الإصحاح العاشر – تفسير رسالة كورونثوس الثانية – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: رسالة بولس الرسول الثانية إلى كورنثوس – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح العاشر

العدد 1

آية (1): -

"1ثُمَّ أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ بِوَدَاعَةِ الْمَسِيحِ وَحِلْمِهِ، أَنَا نَفْسِي بُولُسُ الَّذِي فِي الْحَضْرَةِ ذَلِيلٌ بَيْنَكُمْ، وَأَمَّا فِي الْغَيْبَةِ فَمُتَجَاسِرٌ عَلَيْكُمْ.".

بِوَدَاعَةِ الْمَسِيحِ = الوداعة التى تعلمناها من المسيح أو إكتسبناها من المسيح الذى يحيا فينا. الَّذِي فِي الْحَضْرَةِ ذَلِيلٌ... فِي الْغَيْبَةِ فَمُتَجَاسِرٌ = هذه التهمة الموجهة لبولس.. أنه يضعف أمام خصمه بينما يتجاسر فى غيبته عن طريق رسائله وهو يردد التهمة ليرد عليها. وهم فهموا محبته ووداعته أنها ضعف، أمّا هو فى محبته ووداعته فكان متشبهاً بالمسيح. كان الرسول إذا كان معهم، كان لحبه لهم وخوفه على مشاعرهم، يتصرف معهم بوداعة بل كذليل. وفى غيابه، ولخوفه عليهم من الذئاب الخاطفة يكون قوياً فى رسائله.

العدد 2

آية (2): -

"2 وَلكِنْ أَطْلُبُ أَنْ لاَ أَتَجَاسَرَ وَأَنَا حَاضِرٌ بِالثِّقَةِ الَّتِي بِهَا أَرَى أَنِّي سَأَجْتَرِئُ عَلَى قَوْمٍ يَحْسِبُونَنَا كَأَنَّنَا نَسْلُكُ حَسَبَ الْجَسَدِ.".

إذا لم يصلح معهم أسلوب الوداعة، فسيكون مضطراً أن يعاملهم بشدة مستعملاً سلطانه الروحى ويوقع عليهم عقوبات وتأديبات، بينما هو لا يفضل أسلوب الشدة بل يرجوهم أن لا يرغموه على ذلك = أَطْلُبُ أَنْ لاَ أَتَجَاسَرَ وَأَنَا حَاضِرٌ = أى عندما أحضر إليكم فى كورنثوس. بِالثِّقَةِ = أنا واثق أننى سأكون مضطراً أن أستخدم الشدة ضد من هم مصرين على الخطأ الذين هم قَوْمٍ يَحْسِبُونَنَا كَأَنَّنَا نَسْلُكُ حَسَبَ الْجَسَدِ = أى بدوافع مادية وجسدية وبمكر وجبن، فأكون وديعاً أمامهم وعنيفاً متجاسراً فى الغيبة لخوفى منهم.

العدد 3

آية (3): -

"3لأَنَّنَا وَإِنْ كنَّا نَسْلُكُ فِي الْجَسَدِ، لَسْنَا حَسَبَ الْجَسَدِ نُحَارِبُ.".

كل التهم الموجهة لبولس غير صحيحة. لأنه وإن كان له جسد أى مازال يحيا في الجسد.

إلاّ أنه لا يسلك بحسب الجسد أى ليس جباناً ولا ماكراً. وأيضاً ليس حَسَبَ الْجَسَدِ نُحَارِبُ = فأسلحته روحية قوية وليست جسدية ولا مادية.

العدد 4

آية (4): -

"4إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ.".

أسلحة بولس هى الإيمان والصلاة والصوم وكلمة الله وسلطانه الرسولى ضد العالم والشيطان. أمّا الأسلحة الجسدية فهى الثروات والمراكز والقوة بأشكالها والفصاحة والرياء والدهاء والمراوغات. وقَادِرَةٌ بِاللهِ = لم يقل فى كبرياء أنا قادر بل الله قادر. عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ = أى العقبات التى يضعها الشيطان وأتباعه من البشر فى طريقنا. والأسلحة الروحية ليست ضعيفة بل هى قوية بالله، وقادرة على هدم حصون الشر، كما أن أسوار أريحا سقطت بالإيمان (عب 11: 30).

وهكذا بالإيمان وبأسلحتنا الروحية نقدر أن نهدم حصون الخطايا التى إعتدنا عليها وما عدنا قادرين على التخلص منها وكأنها محصنة داخل أسوار منيعة.

العدد 5

آية (5): -

"5هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ،".

الحصون ليست حصون مادية بل روحية، فهو يهدم هذه الظُنُونً = الأفكار الخاطئة والأوهام والظنون غير الحقيقية. وَكُلَّ عُلْوٍ = تشامخ وكبرياء يرتفع فيصير كالحصون والقلاع التى تعطل الناس عن أن يعرفوا الله، وبهذه الأسلحة الروحية نستطيع أيضاً أن نأسر ونقرب كل فكر وكل حكمة إنسانية كى نجذبها ونكتسبها إلى طاعة المسيح. فالأسلحة الروحية لا تحارب فقط الجانب السلبى أى هى ضد الظنون والعلو، بل لها جانب إيجابى فهى تجعل كل إنسان يشتهى طاعة المسيح. ولاحظ أنه علينا حين تحاربنا الأفكار كالشهوة والحقد والتذمر على مشيئة الله... أن نرفضها ولا نفكر إلا فى كل ما يجعلنا نطيع المسيح، ولنردد آية أو إسم المسيح (صلاة يسوع). كُلَّ عُلْوٍ = لا يمكن أن نختبر الإله الذى يسد كل حاجاتنا ويهبنا القوة فى متاعبنا ويفيض فينا بتعزياته، ما لم ينخفض كل علو فينا إلى التراب ونتذلل أمام الله شاعرين بالحاجة إليه.

العدد 6

آية (6): -

"6 وَمُسْتَعِدِّينَ لأَنْ نَنْتَقِمَ عَلَى كُلِّ عِصْيَانٍ، مَتَى كَمِلَتْ طَاعَتُكُمْ.".

لأَنْ نَنْتَقِمَ = أصل الكلمة يسوق لمحاكمة عسكرية. ولا يقول هذا الكلام رسول كاذب، فهو قادر أن يعاقب وله سلطان، وقد إستعمله مع الزانى. وهنا كان الإنتقام بحرمان الزانى من شركة الكنيسة ومن ثم تسليمه للشيطان. مَتَى كَمِلَتْ طَاعَتُكُمْ = بولس يتوقع طاعة الأغلبية وخضوعها ثم يعاقب البقية المتمردة التى تستحق العقاب، حتى لا يكون العقاب جماعى شاملاً من هم أبرياء أو من هم مستعدين للطاعة، خشية أن يقتلع الحنطة مع الزوان.

العدد 7

آية (7): -

"7أَتَنْظُرُونَ إِلَى مَا هُوَ حَسَبَ الْحَضْرَةِ؟ إِنْ وَثِقَ أَحَدٌ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ لِلْمَسِيحِ، فَلْيَحْسِبْ هذَا أَيْضًا مِنْ نَفْسِهِ: أَنَّهُ كَمَا هُوَ لِلْمَسِيحِ، كَذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمَسِيحِ!".

أَتَنْظُرُونَ إِلَى مَا هُوَ حَسَبَ الْحَضْرَةِ = أى المظهر الخارجى، فهم إحتقروا بولس لوضاعة مظهره وبساطته، ولم يدركوا قوته الروحية وسلطانه. وبولس يقول لهم إن كان أحد يظن أنه للمسيح بسبب مواهبه التى حصل عليها، ومثل هذا إن لم تكتمل طاعته فهو معرض لأن ينخدع بسهولة فى مظهرى، ولكن علي مثل هذا أن يعلم أننا خدام للمسيح، أنا بولس، وعليه أن لا يتجاهل وضعنا كرسل للمسيح لهم سلطانهم.

العدد 8

آية (8): -

"8فَإِنِّي وَإِنِ افْتَخَرْتُ شَيْئًا أَكْثَرَ بِسُلْطَانِنَا الَّذِي أَعْطَانَا إِيَّاهُ الرَّبُّ لِبُنْيَانِكُمْ لاَ لِهَدْمِكُمْ، لاَ أُخْجَلُ.".

الله أعطانى كرسول سلطان وأنا أفتخر بكل ما أعطاه لى الله. وهو أعطانى هذا السلطان لِبُنْيَانِكُمْ لاَ لِهَدْمِكُمْ. ولن يكون هناك ما يخجلنى ويشير لى كإنسان كاذب أو مفتخر متظاهر مُدَّعى، فهذا السلطان للتأديب، إذاً هو للبنيان، لا لإستعماله فى أغراض شخصية. وهو سلطان حقيقى وقد إستعملته مع الزانى ومع بار يشوع الساحر وغيرهم، وأنا مستعد أن أستعمله معكم ولن أُخجل = فما أقوله أو أؤدب به سيحدث فعلاً فالله هو الذى أعطانا كرسل هذا السلطان. فلا تلزمونى بهذا.

العدد 9

آية (9): -

"9لِئَلاَّ أَظْهَرَ كَأَنِّي أُخِيفُكُمْ بِالرَّسَائِلِ.".

على أنى لن أتفاخر بسلطانى هذا لئلا أبدو كمن يخيفكم بالرسائل، أو يكون المعنى أنا مستعد أن أظهر سلطانى الرسولى وأعاقب وترون أنتم نتيجة عملية ولا تكون تهديداتى بالرسائل فقط.

العدد 10

آية (10): -

"10لأَنَّهُ يَقُولُ: «الرَّسَائِلُ ثَقِيلَةٌ وَقَوِيَّةٌ، وَأَمَّا حُضُورُ الْجَسَدِ فَضَعِيفٌ، وَالْكَلاَمُ حَقِيرٌ».".

الرسل الكذبة يقولون عنى أن رَّسَائِلُي قَوِيَّةٌ، وَأَمَّا حُضُورُ الْجَسَدِ فَضَعِيفٌ، وَالْكَلاَمُ حَقِيرٌ = أى كلامه غير فصيح وضعيف فى كلماته كما فى جسمه.

العدد 11

آية (11): -

"11مِثْلُ هذَا فَلْيَحْسِبْ هَذَا: أَنَّنَا كَمَا نَحْنُ فِي الْكَلاَمِ بِالرَّسَائِلِ وَنَحْنُ غَائِبُونَ، هكَذَا نَكُونُ أَيْضًا بِالْفِعْلِ وَنَحْنُ حَاضِرُونَ.".

وبالرغم من مظهرى الوديع الهادئ وبالرغم من محبتى، فسلطانى الرسولى فى التأديب موجود، وأنا لست كما يتهموننى أننى جبان خائف، بل نفس الجرأة التى نستعملها فى الرسائل هى نفسها نستخدمها ونحن حاضرون. ويقول ذهبى الفم أن بولس كان ضعيف الجسد قصير القامة بالإضافة لشوكة جسده، عكس برنابا الذى كان له مظهر مهيب (أع 14: 12 + 2كو 12: 7 + 1كو 2: 3 + غل 4: 13 – 15 + غل 6: 11 + أع 19: 11، 12). ولاحظ أن أعداء بولس لم يتركوا شيئاً إلاّ وإتهموه به، فى مظهره وفى ضعفه الجسدى وأنه يقول ولا يفعل، وأنكروا سلطانه الرسولى وإتهموه بالجبن فهو على البعد جرئ وفى الحضرة ذليل وربما أشاعوا أنه يستفيد بالأموال.

الأعداد 12-13

الآيات (12 - 13): -

"12لأَنَّنَا لاَ نَجْتَرِئُ أَنْ نَعُدَّ أَنْفُسَنَا بَيْنَ قَوْمٍ مِنَ الَّذِينَ يَمْدَحُونَ أَنْفُسَهُمْ، وَلاَ أَنْ نُقَابِلَ أَنْفُسَنَا بِهِمْ. بَلْ هُمْ إِذْ يَقِيسُونَ أَنْفُسَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَيُقَابِلُونَ أَنْفُسَهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ، لاَ يَفْهَمُونَ. 13 وَلكِنْ نَحْنُ لاَ نَفْتَخِرُ إِلَى مَا لاَ يُقَاسُ، بَلْ حَسَبَ قِيَاسِ الْقَانُونِ الَّذِي قَسَمَهُ لَنَا اللهُ، قِيَاسًا لِلْبُلُوغِ إِلَيْكُمْ أَيْضًا.".

الرسل الكذبة من خصومى يعظمون أنفسهم ويفاخرون كثيراً بأزيد مما فيهم، حتى لم نعد نجترئ أن نفاخرهم أو نقايس أنفسنا معهم (وهذه سخرية منهم) لأن مقايستهم ليست بقياس الحق وبحسب أعمالهم الحقيقية، بل بحسب ما يرون ويتخيلون ويفتكرون. وأما نحن فلا نفتخر مثلهم ولا نَدَّعى لأنفسنا أكثر مما فينا، بل نفتخر بأعمالنا وبالبلدان التى بشرنا فيها حتى إنتهينا إليكم، لأن الله قسم كرمه على رسله. والقسم الذى خصنى وصل لكورنثوس. فأنا لا أدعى لنفسى أننى جلت الدنيا كلها كما يدعى الرسل الكذبة. فإفتخارهم هو وَهْمْ بحسب مقاييسهم هم. وهذه الأوهام تقود إمَّا للكبرياء أو الحسد ممن هم أكثر منهم.

وهذه التهمة التى توجه لى بأننى ضعيف فى الحضرة هل هى صحيحة؟ على كل فإننا لم نجترئ كما يجترئ هؤلاء الرسل الكذبة ويمدحون أنفسهم، لن نجترئ نحن أن نمدح أنفسنا، فإذا كان لهؤلاء أن يتهموننا بالضعف، فليكن هو ضعف من لا يجترئ أن يمدح نفسه. يَقِيسُونَ أَنْفُسَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ = هم قوم مخدوعون ومغرورون بأنفسهم. ولذلك يتخذون من أنفسهم مقاييس ومعايير. أمّا الرسول الحقيقى فهو فى تواضع يقيس نفسه على من هو أعلى منه فيجد نفسه ضعيف وناقص. بل علينا كلنا أن نقيس أنفسنا على الله "كونوا كاملين كما أن أباكم الذى فى السموات هو كامل" والخطأ أن ننظر إلى من هم أقل منا فنكتشف أننا بالنسبة لهم كاملين فنمتلئ غروراً وكبرياء، بل إدانة للضعيف. يُقَابِلُونَ أَنْفُسَهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ = يختارون دائرتهم حسب خيالهم وليس وفق مشيئة الله.

نَحْنُ لاَ نَفْتَخِرُ إِلَى مَا لاَ يُقَاسُ = BEYOND MEASURE أى ما يتعدى حدود إرساليتى. فأنا لا أذهب لأبشر فى المكان الذى أختاره لنفسى، بل أذهب لأماكن حددها لى الله، فأنا لا أفتخر إلا بأننى أنفذ إرادة الله بحسب خطته.

بَلْ حَسَبَ قِيَاسِ الْقَانُونِ الَّذِي قَسَمَهُ لَنَا اللهُ = القانون كان عصا قياس أو مسطرة والمعنى أن الله قسم لكل رسول منطقته وعمله وخدمته والحدود التى تحدها. وبولس لن يعمل خارج الحدود التى حددها وقسمها الله له. وبولس لن يفتخر بأتعاب الآخرين وينسبها لنفسه، بل يفتخر فى داخل الحدود التى حددها الله له وشملها عمله وخدمته، وهذه الحدود تشمل كورنثوس. أى أن المقياس الذى وُضِعَ لنا أن نسير بحسبه هو أن نصل حتى نكرز لكم أيضاً = لِلْبُلُوغِ إِلَيْكُمْ أَيْضًا. والرسول يقصد أن يقول أنه يكرز ويخدم وفقاً لما حدده له الله وهذه الحدود تشمل الكورنثيين. ونفهم أن الرسل الكذبة إنتهكوا القانون الذى وضعه الله لبولس، وإلاّ فلماذا ذهبوا إلى كورنثوس وهى من قانون بولس. وواضح أن الفخر المبالغ فيه من سمات الرسل الكذبة. وبولس يشكر الله على ما أعطاه له ويطلب معونته ونعمته ليكمل عمله بلا غيرة من أحد وبلا كبرياء.

العدد 14

آية (14): -

"14لأَنَّنَا لاَ نُمَدِّدُ أَنْفُسَنَا كَأَنَّنَا لَسْنَا نَبْلُغُ إِلَيْكُمْ. إِذْ قَدْ وَصَلْنَا إِلَيْكُمْ أَيْضًا فِي إِنْجِيلِ الْمَسِيحِ.".

لأَنَّنَا لاَ نُمَدِّدُ أَنْفُسَنَا = لا نعظم أنفسنا بالكلام، ولا نتجاوز أو نتعدى دائرة نشاطنا القانونى المعطى لنا من الله، كما لو أن صلاحياتنا لا تمتد إلى كورنثوس، إننا لا نحاول أن نعظم أنفسنا فوق الحدود التى قسمها لنا الرب وندعى زوراً بأنكم من دائرتنا وفى حدود تكليفنا، لأنه من الواضح أننا كرزنا لكم وأنكم من الشعوب التى حددها لنا الرب لنعمل فيها وقد حدث وكرزنا لكم.

العدد 15

آية (15): -

"15غَيْرَ مُفْتَخِرِينَ إِلَى مَا لاَ يُقَاسُ فِي أَتْعَابِ آخَرِينَ، بَلْ رَاجِينَ ­إِذَا نَمَا إِيمَانُكُمْ­ أَنْ نَتَعَظَّمَ بَيْنَكُمْ حَسَبَ قَانُونِنَا بِزِيَادَةٍ،".

غَيْرَ مُفْتَخِرِينَ إِلَى مَا لاَ يُقَاسُ = نحن لا نفتخر خارجاً عن مجالنا وعن حدودنا BEYOND MEASURE فى أتعاب آخرين = أى لا نفتخر بالأتعاب التى بذلها الآخرون، فنحاول أن نكرز بالإنجيل حيث كرز هؤلاء وحيث تعبوا، فكأننا نأخذ ثمرة تعبهم وننسبه لأنفسنا، وهذا يعمله الرسل الكذبة. بَلْ رَاجِينَ ­إِذَا نَمَا إِيمَانُكُمْ­ = نرجو أنه إذا إستقرت أوضاعكم وزاد إيمانكم أن ينتهى دورنا معكم فيعطينا الرب أن نكرز فى أماكن أخرى (وهذا ما قاله فى آية 16) أى يتسع مجال كرازتنا وعملنا. فلا يمكن أن الله يعطيه أماكن أخرى للكرازة إلاّ إذا ضمن إستقرار السابقين. نَتَعَظَّمَ بَيْنَكُمْ حَسَبَ قَانُونِنَا بِزِيَادَةٍ = يتعظم الرسول أى يُمْدَح من شعب كورنثوس إذا نما إيمانهم. فكلما ينمو إيمانهم سيدركون فضل الرسول عليهم، وأنه كرسول حقيقى بلغ بهم إلى الهدف الذى كان الله يريده فيهم. ولاحظ أن هذا الكلام ليس ضد التواضع، ففى حالة بولس هنا يكون التواضع بزيادة، تصرفاً خاطئاً لأن الرسل الكذبة سيستغلون هذه الكلمات المتواضعة لإثبات عدم قانونية رسوليته، والأكاذيب التى يرددونها عنه، فيتشكك الناس فى العقيدة الصحيحة.

العدد 16

آية (16): -

"16لِنُبَشِّرَ إِلَى مَا وَرَاءَكُمْ. لاَ لِنَفْتَخِرَ بِالأُمُورِ الْمُعَدَّةِ فِي قَانُونِ غَيْرِنَا.".

إِلَى مَا وَرَاءَكُمْ = الأماكن التي لم يصل إليها الإنجيل بعد أى غرب اليونان مثل إيطاليا وأسبانيا، هذه الأماكن التى لم يصل إليها كارز بعد. لاَ لِنَفْتَخِرَ بِالأُمُورِ الْمُعَدَّةِ فِي قَانُونِ غَيْرِنَا. = فنحن لا نريد أن نذهب إلى أماكن وصل إليها آخرون وتعبوا فيها فنفتخر بما تعبوا هم فيه. وكان هذا مبدأ للرسول (رو 15: 20). ولكن هدفه دائماً كان أن تصل رسالة الإنجيل لكل إنسان فى العالم ولكن حسب التكليف الإلهى له (رو 15: 21).

العدد 17

آية (17): -

"17 وَأَمَّا: «مَنِ افْتَخَرَ فَلْيَفْتَخِرْ بِالرَّبِّ».".

ولكن إذا كنا نتكلم عن أتعابنا الخاصة التى سيباركها الرب. وهذه الأتعاب وكذلك نجاح الخدمة، لا يملأنا هذا بالفخر كأن هذا النجاح ينسب إلى جهدنا وعملنا. بل على العكس نحن نفتخر بتواضعنا وننسب كل شئ إلى الرب، فالخادم عليه أن يتذكر أن نجاح خدمته لا يرد إليه، ولكن يرد إلى الرب الذى إستخدمه فى هذا العمل وأعطاه مواهبه.

العدد 18

آية (18): -

"18لأَنَّهُ لَيْسَ مَنْ مَدَحَ نَفْسَهُ هُوَ الْمُزَكَّى، بَلْ مَنْ يَمْدَحُهُ الرَّبُّ.".

المزكى = هو من إعتبره الله أمينا على ما أوكل إليه من عمل. مدح = فرح به الرب.

وليس ما يُرضى الله أن يمتلئ الخادم بالغرور ويمدح نفسه وينسب نجاح الخدمة إليه، إنما الله يمدح ويزكى، أى يرضى ويبارك ذلك الإنسان الذى يعمل بتواضع معلناً أن فضل القوة ليس منه بل من الله.

يَمْدَحُهُ الرَّبُّ = يبارك عمله وينجح خدمته ورسالته ويكافئه على مجهوده.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الإصحاح الحادي عشر - تفسير رسالة كورونثوس الثانية - القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح التاسع - تفسير رسالة كورونثوس الثانية - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير كورونثوس الثانية الأصحاح 10
تفاسير كورونثوس الثانية الأصحاح 10