الأصحاح الثالث عشر – تفسير إنجيل متى – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: انجيل متى – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الثالث عشر

الإصحاح الثالث عشر هو إصحاح الأمثال ويبدأ بأن يشرح السيد مثل الزارع، ثم نجد التلاميذ ينفردون بمعلمهم ويسألونه عن تفسير المثل ولماذا يستخدم الأمثال فيجيب السيد أولاً عن سبب إستخدامه للأمثال ثم يفسر لهم المثل. وسنبدأ بالآيات التى تشرح سبب إستخدام الأمثال.

الآيات (مت 10: 13 - 17) + (مر 10: 4 - 12) + (لو 9: 8 - 10): -.

الأعداد 1-9

الآيات (مت 1: 13 - 9)

: -.

"1فِي ذلِكَ الْيَوْمِ خَرَجَ يَسُوعُ مِنَ الْبَيْتِ وَجَلَسَ عِنْدَ الْبَحْرِ، 2فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، حَتَّى إِنَّهُ دَخَلَ السَّفِينَةَ وَجَلَسَ. وَالْجَمْعُ كُلُّهُ وَقَفَ عَلَى الشَّاطِئِ. 3فَكَلَّمَهُمْ كَثِيرًا بِأَمْثَال قَائِلاً: «هُوَذَا الزَّارِعُ قَدْ خَرَجَ لِيَزْرَعَ، 4 وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَجَاءَتِ الطُّيُورُ وَأَكَلَتْهُ. 5 وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ، حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ تُرْبَةٌ كَثِيرَةٌ، فَنَبَتَ حَالاً إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُمْقُ أَرْضٍ. 6 وَلكِنْ لَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ احْتَرَقَ، وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ جَفَّ. 7 وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الشَّوْكِ، فَطَلَعَ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ. 8 وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَأَعْطَى ثَمَرًا، بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ. 9مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ».".

الآيات (مت 1: 13 - 2): -.

"1فِي ذلِكَ الْيَوْمِ خَرَجَ يَسُوعُ مِنَ الْبَيْتِ وَجَلَسَ عِنْدَ الْبَحْرِ، 2فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، حَتَّى إِنَّهُ دَخَلَ السَّفِينَةَ وَجَلَسَ. وَالْجَمْعُ كُلُّهُ وَقَفَ عَلَى الشَّاطِئِ.".

هو خرج من عند الآب (بيته السماوى) (يو 3: 13) ليأتى للعالم (البحر) ولكنه فى السفينة (الكنيسة ليعلم شعبه).

آيه (مت 3: 13): -.

"3فَكَلَّمَهُمْ كَثِيرًا بِأَمْثَال قَائِلاً: «هُوَذَا الزَّارِعُ قَدْ خَرَجَ لِيَزْرَعَ،".

خرج الزارع ليزرع.

بيت يسوع هو السماء، وقوله خرج من البيت إشارة لتجسده والبحر إشارة للعالم بأمواجه المتقلبة ومياهه المالحة التى من يشرب منها يعطش. والجمع الواقف أمامه يشير لكل العالم الذى أتى إليه يسوع الزارع ليزرع كلمته فى قلوبهم. ولكن انقسم الناس إلى أربعة أنواع 1) الطريق 2) الأرض المحجرة 3) أرض بها شوك 4) أرض جيدة إشارة للنفس المستعدة لتقبل كلمة الله = انظروا كيف تسمعون (لو 18: 8). فالسيد تجسد وجاء ليعلم وأرسل روحه القدوس كماء يروى أرضنا العطشى، هو هيأ لنا كل شىء، والسؤال الآن لنا كيف نسمع؟ هل نسمع بإهتمام وتأمل لنفهم وننفذ ما نسمعه وفهمناه، أم بلا إهتمام وبلا نية على التنفيذ؟ هذا معنى كيف تسمعون. أما قوله أنظروا فيعنى أنظروا بأمانة داخل قلوبكم وفتشوا عن نيتكم فى التنفيذ.

أنا بحريتى أضع نفسى كأرض من الأراضى الأربع. ولاحظ أن رقم 4 يشير للعالم، فالمسيح أتى لكل العالم، هو قام بدوره فى الخلاص فهل أهتم أنا بخلاص نفسى وأسمع بجدية تعاليمه. ولاحظ فإن الباذر هو المسيح أو خدام المسيح (1كو 6: 3 - 9) ومن (يو24: 12) نجد أن السيد يشبه نفسه بحبة الحنطة التى تقع فى الأرض وتدفن لتموت وتقوم، فالمسيح أيضاً هو البذرة فهو كلمة الله يدفن فىَّ ويقوم فىَّ أى يعطينى أن أموت معه وأقوم معهُ، هو يعطينى حياته إذا قبلت أن أصلب معه (غل20: 2).

ولاحظ أنه لا يولد إنسان طبيعته محجرة، أوبها شوك، وإنسان آخر طبيعته جيدة، فكلنا خطاة ومرضى والسيد المسيح أتى ليغير طبيعتنا مهما كانت فاسدة ليعطينا أن نكون فيه خليقة جديدة (2كو 17: 5). فلنصلى مع داود قائلين "قلباً نقياً إخلق فىَّ يا الله" ثم نسمع بجدية وبإهتمام كلمة الله فى إنجيله. وليس المهم السمع فقط بل أن نسمع ونعمل (يع 21: 1 - 25)، والأذن المفتوحة التى تريد أن تسمع وتتعلم ستسمع أى تُدرك كلمة الله المرسلة الحاملة لسر الحياة.

البذار التى تسقط على الطريق:

ماذا يحدث للبذار التى تسقط على الطريق، إماّ تأكلها الطيور (متى ومرقس ولوقا) أو تدوسها الأرجل (لوقا فقط). ثم يفسر السيد الطيور بأنها الشياطين التى تخطف ما قد زرع فى القلب. ولوقا وحده يعطى التفسير كيف يخطف إبليس ما يُزرع؟ الطريقة بأن يعرض على الإنسان أفكاراً شهوانية أو أفكاراً فلسفية إلحادية، فإذا جعل الإنسان حواسه مفتوحة لكل دنس أو يقبل كل فكر غريب إلحادى أو هرطوقى.. الخ. يكون مَداساً للشياطين. الحواس المفتوحة بشغف للعالم تجعل القلب مداساً للشياطين، أماّ من يمنع حواسه عن الإنفتاح للعالم يكون الله له سوراً من نار فلا يدخل شىء ليدوس البذار ويميتها فى القلب (زك 5: 2) وهل يجرؤ الشيطان أن يدخل ليدوس والله سور يحمى هذه النفس؟! ولكن لمن يكون له الله سوراً من نار؟ قطعاً لمن يصلب شهواته وأهواءه، لمن يُصْلَبْ مع المسيح، لمن يضع عينيه فى التراب ولا ينظر بشهوة، من يحيا كميت ويقول مع المسيح صلبت (غل 20: 2 + 5: 24 + 6: 14).

ومن يترك البذار على الطريق يخطفها الطيور، لكن من يدفنها فى الأرض لا تصل لها الطيور، وروحيا هذا يعنى من يخبئ كلام الله فى داخل قلبه متفكرا ومتأملا فيه "خبأت كلامك فى قلبى لكى لا أخطئ إليك" (مز119: 11). وليس فقط أن نخبئ كلام الله بل أن ننفذه ونلهج فيه (مز119: 48، 27، 8 + 119: 15) إذاً الطريق الذى يوصى به المرنم هو أن نضع كلام الله ونخبئه فى القلب ونلهج فيه طول النهار ونتأمل فيه ونسعى لتنفيذه، وهذا معنى أن الحيوانات المجترة طاهرة (راجع لا11). ومن لا يفعل تخطف الطيور البذار (الأفكار التى يعرضها الشيطان).

ونلاحظ أن من يكون طريقاً يتقسى قلبه من دوس الأقدام، فالطريق يكون دائماً صلباً، وهذا يمثل القلب الذى تقسى بشهوات العالم، يسمع كلمة الله ولكن بدون إنتباه يتأثر بها مؤقتا وانفعاله عاطفى سريعاً ما يزول، ومع أول شهوة أو فكرة خاطئة، حالاً تموت كلمة الله فى قلبه. ولأن القلب قاسى يكون صعباً توبته (أرض لا تصلح للحرث).

وإصلاح هذه الأرض يكون بالتوبة (يشبه هذا حرث الأرض) فيتفتت القلب، ويستعد لإستقبال كلمة الله ويخبئها فتأتى بثمر، والتوبة هنا هى بحفظ الحواس، قرار من الإنسان أن تصبح حواسه ميتة عن العالم حينئذ تتدخل نعمة الله، ويكون الله سوراً يحمى هذه النفس. فلننتبه إلى أصدقائنا وجلساتنا وطريقة أفراحنا ولهونا.

مثال: شخص دخل الكنيسة وصلَّى ودخلت كلمة الله فى قلبه كبذرة. فإذا خرج وذهب بإرادته لدار لهو أو سينما مثلاً، فالشيطان هنا يكون مثل الطير المستعد دائماً لخطف البذار ليأكلها، وما سيشاهده هذا الإنسان سيدوس كلمة الله = البذرة التى سقطت على الطريق، فهذا الإنسان هو الذى سمح لنفسه أن يكون طريقاً ومداساً. أماً لو ذهب هذا الإنسان إلى بيته وإستمر باقى اليوم مع الله، فهو بهذا يخبىء كلمة الله عن الطيور فتنمو فى داخله. فالفلاح أولاً (فى فلسطين) يحرث الحقل ثم يبذر البذور ثم يحرثها مرة أخرى ليدفن البذار داخل التربة. لذلك علينا بعد أن تقع كلمة الله فى داخل قلوبنا أن ندفنها داخل قلوبنا بأن نمنع حواسنا عن التلذذ بالعالم، وقضاء حياتنا مع الله وفى حماية الله.

البذار التى تسقط على أرض محجرة:

البذار هنا سقطت على أرض بها أحجار كثيرة، إشارة لخطايا محبوبة مدفونة فى القلب. وتشير للقلب المرائى، فهى لها مظهر التربة الجيدة لكن داخلها خطايا مدفونة. وبالتالى فلم يكن هناك فرصة أن تمتد الجذور لتحصل على المياه من العمق = لم تكن له رطوبة (لوقا). ونلاحظ أن البذرة وقعت فى منطقة ترابها قليل فسبب الحرارة الشديدة (لقلة الرطوبة) تنمو البذرة بسرعة. ولكن أيضاً حرارة الشمس تجفف هذه الزرعة. فالشمس التى تفيد المزروعات العادية هى هى نفسها تحرق هذه الزرعة.

سطح الأرض

.

لذلك طلب المسيح (ادخلوا إلى العمق) (لو 4: 5) ومن لهُ عمق ستكون لهُ رطوبة، أى من يدخل لعمق محبة الله (وهذا يأتى من عشرة الله فنكتشف لذة عشرته ونحبه) ومن يحب الله سيحفظ وصاياه (يو14: 23) ومن يفعل يبنى بيته على الصخر (مت7: 24) ومن يفعل فهو عرف المسيح وسيزداد إيمانه بالله وسيثبت فى المسيح، مثل هذا سيمتلىء من الروح القدس (الرطوبة) وسيكون له ثمار (غل 22: 5 - 23) وسيمتلئ تعزية وصبر. ومن يمتلىء صبر سيحتمل التجربة، فالشمس هى التجارب المؤلمة. أما من يحيا حياة سطحية، يكتفى بالذهاب للكنيسة كما لقوم عادة (عب 25: 10) دون أن يدخل فى علاقة وشركة حب مع المسيح، مثل هذا إن هبت التجارب عليه (مت7: 25) والتجارب هى الأمطار والرياح التى تسقط البيت، مثل هذا ينكر إيمانه إذ هو لم يتذوق حلاوة المسيح ولم يعرفه ولم يثبت فيه، مثل هذا تحرقه التجارب ولنلاحظ أن التجارب التى تفيد المؤمن وتثبته، هى هى نفسها تحرق الإنسان السطحى الذى لم يتذوق حلاوة المسيح. وما الذى يجعل الإنسان يحيا فى سطحية إلاّ أنه أحب خطاياه ولا يريد أن ينقى حياته منها، مثل هذا الفلاح الذى لم ينقى أرضه من الحجارة الموجودة فيها، المختبئة داخلها. مثل هذا محتاج للتوبة، أى يترك خطاياه المحبوبة، ويغصب نفسه أولاً على أن يقيم علاقة صلاة ودراسة للكتاب المقدس، إلى أن يدخل للعمق، أى يكتشف حلاوة شخص المسيح. ولنلاحظ أن مثل هؤلاء السطحيين حين يسمعون كلمة الله يفرحون جداً ويبدو أنهم ينمون بسرعة جداً. لكن للأسف بسبب إصرارهم على عدم ترك خطاياهم المحبوبة يرتدون بسرعة. وغالباً تكون هذه الخطايا المحبوبة هى الكبرياء والذات وشهوات الجسد. وهذا معنى قول الرب أنظروا كيف تسمعون... هل تسمع وتريد أن تنفذ أم أنت مصر على خطيتك، وثق أنك لو قررت أن تترك الخطية ستجد معونة من الروح القدس (النعمة) = "إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد" (رو8: 13).

البذار التى سقطت على أرض بها أشواك.

الحبة التى تقع بين الشوك حين تنمو ينمو معها الشوك، يضرب جذوره حولها، يمتصها ويخنقها، يسرق نصيبها من التربة ومن الماء فتخرج صفراء عليلة ولا تعطى ثمر. والسيد المسيح شرح ما هو هذا الشوك فقال إنه هم هذا العالم وغرور الغنى. والغريب أن يجتمع هذان الإثنان، فَهَمْ هذا العالم يعانى منه الفقراء والضعفاء وهذا عكس الغنى والقوة، ولكن لو فكرنا قليلاً سنجد أن هم هذا العالم وغرور الغنى هما وجهان لعملة واحدة إسمها.. "عدم الإتكال أو عدم الثقة فى الله" فالفقير أو الضعيف الذى يحمل الهم ويعيش حزيناً خائفاً من الغد هو لا يثق فى الله ولا يعتمد عليه، لا يفهم أن الله هو ضابط الكل وهو أبوه السماوى القادر أن يعتنى به. وأيضاً المغرور بغناه، هو يعتمد على أمواله أو قوته أو مركزه، ولا يعتمد على الله (مر 24: 10). ويكون عدم الثقة فى الله والإتكال عليه هو كشوك يخنق كلمة الله، أما المتكل على الله فنجده يحيا مسبحاً فرحاً، يفرح بكلمة الله ويتعزى بها، إذ لاشىء من الأشواك يمنع كلمة الله من تأدية عملها فى قلبه، والغنى الذى يعرف أن الله هو الذى يحميه وليس أمواله سيفرح بالله وتأتى الكلمة بثمارها فى قلبه. وشهوات سائر الأشياء (مرقس) مثل شهوة العظمة والقوة والسلطان والانتقام والمتعة. هنا يخرج الإنسان عن مفهوم أن يحيا فى العالم، أو يكون العالم أداة نعيش بها إلى مفهوم أن يكون العالم هدفاً ولو صار العالم هدف لا يصير الله هدف، ويكون هذا شوكاً يخنق الكلمة. فكلمة الله لو دخلت القلب ستجده مملوكاً لآخر وهو العالم.

إذاً كل من حمل هم هذا العالم، وإنشغل بهمومه عن الفرح بالله. وكل من صار لهُ العالم أو الغنى أو الشهوات إلهاً آخر يبعده عن الله ويشعره بعدم الإحتياج لله (راجع رسالة المسيح لملاك كنيسة لاودكية (رؤ3)، كل هؤلاء لا تثمر فيهم كلمة الله.

إذاً فلنهتم بأن نحيا ونفكر فى أمورنا ولكن بدون هَمْ، نفكر بثقة فى أن الله سيتدخل فى الوقت المناسب. ولا مانع أن يكون للإنسان أموال ولكن يتصرف فيها بطريقة حكيمة ويعرف أن الله هو الذى يُؤمِّنْ له الحياة وليست أمواله. وعلى من يحمل هماً نتيجة ضيق أو ظلم أو مرض أن يجرى إلى الله ويصلى ويلقى همه عليه، حينئذ سيكتشف مع المرنم أنه "عند كثرة همومى فى داخلى تعزياتك تلذذ نفسى (مز 19: 94). حتى نعتمد على الله ونثق فيه علينا أن ينمو إيماننا، وحتي ينمو إيماننا علينا أن نشكر الله على كل حال (كو7: 2).

الأرض الجيدة:

من الأمثال السابقة فالأرض الجيدة هى التى تدخل فيها البذرة للداخل ولا تكون أرضا صلبة لأنها مداس للناس والبهائم. وهى الأرض التى تنقت من الأحجار، فيكون هناك عمق، ولا تحيا النفس فى سطحية، بل تتذوق لذة العمق ولذة العشرة مع الله، ولكن عليها أن تترك خطاياها المحبوبة أولاً. وهى أرض عرفت الله فوضعت كل إتكالها عليه. فى مثل هذه الأرض يصعد الثمر وينمو = وتصعد النفس لتحيا فى السماويات والأرض الجيدة هى هبة الله لنا فى المعمودية، إذ يعطينا الروح القدس أن نولد بطبيعة جديدة جيدة على صورة المسيح، ويكون لنا الروح القدس مياهاً سمائية تروى أرضنا، ويسوعنا هو شمس البر الذى ينير على تربتنا فتثمر كلمة الله فينا. ولكن من يعود يفتح حواسه للعالم سيكون مداساً، أومن يعود ينفتح على العالم وخطاياه سيكون مداساً، أومن يحيا فى سطحية، أو يجرى وراء شهوات العالم، مثل هؤلاء سيعودون إلى طبيعة الإنسان العتيق، والإنسان العتيق لن يدخل ملكوت السماء "لحماً ودماً لا يقدران أن يرثا ملكوت الله (1كو 50: 15)" الأرض الجيدة هى التى يتم حرثها، أى تقليبها فى ضوء الشمس، إذاً لنفحص ذواتنا يومياً فى ضوء كلمة الله، ونقدم توبة عن كل خطية يظهرها نور الله لنا. والبذار حتى تثمر يجب أن يكون هناك شمس، وشمس برنا هو مسيحنا، فهل نجلس أمام المسيح وقتاً كافياً فى صلاة ودرس للكتاب وفى خلوات روحية يومية لتثمر الكلمة فى داخلنا.

ثلاثين وستين ومئة = (قيل ان هناك سنابل تثمر 30 حبة واخرى تثمر 60 حبة وثالثة تثمر 100حبة، وهذه تعبر عن درجات المؤمنين، هذا يعبر عن تفاوت الناس فى عبادة الله وممارسة الفضيلة والرحمة، وظهور ثمار الروح فيهم.

الآيات (مت 24: 13 - 30 + 36 - 43): -.

مثل الحنطة والزوان.

الأعداد 10-17

الآيات (مت 10: 13 - 17): -

"10فَتَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا تُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال؟ » 11فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ. 12فَإِنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى وَيُزَادُ، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ. 13مِنْ أَجْلِ هذَا أُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال، لأَنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَسْمَعُونَ وَلاَ يَفْهَمُونَ. 14فَقَدْ تَمَّتْ فِيهِمْ نُبُوَّةُ إِشَعْيَاءَ الْقَائِلَةُ: تَسْمَعُونَ سَمْعًا وَلاَ تَفْهَمُونَ، وَمُبْصِرِينَ تُبْصِرُونَ وَلاَ تَنْظُرُونَ. 15لأَنَّ قَلْبَ هذَا الشَّعْب قَدْ غَلُظَ، وَآذَانَهُمْ قَدْ ثَقُلَ سَمَاعُهَا. وَغَمَّضُوا عُيُونَهُمْ، لِئَلاَّ يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ، وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ، وَيَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ. 16 وَلكِنْ طُوبَى لِعُيُونِكُمْ لأَنَّهَا تُبْصِرُ، وَلآذَانِكُمْ لأَنَّهَا تَسْمَعُ. 17فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَنْبِيَاءَ وَأَبْرَارًا كَثِيرِينَ اشْتَهَوْا أَنْ يَرَوْا مَا أَنْتُمْ تَرَوْنَ وَلَمْ يَرَوْا، وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا.".

الآيات (مر 10: 4 - 12): -.

"10 وَلَمَّا كَانَ وَحْدَهُ سَأَلَهُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ عَنِ الْمَثَلِ، 11فَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا سِرَّ مَلَكُوتِ اللهِ. وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ فَبِالأَمْثَالِ يَكُونُ لَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ، 12لِكَيْ يُبْصِرُوا مُبْصِرِينَ وَلاَ يَنْظُرُوا، وَيَسْمَعُوا سَامِعِينَ وَلاَ يَفْهَمُوا، لِئَلاَّ يَرْجِعُوا فَتُغْفَرَ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ».".

الآيات (لو 9: 8 - 10): -.

"9فَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا الْمَثَلُ؟ ». 10فَقَالَ: «لَكُمْ قَدْ أُعْطِيَ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ اللهِ، وَأَمَّا لِلْبَاقِينَ فَبِأَمْثَال، حَتَّى إِنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَفْهَمُونَ.".

إستخدم السيد المسيح الأحداث التى يرونها تجرى أمامهم، مثل الزارع الذى خرج ليزرع أو الصياد الذى يصطاد.... الخ. فالصور التى تجرى أمام عيونهم تُثَبِّت المفهوم التعليمى الذى يريده السيد. ولو كان السيد المسيح موجوداً اليوم لضرب أمثال من حياتنا اليومية. وهذه طريقة لنتأمل أعمال الله، فلنتأمل فيما حولنا من أحداث لنرى حكمة الله ولنرى يد الله. ولقد إتبعت الكنيسة المقدسة نفس أسلوب السيد المسيح فمثلاً تقرأ الكنيسة هذا الفصل للزارع الذى خرج ليزرع فى شهر هاتور شهر الزراعة، بنفس المفهوم الذى إستخدمه السيد المسيح. وفى أعياد إستشهاد القديسين تقرأ فصولاً عن الإضطهادات والألام، ثم نسمع سيرة الشهيد وتُرسم أمام عيوننا.

المثل هو شرح لأمر يصعب فهمه وهذا يتضح من كلمة مثل، وهو قد يكون مجرد تشبيه أو قصة من الواقع اليومى لتوضيح حقيقة روحية. فالقصص والأمثال التى من واقع الحياة تؤثر فى الناس أكثر من الوعظ. أما التلاميذ فأعطاهم المسيح أكثر من القصص وعظاً فهو يعرف إهتمامهم.

إستخدم السيد المسيح أمثال للمشابهة كمثل رقعة الثوب الجديد على الثوب القديم.... وهناك مثل للمناسبة كمثل الزارع.. وهناك مثل بالقصة الموضِّحةَ كمثل السامرى الصالح والغنى الغبى وقاضى الظلم وهنا فى هذه القصص يوضح السيد حقائق روحية فى صورة قصة.

إذاً فى الأمثال عموماً يشرح الرب ويستخرج الحقائق الروحية من الأشياء والأحداث المألوفة ليدربنا أن نتأمل فيما حولنا وفى الطبيعة ونرى يد الله. والأمثال فيها فائدة كبيرة لمن يتأمل فيها، ومن يهتم ويتأمل فى الأمثال يمكن له أن يستخرج منها كنوزا جديدة كل يوم، تُثَبِّت فى عقله فكرا جديدا. وقطعا هذا لمن يريد ويهتم فيتأمل. أما غير المهتم بأمور الملكوت، فلن يهتم أن يتأمل ويبحث، فيصبح المثل كشئ غامض بالنسبة له، ويقف هو أمام المثل كأعمى غير مدرك للمعانى التى فيه.

السيد المسيح يتكلم بأمثال لا ليخفى الحقائق الروحية عن بعض الناس فهو يريد أن الجميع يخلصون، ولكن الكلام بأمثال هى طريقة تدعو السامع لأن يفكر ويستنتج وبهذا تثبت المعلومة بالأكثر، ولكن من هو الذى سوف يفكر ويستنتج؟ قطعاً هو المهتم بأن يفهم أسرار الملكوت، هو من يأخذ الأمر بجدية، هو المشتاق لمعرفة الحق، أما قساة القلوب والمهتمين بالماديات أو بأنفسهم فى كبرياء، غير المهتمين بالبحث عن الحق، فلن يهتموا بالبحث ولا بالفهم. وبهذا فإن السيد يطبق ما سبق أن قاله "لا تعطوا القدس للكلاب".

من هنا نفهم قول السيد من لهُ سيعطى ويزداد = أى من كان أميناً وقد حرص أن يفتش على الحق، سيعطيه السيد أن يفهم، وينمو فهمه يوماً فيوماً ويذوق حلاوة أسرار ملكوت الله. وبقدر ما يكون الإنسان أميناً ينمو فى إستيعاب أسرار ملكوت الله، وكلما ينمو يرتفع مستوى التعليم ويرتفع مستوى كشف أمور ملكوت الله. أماّ النفس الرافضة غير الأمينة بل المستهترة أو المعاندة فهذه لا يُعطى لها أى فهم = أما من ليس له فالذى عنده سيؤخذ منه = ما الذى كان عند هذه النفس، كان لها الذكاء العادى وكان لها بعض المفاهيم الروحية ولكن أمام عناد هذه النفس واستهتارها تفقد حتى ذكاءها العادى، وتفقد حتى مفاهيمها الروحية السابقة ويدخل الإنسان فى ظلام روحى ويفقد حكمته. إذاً هناك من يكشف له السيد عن أسرار الملكوت فينطلق من مجد إلى مجد، وهناك من يحرمه السيد حتى من حكمته العادية. وهذه الحالة الأخيرة كانت هى حالة الشعب اليهودى والفريسيين والكتبة.. هؤلاء كان لهم الناموس والنبوات تشهد للمسيح وأمام عنادهم فقدوا حتى تمييز النبوات، ولاحظ أنهم كانوا يفهمون هذه النبوات إذ حين سأل المجوس عن المسيح كان هناك من يعلم أن المسيح يولد فى بيت لحم. ولكن أمام عنادهم فهم فقدوا حتى فهم نبوات كتابهم. لقد صاروا مبصرين لا يبصرون وسامعين لا يسمعون ولا يفهمون وهم رأوا السيد ولم يعرفوه وسمعوه ولم يميزوا صوته الإلهى بينما أن تلاميذ السيد إنفتحت بصيرتهم الروحية فعرفوه وأحبوه طوبى لعيونكم لأنها تبصر.

من له أذنان للسمع فليسمع = (مت 9: 13) هنا السيد يقسم الناس قسمين: -.

من يريد أن يسمع ويفهم وينفذ ما تعلمه بلا عناد.

ومن لا يريد أن يفهم بل يريد أن يقاوم.

لذلك فالسيد ينبه (لو 18: 8) ويقول فانظروا كيف تسمعون = أى كونوا ممن يريدون فيسمعون ويتأملون وينفذون.

أما قول السيد فى (مت 11: 13) قد أعطى لكم أن تعرفوا أسرار ملكوت الله هذا لسابق علمه عن إستعدادهم وإشتياقهم للسمع (رو 29: 8 - 30).

ونلاحظ أن متى إذ يكتب لليهود أورد لهم نبوة إشعياء لأنهم يعرفون النبوات وأما مرقس ولوقا إذ يكتبون للأمم لم يوردوا النبوة.

قلب هذا الشعب قد غلظ … ويرجعوا فأشفيهم = كم يود السيد أن هذا الشعب يسمع ويؤمن ويرجع إليه فيشفيه، ولكن كبرياءهم وعنادهم وارتباطهم بشهواتهم غَلَّظَ قلوبهم وأغلق عيونهم وأذانهم فلم يعرفوا المسيح بل صلبوه. هو أراد لكنهم هم الذين لم يريدوا (مت23: 37).

إن أنبياء.. اشتهوا أن يروا ما أنتم ترون = أى يروا المسيح حين يتجسد.

الأمثال الآتية يشرح بها السيد المسيح ما معنى الملكوت:

الآيات (مت 1: 13 - 9 + 18 - 23) + (مر 1: 4 - 9 + 13 - 20).

+ (لو 4: 8 –8 + 11 - 15): -.

الأعداد 18-23

الآيات (مت 18: 13 - 23): -

"18«فَاسْمَعُوا أَنْتُمْ مَثَلَ الزَّارِعِ: 19كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ كَلِمَةَ الْمَلَكُوتِ وَلاَ يَفْهَمُ، فَيَأْتِي الشِّرِّيرُ وَيَخْطَفُ مَا قَدْ زُرِعَ فِي قَلْبِهِ. هذَا هُوَ الْمَزْرُوعُ عَلَى الطَّرِيقِ. 20 وَالْمَزْرُوعُ عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَحَالاً يَقْبَلُهَا بِفَرَحٍ، 21 وَلكِنْ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي ذَاتِهِ، بَلْ هُوَ إِلَى حِينٍ. فَإِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ فَحَالاً يَعْثُرُ. 22 وَالْمَزْرُوعُ بَيْنَ الشَّوْكِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَهَمُّ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى يَخْنُقَانِ الْكَلِمَةَ فَيَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ. 23 وَأَمَّا الْمَزْرُوعُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَهُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَيَفْهَمُ. وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِثَمَرٍ، فَيَصْنَعُ بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ».".

الآيات (مر 1: 4 - 9): -.

"1 وَابْتَدَأَ أَيْضًا يُعَلِّمُ عِنْدَ الْبَحْرِ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ حَتَّى إِنَّهُ دَخَلَ السَّفِينَةَ وَجَلَسَ عَلَى الْبَحْرِ، وَالْجَمْعُ كُلُّهُ كَانَ عِنْدَ الْبَحْرِ عَلَى الأَرْضِ. 2فَكَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَثِيرًا بِأَمْثَال. وَقَالَ لَهُمْ فِي تَعْلِيمِهِ: 3«اسْمَعُوا! هُوَذَا الزَّارِعُ قَدْ خَرَجَ لِيَزْرَعَ، 4 وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَجَاءَتْ طُيُورُ السَّمَاءِ وَأَكَلَتْهُ. 5 وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى مَكَانٍ مُحْجِرٍ، حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ تُرْبَةٌ كَثِيرَةٌ، فَنَبَتَ حَالاً إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُمْقُ أَرْضٍ. 6 وَلكِنْ لَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ احْتَرَقَ، وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ جَفَّ. 7 وَسَقَطَ آخَرُ فِي الشَّوْكِ، فَطَلَعَ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ فَلَمْ يُعْطِ ثَمَرًا. 8 وَسَقَطَ آخَرُ فِي الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ، فَأَعْطَى ثَمَرًا يَصْعَدُ وَيَنْمُو، فَأَتَى وَاحِدٌ بِثَلاَثِينَ وَآخَرُ بِسِتِّينَ وَآخَرُ بِمِئَةٍ». 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ».".

الآيات (مر 13: 4 - 20): -.

"13ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «أَمَا تَعْلَمُونَ هذَا الْمَثَلَ؟ فَكَيْفَ تَعْرِفُونَ جَمِيعَ الأَمْثَالِ؟ 14اَلزَّارِعُ يَزْرَعُ الْكَلِمَةَ. 15 وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ عَلَى الطَّرِيقِ: حَيْثُ تُزْرَعُ الْكَلِمَةُ، وَحِينَمَا يَسْمَعُونَ يَأْتِي الشَّيْطَانُ لِلْوَقْتِ وَيَنْزِعُ الْكَلِمَةَ الْمَزْرُوعَةَ فِي قُلُوبِهِمْ. 16 وَهؤُلاَءِ كَذلِكَ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ: الَّذِينَ حِينَمَا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ يَقْبَلُونَهَا لِلْوَقْتِ بِفَرَحٍ، 17 وَلكِنْ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلٌ فِي ذَوَاتِهِمْ، بَلْ هُمْ إِلَى حِينٍ. فَبَعْدَ ذلِكَ إِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ، فَلِلْوَقْتِ يَعْثُرُونَ. 18 وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا بَيْنَ الشَّوْكِ: هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ، 19 وَهُمُومُ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى وَشَهَوَاتُ سَائِرِ الأَشْيَاءِ تَدْخُلُ وَتَخْنُقُ الْكَلِمَةَ فَتَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ. 20 وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ: الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ وَيَقْبَلُونَهَا، وَيُثْمِرُونَ: وَاحِدٌ ثَلاَثِينَ وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ مِئَةً».".

الآيات (لو 4: 8 –8): -.

"4فَلَمَّا اجْتَمَعَ جَمْعٌ كَثِيرٌ أَيْضًا مِنَ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَدِينَةٍ، قَالَ بِمَثَل: 5«خَرَجَ الزَّارِعُ لِيَزْرَعَ زَرْعَهُ. وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَانْدَاسَ وَأَكَلَتْهُ طُيُورُ السَّمَاءِ. 6 وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الصَّخْرِ، فَلَمَّا نَبَتَ جَفَّ لأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ رُطُوبَةٌ. 7 وَسَقَطَ آخَرُ فِي وَسْطِ الشَّوْكِ، فَنَبَتَ مَعَهُ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ. 8 وَسَقَطَ آخَرُ فِي الأَرْضِ الصَّالِحَةِ، فَلَمَّا نَبَتَ صَنَعَ ثَمَرًا مِئَةَ ضِعْفٍ». قَالَ هذَا وَنَادَى: «مَنْ لَهُ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ! ».".

الآيات (لو 11: 8 - 15): -.

"11 وَهذَا هُوَ الْمَثَلُ: الزَّرْعُ هُوَ كَلاَمُ اللهِ، 12 وَالَّذِينَ عَلَى الطَّرِيقِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ، ثُمَّ يَأْتِي إِبْلِيسُ وَيَنْزِعُ الْكَلِمَةَ مِنْ قُلُوبِهِمْ لِئَلاَّ يُؤْمِنُوا فَيَخْلُصُوا. 13 وَالَّذِينَ عَلَى الصَّخْرِ هُمُ الَّذِينَ مَتَى سَمِعُوا يَقْبَلُونَ الْكَلِمَةَ بِفَرَحٍ، وَهؤُلاَءِ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلٌ، فَيُؤْمِنُونَ إِلَى حِينٍ، وَفِي وَقْتِ التَّجْرِبَةِ يَرْتَدُّونَ. 14 وَالَّذِي سَقَطَ بَيْنَ الشَّوْكِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ، ثُمَّ يَذْهَبُونَ فَيَخْتَنِقُونَ مِنْ هُمُومِ الْحَيَاةِ وَغِنَاهَا وَلَذَّاتِهَا، وَلاَ يُنْضِجُونَ ثَمَرًا. 15 وَالَّذِي فِي الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ، هُوَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ فَيَحْفَظُونَهَا فِي قَلْبٍ جَيِّدٍ صَالِحٍ، وَيُثْمِرُونَ بِالصَّبْرِ.".

مثل الزارع هو إشارة لكلمة الله التى تبذر فى قلوب المؤمنين فيولدوا من جديد. "مولودين ثانية لا من زرع يفنى بل مماّ لا يفنى بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد (1بط 23: 1) فنحن التربة لأننا مأخوذين من تراب الأرض، والروح القدس هو المطر النازل من السماء (إش 3: 44 - 4) والروح القدس يعلمنا ويذكرنا بكلام الله (يو 26: 14). ومن يسمع كلمة الله التى يعلمها له الروح القدس يتنقى (يو 3: 15) ويولد من جديد، أى بعد أن كان ميتا يحيا وكأنه وُلدَ من جديد (يو 24: 5 - 25). المطر النازل على الأرض يعمل على تفتيح البذرة فتنمو، والروح القدس يعمل على تفتيح معانى جديدة لكلمة الله داخلنا، فيزداد الفهم والعمق والفرح بكلمة الله. أما من يقاوم فكلمة الله التى سمعها سوف تدينه (يو48: 12). فكلمة الله سيف ذى حدين (عب 12: 4).

* الحد الأول للسيف يقطع الشر من النفس وينقى الإنسان فيحيا ويولد من جديد، هو مشرط الجراح الذى يقطع الداء من الجسم ليحيا.

* والحد الثانى هو حد الدينونة والعقاب، (رؤ 16: 2 + يو 48: 12).

والكنيسة المقدسة كما قلنا تقرأ فصل الزارع مرتين فى شهر هاتور المرة الأولى فى الأسبوع الأول (الأحد الأول من الشهر) وتقرأ معه فصل من رسالة بولس الرسول إلى أهل كورنثوس الثانية "هذا وإن من يزرع بالشح فبالشح أيضاً يحصد، ومن يزرع بالبركات فبالبركات أيضاً يحصد (2كو 6: 9). وكأن الكنيسة تدعونا لقراءة الكتاب المقدس كلمة الله لنتنقى، وأن نقرأ كثيراً ونسمع كثيراً، نقرأ لا بالشح بل كثيراً. هذا هو الحد الأول للسيف ذى الحدين أى كلمة الله التى تنقى.

ثم نأتى للأحد الثانى من الشهر لنجد الحد الثانى للسيف أى كلمة الله التى تدين، فالكنيسة تقرأ نفس الفصل من الإنجيل أى فصل الزارع ولكن تقرأ معه فصلاً آخر من البولس من (عب 7: 6 - 8) لأن أرضاً قد شربت المطر الآتى عليها.. وأنتجت عشباً صالحاً تنال بركة من الله، ولكن أن أخرجت شوكاً.. فهى مرفوضة وقريبة من اللعنة التى نهايتها للحريق ".

المعنى الآخر للبذرة.

كلمة الله التى تزرع فينا ليست فقط هى كلمات الكتاب المقدس بل هى حياة المسيح كلمة الله، فأقول "لى الحياة هى المسيح" (فى 23: 1) وأقول "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فىَّ" (غل 20: 2). ومن يحافظ على حياة المسيح فيه يخلص، "فنحن نخلص بحياته" (رو 10: 5). أى نصير بذرة حية فيها حياة هى حياة المسيح، فحتى وإن متنا ودفننا نعود ونحيا فى مجد (1كو 35: 15 - 45).

والروح القدس الماء النازل من السماء يعمل على تفتيح البذرة (حياة المسيح التى زرعت فينا بالمعمودية) فتنمو فينا حياة المسيح ويزداد ثباتنا فى المسيح. وجهادنا هو أن نمتلئ من الروح القدس لتنمو فينا حياة المسيح (أف5: 18 – 21).

ولاحظ هنا أن المثل عن زراعة بذور فى أرض... ونلاحظ أن المثل أعطانا غنى فى التأمل والتفسير. فهناك تفسير أن البذار هى كلمة الله فى الكتاب المقدس والتأمل فيه ودراسته، وهناك تفسير آخر أن البذار هى حياة المسيح فينا، وكل من يجاهد تثبت فيه حياة المسيح فيأتى بثمار أكثر. وهذه هى أهمية الأمثال.

الأعداد 24-30

الآيات (مت 24: 13 - 30): -

"24قَدَّمَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ قِائِلاً: «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا زَرَعَ زَرْعًا جَيِّدًا فِي حَقْلِهِ. 25 وَفِيمَا النَّاسُ نِيَامٌ جَاءَ عَدُوُّهُ وَزَرَعَ زَوَانًا فِي وَسْطِ الْحِنْطَةِ وَمَضَى. 26فَلَمَّا طَلَعَ النَّبَاتُ وَصَنَعَ ثَمَرًا، حِينَئِذٍ ظَهَرَ الزَّوَانُ أَيْضًا. 27فَجَاءَ عَبِيدُ رَبِّ الْبَيْتِ وَقَالُوا لَهُ: يَا سَيِّدُ، أَلَيْسَ زَرْعًا جَيِّدًا زَرَعْتَ فِي حَقْلِكَ؟ فَمِنْ أَيْنَ لَهُ زَوَانٌ؟. 28فَقَالَ لَهُمْ: إِنْسَانٌ عَدُوٌّ فَعَلَ هذَا. فَقَالَ لَهُ الْعَبِيدُ: أَتُرِيدُ أَنْ نَذْهَبَ وَنَجْمَعَهُ؟ 29فَقَالَ: لاَ! لِئَلاَّ تَقْلَعُوا الْحِنْطَةَ مَعَ الزَّوَانِ وَأَنْتُمْ تَجْمَعُونَهُ. 30دَعُوهُمَا يَنْمِيَانِ كِلاَهُمَا مَعًا إِلَى الْحَصَادِ، وَفِي وَقْتِ الْحَصَادِ أَقُولُ لِلْحَصَّادِينَ: اجْمَعُوا أَوَّلاً الزَّوَانَ وَاحْزِمُوهُ حُزَمًا لِيُحْرَقَ، وَأَمَّا الْحِنْطَةَ فَاجْمَعُوهَا إِلَى مَخْزَني».".

الأعداد 31-32

الآيات (مت 31: 13 - 32): -

"31قَدَّمَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ قَائِلاً: «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ حَبَّةَ خَرْدَل أَخَذَهَا إِنْسَانٌ وَزَرَعَهَا فِي حَقْلِهِ، 32 وَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُزُورِ. وَلكِنْ مَتَى نَمَتْ فَهِيَ أَكْبَرُ الْبُقُولِ، وَتَصِيرُ شَجَرَةً، حَتَّى إِنَّ طُيُورَ السَّمَاءِ تَأْتِي وَتَتَآوَى فِي أَغْصَانِهَا».".

الآيات (مر30: 4 - 32): -.

"30 وَقَالَ: «بِمَاذَا نُشَبِّهُ مَلَكُوتَ اللهِ؟ أَوْ بِأَيِّ مَثَل نُمَثِّلُهُ؟ 31مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل، مَتَى زُرِعَتْ فِي الأَرْضِ فَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُزُورِ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ. 32 وَلكِنْ مَتَى زُرِعَتْ تَطْلُعُ وَتَصِيرُ أَكْبَرَ جَمِيعِ الْبُقُولِ، وَتَصْنَعُ أَغْصَانًا كَبِيرَةً، حَتَّى تَسْتَطِيعَ طُيُورُ السَّمَاءِ أَنْ تَتَآوَى تَحْتَ ظِلِّهَا».".

الآيات (لو 18: 13 - 19): -.

"18فَقَالَ: «مَاذَا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ اللهِ؟ وَبِمَاذَا أُشَبِّهُهُ؟ 19يُشْبِهُ حَبَّةَ خَرْدَل أَخَذَهَا إِنْسَانٌ وَأَلْقَاهَا فِي بُسْتَانِهِ، فَنَمَتْ وَصَارَتْ شَجَرَةً كَبِيرَةً، وَتَآوَتْ طُيُورُ السَّمَاءِ فِي أَغْصَانِهَا».".

فى مثل الزارع رأينا ثلاثة أقسام من البذار يهلك (ما نزل على الطريق / ما نزل على الأرض المحجرة / ما زرع وسط الشوك)، وقسم واحد يخلص (ما زرع فى الأرض الجيدة)، بل فى مثل الزوان رأينا أن جزءاً من القسم الرابع يهلك (ما تأثر بالزوان)، وحتى لا ييأس أحد يقدم السيد المسيح مَثَل حبة الخردل. هنا نرى حبة خردل صغيرة تنمو وتزداد وتصبح شجرة كبيرة وهذا يعنى..

يشير للمؤمن الفرد إذ تنمو كلمة الله فى داخله ويتحول لشجرة يأوى إليها الآخرون إذ يجدون سلامهم عنده وسط هموم العالم وإضطراباته. والملكوت ينمو فى القلب الهادئ وتدريجياً كنمو الحبة أو الخميرة.

يشير للكنيسة التى بدأت بشخص المسيح الذى ظهر فى صورة ضعف ومات على الصليب وترك 12 تلميذاً خائفين مضطهدين ولكنها نمت فى العالم كله وإنتشرت.

تشير للمسيح الذى تألم ودُفِنَ كما دفنت هذه البذرة (يو24: 12) ولكن قام وأقام كنيسته فيه، كنيسته هى جسده الذى إمتد فى كل العالم.

والبذرة فيها حياة تظهر بدفنها للموت، وهكذا الخميرة فى المثل القادم، فالحبة تدفن وتتحلل لتثمر، وهكذا كل من مات وصُلِبَ عن شهوات العالم، ويقبل المسيح فيه مصلوباً حاملاً شركة آلامه فيه، هذا ينعم بقوة قيامة المسيح فيه. حبة الخردل التى تُدفن فى الحقل إنما هى المسيح المتألم الذى يدفن فينا ويقوم شجرة حياة فى قلبنا. وحبة الخردل هذه الصغيرة لا تتحول لشجرة يأوى إليها الطيور ويستظل تحتها حيوانات البرية إلاّ لو دفنت فى الطين (موت عن شهوات العالم).

طيور السماء = إشارة للأمم الذين آمنوا ودخلوا تحت ظلال الكنيسة المريحة.

* ولكن فى آية (مت19: 13) نفهم أن الطيور تشير للشيطان، ونحن لا نندهش إذ يتسلل أبناء الشيطان إلى داخل الكنيسة (فهذا هو مثل الحنطة والزوان).

أخذها إنسان وزرعها فى حقله = الإنسان هو المسيح وحقله هو العالم. وهذا المثل يشير لإزدهار الحق ونمو الملكوت بالرغم من مضايقات أهل العالم. فالحبة ألقيت فى الأرض، وأحاطت بها الظلمة، وضغط عليها الطين من كل جانب، ولكن الحياة الكامنة فيها إنطلقت لتصبح شجرة. ونلاحظ أن ملكوت الله يبدأ فى حياة الإنسان بمعرفة بسيطة عن الله مع بدايات التوبة، ولكن بعد ذلك يتحول ليشمل حب الله كل النفس فيعطى الإنسان حياته كلها لله.

ملحوظة: - هناك بذور أصغر من حبة الخردل، فلماذا إختار المسيح الخردل؟ لأن شجرة الخردل تنمو من بعد وضع البذرة فى شهور قليلة. وكأن المسيح أراد أن يشير ضمناً لسرعة إنتشار الملكوت، مع الهدف الأساسى الذى هو الفارق الهائل بين حجم حبة الخردل والشجرة التى ستنمو.

الآيات (مت 33: 13) + (لو 20: 13 - 21) مثل الخميرة:

العدد 33

آيه (مت 33: 13): -

"33قَالَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ: «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ خَمِيرَةً أَخَذَتْهَا امْرَأَةٌ وَخَبَّأَتْهَا فِي ثَلاَثَةِ أَكْيَالِ دَقِيق حَتَّى اخْتَمَرَ الْجَمِيعُ».".

الآيات (لو 20: 13 - 21): -.

"20 وَقَالَ أَيْضًا: «بِمَاذَا أُشَبِّهُ مَلَكُوتَ اللهِ؟ 21يُشْبِهُ خَمِيرَةً أَخَذَتْهَا امْرَأَةٌ وَخَبَّأَتْهَا فِي ثَلاَثَةِ أَكْيَالِ دَقِيق حَتَّى اخْتَمَرَ الْجَمِيعُ».".

بنفس مفهوم المثل السابق فالخميرة صغيرة فى كميتها لكن فى داخلها قوة حياة، وهذه تمسك فى العجين كله وبسرعة تتفاعل معه وتهبه خواصها، فيتحول الدقيق إلى خمير، هكذا تعمل فينا كلمة الله بنفس الطريقة الخفية والسرية والقوية والمستمرة، فإذا وضعناها فى قلبنا تجعلنا قديسين وروحيين، على أن لا نغلق القلب أمامها، بل نتجاوب معها ولا نعاند صوت الله داخلنا. وكما تُحَوِّل الخميرة الدقيق إلى صورتها، تحولنا كلمة الله إلى صورة المسيح (غل4: 19) وبهذا تنتشر فينا رائحة المسيح وحبه ويسيطر الروح على الحياة كلها. وهذا العمل يتم فى الخفاء.

ثلاثة أكيال دقيق = رقم 3 هو رقم الأقنوم الثالث أى الروح القدس وهو رقم القيامة فالسيد قام فى اليوم الثالث. ولاحظ أنه فى اليوم الثالث خرجت الأرض من الماء وبدأ ظهور الحياة من شجر وثمار (تك 9: 1 - 13). وهذا عمل الروح القدس داخل نفس كل إنسان إذ يخرج حياة فيه من بعد موت، وهذه الحياة هى الحياة المقامة مع المسيح، نحصل عليها أولاً فى المعمودية إذ نموت وندفن مع المسيح ونقوم معه مولودين من الماء والروح وتبدأ ثمار الروح تظهر فينا، وثانياً مع الخطية نعود لحالة الموت، لكن عمل الروح القدس الذى يبكت على الخطية، يعمل فينا وبالتوبة والإعتراف يعطى الروح القدس غفراناً للخطية فنعود من حالة الموت للحياة "إبنى هذا كان ميتاً فعاش" (لو24: 15). والمرأة هى الكنيسة التى بأسرارها وبالروح القدس العامل فى هذه الأسرار تعطى حياة لأبنائها.

وقد تشير المرأة لليهود الذين صلبوا المسيح، وبموته وقيامته أعطى الحياة لكل البشرية (الدقيق). والدقيق يشير للكنيسة كلها (1كو17: 10). ونرى هنا فى هذا المثل دور الكنيسة التى من خلال حياة الشركة، ومن خلال الأسرار تعلن ملكوت السموات، فهى تقدم المسيح (الخميرة)، والخميرة هنا تكون واهبة للحياة وتعطى صفاتها للعجين (الكنيسة) ليتشبه العجين بالخميرة، أى تحمل الكنيسة سمات المسيح. ولاحظ أن الخميرة مأخوذة من الدقيق، والمسيح أخذ جسده من العذراء أى جسد بشريتنا، وأعطانا بعد ذلك جسده لنتحد به ونصير خبزاً واحداً (1كو 17: 10). وقد تكون الخميرة هى تلاميذ ورسل المسيح، هو أعدهم ونشروا الإيمان فى العالم كله بسرعة، فأقاموه من موت الخطية إلى قيامة الحياة (رقم 3)، وبعمل الروح القدس الأقنوم الثالث. وهذا ينطبق على أى مجموعة خدام نشطين روحياً يغيرون حياة الآخرين.

مثل حبة الخردل يشير للنمو الظاهر من الخارج، أما مثل الخميرة فيشير للنمو الداخلى، وكلاهما يشيران لعمل نعمة الله فى النمو، ولكن مثلى الوزنات (مت 25) والأَمْناء (لو 19) فهما يشيران لجهاد الإنسان. ولا معنى للخلط بين النعمة والجهاد ولا معنى لإغفال ضرورة الجهاد، فنحن نرى فى مثل العشر عذارى أن الخمس الجاهلات كان معهن مصابيح ونعسن ولم يسهرن على ملإها بزيت النعمة فلم يدخلوا، ولم يستطعن أن يأخذن من الحكيمات، فالسهر والجهاد هو أمر شخصى لا يمنحه شخص لآخر. ونلاحظ أن الجاهلات كن عذارى أى مؤمنات بالمسيح وها هن يطلبنه كعريس ولكن بسبب إهمالهن الجهاد لم يقبلوا فلم يخلصوا.

الآيات (مت 34: 13 - 35) + (مر33: 4 - 34): -.

الأعداد 34-35

الآيات (مت 34: 13 - 35): -

"34هذَا كُلُّهُ كَلَّمَ بِهِ يَسُوعُ الْجُمُوعَ بِأَمْثَال، وَبِدُونِ مَثَل لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُهُمْ، 35لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: «سَأَفْتَحُ بِأَمْثَال فَمِي، وَأَنْطِقُ بِمَكْتُومَاتٍ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ».".

الآيات (مر33: 4 - 34): -.

33 وَبِأَمْثَال كَثِيرَةٍ مِثْلِ هذِهِ كَانَ يُكَلِّمُهُمْ حَسْبَمَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَسْمَعُوا، 34 وَبِدُونِ مَثَل لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُهُمْ. وَأَمَّا عَلَى انْفِرَادٍ فَكَانَ يُفَسِّرُ لِتَلاَمِيذِهِ كُلَّ شَيْءٍ.

فكما قلنا فى مقدمة الإصحاح أن الأمثال تزيد توضيح الأمور، وتدفع السامع للتفكير فتثبت الحقائق فى ذهنه.

آيه (مت 44: 13) الكنز المخفى فى حقل.

الأعداد 36-43

الآيات (مت 36: 13 - 43): -

"36حِينَئِذٍ صَرَفَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَجَاءَ إِلَى الْبَيْتِ. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «فَسِّرْ لَنَا مَثَلَ زَوَانِ الْحَقْلِ». 37فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «اَلزَّارِعُ الزَّرْعَ الْجَيِّدَ هُوَ ابْنُ الإِنْسَانِ. 38 وَالْحَقْلُ هُوَ الْعَالَمُ. وَالزَّرْعُ الْجَيِّدُ هُوَ بَنُو الْمَلَكُوتِ. وَالزَّوَانُ هُوَ بَنُو الشِّرِّيرِ. 39 وَالْعَدُوُّ الَّذِي زَرَعَهُ هُوَ إِبْلِيسُ. وَالْحَصَادُ هُوَ انْقِضَاءُ الْعَالَمِ. وَالْحَصَّادُونَ هُمُ الْمَلاَئِكَةُ. 40فَكَمَا يُجْمَعُ الزَّوَانُ وَيُحْرَقُ بِالنَّارِ، هكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ هذَا الْعَالَمِ: 41يُرْسِلُ ابْنُ الإِنْسَانِ مَلاَئِكَتَهُ فَيَجْمَعُونَ مِنْ مَلَكُوتِهِ جَمِيعَ الْمَعَاثِرِ وَفَاعِلِي الإِثْمِ، 42 وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ. 43حِينَئِذٍ يُضِيءُ الأَبْرَارُ كَالشَّمْسِ فِي مَلَكُوتِ أَبِيهِمْ. مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ.".

يشبه ملكوت السموات = هو الكنيسة التى تنشر الإيمان ومعرفة المسيح. ليملك المسيح على قلوب شعبه فخدمة الكنيسة سواء كرازة أو وعظ أو تعليم هدفها وصول المؤمنين إلى ملكوت السموات. إنساناً زرع زرعاً جيداً = هو المسيح نفسه فى حقله = فى كنيسته. وفيما الناس نيام = لم يقل السيد وفيما الزارع نائم، فالمسيح لا ينام بل هو ساهر على كنيسته ويهتم بها. ولكن الناس هم الذين ينامون أى هم فى غفلة وتراخى وكسل وإهمال ونسيان الله، سواء رعاة وخدام أو رعية وشعب. ومضى = كأنه لم يفعل شئ مع أنه سبب الشر الموجود فى العالم.

فإبن الإنسان زرع فى العالم زرعاً جيداً هم بنو الملكوت، وجاء العدو خلسة وزرع زواناً وهم بنو الشرير. ففى وسط الكرازة يضع إبليس أراء هدامة (هرطقات / فلسفات مخادعة إلحادية / شكوك / شهوات / خطية) وهذه يمكن أن تنتشر إذا نام الناس أى لو تناسوا علاقتهم بالله من صوم وصلاة …الخ وإنشغلوا بملذات هذا العالم. وفجأة نجد هذه الأراء وقد إنتشرت أو أن أناساً أشرار خرجوا من وسط الكنيسة. والزوان يشبه الحنطة فى الشكل ويصعب تمييزه عنها فى البداية لذا نحتاج لحياة السهر والتدقيق لنميز أفكار الشر ولنحذر الثعالب الصغيرة التى تدخل ونحن نيام. والزوان ينمو مع الحنطة ولكنه لا يؤثر فى نموها فلا نضطرب إذا رأيناهما معاً. (وليس أمام الخدام سوى مخدع الصلاة) جاء عدوه = فإبليس هو عدو الله، هى حرب بين الله وإبليس، وهو يحارب أولاد الله. الحصاد = يوم الدينونة. الحصادين = الملائكة. لئلا تقلعوا الحنطة مع الزوان = مع كل إمكانيات الملائكة الجبارة فهم لا يعرفون المستقبل. فالله يعمل فى قلوب البشر، ويُحَوِّل البعض من زوان إلى حنطة بالروح القدس، الذى يعلم ويبكت ويقنع فيغير طبيعة الأنسان، والملائكة لا تدرى عن هذا شيئاً مما يعمله الروح القدس داخل قلوب البشر. فمثلاً لو سمح الله للملائكة بقلع الزوان لقلعوا شاول الطرسوسى بسبب شره ومهاجمته للكنيسة غير عارفين أنه سيتحول إلى أعظم حنطة. فالملائكة لا تعرف سوى ما يرونه الآن. والله يعطى فرصاً للتوبة لكل فرد حتى لو قرر التوبة يعطيه الله بنعمته طبيعة جديدة، فيتحول من زوان إلى حنطة. والزوان لو طحنت بذوره مع الحنطة فالدقيق يكون ساماً لذلك يجب حرق الزوان وهذا مصير الأشرار الذين لم يستغلوا فرص التوبة (رؤ 21: 2 - 23). هنا نرى فى هذا المثل مزاحمة الباطل للحق فى هذا العالم ثم إنتصار الحق فى النهاية. ولكن على الكنيسة أن لا تتسرع وتحكم على إنسان بالقطع فلعله من نوع الزوان الذى يتحول إلى حنطة. على الكنيسة أن تُعَلِّم وتنير الطريق له. لكن لا يعنى هذا أن تتهاون الكنيسة مع الذين يصرون على خطاياهم (1كو 9: 5 - 13 + 2يو10). وجاء إلى البيت.. فتقدم إليه تلاميذه قائلين فسر لنا = المسيح يود أن يشرح لتلاميذه ويعطيهم كل أسرار الملكوت، لكن لا يعطى هذا إلاّ لمن يشتاق ويسأل ويطلب ويثابر، فهو لا يهب أسراره السماوية للمتهاونين. أما فى الأمور الأرضية (طعام / ملبس..) فهو يشرق بشمسه على الأبرار والأشرار ويمطر على الأبرار والظالمين (مت45: 5). والبيت هو رمز للكنيسة حيث نجتمع بإسم المسيح فيحل فى وسطنا فرحاً بالمحبة التى فينا معلناً أسراره لنا.

هذا المثل تراه فى كثير من الحدائق. فقد ذهبت إلى حديقة أحد البيوت خارج مصر ورأيت فى حديقته زهورا لونها أصفر جميل، فقلت له ما أجمل هذه الزهور، فضحك وقال إنما هى (ويدز) وتعجبت من الكلمة التى لم أفهم معناها، فقال هذه نباتات نسميها هكذا وهى نباتات تمتص كل غذاء التربة فتقتل كل نباتات الحديقة إن تركناها، فقلت وما العمل؟ فقال عندنا أدوات خاصة لنقلعها من جذورها. فقلت ومن زرعها، فقال نسميها نباتات شيطانية، والعين الخبيرة فقط هى التى تميزها عن النباتات العادية. وهكذا فالشيطان يعمل فى أتباعه وقد يبدو أن لهم منظرا جميلا يجذب الآخرين، ولكن من يسقط فى شباكهم يهلك.

الآيات (مت 31: 13 - 32) + (مر30: 4 - 32) مثل حبة الخردل + (لو 18: 13 - 19).

العدد 44

آيه (مت 44: 13): -

"44«أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ كَنْزًا مُخْفىً فِي حَقْل، وَجَدَهُ إِنْسَانٌ فَأَخْفَاهُ. وَمِنْ فَرَحِهِ مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَى ذلِكَ الْحَقْلَ.".

هذا المثل والمثلين الآتيين كانوا للتلاميذ وليس للجموع، فهم لمن يريد أن يدخل فى العمق حباً فى المسيح وليس لأى شخص.

فى المثل السابق رأينا دور الكنيسة فى نشر ملكوت السموات، فالكنيسة تقدم شخص المسيح كسر الملكوت الحقيقى. وهنا نرى دور المؤمن وجهاده المستمر لإكتشاف المسيح "الكنز المخفى" فى الحقل. والكنز المخفى فى حقل يحتاج لمن يفتش عنه، يتعب ويبحث باذلاً كل الجهد ليجد هذا الكنز والحقيقة أننا فى جهادنا، سواء فى صلاة أو دراسة الكتاب المقدس أو تطبيق وصايا الرب أو خدمته (هذا هو الحقل)، إنما نجتهد أن ندخل للعمق لنعرف شخص المسيح، ونكتشف لذة العشرة معهُ وهذا هو (الكنز) الذى فى الحقل، وهنا نملكه القلب كله فيمتد بهذا ملكوت السموات إلى قلبى. وهذا الكنز (مخفى) فكثيرون يعيشون داخل الكنيسة (الحقل) فى علاقة روتينية سطحية، دون أن يكتشفوا لذة العشرة مع المسيح. ومن يكتشف هذا الكنز سيبيع كل شىء آخر حاسباً إياه نفاية (فى 7: 3 - 8) ولكن كما يحفر الإنسان فى حقل حتى يجد الكنز المخفى، فلنحفر فى آيات الكتاب المقدس، ولا نكتفى بثمار الحقل الظاهرة أى المعانى السطحية، ولا نصلى بروتينية كمن يؤدى واجبا، بل نجتهد أن نصل لأعماق كلمة الله ونفهمها، ونصلى بلجاجة وحرارة فنكتشف شخص المسيح. فلندخل إلى مخدعنا ونصلى وندرس كلمة الله بهدف إكتشاف شخص المسيح كلمة الله، وفى هدوء خلوتنا مع الله يكشف لنا الروح القدس عن لذة شخص المسيح. حينئذ سنبيع كل شىء أماّ من تلهيه ملذات العالم، رافضاً الجهاد فى الصلاة ودراسة كلمة الله سيظل هذا الكنز مخفياً بالنسبة لهُ.

ولاحظ أننا لن يمكننا أن نفرط فيما بين أيدينا من ملذات العالم ونبيعها، ما لم نكتشف أولاً هذا الكنز. فلنبدأ فى أن نعطى لله وقتا أطول، نخصمه من الأوقات الضائعة فى العالم وتفاهاته، وسنبدأ بالشعور بالراحة، فنزيد من الوقت الذى نقضيه مع الله، وهكذا إلى أن نكتشف الكنز المخفى فى علاقتنا مع الله، وهو لذة الحياة مع الله. ومن يكتشف هذا سيبيع كل شئ (أى يستغنى بالكامل عن كل ملذات العالم إذ صارت فى عينيه بلا قيمة) ويشترى الحقل أى يعيش لله فقط، مجتهدا أن يكتشف الكنز.

الآيات (مت 45: 13 - 46) مثل اللؤلؤة كثيرة الثمن.

:

الأعداد 45-46

الآيات (مت 45: 13 - 46): -

"45أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا تَاجِرًا يَطْلُبُ لآلِئَ حَسَنَةً، 46فَلَمَّا وَجَدَ لُؤْلُؤَةً وَاحِدَةً كَثِيرَةَ الثَّمَنِ، مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَاهَا.".

اللؤلؤة الواحدة كثيرة الثمن هى شخص المسيح، وأماّ اللآلىء الحسنة هى العالم بملذاته. وهذا العالم لاشك لهُ إغراؤه وحلاوته وجذبه ولكن إذا إكتشفنا شخص المسيح سنكتشف فى الوقت نفسه تفاهة كل ملذات الدنيا (فى7: 3 - 8). المثل السابق يشرح أن من يجاهد ليكتشف شخص المسيح سيبيع كل شىء، وهنا نكتشف أن ما نبيعه كان قبل إكتشاف المسيح كلآلى فى نظرنا، ولكن بعد معرفة المسيح اللؤلؤة كثيرة الثمن، نكتشف أن ما كان فى نظرنا كلآلىء صار كنفاية. باع = ما كان له قيمة فى نظره كلآلئ فقد قيمته.

الآيات (مت 47: 13 - 50) مثل الشبكة المطروحة فى البحر:

الأعداد 47-50

الآيات (مت 47: 13 - 50): -

"47أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ شَبَكَةً مَطْرُوحَةً فِي الْبَحْرِ، وَجَامِعَةً مِنْ كُلِّ نَوْعٍ. 48فَلَمَّا امْتَلأَتْ أَصْعَدُوهَا عَلَى الشَّاطِئِ، وَجَلَسُوا وَجَمَعُوا الْجِيَادَ إِلَى أَوْعِيَةٍ، وَأَمَّا الأَرْدِيَاءُ فَطَرَحُوهَا خَارِجًا. 49هكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ الْعَالَمِ: يَخْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَيُفْرِزُونَ الأَشْرَارَ مِنْ بَيْنِ الأَبْرَارِ، 50 وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ».".

هذا المثل يشبه مثل عُرس إبن الملك (مت 1: 22 - 14) الذى دعا إلى عُرس إبنه كل الناس ولكن أخيراً أخرج غير المستعدين لأن كثيرين يُدعون وقليلين ينتخبون (مت14: 22).

فالشبكة المطروحة هى الكنيسة التى يُدعى الكل إليها، والخدام هم الصيادون، والبحر إشارة للعالم كله، يدخل الكل للكنيسة، ولكن هناك من يجاهد لكى يكتشف شخص المسيح فيبيع العالم لأجله، وهناك من يجذبه العالم فيبيع المسيح لأجله، أى لأجل العالم، فمن باع العالم لأجل المسيح فهؤلاء هم الحنطة، ومن باع المسيح لأجل ملذات العالم فهؤلاء هم الزوان والشبكة ستُسْحَبْ للشاطىء يوم الدينونة. فالشاطىء يشير لنهاية الزمان يوم يترك كل الناس البحر أى العالم "إليك يأتى كل بشر" (مز2: 65).

جلسوا = إشارة لجلوس الله على كرسى الدينونة.

الأعداد 51-53

الآيات (مت 51: 13 - 53): -

"51قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَفَهِمْتُمْ هذَا كُلَّهُ؟ » فَقَالُوا: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ». 52فَقَالَ لَهُمْ: «مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كُلُّ كَاتِب مُتَعَلِّمٍ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ يُشْبِهُ رَجُلاً رَبَّ بَيْتٍ يُخْرِجُ مِنْ كَنْزِهِ جُدُدًا وَعُتَقَاءَ». 53 وَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هذِهِ الأَمْثَالَ انْتَقَلَ مِنْ هُنَاكَ.".

هذا الكلام موجه للتلاميذ الذين سيقومون بخدمة الكلمة، والسيد هنا يقول لهم أنهم لن يكونوا مثل كتبة اليهود متمسكين بحرفية الناموس دون خبرات روحية، إنما سيكونون بجهادهم وتفتيشهم عن شخص المسيح، وبعمل الروح القدس فيهم، لهم خبرات حية جديدة ولهم نمو فى معرفة شخص المسيح اللؤلؤة كثيرة الثمن. وسيكون لهم خبرات الكتاب المقدس بعهديه الجديد والقديم = جدداً وعتقاء. وسيكون لهم خبرات الأباء = عتقاً وخبراتهم هم الشخصية = جدداً. ويشبههم السيد برب بيت = فهم سيكونون رؤوساً لكنائس يعلمون شعبها من هذه الكنوز. وقد يكون رب البيت هو أنت والبيت هو ذاتك، فماذا يوجد فى عقلك وقلبك وحواسك ومعارفك.

كاتب متعلم في ملكوت السموات = في مقابل كتبة اليهود الذين تمسكوا بالحرف فماتوا. وكان الكتبة أكثر الناس معرفة بالشريعة وأكثرهم علما.

الآيات (مت 54: 13 - 58) + (مر1: 6 - 6): -.

الأعداد 54-58

الآيات (مت 54: 13 - 58): -

"54 وَلَمَّا جَاءَ إِلَى وَطَنِهِ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ فِي مَجْمَعِهِمْ حَتَّى بُهِتُوا وَقَالُوا: «مِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ الْحِكْمَةُ وَالْقُوَّاتُ؟ 55أَلَيْسَ هذَا ابْنَ النَّجَّارِ؟ أَلَيْسَتْ أُمُّهُ تُدْعَى مَرْيَمَ، وَإِخْوَتُهُ يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَسِمْعَانَ وَيَهُوذَا؟ 56أَوَلَيْسَتْ أَخَوَاتُهُ جَمِيعُهُنَّ عِنْدَنَا؟ فَمِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ كُلُّهَا؟ » 57فَكَانُوا يَعْثُرُونَ بِهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ نَبِيٌّ بِلاَ كَرَامَةٍ إِلاَّ فِي وَطَنِهِ وَفِي بَيْتِهِ». 58 وَلَمْ يَصْنَعْ هُنَاكَ قُوَّاتٍ كَثِيرَةً لِعَدَمِ إِيمَانِهِمْ.".

الآيات (مر1: 6 - 6): -.

"1 وَخَرَجَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى وَطَنِهِ وَتَبِعَهُ تَلاَمِيذُهُ. 2 وَلَمَّا كَانَ السَّبْتُ، ابْتَدَأَ يُعَلِّمُ فِي الْمَجْمَعِ. وَكَثِيرُونَ إِذْ سَمِعُوا بُهِتُوا قَائِلِينَ: «مِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ؟ وَمَا هذِهِ الْحِكْمَةُ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَهُ حَتَّى تَجْرِيَ عَلَى يَدَيْهِ قُوَّاتٌ مِثْلُ هذِهِ؟ 3أَلَيْسَ هذَا هُوَ النَّجَّارَ ابْنَ مَرْيَمَ، وَأَخُو يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَيَهُوذَا وَسِمْعَانَ؟ أَوَلَيْسَتْ أَخَوَاتُهُ ههُنَا عِنْدَنَا؟ » فَكَانُوا يَعْثُرُونَ بِهِ. 4فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَيْسَ نَبِيٌّ بِلاَ كَرَامَةٍ إِلاَّ فِي وَطَنِهِ وَبَيْنَ أَقْرِبَائِهِ وَفِي بَيْتِهِ». 5 وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَصْنَعَ هُنَاكَ وَلاَ قُوَّةً وَاحِدَةً، غَيْرَ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مَرْضَى قَلِيلِينَ فَشَفَاهُمْ. 6 وَتَعَجَّبَ مِنْ عَدَمِ إِيمَانِهِمْ. وَصَارَ يَطُوفُ الْقُرَى الْمُحِيطَةَ يُعَلِّمُ.".

بهتوا وقالوا… أليس هذا هو إبن النجار = هؤلاء كانوا واقفين لا ليتعلموا بل ليحكموا عليه، أعجبوا بكلامه ولكنهم لم يستفيدوا بسبب كبريائهم الذى أغلق قلوبهم، فلم يروا فى المسيح سوى إبن نجار هم يعرفون عائلته، وكم من فلاسفة حتى الآن يحكمون على كلمات المسيح وتعاليمه بالعظمة ولكنهم لم يؤمنوا ولم يتذوقوا حلاوته، لأنهم جعلوا من أنفسهم حكاماً يحكمون عليه وقضاة يتحققون من كل كلمة قالها، ولم يفتحوا القلب لهُ. وربما لم يقبله هؤلاء اليهود إذ إنتظروا المسيح ملكاً زمنياً، وكم من مرة نرفض المسيح ونهاجمه إذ لا يخلصنا بحسب الخطة التى نضعها نحن، وهذه هى نفس سقطة تلميذى عمواس (لو21: 24)، فى نظر هؤلاء أن الفداء الذى تم على الصليب ليس هو الفداء المطلوب. فكانوا يعثرون فيه = فهو وضع لسقوط وقيام كثيرين (لو34: 2) وهذا ما تنبأ إشعياء أيضاً عنه (14: 8 - 15) إن كبرياء هؤلاء اليهود تصادم مع تواضع المسيح الذى ظهر كإبن نجار، فلم يقبل هؤلاء المتغطرسين أن يكون مسيحهم متواضعاً. وبسبب عدم إيمانهم هذا لم يستطيع المسيح أن يعمل قوات ومعجزات بينهم (مر5: 6). هؤلاء رأوا المسيح بعيونهم وكأنهم لم يروه. وانطبق عليهم قول الرب عنهم مبصرين لا يبصرون... (اية 13).

أليس هذا هو النجار إبن مريم = يُفهم من هذا أن يوسف النجار كان قد تنيح. فى ذلك الحين وإلاّ كانوا قد ذكروا إسمه.

يعقوب ويوسى.. إخوته = الكتاب المقدس يستخدم لفظ إخوة فى حالات القرابة الشديدة (تك 8: 13 إبراهيم ولوط + تك 15: 29 لابان ويعقوب). وهى تستخدم عند اليهود للتعبير عن أولاد العم والعمة والخال والخالة. وفى اللغة الأرامية تستخدم نفس الكلمة أخ لتعبر عن كل هذه القرابات. وهناك أراء كثيرة فى هذا الموضوع 1) هم أبناء زوجة أخرى ليوسف النجار 2) أولاد خالة للمسيح.

ويعقوب هو رئيس كنيسة أورشليم وكاتب رسالة يعقوب ويهوذا كاتب رسالة يهوذا. وإخوته لم يقبلوه أولاً ثم عادوا وآمنوا (يو5: 7).

(مر 1: 6) خرج من هناك (من كفر ناحوم) وجاء إلى وطنه (الناصرة) لكى يعطيهم فرصة أخرى.

إن تواضع المسيح الذى بسببه تعثر اليهود فيه صار سبباً لإعجابنا به وحبنا لهُ، إذ نزل إلينا ليرفعنا إليه. شاركنا جسدنا وأعمالنا فبارك لنا كل شىء. ليس نبى بلا كرامة إلاّ فى وطنه = درج الناس على إكرام الغريب الذى لا يعرفونه، والتقليل من شأن القريب الذى يعرفون نشأته وأهله، وغالباً ما يكون هذا بسبب الحسد والغيرة. والمسيح إستعمل مثلاً شائعاً قال فيه عن نفسه أنه نبى، إذ أن بعض الفئات فهموا أنه النبى الذى قال لهم عنه موسى (تث 15: 18 + مر 27: 8 - 28 + مر 15: 6). ليس نبى بلا كرامة إلا فى وطنه = مثل معروف عند اليهود استخدمه السيد المسيح هنا.

(مر5: 6) لم يقدر أن يصنع… من عدم إيمانهم = فعدم إيماننا قادر أن يغلق أبواب مراحم الله، أماّ الإيمان فيفتح كوى مراحم الله.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الرابع عشر - تفسير إنجيل متى - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الثاني عشر - تفسير إنجيل متى - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير إنجيل متى الأصحاح 13
تفاسير إنجيل متى الأصحاح 13