الأصحاح الثالث – سفر أيوب – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر أيوب – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الثالث

أيوب هو مثال للصبر ولكنه إنسان، ونجده هنا قد أخطأ بشفتيه، والكتاب المقدس سجل ما قاله أيوب لا لنقتدي به بل لإنذارناً "لكي يحذر من يظن أنه قائم حتي لا يسقط 1كو 11: 10، 12. ونجد أيوب هنا متذمراً من قسوة تجربته ولنلاحظ أن التذمر هو حكم علي الله بأنه أخطأ. أما يسوع فإحتمل الآلام دون تذمر بل بسرور لأجل خلاصنا. والكتاب المقدس أظهر أيوب وغيره من القديسين كبشر لهم ضعفاتهم فليس كامل إلا الله وحده. وفي غضبه.

1. شكا من أنه قد ولد (1 - 10).... ومنطقه هنا أنه إذا كانت الحياة هكذا صعبة فلماذا وُلِدت.

2. شكا من أنه لم يمت حالما ولد (11 - 19)... إذا سمح الله وولدت فلماذا لم أمت فوراً.

3. شكا من أن حياته طالت وهو في محنته (20 - 26)... إذا سمح الله وعشت فلماذا لا أموت وأنا متألم فتقل مدة الألام.

ونلاحظ من تذمر أيوب أن الخراج المختفي بدأ يظهر من ضغط التجربة وحين تكلم متذمراً بدأ الخراج ينفتح ليخرج الصديد وظل الله يضغط وأيوب يتألم والصديد يخرج والله يضغط إلي أن شفي تماماً بقوله ها أنا حقير فبماذا أجاوبك 4: 40. هنا كان كل الصديد قد خرج.

العدد 1

أية (1): -

"1بَعْدَ هذَا فَتَحَ أَيُّوبُ فَاهُ وَسَبَّ يَوْمَهُ،".

لقد سكت الأصحاب لكنهم كانوا ينظرون لأيوب نظرات معناها التساؤل!! لماذا كل هذا إلا لو كنت خاطئاً، فكانت نظرات الإدانة في عيونهم. لذلك بدأ أيوب في الشكوي وهكذا كل من حلت به خسارة يعتقد أن له الحق في أن يشتكي ويتكلم، لكن الشكوي والتذمر لا تعطي راحة بل السكون والتسليم لله.

سب يومه = أي يوم ميلاده. ومعني انه يسب يوم ميلاده أنه كان يتمني لو لم يولد قط، وهو بهذا نسي الخير الذي ولد لأجله والخير الذي عاش فيه زماناً طويلاً. وسب يوم الميلاد بسبب النكبات التي تحل بنا معناه أننا نخاصم الإله الذي سمح بهذا. والأفضل أن نكره يوم موتنا الروحي الذي تعلمنا فيه طريق السقوط والخطية. ومن سيكون مصيره جهنم مثل يهوذا يحق له أن يسب يوم ميلاده (مت 24: 26) وكثيرون سبوا يوم ميلادهم فهكذا فعل أرمياء (10: 15 + 14: 20). ولكن لا يوجد من سب يوم ميلاده الثاني الذي حصل فيه علي نعمة البنوة. ولنلاحظ أن أيوب أخطأ حين سب يوم ميلاده وتذمر لكنه لم يجدف علي الله كما تصور الشيطان.

العدد 2

أية (2): -

"2 وَأَخَذَ أَيُّوبُ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ:".

العدد 3

أية (3): -

"3«لَيْتَهُ هَلَكَ الْيَوْمُ الَّذِي وُلِدْتُ فِيهِ، وَاللَّيْلُ الَّذِي قَالَ: قَدْ حُبِلَ بِرَجُل.".

ليته هلك اليوم = هذا تصور شعري فيه يتصور الشاعر أن يوم ميلاده كأنه شخص يموت ويرتعب، ولا يفرح. والمقصود أنه لو هلك يوم ميلاده ما كان قد ولد لهذا الألم الشديد.

العدد 4

أية (4): -

"4لِيَكُنْ ذلِكَ الْيَوْمُ ظَلاَمًا. لاَ يَعْتَنِ بِهِ اللهُ مِنْ فَوْقُ، وَلاَ يُشْرِقْ عَلَيْهِ نَهَارٌ.".

لا يعتني به الله = تمني لو غضب الله علي يوم ميلاده، فاليوم الذي يكرمه الله يكون مكرماً. ليكن ذلك اليوم ظلاماً = ليحرم من بركة الشمس والقمر وأي مصدر للنور.

العدد 5

أية (5): -

"5لِيَمْلِكْهُ الظَّلاَمُ وَظِلُّ الْمَوْتِ. لِيَحُلَّ عَلَيْهِ سَحَابٌ. لِتَرْعَبْهُ كَاسِفَاتُ ظُلُمَاتُ النَّهَارِ.".

كاسفات النهار = هو إستمر في تصوير سواد اليوم متصوراً أن اليوم يصير ظلاماً بسبب كسوف الشمس.

العدد 6

أية (6): -

"6أَمَّا ذلِكَ اللَّيْلُ فَلْيُمْسِكْهُ الدُّجَى، وَلاَ يَفْرَحْ بَيْنَ أَيَّامِ السَّنَةِ، وَلاَ يَدْخُلَنَّ فِي عَدَدِ الشُّهُورِ.".

فليمسكه الدجي = الدجي أي الظلام الشديد. لا يفرح = يكون حزيناً ففيه ولد أشقي الناس الذي هو أنا.

العدد 7

أية (7): -

"7هُوَذَا ذلِكَ اللَّيْلُ لِيَكُنْ عَاقِرًا، لاَ يُسْمَعْ فِيهِ هُتَافٌ.".

الليل ليكن عاقراً = معني الكلمة المستخدمة موحشاً ومؤلماً، أي ليلة ميلادي ليلة موحشة كلها ألم. أو أن الليل هذا لا يفرح بأن يكون له مولود أي لا يعقبه ليل مثله.

العدد 8

أية (8): -

"8لِيَلْعَنْهُ لاَعِنُو الْيَوْمِ الْمُسْتَعِدُّونَ لإِيقَاظِ التِّنِّينِ.".

لاعنو اليوم = إشارة للسحرة الذين إدعوا أنهم لهم سلطة علي الأرواح والقوات الطبيعية وأنهم قادرين علي جعل اليوم "نحس" وكمثال هم لهم سلطان علي الكسوف والخسوف وأن لهم معرفة بالأمور المستقبلة. وكانوا إذا قالوا عن يوم أنه مشئوم لا يجوز العمل فيه. وبما أن القدماء لم يعرفوا علة الكسوف والخسوف ظنوا أن حيواناً وهمياً كان يبلع الشمس أو القمر أو أنه كان يغطيه بإلتفافه عليه كحية عظيمة وأن للسحرة سلطة علي التنين فيوقظونه أو يسكتونه حينما يشاؤون.

وكان الكهنة المصريين وهم علماء فى الفلك، غالبا كانوا يحددون مواعيد الكسوف ويهددون الشعب إذ يخبرونهم أنهم سيجعلون الشمس تختفى عن طريق تنين هم لهم سلطان أن يطلقونه متى أرادوا. فيهابهم الشعب إذ يحدث الكسوف أو الخسوف فعلا.

المستعدون لإيقاظ التنين = أي السحرة (أو الكهنة) الذين كانوا يهددون بأن يوقظوا هذا التنين الذي يبتلع الشمس ليتحول النهار إلي ظلام هو الكسوف. إذاً ليلعن السحرة يوم ميلادي ليصير مظلماً بأن يوقظوا التنين ليلتوي حول الشمس (التنين = لوياثان). أو يكون المعنى أنه لو لعن السحرة هذا اليوم لإختفى كما تختفى الشمس ولما كنت قد ولدت. وقد وردت كلمة التنين في الإنجليزية لوياثان (راجع 1: 41) وهو يرمز للشيطان. وبذلك يكون السحرة يستخدمون قوة الشيطان (لوياثان).

العدد 9

أية (9): -

"9لِتُظْلِمْ نُجُومُ عِشَائِهِ. لِيَنْتَظِرِ النُّورَ وَلاَ يَكُنْ، وَلاَ يَرَ هُدُبَ الصُّبْحِ،".

لا يَرَ هدب الصبح = الهدب هو رموش العين. والمقصود السحب التي تخرج من بينها أشعة الشمس صباحاً التي تحمل معها السرور والبهجة (وهو تصوير شعري).

العدد 10

أية (10): -

"10لأَنَّهُ لَمْ يُغْلِقْ أَبْوَابَ بَطْنِ أُمِّي، وَلَمْ يَسْتُرِ الشَّقَاوَةَ عَنْ عَيْنَيَّ.".

يغلق أبواب بطن أمي = أساس سخط أيوب علي نهار وليل ميلاده أنه لم يغلق بطن أمه حتي لا يولد. وهذا القول ما أسخفه ولكن في ثورة الغضب ينطق الإنسان بسخافات عندما يفلت زمامه. فكيف يتمني إنسان أن لا يولد فيحرم من بركات الله وميراثه السماوي، فأن يسمح الله بأن نوجد فهذا من مراحمه ورضائه علينا. صورة أيوب هنا صورة إنسان يائس تماماً من أن يرفع الله عنه ضيقته.

كل الآيات السابقة فيها يلعن أيوب يوم ميلاده بطرق شعرية متعددة والمعنى ليته لم يكن. فلو لم يأتى هذا اليوم ما كنت ولدت لأرى هذه الألام. ويلعن هذا اليوم لأنه ولد فيه ليتألم.

الأعداد 11-19

الأيات (11 - 19): -

"11لِمَ لَمْ أَمُتْ مِنَ الرَّحِمِ؟ عِنْدَمَا خَرَجْتُ مِنَ الْبَطْنِ، لِمَ لَمْ أُسْلِمِ الرُّوحَ؟ 12لِمَاذَا أَعَانَتْنِي الرُّكَبُ، وَلِمَ الثُّدِيُّ حَتَّى أَرْضَعَ؟ 13لأَنِّي قَدْ كُنْتُ الآنَ مُضْطَجِعًا سَاكِنًا. حِينَئِذٍ كُنْتُ نِمْتُ مُسْتَرِيحًا 14مَعَ مُلُوكٍ وَمُشِيرِي الأَرْضِ، الَّذِينَ بَنَوْا أَهْرَامًا لأَنْفُسِهِمْ، 15أَوْ مَعَ رُؤَسَاءَ لَهُمْ ذَهَبٌ، الْمَالِئِينَ بُيُوتَهُمْ فِضَّةً، 16أَوْ كَسِقْطٍ مَطْمُورٍ فَلَمْ أَكُنْ، كَأَجِنَّةٍ لَمْ يَرَوْا نُورًا. 17هُنَاكَ يَكُفُّ الْمُنَافِقُونَ عَنِ الشَّغْبِ، وَهُنَاكَ يَسْتَرِيحُ الْمُتْعَبُون. 18الأَسْرَى يَطْمَئِنُّونَ جَمِيعًا، لاَ يَسْمَعُونَ صَوْتَ الْمُسَخِّرِ. 19الصَّغِيرُ كَمَا الْكَبِيرُ هُنَاكَ، وَالْعَبْدُ حُرٌّ مِنْ سَيِّدِهِ.".

هنا أيوب في يأسه يتمني لو كان قد مات عقب ولادته مباشرة. لماذا أعانتني الركب ولماذا الثدي حتي أرضع = الطفل المولود يكون ضعيفاً جداً. وإن لم تحفظه قدرة الله وعنايته يهلك. والعناية الإلهية وضعت الرحمة في قلوب الأمهات، بل رحمة وشفقة من كل الناس لأي طفل. وتذمر أيوب هنا معناه، وما فائدة هذه الرحمة والشفقة، ولماذا الركب التي حملت عليها (تدليل الطفل علي الركب علامة الحنان إش 12: 66 + تك 23: 50) ولماذا أرضعتني أمي، كان الأفضل لكل هؤلاء أن يتركونني أموت صغيراً من أن أعاني ما أعانيه الآن. ولنلاحظ أن الجحيم هو المكان الوحيد الذي يصلح أن يقال عنه هذا الكلام فهم هناك سيشتهون الموت ولا يجدونه. أما نحن علي الأرض فمهما كانت ألامنا، يجب أن يكون لنا رجاء أن الله سيتدخل وينهيها وحتي إن لم يسمح بأن ينهيها فيجب أن يكون لنا رجاء في السماء. ونلاحظ أننا في العهد الجديد لنا إمكانيات أكبر من إمكانيات أيوب في إحتمال الألام بسبب: -.

1. التأمل في يسوع المصلوب والمتألم بسبب خطايانا وهو القدوس البار.

2. ثقتنا الأكيدة في حياة المجد الأبدي التي أعدها الله لنا وهذا يعطينا إحتمال وصبر. وكانت فكرة القيامة والمجد الأبدي غير واضحة في العهد القديم. لذلك علينا أن لا نلوم أيوب بشدة علي كلماته الصعبة.

3. الروح القدس الساكن فينا الآن، وفي كل المؤمنين هو الروح المعزي الذي يعطي عزاء وقت التجربة فمن ثماره السلام الذي يفوق كل عقل. وأيضا فهمنا أن الألام هي لكي نكمل، ولذلك فكل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله (رو 8: 28).

أما حالة اليأس والتذمر ضد أحكام الله فتفقد الإنسان سلامه الداخلي، وهي حالة خصام مع الله فيها تزداد حالة الإنسان كآبة فوق ألمه. وهناك من في يأسه يتمني الموت، ومن الأقوال المشهورة "يارب فلتأخذني الآن فأنا لا أحتمل" ومن مراحم الله أنه لا يستجيب لأنه لو مات الإنسان في يأسه لهلك. فالإنسان الذي يؤمن بالله ومملوء بالروح القدس، يكون مملوءاً من الرجاء والثقة في الله. وبدون هذا الرجاء نصير أشقي جميع الناس. يضاف لهذا أن التذمر وعدم الصبر إذا ملأت القلب يحتقر الإنسان مراحم الله وبركاته، وتخرج الإنسان عن صوابه ويصير ناكراً للجميل. وهذا عكس قول بولس الرسول "لي إشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح فذاك أفضل جداً". هنا بولس يشتهي أن يري أمجاد السماء، هو يقول هذا في ملء الرجاء وليس في حالة يأس، والدليل أنه يكمل "لكن أن أبقي ألزم لأجلكم" فهو يريد أن ينطلق للسماء لكنه في تسليم كامل لمشيئة الله يسلم لله قائلاً "إن أردت يارب أن تعطيني حياة لأخدمك فليكن ليس كإرادتي بل كإرادتك. قول بولس هنا في (في 23: 1، 24) فيه منتهي التسليم والرجاء ولنلاحظ أننا حين نشتهي الموت لنكون مع المسيح ولكي نتحرر من خطايانا يكون هذا من عمل النعمة. ولكن حين نشتهي الموت لمجرد أن نتخلص من متاعب هذه الحياة كان هذا دليلاً علي اليأس وفساد الإنسان الداخلي. وللأسف كانت حالة أيوب هي هذه الأخيرة فهو تصور أنه في موته يستريح مضطجعاً ساكناً = كان كل ما يطمع فيه أن يهدأ من ألامه وأفكاره وذكرياته المؤلمة. لكنه لو خضع لمشيئة الله لحصل علي هذا الهدوء الداخلي. ولنلاحظ أن الحرب الشيطانية ضدنا دائماً في ألامنا أن نتذمر، دائما الشيطان يدفعنا لأن نتذمر وبدون وعي نندفع لألام أكثر شدة. نمت مستريحاً = الكتاب المقدس يشبه موت المؤمنين بالنوم دا 2: 12 + يو 11: 11 + أع 60: 7. لأنهم عند موتهم يستريحون من أتعابهم ثم يستيقظون لحياة أفضل، والموت في تعريف الكنيسة هو إنتقال لحياة أبدية بعد حياة غربة" ليس موت لعبيدك يارب بل هو إنتقال "أوشية الراقدين" ويسمي نوم لأنه فترة مهما طالت فهي قصيرة. ومن المؤكد سيكون هناك استيقاظ. أما القدماء فلم يعرفوا تماماً حالة الإنسان بعد الموت كما أعلنت في العهد الجديد، بل ظنوا أن من يموت يذهب إلى الهاوية فيسمونهم أهل الهاوية (الهاوية مكان الموتي) وأهل الهاوية هؤلاء هم أخيلة بلا أجساد وبلا أفراح الحياة (مز 3: 88 - 6 + إش 9: 14، 10 + إش 9: 38 - 20). وأيوب كان له نفس الأفكار لكنه حسب الموت أكثر راحة من الألام التي يعانيها. بل يتمادي في تصوير راحة القبر ويقول مع ملوك ومشيري الأرض = ولنفهم هذا القول نقول أن هناك أشخاص بعد أن يتذوقوا الغني والكرامة لا يستطعيوا أن يتحملوا الفقر والذل. وأيوب هنا يتصور أنه لو مات صغيراً لكان قد مات في كرامة وعظمة مثله مثل ملوك الأرض، أي لو مات صغيراً قبل أن يري هذا الذل وهذه الألام. ولكنه يندب حظه أنه وصل لسن كبير وبعد هذا فقد كرامته. ولكن القبر يسوي بين الجميع الغني والفقير.. الخ. الذين بنوا أهراماً = هكذا فعل المصريين لذلك نقول أن كاتب السفر شعراً عاش في مصر وتأثر بالثقافة المصرية. رؤساء لهم ذهب غالبا المقصود الذهب والمقتنيات الثمنية التي توضع في القبور مع الشخص المتوفي. والأثار المصرية شاهدة علي ذلك. وهم كانوا يدفنون هذه الكنوز مع الميت حفظاً لكرامته، ويتضح المعني الذي يقصده أيوب من قوله أو كسقط مطمور فلم أكن = السقط المطمور هو الجنين الذي ولد ميتاً. فواضح هنا أنه كان يتمني لو مات حالما وُلِدَ فلا يري هذا الذل والألم الذي هو فيه. ثم يسترسل في تصوير حالة الراحة التي يشعر بها أو يتمتع بها الميت فهو سيستريح من نفاق المشاغبين = هناك يكف المنافقون عن الشغب. والمستعبدون يتحررون = الأسري يطمئنون. وهذا صحيح إلي حد بعيد، فالموت راحة ونياح، راحة للجسد وراحة للنفس وراحة للروح، ولكن لمن هذه الراحة، هي فقط لمن كان خاضعاً لله في رجاء.

الأعداد 20-24

الأيات (20 - 26): -

"20«لِمَ يُعْطَى لِشَقِيٍّ نُورٌ، وَحَيَاةٌ لِمُرِّي النَّفْسِ؟ 21الَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ الْمَوْتَ وَلَيْسَ هُوَ، وَيَحْفُرُونَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنَ الْكُنُوزِ، 22الْمَسْرُورِينَ إِلَى أَنْ يَبْتَهِجُوا، الْفَرِحِينَ عِنْدَمَا يَجِدُونَ قَبْرًا! 23لِرَجُل قَدْ خَفِيَ عَلَيْهِ طَرِيقُهُ، وَقَدْ سَيَّجَ اللهُ حَوْلَهُ. 24لأَنَّهُ مِثْلَ خُبْزِي يَأْتِي أَنِينِي، وَمِثْلَ الْمِيَاهِ تَنْسَكِبُ زَفْرَتِي، 25لأَنِّي ارْتِعَابًا ارْتَعَبْتُ فَأَتَانِي، وَالَّذِي فَزِعْتُ مِنْهُ جَاءَ عَلَيَّ. 26لَمْ أَطْمَئِنَّ وَلَمْ أَسْكُنْ وَلَمْ أَسْتَرِحْ، وَقَدْ جَاءَ الزُّجْرُ».".

هنا ينتقل لفكرة جديدة وهي إذا سمح الله بأن أولد وإذا سمح بأن أكبر حتي الآن فلماذا يسمح بأن أعيش الآن وأنا متألم = لماذا يعطي لشقي نور = الشقي هو المتألم، هو الذي يحيا في شقاء والتساؤل هنا لماذا يعطي له نور أي حياة تنفتح فيها عيني المتألم كل يوم ليري نور الشمس ويبدأ يوماً جديداً في رحلة ألامه. فالنور في نظره هنا لا فائدة منه إلا أن يري به ألامه. ويتمني أيوب أن لا يري النور ثانية أي يموت، بل هو يبحث عن الموت مثل كنز ولا يجده. ومن كلام أيوب نتصور أن الإنتحار كان فكرة مرفوضة فأيوب كان يبحث عن الموت علي أن يكون بيد الله وإرادته وليس بيده هو. وخطأ الفكرة أن يشتهي الإنسان الموت بسبب ألامه، أن بقاء الحياة ونهايتها شئ راجع لمشيئة الله وليس إلي مشيئة الإنسان، وحكمة الله وقضائه لا تقاس بحكمة الإنسان رو 33: 11 - 36.

لم يُعطَى... حياة لمُرِّى النفس = أى أن الله هو الذى يعطى الحياة كهبة من عنده وهو الذى له السلطان إذا أن يأخذها. المسرورين إلي أن يبتهجوا، الفرحين عندما يجدون قبراً = تترجم هكذا "الذين يفرحون إلي الإبتهاج ويستبشرون إذا وجدوا قبراً". أيوب هنا يتصور أن المتألم مثله يفرح بخبر الموت ويبتهج حين يجد قبراً يدفن فيه.

ملحوظة: - إن كان هذا الكلام قد قيل عن الموت وراحته والفرح به من رجل عاش في العهد القديم لا يفهم معني أفراح الحياة الأبدية وأمجادها فماذا يقول من عاش في مفاهيم العهد الجديد.

ويشرح أيوب سبب رغبته الشديدة نحو الموت فيصور حاله قائلاً.

رجل قد خفي عليه طريقه = أي أصابته مصائب لا يقدر أن يفهمها. سيج الله حوله = المشاكل التي أصابه بها الله صارت كسور (سياج) حوله، وصار داخلها مثل سجين لا يري باباً للنجاة، وخفي عليه طريق الهرب أو الخروج من هذا السياج مثل خبزي يأتي أنيني = حسب الترجمة اليسوعية "التنهد صار طعام لي" وحسب الترجمة الإنجليزية "قبل أن آكل يأتي أنيني" أي كلما كان يبدأ الأكل تأتيه التنهدات فلا يأكل. مثل المياه تنسكب زفرتي = تأتي كأمواج متلاحقة. زفرتى ترجمت فى الإنجليزية زئيرى.

الأعداد 25-26

الأيات (25 - 26): -

"25لأَنِّي ارْتِعَابًا ارْتَعَبْتُ فَأَتَانِي، وَالَّذِي فَزِعْتُ مِنْهُ جَاءَ عَلَيَّ. 26لَمْ أَطْمَئِنَّ وَلَمْ أَسْكُنْ وَلَمْ أَسْتَرِحْ، وَقَدْ جَاءَ الزُّجْرُ».".

لها معنيين الأول: - وهو في ألامه كان في رعب دائم من أن تأتي عليه ألام أخري أشد، وما كان يخاف منه ويرتعب كان يحدث وكانت الألام تزداد فكان في رعب دائم وألم دائم. وقد جاء الرجز = الألم والإضطراب.

والمعني الثاني: - أنه في أيام راحته لم يكن يشعر بإطمئنان بل كان في رعب من أن تزول عنه نعمته ورخائه، وما كان يرتعب منه ها هو قد حدث. وإن صح المعني الثاني يكون هذا عيب جديد في أيوب فهو لم يكن في سلام كامل مع الله بل كان متخوفاً من المستقبل وهذا يعنى عدم الثقة فى أن الله صانع خيرات يحب أولاده ولا يسمح لهم بأى ضرر.

وأيوب في كل هذا لم يجدف علي الله بل تذمر من الوضع السئ الذي كان فيه ولكنه بكلامه المتذمر الذي وضح فيه إعتراضه علي مشيئة الله فتح باب المناقشات مع أصحابه حول هذه الإعتراضات.

عن تحديد علماء المصريين لمواعيد الكسوف والخسوف جاء هذا المقال فى جريدة المصرى اليوم بتاريخ السبت 2 / 11 / 2013. وتم نقل المقال كما هو دون تعديل.

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، أن القدماء المصريين أول من اكتشفوا ظاهرة كسوف الشمس وخسوف القمر وحددوا مواعيد لكل منها وليس العالم الهولندي جودريك عام1783 كما هو مدون بكتب علم الفلك.

وقال ريحان: إن كهنة معبد آمون في سيوة نبهوا الجنود لهذه الظاهرة عند محاربتهم لجيوش داريوس الفارسية حتى لا يصاب الجنود بذعر عندما تفاجئهم الظاهرة وأوضحوا لهم أنها تعبير عن غضب الإله على جيش العدو، وذلك طبقا لما جاء فى كتاب الدكتور سيد كريم "لغز الحضارة المصرية".

وأضاف أن رسم الزودياك الذى يغطي سقف بهو الأعمدة بمعبد دندرة "معبد حتحور معبودة الجمال والحب والسعادة حارسة قبة السماء ونجومها" الذي يعود لعام 50 ق. م يجسد هذه الظاهرة، وقد نقل السقف والقبة إلى المكتبة العامة بباريس خلال الحملة الفرنسية وموجود حاليا بمتحف اللوفر، موضحا أن هذا الرسم يمثل مجسدا لقبة السماء وزعت حولها فى توزيع دائرى البروج الاثنى عشر بأسمائها المعروفة فى العالم أجمع حتى الآن "الحمل والثور والتوأمان والسرطان والأسد والعذراء والميزان والعقرب وحامل القوس والجدى والدلو والحوت" بنفس ترتيبها وعلاقتها بأشهر السنة الشمسية.

وأشار إلى أنه قد حدث كسوف للشمس فى رسم زودياك معبد دندرة فى 7 مارس عام 51 ق. م وصور الكسوف الشمسى على هيئة المعبودة إيزيس وهى تمسك القرد تحوت من ذيله في محاولة لإيقاف القمر من إخفاء الشمس، كما حدث خسوف للقمر في 25 سبتمبر عام 52 ق. م وتم تصويره على هيئة عين الأوجات الكاملة لأن خسوف القمر يظهر فقط عندما يكون القمر بدرا أى كاملا، وهى عين المعبود الصقر حورس التى فقدت فى أحداث صراعه مع ست والتى شفيت بمساعدة جحوتى، وقد أشير للشمس والقمر بأنهما عينا حورس.

وأكد ريحان أن القدماء المصريين أول من اكتشفوا أسرار السماء ووضعوا دراسات وخرائط كاملة للقبة السماوية ودورة أفلاكها وحركة كواكبها وأنهم أصحاب أول تقويم فى تاريخ البشرية، والذى أطلق عليه "التقويم النيلى"، مشيرا إلى أن السنة النيلية كانت تتكون من 12 شهرا بكل شهر 30 يوما والسنة 360 يوما، ثم قام كهنة معبد أون خلال الأسرة الثالثة بتصحيح السنة النيلية بإضافة 5 أيام التى ولد فيها المعبودات الخمس أوزوريس وإيزيس وست ونفتيس وحورس، وما زالت أسماء الشهور المصرية القديمة تستخدم حتى الآن مع بعض التحريف وهو ما يطلق عليه السنة القبطية التى تبدأ بشهر توت وهو تحوت أما الأيام الخمسة المنسية فهى ما يطلق عليها فى التقويم القبطى بأيام النسئ.

وأوضح ريحان أن القدماء المصريين أول من اكتشفوا التقويم القمرى والشهور والأيام القمرية وهو تقويم أوزوريس وحراسه ال 28 الذين يمثلون أسماء أيام الشهر وهلاله، وأطلق على البدر اسم أوزوريس نفسه وأطلق فيه على كل شهر اسمًا من أسماء المعبودات وعبر فيها عن الشهر برمز الهلال وعند استبدال التقويم القمرى بالتقويم الشمسى بقى التعبير عن كلمة شهر في التقويم النيلى والتقويم الشمسى برسم الهلال فوق اسم الشهر.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الرابع - سفر أيوب - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الثاني - سفر أيوب - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر أيوب الأصحاح 3
تفاسير سفر أيوب الأصحاح 3