الإصحاح السادس – تفسير رسالة كورونثوس الثانية – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: رسالة بولس الرسول الثانية إلى كورنثوس – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح السادس

العدد 1

آية (1): -

"1فَإِذْ نَحْنُ عَامِلُونَ مَعَهُ نَطْلُبُ أَنْ لاَ تَقْبَلُوا نِعْمَةَ اللهِ بَاطِلاً.".

عَامِلُونَ مَعَهُ = وإذ كنا نعمل مع الله في خدمة المصالحة، فنرجو منكم أن تظهروا بسلوككم وتصرفاتكم ما يثبت أنكم لم تقبلوا نعمة الله وعطية المصالحة عبثاً = باطلا. فهناك من يأخذ حياة المسيح ثم يرفضها ويرتد لخطاياه فيهلك "كل غصن فيَّ لا يأتى بثمر يقطعه"، وهم لن تكون لهم ثمار إلاّ 1) بحياة التوبة. 2) أن لا ينخدعوا بالمعلمين الكذبة. وبهذا تستمر المصالحة بين الله والمؤمن.

عاملون معـه = إنها لكرامة عظيمة لأى خادم يعمل فى خدمة الله، إذ أنه يعمل مع الله فى هذه الخدمة.

العدد 2

آية (2): -

"2لأَنَّهُ يَقُولُ: «فِي وَقْتٍ مَقْبُول سَمِعْتُكَ، وَفِي يَوْمِ خَلاَصٍ أَعَنْتُكَ». هُوَذَا الآنَ وَقْتٌ مَقْبُولٌ. هُوَذَا الآنَ يَوْمُ خَلاَصٍ.".

الإقتباس من (إش 49: 8). فِي وَقْتٍ مَقْبُول = الرسول يقصد به أن المسيح قد جاء وأتم الفداء وأرسل لكم رُسُلاً لتؤمنوا وتتوبوا فلا تهلكوا. فِي يَوْمِ خَلاَصٍ = هو يوم قبلنا المسيح. فالوقت المقبول هو فداء المسيح الذي تم، وبه حدثت المصالحة. ويوم الخلاص هو اليوم الذي نقبل نحن فيه المسيح سواء بالإيمان لغير المؤمن، أو بالتوبة للخاطئ. ولاحظ معونة الله لمن يرجع إليه = أَعَنْتُكَ. ومعنى الآية إنتهز الفرصة فربما تكون هذه الفرصة هي آخر فرصة في عمرك، من يضمن الغد، والله لا يُرسل خداماً أو رُسُلاً كل يوم يدعونك للتوبة. وربما لا تكون في الغد فرصة للتوبة.

العدد 3

آية (3): -

"3 وَلَسْنَا نَجْعَلُ عَثْرَةً فِي شَيْءٍ لِئَلاَّ تُلاَمَ الْخِدْمَةُ.".

من هنا حتى الآية 11 يظهر بولس أمانته في خدمته للرد على من يهاجمونه. وهذه الآية مرتبطة بالآية 1. أي نحن عاملون مع الله حتى تتم خدمة المصالحة. لذلك نهتم بأن لا يكون في خدمتنا ما يعثر الآخرين حتى لا تتعطل الخدمة.

العدد 4

آية (4): -

"4بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ نُظْهِرُ أَنْفُسَنَا كَخُدَّامِ اللهِ: فِي صَبْرٍ كَثِيرٍ، فِي شَدَائِدَ، فِي ضَرُورَاتٍ، فِي ضِيقَاتٍ،.

ندرب أنفسنا على إحتمال الشدائد، وعلى نقص إحتياجاتنا الضرورية، ومهما كانت صعوبة الشدائد التي أواجهها لن أشتكى أو أتذمر، وسأقابلها بالشكر والرضا. فربما لو تذمرت يتعثر الآخرين قائلين.. "إذا كان الله قاسياً هكذا على خدامه، فكم وكم يكون علينا". علينا أن نشترك مع المسيح في صليبه في رضى وشكر.

العدد 5

آية (5): -

"5فِي ضَرَبَاتٍ، فِي سُجُونٍ، فِي اضْطِرَابَاتٍ، فِي أَتْعَابٍ، فِي أَسْهَارٍ، فِي أَصْوَامٍ،".

صورة لما إحتمله الرسول. اضْطِرَابَاتٍ = كما حدث في أفسس (أع 19: 23 – 41). أو عندما كان اليهود يثيرون ضده الوثنيون في كل مكان، ويثورون هم عليه.

العدد 6

آية (6): -

"6فِي طَهَارَةٍ، فِي عِلْمٍ، فِي أَنَاةٍ، فِي لُطْفٍ، فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، فِي مَحَبَّةٍ بِلاَ رِيَاءٍ،".

فِي عِلْمٍ = حكمة إلهية روحية ومعرفة الحق، معرفة المسيح بالحق. فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ = هو يعمل منقاداً بالروح القدس الساكن فيه، الروح يعطيه العلم والأناة والمواهب.

العدد 7

آية (7): -

"7فِي كَلاَمِ الْحَقِّ، فِي قُوَّةِ اللهِ بِسِلاَحِ الْبِرِّ لِلْيَمِينِ وَلِلْيَسَارِ.".

فِي كَلاَمِ الْحَقِّ = لا نكرز بكلام غش أو خداع، بل بالكلام الذي يقدمه الله لنا فِي قُوَّةِ اللهِ = نخدم مستعينين بقوة الله، فأنا لست ضعيفاً، فقوة الله تساندني ويكون لكلامي تأثير جبار في قلوب السامعين. وأنا معرض لحروب لكن الله يعطى أسلحة لعبيده الأمناء = سِلاَحِ الْبِرِّ = هي أسلحة روحية تناسب حياة البر كالإيمان والرجاء والمحبة. لِلْيَمِينِ = فهناك ضربات يمينية، هذه التي تأتى في أوقات الفرج والسعة والغنى ونجاح الخدمة وعمل المعجزات، والصحة... وهذه تقود للكبرياء والبر الذاتي. ونلاحظ أنه الآن هناك من في أفراحهم ينسون الله ويشربون ويرقصون، أفراحهم لا يحضرها الله. وَلِلْيَسَارِ = هي أوقات حروب الخطية أو أوقات الشدة والضيقة والفقر، وهذه قد تقود لليأس. والآن نرى من في ضيقته وحزنه يصرخ ضد الله ويخطئ في حقه. لكننا نجد الله يعطى بولس سلاحاً مناسباً في الحالتين، فبولس لا يترك الله في الحالتين. المؤمن كجندي يتمسك بالله، والله يعطيه سلاحاً يضرب به يميناً ويساراً.

العدد 8

آية (8): -

"8بِمَجْدٍ وَهَوَانٍ، بِصِيتٍ رَدِيءٍ وَصِيتٍ حَسَنٍ. كَمُضِلِّينَ وَنَحْنُ صَادِقُونَ،".

بِمَجْدٍ = هناك من يقابلنا بإحترام وتكريم، وقد يُلهى إبليس الخدام الأمناء بتكريم مبالغ فيه فيفرحون به وينشغلون عن الله، أو لا يعطوا المجد لله. وَهَوَانٍ = والبعض يقابلنا بالإستهزاء والسخرية كما من غير المؤمنين. وبولس تعرض لكثير من الإتهامات الظالمة، بل والضرب، وقالوا أنه ليس برسول. والخدام الأمناء تجد الله حاضراً في أفراحهم وأحزانهم (كما في آية 7) وتجده أيضاً في أمجادهم فهم ينسبون المجد كله لله (ففي بعض الأحيان إعتبروا بولس إلهاً) وتجدهم في الإهانات والألام يشكرون الله إذ حسبهم مستأهلين أن يهانوا من أجل إسمه (أع 5: 41) هم في هذه الحالة يعتبرون أنفسهم حاملين للصليب معه.

كَمُضِلِّينَ = إتهمونا بأننا نخدع الناس ونضلهم بتعاليم كاذبة مع أننا صادقين.

العدد 9

آية (9): -

"9كَمَجْهُولِينَ وَنَحْنُ مَعْرُوفُونَ، كَمَائِتِينَ وَهَا نَحْنُ نَحْيَا، كَمُؤَدَّبِينَ وَنَحْنُ غَيْرُ مَقْتُولِينَ،".

كَمَجْهُولِينَ = قال عنه البعض أنه مجهول، فقالوا من هو بولس هذا؟ نحن لا نعرف سوى الرسل الـ 12.... ونحن الآن فعلاً بلا مراكز خطيرة في المجتمع ولكننا = وَنَحْنُ مَعْرُوفُونَ = لدى الله كاولاد لله. ولدى كل من يحب المسيح، إن لنا رسالة خطيرة. نحن معروفون لدى المؤمنين. كَمَائِتِينَ = نتعرض دائماً في خدمتنا للموت وللمخاطر، ومع ذلك لا نزال أحياء. كمؤدَّبين = نبدو كمن يؤدبهم الرب بتجارب ومحن كثيرة، ولكن مع ذلك لا نموت ولا نقتل = وَنَحْنُ غَيْرُ مَقْتُولِينَ. فالله أنقذ بولس مرات عديدة مثل ما حدث في سجن فيلبى وكما أنقذه من الرجم. الناس يظنون أننا سنموت من كثرة محاولات القتل لكن الله يعطينا حياة.

العدد 10

آية (10): -

"10كَحَزَانَى وَنَحْنُ دَائِمًا فَرِحُونَ، كَفُقَرَاءَ وَنَحْنُ نُغْنِي كَثِيرِينَ، كَأَنْ لاَ شَيْءَ لَنَا وَنَحْنُ نَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ.".

كَحَزَانَى = بسبب الضيقات وإرتداد البعض. ولكن عندنا فرح داخلي هو عطية الروح القدس. كَفُقَرَاءَ = مادياً فبولس لا يقتني شيئاً. وَنَحْنُ نُغْنِي كَثِيرِينَ = بالكنوز الروحية السماوية (راجع قصة شفاء بطرس للمقعد على باب الهيكل). نبدو كما لو لم يكن لنا شئ نملكه، لكن في الواقع نملك كل شئ، بل نملك كل ما يحتاجه المؤمنون من نعم وبركات أعطاها لنا الله لكي نهبها لكم (بطرس الذي لا يملك شيئاً أقام المقعد). لنا كنوز النعمة الفائقة وشركة المجد الداخلي وعربون ميراث الملكوت ولنا الحياة الأبدية... "أنا لحبيبي وحبيبي لي" = نحن نملك كل شئ.

العدد 11

آية (11): -

"11فَمُنَا مَفْتُوحٌ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الْكُورِنْثِيُّونَ. قَلْبُنَا مُتَّسِعٌ.".

إن فَمُنَا مَفْتُوحٌ = لتبشيركم، وتحدثنا معكم بكل صراحة في كل الأمور دون أن نخفى شيئاً. وكان يمكنه أن لا يتكلم ويتركهم لمصيرهم حين شتموه وأهانوه ورفضوا أبوته وأنكروا رسوليته، لكنه في محبة مازال فاتحاً فمه لتعليمهم وتوبيخهم حتى لا يهلكوا. قَلْبُنَا مُتَّسِعٌ = هذه كما نقول فلان هذا كبير القلب والمقصود.. لقد أهنتموني ولكنني سامحت وسأسامح. وهذه علامة المحبة الصادقة. ومتسع لأن يضمهم جميعاً لأحضان الله بمشاكلهم وإحتياجاتهم.

العدد 12

آية (12): -

"12لَسْتُمْ مُتَضَيِّقِينَ فِينَا بَلْ مُتَضَيِّقِينَ فِي أَحْشَائِكُمْ.".

إذا كان الرسول بهذه المحبة من ناحيتهم وبهذا الإتساع، فلو كانوا بعد ذلك متضايقين،.

فالعيب ليس في الرسول، بل فيهم، في قلوبهم غير المتسعة المغلقة، وقصد الرسول أن.

يقول.. لا مكان لي في قلوبكم، كما لكم مكان في قلبي.

العدد 13

آية (13): -

"13فَجَزَاءً لِذلِكَ أَقُولُ كَمَا لأَوْلاَدِي: كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُتَّسِعِينَ!".

قابلوا محبتنا لكم بإتساع قلب وحب لنا، وإذا إتسع قلبكم ستدركون محبتى لكم، وتقبلونا، بل تقبلوا كل الناس بهذا القلب المتسع. وهذه نصيحة أب لأولاده، هو يريدهم بهذا أن يرضوا الله.

الأعداد 14-15

الآيات (14 - 15): -

"14لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ 15 وَأَيُّ اتِّفَاق لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟".

بعد هذه المقدمة عن محبته يقدم لهم إرشاداته، يقدم لهم كلمة وعظ نافعة لهم. والرسول يتكلم هنا بصفة خاصة عن الزواج، ولكن هذه الأيات تفهم أيضاً على أنها عن أي شركة عميقة مع الوثنيين، كالتناول من على موائد الوثنيين أوالإشتراك في عاداتهم غير الأخلاقية أو الزواج من أولادهم. لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ = النير هو ما يربط حيوانين، ولا يمكن ربط ثور قوى مع حمار ضعيف (هذا ممنوع بحكم الشريعة.. ولاحظ أن الثور هو من الحيوانات الطاهرة إشارة للمؤمن، والحمار هو من الحيوانات غير الطاهرة إشارة للوثنى). بَلِيعَالَ = الكلمة الأصلية تشير لمن هو بلا فائدة أي بطال وأصبحت إسم شهرة للشيطان. إذاً عليكم أن لا تقيموا علاقات وثيقة مع غير المؤمنين كالزواج مثلاً. لأنه في هذه الحالة يقع المؤمن تحت نير العلاقة الزوجية مع غير المؤمن، فلا يستطيع أن يباشر العبادة الروحية بالصورة التامة. فإمّا نفتح قلوبنا للمسيح، وإمّا أن نفتحها لإبليس، ولا شركة بين المسيح وإبليس، فلكل منهما خططه التي لا يمكن التوفيق بينها. فكيف نخدم كلاهما في نفس الوقت.

العدد 16

آية (16): -

"16 وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ؟ فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ هَيْكَلُ اللهِ الْحَيِّ، كَمَا قَالَ اللهُ: «إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا، وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا.".

هَيْكَلِ اللهِ = نحن هيكل الله.. لماذا.. إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ. وصار الله يملك على قلوبنا. فكيف نُدْخِل لقلبنا محبة الخطية التي هي عبادة أوثان. هل تقدم عبادة لأوثان في هيكل الله. إذاً لا يجب أن يكون للأوثان أي موضع في قلوبكم. والإقتباس من (حز 37: 26 + لا 26: 11، 12) سبعينية. والمعنى أن الله هو إله خاص بشعبه في إرتباط وثيق. هو لهم وهم له.

العدد 17

آية (17): -

"17لِذلِكَ اخْرُجُوا مِنْ وَسْطِهِمْ وَاعْتَزِلُوا، يَقُولُ الرَّبُّ. وَلاَ تَمَسُّوا نَجِسًا فَأَقْبَلَكُمْ،".

عليكم أيها المؤمنون أن تفصلوا بين أنفسكم وبين غير المؤمنين. إذاً لنحيا في قداسة ولا نمس نجاسات الوثنيين فيقبلنا الله راجع (رؤ 18: 4 + أش 52: 11 + حز 20: 34). وهذه الآية تقال لكل إنسان يسير مع مجموعة فاسدة، ولكل إنسان ترك خطية تملك على قلبه، فهو بهذا يحرم نفسه من وجود الله في قلبه. ومثل هذا الإنسان معرض لضربات شديدة. فليترك الشر قبل أن تأتى الضربات.

العدد 18

آية (18): -

"18 وَأَكُونَ لَكُمْ أَبًا، وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي بَنِينَ وَبَنَاتٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.".

إذا إعتزلتم الشر أكون لكم أباً (إر 31: 9 + 1أى 28: 6). هذا الوعد كان على المسيح ويطبقه بولس هنا، على كل المسيحيين الذين يحيا المسيح فيهم، لكل من آمن بالمسيح وإعتمد، ويحيا حياة التوبة.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الاصحاح السابع - تفسير رسالة كورونثوس الثانية - القمص أنطونيوس فكري

الاصحاح الخامس - تفسير رسالة كورونثوس الثانية - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير كورونثوس الثانية الأصحاح 6
تفاسير كورونثوس الثانية الأصحاح 6