الأصحاح الثاني – تفسير إنجيل متى – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: انجيل متى – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الثاني

الآيات (مت2) 1.

وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ 2قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ». 3فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ. 4فَجَمَعَ كُلَّ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْب، وَسَأَلَهُمْ: «أَيْنَ يُولَدُ الْمَسِيحُ؟ » 5فَقَالُوا لَهُ: «فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ. لأَنَّهُ هكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: 6 وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ». 7حِينَئِذٍ دَعَا هِيرُودُسُ الْمَجُوسَ سِرًّا، وَتَحَقَّقَ مِنْهُمْ زَمَانَ النَّجْمِ الَّذِي ظَهَرَ. 8ثُمَّ أَرْسَلَهُمْ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ، وَقَالَ: «اذْهَبُوا وَافْحَصُوا بِالتَّدْقِيقِ عَنِ الصَّبِيِّ. وَمَتَى وَجَدْتُمُوهُ فَأَخْبِرُونِي، لِكَيْ آتِيَ أَنَا أَيْضًا وَأَسْجُدَ لَهُ». 9فَلَمَّا سَمِعُوا مِنَ الْمَلِكِ ذَهَبُوا. وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ، حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ. 10فَلَمَّا رَأَوْا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا. 11 وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا. 12ثُمَّ إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ فِي حُلْمٍ أَنْ لاَ يَرْجِعُوا إِلَى هِيرُودُسَ، انْصَرَفُوا فِي طَرِيق أُخْرَى إِلَى كُورَتِهِمْ. 13 وَبَعْدَمَا انْصَرَفُوا، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ». 14فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ. 15 وَكَانَ هُنَاكَ إِلَى وَفَاةِ هِيرُودُسَ. لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِل: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْني». 16حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ غَضِبَ جِدًّا. فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا، مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونُ، بِحَسَب الزَّمَانِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ. 17حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ الْقَائِلِ: 18«صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ، نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَلاَ تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ». 19فَلَمَّا مَاتَ هِيرُودُسُ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي حُلْمٍ لِيُوسُفَ فِي مِصْرَ 20قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ». 21فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَجَاءَ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. 22 وَلكِنْ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ أَرْخِيلاَوُسَ يَمْلِكُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ عِوَضًا عَنْ هِيرُودُسَ أَبِيهِ، خَافَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ. وَإِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي حُلْمٍ، انْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي الْجَلِيلِ. 23 وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا» ".

هيرودس الكبير (بعد وفاته قسمت المملكة كالتالي على أبنائه)

رفض قيصر تسميته ملكاً وسُمِّىَ رئيس ربع

رفض قيصر تسميته ملكاً وسُمِّىَ رئيس ربع

.

أولاد هيرودس: انتيباس أرخيلاوس فيلبس.

الجليل أدوم / اليهودية / السامرة قيصرية.

بالرجوع إلى مثل الأمناء (لو12: 19 - 27). نجد أن الإنسان الشريف الجنس يذهب ليأخذ لنفسه ملكاً ثم يكافئ عبده الأول بأن أعطاه سلطاناً على عشر مدن وعبده الثاني سلطان على خمس مدن.

وموضوع عائلة هيرودس يفسر موضوع مثل الأمناء. فالملك هيرودس الكبير حيث أنه كان صديق لقيصر (الإنسان الشريف الجنس) أعطاه سلطان على مملكة كبيرة. ولما مات قسم قيصر المملكة على أربعة وبهذا صار كل رئيس ربع يملك على عدد مدن أقل. وهناك من ملك على 10مدن وهناك من ملك على 4 مدن وهكذا بحسب قربه من قيصر.

وواضح أنه كلما زادت عدد المدن زاد مجد وغنى وثروة الملك. والمعنى أنه كلما كنا أمناء في وزناتنا كان لنا مجد أعظم في السماء "فنجم يمتاز عن نجم في المجد" (1كو41: 15).

وحينما يقول الرب يسوع "من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي كما غلبت أنا أيضاً وجلست مع أبي في عرشه" (رؤ21: 3):

هذا لا يفهم منه أن الآب له عرش مستقل عن الإبن، والإبن سوف يجلس معنا في عرشه فترة ثم يذهب ليجلس مع الآب في عرشه، لأن الآب والإبن ببساطة هم واحد.

العرش تعبير عن المجد. وكون المسيح يجلس مع الآب في عرشه، فالمعنى أن الإبن بجسده صار له نفس مجد الآب، وهو نفس مجد الإبن الأزلى بلاهوته (يو17: 5) وهذا معنى جلس عن يمين الآب.

جلوسنا في عرش المسيح يعني أننا نشترك في مجده، كلٌ بحسب أمانته "فنجماً يمتاز عن نجم في المجد" أحدنا يكون له سلطان على عشرة مدن والآخر له سلطان على خمس مدن. وهذا ما كان يعنيه المسيح حين قال "وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني" (يو22: 17) فالمسيح تجسد ليموت ويقوم ويصعد ليتمجد بجسده ونتمجد نحن فيه.

هذا لا يعني أنه سيكون لنا نفس مجد المسيح، لكن كل منا بحسب أمانته سيكون له جزء من هذا المجد. والأدق أنه سينعكس عليه مجد المسيح، فيعكس منه علي قدر نقائه.

ملك هيرودس الكبير على كل اليهودية سنة 37ق. م. ودخل القدس بمعونة الرومان. وكانت أمه وأبيه أدوميين. وكان الأدوميون قد رضخوا بالقوة للمذهب اليهودي سنة 125ق. م. فلم يكن هيرودس يهودي الأصل. وقد تزوج هيرودس عشر نساء وكان له أبناء كثيرين. واشتد التنافس فيما بينهم على وراثة العرش. وكان القصر مسرح عشرات المؤامرات والفتن. واشتركت زوجات الملك وأقاربهن في تلك المؤامرات. هذا عدا المؤامرات التي كان يحيكها هيرودس ضد أعدائه من اليهود والرومان فقد كان هيرودس الكبير قاسي القلب، عديم الشفقة يسعى وراء مصلحته مهما كانت الخسائر واشتهـر بكثـرة الحيل ولم ينتبه إلى صراخ المظلومين. وقتل عدة زوجات وأبناء وأقارب خوفاً من مؤامراتهم. ولكنه بني أماكن كثيرة أشهرها مدينة قيصرية وسماها هكذا تكريماً لأوغسطس قيصر، ورمم مدينة السامرة بعد أن تهدمت وأسماها سباسطيا (سيباستوس هو الاسم اليوناني لاسم أغسطس اللاتيني) أي مدينة أغسطس. وبدأ في ترميم الهيكل في القدس. ومن وحشيته أنه قتل ابنيه الإسكندر وأرسطوبولس، وقبل موته بخمسة أيام قتل ابنه انتيباتر. وفيما هو يسلم أنفاسه الأخيرة أمر بقتل جميع عظماء أورشليم حتى يعم الحزن المدينة ولا يجد الملك الجديد مجالاً للبهجة، لكنه مات قبل أن تتحقق أمنيته الأخيرة. وهو الذي أمر بقتل أطفال بيت لحم حتى لا ينافسه مولود بيت لحم المُلْك. فقد ولد المسيح في أواخر أيام هذا الطاغية. ولقد مات هيرودس الكبير بعد قتل أطفال بيت لحم بثلاثة شهور بعد أن اشتدت شراهته في الفترة الأخيرة لأكل اللحم وأصيب بداء النقرس والاستسقاء، وتصاعدت منه رائحة كريهة جداً حتى لم يقدر أحد أن يقترب إليه. وبعد موته اقتسم أبناءه مملكته حسب ما سبق.

العدد 1

إنجيل متى 15
.

آية (مت 1: 2): -

"1 وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ.".

بَيْتِ لَحْمِ = بيت الخبز فهو جاء إلينا خبزاً سماوياً يتناوله الجياع والعطاش إلى البر. في اتضاع كامل قَبِلَ الرب يسوع أن يولد ولادة مجهولة. في قرية صغيرة، فهو قد أخلى ذاته أخذاً صورة عبد (2كو9: 8 + في7: 2). وبيت لحم هي مدينة الملك داود، حيث مسحه صموئيل النبي ملكاً على إسرائيل. وفيها ولد المسيح الملك من نسل داود. ونلاحظ أن متى لا يتكلم عن الناصرة فهو يقدم المسيح الملك نسل داود الملك.

وَلَمَّا وُلِدَ = ولد المسيح سنة 4ق. م. (وكان هذا نتيجة أخطاء العلماء في الحساب في القرون الوسطى حينما حاولوا تغيير التقويم من الحساب تبعاً للطريقة المصرية، طريقة النجوم إلى التقويم الشمسي وهو السائد حالياً، وإكتشف الخطأ بعد ذلك بقرون).

مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ = هم كهنة أو ملوك كلدانيون أو فارسيون يهتمون بدراسة الفلك والظواهر الفلكية، واسم مجوس يعطي للفلاسفة ورجال العلم خاصة علم الفلك ويقال أنهم سحرة ومنجمين من بين النهرين، ويعبدون النار. وكان علماء النجوم من المجوس (كانوا يعتقدون بوجود علاقة بين حركة النجوم وأحداث العالم) يعتقدون أن ظهور نجم علامة على ميلاد شخص عظيم. ويقال أن هؤلاء المجوس كانوا يتبعون مذهب بلعام الذي تنبأ بمجيء المسيح (سفر العدد). وهم كانوا يعرفون نبوته، وينتظرون هذا المولود العجيب الذي قال عنه بلعام "يبرز كوكب من يعقوب.." (عد17: 24). ونرى في نبوة بلعام والنجم الذي ظهر للمجوس ليدلهم على ولادة المسيح أن الله لم يقصر نفسه على اليهود، بل هو اهتم بكل البشر، لكل من يطلبه بأمانة. ولقد كان هؤلاء المجوس يمثلون كنيسة الأمم المنجذبة لعريسها الملك. فبينما رفضه اليهود، أتى إليه الأمم الوثنيين فكان مجيئهم توبيخاً لليهود. كان المجوس هم باكورة الشعوب الأممية الذين قبلوا المسيح. وكان المسيح منذ ولادته حجر الزاوية الذي قبله الرعاة الذين أتوا إليه من قريب والمجوس الذين أتوا إليه من بعيد. وغالباً جاء المجوس في موكب عظيم يتقدمهم ثلاثة من كبارهم يحملون الهدايا للملك العجيب. هؤلاء المجوس سيدينوننا، فهم تعبوا ليصلوا للمسيح، فماذا قدمنا له من تعب أو هدايا. هم تركوا بلادهم فلنترك شهواتنا لنراه. وليكن الكتاب المقدس هو النجم الذي يهدينا "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي" أو هو الروح القدس الذي في داخلنا. والكنيسة تضع في شرقية الهيكل، في حضن الآب قنديل مضئ إشارة للنجم الذي يهدينا إلى أحضان النعمة.

نجد هنا قاعدة أساسية وهي أن من يبحث عن المسيح بأمانة يجده "أطلبوا تجدوا".

فهِيرُودُسَ ملأ قلبه الحسد فلم يجد المسيح ولم يعرفه. الملك اليهودي لم يجده والملوك الوثنيين (المجوس) وجدوه.

والكهنة عرفوا النبوات ولكن مطامعهم المادية أعمت عيونهم فلم يجدوه ولم يبحثوا عنه فقلبهم مشغول بمادياتهم. الرعاة الرسميين لم يجدوه ورعاة الغنم وجدوه بل تحول الكهنة إلى صالبين للمسيح.

أما المجوس فقد وضعوا في قلوبهم أن يجدوه، فوجدوه مع أنهم وثنيين.

والرعاة الساهرين أتى لهم الملائكة ليرشدوهم وهكذا كل ساهر على رعيته أو ساهر على خلاص نفسه سيجد يسوع.

العدد 2

آية (مت 2: 2): -

"2قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ».".

ما هو هذا النجم: - يقول القديس فم الذهب أنه لم يكن نجماً حقيقياً كسائر النجوم، إنما هو ملاك ظهر في هيئة نجم ليهدي المجوس العاملين في الفلك وذلك:

لأن مسار هذا النجم الذي ظهر مختلف مع مسار حركة النجوم الطبيعية.

كان النجم يسطع في الظهيرة والشمس مشرقة.

كان يظهر أحياناً ويختفي في أحيان أخرى.

كان يرتفع حيناً وينخفض حيناً فهو قادهم إلى البيت الذي فيه المسيح تماماً.

أما أوريجانوس فيرى أنه أحد المذنبات، وهذا الاحتمال بعيد للأسباب السابقة.

متى جاء المجوس إلى المسيح: يرى البعض أن النجم ظهر قبل مجيء المسيح للعالم ليلة ميلاده بمدة تكفي لسفر المجوس من بين النهرين إلى بيت لحم، وهم أتوا تماماً ليلة الميلاد، ويرى البعض أن النجم ظهر ليلة ميلاده للمجوس وهم أتوا بعد فترة (ويقول أصحاب هذا الرأي أن ما يدعمه قول الكتاب أن المجوس أتوا إلى البيت آية (11) ولم يقل المذود. وقال الصبي ولم يقل الطفل. وأن هيرودس قتل كل من كان أقل من سنتين).

لماذا استخدم الله النجم؟

الله يكلم كل إنسان باللغة التي يفهمها، فكما تحدث مع التلاميذ عن طريق صيد السمك الوفير وتكلم مع قسطنطين الملك المحارب وأراه علامة الصليب قائلاً بهذا تغلب فعرف المسيح وآمن به، وتحدث مع اليهود بالنبوات ومع اليونانيين بالفلسفة يكلم الله المجوس الذين لا يفهمون سوى لغة النجوم عن طريق نجم، وهكذا يكلمنا الله من خلال أعمالنا ودراساتنا ومنازلنا كل اليوم.

حين وصلوا لليهودية توقف النجم عن إرشادهم فسألوا اليهود ليرشدوهم فذاع الخبر، وبهذا تكلم الله مع شعبه من اليهود ليعرفوا نبأ الميلاد فلا يكون لهم عذر.

الله كلم المجوس عن طريق نجم، وكلم الرعاة عن طريق ملائكة، الكل تكلم من السماء.

ربما شعر المجوس أن تعاويذهم قد أبطلت حين ولد المسيح، فأدركوا أن أمراً يفوق السحر قد حدث في العالم، وتذكروا نبوة بلعام، فطلبوا أن يروا نجماً هو كوكب يعقوب الذي حدثهم عنه أبوهم بلعام (عد17: 24)، ليدركوا أين هو هذا المولود فيذهبوا إليه فأراهم الله بحسب طلبهم، وحسب ما يفهموه. فهم بحسب مفاهيمهم فهموا نبوة بلعام حرفياً. فهم فهموا قوله كوكب من يعقوب أن هناك نجماً سيظهر.

ربما هم عرفوا موعد مولد المسيح من نبوة دانيال الذي كان كبيراً للمجوس.

الله أخرج من الجافي حلاوة، فالمجوس استخدموا النجوم بطريقة خاطئة ولكن ها هو الله يرشدهم عن طريقها على مكان المسيح. وكان هؤلاء المنجمون يعتقدون أن لكل شخص نجماً يُسَيِّر حياته، ولكن نرى هنا أن النجم لم يحدد مصير المسيح، بل أن المسيح هو الذي كان يقود النجم.

العدد 3

آية (مت 3: 2): -

"3فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ.".

اضْطَرَبَ = لقد خشى هيرودس أن ترجع المملكة إلى يهودي وتضيع منه، اضطرب الملك الأرضي حين ظهر الملك السماوي، وفي قلب كل منا إن تجلى الرب يسوع يزعزع الشيطان الطاغية الذي يملك بالشر. وكأن الرب يسوع حين يملك فينا بصليبه تنهار مملكة إبليس ولا تقدر أن تثبت. حين يضئ النور تذهب الظلمة.

العدد 4

آية (مت 4: 2): -

"4فَجَمَعَ كُلَّ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْب، وَسَأَلَهُمْ: «أَيْنَ يُولَدُ الْمَسِيحُ؟ ».".

نجد هنا أن رؤساء الكهنة والكتبة يرشدون المجوس للخبز الحي، أما هم فلا يقتربون إليه، لعلهم صاروا كالعاملين في بناء فلك نوح الذين هيأوا فلك الخلاص ولكنهم لم يدخلوه. لقد تمتع الغرباء بسر الحياة وحُرم الرؤساء منه.

الأعداد 5-6

الآيات (مت 5: 2 - 6): -

"5فَقَالُوا لَهُ: «فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ. لأَنَّهُ هكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: 6 وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ».".

باقي النبوة أن مخارجه منذ الأزل، وهم كتموها نفاقاً لهيرودس (ميخا2: 5) لكن واضح معرفتهم بالنبوة بل بحسب نبوة دانيال فهم كانوا يعرفون سنة ميلاده (دا 9) فسمعان وحنة كانا ينتظرانه (لو2).

الأعداد 7-8

الآيات (مت 7: 2 - 8): -

"7حِينَئِذٍ دَعَا هِيرُودُسُ الْمَجُوسَ سِرًّا، وَتَحَقَّقَ مِنْهُمْ زَمَانَ النَّجْمِ الَّذِي ظَهَرَ. 8ثُمَّ أَرْسَلَهُمْ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ، وَقَالَ: «اذْهَبُوا وَافْحَصُوا بِالتَّدْقِيقِ عَنِ الصَّبِيِّ. وَمَتَى وَجَدْتُمُوهُ فَأَخْبِرُونِي، لِكَيْ آتِيَ أَنَا أَيْضًا وَأَسْجُدَ لَهُ».".

أخفى هيرودس اضطرابه بمظاهر الخداع، وهذا هو طريق كل فاعلي الشر إذ يخططوا في الخفاء ليجرحوا الآخرين.

العدد 9

آية (مت 9: 2): -

"9فَلَمَّا سَمِعُوا مِنَ الْمَلِكِ ذَهَبُوا. وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ، حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ.".

ما أحوجنا أن نخرج من دائرة إبليس (هيرودس)، دائرة الخطية عمل إبليس لتتكشف لنا علامات الطريق الملوكي بوضوح. (نضع قنديل في شرقية الكنيسة رمزا لهذا النجم).

العدد 10

آية (مت 10: 2): -

"10فَلَمَّا رَأَوْا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَ حًا عَظِيمًا جِدًّا.".

حينما نرى الطريق الملوكي لابد وسنفرح جداً.

العدد 11

آية (مت 11: 2): -

"11 وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا.".

المجوس قبل هداياهم قدموا قلوبهم وسجدوا له. هم نفذوا الناموس وهم الأمم، فهم لم يحضروا أمام الرب فارغين (تث16: 16).

ذَهَبًا = إشارة لأنه ملك، بالرغم من مظاهر البساطة التي كان فيها، فقد شعر المجوس أنه ملك، لقد عرفوا بالروح، والمسيح يملك على القلوب البسيطة المتضعة. مملكة المسيح لم تكن من هذا العالم، وهو رفض أن يجعلوه ملكاً (يو15: 6). ودخل أورشليم راكباً أتاناً. ولكن بينما كان المسيح في مظاهر الوداعة والتواضع كانت السماء تشهد له، فالملائكة ترنم "المجد لله في الأعالي" والآب يشهد مجدت وأمجد أيضاً (يو28: 12). وكانت معجزاته بسلطان، بل هو أعطى لمن يؤمن به أن يكون في مجده ويرث معه، كل من عاش حياته يرضى الله ويطيع وصاياه سيملك معه، كل من قدَّم قلبه ليكون عرشاً للمسيح سيجلس مع المسيح في عرشه (رؤ21: 3). ولكن هذا لمن يغلب ويحيا حياة سماوية (رمزها الذهب) على الأرض ويرفض أن يملك شهواته على حياته.

لُبَانًا = إشارة لكهنوته (مز4: 110). وكاهن أي شفيع، فهو صار شفيعاً لجنسنا البشري عند الله الآب. هو كاهن قدَّم ذبيحة نفسه، وكانت ذبائح العهد القديم رمزاً للصليب ورئيس كهنتنا يسوع حي للأبد، يشفع فينا للأبد (عب3: 7). وهناك مفهوم عام للكهنوت فكل المؤمنين ملوك وكهنة (ملوك لنا سلطان أن نملك على شهواتنا وأجسادنا وكهنة نقدم ذبائح التسبيح والصلاة والإنسحاق بل نقدم أجسادنا ذبائح حية (عب14: 13 - 15 + مز17: 51، 2: 141 + رو1: 12) وبهذا المفهوم فالمسيح هو ملك الملوك ورئيس الكهنة وهذا طبعاً لا يتعارض مع الكهنوت الخاص، فالكهنة هم خدام أسرار الكنيسة = وكلاء سرائر الله (1كو1: 4).

واللبان يصنع منه البخور، والبخور يقدَّم لله فقط، فلنقدم حياتنا وصلواتنا للمسيح إلهنا. وربما اعتبر المجوس أن المسيح إله يستوجب تقديم البخور له كما يقدمون لآلهتهم.

مُرًّا = إشارة لآلامه وإشارة لأنه نبي (فوظائف المسيح الثلاث ملك / كاهن / نبي تنبأ عنها المجوس يوم ميلاده) والأنبياء الذين أرسلهم الله لشعبه عانوا الأمرين. ولكن آلام المسيح في صلبه كانت تسمو عن أفكارنا ويكفي حمله لخطايا البشرية وحجب الآب وجهه عنه كحامل خطايا). والمر يستخدم في تحنيط الموتي، إشارة لقبوله الموت ولكن المر رائحته طيبة جداً إشارة لطاعة المسيح. والمر يستخدم في العطور إلا أن مذاقه مر جداً إشارة لآلام المسيح. لذلك فكل من يحتمل مرارة الآلام والصليب يكون لهذا رائحة حلوة عند الله الآب، إذ يشترك مع إبنه في حمل الصليب. وهكذا كل من يميت شهوات جسده، فهو يشترك مع المسيح في موته فيكون له حق التمتع بالقيامة مع المسيح، ولذلك فبالمر أي باحتمال الألم نحفظ أجسادنا من الفساد، وباحتمال صلب الأهواء والشهوات نحفظ أجسادنا من الفساد إذ يكون لها قيامة في الأبدية. بل من يحتمل الآلام تكون له إعلانات وأسرار يستنير بها قلبه فيكون نبي.

وبهذا نرضى المسيح، بأن نقدم له هذه التقدمات [1] حياتنا السماوية (في20: 3) (كو1: 3) [2] صلواتنا [3] تسابيحنا وشكرنا وسط آلامنا. أي الذهب (حياتنا السماوية) واللبان (الصلاة) والمر (احتمال الألم بشكر).

العدد 12

آية (مت 12: 2): -

"12ثُمَّ إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ فِي حُلْمٍ أَنْ لاَ يَرْجِعُوا إِلَى هِيرُودُسَ، انْصَرَفُوا فِي طَرِيق أُخْرَى إِلَى كُورَتِهِمْ.".

الله بهذا أنقذ المسيح وأنقذ المجوس من بطش هيرودس، إذ هو من المؤكد كان سيقتلهم لأنهم اعترفوا بالمسيح ملكاً. وانصراف المجوس دون أن يلتقوا بهيرودس فيه درس روحي لنا، إذ على النفس التي تلتقي بالمسيح أن لا تعود لطريقها القديم (إبليس).

الأعداد 13-14

الآيات (مت 13: 2 - 14): -

"13 وَبَعْدَمَا انْصَرَفُوا، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ». 14فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ.".

مَلاَكُ الرَّبِّ = المقصود ملاك عادي مرسل من الرب، فملاك الرب يقصد به غالباً المسيح. وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ = الملاك الآن لم يقل ليوسف مريم امرأتك، فالميلاد قد تم والشك قد زال، وصارت مريم تنسب للمسيح وليس ليوسف، والمسيح هو منسوب للعذراء لا ليوسف. فالمسيح صار هو المركز الذي ننسب إليه. والمسيح هرب إلى مصر [1] لأنه كان عليه أن يُتَمِّم رسالة، ولطالما اختفي من بين اليهود إذا أرادوا قتله حتى يتم رسالته (يو59: 8). [2] هروب المسيح أكد حقيقة تجسده، فلو أظهر عجائب منذ صغره لما حُسِبَ إنساناً. [3] صار هروب المسيح درساً للهروب من الشر إن أمكن، فالنار لا تطفأ بالنار بل بالماء. [4] أراد المسيح تقديس مصر، هذه التي سيكون للرب مذبحاً في وسطها (إش19: 19) وستكون منارة للعالم كله (وكانت الأوثان تسقط في كل بلد في مصر تدخله العائلة المقدسة فكانوا يطردونهم من مدينة إلى أخرى) ومركز إشعاع إيماني، ومركز مدرسة الإسكندرية وأصل الرهبنة.

تأمل: يوسف لم يقل "إذا كان المولود هو يسوع المخلص فلماذا لا يخلصنا من هيرودس وحينما قال له الملاك إذهب إلى مصر ذهب حتى دون أن يسأله كيف أو متى أعود وفي هذا درسين [1] التسليم الكامل، وعدم طلب معجزات بصفة مستمرة [2] احتمال الألم في صمت، فحياة يوسف كانت مع المسيح هي مزيج من الفرح والألم (هروب واضطهاد وألم وملائكة ونجم ومجوس ساجدين ورعاة شهود، وكان أعظم فرح وتعزية ليوسف والعذراء مريم أن المسيح فى أحضانهم بل قل أنهم هم فى أحضانه، فنحن نرى هذه الصورة فى سفر النشيد" شماله تحت رأسى ويمينه تعانقنى "2: 6).

العدد 15

آية (مت 15: 2): -

"15 وَكَانَ هُنَاكَ إِلَى وَفَاةِ هِيرُودُسَ. لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِل: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْني».".

هذه الآية قالها هوشع (1: 11). قالها عن خروج شعب إسرائيل من مصر. لكننا نرى هنا طريقة الروح القدس التي استخدمها الإنجيليين وبولس الرسول في إعادة فهم الآيات النبوية وتطبيقها على المسيح، وأن النبوات عن المسيح كانت مختبأة في العهد القديم.

العدد 16

آية (مت 16: 2): -

"16حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ غَضِبَ جِدًّا. فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا، مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونُ، بِحَسَب الزَّمَانِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ.".

هنا نرى وحشية هيرودس، فمن قتل أولاده وزوجاته وأقربائه من المؤكد أنه يفعل هذا فهو قتل أولاده وزوجاته لنفس السبب الذي قتل أطفال بيت لحم بسببه ألا وهو خوفه وحرصه على عرشه. وهذا يرينا نتائج الحسد والغضب ومحبة العالم. وصار هؤلاء الأطفال أول شهداء المسيحية، صاروا رمزاً للكنيسة المضطهدة المتألمة لأجل المسيح، الكنيسة التي رجعت وصارت كالأطفال بسيطة كمسيحها، هذه الكنيسة لا يحتملها إبليس ولا يحتملها العالم ويريد قتلها واختفاءها. ولكن ما لا يفهمه العالم، أين ذهب هؤلاء الأطفال؟ هم في السماء.. ولكن ما مصير من قتلهم ليتمسك بالأرض..!!

الأعداد 17-18

الآيات (مت 17: 2 - 18): -

"17حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ الْقَائِلِ: 18«صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ، نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَلاَ تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ».".

هنا نرى تطبيق آخر من تطبيقات الروح القدس فيه نتعلم كيف نتعامل مع العهد القديم. فهذه الآية قالها أرمياء (15: 31) عمن قتلوا أثناء السبي وعمن ذهبوا سبايا إلى بابل. وراحيل هي أم البنيامينيين، والرامة في بنيامين، وقبر راحيل قرب الرامة. وكأن راحيل هنا ترمز لإسرائيل التي تبكي على أولادها ضحايا السبي. والروح القدس الذي أوحى لمتى باقتباس الآية (متى استعار آية عن السبي وطبقها على أطفال بيت لحم)، أظهر أنها نبوة عن هذا العمل الوحشي الذي قام به هيرودس. ولكن لنعلم أن وسط صرخات الألم التي تصرخها الكنيسة من آلام هذا العالم تولد الكنيسة المنتصرة في السماء والتي هي بلا ألم وباكورتها المسيح.

الأعداد 19-20

الآيات (مت 19: 2 - 20): -

"19فَلَمَّا مَاتَ هِيرُودُسُ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي حُلْمٍ لِيُوسُفَ فِي مِصْرَ 20قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ».".

مات هيرودس شر ميتة بعد أن قتل ابنه وأصيب بأمراض كريهة.

العدد 21

آية (مت 21: 2): -

"21فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَجَاءَ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ.".

العدد 22

آية (مت 22: 2): -

"22 وَلكِنْ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ أَرْخِيلاَوُسَ يَمْلِكُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ عِوَضًا عَنْ هِيرُودُسَ أَبِيهِ، خَافَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ. وَإِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي حُلْمٍ، انْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي الْجَلِيلِ.".

لأن أرخيلاوس كان شريراً جداً. والناصرة إحدى مدن الجليل (كلمة جليل تفيد معنى الدائرة وكانت مركز اتصالات للأمم المجاورة ومملوءة من الأمم لذلك سمى جليل الأمم (إش1: 9 - 2).

العدد 23

آية (مت 23: 2): -

"23 وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا».".

كانت سمعة الناصرة سيئة جداً عند اليهود (يو52: 7 + 46: 1)، بل هي بلد بلا أهمية، ولكن من ولد في مذود، ودخل أورشليم على جحش ابن أتان قَبِلَ أن ينتسب للناصرة حتى يهدم كل افتخار وانتساب ومجد باطل. والناصرة كانت تسكن فيها العذراء من قبل (لو26: 1). وفيها كانت بشارة الملاك للعذراء، وعادوا من مصر للناصرة.

سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا = نشأ المسيح في الناصرة ليحمل اسماً مشتقاً من المكان الذي نشأ فيه، وصار اسمه الناصري ومنها اشتق اسم "نصارى" وهو لقب المسيحيين. وذلك لأن ناصرة بالعبرية هي (NATZAR) وتعنى غصن، ومنها الكلمة العربية (ناضر). وقد سمى السيد المسيح في أكثر من نبوة في العهد القديم بالغصن = مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا» الأنبياء قالوا أنه غصن وهنا نرى تطبيق ثالث لفهم العهد القديم.

راجع النبوات (إش1: 11 - 2 + أر15: 33 + زك8: 3، 12: 6).

ولكن إشعياء تنبأ أن نور المسيح سيبدأ من الجليل حيث أسباط زبولون ونفتالي (إش1: 9 - 2).

غصن = بعد أن قطعت شجرة داود (العائلة الملكية انتهت بموت صدقيا). نبت المسيح كغصن جديد في هذه الشجرة.

آيات عسرة الفهم خاصة بلاهوت المسيح.

1) صلوات يسوع للآب.

صلاة المسيح كانت كإنسان يصلى بالروح. وكانت كمناجاة، أما فى بستان جثسيمانى كانت كطلب وظهر فيها كإنسان كامل يتألم ولكنه كان طائعا لمشيئة الآب التى هى نفس مشيئته فالآب والإبن واحد. وكمثال للمناجاة بين الإبن والآب نجد المسيح ينادى الآب "مجد إبنك..." (يو17). وفى (يو12: 28 - 30) يقول المسيح "مجد إسمك.. فجاء صوت من السماء مجدت وأمجد أيضا.... هذا الصوت كان من أجلكم".

2) أنا أخرج الشياطين بروح الله.

تأكيد أنه ليس إلها آخر غير الإله الذى يعرفونه. ولكنها آية تبين تضامن الأقانيم الثلاثة معا لأنها قائمة معا وكائنة معا فى جوهر واحد، الإبن يتكلم والروح هو الروح القدس والآب هو الله. فإخراج الشياطين هو بسلطان المسيح ولكن بدون إنفصال عن الآب والروح القدس.

3) إلهى إلهى لماذا تركتنى.

إلهى = من جهة الناسوت فالمسيح يخاطب اللاهوت - سواء لاهوت الآب الذى هو لاهوت الإبن الذى هو لاهوت الروح القدس - وهو اللاهوت الحال به والمتحد به بقوله إلهى. فناسوت المسيح ناسوت مخلوق وخالقه هو اللاهوت المتحد به الذى يملأ السماء والأرض.

4) الرب قنانى أول طريقه... منذ الأزل مسحت (أم8: 22).

الرب إقتنى الحكمة الأزلية أى حازها، هى كانت منذ الأزل ولا تزال قائمة وكائنة عنده، هذا التعبير لا يختلف كثيرا عن "فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله". ويقول سليمان فى نفس النص "منذ الأزل مسحت" ولا يتصف بالأزلية إلا الله وحده. والمسحة تعنى التعيين لمهمة معينة (الملوك والكهنة) وكان عمل المسيح هو الخلاص والفداء.

5) الله جعل يسوع هذا الذى صلبتموه ربا ومسيحا (أع2: 36).

كان بطرس يُخجل اليهود السامعين مما فعلوه بالمسيح. فهو يقول يسوع هذا الذى قتلتموه ودفنتموه لم تنته قصته بل قام وأرسل الروح القدس علينا كما ترون الآن فينا. هو ليس ضعيفا بل عظيم. بطرس هنا يشرح ليغير الصورة فى أذهان اليهود.

6) إله ربنا يسوع المسيح.

بولس الرسول هنا يتكلم عن ربنا يسوع المسيح وليس عن الأقنوم الثانى مجردا عن الناسوت. المسيح هو إله من حيث لاهوته وإنسان من حيث ناسوته.

الكتاب المقدس ينسب ما للناسوت ليسوع المسيح أو للرب يسوع، لأن اللاهوت متحد فيه بالناسوت إتحادا تاما بغير إنفصال لحظة واحدة أو طرفة عين. ولذلك نقول عن العذراء مريم أنها والدة الإله، مع أنها ليست أصلا للاهوت، لكن اللاهوت حل فى أحشائها، وإتخذ منها ناسوتا ومع ذلك فهى تدعى والدة الإله بإعتبار الإتحاد القائم بين اللاهوت والناسوت، فالذى خرج من أحشائها إله متأنس وليس مجرد إنسان فقط.

وجدير بالذكر أنه يمكن أن تكون للكائن صفتان دون تعارض. فالجمر هو مُحْرِق ومُحتَرِق. والرب يسوع هو إله من حيث لاهوته لكن من حيث ناسوته له إله، وهذا الإله هو المتحد بالناسوت، وفى نفس الوقت هو الكائن فى السماء.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الاصحاح الثالث - تفسير إنجيل متى - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الأول - تفسير إنجيل متى - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير إنجيل متى الأصحاح 2
تفاسير إنجيل متى الأصحاح 2