الإصحاح الثالث عشر – تفسير رسالة كورونثوس الثانية – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: رسالة بولس الرسول الثانية إلى كورنثوس – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الثالث عشر

العدد 1

آية (1): -

"1هذِهِ الْمَرَّةُ الثَّالِثَةُ آتِي إِلَيْكُمْ. «عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ وَثَلاَثَةٍ تَقُومُ كُلُّ كَلِمَةٍ».".

هذه لها عدة تفسيرات. وفي (تث 19: 15) يلزم وجود أكثر من شاهد عند القضاء.

1 – سآتي إليكم هذه المرة الثالثة لتتأكد الكلمة وتثبت. وتكون زياراتي الثلاث لكم كشهود ثلاث ضدكم.

2 – قد يكون الشاهدين هم رسالتيه الأولى والثانية. والشاهد الثالث هو زيارته القادمة لهم.

ولكن الرأي الثالث هو الأقرب للصحة.

3 – حين يذهب الرسول في زيارته الثالثة فهو سيذهب لمحاكمتهم، والمحاكمة تحتاج لشهود. وبولس سيعاقب الخطاة بشهادة شاهدين أو ثلاثة بحسب الشريعة ولن يحكم عليهم وحده دون شهود. وربما الشاهدان هما تيموثاوس وسوستانيس.

العدد 2

آية (2): -

"2قَدْ سَبَقْتُ فَقُلْتُ، وَأَسْبِقُ فَأَقُولُ كَمَا وَأَنَا حَاضِرٌ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ، وَأَنَا غَائِبٌ الآنَ، أَكْتُبُ لِلَّذِينَ أَخْطَأُوا مِنْ قَبْلُ، وَلِجَمِيعِ الْبَاقِينَ: أَنِّي إِذَا جِئْتُ أَيْضًا لاَ أُشْفِقُ.".

ولقد سبقت في رحلتي الثانية أنى قلت ما أقوله الآن قبل رحلتي الثالثة إليكم، فأوجه كلامي للذين قد أدينوا كخطاة في رحلتي السابقة، وكذلك أوجه كلامي للباقين الذين يخطئون وأقول أنني عندما أجئ إليكم للمرة الثالثة أنى سوف أتكلم وأعاملكم بشدة لكل من يخطئ ولن أشفق. هنا نرى أهمية وجود عقوبات كَنَسية للخطاة.

العدد 3

آية (3): -

"3إِذْ أَنْتُمْ تَطْلُبُونَ بُرْهَانَ الْمَسِيحِ الْمُتَكَلِّمِ فِيَّ، الَّذِي لَيْسَ ضَعِيفًا لَكُمْ بَلْ قَوِيٌّ فِيكُمْ.".

هم يقولون له بأي صفة وبأي سلطان تحاكمنا؟ وكان رد بولس أنه: -.

1 – من الْمَسِيحِ الْمُتَكَلِّمِ فِيَّ، = فمن يقاوم بولس يقاوم المسيح الذي فيه.

2 – الَّذِي لَيْسَ ضَعِيفًا لَكُمْ = لقد سبقوا ورأوا عقوبته للزاني، هم رأوا قوته في كرازته وأعماله والمعجزات التى صنعها وسطهم وأيضا فى عقوبته للخطاة، كل هذا أظهر قوة المسيح الذي في بولس.

3 – بَلْ قَوِيٌّ فِيكُمْ = القوة لم تظهر في بولس فقط، بل ظهرت فيهم، فلقد تغيروا تغييراً كاملاً وصاروا قديسين لهم مواهب بعد إيمانهم وذلك بتعاليم بولس. فهل بعد كل ذلك يكون بولس ضعيف وبلا سلطان.

العدد 4

آية (4): -

"4لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ صُلِبَ مِنْ ضَعْفٍ، لكِنَّهُ حَيٌّ بِقُوَّةِ اللهِ. فَنَحْنُ أَيْضًا ضُعَفَاءُ فِيهِ، لكِنَّنَا سَنَحْيَا مَعَهُ بِقُوَّةِ اللهِ مِنْ جِهَتِكُمْ.".

ولو أن المسيح إتخذ صورة بشرية وصُلِبَ ومات في صورة ضعف، إلاّ أنه كان في منتهى القوة. كان حي بقوة لاهوته، بل حتى عندما كان في القبر كان لاهوته متحداً بناسوته. هو حي بطبيعته فهو الله نفسه الظاهر في الجسد، بل هو مصدر الحياة. بل صار الصليب علامة قوة مرعبة للشياطين. إذن لا تحكموا حسب المظاهر، فنحن في صورة ضعف كمسيحنا = ضُعَفَاءُ فِيهِ = ما حدث للمسيح يحدث لنا فنحن نظهر في ضعف وسط العالم الذي يضطهدنا ونحيا كغرباء فى هذا العالم، لكننا بالمسيح الذي فينا أقوياء بفضل قوة الله العاملة فينا. نحن مصلوبين مع مسيحنا لا نستعمل قوة جسدية، مضطهدين من العالم، العالم يرفضنا لأنه يرفض المسيح. لكن ما جرى على المسيح سيجرى علينا، وكما تمجد المسيح سنتمجد نحن أيضاً. مِنْ جِهَتِكُمْ = أنتم ترونني في مظهر ضعف وجسمي ضعيف، لكن قوة المسيح التي فيَّ ستظهر ضدكم وأعاقبكم، سأستعمل سلطاني الرسولى من نحوكم.

العدد 5

آية (5): -

"5جَرِّبُوا أَنْفُسَكُمْ، هَلْ أَنْتُمْ فِي الإِيمَانِ؟ امْتَحِنُوا أَنْفُسَكُمْ. أَمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَ أَنْفُسَكُمْ، أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ فِيكُمْ، إِنْ لَمْ تَكُونُوا مَرْفُوضِينَ؟".

جَرِّبُوا أَنْفُسَكُمْ، هَلْ أَنْتُمْ فِي الإِيمَانِ = هذا السؤال لابد أن يشغل بال كل منا. هل المسيح فينا أم لا. وهذا يدل عليه أننا ثابتين في الإيمان واثقين في مسيحنا، بلا خوف. وقبل أن نضع الناس في الميزان فلنضع أنفسنا نحن في الميزان ومن يجد نفسه ذو إيمان مهتز فليطلب مثل الرجل الذي قال للمسيح "أعن عدم إيماني". والرسول يريد أن يقول لهم.. بدلاً من أن تمتحنوننا وتُجربوننا إمتحنوا أنفسكم وجربوا ذواتكم، هل أنتم في الإيمان، وإذا كنتم تسلكون في الإيمان، فإن المسيح يوجد فيكم إن لم تكونوا مرفوضين، فإذا لم يكن المسيح يسكن فيكم فأنتم لستم في الإيمان بل خارجاً عنه مرفوضين من المسيح تبعاً لذلك كمن هدده المسيح أنه مزمع أن يتقيأه (رؤ3: 16). والرسول يقصد هنا الإيمان العملي، فالمؤمن لا يخاف "لا أخاف شراً لأنك معي" والمؤمن لا يشك، والمؤمن يضع ثقته في الله مفضلاً المر الذي يختاره الله عن الشهد الذي يختاره لنفسه، أي يحيا حياة التسليم الكامل. وهو يحيا شجاعاً مثل الشهداء. وهناك علامات أخرى.

  1. شهادة الروح في داخلنا أننا أبناء لله.
  2. ثمار الروح في الخارج التي يراها ويلمسها الناس.

ومعنى كلام بولس أنه إذا كان المسيح فيكم ولكم ثمار ومواهب، فمن الذي عرفكم المسيح؟ ألست أنا. أليس هذا إثباتاً لصدق رسوليتى. إن صدق رسوليتى تجدوه داخلكم. وإن كان المسيح فيكم، فكم بالأكثر يكون في معلمكم.

العدد 6

آية (6): -

"6لكِنَّنِي أَرْجُو أَنَّكُمْ سَتَعْرِفُونَ أَنَّنَا نَحْنُ لَسْنَا مَرْفُوضِينَ.".

حينما سأستعمل سلطاني الرسولى ستتأكدون أنني لست مرفوضاً. وأيضاً حينما ستجدون المسيح فيكم ستتأكدون أنني لست مرفوضاً.

العدد 7

آية (7): -

"7 وَأُصَلِّي إِلَى اللهِ أَنَّكُمْ لاَ تَعْمَلُونَ شَيْئًا رَدِيًّا، لَيْسَ لِكَيْ نَظْهَرَ نَحْنُ مُزَكَّيْنَ، بَلْ لِكَيْ تَصْنَعُوا أَنْتُمْ حَسَنًا، وَنَكُونَ نَحْنُ كَأَنَّنَا مَرْفُوضُونَ.".

هنا نرى قلب الرسول المملوء محبة لأبنائه فهو غير مهتم بإظهار سلطانه الرسولى في العقاب = لِكَيْ نَظْهَرَ نَحْنُ مُزَكَّيْنَ = إذ لنا سلطان. بل أن يكونوا هم قديسين لاَ تَعْمَلُونَ شَيْئًا رَدِيًّا بَلْ لِكَيْ تَصْنَعُوا أَنْتُمْ حَسَنًا = فلا يحتاجوا لتأديب يظهر فيه سلطان بولس. بل يود بولس أن يظهر كمرفوض وبلا سلطان ويكونوا هم قديسين. هنا يظهر أن بولس لا يهتم بأن تسلب حقوقه كرسول بقدر ما يطمئن على نفوس رعيته.

العدد 8

آية (8): -

"8لأَنَّنَا لاَ نَسْتَطِيعُ شَيْئًا ضِدَّ الْحَقِّ، بَلْ لأَجْلِ الْحَقِّ.".

أي أنه لو سلكتم بالحق فلن أستطيع أن أعمل شيئاً ضدكم. فسلطاني الرسولى هو لعقاب من هو ضد الحق. بَلْ لأَجْلِ الْحَقِّ = ما نعمله المهم فيه هو إظهار الحق.

العدد 9

آية (9): -

"9لأَنَّنَا نَفْرَحُ حِينَمَا نَكُونُ نَحْنُ ضُعَفَاءَ وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ أَقْوِيَاءَ. وَهذَا أَيْضًا نَطْلُبُهُ كَمَالَكُمْ.".

نَفْرَحُ حِينَمَا نَكُونُ نَحْنُ ضُعَفَاءَ = نظهر كضعفاء بدون سلطان واضح بالإضافة لإحتمال ألام الكرازة = إن هذا يفرحني أن لا تكون هناك فرصة لإظهار سلطاني بسبب قداستكم. أنتم تَكُونُونَ أَقْوِيَاءَ = فالقوة الروحية تصاحب حياة التائب والخادم الحقيقي يطلب كمال أولاده = هذَا نَطْلُبُهُ كَمَالَكُمْ.

العدد 10

آية (10): -

"10لِذلِكَ أَكْتُبُ بِهذَا وَأَنَا غَائِبٌ، لِكَيْ لاَ أَسْتَعْمِلَ جَزْمًا وَأَنَا حَاضِرٌ، حَسَبَ السُّلْطَانِ الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهُ الرَّبُّ لِلْبُنْيَانِ لاَ لِلْهَدْمِ.".

ومن أجل هذا فإنى أكتفي بهذه الأمور إليكم وأنا غائب عنكم حتى تتعظوا بها، وحتى لا أكون مضطراً عندما أجئ إليكم أن أستعمل سلطاني الرسولى في معاقبتكم، وهذا السلطان الذي أخذناه من الله لم نأخذه من أجل الهدم وإظهار القوة بل من أجل بنيانكم الروحي وتكميلكم في حياة الإيمان.

العدد 11

آية (11): -

"11أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ افْرَحُوا. اِكْمَلُوا. تَعَزَّوْا. اِهْتَمُّوا اهْتِمَامًا وَاحِدًا. عِيشُوا بِالسَّلاَمِ، وَإِلهُ الْمَحَبَّةِ وَالسَّلاَمِ سَيَكُونُ مَعَكُمْ.".

افْرَحُوا = الفرح الروحي المقدس سمة لحياة الإيمان. ولاحظ أن الإنتصار في التجربة ليس هو الخروج منها، بل في أن نستمر في حاله فرح أثناءها. لذلك فلنفرح حتى لو كنا في مرض أو سجن، فنحن في يد الله أينما كنا. لذلك نسمع بولس الرسول يدعو للفرح حتى وهو في السجن (في 4: 4).

اِكْمَلُوا = الرسول يطلب منهم ومنا أن نسعى ونعمل للنمو في طريق الكمال الروحي. فالحياة الروحية هي حياة تقدم ونمو وتدرج من مرتبة إلى مرتبة أعلى منها وهكذا إلى مالا نهاية... "كونوا كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل".

تَعَزَّوْا = نحن في عالم ضيقات، والضيقات تحاصرنا من كل جانب لكن علينا أن نطلب الإمتلاء من الروح القدس المعزى ليعزينا وسط ضيقاتنا.

اِهْتَمُّوا اهْتِمَامًا وَاحِدًا = الرسول يهتم بأن يكون للكنيسة الفكر الواحد (في 2: 2) فنكون كأسرة واحدة متحابة بلا إنشقاق ولا إنقسام ولا تحزب ولا خصام. وهذا لن يكون إلاّ لو كنا مملوئين من الروح إذ لنا هدف واحد هو مجد المسيح.

عِيشُوا بِالسَّلاَمِ = كرسوا حياتكم لأجل سلام الكل. ومن يعيش بالسلام يكون الله معه = سَيَكُونُ مَعَكُمْ. ومن يعيشوا في إنشقاقات وخصام لن يكون الله معهم.

العدد 12

آية (12): -

"2سَلِّمُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ.".

الرسول يحثهم على أن يكون بينهم ود ومحبة وسلام بلا رياء. ومن هنا فإن الكنيسة وضعت في بداية القداس "قبلوا بعضكم بعضاً" فلا عبادة مقبولة دون أن نكون في سلام ومحبة. بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ = بلا خداع ولا فساد.

العدد 13

آية (13): -

"13يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ جَمِيعُ الْقِدِّيسِينَ.".

جَمِيعُ الْقِدِّيسِينَ = أي مؤمني مكدونية (فيليبي وتسالونيكى).

العدد 14

آية (14): -

"14نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ اللهِ، وَشَرِكَةُ الرُّوحِ الْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ.".

هنا نرى البركة الرسولية الختامية والتي صارت هي البركة التي يبارك الكاهن الشعب بها بعد إختتام كل قداس أو إجتماع. ونلاحظ أن نعمة المسيح التي ظهرت في صليبه جعلتنا نتعرف على محبة الله الآب وبالتالي نكون في شركة مع باقي المؤمنين، هذه الشركة يعطيها الروح القدس.

نحن بدون المسيح ما كنا قادرين على أن نحظى بمحبة الآب، وبإتحادنا بالمسيح الإبن صرنا أبناء بالتبعية تنسكب فينا محبة الآب التي كانت تنسكب في الإبن المحبوب (أف 1: 6). والروح القدس هو روح المحبة الذي يسكب هذه المحبة في قلوب كل المؤمنين (رو 5: 5). وبالتالي يشترك كل المؤمنين في محبة واحدة لله ولبعضهم البعض. وهناك أيضاً شركة بين المؤمنين وبين الروح القدس في المواهب والعطايا، بل الروح القدس صار يشترك مع المؤمنين في كل عمل صالح "أوشية المسافرين.. إشترك يا رب مع عبيدك في كل عمل صالح". الله الثالوث هو مصدر كل نعمة وحب وشركة لنا.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الإصحاح الثاني عشر - تفسير رسالة كورونثوس الثانية - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير كورونثوس الثانية الأصحاح 13
تفاسير كورونثوس الثانية الأصحاح 13