الأصحاح الرابع والعشرون – سفر صموئيل الثاني – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر صموئيل الثاني – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ وَالعِشْرُونَ

تعداد الشعب.

(1) أمر داود بالتعداد (ع1 - 9).

(2) عقاب الله (ع10 - 16).

(3) إقامة المذبح ورفع الضربة (ع17 - 25).

(1) أمر داود بالتعداد (ع1 - 9):

1 وَعَادَ فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ فَأَهَاجَ عَلَيْهِمْ دَاوُدَ قَائِلًا: «امْضِ وَأَحْصِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا». 2 فَقَالَ الْمَلِكُ لِيُوآبَ رَئِيسِ الْجَيْشِ الَّذِي عِنْدَهُ: «طُفْ فِي جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ مِنْ دَانَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ وَعُدُّوا الشَّعْبَ، فَأَعْلَمَ عَدَدَ الشَّعْبِ». 3 فَقَالَ يُوآبُ لِلْمَلِكِ: «لِيَزِدِ الرَّبُّ إِلَهُكَ الشَّعْبَ أَمْثَالَهُمْ مِئَةَ ضِعْفٍ، وَعَيْنَا سَيِّدِي الْمَلِكِ نَاظِرَتَانِ. وَلَكِنْ لِمَاذَا يُسَرُّ سَيِّدِي الْمَلِكُ بِهَذَا الأَمْرِ؟ » 4 فَاشْتَدَّ كَلاَمُ الْمَلِكِ عَلَى يُوآبَ وَعَلَى رُؤَسَاءِ الْجَيْشِ، فَخَرَجَ يُوآبُ وَرُؤَسَاءُ الْجَيْشِ مِنْ عِنْدِ الْمَلِكِ لِيَعُدُّوا إِسْرَائِيلَ. 5 فَعَبَرُوا الأُرْدُنَّ وَنَزَلُوا فِي عَرُوعِيرَ عَنْ يَمِينِ الْمَدِينَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ وَادِي جَادَ وَتُجَاهَ يَعْزِيرَ، 6 وَأَتُوا إِلَى جِلْعَادَ وَإِلَى أَرْضِ تَحْتِيمَ إِلَى حُدْشِي، ثُمَّ أَتُوا إِلَى دَانِ يَعَنَ وَاسْتَدَارُوا إِلَى صَيْدُونَ، 7 ثُمَّ أَتُوا إِلَى حِصْنِ صُورٍ وَجَمِيعِ مُدُنِ الْحِوِّيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ، ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى جَنُوبِيِّ يَهُوذَا إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ 8 وَطَافُوا كُلَّ الأَرْضِ، وَجَاءُوا فِي نِهَايَةِ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا إِلَى أُورُشَلِيمَ. 9 فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِ إِلَى الْمَلِكِ، فَكَانَ إِسْرَائِيلُ ثَمَانَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ ذِي بَأْسٍ مُسْتَلِّ السَّيْفِ، وَرِجَالُ يَهُوذَا خَمْسَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ.

العدد 1

ع1:

يذكر النص هنا أن الرب هو الذي أهاج داود ليعد الشعب، بينما في سفر أخبار الأيام الأول (1 أخ21: 1) ينسب هذا الأمر للشيطان. تفسير ذلك هو أن الرب لا يدفع الناس للشر، فحين يميل الناس من أنفسهم لغواية عدو الخير، فإنه يتركهم ليفعلوا ما يريدون ويكون ذلك بسماح من الله.

كان الغرض من رغبة داود في التعداد هو المباهاة بكثرتهم وقد أيّده الشعب في ذلك. ولم يكن هذا الغرض متفقًا وإرادة الله الذي شرَّع القيام بالإحصاء لأغراض دينية طقسية محدّدة سبق أن عينها لهم الله (خر30: 11) وهي دفع فدية عن الذكور أو حصر المتقدمين للتجنيد أو إعداد اللاويين الذين سيشتركون في خدمة بيت الرب...

إذًا فحموّ غضب الله هو بسبب خطية داود والشعب، وهي أساسًا الكبرياء، فسمح لداود أن يأمر بالتعداد ولكنه كان غاضبًا من ذلك لذا عاقبه كما سنرى في هذا الأصحاح. وقد حمى غضب الله قبل ذلك على الشعب مرات كثيرة بسبب خطاياهم منذ أيام موسى وما قبله حتى الآن، فسمح بإذلالهم في مصر وسقوط المتذمرين موتى في برية سيناء وسخطه أيضًا على الشعب بسبب خطية شاول في أمر الجبعونيين (2 صم 21)، لذا يقول "عاد فحمى غضب الرب...".

وخطية داود في التعداد كبيرة لما يلى:

الكبرياء كما ذكرنا خاصة وأنه انتصر في حروب كثيرة واتسعت مملكته فأراد أن يعرف قوته ويفتخر بها، وشاركه الشعب في الكبرياء ونسوا أن الله وحده هو سبب انتصاراتهم.

لم يستشر الله قبل التعداد.

لعله كان يريد بعد التعداد استخدام قوته في حروب جديدة أو أي أعمال خاصة به لم يأمر بها الله.

ذكر أنه أمر بتعداد إسرائيل ويهوذا، فاصلًا سبط يهوذا عن باقي الأسباط، لأن داود من هذا السبط وكان عدد هذا السبط قد ازداد فأراد أن يفتخر به.

لعله كان له أغراض أخرى شخصية مثل استخدام الشعب لقضاء بعض مصالحه أو لجمع ضرائب منه.

لم يجمع منهم قيمة الفدية وهي نصف شاقل والتي تقدم للهيكل كما نصت الشريعة (خر30: 12).

يخبرنا سفر الأخبار (1 أخ27: 23، 24) أنه عدّ من هم أقل من عشرين سنة وهذا مخالف للشريعة.

نسى أن الشعب هو شعب الله وليس شعبه هو، فالله هو وحده الذي يباركهم ويفتخر بهم لأنهم صنعته، فلا يصح أن يسرق مجد الله.

العدد 2

ع2:

أمر الملك يوآب رئيس جيشه أن يجوب في أنحاء البلاد من أقصى الشمال (دان) إلى أقصى الجنوب (بئر سبع) ليعد الشعب ويأتى إليه بالنتيجة.

العدد 3

ع3:

أراد يوآب أن يثنى داود عن رغبته في إحصاء الشعب، داعيًا الرب أن يكثر شعبه أضعاف أضعاف فينظر الملك إلى كثرتهم بفرح، وسأله عن رغبته من هذا الطلب. وهذا تصرف حكيم من يوآب، فرغم أنه عنيف ودموى، ولكنه نبّه الملك إلى خطورة عدّ الشعب، فهذا يحمل كبرياء ولكنه نبهه بتأدب شديد، فيوآب حريص على مصلحة الملك والمملكة.

العدد 4

ع4:

لم يصغِ داود لمحاولة يوآب ورؤساء الجيش إثنائه عن رغبته، بل انتهرهم وأصرّ بشدة على تنفيذ أمره، فاضطروا للإذعان لرغبته وخرجوا من عنده ليجوبوا في أنحاء المملكة ويحصوا الشعب.

† ليس من الحكمة أن نهمل نصائح الآخرين، بل نعوّد أنفسنا على الاستفادة من مشورات الحكماء المحيطين بنا ولا نصرّ على آرائنا بكبرياء حتى لو كان الإرشاد آتيًا من أناس أقل منا سنًا أو مركزًا أو علمًا.

الأعداد 5-8

ع5 - 8:

في هذه الأعداد وصف لخط سير الجولة التي قام بها يوآب ورؤساء الجيش. فبدأوا بعبور نهر الأردن إلى الضفة الشرقية ومروا بالقرب من "عروعير" إحدى مدن سبط جاد، وكان مرورهم إلى يمين المدينة في اتجاه بلدة "يعزير"، وأتوا إلى جلعاد لإحصاء الأسباط القاطنة هناك وهما سبطا رأوبين وجاد. ثم واصلوا السير إلى "حدشى" في أرض "تحتيم"، ومن هناك وصلوا إلى "دان يعن"، ثم استداروا إلى صيدون ثم إلى حصن صور وإلى جميع المدن التي استولى عليها بنو إسرائيل من الحويين والكنعانيين؛ وفى اتجاه العودة إلى الجنوب حصدوا الأعداد في الأسباط القاطنة غربى الأردن إلى أن وصلوا إلى أراضي يهوذا ثم إلى بئر سبع في أقصى الجنوب، فشملت جولتهم كل الأراضي التي يقطنها بني إسرائيل شرق وغرب الأردن، واستغرقت تسعة أشهر وعشرين يومًا، وانتهت بوصولهم أورشليم وهي ذات المدينة التي كانوا قد انطلقوا منها ليبدأوا عملهم. وخط السير المذكور عبارة عن دورة من الجنوب إلى شرق الأردن ومنه إلى أقصى شمال فلسطين ثم إلى الغرب، عودة إلى غرب نهر الأردن ثم من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه.

العدد 9

ع9:

بعودة يوآب ورجاله قدموا للملك تقريرًا بنتائج الإحصاء التي أظهرت أن عدد ذكور أسباط إسرائيل (عدا سبط يهوذا) من ابن عشرين سنة فأكثر هو 800 ألف، لا يشمل هذا العدد اللاويين ولا سبط بنيامين الذي كان يقع في نهاية خط العودة، فيبدو أن الرجال الذين قاموا بالإحصاء كانوا قد أرهقوا فضلًا عن عدم اقتناعهم من البداية بجدوى هذا التعداد.

وكان عدد الذكور من عشرين سنة فأكثر من سبط يهوذا 500 ألف، أي إجمالى العدد من أسباط إسرائيل مضاف إليهم سبط يهوذا هو 1300000 (مليون وثلاثمائة ألف). وإن كان عدد الجنود يمثل حوالي الخمس أو السدس من الشعب، فمعنى هذا أن عدد الشعب وصل وقتذاك إلى 6 أو 7 مليون، وهذا عدد كبير يرجع إلى بركة الله ورعايته لهم.

ويذكر سفر أخبار الأيام الأول (1 أى21: 5) أن عدد إسرائيل 1100000 أي بزيادة 300 ألف عن عددهم هنا، كما يذكر أن عدد يهوذا كان 470 ألف رجل أي ينقص 30 ألفًا عن عددهم هنا، وتفسير هذا الاختلاف كالآتي:

الثلثمائة ألف الإضافيين في أخبار الأيام هم المجندون فعلًا بصفة دائمة لحمل السلاح وأما الثمان مائة ألف فهم من يصلحون لحمل السلاح إذا دعت الضرورة. وهناك رأى آخر في الثلثمائة ألف وهم الفرق بين عدد المجندين من أسباط إسرائيل المذكور في أخبار الأيام أي 1100000 وعددهم هنا وهو 800000 فيقول هذا الرأى، أن سفر صموئيل يذكر أن الثمان مائة ألف هم ذوى بأس أي ممتحنين ولهم كفاءة أكبر في الحرب أما الثلثمائة الباقين فأقل كفاءة.

كذلك الـ30 ألفًا الذين لم يشملهم سفر أخبار الأيام في التعداد هم "المنتخبين في إسرائيل" (2 صم 6: 1) وكان منوط بهم حفظ الأمن والحرس الملكى بصفة دائمة.

ويلاحظ أن سبط لاوى لم يُحصَ هنا لأنهم لا يشتركون في الحروب بل مكرسون لخدمة الرب أما سبط بنيامين فقد يكون عددهم هو الثلاثون ألفًا وهم فارق عدد سبط يهوذا هنا عن ما يقابله سفر أخبار الأيام.

(2) عقاب الله (ع10 - 16):

10 وَضَرَبَ دَاوُدَ قَلْبُهُ بَعْدَمَا عَدَّ الشَّعْبَ. فَقَالَ دَاوُدُ لِلرَّبِّ: «لَقَدْ أَخْطَأْتُ جِدًّا فِي مَا فَعَلْتُ، وَالآنَ يَا رَبُّ أَزِلْ إِثْمَ عَبْدِكَ لأَنِّي انْحَمَقْتُ جِدًّا». 11 وَلَمَّا قَامَ دَاوُدُ صَبَاحًا كَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى جَادٍ النَّبِيِّ رَائِي دَاوُدَ: 12«اِذْهَبْ وَقُلْ لِدَاوُدَ: هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: ثَلاَثَةً أَنَا عَارِضٌ عَلَيْكَ، فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ وَاحِدًا مِنْهَا فَأَفْعَلَهُ بِكَ». 13 فَأَتَى جَادُ إِلَى دَاوُدَ وَقَالَ لَهُ: «أَتَأْتِي عَلَيْكَ سَبْعُ سِنِي جُوعٍ فِي أَرْضِكَ، أَمْ تَهْرُبُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ أَمَامَ أَعْدَائِكَ وَهُمْ يَتْبَعُونَكَ، أَمْ يَكُونُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَبَأٌ فِي أَرْضِكَ؟ فَالآنَ اعْرِفْ وَانْظُرْ مَاذَا أَرُدُّ جَوَابًا عَلَى مُرْسِلِي». 14 فَقَالَ دَاوُدُ لِجَادٍ: «قَدْ ضَاقَ بِيَ الأَمْرُ جِدًّا. فَلْنَسْقُطْ فِي يَدِ الرَّبِّ لأَنَّ مَرَاحِمَهُ كَثِيرَةٌ وَلاَ أَسْقُطْ فِي يَدِ إِنْسَانٍ». 15 فَجَعَلَ الرَّبُّ وَبَأً فِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الْمِيعَادِ، فَمَاتَ مِنَ الشَّعْبِ مِنْ دَانٍ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ سَبْعُونَ أَلْفَ رَجُلٍ. 16 وَبَسَطَ الْمَلاَكُ يَدَهُ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِيُهْلِكَهَا، فَنَدِمَ الرَّبُّ عَنِ الشَّرِّ وَقَالَ لِلْمَلاَكِ الْمُهْلِكِ الشَّعْبَ: «كَفَى! الآنَ رُدَّ يَدَكَ». وَكَانَ مَلاَكُ الرَّبِّ عِنْدَ بَيْدَرِ أَرُونَةَ الْيَبُوسِيِّ.

العدد 10

ع10:

شعر داود بخطئه وندم على الأمر الذي سبق وأصدره بإجراء التعداد، واعترف للرب بأن ما قام به هو حماقة لا مبرر لها، فأخذ يتوسل إلى الرب أن يغفر له خطأه هذا. وهذا يوضح صفة هامة في داود وهي التوبة التي بها ينال رضا الله ورحمته مهما كانت خطاياه، ويبين أيضًا أن العدّ لم يكن من الله، لأن داود لم يفرح بل اغتم وضربه قلبه.

† كثيرًا ما نندفع وراء أهوائنا الشخصية فنتخذ قرارات نندم عليها فيما بعد، فلنتريث في خياراتنا حتى لا نقع في الخطأ فنندم ونحزن.

العدد 11

ع11:

بات داود باكيًا نادمًا على خطئه مصليًا للرب أن يعفو عنه ويغفر له، وفى صباح اليوم التالي جاءه جاد النبي برسالة من الرب.

العدد 12

ع12:

كانت رسالة الرب التي حملها جاد النبي إلى داود هي تخييره بين ثلاث عقوبات لابد أن يوقع الرب إحداها عليه، وهذا يبين عدل الله في عقابه للخطية وفى نفس الوقت رحمته في تخيير داود لإحدى العقوبات.

العدد 13

ع13:

بلّغ جاد لداود نص الرسالة وكانت العقوبات الثلاث التي خيَّر داود بينها هي:

الأولى: تكون مجاعة في الأرض تستمر سبع سنين.

الثانية: يطارده أعداؤه مدة ثلاثة أشهر وهو هارب من أمامهم.

الثالثة: يضرب الرب الشعب بوبأ لمدة ثلاثة أيام.

وذكر في سفر أخبار الأيام (1 أى21: 12) أن المجاعة في العقوبة الاولى هي لمدة ثلاث سنوات وليس سبع سنوات كما جاء هنا، وتفسير هذا الاختلاف هو أن سفر أخبار الأيام لم يشمل المدة التي تسبق بداية المجاعة وتلى نهايتها والتي تكون عادة أخف وطأة من الفترة المتوسطة التي تكون فيها حدة المجاعة على أشدها.

العدد 14

ع14:

احتار داود وأحس أنه أوقع نفسه في مأزق لا فكاك منه، وبعد تفكير اختار احد الأمور الثلاثة التي يكون فيها تحت رحمة الرب الواسعة ولا يسقط في الخيار الذي يجعله تحت رحمة أعدائه، فالرب يجرح ويعصب، يسحق ويداه تشفيان، يؤدب ثم يشفق، أما الإنسان فهو قاس القلب يضرب بلا رحمة.

العدد 15

ع15:

إلى الميعاد: غالبًا وقت تقديم الذبيحة المسائية التي تقدم كل يوم في بيت الرب.

كان خيار داود هو أن يكون في يد الله، أي العقوبة الأولى أو العقوبة الثالثة وهي "الوبأ"، فنفّذ الرب العقوبة الثالثة وأهلك بالوبأ 70 ألفًا من جميع الأسباط من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، فكانوا يتساقطون طوال النهار، من الصباح إلى وقت التقدمة المسائية اليومية (1 مل18: 29). والعقوبة التي حلت بهم تعالج مشكلة كبرياء داود والشعب لكثرة عددهم، فها هو عددهم يقل حتى لا يتكبروا بل يعتمدوا على الله وحده.

العدد 16

ع16:

بيدر: أي جرن وهو مكان لجمع وتخزين محاصيل الأرض.

أرونة البيوسى: ورد الاسم "أرونة" في صموئيل و "أرنان" في أخبار الأيام، والاسمان لشخص واحد كان يمتلك بيدرًا على جبل المريا شرق أورشليم، اشتراه منه داود لإصعاد محرقات عليه، وهو نفس الجبل الذي أقيم عليه هيكل سليمان (1 أى21).

كان أحد الملائكة، وهو المكلّف تنفيذ العقاب، مستمرًا فيه حتى جاء الدور على أورشليم لإهلاك أهلها، ولكن الرب عطف على "مدينة الملك العظيم" وقبل توسلات شعبها وتوبتهم، فأمر الملاك أن يكف عن الضربة وكفى من ماتوا حتى وقتها وكانوا كما جاء في العدد السابق 70 ألفًا.

وحين صدر الأمر إلى الملاك ليكف عن الضربة، كان وقتها عند مخزن غلال يملكه رجل يبوسى الأصل اعتنق اليهودية. وهذا يؤكد رحمة الله وتحننه على داود وشعبه التائب الصارخ إليه فأوقف الضربة.

(3) إقامة المذبح ورفع الضربة (ع17 - 25):

17 فَقَالَ دَاوُدُ لِلرَّبَّ عِنْدَمَا رَأَى الْمَلاَكَ الضَّارِبَ الشَّعْبَ: «هَا أَنَا أَخْطَأْتُ وَأَنَا أَذْنَبْتُ، وَأَمَّا هَؤُلاَءِ الْخِرَافُ فَمَاذَا فَعَلُوا؟ فَلْتَكُنْ يَدُكَ عَلَيَّ وَعَلَى بَيْتِ أَبِي». 18 فَجَاءَ جَادُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى دَاوُدَ وَقَالَ لَهُ: «اصْعَدْ وَأَقِمْ لِلرَّبِّ مَذْبَحًا فِي بَيْدَرِ أَرُونَةَ الْيَبُوسِيِّ». 19 فَصَعِدَ دَاوُدُ حَسَبَ كَلاَمِ جَادَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ. 20 فَتَطَلَّعَ أَرُونَةُ وَرَأَى الْمَلِكَ وَعَبِيدَهُ يُقْبِلُونَ إِلَيْهِ، فَخَرَجَ أَرُونَةُ وَسَجَدَ لِلْمَلِكِ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ. 21 وَقَالَ أَرُونَةُ: «لِمَاذَا جَاءَ سَيِّدِي الْمَلِكُ إِلَى عَبْدِهِ؟ » فَقَالَ دَاوُدُ: «لأَشْتَرِيَ مِنْكَ الْبَيْدَرَ لأَبْنِيَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ فَتَكُفَّ الضَّرْبَةُ عَنِ الشَّعْبِ». 22 فَقَالَ أَرُونَةُ لِدَاوُدَ: «فَلْيَأْخُذْهُ سَيِّدِي الْمَلِكُ وَيُصْعِدْ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ. انْظُرْ. الْبَقَرُ لِلْمُحْرَقَةِ، وَالنَّوَارِجُ وَأَدَوَاتُ الْبَقَرِ حَطَبًا». 23 اَلْكُلُّ دَفَعَهُ أَرُونَةُ الْمَالِكُ إِلَى الْمَلِكِ. وَقَالَ أَرُونَةُ لِلْمَلِكِ: «الرَّبُّ إِلَهُكَ يَرْضَى عَنْكَ». 24 فَقَالَ الْمَلِكُ لأَرُونَةَ: «لاَ. بَلْ أَشْتَرِي مِنْكَ بِثَمَنٍ وَلاَ أُصْعِدُ لِلرَّبِّ إِلَهِي مُحْرَقَاتٍ مَجَّانِيَّةً». فَاشْتَرَى دَاوُدُ الْبَيْدَرَ وَالْبَقَرَ بِخَمْسِينَ شَاقِلًا مِنَ الْفِضَّةِ. 25 وَبَنَى دَاوُدُ هُنَاكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ. وَاسْتَجَابَ الرَّبُّ مِنْ أَجْلِ الأَرْضِ، فَكَفَّتِ الضَّرْبَةُ عَنْ إِسْرَائِيلَ.

العدد 17

ع17:

رأى داود الملاك المكلف بتنفيذ الضربة، فحزن جدًا وتألم معترفًا بخطئه مرة أخرى، وأقر بأن شعبه لم يذنب، فإن كان هو يستحق العقاب فهؤلاء لم يشاركوه خطأه. وهو كراعٍ أمين يشفق على رعيته يطلب من الرب ألا يهلك شعبه بل يهلكه هو وأهل بيته بدلًا من الشعب البرئ. وهذا يبين مدى تحمل داود لمسئولية خطأه، رغم أن الشعب كان حقيقة يشاركه الشعور بالكبرياء لكثرة عددهم والتباهى بقوتهم، ولكنه أراد أن يفدى شعبه بتحمل العقاب هو وأهل بيته بدلًا من الشعب، على مثال المسيح الفادى، ولكن الله عاقب الكل لأن الكل قد أخطأ.

العدد 18

ع18:

استجاب الرب لصلوات داود وتضرعات شعبه، فرحمهم وأرسل جاد إلى داود ليقول له، أن يصعد إلى جبل المريا ويبنى هناك مذبحًا للرب في بيدر أرونة اليبوسى، ويقدم ذبائح للرب تكفيرًا عنه وعن الشعب. ويذكر سفر الأخبار (1 أى21: 20) أن الله فتح عينى أرونة اليبوسى فرأى ملاك الرب لذا شعر بخطورة الأمر وحضور داود الملك إليه.

† الرب لا يفرح بمعاقبة أولاده بل يحس بضيقاتهم ويحزن لما يصيبهم، كما يقول أشعياء النبى: "فى كل ضيقهم تضايق وملاك حضرته خلصهم" (إش63: 9). فلنلجأ دائمًا إلى الله طالبين مراحمه الكثيرة وإحساناته التي لا تعد.

الأعداد 19-20

ع19 - 20:

نفذ داود أمر الرب الصادر إليه على فم جاد النبي، وجاء إلى بيدر أرونة اليبوسى، ورأى أرونة الملك ورجاله قادمين نحوه فخرج لاستقباله وسجد أمامه تعبيرًا عن احترامه له.

العدد 21

ع21:

سأل أرونة داود عن سبب مجيئه إليه، فأخبره داود أن ذلك لغرض شراء بيدره لكي يقيم عليه مذبحًا للرب يقدم عليه الذبائح فتكف الضربة عن الشعب.

الأعداد 22-23

ع22 - 23:

كان أرونة رجلًا كريمًا أبدي استعداده للتنازل عن ملكية البيدر للملك ليقدم عليه ما يشاء من ذبائح، بل أراد أن يتبرع بالذبائح وبالنوارج الخشبية التي تستخدم في الدراس ليستعملها داود كوقود على المذبح، كل هذا يضعه أرونة تحت تصرف الملك دون مقابل. ودعا أرونة للملك أن يتقبل الرب منه التقدمات التي يقدمها له وليستجيب لصلاته ويرفع الوبأ عن الشعب. ولأجل محبة أرونة التي ظهرت في ترحيبه بالملك ليقيم المذبح على أرضه، واستعداده لإعطاء حيواناته وأدوات الدارس للمساعدة في تقديم الذبيحة، أعطاه الله نعمة ليس فقط أن تكف الضربة عند بيدره بل أيضًا أن يقام المذبح على أرضه، ولعله أيضًا رأى الملاك المهلك وقد أوقف الضربة. فالله يبارك كل من امتلأ قلبه بالمحبة والعطاء.

العدد 24

ع24:

الشاقل: يزن نحو 1 جم.

أبى داود أن يقبل هذا العرض المجانى من أرونة، لأنه لم يشأ أن يصعد محرقات ليست من ممتلكاته وعلى حساب غيره، بل أراد أن يكون إكرام الرب من ماله الخاص. وبناءً على تصميم الملك، قبل أرونة أن يبيع البيدر والبقر وأدواتها للملك نظير 50 شاقل من الفضة قبضها من الملك (750 جرام فضة) وهو الثمن المناسب في ذلك الحين.

العدد 25

ع25:

بنى داود المذبح وأصعد محرقات وذبائح سلامة للرب، فتقبل الرب تلك التقدمات استجابة لصلوات داود من أجل شعبه. وذكر سفر أخبار الأيام (1 أخ21: 26) أن نارًا نزلت من السماء وأكلت المحرقات كعلامة لقبولها من الرب. وكف الوبأ عن الشعب، ومنذ ذلك اليوم ابتدأ داود يقدم ذبائحه وذبائح شعبه في ذلك المكان.

وجبل المريا الذي أصعد عليه داود ذبيحته في حقل أرونة اليبوسى هو نفس المكان الذي قدم فيه قديمًا إبراهيم ابنه اسحق ذبيحة (تك22)، وهناك تقليد يهودي بأنه هو نفس المكان الذي صلب فيه رب المجد يسوع المسيح. والأحداث الثلاثة كلها تدور حول فكرة الفداء الذي كمل في الصليب.

† أشكر الله الذي أحبك وفداك على الصليب ومراحمه مفتوحة لك ليغفر جميع خطاياك عندما تقبل إليه تائبًا. فتمسك بالاعتراف والتناول لتتمتع بعمل الله فيك ولا تيأس مهما كانت خطاياك كثيرة.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثالث والعشرون - سفر صموئيل الثاني - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر صموئيل الثاني الأصحاح 24
تفاسير سفر صموئيل الثاني الأصحاح 24