطاياه هو، فصار كشعلة منتشله من النار (زك2: 3) أما الآخر فكان مصراً على تجديفه، وبالرغم من كل ألامه لم يمنع لسانه. وكما يقول الحكيم "إن دققت الأحمق في هاون فلن تفارقه حماقته" والكنيسة تعودت أن تطلق على اللص التائب، اللص اليمين فهو بتوبته وبإيمانه بالسيد المسيح صار عن اليمين مثل الخراف وترك المكان الأيسر الذي للجداء للص الآخر (مت33: 25). والمسيح جذب هذا اللص اليمين من الصليب للفردوس ليظهر أن التوبة لا تتأخر في عملها. وبتوبته وإعترافه تجرأ أن يطلب الملكوت مع أنه لص. والسيد أعطى الفردوس للص اليمين وترك اللص اليسار فكان دياناً وهو على الصليب. وتاب اللص إذ شعر بخطاياه. وقارن بين المسيح البار المصلوب (وهو بالتأكيد قد سمع عنه) وبين حاله ووجد أنه يستحق كلص عقوبته. فكان أن إعترف بأنه خاطئ ويستحق العقوبة. وقاده إعترافه إلى الإيمان، وإنفتحت عيناه وإستنارت فعرف أن المسيح هو ملك. والله هو الذي يكشف عن عيوننا فنعلم، وهذا لمن يريد الإبن أن يكشف لهُ (لو22: 10 + مز18: 119). لقد أضاء النور الإلهي عيني ذلك اللص، وكان هناك إلهام إلهي لهُ، كما سبق المسيح وقال لبطرس إن لحماً ودماً لم يعلنا لك بل أبى الذي في السموات. وقد يكون اللص سمع من قبل أن المسيح هو ملك اليهود أويكون قد سمع الحوار مع بيلاطس حين قال لهُ المسيح مملكتي ليست من هذا العالم. لكن إيمان هذا اللص فاق كل هذا إذ هو عَرِفَ أن المسيح هو الملك السمائي الذي ملكه سمائي وليس أرضياً وهذه النقطة كان أن حتى التلاميذ لم يفهموها تماماً في هذا الوقت. وأن المسيح هو الذي سيأتي للدينونة إذ قال اذْكُرْنِي يَارَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِك، بل صار لهذا اللص رجاء في البعث من الأموات وصارت لهُ رؤية واضحة لأن المسيح المعلق على الصليب سيكون لهُ سلطان أن يعطى لمن يريده أن يوجد في ملكوته. فهو آمن أنه الديان، فكان لهُ الفردوس ولنري الخطوات للفردوس: -.

1 - لص مصلوب + توبة = إيمان..... التوبة تنقى القلب.

2 - إيمان + نور إلهي = رؤية إلهية وإستنارة... إن بدأنا خطوة فى اتجاه الله يقترب هو عشر، ليساعدنا.

3 - رؤية + مسيح مصلوب كَفَّرَ عن خطايا البشر (للتائبين) = اليوم تكون معي في الفردوس.... هذه كانت بركات الصليب.

ومازال درس اللص اليمين هو درس لنا جميعاً. فكل الناس ينقسمون لأحد فريقين:

الفريق الأول = حين تقع عليهم ضيقة يظنون أن الله لابد وأن يثبت قوته وعظمته وإحسانه بأن يخرجهم فوراً من هذه الضيقة "إن كنت أنت المسيح فخلص نفسك وإيانا. وهؤلاء غالباً ينسون خطاياهم السابقة. ويرون دائماً أنهم مستحقون لكل خير. ولا داعي لهذه الضيقة فهم لم يخطئوا. هؤلاء كاللص الذي على اليسار.

الفريق الثاني = حين تقع عليهم ضيقة يذكرون خطاياهم ويندمون عليها ويقرون بأنهم أخطأوا، وأنهم يستحقون هذا الألم وهذه الضيقة، ولا يطلبون سوى أن الله يسامحهم. بل هم لايعاتبون الله على الضيقة التي هم فيها. بل أن هؤلاء إذا أعطاهم الله من بركاته يقولون مع بطرس "أخرج يا رب من سفينتي فأنا رجل خاطئ" أي أنا لا أستحق يا رب كل هذه الخيرات بسبب خطيتي. مثل هؤلاء يكونون كاللص اليمين ويكون لهم الفردوس. وتتحول آلامهم إلى مجد. وتكون لهم تعزيات أثناء ضيقتهم بسبب الإستنارة التي ستُعطىَ لهم، ورؤية المسيح معهم حاملاً لآلامهم، فيقولون مع بولس "إن كنا نتألم معهُ لكي نتمجد أيضاً معهُ" (رو17: 8).

ولاحظ أن اللص اليمين لم يطلب مكاناً عن اليمين أو اليسار كما طلب التلاميذ من قبل بل هو ترك المسيح يختار.. هذا اللص عزَّى قلب المسيح وهو على الصليب.

ولنلاحظ أن الفريق الأول هو عكس الفريق الثاني. فبينما يتمتع الفريق الثاني بإنفتاح العين والبصيرة ولهم رؤية وإستنارة. فالفريق الأول لا يوجد في قلبه سوى التذمر والمرارة وعدم الإقتناع بشيء سوى أنهم مظلومين وكانوا يستحقون أكثر من هذا، من النصيب المادي على الأرض، وأن الله لم يعطهم كل ما يستحقون.. مثل هؤلاء يفقدون الرؤية الروحية. والخطوات التي حدثت مع اللص اليمين كانت خطوات سريعة جداً من توبة وإعتراف بالخطية ثم إيمان ثم رؤية وإستنارة. وسبب هذه السرعة ضيق الوقت. ولكن هذه الخطوات عادة تحدث مع كل تائب وتستغرق فترة زمنية.

وتوبة اللص تمثل توبة أصحاب الساعة الحادية عشرة وهذه تعطى رجاءً لكل تائب إلاّ أننا لا يصح أن نعلق توبتنا إلي الساعة الحادية عشرة فنحن لا نعلم متى تأتى هذه اللحظة علينا. وأصحاب التوبة في الساعة الحادية عشرة مقبولين ولكن ما أندر توبة هؤلاء الغارقين في خطاياهم.

وردت سبع كلمات للمسيح على الصليب [راجع كتاب قداسة البابا شنوده عنهم] ووردوا في الأناجيل الأربعة (مت / مر / لو / يو) ومن هنا نفهم معنى التكامل بين الأناجيل.

1 - يا أبتاه إغفر لهم (لو34: 23) نرى فيها كلمة شفاعية إذ هو بدأ كفارته.

2 - اليوم تكون معي في الفردوس (لو43: 23) هو مات ليفتح لنا باب الفردوس.

3 - يا امرأة هوذا إبنك (يو26: 19، 27) هو يعتني بالجميع.

4 - إلهي إلهي لماذا تركتني (مت46: 27 + مر34: 15) آلامه سبب خلاصي.

5 - أنا عطشان (يو38: 19) هو مشتاق لكل نفس تؤمن.

6 - يا أبتاه في يديك استودع روحي (لو46: 23) كمال الفداء.

7 - قد أكمل (يو30: 19) نصرة الخلاص.

آية (لو45: 23): -.

"45 وَأَظْلَمَتِ الشَّمْسُ، وَانْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ مِنْ وَسْطِهِ.".

من (أع7: 6) نرى أن بعض كهنة اليهود آمنوا بالمسيح وربما كان سبب هذا أنهم رأوا الحجاب الذي إنشق وقت الصلب. ولنلاحظ أن الشمس أظلمت.

آية (لو46: 23): -.

"46 وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَ: «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». وَلَمَّا قَالَ هذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ.".

يا أبتاه في يديك أستودع روحي = كانت نفس المسيح أول نفس يستلمها الآب لا الشيطان الذي هزمه يسوع وقيده منذ هذه اللحظة.

آية (لو47: 23): -.

47فَلَمَّا رَأَى قَائِدُ الْمِئَةِ مَا كَانَ، مَجَّدَ اللهَ قَائِلاً: «بِالْحَقِيقَةِ كَانَ هذَا الإِنْسَانُ بَارًّا! ». ".

لقد شاهد قائد المئة كثير من المصلوبين يموتون. لكن موت هذا المصلوب كان فريداً، هز أعماق قلبه ليسحبه للإيمان به، خاصة وأنه أبصر بعينيه شهادة الطبيعة لهُ. لقد تحقق قول الرب "وأنا إن إرتفعت أجذب إلىَّ الجميع" (يو32: 12) فبعد أن إرتفع على الصليب إجتذب اللص اليمين وقائد المئة هذا، وأعلن يوسف الرامي ونيقوديموس إيمانهما وكفناه، وغيرهم من المؤكد كثيرين.

المسيح صُلِبَ بينَ لصَين لأن (1) اليهود أرادوا الإستهزاء به (2) أو هو بحسب أمر بيلاطس حل محل باراباس. وبهذا والمسيح مات عن الخطية الأصلية (يمثلها جمجمة آدم) وعن خطايانا الحالية (يمثلها اللصين).

الأعداد 55-56

الآيات (مت55: 27 - 56): -

"55 وَكَانَتْ هُنَاكَ نِسَاءٌ كَثِيرَاتٌ يَنْظُرْنَ مِنْ بَعِيدٍ، وَهُنَّ كُنَّ قَدْ تَبِعْنَ يَسُوعَ مِنَ الْجَلِيلِ يَخْدِمْنَهُ، 56 وَبَيْنَهُنَّ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ، وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَيُوسِي، وَأُمُّ ابْنَيْ زَبْدِي.".

آية (يو25: 19): -.

"25 وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ.".

بعد أن إطمأن اليهود أن فريستهم قد صُلِبَ ذهبوا لإعداد الفصح فتركوا المكان وأعطوا فرصة لأحبائه أن يقتربوا من الصليب، فإقترب يوحنا مع العذراء الأم.

وفي (مت56: 27) نجد من حول الصليب مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسى وأم إبنى زبدى. وفي (مر40: 15) نجدهم مريم المجدلية ومريم أم يعقوب الصغير ويوسى وسالومة وهنا نجدهم أمُّه وأخت أمه مريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية. وفي الترجمات الإنجليزية جاءت الآية أمه وأخت أمه، مريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية وبالتالي نفهم أنهن كن أربعة حول الصليب.

1) من هذا الجدول نفهم أن سالومة هي أخت العذراء مريم وزوجها إسمه زبدى وهي أم يوحنا ويعقوب الكبير إبنا زبدى. وبالتالي فيوحنا هو إبن خالة السيد المسيح وهو تواضعاً لم يذكر إسم أمه. كما يتحاشى ذكر إسمه هو شخصياً.

2) مريم زوجة كلوبا (وإسمه حلفى أيضاً) ويوحنا أسماها زوجة كلوبا حتى لا يظن أحد أنها أمه (أو أم يعقوب أخيه) لو قال أم يعقوب. وهي لها ولدان يعقوب الصغير ويوسى. (يعقوب الكبير هو أخو يوحنا). ومرقس قال أم يعقوب الصغير حتى لا يظن أحد أنها أم يعقوب ويوحنا. وطبعاً فإن يعقوب ويوسى هنا هم غير يعقوب ويوسى إخوة الرب (مر3: 6).

3) يوجد شخصان بإسم يعقوب، أكبرهم سناً هو يعقوب بن زبدى أخو يوحنا وأصغرهم سناً هو يعقوب بن حلفى (أو كلوبا).

4) متى لم يحدد يعقوب بأنه الصغير إذ هو أورد اسم يعقوب الآخر بقوله إبنى زبدى وهما معروفان بأنهما يعقوب الكبير ويوحنا. فلم يجد ضرورة لتعريف يعقوب بن حلفى بأنه الصغير.

5) يوحنا يذكر أولاً العذراء مريم ثم أختها دون أن يذكر إسمها. ويبدو أن العذراء مريم لم يكن لها سوى أخت واحدة.

6) لم يذكر متى ومرقس وقوف العذراء بجانب الصليب لأنها غالباً لم تكن موجودة منذ بداية الصلب وأن يوحنا أتى بها أخيراً. وهو قد أحضرها لأنه شعر أن السيد يريد أن يودعها وهي أيضاً. وهذا ما حدث فعلاً (آية 26).

دفن المسيح (مت57: 27 - 61) + (مر42: 15 - 47) + (لو50: 23 - 56) + (يو38: 19 - 42).

الأعداد 57-61

الآيات (مت57: 27 - 61): -

"57 وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ، جَاءَ رَجُلٌ غَنِيٌّ مِنَ الرَّامَةِ اسْمُهُ يُوسُفُ، وَكَانَ هُوَ أَيْضًا تِلْمِيذًا لِيَسُوعَ. 58فَهذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. فَأَمَرَ بِيلاَطُسُ حِينَئِذٍ أَنْ يُعْطَى الْجَسَدُ. 59فَأَخَذَ يُوسُفُ الْجَسَدَ وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ نَقِيٍّ، 60 وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ الَّذِي كَانَ قَدْ نَحَتَهُ فِي الصَّخْرَةِ، ثُمَّ دَحْرَجَ حَجَرًا كَبِيرًا عَلَى بَاب الْقَبْرِ وَمَضَى. 61 وَكَانَتْ هُنَاكَ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى جَالِسَتَيْنِ تُجَاهَ الْقَبْرِ.".

كان يوسف الرامي تلميذاً للمسيح في الخفية بسبب الخوف من اليهود (يو38: 19) ومرقس يقول عنه أنه مشير شريف (مر43: 15) أي أنه عضو في السنهدريم. وظهر يوسف في لحظات المحنة ومعه نيقوديموس (يو39: 19) عندما تخلى الكل عن المصلوب. وتقدم يوسف في شجاعة يطلب جسد يسوع ووضعه في قبره الجديد فصار قبر يوسف الرامي أقدس مكان على الأرض (إش10: 11). شجاعة يوسف الرامي تتضح أنه بعمله هذا سيعزل من مناصبه اليهودية وسيحتقره الرومان.

في لحظات الضيق والألم يظهر القديسون، فبينما تجف الأوراق الصفراء وتتساقط من حرارة الشمس تزداد الأوراق الخضراء حيوية، والشمس هي شمس التجارب، وبينما تحرق الشمس العشب فهي نفسها تهب نضوجاً للثمر.

كان من الممكن أن يفضل يوسف الرامي نفسه عن المسيح ويحتفظ بقبره لنفسه. ولكن كان القبر قد تحوَّل إلي مكان نجاسة كسائر القبور، ولكن إذ قدّمه للسيد المسيح صار كنيسة مقدسة يتبارك بها المؤمنون من كل العالم عبر كل العصور.

هكذا لو أردنا أن نحتفظ بجسدنا لنتلذذ بملذات وخطايا العالم لتحول إلى قبر نجس أماّ لو وهبناه للمسيح فهو يقدسه (يو25: 12).

سبق إشعياء وتنبأ أن المسيح يدفن في قبر رجل غنى (إش8: 53، 9). ولو كانوا قد تركوا جسد يسوع (يوسف الرامي ونيقوديموس) لكان اليهود قد دفنوه في مدافن المجرمين واللصوص. = "وجعل مع الأشرار قبره ومع غنى عند موته".

كان القبر يبعد مسافة قصيرة جداً (عدة أمتار) عن مكان الصليب.

لما كان السيد قد وُلِدَ من مستودع جديد طاهر لم يتقدمه فيه غيره، حسن دفنه في قبر جديد لم يوضع فيه غيره.

وُضِعَ في قبر لم يوضع فيه أحد حتى حينما يقوم لا يظن أحد أن غيره هو الذي قام. وكونه قبر لم يوضع فيه أحد سَهَّلَ مجيء تلاميذه لهُ، وصار سهلاً أن يعاينوا ما حدث من أحداث القيامة، وحتى الأعداء صاروا شهوداً على ما حدث بوضعهم الأختام على قبره وإقامة جنود حراسة صاروا شهود قيامته.

كان يوسف ونيقوديموس قد أحضرا حنوطاً كثيراً، ومع هذا خرج المسيح من كفنه تاركاً إياه مكانه ولم يُعَوِّقه كل هذا الحنوط الذي جعل الجسد يلتصق بالأكفان، وكان هذا دليلاً على أن القيامة إعجازية. فالحنوط حين يجف يصير كالغراء.

لكن لنلاحظ أنهم لفوا جسد المسيح بكتان، وهذا لبس الكهنة. فهو رئيس كهنتنا الذي قدم ذبيحة نفسه.

مريم الأخرى. هي مريم أم يوسي (راجع مر47: 15).

الآيات (مر42: 15 - 47): -.

"42 وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ، إِذْ كَانَ الاسْتِعْدَادُ، أَيْ مَا قَبْلَ السَّبْتِ، 43جَاءَ يُوسُفُ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، مُشِيرٌ شَرِيفٌ، وَكَانَ هُوَ أَيْضًا مُنْتَظِرًا مَلَكُوتَ اللهِ، فَتَجَاسَرَ وَدَخَلَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. 44فَتَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ أَنَّهُ مَاتَ كَذَا سَرِيعًا. فَدَعَا قَائِدَ الْمِئَةِ وَسَأَلَهُ: «هَلْ لَهُ زَمَانٌ قَدْ مَاتَ؟ » 45 وَلَمَّا عَرَفَ مِنْ قَائِدِ الْمِئَةِ، وَهَبَ الْجَسَدَ لِيُوسُفَ. 46فَاشْتَرَى كَتَّانًا، فَأَنْزَلَهُ وَكَفَّنَهُ بِالْكَتَّانِ، وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ كَانَ مَنْحُوتًا فِي صَخْرَةٍ، وَدَحْرَجَ حَجَرًا عَلَى بَابِ الْقَبْرِ. 47 وَكَانَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يُوسِي تَنْظُرَانِ أَيْنَ وُضِعَ.".

دفن المسيح يشير إلى أنه مات موت حقيقي (1كو3: 15 - 5).

مات هكذا سريعاً = كانت آلامه الجسدية والنفسية والروحية التي لن نستطيع أن نتصورها ولا نفهمها ولا ندركها. لكنه هو الذي أسلم روحه بإرادته بعد أن أنهى مهمته في خلاص الإنسان. (إش8: 53) من الضغطة والدينونة أخذ، بينما أن المصلوب العادي قد يستمر مصلوباً لأكثر من يوم قبل أن يموت.

ولما كان المساء إذ كان الإستعداد. أي ما قبل السبت = كل يوم جمعة يسمى الإستعداد للسبت. ولكن هذا السبت كان عظيماً لأنه الفصح. لقد مات المسيح يوم الجمعة أي اليوم السادس، ليستريح في السابع، وراحته كانت بأن أكمل لنا الفداء.

الآيات (لو50: 23 - 56): -.

"50 وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ يُوسُفُ، وَكَانَ مُشِيرًا وَرَجُلاً صَالِحًا بَارًّا. 51هذَا لَمْ يَكُنْ مُوافِقًا لِرَأْيِهِمْ وَعَمَلِهِمْ، وَهُوَ مِنَ الرَّامَةِ مَدِينَةٍ لِلْيَهُودِ. وَكَانَ هُوَ أَيْضًا يَنْتَظِرُ مَلَكُوتَ اللهِ. 52هذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ، 53 وَأَنْزَلَهُ، وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ، وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ مَنْحُوتٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ وُضِعَ قَطُّ. 54 وَكَانَ يَوْمُ الاسْتِعْدَادِ وَالسَّبْتُ يَلُوحُ. 55 وَتَبِعَتْهُ نِسَاءٌ كُنَّ قَدْ أَتَيْنَ مَعَهُ مِنَ الْجَلِيلِ، وَنَظَرْنَ الْقَبْرَ وَكَيْفَ وُضِعَ جَسَدُهُ.

56فَرَجَعْنَ وَأَعْدَدْنَ حَنُوطًا وَأَطْيَابًا. وَفِي السَّبْتِ اسْتَرَحْنَ حَسَبَ الْوَصِيَّةِ. ".

هنا نفهم أن يوسف لم يكن موافقاً رؤساء اليهود على صلب المسيح ولا على مؤامراتهم ضده.

الآيات (يو38: 19 - 42): -.

"38ثُمَّ إِنَّ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، وَهُوَ تِلْمِيذُ يَسُوعَ، وَلكِنْ خُفْيَةً لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، سَأَلَ بِيلاَطُسَ أَنْ يَأْخُذَ جَسَدَ يَسُوعَ، فَأَذِنَ بِيلاَطُسُ. فَجَاءَ وَأَخَذَ جَسَدَ يَسُوعَ. 39 وَجَاءَ أَيْضًا نِيقُودِيمُوسُ، الَّذِي أَتَى أَوَّلاً إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً، وَهُوَ حَامِلٌ مَزِيجَ مُرّ وَعُودٍ نَحْوَ مِئَةِ مَنًا. 40فَأَخَذَا جَسَدَ يَسُوعَ، وَلَفَّاهُ بِأَكْفَانٍ مَعَ الأَطْيَابِ، كَمَا لِلْيَهُودِ عَادَةٌ أَنْ يُكَفِّنُوا. 41 وَكَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ بُسْتَانٌ، وَفِي الْبُسْتَانِ قَبْرٌ جَدِيدٌ لَمْ يُوضَعْ فِيهِ أَحَدٌ قَطُّ. 42فَهُنَاكَ وَضَعَا يَسُوعَ لِسَبَبِ اسْتِعْدَادِ الْيَهُودِ، لأَنَّ الْقَبْرَ كَانَ قَرِيبًا.".

آية (يو38: 19): -.

"38ثُمَّ إِنَّ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، وَهُوَ تِلْمِيذُ يَسُوعَ، وَلكِنْ خُفْيَةً لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، سَأَلَ بِيلاَطُسَ أَنْ يَأْخُذَ جَسَدَ يَسُوعَ، فَأَذِنَ بِيلاَطُسُ. فَجَاءَ وَأَخَذَ جَسَدَ يَسُوعَ.".

عجيب أن موت المسيح جذب تلاميذه الذين كانوا مختفين (يو32: 12). والمحبة تظهر وقت الشدائد. كلمة مشير تعنى أنه من السنهدريم. وكان تسليم بيلاطس جسد يسوع ليوسف الرامي عملاً يُحسب لبيلاطس فعادة تسليم الأجساد يكون برشاوى. ويوسف أخذ يسوع خوفاً من أن يعتدي عليه اليهود.

آية (يو39: 19): -.

"39 وَجَاءَ أَيْضًا نِيقُودِيمُوسُ، الَّذِي أَتَى أَوَّلاً إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً، وَهُوَ حَامِلٌ مَزِيجَ مُرّ وَعُودٍ نَحْوَ مِئَةِ مَنًا.".

نيقوديموس كان غنياً جداً وهو عضو بالسنهدريم وكان أيضاً مخالفاً لرأيهم (يو50: 7 - 53) ولكنه أيضاً كان خائفاً منهم، والتقليد يقول أنه صار مسيحياً بعد ذلك. ووزع يوسف ونيقوديوس العمل بينهما. فإشتري يوسف الكتان وإشتري نيقوديموس المر والعود، عُهِدَ إلى يوسف بطلب أخذ جسد المسيح ربما لجسارته وتقابلا عند الصليب وقد فارقهما الخوف.

حاملٌ مزيج مر وعود = (مز8: 45) "كل ثيابك مرٌ وعود وسليخة" والمصريون إستخدموا المر فى التحنيط. وهو يستعمل طبياً كمطهر، ويستخدم كعطر، وأتى به المجوس كهدية (نبوة عن آلامه وموته) والعود ثمين جداً يوزن بوزن الذهب ورائحته نفاذة تبقى لسنين عديدة (عد6: 24) مائة مناً = تشير للتوقير الذي كان يكنه هذا الفريسى للمسيح (هكذا فعلوا مع ملوكهم وهذا مذكور مع آسا، وهذا فعله هذا الدارس للناموس مع المسيح كملك. ومن هذه العطور أخذت الكنيسة خميرة الميرون المقدس كذخيرة حياة.

آية (يو40: 19): -.

"40فَأَخَذَا جَسَدَ يَسُوعَ، وَلَفَّاهُ بِأَكْفَانٍ مَعَ الأَطْيَابِ، كَمَا لِلْيَهُودِ عَادَةٌ أَنْ يُكَفِّنُوا.".

مع الأطياب = يبدو أن المر والعود كانا على هيئة مسحوق وقد أضيف لهما بعض الزيوت العطرة فتكون مزيج سائل يمكن دهن الجسد به قبل ربطه. وعادة اليهود في التكفين هي بغمس شاش (كتان) في العطور ولف الرجلين، كل رجل وحدها ثم الصدر، ثم اليدين كل يد وحدها. ويوضع منديل على الرأس.

آية (يو41: 19): -.

"41 وَكَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ بُسْتَانٌ، وَفِي الْبُسْتَانِ قَبْرٌ جَدِيدٌ لَمْ يُوضَعْ فِيهِ أَحَدٌ قَطُّ.".

لقد أراد يوسف قبراً لدفن موتاه فصار قبراً لإعلان القيامة والحياة. ونلاحظ أن المسيح وُلِدَ من عذراء لم تحمل أحشاؤها أحد قبله. وركب أتاناً لم يركبه أحد قبله ودفن في قبر لم يدفن فيه أحد قبله. وهذا يذكرنا بالصوم قبل التناول فلا يدخل جوفنا شئ قبله. بستان = أخطأ آدم الأول في بستان وآدم الأخير بدأ خلاصه في بستان.

آية (يو42: 19): -.

"42فَهُنَاكَ وَضَعَا يَسُوعَ لِسَبَبِ اسْتِعْدَادِ الْيَهُودِ، لأَنَّ الْقَبْرَ كَانَ قَرِيبًا.

كأنه يريد أن يقول أن الإستعجال في الدفن وعدم تقديم كل واجبات التكفين والتجنيز كان بسبب عامل السرعة بسبب إقتراب السبت وأيضاً كان الإستعداد للسبت هو السبب في إختيار القبر القريب من موضع الصلب أي قبر يوسف الرامي الجديد. والمسيح سبق وتنبأ أنه لن يكون هناك وقت لتكفينه (يو2: 12 - 11).

ويقول التقليد الكنسي أن نيقوديموس سبح تسبحة "قدوس الله قدوس القوي قدوس الحي الذي لا يموت" والتي أخذتها منه الكنيسة وهو يكفن جسد المسيح؟

يوم سبت النور.

الحراس على القبر وختم القبر.

الأعداد 62-66

الآيات (مت62: 27 - 66): -

"62 وَفِي الْغَدِ الَّذِي بَعْدَ الاسْتِعْدَادِ اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ إِلَى بِيلاَطُسَ 63قَائِلِينَ: «يَا سَيِّدُ، قَدْ تَذَكَّرْنَا أَنَّ ذلِكَ الْمُضِلَّ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ: إِنِّي بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ. 64فَمُرْ بِضَبْطِ الْقَبْرِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ، لِئَلاَّ يَأْتِيَ تَلاَمِيذُهُ لَيْلاً وَيَسْرِقُوهُ، وَيَقُولُوا لِلشَّعْبِ: إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، فَتَكُونَ الضَّلاَلَةُ الأَخِيرَةُ أَشَرَّ مِنَ الأُولَى! » 65فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «عِنْدَكُمْ حُرَّاسٌ. اِذْهَبُوا وَاضْبُطُوهُ كَمَا تَعْلَمُونَ». 66فَمَضَوْا وَضَبَطُوا الْقَبْرَ بِالْحُرَّاسِ وَخَتَمُوا الْحَجَرَ.".

ما زالوا يسمون المسيح المُضِّل بالرغم من الظلمة والزلزلة. فبينما إنفتحت عين القائد الروماني ظل أعضاء مجمع السنهدريم في عماهم "لهم عيون ولكنهم لا يبصرون". وواضح أنهم فهموا كلام المسيح أنه سيقوم بعد 3أيام من (يو19: 2) أو من تلاميذه الذين فهموا هذا من (مت21: 16). وطلبهم وضع الأختام ووجود الحراس أكد القيامة إذ لو لم يحدث هذا لأكدوا أن التلاميذ قد سرقوا جسد المخلص.

الضلالة الأخيرة = هم إعتبروا أن كل تعاليم المسيح ومعجزاته ما هي إلاّ ضلال وأن قيامته ستكون الضلالة الأخيرة أي حين يسرق التلاميذ جسده ويدعون قيامته.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الاصحاح الثامن والعشرون - تفسير إنجيل متى - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح السادس والعشرون - تفسير إنجيل متى - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير إنجيل متى الأصحاح 27
تفاسير إنجيل متى الأصحاح 27